Skip to main content

Full text of "رسائل جامعية من العراق- التفسير -علوم القرآن"

See other formats


الجامعة الإسلامية ‏ غزة 
عمددة الدراسات العليا 
تخصص نفسير وعلوم قران 


الفاء في القرآن الكريم 


(دراسة موضوعية) 


بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في التفسير وعلوم القرآن 


إعداد الطالب : فتحي عبد العزيز العبادسة 


إشراف : د/ مروان محمد أبو راس 


2 ه/ 2002م 


الإصصاء 


إلى شهداء فلسطين الذين رووا الأرض بدمائهم الزكية . 

إلى روح أمي التي طالما جاهدت من أجلي . 

إلى أبي صاحب القلب الكبير . 

إلى زوجتي وأولادي الذين كابدوا معي عناء البحث . 

إلى كل غيور على حبة رمل أو قطرة ماء من بلاد المسلمين . 
أهدي هذا الجهد المتواضع إلى هؤّلاء جميعا . 


شكر وتقدير 


قال تعالى: ( اعَمَلُوا آل دَاودَ شكراً وَقَليل من عبَادي الشكور © (') 

رب أوؤزعني أن أشكر نعْمَتَكَ التي أَنَعمت عَلَيَ وَعَلَى وَالدي وأن أَعْمَل صالحاً تَرْضاهُ 
وأذخلني برحمتك في عبَادك الصالحين ) 7 

أتقدم بالشكر لمنارة العلم والإيمان: الجامعة الإسلامية بغزة ممثلة برئيسها الأستاذ الدكتور/ 
محمد عيد شبير والقائمين معه على إدارة هذا الصرح الشامخ . 

وأتقدم بالشكر لكلية أصول الدين التي تلقيت بين أروقتها العلم والدين . 

وأتقدم بالشكر الجزيل والعرفان بالجميل لأستاذي وشيخي الدكتور مروان محمد أبو راس 
الذي أولاني كل رعاية وإرشاد ونصح مما أثرى هذا البحث وجعله في هذه الصورة فجزاه 
الله عني خير الجزاء . 

وأتقدم بالشكر لأستاذي الفاضلين: 

الدكتور رياض قاسم 

الدكتور وليد العامودي 

على تفضلهما بقبول مناقشة هذا البحث والنصح لي . 

وأتقدم بالشكر للأخوة في قاعة التخريج الذين كانوا عوناً لي على إتمام هذا البحث. 
وأخيراً أشكر كل من قدم لي مساعدة أو نصيحة أو إرشاداً فجزى الله الجميع عني خير 
اكوا 


(1) سورة سبأ: الآية // 13 
(2) سورة النمل: آية / 19 





الحمد لله الذي جعل من الماء كل شئ حي. فأجرى الأنهارء وملأ البحار» وساق 
السحاب بالماء فأحيا به البلاد والعباد . 


وصلى الله على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين الذي بلغ عن ربه آيات هذا الكتاب 

المبين» الذي جمع علو السابقين واللاحقين عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم 

أما بعد .. 

لقد جعل الله سبحانه وتعالى في الماء حياة الأرضء وقد كان الماء قبل خلق السماوات 

والأرض حيث قال تعالى:( وَهُوَ الذي خلّق السَّماوات وَالأرَضِْ في ستة أَيّامِ وكان عرشة 
عَلَى المّاء ليبلوكم أَيُكم أشي )111 لبي هذا ددافعا قويا أن ينطو الإشنان وبعاية جاقة 
إلى هذا العنصر ودراسته دراسة مستفيضة ؟ 
إنه الماء الذي هو أعظم سر من أسرار الوجود على هذه الأرضء فقد أكد الله تعالى هذه 
الحقيقة حيث قال: لمجي 0 ' وقال أيضاً: 8 والله 
خلق كل دابَّة من مَاء )! © وقال ول : )كل شيء خلق الله من الماء 50م 4) 
ولقد عني القرآن بالماء عناية كبيرة حيث ذكر الماء في جميع صوره وأشكاله : من مطر 
وأنهار وعيون وبحار وسحاب وأودية» منبها كل إنسان وباحث في العلوم القرآنية والتفسير 
الموضوعي إلى دراسة هذا الكم الكبير من الآيات العظيمة وممعناً النظر في ألفاظها ومتدبراً 
حكمها ومعانيها وذلك لأن هذا العنصر الذي لا غني للكائنات الحية عنه ولا سيما الإنسان في 
جميع مجالاته الحياتية من زراعة وصناعة وتجارة وشرب وسقي فلا حياة له بلا ماء . 
ولما كانت آيات الماء في القرآن الكريم متعددة الأغراض والمجالات وكأني بالقرآن يقول يا 
مسلم انظر في نفسك وما حولك هل تجد من شيء إلا والماء أصله فتدبر ١‏ أَفلا يتدبّرون 
القرآن َم عَلَى فلو ب أَقَقَانهَا 6(4) 


) سورة هود: من الآية / 7 

) سورة الأنبياء: آية / 30 

) سورة النور: 20 

) مسند الإمام أحمد بن حنبل (223/2- 295 493) صححه ابن حجر في فتح الباري 29/5 
) سورة محمد: آية / 24 





وقال:8 سثريهم آيَاتنَا في الآقاق وفي أَنْفسِهم حَتَّى يَتبَينَ لَهُمْ آقه الحق 114) 

وقال: ( وفي أنفسكم أَقَلا تب)صرون 24 إذن فهي دعوة ربانية من خالق هذا الكون الذي هو 
كتاب الله المنظور والمفتوح حولنا في آفاقه الواسعة» كي نتدبر هذه الآيات الكونية ونتعرف 
على قدرة الله فيها وعظمة إعجاز خلقه »ودعوة أخرى من كتاب الله المقروء و المتلو نتدبر 
آياته ونغوص في أعماق بحار كلماته ومعانيها نستخرج منها لآلئها ودررها البلاغية 
والإعجازية وحكمته القرآنية الربانية في آياته الكونية والتي منها الماء» هذا العنصر الذي أخذ 
لب العلماء لأثره العجيب في الكون والحياة . 

فإن هذا الاهتمام القرآني بالماء دافع قوي جداً للتدبر والتفكر ودراسة هذا الموضوع دراسة 
علمية تفسيرية مستفيضة» ولعل هذه الأمور الجليلة كفيلة بدفع الهمة للبحث حول هذا 
النوضنوخ الهسام والحيوي ف ,حياة اسرد والمجمع: وَلذا هواحذيث:السامة في هذا الزمان: 


أهمية الموضوع وبواعث اختياره 
إن هذا الموضوع حري جدا بالدراسة العلمية الموضوعية الجادة » وذلك لكثير من 
الدواعي ٠‏ والأسباب التي منها : 
1- الماء هو عصب الحياة للفرد والمجتمعء وموضوع عناية العالم بأسره. 
2- عناية القرآن بالماء» وإعطاؤه مساحة لا يستهان بها في المصحف الشريفء مما يدلل على 
أهمية الموضوع حتى بلغت آيات الموضوع خمس عشرة ومائتي آية حسب علمي 


3 


وبحدي . 
3- جدة الموضوع : فالموضوع جديد من حيث العناية بالماء من النواحي التي ذكرت في 
المقدمة . 


4- من عناية الباحثين بموضوع الماء كتب حوله رسالة علمية واحدة فقط ولم توفه حقه؛ 
لسعة الموضوع وكبر حجمه في القرآن» فحق علينا الوفاء ببعض حقه بكتابة هذه الرسالة 
بحيث تظهره بثوب جديد. 

5- غلب على الدراسات المقدمة في المياه طابع الدراسات السياسية والعلوم البحتة والبيئية . 

6- تشعب واختلاف وتنوع الأغراض التي تدل عليها الآيات القرآنية في الموضوع مما يجعله 
أكثر أهمية 


(1) سورة فصلت: آية / 53 
)2( سورة الذاريات: آية / 21 





7- إثراء الدراسات القرآنية الجادة من خلال التفسير الموضوعي لآيات الماء. 

8- ما يدور اليوم على الساحة الدولية من عناية العالم بالمياه » ومستقبلها في الكرة الأرضية 
عامة والشرق الأوسط خاصة. إذ إن كل التحليلات السياسية عن الصراع القادم أنه 
سيكون بسبب المياه وامتلاكها والتحكم في مصادرها . 


أهداف البحث 
(1) جمع الآيات المنثورة في سور القرآن حول المياه . 
) إخراج بحث تفسيري موضوعي للآيات المتعلقة بالماء في القرآن الكريم . 
3) إبراز عناية القرآن الكريم بالماء. 
) إظهار ما في الايات القرآنية من بلاغة وإعجاز وإخراجها في ثوب جديد قدر 
استطاعتي . 
إلقاء الضوء على أحكام الشرع في قضية المياه والقانون الدولي حول المياه . 
(6) بيان واجب الأمة الإسلامية نحو مصادر المياه والمحافظة عليها . 
(7) كشف الستار عن حقيقة الصراع في المنطقة والذي من أسبابه المياه . 


هم 
ب 


الجهود السابقة 

كما ذكرت سابقا انه غلب على الدراسات التي عنيت بالمياه الطابع السياسي والعلوم 
البحتة مثل علوم الأرض و الجغرافيا والبيئة . 
أما الدراسات الشرعية فقد تناثر الموضوع فيها بين سطور كتب التفسير وعلوم القرآن . 

ولا ننسى الدوريات التي نشر فيها بعض المقالات حول الموضوع . 

رسالة دكتوراه بعنوان / المياه والرياح في القرآن مع ما تحدث العلم الحديث 
بشأنهما. للدكتور عبد الرحمن هشبول الشهري ٠»‏ وقمت بإحضار خطة الرسالة فتبين من 
خلال الإطلاع عليها أنها مقسمة إلى ثلاثة أبواب : 

الباب الأول : بدء الخلق . 

وقسمه إلى خمسة فصول تحدث فيها عن النظريات العلمية في خلق الكون وبداياته » 
والعلم وحدوث العالم » وأول المخلوقات » ومادة الخلق الأولى ٠»‏ وابتداء وجود الماء على 
الأرض . 

الباب الثاني: الماء . 


وقسمه إلى عشرة فصول صغيرة تشبه المباحث تحدث فيها عن أشكال الماءء 


والجوانب العلمية المتعلقة بالموضوعء وعرف أحوال الماء من نهر وبحر وعين ويم وملح 
وتكلم عن البرزخ والعلم الحديث والتيارات البحرية والنعم الموجودة في البحر: نعمة الأكل 
وتعفة 'الركوب وتحمة الحلية + 

الباب الثالث: الرياح . 

وقسمه إلى خمسة فصول تحدث فيها عن الرياح وعلاقتها بالماء والمطر والبرق 
والرعد والصواعق والبرد وما للعلم الحديث من نظريات وحقائق حول علاقة الرياح بها. 

ومن هذا العرض لما في الرسالة المذكورة والتي كما يبدو أن الباحث التزم بعنوان 
بحثه المحصور في العلاقة بين العلم الحديث والماء والرياح ومن هنا فإن خطتي وهي بين 
يديكم ذكرت فيها فصلاً لأهمية الماء لم تأت الرسالة السابقة إلا بالقليل منه » ولم تتعرض إلى 
الفساد » وفصل الإعجاز العلمي زدت واستدركت فيه الكثير عليه وفصل الماء في المثل 
القرآني لم يتعرض له وفصل الصراع لم يتعرض له وهو حيوي جداً وفصل أقسام الماء لم 
أتناوله بالكيفية التي تناولها وأفردت فصلاً في الماء نعمة وجزاء في الدنيا والآخرة .وهكذا 
يتين مدى القزق.ومتدان الجديد في خطتي :عن الرسالة المذكورة . 


منهج البحث وطبيعة عمل الباحث 
لقد كان منهجي في هذا البحث ملخصاً في النقاط التالية: 
1- جمع الآيات المنثورة في سور القرآن الكريم؛ وتخريجها مع إثبات ذلك في 
الحاقية كل ]فى موطيعها : 

وك ١‏ التداقيت يتغرين "الزيات تسسين ا موكو هيا ها امتطاسة 

3- وكنت أسير في تفسير الآيات مع النص القرآني بالتحليل لبيان ما في الآيات من 
بلاغة في الغالب وما فيها من قراءات وإعراب أحياناً إذا اقتضت الحاجة . 

4- واستعنت بالأحاديث الشريفة على تكملة المباحث لخدمة الموضوع ومستشهداً بها 
على صحة ما ورد في الرسالة من أقوال ولم أضع في هذه الرسالة من الأحاديث إلا 
ها اكانمقيولاً بدرجة الضلحة' أن الحسن معقمداً بذلك على تصحديح أن تحسين' العلماء: 

5- وقمت بتخريج الأحاديث من مصادرها ومظانها الأصيلة وكنت أتوسع في تخريج 
الحديث إذا لم يكن في الصحيحين أو في أحدهما وأحياناً لا أكتفي بوجود الحديث في 
الصحيحين أو في أحدهما فأقوم بزيادة تخريج إن كانت هناك حاجة . 

6- ورجعت في كل علم من العلوم إلى كتب أهل الاختصاص فيه مثل كتب البيئة 
والجيولوجية والجغرافية والصحة والتاريخ والتخريج واللغة وغيرها من العلوم عند 


الحاجة إليها . 

7- قمت ببيان بعض معاني الكلمات الغريبة أحياناً وأثبت ذلك إما في النص أو في 
الحاشية . 

8- وكذلك كنت أقوم بالترجمة للأعلام غير المعروفين والمجهولين للعامة والخاصة 
فقط أما أعلام المفسرين من الصحابة والتابعين وكذلك أصحاب التفاسير التي استعنت 
بها ورجعت إليها فهم في غنى عن الترجمة لهم؛ لشهرتهم العلمية . 

9- وأثبت ما ليس من صميم البحث في الحاشية من زيادة فائدة لغوية أو علوم أخرى 
غير التفاسير . 

0- عنونت في داخل الرسالة للمباحث والمطالب والأغراض والمسائل التي تحتاج إلى 
عنوان وقد قسمث أحياناً بشيء من التفصيل تفسير بعض المباحث التي دعت الحاجة 
إلي وضع عناوين لها مثل ( سبب النزول ) و ( شرح الآية ) وما شابه . 

1- قدمت لرأيي ووجهة نظري في أية مسألة بكلمة ( قلت ) مميزاً ذلك قولي من قول 


الآخرين عند بحث المسائل التي فيها أكثر من رأي . 


خطة البحث 
قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وستة فصول وخاتمة: 
المقدمة: 


الفصل الأول: أهمية الماء والمحافظة عليه 
وقسمته إلى مبحثين : 
المبحث الأول : أهمية الماء 
وفيه ستة مطالب : 
المطلب الأول : الأهمية الشرعية 
أولآ: أنواع المياه من ناحية شرعية 
ثانيًا: الوضوء . 
ثالتا: الغسل . 
رابعًا: التيمم . 


كافكاة. طيارة الفلت 


سادساً: : صلاة الاستسقاء. 


المطلب الثانى : الأهمية الاقتصادية 
أولا: لجار 

ثانيًا: الزراعة . 

ثالتا: الثروة الحيوانية . 

رابعًا: الثروة السمكية . 

خامسًا: المواصلات . 

سادسًا: السفن البحرية . 

سابعًا: الحلية . 

ثامنًا: الإسفنج والشعب المرجانية . 
تاسعًا: الكهرباء والسدود . 


عاشرا: الملح . 


المطلب الثالث : الأهمية السياسية والحربية . 
أولاآ: من ضرورات المعركة . 
ثانيًا: موانع حربية طبيعية . 


المطلب الرابع : الأهمية الاجتماعية 
أولا: حاجة المجتمع للماء . 


المطلب الخامس : الأهمية الطبية . 
المطلب السادس : الشرب والسقاية . 


المبحث الثانى : فساد الماء و طرق حمايته 
و “قد تلان مظالت: : 
المطلب الأول : أسباب الفساد 
المطلب الثانى : مضاره ومخاطره 
المطلب الثالث : طرق حماية الماء والمحافظة عليه . 


الفصل الثاني 
مصادر الماء وأقسامه في القرآن الكريم 
وقسمته إلى مبحثين : 


المبحث الأول : مصادر الماء ويشتمل على مطلبين: 
المطلب الأول : تفجير الماء من الأرض 


أولآ: العيون 
ثانيًا: الأنهار 
ثالثا: الآبار 


المطلب الثاني : إنزال الماء من السماء 
أولا: السحاب 

ثانيًا: جبال من برد 

ثالتا: الغيث 

رايع الى الات انظ 

خامسا: الأودية 


المبحث الثاني : أقسام الماء في القرآن من حيث العذوبة والملوحة 
وفيه مطلبان : 

المطلب الأول :الماء العذب وأوصافه 

أولا: العذب 

ثانيا: المعين 

ثالثا: الغدق 

رابعا: الفرات 

خامسا: المبارك 

سادسًا: الطهور 


المطلب الثاني : الماء المالح وأوصافه 


الفصل الثالث 
الماء بين النعيم والعقاب في الدنيا والآخرة 
و قسمته إلى مبحثين : 
المبحث الأول :الماء نعيم وعقاب في الدنيا . 
المبحث الثاني :الماء نعيم وعقاب في الآخرة 


الفصل الرابع 
الإعجاز العلمى فى آيات الماء 
وفيه تمهيد و خمسة مباحث : 0 
التمهيد: كلمة في الإعجاز . 
المبحث الأول : علم الأحياء. 
المطلب الأول: الماء في بناء الكائن الحى. 
المطلب الثاني: التوازن الدقيق في الجسم الحي. 


المطلب الثالث: الكائنات البحرية. 


المبحث الثاني: علم الطب. 

المطلب الأول: الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب . 
المطلب الثاني: علاج سيدنا أيوب . 

المطلب الثالث: الوضوء والوقاية من الأمراض . 

المطلب الرابع: النظافة والوقاية من الأمراض . 


المبحث الثالث: علم الزراعة. 

المطلب الأول: الزراعة في الأرض المرتفعة. 
المطلب الثاني: الري الطبيعي والصناعي. 
المطلب الثالث: حقيقتان علميتان. 

المطلب الرابع: سنة الله في الإنبات. 

المطلب الخامس: التلقيح والتزاوج. 


المبحث الرابع علم الأرض. 

المطلب الأول: الحياة على الأرض دون الكواكب. 
المطلب الثاني: تكوين الماء على الأرض. 
المطلب الثالث : نفاذية الأرض . 

المطلب الرابع : تفجير المياه من الحجارة . 
المطلب الخامس : الصخور الرسوبية الطبقية . 


المبحث الخامس :علم الجغرافيا 

المطلب الأول : تلازم السحب والمطر والرياح. 

المطلب الثاني : البرد وعواصف البرق والرعد. 

المطلب الثالث: دورة المطر في الطبيعة. 

المطلب الرابع :المياه الجوفية. 

المطلب الخامس :البرزخ الكائن بين البحار. 

المطلب السادس: الظواهر البحرية ( أنواع الموج والتيارات البحرية ) 
المطلب السابع : تسجير البحار. 


الفصل الخامس 
الماء في المثل القرآني 


وفيه عشرة مياحث: 


المبحث الأول : لا حد ولا نهاية لكلمات الله 
المبحث الثاني : حال المنافقين 

المبحث الثالث : الحق والباطل 

المبحث الرابع : قسوة قلوب الكفار 
المبحث الخامس: أعمال الكفار كسراب 


ص 


المبحث السادس: دعوة الحق ودعوة الباطل 
المبحث السابع: المرائي المان بصدقته 
المبحث الثامن: المؤمن المنفق فى سبيل الله 
المبحث التاسع: مثل الحياة الدنيا. 

المبحث العاشر: أمثال من السنة في الماء 


الفصل السادس: الصراع على الماع 
المبحث الأول : نظرة تاريخية 
المبحث الثاني : آيات الصراع على الماء وأحاديثه 
المبحث الثالث : المياه العربية عامة والفلسطينية خاصة. 
المبحث الرابع : الصراع على الماء وأبعاده الدينية والسياسية . 
المبحث الخامس : الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في قضية المياه . 
المبحث السادس : حقيقة الصراع في المنطقة والذي من أسبابه المياه . 
خاتمة الرسالة: ذكرت فيها ملخص الرسالة و خلاصة ما توصلت إليه من نتائج 
وتوصيات . 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين الذي وفقني لإتمام هذا البحث فما كان من صواب 


فبتوفيق الله وهداه وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان . 


تمهيد: الصفات العلمية للماء 


لما كان الماء هو عست الحياة وأضصق الوجود على هذ القوكب:حيث قال تعالى :( وَجَعلنَا 
من الْمَاء كل شَيْء حَي أَفلا يُوْمنُونَ)1/) وهذا الماء الذي هو سائل الحياة» خلقه الله تعالى قبل 
السموات والأرضء قال سبحانه: ل وَهُوَ الّذي خَلّق المسّماوات وَالأرْض في سنَّة يام وَكَانَ 
عرشة على المَاء ليبلوكم أَيُكم لق عفد بوط اهو اه الكرينة سكا تفيل 3 
يخلق الله عز وجل السماوات والأرض لم يكن في الوجود سوى عالم الماء ومن فوقة عرش 
الله » ثم حدث أن خلق الله الكون الذي من حولنا وأوجدنا فيه لكي يختبرنا ويظهر حقيقة 
أعمالنا وإيماننا ... ولفظ الماء هنا من الغيبيات التي لا مجال للخوض فيها لبعدها عن مجال 
العلم الطبيعي .07 ولما سبق خلق الماء كل المخلوقات جعله الله أساس حياة الكائنات الحية . 
وخمتة جيه المكانة الشامدة على نتاتزة « انو اكلم بو الو ان حميعا هيه زه متلات قدو سدق 
سائر المائعات ولما كان هذا البحث "الماء في القرآن الكريم" عنصره الأساس ومحور دراسته 
الماء توجب أن نتعرف على هذا السائل العجيب وندرس خواصه وصفاته العلمية التي تجلى 
لنا حقيقة هذا السائل الذي جعله الله سبب الحياة على الأرض . 
أولاً: الصفات الكيميائية للماء : 
1 - التركيب الذري للماء : 
يتركب الماء من ذرتين من الهيدروجين 112 . وذرة أوكسجين 0 » ويرمز إلى الماء كيميائيا 
ب 1120 : وهو أكسيد الهيدروجين ٠‏ ويوجد في الأرض مثلما توجد الأكاسيد الأخرىء لأن 
الهيدروجين معدن على شكل غاز » مثلما يكون الزتبق معدناً على شكل مائع في الظروف 
العادية من حرارة وضغط . 

فالماء أكسيد المعدن الذي هو الهيدروجين » وهو يعتبر من المواد الأولية التي تتركب 

منها الأرض "4 . 


(1) سورة الانبياء: الآية // 30 

(2) سورة هود: الآية / 7 

(3) الإعجاز العلمي في القرآن الكريم (23) / جمال الدين الفندي » مجلة الأزهر الجزء السادسء الستة والستون جمادي الآخرة 
8 هه فبراير 1988 م ص 769 . 

(4) وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد عبد الله الشرقاويء مقال في مجلة هذه سبيلي» جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية» 
العدد الرابع » 1402 ه ‏ 1982 م ص 160 » وانظر موسوعة الزاد 7/ 1669 » والموسوعة العربية العالمية 22 / 24 . 
ط .2‏ » والكون والتكوين في آيات الكتاب المبين / محمد محمود عبد الله ص 51  .‏ ط1 . - الرياضء دار الشواف 
للنشر والتوزيع » 1415 ه - 1995 م. 





0 


وتتميز ذرة كل عنصر بعدد ما تحويه من البروتونات أو الإلكترونات . ولذلك تعرف 
الذرة بعددين » عدد الكتلة > عدد البروتونات + عدد النيترونات . 

وعدد الشحنة > عدد البروتونات > عدد الإلكترونات . 
وعليه فإن الأوكسجين عدد كتلة ذرته هو (16) والعدد الذري له (8) ويعبر عن ذلك بالرمز 
“081 وهذا يعني أن عدد الإلكترونات يساوي(8) وهو نفس عدد البروتونات . 

أما عدد النيترونات > عدد الكتلة - العدد الذري - 16 - 8 - 8 . 

وفي حالة فقد أو اكتساب إلكترونا فإنها تصبح أيونا موجبا بالفقد وأيونا سالباً بالكسب. 
لزيادة أو نقص الشحنة السالبة فيه وهي الإلكترون أما ذرة الهيدروجين فتتكون ذرتها من 
بروتون واحد ويدور حولها الكترون واحد “111 ؛ ويطلق عليه اسم (البرتيوم) أي 
الهيدروجين الشائع وللهيدروجين عدة نظائر أهمها: 

الديوتريوم ((1) ويسمى الهيدروجين الثقيل عدد كتلته (2) والتريتيوم (1) وعدد كتلته 
():4 والماك العادى المتكفده ف 'الشرزب: والؤراعة مدن معون سحن :اتحباة. الأركعسجين 
واليروتيوم (1120 ) وهو الذي قط على هيأة مطرء أما الماء الثقيل فهو المكون من إتحاد 
الأوكسجين مع الديوتريوم (1720) وهذا يختلف في خواصصه عن الأول وهو سام (1) . 
2- كهربية جزيء الماء : 
جزيء الماء المكون من ذرة الأوكسجين وذرتي الأيدروجين (1120 ) هذا الجزيء متعادل من 
التاعنة الكيووائي 10 ل نان نت اندو الا كتحي الأكيه تحجن" تكدني الالكار وناك البياللة عفدا 
أكبر مما تجتذبه كل من ذرتي الأيدروجين » ويشكل هذا الوضع بنياناً هندسياً عليه شحنة 
سالبة في جانب . وشحنة موجبة في الجانب المقابل» أي يكون لجزيء الماء قطبان كهربيان 
مختلفان» ومن ثم يوصف بأنه (قطبي) أو (ذو قطبين) » ويعزي إلى ظاهرة (القطبية) هذه 
تفسير العديد من خصائص الماءء مثل القدرة الفائقة على إذابة عدد كبير من الموادء ومما 
يؤهله أيضاً لأداء دور رئيسي في كل التفاعلات الحيوية؛ وفي التخلص من السموم والنفايات. 
هذا فضلاً عما يقوم به في التربة من إذابة المواد اللازمة لتغذية النبات» وعمل الماء الذائب 
في تشكيل سطح الأرض وتحويل مكوناتها من حال إلى حال .2) 
3- إن الماء أكثر السوائل المعروفة إذابة لغيرها من الأجسام» وهو بذلك يلعب دوراً كبيراً في 
العمليات الحيوية داخل أجسامنا بوصفه مركباً أساسياً من مركبات الدم وذلك من خلال ما يقوم 
به من تفاعلات كيميائية داخل الجسم الحي من تحويل المواد وتحليلها وكذلك تسهيل عملية 
(1) الكون والتكوين في آيات الكتاب المبين / محمد محمود عبد الله ص 50 - 53 باختصار . 


(2) قراءة إسلامية في كتاب الكون / أحمد فؤاد باشا - مقال في مجلة الأزهر رمضان 1414 ه - فبراير / مارس 1994 - 





التغيرات والتفاعلات للمواد داخل الجسم مما يؤدي إلى أكبر اسنفادة من المادة الغذائية 
والتخلص من الفضلات . وذلك لأن درجة ذوبانه عالية ويبقى سائلاً لفققرة طويلة تحت 
الفارويف العاة 1 
4- التجاذب المائي (الرباط الهيدروجيني) : 
ومن خصائص الماء أيضاً ما يحدث من تجاذب متبادل بين جزيئين من الماء حيث تجتذب 
ذرة الهيدروجين من أحد الجزيئين ذرة الأوكسجين من الجزيء الثاني ويعرف هذا الاتحاد 
باسم (الرباط الهيدروجيني) ونظراً للزاوية الموجودة بين الذرتين. فإن جزيئات الماء تشكل 
حلقات سداسية الأضلاع . 

هذا علاوة على ما بين الذرات من ترابط كيميائي بين الأوكسجين والأيدروجين © . 
ثانياً: الصفات الفيزيائية للماء : 
لقد خصّ الخالق سبحانه وتعالى هذا الماء بصفات طبيعية ميزته عن جميع السوائل الموجودة 
على الأرضء وحتى عن كل المواد المكونة للأرض . 
1- صور وجود الماء على الأرض: 
أ - الحالة السائلة: 
يوجد الماء في الأرض على صوره الثلاثة التي أولها الصورة السائلة» وهذه تملأ بطون 
البحار والمحيطات بمائها المالح بما أذاب من أملاح على القشرة الأرضية. وأما الماء العذب 
المتجدد الذي يجري في الأنهار وينبثق من العيون ويتساقط مطراً وجاء ذكر هذه الصورة من 
صور الماء في معظم الآيات التي تحدثت عن الماء منها (ألَمْ ثَرَ أن اللّهَ أنزل من السّمَاء 
مَاءَ فَسَلَكَهُ يتابيع في الأَررْض ... 204 وقال تعالى:(أَنَزّلَ من السّمَاء مَاءَ فسالت أُوديَة 
بقدر ها... )46 . 
ب الحالة الغازية: 
ويوجد الماء في الأرض على هيئة غاز هو بخار الماء الذي يحمله الهواء وقد جعل الخالق 
القدير بخار الماء أخف من الهواء في الوزن بنسبة 5 إلى 8 على الترتيب؛: وذلك لكي تحملها 
تيارات الهواء الصاعدة إلى مناطق إثارة السحب ونزول المطر حيث يتكائف بخار الماء أو 
يتحول إلى نقط من الماء أو إلى بلورات من الثلج تبعاً لدرجات الحرارة في طبقات الجو العليا 


(1) انظر التفسير بالكيمياء / توماس دافيرباركس - مقال مترجم في مجلة المسلمون عدد الجمعة شهر شعبان 1412 ه الموافق 
من كور كارا 1083 عتددر ف 1251و لان الموسركة الفريية صن13 / 23 بظ 2 ست 

(2) موسوعة الزاد 7 / 1669 » وانظر الموسوعة العربية العالمية 22 / 26 . 

(3) سورة الزمر: الآية // 21 

(4) سورة الرعد: الآية // 17 





4 


مصداقاً لقوله تعالى: (اللَّهُ الذي يُرسل الريّاح فَتِّيرُ سحاباً فيَبسسْطْهُ في السَّمَاء كيف يَشَاءْ 
وَيَجْعله كسفاً فَترَى الوذ يَخْرْجٌ من خلاله... 16" . 
ج - الحالة الصلبة: 
ومن صور الماء في الأرض كذلك الماء الصلبء أو الثلج» الذي يتراكم عند القطبين وفي 
أعالي الجبال الشامخة» حيث يكون مصدراً لفيضانات الأنهار وهذا الثلج يعمل كخزانات 
عظمى للطاقة التي تساعد على تنظيم درجة حرارة الأرض وتحول دون حدوث ارتفاع عال 
ف كرحاك العرارة ام النتطلداك المنائقة رقف دكن الفن ]اق كله سور :تنه عقيف رمن ارده 
( وَيُترّل من المّمَاء من جبَالٍ فيها من بَرد...06 . 

ركذا كد اناك فيلا رفخ ,فى الحدو قيب لوقه تردق يداك عكر ]انا وت فيض 
صوره الثلاثة السائلة والصلبة والغازية والتي أشار إليها القرآن كما بينت سابقاً © . 
2- شفافية الماء : 
العاف كشاك تبون تديدة نويه لاتبفة التتسيي أ كقفة شان كلبق كك تويك مق يتما لطن 
اليابسة يقتصر التسخين على طبقة رقيقة تمتص خلالها الأشعة» وفي الكتل المائية تعمل 
تيارات الحمل والتيارات البحرية على توزيع الحرارة عبر مساحات واسعة؛ كما أن نحواً من 
ثلث الطاقة المقبلة من الشمس تستخدم في عمليات التبخير من الأسطح المائية. ولذلك تجعل 
هذه الشفافية الماء يمتص أكبر قدر من الإشعاع الشنمسي دون أن ترتفع درجة حرارتها 
ارتفاغاً كبيراً ولذلك نجد نسيم البحر معتدلاً وملطفاً صيفاً وشتاء 4) 
3ك الشبعة :الك اية الما 
السعة الحرارية للماء: وهي تعني القدرة على اكتساب الطاقة الحرارية والاحتفاظ بها . 
ذلك أن الماء يتميز عن باقي السوائل بسعة حرارية كبيرة تعمل على إبطاء معدل تسخينه أو 


تبريده . 


(1) سورة الروم: الآية / 48 

(2) سورة النور: الآية / 43 

(3) انظر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد جمال القندي مقال في مجلة الأزهر » جمادي الأخرة 1408 ه الموافق 
فبراير 1988 الجزء السادس » السنة الستون ص 768 ٠‏ وانظر الجغرافيا الطبيعية / حسن أبو سمور وعلى غانم . - ط1 .- 
عمان » دار المعارف 1419 ه - 1998 م » ومن دلائل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية / موسى الخطيب 
ص  .80‏ ط1  .‏ القاهرة » مؤسسة الخليج العربي 1994 م »والجغرافيا المناخية ( علم المناخ ) / نعمان شحادة ص 206 
.ط .1‏ عمان » دار المستقبل 1996 م . 

(4) وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد عبد الله الشرقاوي في مجلة هذه سبيلي عدد 4 / 1402 ه - 1982 ص 170 . 





ويقول علماء الفيزياء إن هذه الخاصية الفيزيائية المميزة للماء هي التي تجعل مياه 
المحيطات والبحار تتمتع بثبات عظيم في درجة حرارتها يساعدها على حماية أحياء كثيرة من 
تقلبات الجو . 

ويقولون إن هذا هو ما يحدث في جسم الكائن الحي ذاته» فإذا عرفنا أن التفاعلات 
الكيميائية الحيوية تتم على نحو أمثل في حدود ضيقة من تغير درجة الحرارة لأدركنا قيمة هذا 
الثبات الحراري للأحياء. فإن الماء بسرعة جريانه وجودة توصيله للحرارة يحملها بعيداً عن 
مصدر تولدها وبذلك يعمل على تنظيم درجة حرارة الأجسام الحية ويحافظ عليها .!1) 
4- الماء موصل جيد للحرارة : 
إن الماء يوصل الحرارة بسرعة كبيرة وذلك لما يسمى بتيارات الحمل التي تحمل الحرارة من 
مصدر الحرارة إلى بقية أجزاء الماء فيتصاعد الماء الساخن بفعل التيارات الحاملة ويهبط 
الماء 'البازة مكافه وهكذ | تذون الدورة حقع يصل إلى ذرحنة الغليان” : 
5- استقرار الحالة السائلة للماء : 
' إنّ الماء من أكثر السوائل استقرارا في حالته السائلة في مدى واسع من درجات الحرارة 
المعتادة في جميع أنحاء الأرض؛ بفضل سعته الحرارية العالية أي أن الماء يحتاج إلى كمية 
كبيرة جداً من الحرارة حتى يتحول إلى غاز ويتبخرء وذلك مما يساعد الكائنات الحية على 
مقاومة الحرارة من خلال ما تفرز من عرق على جلودها؛ فيبرد الجلد وتلطف درجة حرارة 
الحيؤانات ".2 
6- كثافة الماء : 
كل السوائل تزداد كثافتها إذا بردت حتى تتحول إلى الحالة الصلبة» والماء هو الذي يشذ عن 
القاعدة» فهو عند التجمد تقل كثافته ويزداد حجمه ويطفو فوق سطح الماء كما يحدث في 
المحيطات المتجمدة؛ حيث المآء سائلاً من أسفل تغيش فيه الكائنات البحرية وعلى السبطح 
طبقة من الجليد تعمل على عزل الحرارة وعدم وصولها إلى القاع» وهذا من حكمة الخالق 
ورحمته بمخلوقاته. ( ألا يَعْلَمُ مَنْ خلّق وهو اللطيف الْحَبي 006 . 
7- التوتر السطحي : 
يعني التوتر السطحي مقدرة المادة على الالتصاق والتماسك بعضها ببعضء وللماء توتر 
سطحي عالي جداً » وهذا يجعل سطح الماء أشبه بغشاء قوي ومرنء فإذا وضعت إيرة من 
حديد فوق سطح الماء برفق تظل محمولة عليه دون أن تغوص بالرغم من زيادة كثافتها كثيراً 
(1) قراءة اسلامية في كتاب الكون / أحمد فؤاد باشاء ج 9 » في مجلة الأزهر 1414 ه - 1994 م سنة 66 . 


)3( سورة المللك: الآية / 14 





عن كثافة الماء» وكثير من صغار الكائنات» مثل البعوض والعناكب تستطيع أن تمشي فوق 
الماء وأبسط وسيلة لإيضاح تماسك الماء وتوتره السطحي هي ملاحظة شكل قطرات الماء 
التي تتساقط من الصنبور تباعا في تؤدة وبطء على هيئة كرات صغيرة مشدودة إلى بتعضها 
الحمكتن 00 

8- الخاصية الشعرية : 

يقصد بالخاصية الشعرية مقدرة سائل ما على الارتفاع أعلى من سطح ماء وذلك ضد قوة 
الجذب الأرضيء ويمكنك ملاحظة ذلك في مقدرة الماء على الارتفاع في كأس ماءء حيث 
يكون الماء عالياً حول حواف الكأس أي في مكان ملامسة الماء للزجاج. وهذا مما يكسب 
الماء القدرة على الحركة داخل التربة وفي صعوده عالياً في جذور وسيقان النباتات؛ كما 
تساعد هذه الخاصية الدورة الدموية داخل أجسامنا والتي بدورها تتألف في معظمها من الماء 
فتبارك الله القائل في كتابه المسطور: (هذَا خلق اللّه فَأرُوني مَاذَا خلّق الَّذينَ من دونه 274 (3) 
إن هذا التمهيد سوف يوضح كثيرًا من العمليات والظواهر التي سوف تمر في ثنايا الرسالة 
خلال فصل الإعجاز وغيره . 


(1) انظر الموسوعة العربية العالمية 22 / 25 ٠‏ وموسوعة الزاد ص 1671 ٠‏ وقراءة اسلامية في كتاب الكون / أحمد فؤاد باشا / 
مجلة الأزهر ج9 / السنة 66 ص 1372 . 

(2) سورة لقمان: الآية // 11 

(3) انظر الموسوعة العربية العالمية 22 / 25 » وموسوعة الزاد ص 1671 ومجلة الأزهر ج9 / السنة 66 نفس المقال السابق . 





7 


الفصل الأول:أهمية الماء والمحافظة عليه 
وفيه مبحثان: 
المبحث الأول: أهمية الماء 
وفيه ستة مطالب: 
المطلب الأول: الأهمية الشرعية للماء 
المطلب الثاني: الأهمية الاقتصادية للماء 
المطلب الثالث: الأهمية السياسية والحربية للماء 
المطلب الرابع: الأهمية الاجتماعية للماء 
المطلب الخامس: الأهمية الطبية للماء 
النطلفة: الشنالتتن» القدريب :و الشقانة 


المبحث الثاني : المحافظة على الماء 
وفيه ثلاثة مطالب: 

المظلت الأول > أشباب فنياد. المناء 

المطلب الثاني: مضاره ومخاطره 

المطلب الثالث: طرق حماية الماء والمحافظة عليه 


المبحث الأول: أهمية الماء 
المطلب الأول: الأهمية الشرعية للماء 
أولاً: الماء الطهور 


لقد اعتنى الشارع الحكيم بالمياه عناية واسعة؛ لا سيما جانب العبادة» وخاصة أحكام 
الطهارة التي أفرد لها بابا واسعاً من أبواب الفقه» حيث بين الفقهاء أقسام المياه التي يتطهر 
بها برفع الحدث؛ وإزالة النجس عن البدن والثوب والمكان» فقسموا المياه من حيث الصفة» 
وما يترتب عليها من أحكام شرعية إلى أقسام ثلاثة: 

الماء الطهور والماء المستعمل والماء المتنجسء والقرآن ذكر من هذه الأقسام 
الطهور الذي بقي على أصل الخلقة؛ قال تعالى (وَهُوَ الذي أَرْسَل الرّيّاحَ بُشرًا بَيْنَ يَدَيْ 
رحمته وَأَنزَلنَا من السسَّمَاء مَاءْ طَهُورًَا)!!) وسوف أبسط الكلام في تفسير الآية» أما المباحث 
الفقهية في أقسام المياهء فقد توسعت في ذكره كتب الفقه» فمن أراد السعة فهناك بغيته. 

'والحياة على هذه الأرض كلها تعيش على ماء المطر إما مباشرة» وإما بما ينشؤه من 

جداول على سطح الأرض ومن ينابيع وعيون وآبار من المياه الجوفية المتسربة إلى باطن 
الأرض منه؛ ولكن الذين يعيشون مباشرة على المطر هم الذين يدركون رحمة الله 
المتمثلة فيه إدراكاً صحيحاً كاملاً. وهم يتطلعون إليه شاعرين بأن حياتهم كلها متوقفة عليه 
وهم يترقبون الرياح التي يعرفونها تسوق السحب ويستبشرون بهاء ويحسون فيها رحمة الله ."2) 
'والطاء والهاء والراء أصل واحد صحيح يدل على نقاء وزوال دنس» ومن ذلك الطهر: 
خلاف الدنسء, والتطهر: التنزه عن الذم وكل قبيح؛: والطهور: الماء.... والطهور: الطاهر في 
نفسه ولغيره.07 يقول الرازي: 'واعلم أن الفقهاء قد استنبطوا أحكام المياه من قوله 
تعالى: ( وَأَنْزَلنَا من السسّمَاء مَاءَ طَهُورًَا» 4) 


(1) سورة الفرقان: آية / 48 

(2) في ظلال القرآن/ سيد قطب . 6 / 171  .‏ ط7 . - بيروتء دار إحياء التراث العربي »1391ه 

-1971م. 

(3) معجم المقاييس في اللغة/ أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي المعروف بابن فارس ت/395 
ه تحقيق؛ شهاب الدين أبو عمرو ص 626  .‏ ط1 - . بيروت » دار الفكر » 1415ه - 1994م . 

(4) تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتح الغيب/ محمد فخر الدين بن عمر الرازي » 
ت/606 ه 24 / 90 . -ط1 - . بيروت » دار الفكر » 1401 ه - 1981م 





9 


قال تعالى:7 وَأَنَزْلَنَا من السسّمَاء مَاءَ طهُورَا4» وغير الله الإسلوب مظهراً للعظمة أي 
حيث لا ممسك للماء فيه غيره سبحانه فقال «مَاءَ © ثم أبدل فيه بياناً للنعمة به فقال ( طهورا 


10) 
'والالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله 9وأَنَزَلْنَا 4 لأن ضمير التكلم أظهر في 
ا ل الفقة الروافية يانى ال الدانه اللمون يننا 

فيه من إنعام ‏ على البشرية (©) 


'ولما كانت هذه الأفعال دالة على البعث لكن بنوع خفاءء أتبعها ثمرة هذا الفعل دليلاً 
واضحاً على ذلكء فقال معبراً بالإحياء» كذلك معللاً للطهور المراد به البعد عن جميع ما 
يدنسه مما يمنع كمال الانتفاع به (لنخيي به بِلَدَةَ مَيْنَا ونسئقية مما حَلَقنَا أَنعَامَا وَأَتسي 

(وَأَنَزَلنَا من السسّمَاء مَاءَ طَهُورًا» ' هذا التعبير يُلقى على الحياة ظل الطهارة فالله 

ا أراد الحياة ظاهرة نقره ,وهو يكل وعد الأرض بالماء الطهور الذي ينشئ الحياة في 
الموات ويسقي الأناسي والأنعام."(5) 

والمراد ب (إرحمته 4 المطر ل ا د 
والمرعى7 وقال الزمخشري"" إبَيْنَ يَدَيْ رحمته4 استعارة مليحة أي قدام المطر."77 
وقال القاسمي:' استعارة بديعة استعيرت الرحمة للمطر ثم رشحت لأن البشير يتقدم المبشر به 
ويجوز أن تكون تمثيلية. (بُشرًَا4 من تتمه الاستعارة داخل في جملتها.'(8) 

وقوله: مَاءٌ طهُورًا4 مبالغة في طاهرء وقيل مطهر للناس في الوضوء وغيره وبهذا 
المعنى يقول الفقهاء: ماءً طهوراء أي مطهر ؛ وكل مطيّر طاهرء وليس كل طاهر 
ا 


(1) نظم الدرر / البقاعي 5 / 325 . 

(2) التحرير والتنوير / ابن عاشور 19 / 46 . 

(3) نظم الدرر/ للبقاعي 5 / 325 . 

(4) سورة الفرقان: آية / 49 

(5) في ظلال القرآن/ سيد قطب 6 / 171 . 

(6) التحرير والتنوير / ابن عاشور 47/19 . 

(7) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل / محمود بن عمر الزمخشري 

ت/528: 3 / 284 . - ط3 .- القاهرة » دار الريان للتراث » 1407ه -1987 م . 

(8) محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي ت/1332ه -1914م . 12 /265 - ط2 . - بيروت » 
دار الفكر » 1398ه -1978م . 

(9) كتاب التسهيل لعلوم التنزيل / محمد بن أحمد بن جزي الكلبي » 3 / 79- 80 . - ط4 . - بيروت » 
دار الكتاب العربي 1403ه - 1983 م . 





10 


وأجمعت الأمة لغة وشريعة على أن وصف (9طَهُورَا4 مختص بالماءء ولا يتعدى إلي سائر 
المائعات وهي طاهرة » فكان اقتصارهم بذلك على أدل دليل على أن زوال الطهور هو 
المعليرة 01 

يقول العلامة ابن عاشور:" وماء المطر بالغ منتهى الطهارة إذا لم يختلط به شئ يكدره 
أو يقذره» وهو في علم الكيمياء أنقى المياه لخلوه عن جميع الجراثيم فهو الصافي حقاً . 
والمعنى أن الماء النازل من السماء هو بالغ نهاية الطهارة في جنسه من المياه ووصف الماء 
بالطهور يقتضي أنه مطهر لغيره إذ العدول عن صيغة فاعل إلى فعول لزيادة معنى في 
الوصف ... ولماء المطر خاصية الإحياء لكل أرض لأنه لخلوه من الجراثيم ومن بعض 
الأجزاء المعدنية والترابية التي تشتمل عليها مياه العيون ومياه الأنهار والأودية كان صالحاً 
بكل أرض وكل نبات على اختلاف طباع الأرضين والمنابت.7) 

ذفن بكلان نا سف كهد أن الإكتلاف تفي لام "الاي مدر روش اويا فويامة 

الالتفات والاستعارة المرشحة تشعر بمدى البلاغة القرآنية في الآية» فإنّ نشر الرياح للسحب 
والمطر وتقديمه بشائر قبل النزول بالماء الطهور وانتهاءً بإحياء البلاد من الموات ونشر 
الحياة فيها بنشر المطر والطهارة في الأرض والنفوس واستعداداً لحياة طاهرة ملؤها العبادة 
والتقات . 


ثانيا: الوضوء 


الوضوء لغة: الوضوء في اللغة من الوضاءة وهي الحسن والنظافة وأصلها الفعمل وضأ : 
الواو والضاد والهمزة كلمة واحدة تدل على حسن ونظافة؛ والوضوء: الماء الذي يتوضأ به 
والواطيق ب فجلك: إذااقو ضام ذا 

'الوضوء شرعاً: نظافة مخصوصة:؛ أو هو أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية وهو 
غسل الوجه واليدين والرجلين » ومسح الرأس . وأوضح تعريف له هو: أنه استعمال ماء 
طهور في الأعضاء الأربعة سابقة الذكر على صفة مخصوصة في الشرع . 


(1) أحكام القرآن / أبو بكر محمد عبد الله المعروف بابن العربي ت/543ه » تحقيق؛ علي محمد 
البيجاويء 3 / 1416  .‏ ط1 ء بيروت » دار الجيل » 1408ه - 1988م . 

(2) التحرير والتنوير / ابن عاشور 19 / 47 

(3) انظر معجم المقاييس في اللغة / ابن فارس » ص 1095 » ولسان العرب / جمال الدين محمد بن 
منظور 1/ 194  .‏ ط1  .‏ بيروت » دار صادر » 1410ه ‏ 1990م . 





11 


وحكمه الأصلي أي المقصود أصالة للصلاة: هو الفريضة, لأنه شرط لصحة 
الع 
قال تعالى: (يَاَيُهَا الذي آمَنُوا إِذَا فُمتَمْ إلَى الصّلاة فَاغْسلُوا وُجُوهكم وأَيْدِيكم إلى الْمَرّافق 
وَامْسَحُوا روسكم وأَرَجِلكم إِلَى الكعبين 0/4 
المناسبة: 

يقول سيد قطب: في مناسبة هذه الآية ' إن الحديث عن الصلاة والطهارة إلي جانب 
الحديث عن الطيبات من الطعام والطيبات من النساء. وإن ذكر حكم الطهارة إلى جانب 
أحكام الضيد والإخرام .... إن-هذا لا يجيئ اتفاقا ومضادفة لمجزد السرد ء ولا يجِيىَ كذلك 
قود عق جو الساق وأشانة: .. إنننا: يحي في موضحة :من" النبواق ولحكمتسه قبي انفلم 
القرآني.'(0) 

يرى صاحب المنار " أن وجه المناسبة بين آية الوضوء وما قبلها هو أن الحَدَئَيْن 
اللذين هما سبب الطهارتين هما أثر الطعام والنكاح؛ ولولا الطعام لما كان الغائط الموجب 
للوضوءء ولولا النكاح لما كانت ملامسة النساء الموجبة للغسل."(4) 

" جاءت العبارة ( إذَا قَمَتَمْ © أي: إذا أردتم القيام إلى فعل الصلاة» وعبر عن إرادة 
القيام بالقيام» إذ القيام متسبب عن الإرادة ... وقيل: معنى ( قُمْتَمْ إلى الصّلاة4 قصدتموهاء 
لأن من توجه إلى شئ وقام إليه كان قاصداً له وظاهر الآية يدل على أن الوضوء واجب 
على كل من قام إلى الصلاة» متظهرا كان أو محدثا .5 وكأنة فيل : إن كنت محدفيق:الحدت 
الأصغر فاغسلوا هذه الأعضاء وامسحوا هذين العضوينء وإن كنتم محدثين الحدث الأكبر 
فاغسلوا جميع الجسم.(5) 


(1) انظر الفقه الإسلامي وأدلته/ الزحيلي 1 / 208  .‏ ط3 . - دمشق » دار الفكر . 1409 ه - 

9 م. 

(2) سورة المائدة : آية / 6 

(3) ظلال القرآن / سيد قطب 2 / 662 . 

(4) تفسير القرآن الكريم الشهير بتفسير المنار /, محمد رشيد رضا 6 /220  .‏ ط2 . - بيروت » دار 

المعرفة . 

(5) انظر البحر المحيط / محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي ت 745 ه 3 /449  .‏ ط1 . - بيروت» 
دار الكتب العلمية»ء 1413 ه ‏ 1993 م. 





1 


وقوله تعالى: ( فَاعْسلوا وَجُوهَكُمْ» قال الراغب:'أصل الوجه الجارحة؛ ... ولما 
كان الوجه أول ما يستقبلك وأشرف ما في ظاهر البدن استعمل في مستقبل كل شئ وفي 
أشيوقه وميد"( 
والغسل إمرار الماء على المحل المراد غسله حتى يسيل الماء عن العضو المغسول. 
ومن هنا كان وجوب غسل الوجه فالأمر من خلال السياق لم يصرفه شيء عن 
الوجوب وكذا يتبعه كل المغسولات الموجودة في الآية من الأيدي والأرجل . 
وقوله تعالى: (وَأَيْدِيكُم إِلَى الْمَرافق4 "إلى حرف موضوع للغاية وقد تدخل الغاية فيه 
تارة» وقد لا تدخلء فلما كان الحدث يقينآءلم يرتفع إلا بيقين مثله» وهو غسل المرفقين."2) 
على خلاف ما في الرأس من مسح . 
وقوله:"7 فَاعْسلُوا وَجُوهكم وَأَيْدِيكم إلى الْمَرافق» أمر بغسل اليدين إلى المرفقين 
فإيجاب الغسل محدود بهذا الحد » فبقي الواجب هو هذا القدر فقطء أما نفس الغسل فغير 
محدود بهذا الحد لأنه ثبت بالأخبار أن تطويل الغرة سنة مؤكدة (© قال ويه :24آتاإن أمتي 
يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوءء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته 
فليفعل 71 (4) أي بمعنى أن هذا الحد هو الذي يجزئ من العضوء وأقل من المرققين لا 
يجزئ. أما زيادة الغسل بأكثر من المرفقين فمندوب والله أعلم . 
وقوله تعالى: ( وَامْسَحُوا برُءُوسكم» ' المسح إمرار يدك على الشئ السائل أو 
المتلطخ تريد إذهابه» ومسح رأسه أمر يده عليه."( " والمسح هنا إمرار اليد المبلولة بالماءء 
ولا خلاف في وجوب مسح الرأس.7) بمنطوق الآية ( وَامْسَحُوا برٌُوسكم» ولكون القدر 
المطلوب مسحه في الآية غير محدد كما في غسل الأيدي إلى المرافق . 


(1) المفردات/ للراغب الأصفهاني ص 55 ت 502 تحقيق؛ نديم مرعشلي . - بيروت ٠‏ 1392 ه - 


02 . 
(2) زاد المسير/ لابن الجوزي ت 597 ه 300/2  .‏ ط4  .‏ بيروت » دمشق » 1474 هه 
7م . 


(3) تفسير الرازي 163/11 . 

(4) أحوهه التفارى :1 :قله كتات الاضوع بان فصل الوضو ع والكر المتعسلية :ركم 136 

(5) انظر لسان العرب لابن منظور 2 / 593  .‏ ط1 . - بيروتء دار صادرء 1410ه - 1990 مع 
وأساس البلاغة / للزمخشري ص 593  .‏ ط1 . - بيروت » دار صادر » 1399 ه ‏ 1979 م. 

(6) المغني والشرح الكبير لابني قدامة / للإمامين موفق الدين ت 620ه » وشمس الدين ت 682 ه 1 
/141.-ط1  .‏ بيروت » دار الفكر » 1404 ه / 1984م . 





13 


وقوله تعالى: ( وأَرَجِلكم إلئ 0 ' قرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص 
9(وَأَرَجْلَكُمْ 4 بالنصب والباقون بجرها.17) " أما ( وَأَرَجِلكم إلى الكَعْبَيْن» قرئت بنصب اللام 
وجرها أما النصب فوجهه العطف على وجوهكم وأيديكم لأن الجميع ثابت غسله من جهة 
ابد بوتا هسل + بين المعطوف والمعطوف عليه بقوله: ( وَامْسَحُوا بِرُعْوسكم» للتنبيه على 
الترتيب المشروع سواء قيل بوجوبه أو استحبابه» وأما الجر فوجهه ظاهر وهو العطف على 
برؤوسكم والمراد به المسح على الخفين وعلى ذلك حمل الشافعي - رحمه الله - القراءتين 
فقا إزاذ الست قرها وبالمر كما لخيرية"!) وقال الصصاصن: :إن المعبى تح 
القراءتين.(8) 
ركفا أخاساة الوضبوع :يظهو" النذو كن "اواو :قور كذلك يطين العامة هذا الذنوية كنا أخار. 
في الحديث الصحيح عَن أبي هررة أن رَسُول الله صلى الله عله وَسَلَمَ قال:29 إِذا 
توضًا العَبد الْملمُ أو الْمُوّمن فَغَسَلَ وَجِهَهُ حَرَجَ من وجهه كل خطيتة تظر إِلَيْهَا بعيْييهِ مَع 
الماء أ مع آخر قط الْماء ذا عسل يَدَيْهِ حرج من يديه كل خطيقة كان بَطَشنها يداه مغ 
المَاء و ا ص ل اح وا را مدر أ 
مَعَ آخر فَطْر الْمَاء حَتَّى يَخْرّجَ تقيّا من الذّنُوب426) 


ثالثاً : الغسل 


قال تعالى: (ولا جَنْبًا إلا عابي سبيل حتى تَعْتَسِلُوا74) 
وقال تعالى:( وَإِن كنْتَم جِنْبًا فَاطّهِرُوا)) من منطوق هاتين الآبتين الكريمتين أخذ الفقهاء 
مشروعية وجوب الغسل للجنب. 
قال الخازن: (حَنَّى تَعْتَسلُوا) ' يعني أن تغتسلواء وفيه دليل على أن حكم الجنابة باق على 


(1) شرح الشاطبية المسمى إرشاد المريد إلى مقصود القصيد / على الصباع ص 172 . 

(2) إيراز المعاني من حرز الأماني/ الأبي شامة / عبد الرحمن الدمشقي ص 294  .‏ ط1  .‏ 1349 
ه -1930م. 

3 انظر أحكام القرآن / الجمصاص ت 270 ه 2 / 345  .‏ ط1 . - بيروت » دار الكتاب العربي . 
4) صحيح مسلم 1 / 215 كتاب الطهارة باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء رقم 244 . 

5) سورة النساء: آية /43 

6 


اسل .ل سل .ل ...لل 


) 
) 
) 
) 


سورة المائدة آية )6 





14 


الجنب إلى غاية الاغتسال:(1) 

وفي قوله تعالى:'(فَاطَهَرُوا4 إشارة إلى أن المطلوب هو التطهر ... ولم يحدد اللفظ 
القرآني أسلوب التطهر أهو بالاغتسال أو بالتيمم» وذلك لأنه سبحانه قد خفف على عباده؛ فلم 
يجعل التطهر بالاغتسال أمرأ لازما في جميع الأحوال ... فالمريض والمسافرء قد أبيح لهما 
التطهر من الجنابة بالتيمم وكذلك الصحيح المقيم إذا فقد الماء... فإذا تيمم أحدهم طهر من 
الجنابة» وإذا قام إلى الصلاة وجب أن يتيمم للصلاة وهو على طهارته بتيمم الطهارة من 
العنانة ا 
قصدت الآية ب 9قَاطّهَرُوا4 الاغتسال بالماء وإن أفادت كلا الأمرين الماء والتراب؛ وذلك 
من خلال منطوق الآية بالتيمم بعدها لأصحاب الأعذارء وإلا حدث التكرار . وقد أكد 
الخطيب على الإعجاز القرآني في النص السابق في قوله تعالى:( فَاطّهّرُوا4 وأشار إلى مدى 
التوافق بين هذا الأمر الإلهي مع قوله تعالى:( وإن كنتمْ مَرْضى أؤ على سقر أو جَاءَ أَحَد 
منكم من الغائط أو لامَستم الشمَاءَ قَلَمْ تَجئُوا مَاءَ فََيسْمُوا صّعيدًا طَييا فَاسْسَحُوا بِوْجُوهكُم 
وَأَيْدِيكُم إن اللّهَ كان عَفْوًا غفورا)2 "7) وهو كلام جميل ثقره عليه ونسلّم له به: ولكن لا 
نسلّم بقوله:' ولو كان اللفظ القرآني ( فاغتسلوا ) بدلاً من قوله تعالى: (فَاطّهْرُوا لوقع 
تصادم بين هذا اللفظ وبين الحكم الوارد بعده في هذه الآية والذي جاء مثله في سورة 
النساء."77) (حتى نَغْتَسلوا)4 فإن الناظر بتدبر في آية النساء وآية المائدة يجد أن الحكم 
المذكور بعد اللفظين (تَعْتَسِلُوا و (فَاطهرُوا4 هو نفس الحكم لفظاً ومعنى. فكيف يكون 
التصادم في آية المائدة ولا يكون. في آية النساء وهو.تفين الحكم:ونفس اللفظ ولذا لآ نسلم له 
بالتصادم ولكن نبحث عن البلاغة القرآنية في عدم استخدام نفس اللفظ في الآيتين وذلك من 
وجوه . 
الوجه الأول: إن لفظ (فَاطّهَّرُوا» أعم من (تَعْتَسِلُوا4 حيث يفيد كلا الحالين الغسل والتيمم 
ولما كان نزول سورة النساء قبل سورة المائدة وهي تبين بماذا يتم رفع الجناية تعليما 
بالاغتسال بالماء فجاء بلفظ آخر في المائدة فكان التنوع باللفظ لزيادة في المعنى والفائدة فكان 
التعبير فيها بالنتيجة والهدف من الغسل بكمال التطهر والمبالغة فيه . 


(1) تفسير الخازن / لعلاء الدين علي بن ابراهيم الشهير بالخازن ت 725 ه 1 / 443 . - ط2 . - 
القاهرة» شركة مصطفى البابي الحلبي 1375 ه - 1955 م . 

2 التفسير القرآني للقرآن/ عبد الكريم الخطيب 1044/6 . القاهرة » دار الفكر العربي . 

3) سورة النساء: آية /43 

4)المرجع السابق/ 6 / 1044 . 

5)المرجع السابق / 1 /1042 . 


سه بلح لح سح 





15 


الوجه الثاني: لما ذكر الله في قوله تعالى:7 فَاعْسِلُوا وُجُوهكم 4لبيان كيفية الوضوء أتى بلفظ 
التطهر في نفس الآية حتى لا يتكرر اللفظ ولما في التطهر من الجنابة من غسل عامة البدن 
و النظافة والطهارة . 
الوجه الثالث: ولما كانت آية المائدة افتتحت بالأمر والوضوء والتطهر للصلاة جاء اللفظ 
بالتطهر وبالتشدد في الطاء والهاء لزيادة الحث على الطهارة لهذه العبادة وغيرها مما تمنع 
منه الجنابة. ولكن في آية النساء بدأت الآية في حال السكر لعلة '(حَتى تَعلّمُوا مَا 
تفولون )21 والمكث في المسجد اللجنب بالاغتسال مع الرخصة بالمرور فقط فجاء اللفظ 
(حَنَى تَعْتَسِلُوا4 بدون التشدد والحث الموجود في (فَاطّهرُوا4 لعدم فوات الصلاة وضياع 
ثوابها ووقتها . 
الوجه الرابع: إن سورة النساء نزلت قبل المائدة المتأخرة في أحكامها وفقهها فكانت آية 
النساء بداية تعليمية وجاءت آية المائدة توكيدا وبياناً لما سبق في النساء مع شموليتها للطهارة 
ولجان قز تسن الوصو وقضينها - 
وقد ذكر ابن الجوزي وجوهاً للطهارة في القرآن77)يجمل أن نسوق بعضها في هذه المناسبة: 
أحدها: الاغتسال » ومن قوله تعالى: في البقرة (فَإِذَا تَطَهّرنَ فَأتُوهنَ24, وفي المائدة (وإن 
نتم جُنْبًا فَاطَهّرُوا44 . 
الثاني: الاستنجاء بالماء»ومنه قوله تعالى في براءة (فيه رجال يُحبُونَ أن يَتَطَهَروا وَالله 
يُحبُ الْمُطَهْرِينَ776) ونزلت في أهل قباء» وكانوا يستعملون الماء في الاستنجاء . 
الثالث: الطهارة من جميع الأحداث والأقذار ومنه قوله تعالى في الأنفال (وَيُتَزَل عَلَيْكُمْ من 
الستّمَاء مَاءَ ليُطَهَركمْ6©6. 
وقد جعل الله الاغتسال بالماء الطهور واجباً في حالات ذكرها الفقهاء وهي: 

أولها:خروج المني من الرجل أو المرأة وذلك لحديث رسول الله # 52 إِنَمَا الْمَاءْ من 
المَاء 50 77). 


(1) سورة النساء آية /43 

(2) نزهة الأعين النواظر في الوجوه والنظائر/ ابن الجوزي ت 597 ه وتحقيق؛ محمد عبد الكريم كاظم 
الراضيء ص / 420 - 422  .‏ ط1 . - بيروت » مؤسسة الرسالة » 1404ه - 1984 م . 

3) سورة البقرة آية / 222 . 

4) سورة المائدة آية / 6 . 

5) سورة التوبة آية / 8 . 

6) سورة الأنفال آية / 11 . 

( 


) 
) 
) 
) 
(7) صحيح مسلم 1 / 269 كتاب الحيض باب إنما الماء من الماء رقم / 343 . 





16 


ثانيها: التقاء الختانين ولو من غير إنزال والدليل الآية (وإن كنْتُمْ جِنْبَا فَاطْهَرُوا4 والحديث 
2 إِذَا مس الختّان الختّان فَقَدْ وجب الْغسل720) . 

ثالثها: ورابعها: الحيض والنفاس: لقوله تعالى:'( ولا تَفَْبُوُْ حت يَطْهرنَ) والحديث 9 
إذَا أَقبََتَ الْحَيْضَةٌ فَدَعي الصلاةً وإذَا برت فَاغْسلي عَنْك الدّمّ وصلّي 2 والنفاس فلأنه. 
دم خيصن تجلمم + 

خامسها: موت المسلم غير الشهيد. 8 في الذي سقط عن راحلته فمات اع سلوةُ 
بمَاء وسدر وكقثوة في توبين 00 وقد غسل النبي وأبو بكر من بعده وتوارثه المسلمون . 


سادسها: إسلام الكافر: لحديث قيس ابن عاصم " 52 أَنَهُ أَسلَمَ فأَمَرَهُ التبي صلّى اللّهُ علَيْه 
وَسَلْمَ أن يَعْتَسلَ بِمَاء وسدر قَالَ وفي البَاب عن أبي هرِيْرَةَ قَالَ أَبُو عيسى هذا حديث حَسَنْ 
لا نغرفة إلا من هذا الوجه والعمل عليه عند أهل العلم يَستحبُونَ للرّجل إذا ألم أن يَغتميل 
َل نيه 78" 

وللغسل شروط لا يصح إلا بها وهي: 

أولا: النية. 

كانيا :و ال التحاسة. 

كأنذا “الفاضية الاة» كل الدقة لاهن ةويا علمها رمن الجر منقق يضل: الات إلى بد كمه 
ومن زاد على ذلك سنة) وهذا مذهب الإمام الشافعي . 


رابعا: التيمم 


لما :كانت الطهازة: خترظا ,لخادة المئله» ولما كان الماء .هو التنائل الذي اخشار»: الل 
للطهارة به» في حال استقرار العبد» بالصحة والإقامة» ولما كانت حال الاستقرار هذه ليست 


1) أخرجه مسلم 1 / 271 كتاب الحيضء باب الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين رقم 349 . 
2 صحيح البخاري 1 / 98 كتاب الحيضء باب إذا رأت المستحاضة الطهر رقم / 331 . 

3) صحيح البخاري 2 / 94 كتاب الجنائزء باب الكفن في ثوبين رقم / 1262 . 

4) سنن الترمذي/ 2 / 502 - 503 » كتاب الجمعة »باب ما ذكر في الاغتسال عندما يسلم الرجل 
رقم / 605 . 

(5 ) انظر الفقه الإسلامي وأدلته / الزحيلي 1 / 359 - 367 

(6 ) المصدر السابق 1 / 375 


) 
) 
) 
) 





17 


على الدوام» وحتى يخرج المسلم من الحرج والضيق بفقده الماء للطهارة» رخص الله له 
وسيلة أخرى يتطهر بهاء وهي الصعيد الطيب فقال تعالى: في سورة النساء (وإن كنتم 
مَرْضى أو علَى سقر أو جَاءَ أَحَدْ منكمْ من الْغائط أو لاسَنْتُمُ النَسَاء فَلَمْ تَجدُوا ماءَ فَتَيَمَمُوا 
صعيدًا لماكتو بوجوهكم وأَيْدِيكم إِنَّ الله كان عَفوًا غَفُورَا)1!) وفي سورة المائدة 
(وإن كَنثُمْ مَرْضى أو على سقر أو جاءَ أَحَدْ منْكم من الَائط أو لاسَنتمْ النَسَاءَ فَلَمْ تجذوا 
ما فتَيََُّوا صعيدًا طيًَافامسَحُوا بوجوهكم وديم منة ما يُرِيد اله ليل علَيُمْ من حرج 

والتيمم لغة: هو القصدء حيث يقولون أمّه يؤمه أما إذا قصده... وتيممته: قصدته 
ومنه تيممت الصعيد للصلاة وأصله التعمد والتوخيء ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى 
صار التيمم اسماً علماً لمسح الوجه واليدين بالتراب.!3) 

التيمم شرعاً: عند فقهاء الأمة لا يخرج في كونه إيصال التراب إلى الوجه واليدين 
بنية وشرائط مخصوصة. وإذا اختلف المذاهب في الألفاظ إلا أنها تتفق في هذا المعنى.4) 
قوله تعالى:( وإن كنم مَرضى أو علَى سقر» "أي بجراحة أو بغيرها مرضاً يمنع من طلب 
الماء أو استعماله.57) ٠‏ 

قال الشافعي:" وكان ظاهر القرآن أن كل مسافر سفراً بعيداً أو قريباً يتيمم عند عدم 
الماء"9 . 


5 م 


2 


خامساً: طهارة الثياب 


ولما كانت طهارة البدن العمدة في صحة الصلاة وقبولها كشرط بالوضوء أو الغسل أو 
بالتيمم لم يغفل الشارع الحكيم طهارة المكان المصلى فيه مثل أماكن العبادة وكذلك ثياب 


(1) سورة النساء: آية / 43 

(2) سورة المائدة آية / 6 

(3) انظر لسان العرب/ ابن منظور 12 / 22 ومقاييس اللغة/ ابن فارس ص 48 والمفردات/ الراغب 
الأصفهاني ص /577 

(4) انظر المغني والشرح الكبير/ ابني قدامة 1 /266 والأم / الشافعي » 1 /45  .‏ ط2  .‏ بيروت » 
دار المعرفة 1393ه - 1973 م وما بعدهاء والفقه الإسلامي وأدلته/ وهبة الزحيلي1 / 406 . 

(5) نظم الدرر/ البقاعي 2 / 260 . 

(6) الأم/ الشافعي 1 / 45 . 





18 


المصلى التي سيقف بها بين يدي الله في محرابه يناجي ربه فمنع المكث للجنب والحائض في 
المسجد لمكان للعبادة إلا مجرد المرور لحاجة كما بيّنا في الغسل . 
قال تعالى: (وَربّكَ فَكبّر(3)وثيابك فَطهرن76) " «وثيابك فَطَهْر هو في النظم مثل نظم 
(وربّك فكبّر» أي لا تترك تطهير ثيابك» وللثياب إطلاق صريح وهو ما يلبسه اللابس 
وإطلاق يكنى بالثياب عن ذات صاحبها كقول عنترة:" فشككت بالرمح الأصم ثيابه. ' 
. . . كناية عن طعنه بالرمح وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف وإزالة النجاسات وإطلاق 
مجازي وهو التزكية قال تعالى: (إنَمَا يُرِيدُ اللّهُ يدهب عَنَكمْ الرجْس أهل البَيتَ ويُطَهَركم 
تطهيرًا4 والمعنيان صالحان في الآية فتحمل عليهما معاً فتحصل أربعة معان لأنه مأمور 
بالطهارة الحقيقية لثيابه إيطالاً لما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الاكتراث بذلك .. 
والطهارة لجسده بالأولى ومناسبة التطهير بهذا المعنى لأنها على و (وَربَّكَ فكبرْ» لأنه لما 
أمر بالصلاة أمر بالتطهر لها لأن الطهارة مشروعية للصلاة . 

وليس في ذكر طهارة الثوب إلا هذه الآية في أحد محاملها وهو مأمور بتزكية 
نفسه "(0 

وقال الزمخشري”"" (وثيَابك فَطهر4 أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات؛ لأن 
طهارة الثياب شرط في الصلاة لا تصح إلا بها وهي الأولى والأحب في غير الصلاة وقبيح 
بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثاً.'() 

(وثيابك فطهّر4 أي اغسلها بالماء.'7 وهذا اللفظ صريح عند ابن كثير . 
وقال أبو حيّان: في البحر (وثيَابكَ فَطهر» " الظاهر أنه أمر بتطهير الثياب من النجاسات 
لأن طهارة الثياب شرط في صحة الصلاة ويقبح أن تكون ثياب المؤمن نجسة ... ومن هذه 
الآية ذهب الشافعي إلى وجوب غسل النجاسة من ثياب المصلي."©6) 

ومن أراد أن يطلع 3 كل الوجوه فقد ذكرها ا كل 7 ابن جرير الطبري”(") 
والماوردي7 وابن الجوزي7!) وابن العربي مختصرا©) والقرطبي/) 


(1) سورة المدثر: آية/3 - 4 

(2) سورة الأحزاب: آية / 33 

(3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 29 /297 . 
(4) الكشاف/ 4 / 645 . 

(5) تفسير ابن كثير 4 /442 . 

)6( لد المحيط/ 8 / 362 - 363 . 

(7) جامع البيان/ ابن جرير الطبري 29 / 144 . 
(8) النكت والعيون/ الماوردي 6 / 135 . 





19 


وابن القيم) والبقاعي مختصراً والسيوطي في الدر المنثور جامعاً 9) والألوسي 
في روح المعاني كذلك7) وسعيد حوى جامعاً كل الأقوال7؟) كلهم عند تفسير قوله (وَتْيَاَكَ 
وقال العلامة الشنقيطي: " والواقع في السياق ما يشهد لاختيار ابن جرير وهو حمل اللففقفين 
على حقيقتهما. وترجيح قول ابن سيرين أن المراد طهارة الثوب من النجاسة والقرينة في 
الآية أنها مشتملة على أمرين: 


الأول: طهارة الثوب 
7 
لمعنى جديد أولي ء 


وهذه الآية بقسميها جاء نظيرها بقسميها أصرح من ذلك في قوله تعالى: (ويُتزل عَلَيْكُمْ من 
السّماء ماءَ ليَطهْركم به ويذْهب عَنكمْ رجز الشيطان)7 
والله تعالى أعلم .... وقد جعل الشافعي هذه الآية دليلاً على الطهارة للصلة. '19) 
" واعلم أن الأصل في المعنى أن يحمل على ظاهر لفظه؛ ومن يذهب إلى التأويل يفتقر إلى 
دليل كقوله تعالى: (وثيَابّك فَطَهْرُ» فالظاهر من لفظ الثياب هو ما يُلبَسء ومن تأول ذهب إلى أن 
المراد هو القلب» لا الملبوس وهذا لا بد له من دليل. لأنه عدول عن ظاهر اللفظ ... فالمعنى 
المحمول على ظاهره لا يقع في تفسيره خلافء والمعنى المعدول عن ظاهره إلى التأويل يقع فيه 
الخلاف. إذ باب التأويل غير محصورء والعلماء متفاوتون في هذاء فإنه قد يأخذ بعضهم وجهاً 
ضعيفاً من التأويل فيكسوه بعبارته قوة تميزه على غيره من الوجوه القوية» فإن السيف بضاربه 
11) 


1) زاد المسير/ابن الجوزي 8 / 400 . 

2 أحكام القرآن/ ابن العربي 4 / 1886 . 

3) جامع الأحكام/ القرطبي19 / 62 . 

4) التفسير القيم/ ابن القيم ص / 502 . 

5) نظم الدرر/ البقاعي 8 / 222 . 

6) الدر المنثور/ السيوطي8 / 324 . 

67 روح المعاني/ الألوسي 29 / 148 . 

8) الأساس في التفسير سعيد حوى 11 / 6243 . 

9 سورة الأنفال: آية // 11 

0) أضواء البيان/ الشنقيطي 8 / 621 في إيضاح القرآن بالقرآن / محمد الأمين بن محمد المختار الجكني 

الشنقيطي ت 1393ه. ‏ ط1  .‏ القاهرة » مكتبة ابن تميمة» 1408 ه - 1988 م. 

(11) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر/ ضياء الدين ابن الأثير» قدمه وعلق عليه د. أحمد الحوفي و 

د.بدوي طبانة» 1 / 63 . - ط1 . - القاهرة » دار النهضة للطبع والنشرء بدون سنة . 


سكت سيبح سي ا سسية. سس ا سس اا لسسية اا سس ا سح سبح 





20 


وبعد هذا التحقيق المستفيض لما قاله العلماء رحمهم الله يرجح الباحث: القول على 
الحقيقة في الثياب والتطهر مع احتمال الآية للوجوه الأخرى مرجوحة والله أعلم بمراده . 


ادس ضلذة الاتسقاء 


الاستسقاء في اللغة: " سقي: السقيْ والمُقيا: أن تعطيه ما يشربء والاسقاء: أن تجعل له ذلك 
حتى يتناوله كيف يشاء ... قال تعالى:( وَسَقاهُمَ رَبّهُمْ شرابًا طهورا)!". 
والاستسقاء: طلب المتقي أو الاسقاء قال تعالى: (وإذ امنتسقى مُوسى» 0/0 

" والاستسقاء شرعا :طلب السقي من الله بمطر عند حاجة العباد إليه بصفة 
مخصوصة.أي بصلاة وخطبة واستغفار وحمد وثناء '... 
وسببه :قلة المطرء وشح الماء» والشعور بالحاجة لسقي الزرع وشرب الحيوان.47) 

ولما كانت الذنوب سبباً لانحباس القطر عن العباد قال تعالى: (فَقلت انتَغفروا رَبَّكُمْ 
ِنَهُ كَانَ عَقَارَا(10)يُرسل السسّمَاءَ عَلَيكُمْ مذرارا(11)وَبْمْددكُم بأمْوال وبنين ويَجِعل لَكُمْ جنات 
وَيَجعل لَكمْ أنهَارًا074) وقال أيضاً (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم 
مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم 62) 

اوضتلاة الاستشقاء.شنة نيو قد خاركة سيتة سوك الله فك واخلفاقة عن" 

والاستسقاء ثلاثة أضربء اكملها الخروج والصلاة ... 

ويلية انتشقاء الأمام.زوة الجمعة على الطلين ...: 


والثالث: أن يدعو الله عقيب صلواتهم وفي خلواتهم ... (8) 


(1) سورة الإنسان آية / 21 

(2) سورة البقرة آية / 60 

(3) المفردات/ الراغب الأصفهاني ص / 241 »: وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز/ مجد الدين 
محمد بن يعقوب الفيروز أبادي» ت817 هء 3/ 231 المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية» دون تاريخ 
طبعة/1387 ه . 

(4) الفقه الإسلامي وأدلته / الزحيلي 2 / 412 . 

(5) سورة نوح: آية / 12-10 

(6) سورة هود: آية / 52 

(7) المغني والشرح الكبير 2 / 283 . 

(8) المصدر السابق 2 / 295 بتصرفء وانظر غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول منصور على 

ناصف 1 / 313  .‏ بيروتء دار أحياء التراث العربي 1381ه - 1961 م . 





21 


و <2 و 


قال تعالى في سورة الأعراف (وَأُوْحَيْنا إلى مُوسى إذ 0 اضرب 
بعصالد الحجر فَانبَجست منة اتنا عشرة عَيْنَا قا علمَ كل أناس مشربَهم)! 'اوتست سحصونة 
مكية نزلت قبل قوله تعالى: في البقرة (وإذ استسلقى مُوسى لقومه فقنا اضرب بقصاك 
الحجِر فَانقَجَرت منه اثََنَا عَشَرَةَ عَيْنَا قا عَلمَ كل أناس مَشرَبَهُم كلُوا وَاشرَبُوا من رزق اللّه 
ولا تَعْنوَا في الأررض مُفْسدين©) ْ 

يقول ابن كثير: عند تفسيره آية الاستسقاء في البقرة" وهذه القصة شبيهة بالقصة التي 
في سورة الأعراف ولكن تلك مكية» فلذلك كان الإخبار عنهم بتعبير الغاقب لأن الله تعالى 
يقص على رسوله يِل ما فعل بهم» وأما في سورة البقرة فهي مدنية فلهذا كان الخطاب فيها 
متوهها اهيا 

قال الرازي:عند تفسيره هذه الآية (وإِذْ استسقى مُوسى...4 أن هذا من الإنعامات 
التي أنعم الله بها على بني إسرائيل وهو جامع بنعم الدنيا والدين: اوالاي تيار له دم 
عر ري ان بويت 0 (وَجَعلنَا من الماء كل شّيء 
حَيَ114 بل الإنعام بالماء في التيه أعظم من الإنعام بالماء المعتاد لأن الإنسان إذا اشتدت 
حاجته إلى الماء في المفازة(") وقد أفسدت عليه أبواب الرجاء لكونه في مكان لا ماء فيه ولا 
نبات فإذا رزقه الله الماء من حجر ضرب بالعصا فانشق واستقى منه» علم أن هذه النعمة لا 
يكاد يعدلها شيء من النعم» أما كونه من نعم الدين فلأنه من أعظم الدلائل على وجود الصانع 
وقدرته وعلمه ومن أصدق الدلائل على صدق موسى انين .60 
وقد يسأل سائل لم جاءت في الأعراف (فانبَجسّت»4 وفي البقرة (قانقجَرت» وهل هناك 
تناقض بينهما في القصتين ؟ فيقول ' الإمام ابن كثير " وأخبر هناك بقوله فَانبجِسَت» وهو 
أول الانفجار وأخبر بما آلت إليه الحال آخرًا وهو الانفجار فناسب ذكر الانفجار هنا وذاك 
هناك والله أعلم."7) 


1 
2 


) سورة الأعراف: آية / 160 . 

) سورة البقرة: آية // 60 . 

3) تفسير ابن كثير 1 /100 . 

4) سورة الأنبياء: آية / 30 

5 ) المفازة/ الصحراء لا ماء فيها والبرية القفر والمفازة المهلكة» انظر لسان العرب/ابن منظور 5 / 
32. 

(6) تفسير الرازي 3 / 94 بتصرف . 

(7) تفسير ابن كثير 1 / 191 . 


) 
) 
) 
) 
) 





22 


المطلب الثاني:الأهمية الاقتصادية للماء 
أولا: التجارة 

إن معطم مدان الاقتصاد العائس اليوة .على" التهان مق خلال: عليه تراه :زينه 
السلع والخدمات . بين الدول والشعوب وداخل الدول نفسهال!) . 
ويقول الراغب”: التجارة التصرف في رأس المال طلباً للربح "2) ويوضح ابن خلدون في 
مقدمته التجارة بقوله " اعلم أن التجارة محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص 
وييغها بالغلاء يا نما كانك: السلعة من أو زوع أو حيوان أو قمائن ولك القذر. الدائي يسمي 
ربحاً 667 

ولقد عني القرآن بالتجارة في العديد من آياته الكريمة ذاكراً التجارة مع الله بالعمل 
الصالح حيث الكسب في الآخرة فقال:" (يَاأَيُهَا الَذِينَ َامَنُوا هل أَدْلَكُمْ عَلَى تجارة تَنجِيكُمْ من 
عَدَابِ أليو(10)تؤمنون باللّه ورسئُوله وتجاهدون في سبي الله بأمُوالكم وأنفسكم ذلكم حير 
لكم إن كنم تَعلَمُون)1) وقال تعالى: (قَمَا ربحت تجارتهُم)1”) في حديثه عن المنافقين» وذكر 
التجارة المتداولة بين الناس فقال:7 إلا أن تكون تجارَة حاضرة تَديروتها بَيتكم) وقال:(إلا 
أن تكون تجارة عَن تَراض منكم»77) 
وقال:7 وتجارة تخشون كسادَها8!4) 


(1) انظر الموسوعة العربية العالمية 6 / 95  .‏ ط2  .‏ الرياض » مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر 
والتوزيع» 1419 ه ء 1999م . 

(2) معجم مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الأصفهاني ص / 68 » وانظر عمدة الحفاظ السمين الحلبي 1 / 
4 .؛ ولسان العرب ابن منظور 2 / 589 . 

3) مقدمة ابن خلدون ص 313 . 

4) سورة الصف: آية / 10 - 11 

5) سورة البقرة: آية / 16 

6) سورة البقرة: آية / 282 

7 سورة النساء: آية / 29 

8 سورة التوبة: آية / 24 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





23 


أما بالنسبة للتجارة في البحر وهي ما تخصنا في هذه الدراسة لم يذكرها القرآن بلفظ 
التجارة بل جاءت من خلال الآيات التي تحدثت عن البحر والانتفاع بما سخره الله لنا من 
منافع فيه ومن ضمنها التجارة عبر هذا البحر. يعبر عنها بلفظ (بما يَتقَعْ النّاس)7) وبلفظ 
(وَلتبتَهُوا من فضله)2 وست آيات في كتاب الله أسوقها تباعاً قم نبين شواهدها في 
الموضوع فلو فسرتها كلا على حده لطال البحث . 
وهاهي الآيات حسب ترتيبها في المصحف الشريف . 
قال تعالى في سورة البقرة: (إنّ في خَلق السّمَوَات والأرّض واختنّاف اللَيْل وَالنَهَار وَالْفنْك 
التي تَجري في الْبَرٍ ما يتَقغ النّاس وما أَنزل اللَّهُ من السسّمَاء من مَاء فَأديَا به الأرض 
بَعدَ موتها وَبّث 00 من كل دَابَّة وتصطريف الريّاح وَالسّحَاب الْمْسَخْرٍ بينَ السّمَاء والأرض 
يات لقوم يَعقلون)01 
وقال تعالى في سورة النحل :7 وَهُوَ الذي سسخر البَحْرَ لتأكلوا مه لَخمَا طَرِيا وَتَسَتَخْرِجوا 
منة حليّة تَلبمُونَهَا وَتَرَى الفلكَ مواخر فيه وَلتَبتَغوا من فضله ولَعَلَكُم تشكرون)41) 
وقال تعالى في الإسراء:( ربُكُمُ الذي يُزْجِي لكمْ الفلك في البَخر لتبتغوا من فضله إِنَّهُ كان 
بكم رحيمًا)!؟) 
وقال تعالى في سورة الروم:7 ومن آيّاته أن يُرْسل الرَيّاح مبَشرات وليْذِيقكُمْ من رحمته 
ولتجري الفلك بأْرِه وَلتبتَفوا من فضله ولَعلَكُمْ تشكرون»0 
وقال تعالى في سورة فاطر:7 وما يَسْتَوي الْبَخرَان هذا عَدبْ فرات سائغ شرَابُهُ وَهَدَا ملح 
أجَاجْ ومن كل تأكلُونَ لَحما طريًا وتَستَخْرِجُونَ حلية تَْبَسُوتَهَا وتَرَى الْقَنْكَ فيه مَواخر 
لتبتغوا من فضله وَلعَلَكُمْ تشكرون»77) 
قال تعالى في سورة الجائية:7 اللَّهُ الذي سخر لَكُمْ البَخرَ لتخري الفلك فيه بِأَمْرِه ولتبتفوا 
من فضله وَلَعَلَكُمْ تشكرون)81) 
من خلال ما سبق من آيات نشاهد ونلاحظ ما يلي: 


1) سورة البقرة: آية / 164 
2 سورة النحل: آية / 14 
3) سورة البقرة: آية / 164 
4) سورة النحل: آية / 14 
5) سورة الإسراء: آية / 66 
6) سورة الروم: آية / 46 
)سور فاطو يذ 12 
8) سورة الجائثية: آية // 12 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 





24 


أن الله عبر عن معنى التجارة في البحر بلفظ (لتَبْتَغْوا من فَضله4 وفضل الله ونعمه كثيرة 
ومن ضمنها التجارة؛ وفسر السواد الأعظم من المفسرين أن الابتغاء من فضل الله هو 
التجارة مع ذكرها لأمور أخرى مع التجارة» واعتمدوا شاهدا من القرآن قوله تعالى: (ليْسَ 
عَلَيْكُمْ جاح أن تَبْتغوا فضلاً من ربكم)!!) وعليه فهذه الآيات الست جاء فيها ذكر التجارة 
وو الم 
ولما جاء ذكر التجارة في الآيات عقب الحديث عن الملح واللحم الطري والحلية؛ وذكر 
وسائل النقل التي تتم بواسطتها هذه التجارة» وكأن القرآن يقول لنا أن هذه النعم المستخرجة 
مق انحن فزع مق :قتمق,السلع «المتا جر هه والمى بيك الثائن بها عن,طزايق «التجانة بها ويننا 
تدر من أرباح طائلة وخير عميم. فمثلاً تجارة اللؤلؤ والمرجان وكذلك ما يستخرج من معادن 
وأملاح وبترول وغيرها من البحارء كالأسماك بأنواعها وكمياتها الضخمة كل هذه الشروات 
التي تدخل في مجال التجارة في البحر لا مجال للتوسع فيها هنا فقد أفردت لها مباحث 

وتالر هم من النقنابة التوجوة في'المكنن بين الآيات: إلا أن لكل آية خضوصسياتها من 
سياقها داخل السورة؛ ومن لفظها ومعناها يتضح ما بينها من اختلاف ليجعل كل آية قائمة 
بذاتها في لفظها ومعناهاء فنجد ذكر التجارة في آية البقرة جاء من خلال مجموع المنافع 
(والفلك التي تجري في الْبَحرٍ بما ينف الناس» وفي آية النحل استعرضت الآية بشئ من 
التفضيل ما أجل في آية البقزة مخ مدافع البخر» حيث ذكر الحم الفلسريئ والحلة والفلك 
مواخر والتجارة» وكذلك في سورة فاطر ذكر المنافع نفسها . 

ونجده في الإسراء والجاثية تحدث عن تسخير البحر بجريان الفلك فيه بدون ذكر 
اللحرو الحلية: 

وذكر في الإسراء والجاثية والروم سير الفلك بالجري و الإزجاء وهو أقل قوةة من 
المخر في النحل وفاطر فهي هنا تشق البحر شقا بمقدمهاء فتحدث صوتاً . 

ونجد العلاقة السببية بين الرياح والسفن في جريانها فوق سطح الماء ثم قال: 
(لتخري الفلك فيه بأُمْره) أي بأمر التوكذلك في شنووة الحافة:: 


(1) سورة البقرة آية / 198 

(2) انظر تفاسير الأتمة / الطبري 14 / 89 » ابن الجوزي 4 / 435 » الرازي 20 / 7 » أبو حيان 5 / 
6 . التحرير والتنوير 14 / 120 » الزمخشري 2 / 598 » القرطبي 2 / 194 » ابن العربي 3 / 
8 » أبو السعود 3 / 253 » السمرقندي 3 / 15 » الشنقيطي 3 / 208 » ابن عطية 2 / 35 » 
القاسمي 2 / 15 ابن جزي الكلبي 1 / 66 . 





25 


ونجد الآيات في النحل والروم وفاطر والجاثية تختم بقوله (ولَعَلَكمْ تشكرون» وهذا 
خض يناسي ركام" التعمئة والفضل! ل ملز الشكر هذاه وله كان الحنيت فين الكرة على يل 
الاستدلال على قدرة ووحدانية الله ثم الامتنان بما خلق قال:( لآيّاتَ لوم يَعْقلونَ» ولكن 
سورة الإسراء جاءت للامتنان والتذكير بفضل الله الرحيم فقال:( إِنَهُ كَان بكم رَحيمًا» 
فالآيات التي تليها تتحدث عن مخاطر البحر وإن التجارة منه لا يملكها إلا الله (وإِذَا مَسَكُم 
الضلٌ في البَخر ضل من تَدْعُون إلا إِيَاه فلَمَا نَجَاكم إلى الْبَرَّ أَعْرَضْكمْ وكان الإنسان 
كَفور»1) 

ثانيا: الزراعة 


"الزراعة من أهم الأنشطة التي يمارسها الإنسان وتمدنا تقريباً بكل ما نحتاجه من غذاءء 
بالإنشياقة: إلى 'توقرن مسنط مانن مر الساء :و المارى» و لهنن هذ( فكيبب بل فرش لما المنواد 
الضرورية لبعض الصناعات الأساسية مثل الدهانات والمواد الطبية ( والصناعات الغذائية ) 
يقولون لول الززاعة هااقامت الحياة البشوية غك الأركن تشكلها المعروق لنا'الآن :"2 

وقد كرّم الله الزراع والزراعة بذكرهم في كتابه العزيز في أكثر من موضع فأهل الزراعة 
قم أجل 'الحظدار اك «وديفها وحمت الترزاعة وجيت شعا نتحصر | وهر 
والقرآن ينبه الإنسان إلى أن ما يقوم به من زرع إنما هو في الحقيقة فعل الله وما الزارع إلا 
مهيئا وباذراً للبذرة لا أكثر أما النبات وخروجه وشق الأرض وإخضرارها فهو من الله . 
قال تعالى: (أَفْرأَيتَمْ مَا تَحْرثُون(63)أأَنتم تَررَعُونَه أَمْ تحن الزّارغون وتدعو الآيتان 
الكريمتان الزرّاع أن ينظروا إلى الزرع الذي ينبت بين أيديهم وينمو ويؤتي ثماره ... ما 
دورهم فيه ؟ إنهم يحرثون ويلقون الحب والبذور التي صنعها الله فمن منا صنع الحب 
والبذور؟ وبمجرد الإلقاء في الأرض ينتهي دور الزراع وتأخذ القدرة الإلهية في عملها 
المعجز الخارق العجيب فليسوا إلا مهيئين الأرض للبذر وإلقاء البذر فيها مجدديها بالحرث 
على سبيل الاستمرار . فهم لا ينبتون!4) 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: 5 " لا يقولن أحدكم زرعت وليقل غرست 


0 


(1) سورة الإسراء: آية / 67 

(2) عالم النبات في القرآن الكريم» عبد المنعم فهيم الهادي و دنيا محسن بركة ص 13  .‏ ط1 .- 
القاهرة »دار الفكر العربي - 1990 م . 

(3) سورة الواقعة: آية / 63 - 64 

(4) في ظلال القرآن / سيد قطب 7/ 703 » وانظر نظم الدرر / للبقاعي 7 / 417 . 





26 


قال محمد (ابن سيرين) قال أبو هريرة: قال تعالى: (أأَنتم تزرّغونة م نحن 
الرّارغون» )١(‏ 

ويذكر القرآن الدور الإلهي في عملية الإنبات في قوله تعالى: (فلينظر الإنسَان إلى 
طعامه مه(24)أنا صبَبنا الما صبًا(25)ثْمٌ شقَقَنَا الأرض 0 فيها حَبّا(27)وعنبَا 

قَضبًا(28)ورَيْتونا وتخلا(29)وَحَدَائق غلبا (30)و قاكهة وأيّ 26 

هكد تدز الكاة نك السماء هذا تكلا ارهن الروالفة نشت الأدادة للق 
الحياة الكامنة فيها فتنطلق في اتجاهين الجذر للأسفل والمجموع الخضري للأعلى ولكنه 
ضعيف لا يقوى على شق الأرض فيشقها الخالق لتخرج هذه الأوراق الضعيفة ثم تكبر لتكون 
النوع الذي أراد الله لها أن تكون مما ذكر في الآيات من طعام للإنسان أو حتى للأنعام. ) 
فقال تعالى: 7 أُوَلَمْ يَرَوا أنَا سوق الْمَاءَ إلى الأرض الْجُرز فنخرج به زَرْعًا تأكل مثنة 
أَنَعَامُهُمْ وَأَنَفسُهُمْ أفلا يُبْصرون»1) وقال تعالى: (أَمَّنْ خلق السدوات والأرض وأنزل لكم من 
ل تنبتوا شجرَها أده مَعَ اللّه بل لهُم 
قوم يَعْدلونَ574) 


(1) تاريخ جرجان / حمزة بن يوسف الجرجاني ت 428ه ؛ تحقيق أحمد عبد المعيد خان ص 411 . - 
ط3  .‏ الناشر بيروت ٠‏ عالم الكتب 1981 م ء والمعجم الأوسط للطبراني ت 360 ه ؛تحقيق طارق 
محمد وعبد المحسن الحسيني ص8 / 80 ورقم 8024  .‏ دون طبعة. القاهرة » الناشر دار الحرمين 
» مسند البزار/ لأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ت 92 ه ؛ تحقيق محفوظ الرحمن زين الله . - 
ط .1‏ مؤسسة علوم القرآن ومكتبة العلوم والحكم بيروت والمدينة المنورة 1409 ه » وذكره الهيثمي 
في مجمع الزوائد 4 / 120 وقال فيه مسلم بن أبي مسلم الجرمي ولم أجد له ترجمة وبقية رجاله ثقات 
قلت لكن ترجم له ابن حبان في الثقات وذكره ابن حجر في لسان الميزان وكذلك الرازي في الجرح 
والتعديل . والرجل قد انتفى عنه علة الجهالة بذكره عند أهل الاختصاص وبناء على ما سبق فإن الحديث 
حسن . 

(2) سورة عبس: آية / 24 - 31 

(3) انظر تفسير ابن كثير 4 / 473 » والتحرير والتنوير / ابن عاشور بتلخيص 30 / 130 - 133 » 
وتفسير الرازي 13 - 95 ء وفي ظلال القرآن / سيد قطب 3 / 313 . 

(4) سورة السجدة: آية / 27 

(5) سورة النمل: آية / 60 





27 


فهو سبحانه الذي يحيي الأرض بعد موتها بإنزال الماء من السماء عليها حتى تصبح حدائق 
وبساتين تسر الناظرين وتبهج نفوسهم . 

وحتى نبين مدى الأهمية الاقتصادية فقد أشار القرآن إلى شتى أنواع المزروعات وكلها ذات 
أهمية في حياة الإنسان فمثلاً الحبوب مثل مثل: القمح والشعير والأرز والفول والعدس وغيرها 
نجد قار تلت عن السنبلة والحب فقال: الم نت سَبْعَ ستابل في كل سنبَُّة مانة 
حبَّة6!') وقال تعالى:7 إِنّ اللّه قَالق الْحَبْ وَالتَوَى6©) 

شلك را .ولك كو لون فون سمو اد اله ماق كت لطت ار الح عون بسار 
الأنواع والنوى هو الشيء الموجود في داخل الثمرة مثل: نوى الخوخ والتمر وغيرهما.'() 
وأشار القرآن إلى أهمية الحَبّ في حياة الناس في قصة سيدنا يوسف |5 عندما فسر 
حلم الملك وأسدى لهم الحل لمشكلة الجفاف وقلة المحصول فقال لهم:( قال تزرَعغون سَبْعَ 
سنين دَأَبَا فَمَا حَصَدتم فَذَرُوَهُ في سنتبُله إلا قليلاً مما تأكلون12) وباقي القصة معلوم فهذه 
مشكلة اقتصادية تواجه ملك مصر يضع لها القرآن حلا بالزراعة لمدة سبع سنين بخزن 
إنتاجها إلا القليل مما يأكلونه ويترك الحب بلا درس في سنبله . ومن هذا المخزون 
يستهلكون سنوات القحط والجدب . وهذا إشارة إلى أهمية ل ا 00 
ويذكر القرآن الخضروات// والفاكهة©) 0 فاذع لنا ربّك يُخرج | لنا مما ت 0 
من بَقلها وقنَائهَا وفومها وَعَدَسها وبَصلها7!6) (وَأنبتنَا عليْهِ شّجرَة من يلين “)فقد ذكر 
بعض من الخضروات مثل: القثاء وهو شبيه بالخيار والثوم والبصل واليقطين وهو من 
فصيلة القرعيات التي متها البطيخ والشمام و التوع برعي الأبيض والأصفر وهكذا . 

وكذلك الفاكهة قال تعالى:7 وعنبًا وقَضبًا(28)وَرَيْتونَا و تخلا(29)و حدائق َلبًا[30)و فاكحهة 
َأبَّاُ فذكر الفاكهة عامة والعنب والنخل وقال: (ومن التخل من طَلَعها قنوان ذانيَةٌ وجنات 


(1) سورة البقرة: آية / 261 

(2) سورة الأنعام: آية / 95 

(3) تفسير الرازي 13 / 95 

ا آية | 47 

(5) انظر كتاب نظرات في الكون والقرآن / مهندس عبدالهادي ناصر ص 372 / 373 . - ط1 . - 
القاهرة»المكتبة الأكاديمية . 

(6) نفس المصدر ص 374 / 375 . 

(7) سورة البقرة: آية / 61 

(8) سورة الصافات: آية / 146 





28 


من أَعَتَاب وَالزيتُون والرّمَانَ)!') وقال:7 وَهُو الذي أنشاً جنات 00 وَغيْرَ مَعْرُوشّات 
وَالنّخلَ والرترع مُختَلقا أنه وَالريْتُونَ وَالرْمّانَ مُتَشَابِها وَغَيْرَ مُتشّابه26 

ويقول الرازي:" اعلم إنه تعالى ذكر هنا أربعة أنواع من 0 النخل والعنغب 
والزيتون والرمان» وإنما قدم الزرع على الشجر لأن الزرع غذاءء وثمار الأشجار فواكه. 
والغذاء مقدم على الفاكهة وإنما قدم النخل على سائر الفواكه لأن التمر يجري مجرى الغذاء 
بالنسبة إلى العرب ... وإنما ذكر العنب عقب النخل لأن العنب أشرف أنواع الفواكه وذههب 
الرازي يفصل فوائد كل نوع من هذه الفواكه واستعمالاتها الغذائية والعلاجية فمن أراد المزيد 
يرجع إلى التفسير فهناك بغيته .[6) 

' (جنات مَعْرُوشات» أي بساتين ممسوكات مرفوعات (وَعَيْرَ مَعْرُوشَات» غير 
مرفوعات وقال ابن عباس " معروشات ماانبسط على الأرض مما يعرش مثل الكروم 
والزروع والبطيخ وغير معروشات على ساقه النخل وسائر الأشجار."27) 
وكذلك يذكر من ضمن الزرع وله أهمية اقتصادية ألا وهو الشجر الذي يؤخذ منه الخشب 
والحطب والنار والآثاث وغير ذلك من المنافع . 

" والشجر أكبر النباتات حجماً وقد يفوق ارتفاع بعضها مبنى مكون من ثلاثين طابقا 
وتستمر الأشجار في النمو طوال حياتها والشجرة هي أكبر الأحياء المعروفة عمراً 'حيث 
يعمر بعض الأشجار إلى آلاف السنين و يوجد ما يقرب من عشرين ألف نوع من الأشجار 
تتفاوت بين أشجار الغابات القوية وأشجار الزينة الهشة."57) 

' وتمد الأشجار الناس بالغذاء والألياف والعقاقير وأهم من ذلك كله إنها تمدهم 
بالأخشاب واستخدم الإنسان ما قبل التاريخ الخشب لتصنيع أول رمح وأول قارب وأول عجلة 
... كما تشمل منتجات الأشجار الفحم النباتي والفلين»ء والصموغء والمطاطء وغيرها ء ولا 
ينظر الناس إلى الأشجار كما ينظرون إلى بقية النباتات التي ينمو بعضها لفترة قصيرة ثم 
تموت بل ينظرون إليها بوصفها معالم ثابتة في المناظر الطبيعية ... واهتمت كل دول العالم 
بالأشجار وزراعتها وتنص قوانين بعض الدول على تحريم قطع الأشجار."©) 


1) سورة الأنعام: آية / 99 

2 سورة الأنعام: آية / 141 

3 انظر تفسير الرازي 13 / 115 . 

4) تفسير القرطبي 7 / 98 . 

5) عالم النبات في القرآن ص 105 ٠‏ الموسوعة العربية العالمية 5 / 14 
6) نفس المصدر السابق ص 106 . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





29 


وعني القرآن بذكر الشجرة عناية فائقة وأبرز ما فيها من منافع فذكر من هذه المنافع النار 
حيث يوقد الإنسان من هذه الأشجار نارأ ويستخدمها في استخدامات شتى قال تعالى:7 الذي 
جَعل لكُمْ من الشجر الأخضر تار فَإِدَا أَنَثَمْ من ثوقئون)7) 


وقال تعالى: (أَفَرََيتُمُ انار التي تُورٌون(71) نتم أنشأَئُمْ شجرتَهَا أَم نحن المُتشئون)1 
وقال تعالى: (ولو أَنَمَا في الأرْض من شجرة أََلامٌ»6© 
وهذا مما يوحى للإنسان باستخدام وصناعة 0 الشجر أدوات يُنتفع بها كالأقلام »ونجد أن 
الله ينبه على استخدام الشجر والخشب في صناعة الفلك فيذكر الألواح التي صنع منها سيدنا 
نوح سفينته (وَحَمَلنَاهُ عَلَى ذَات ألواح وَدُسئر)) أي على سفينة مصنوعة من الألواح 
الخشبية التي قد شدت ألواحها بالمسامير'الدسر."(5) 
وقد بين الله سبحانه وتعالى أن من هذه الأشجار كان يستخدم قطع وألواح يكتب عليها قال 
تعالى: (وكتبتَا لَهُ في الأنواح من كل شيء مَؤعظة 0 
ارم سوحن ضري ابر اكه الكل زو لبون ا 
ولا يخفى على جاهل أو عالم ما للشجر من أهمية واستخدام في حياة البشرية مما يعطيه 
أهمية اقتصادية في حياتنا وبعد هذا الشيء من الاختصار من خلال التمثيل للآيات المشتملة 
على الزراعة ومكانتها في حياة الإنسان نجد الهدف من ذكرها والإكثار من الآيات الواصفة 
للزرع:والإنبات »والحرث »والحصاد »وغير ذلك مما هو منثور بين آيات وسور القرآن 
الكريم. 

ثالثا: الثروة السمكية 


'ايعثبن صيذ الأسماك :من أقدم الحرف» :وتمارسها الشعوب المتقدمة تجازيا» والبدائية 
عاك حل عه :بدو ان :د 


(1) سورة يس: آية / 80 
(2) سورة الواقعة: آية 71 72 

(3) سورة لقمان: آية 27 

(4) سورة القمر: آية / 13 

(5) انظر تفسير القرطبي 132/17 » التحرير والتنوير / ابن عاشور 27 / 184 . 
(6) سورة الأعراف: آية 145 

(7) لسان العرب / ابن منظور 2 / 584 . 





30 


ويقتصر الصيد المعاشي على المياه العذبة والمالحة القريبة من السواحل التي يقطنها الإنسان 
وتتميز معداته بأنها بدائية» وإنتاجه للإستهلاك الذاتي أو المحلي» ويتركز معظم صيادي 
الصيد المعاشي في بلاد الشرق ويقدر إنتاجه بثلث الإنتاج التجاري أي 23 مليون طن. 
أما الصيد التجاري فهو أعقد من المعاشي التقليدي وهو عمل منظم » وقد يكون موس ميا 
بسبب هجرة الأسماك ويأتي إنتاجه من بلاد بعيدة حيث أعالي البحارء وتطبق فيه الأساليب 
العلمية والتقنية الحديثة» ويعضد هذا النمط التجارة على نطاق واسع سواء داخلية أو خارجية 
مع الإختلاف بين منطقة وأخرى (1) 

وتمثل الأسماك مصدراً هاما للبروتين الحيواني وهي أنواع منها ما يعيش بالقرب من 
سطح الماء مثل الرنجة والسردين والاسقمبري والتونة والسالمون والراي والجمبري والحوت 
وغيرها . 
ومنها ما يعيش في أعماق المياه مثل البقلة والبكلاه والهادوك وغيرها وهذا على سبيل 
المثال(2) 
"أورد القرآن العظيم ذكر الأسماك على اختلاف ألوانها وأنواعها وأشكالها وأحجامها باسم 
الحم الطري)» وقد جاء بهذه العبارة مرتين 00 فق جور التكل القولة جئل وعلسي: 
وَهوَ الذي كر البَخر 2 مه لَحما طَريًا4 والثانية في سورة فاطر قال تعالى: (وّمن 
كل تأكلون لَحما طريًا)1") ” وذكر الله الحوت في سورة الكهف في قصة موسى وفتاه 
(قَلَمّا بلَعَا مَجْمَعَ بَينَهِمَا نسيَا حُوتَهُمَا فَانَحَدَ سبل في الْبَخر سربًا(61فَلَمَا جاورا قَالَ لقنَاه 
آتنا غَدَاءَنَا لَقَدْ قينا من سسفرنا هذا تصبًا6) 
وكان هذا الحوت سمكة في مكتلهم » قد اتخذوه طعام غذاء لهم فجعله الله آية بعد أن كان 
ناصيها جافز ١‏ للذكل اسل الن النكن تنيت فيد لديا" قال القرطبي: قال ابن عباس كان 
حوتاً مملحا في زَنبيل وكان يضيبان منه غذاء وعشاء فلمآ انثهيا إلي الصخرة على ساحل 


(1) الجغرافيا الإقتصادية / محمد محمود الديب » ص 344  .‏ ط1  .‏ مكتبة الأنجلوا المصرية » 
القاهرة » 1981 م » وانظر الجغرافيا الإقتصادية / محمد رياض وكوثر عبد الرسول ص 112- 113 . 

(2) الجغرافيا الإقتصادية / محمد محمود الديب » ص 324 . 

(3) سورة النحل: آية / 14 

(4) سورة فاطر: آية / 12 

(5) عالم الحيوان بين العلم والقرآن / محمد محمود عبد الله ص 33 . 

(6) سورة الكهف: الآية / 61 - 62 





31 


البحر وضع فتاه المكتل فأصاب الحوت جرى البحر فتحرك الحوت في المكتل فقلب المكتل 
وانشيرات الدوت :ا 

ومن خلال هذا الشاهد يتبين مشروعية اتخاذ الأسماك غذاءً طيباً وكذلك في قوله 
تعالى: 0 وهو الذي سا سخر البَخرَ لتأكلوا منهُ لما طَريًا» 'يقول الرازي واعلم أن في ذكر 
الطري مزيد فائدة وذلك لأنه لو كان السمك كله مالحاً لما عرف به من قدرة الله تعالى ما 
يعرف بالطري فإنه لما خرج من البحر الملح الزعاق الحيوان الذي لحمه في غاية العذوبة: 
علم أنه إنما حدث لا بحسب الطبيعة بل بقدرة الله وحكمته حيث أظهر الضد من الضد."(©) 
' (لخمًا طريًا4 فجمع أصناف السمك بذكر واحد فكان صغاره ككباره في الجمع بينهما '(0) 
قال تعالى:( وما يَسْتَوِي الْبَخرَان هذا عَذْبْ قات سائغ شرابُهُ وَهذَا ملخ أجَاج ومن ككل 
تأكلون لَحما طَريًا وَتَستَخْرجُون حليّة تلبَسسُونهَا وتَرَى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله 
ولَعَلَكُمْ تشكرون»4) 

في الآية السابقة كان الحديث عن البحر الملح وما فيه من أسماك ولكن في هذه الآية 
فقد بينت أن الحديث عن البحر الملح والعذب والمقصود بالعذب الأنهار حيث قال:( هَذا 
عدب فرات سائغ شرابُه هذا ملح أَجَاج» 5 وفي كل من هذين البحرين المتناقضين في الطعم 
والطبيعة والحجم لكل أسماكه وأنواعه المختصة به ولكل طعمه المميز له ويجمع بينهم 
القرآن بلفظ (ومن كل تأْكلُونَ لَحْمًا طَرِيًا ) وحث القرآن الإنسان على الانتفاع بما في البحر 
من ثروة سمكية من خلال حليّة صيد هذه الحيوانات حيث قال:( أحل لَكِم صَيْدُ البَخر 
وَطَعَامُةُ مَتَاعًا لكمْ وللسيّارَة)71) 

ولعل الآية تفرق بين اللحم الطري الذي هو صيد البحر وبين طعامه ففي هذه الكلمة 
إشارة إعجازية لتنبيه الإنسان لما في البحر من خيرات تصلح أن تكون طعاماً يستخدمه 
الناس اليوم بعد مئات السنين كالطحالب وأعشاب البحر بديلاً عن أطعمة البر تشكل مخزوناً 
غذائياً يتجه إليه العالم اليوم وفي مستقبلهم؛ ' وهناك شعويا تعتمد اعتماداً أساسياً على البحر 
كاليابان مثلاً ليس فقط على أسماكه وصيده ولكن تعتمد وبصفة رئيسية على نباتات البحر 
إعمالاً لقوله تعالى:( أحل لَكَمْ صَيْدْ البَخر وَطَعَامُه مَنَاعَا لَكُمْ وللسيّارَة) "6) 


1) انظر تفسير القرطبي 11 / 13 - 14 . 
2) تفسير الرازي 20 / 50 - 60 . 
3) تفسير القرطبي 10 / 86 . 
4) سورة فاطر: آية // 12 
5) سورة المائدة: آية / 96 
( 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) نظرات في الكون والقرآن / عبد الهادي ناصر ص 322 . 





32 


وكما كان الحديث السابق عن أسماك البحار المالحة» فإن الأنهار والبحيرات كانت 
ذائناً مضدر | من مصياس'الغذاء الأساسية منذ القدم توما زالت, أبيماك التياة العذية تكون جانيا 
هاما في إنتاج الأسماك العالمية» حتى إن بعض الدول اتجهت للدراسات الواسعة في مجال 
زراعة الأسماك وتربيتها في بحيرات صناعية يتم مراقبة نموها وتوفير غذائها على أساس 
من الأساليب العلمية كي تنتج أكبر قدر من الإنتاج الذي جعل هذه البحيرات من المصادر 
المهمة اقتصادياً بعد انتشارها في كثير من دول العالم. (!) 


رابعاً: الثروة الحيوانية 


إن رعي الماشية والحيوانات الأليفة مهنة قديمة هدى الله الإنسان إليهاء وكاندت من 
المهن التي تحقق للإنسان مورداً رئيساً للغذاء بعد مهنة الصيد؛ حيث استئنس الإنسان 
الحيوانات» وأخذ يربيها ويقوم على رعايتها . 
يسود الرعي التقليدي المتنقل في الأقاليم الفقيرة في أعشابهاء وحيث يصعب قيام الزراعة؛ 
إما لنقص الأمطار أو قصر فصل النمو بسبب شدة البرودة أو لوعورة السطح وشدة 
الإنحدار» أو لضعف خصوبة التربة ومن هنا تسود حرفة الرعي المتنقل» ومن أهم الأقاليم: 
المناطق المدارية في أفريقيا بالإضافة إلى بعض المناطق الجبلية في أوروبا ووسط آسيا 
والمتاظف الستكن ارم 
قال تعالى: (واللّهُ خلق كل دَابّة من مّاء 16 وقال تعالى:( ومن آيّاته خَلق السّمَّوَات 
والأرض وما بَثْ فيهما من دابّة16© 

وقال أيضاً (وَأَنَزَلنَا من السّمَاء مَاءَ طَهُورَا(48)لنحيي به بده مَيْنَا ونسنقية مما خَلَقَنَا 

أَنَعَامًا وأناسيّ كيرا »!4) 

لقد ساق القرآن لنا آيات كثيرة تتحدث عن عالم الحيوان» من مادة خلقه إلى فوائده 
وكتاففة ومن كدر ع3 الكيوادات إلن استهيها : عدذنا ذكن اليعوضمة والنباية و لحتل 3ك 
الفيل والحيتان والذي يهمنا من عالم الحيوان في القرآن في هذا المطلب هو الثروة الحيوانية 


)2 سورة النور: آية / 45 
(3) سورة الشورى: آية / 29 
) 


سورة الفرقان: آية / 48 - 49 


3 
4 


اسل .ل سمل ل سم لس 





33 


وأهمية هذه الثروة اقتصادياً في حياة البشرية وسوف نختار على سبيل المثال لا الحصر 
بعض الآيات التي تحدثت عن الأنعام ومنافعها للإنسان . 

ولقد من الله سبحانه وتعالى علينا بأن خلق لنا من الأنعام أزواجاً ثمانية فقال تعالى: 
(وأَنَزل لكمْ من الأنعام تَمَانيَة أزنواج»!') هذه الثمانية 0 زاك القن ذكريها نينا جحيلة رفحي 


آية المائدة حيث قال:( أحلّت لكم بَهِيمَةٌ الأنعام »© : فصل وبين نوع هذه الأنعام في سورة 
الأنعام (ثمانية أزواج من الضّأن اثنَيْن ومن المَغز انين ... ومن الإبل اثنَيْن ومن البَقَرِ 
اتتين 006 


فقد حدد نوع هذه الأنعام في هاتين الآيتين وهي الضأن أي الغنم» والماعزء والإابل» 
والبقر فذكر هذه الأصناف الأربعة بأزواجها ذكورا وإناثاء وإذا تحدثنا عن فوائد هذه الأنعام 
كثروة حيوانية تشكل السواد الأعظم في التربية الحيوانية وإنتاج اللحوم كجانب اقتصادي في 
عالمنا اليوم قال تعالى: (ومن الأنْعام حَمُولَةَ فرشا كلوا مما رَرَقكمُ الله وذكر الله لحوم 
الأنعام في معرض حديثه عن الهدي والأضحية عندما قال: (وَالْبْدنَ جِعلَنَاهَا لكمْ من شعائر 
اللّه لم فيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسم اللّه عَلَيْهَا صواف فإِذَا وَجَبَت جنوبُهَا فكلوا منْهَا وَأَطعمُوا 
القانع وَالمُعْترَ كلك سخرناها لكم لَعلكمٌ تشكرون(36)لن ينال اللة لحُومُهَا ولا دمَاوْهَا ولكن 
يتاله التقوى منكم)57) 
والبدن واحدتها بدنة وهي تطلق على الإبل خاصة دون البقر فقد فرق الرسول يله في قوله: 
تعن أبي فْريْرَةَ رضي الله عَنَهُ أن رسول اللّه صلّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَمَ قال مَنْ اغْتَسَل يوم 
الْجْمّعَة غمل الْجِتابّة ثم راح فَكأَنَمَا قرب بَدَنَةَ ومن راح في الساعة الثَانية فََأَنَمَا قَرَب 
بَقَرة... 5 6) 


(1) سورة الزمر: آية / 6 

(2) سورة المائدة: آية / 1 

(3) سورة الأنعام : الآية // 143 - 144 

(4) سورة الأنعام: آية / 142 

5) سورة الحج: آية / 36 -37 

6) أخرجه البخاري كتاب الجمعة باب فضل الجمعة 1 / 301 رقم 881 ومسلم كتاب الجمعة باب الطيب 
والسواك 2 / 582 رقم 850 » أبو داود كتاب الطهارة باب الغسل يوم الجمعة 1 / 96 رقم 351 » 
والترمذي كتاب الجمعة باب ما جاء في التبكير إلى الجمعة 2 / 372 رقم 499 والنسائي كتاب الجمعة 
باب وقت الجمعة 3/ 39 رقم 1388 + وأحمد 2 / 460+ صحيح ابن حبان 13/7 + مننند للشافعي 1 
/ 62 » مالك 1 / 101 » أبو يعلى 11 / 355 . 


) 
) 





34 


وهذا في حديته عن تواب مَنْ بَكُرَ لصلاة الجمعة (صّوّاف» أي قد صفت قوائمها 
والإبل تنحر وقوفاً وقد عقلت يدها فيكون قائما على ثلاث ومعنى «فإذا وَجِبَت جُنوبُها» 
سقطت بعد نحرها وقوله (فَكلُوا منهَا4 أمر معناه الندب وكل العلماء يستحب أن يأكل 
الإنسان من هديه (وَأَطعمُوا» أمر إباحة و «القانع» السائل وهو من معنى القناعة وهي 
الرضا والتعفف وترك المسألة وأما (وَالمُغْتر4 فهو الذي يُطيف بك يطلب ما عندك سالا 
كان أم ساكتاً قال مالك: أحسن ما سمعت أن القانع الفقير والمعتر الزائر(!) 
ولقد جمع الله منافع جمة في الأنعام فقال في ذلك: (والأنعَام خَلَقَهَا لكم فيهًا دفءْ وَمَتافغ 
ومنها تأكلون(5 كوكم فيها جَمَال حين تريكون وحين تستْرخون(6 6)وتحمل أَنْقَالكم إلئ بلد لم 
تكونوا بالغيه إلا بث ا إن ربكم لرَعُوف رحيم( 7)والخيل وَالبغال والحمير لتَركَبُوهَا 
وزينة ويَخلق ما لا تَعَمُونَ)2) 

بدأ الحديث في الآية عن أمر هام ومنفعة يشعر بها البشر عامة لحاجتهم إليها في أيام 
البَزد.والضقيع.وأكثن" النائن .استشعارا يتلك الذين يعيكون في الضهناء» أوفي بللاد 
الإسكيمو حيث الحاجة إلى الدفءء وذلك بأصواف وأوبار وفراء الحيوانات» فمنها الملاببس 
التي تدفئ الأجسادء والجلود التي تستخدم في استعمالات شتى حتى إن الإنسان 0 : 
صناعة البيوت حيث عبر القرآن عن ذلك (وَجِعَل لكمْ من جلود الأنعام بُيُونَا تَستخفوتها يَوم 
ظَعْنَكم ويوم إقَامتكم ومن أصوافها وأوبَارها وَأَشعَارها أَنَانَا وَمَتَاعَا إلئ حين 01 

'يذكر الله تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده بما جعل لهم من البيوت التي هي سكن 
يأوون إليهاء ويستترون بها وينتفعون بها بسائر وجوه الانتفاع؛ وجعل لهم أيضاً من جلود 
0 بيوتا يستخفون حملها في أسفارهم ليضربوها عند إقامتهم في السفر والحضر ولهذا 
قال: (تسستخفونها يَوم م ظَعْنَكم ويوم إقَامتكم» (ومن أصوافها» أي الغنم «أُوَبَارِهَا» أي الإيل 
(أشعارها» 4 أي الماعز والضمير عائد على الأنعام (أَثَانَا4 أي تتخذون منه أثاثاً وهو المال 
وقيل المتاع وقيل الثياب» والصحيح أعم من هذا كله فإنه يتخذ من الأناث البسط والثياب 
وغير ذلك ويتخذ مالا وتجارة وقوله (إلى حين » أي إلى أجل مسمى ووقت معلوم."47) 

وبعد الحذيث عن منفعة الأكل واللخوم والحدذيث عن الصوف والندف» والملابس 
والبيوت تأتي منفعة أخرىء استخدامها في السفر وحمل المتاع قال الله تعالى:7 والخيْل 


1) انظر تفسير القرطبي 12 / 60 - 65 . 
2) سورة النحل: آية / 5 8 

3) سورة النحل: آية / 80 

3 


) 
) 
) 
(4) تفسير ابن كثير 2 / 581 





35 


وَالبعَال وَالْحمير لتركبُوها وزيتة ويَخلق ما لا تَعلَمُونَ)!!) وهي استخدام الأنعام في السفر 
عليها . 
وقال تعالى: (وإنَ لكمْ في الأنعام لَعبْرَة نسقيكم مما في بُطونها ولك فيها مَتافغ كثيرة 
ومنها تأكلون(21)وَعََيهَا وَعَلَى الفلك تحملُون )01 
قال 0 ( وتحمل أَتْقَالكم إِلَى بد لَمْ تكونوا بَالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرَءُوف 
رحيم )01 ومن خلال هذه الآيات تظهر جلية منفعة كرت وحمل الأثقال والسفر على هذه 
الأنعاع مق يلد لم يكن الإنتنان بالتكذاعتة أن ييلغها ريسك إليها يدون :استقدام. هذه الاسام 
حتى في زمننا هذا حيث الأماكن الوعرة التي لا تستطيع وسائل المواصلات الوصول إليها 
لكونها بكرا غير معبدة . 
' قال ابن عباس: (لَمْ تكونوا بَالغيه إلا بشق الأنفس» يريد مكة إلى المدينة أو إلى 

ليق 1 إلى إأشاد أن إلى مضيس قال الو احدى :هذ قوله.و لمر لك كياد اواكافت رإوعة علي 
غير إيل لشق عليكم وخص ابن عباس هذه البلاد لأن متاجر أهل مكة كانت إلى هذه البلاد 
4 

" وقال ابن كثير:" إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وذك في الحج والعمرة 
والغزو والتجارة وما جرى مجرى ذلك لتستعملوها في أنواع الاستعمال من ركوب 
وتكيل 1 

ولو نظرنا لما سيق من المنافع لوجدناها متافع ماذية بحسية ولكن.جعل الله لنا في هذه 
الأنعام منافع معنوية أخرى وخاصة عندما عبر الله عنها سبحانه وتعالى بالجمال والزينة فقال 
(ولكمْ فيها جَمَال حين تريخون وحين تَسْرَحُون» وقال تعالى:7 لتَركبُوها وزيتة ويَخلّق مَا 
نِ تَعْلمُون 64) 


(1) سورة النحل: آية / 8 

(2) سورة المؤمنون: آية / 21 - 22 
31 سووة لفحل أيه 7 

ا اتسين رو 1 
ل لح 263/21 
(6) انظر عالم الحيوان في العلم والقرآن / محمد محمود عبد الله ص64 . - ط1 . - بيروت » منشورات 
دار مكتبة الحياة 1996 





36 


واعلم أن وجه التجمل بها أن الراعي إذا روحها بالعشي وسرحها بالغداة تزينت عند تلك 
الإراحة والتسريح الأفنية وتجاوب فيها الثغاء والرغاء وفرحت أربابها وعظم وقعها عند 
الناس بسبب كونهم مالكين لها.(!) 

' وتقديم الإراحة عل التسريح لأن الجمال عند الإراحة أقوى وأبهج لأنها تقبل حينكئذ 
ملآى البطون حافلة الدروع مرحة لمسرة الشبع ومحبة الرجوع إلى منازلها من معاطن 
ومرابض. 
والإتيان بالمضارع في تريحون وتسرحون لأن ذلك من الأفعال المتكررة وفي تكررها تكرر 
التعفنة لمقافلر ا ا 

وهكذا تبين لنا أن هذه الثروة لم تقف منافعها على اللحوم فحسب بل يستفيد الإنسان 
من أصوافها وأوبارها وجلودها وألبانها وما يترتب عليها من صناعات مثل الغزل والنسيج 
والدباغة وصناعة الألبان والأجبان المختلفة الأنواع والأشكال 3 


خامسا: الحلية واللؤلؤ والمرجان 


لقد سبق أن تحدثنا في هذا المطلب عن الثروة السمكية وطعام البحر الذي سخره الله لنا وقد 
جمع بينه وبين الع عر لط ور ا الاو ا لتر 
البَحرَ لتأكلُوا منة لَحما طَرِيًا وَتَستَْرجوا مثة حلية تَبَسُوتَهَا)0) هذا في حديثه عن البحر 
المالح أما في فاطر فقد جمع بين الاثنين العذب الفرات والملح الأجاج قال:( ومن كل تأَكلُونَ 
لَحمًا طَريًا وَتَستخرجُون حليّة تَلبَمُوتهَا4! فهذه الحلية وهذه الزينة هي موضوع هذا 
0ت 2 


0 

(2) التحريز والتتؤين / ابن غاشؤر 14 /:105:. 

(3) انظر الجغرافيا الإقتصادية / محمد رياض وكوثر عبد الرسول ص 177 - 180 . 
(4) سورة النحل: آية / 14 

(5) سورة فاطر: آية / 12 





37 


والحلية: كالحلي الجمع حلي وحلي وهو كل حلية حُليت بها امرأة أو سيف ونحوه 
والجمع حلي قال تعالى:( من حَليّهِمْ عجلا جسدَا لَهُ خوارٌ)7) " © . 
' بدأ أولاً من منافع البحر بما هو أهم وهو الأكل ثم ثنى بما يتزين به وهي الحلية من اللؤلؤ 
والمرجان ونبه على غاية الحلية وهو اللبس ورغم أن فيها منافع غير اللبس كالبيع والشراء 
والربح والتجارة وقيل: إن العذب يخرج منه لؤلو لا يلبس إلا قليلاً إنما يتداوى به ويقال: إن 
في الزمرد بحرياً وقوله: 9تَلْبَمُونَهَا4 خاص بالنساء والمعنى يلبسها نساؤكم وأسند اللبس إلى 
الذكور لأن النساء إنما يتزيّن بالحلية من أجل رجالهن فكأنها زينتهم ولباسهم.'() 

'وقال القرطبي: (وتستخرجوا منة حليّة تَلبَسُونَهَا» يعني به اللؤلؤ والمرجان لقوله 
تعالى:( يَخْرٌجٌ منْهُمَا الولو وَالْمَرْجَانْ14) وإخراج الحلية إنما هي فيما عرف من الملح 
فقمل "(5) 

" ويقول العلامة: ابن عاشور (يَخْرَج منْهُمَا الولو وَالْمَرْجَانْ» إن كان المراد 
بالبحرين معروفين من البحار الملحة تكون من في قوله منهما ابتدائية لأن اللؤلؤ والمرجان 
يكوناق. من الملح وإن كان المرزاد بالبخرين البحر الملح كانتا من فى 'قولة منهما للسيبية كمنا 
في قوله تعالى:( فَمنْ تفسك7) أي يخرج اللؤلؤ والمرجان بسببهما أي بسبب مجموعهما 
أما اللؤلؤ فأجوده مكانة في مصب الفرات على الخليج العربي قال الرمّاني: لما كان الماء 
العذب كاللقاح للماء الملح في إخراج اللؤلؤ قيل: يخرج منهما كما يقال يتخلق الولد من الذكر 
و 
اللو واللم حجان من ”للخل الأفيقة القن تتكل اتزوة اقتسالية جدل الباباقين يمون مل لزع 
خاصة يربون فيها المحار الخاص لإنتاج اللؤلؤ لما فيه من ثروة وتجارة رابحة !8 . 
والآن حق لنا أن نتعرف كيف يتكون هذا اللؤلؤ والمرجان ونعرف طبيعته والبيئة التي يعيش 


(1) سورة الأعراف: آية / 148 

(2) لسان العرب / ابن منظور 14 / 194 . 

(3) انظر البحر المحيط / ابن حيان 5 / 465 » والرازي 20 / 7-6 . 

(4) سورة الرحمن: آية / 22 

(5) تفسير القرطبي 10 / 86 . 

(6) سورة النساء: آية 79 

(7) تفسير التحرير والتنوير / 27 / 250 . 

|8 قار خغرافة لجار لمعيطات / مؤان سم شرج 4303133 تاشن زور اليا اقل وا 
العلمي » بغداد » بدون سنة» بدون طبعة. 





36 


" يأخذ اللؤلؤ من حيوان من أنواع الحلزونيات ذات أصداف بأشكال متنوعة؛ فقد 
تكون طويلة أو قصيرة 0 أو مغزلية أو أسطوانية الشكلء كما يتباين 0 فقد 
تكون بيضاء أو بألوان مختلفة» وتتكون صدفة محار اللؤلؤ من مصراعينء ويعيش الحيوان 
في داخلها مغموراً في الرمل والطين» ولا يبرز منه سوى نهايته الخلفية» وهو يتحرك ببطء 
بواسطة قدم عضلية تبرز من بين مصراعي الصدفة؛ ويتغذى على الحيوانات المجهرية 
الصغيرة» وهو حيوان مقاوم للبرد» ويغطي جسم المحار صدفة بيضاوية الشكل مسطحة 
مستديرة من الجهة الأمامية مدببة قليلاً من الجهة الخلفية» حيث يرتيطظان بجسم الحيوان 
برباط مطاطيء وتتركب الصدفة في مقطعها العرضي من طبقة خارجية خشنة الملمسء» 
وطبقة وسطى منشورية وهي أسمك طبقات الصدفة وطبقة داخلية لؤلؤية تكون ملساء عاكسة 
للضوء» وتتكون من نفس المادة التي يتكون منها اللؤلؤء ويعتبر تكون اللؤلؤ عملاً دفاعياً تلجأ 
إليه أنواع المحار إذا دخلت بين الصدفة الجبة أجسام غريبة من قبل ذرات الرمل؛ أو يرقات 
بعض الديدان الطفيلية» فيصبح الجسم الغريب معزولاً داخل الجبة ضمن كيس يتكون من 
جدارهاء ثم يقوم جدار الكيس بإفراز مادة اللؤلؤ حول الجسم الغريب بشكل طبقات رقيقة 
متحدة المركز . 
وتعتبر البحار المشهورة بصيد اللؤلؤ هي الخليج العربي والبحار المحيطة بجزيرة سيريلانكا 
والهند واليابان وشمال غرب أستراليا . 

أما المرجان: يتكون المرجان في شعاب واسعة الانتشار في محيطات العالم الداففة 
من تراكم هياكل حيوان المرجان» وتتكون من كربونات الكالسيوم» إلا أن حيوان المرجان لا 
يستطيع مقاومة حركة الأمواج اليومية المتتالية» ولذلك يظهر دور العوامل المساعدة على 
إنباته ألا وهي الطحالب التي تفرز غطاء صلباً قرنفلي اللون من الجير يكسو هياكل المرجان 
الميتة فيتماسك وتتحول إلى أحجار جيرية المسامية . 
ويظهر المرجان على ألوان مختلفة فمنها الأسود والأسمر والأصفر والأزرق والأخضر 
والبرتقالي والأحمرء وتظهر على أشكال مختلفة مثل المرجان المروحي والمرجان القلمي 
وعلى هيئة قرون الغزال أو المخ أو الفطر أو الكأس وغيرها . 
ويوجد المرجان في مستعمرات بالقرب من خط الساحل في المناطق المدارية» أو مستعمرات 
أبعد عن الساحل لعدة كيلو مترات كما هو الحال في الحاجز المرجاني شمال شرق أسترالياء 


39 


أن السعاتن: المزحافكة الندلى 5 التي لادوم اله ريت البرك سان نوف لاو ني اقواق االسهتات 
والمحيطات مثل جزيرة تاهيتي .(1) 


سادسا: الملح 


الملح من المعادن :التي يكش استخد امه في مجآلات شك حت أننا كثينا ما تجسدة مؤطسوعا 
على الموائد عند تناول الطعام» فهذه المادة البيضاء العجيبة التي تدخل في معظم الأطعمة 
وتشكل نسبة كبيرة من ملوحة مياه البحار والمحيطات» هي نعمة من نعم الله التي هدى الله 
الإنسان من قديم العصور لاستخدامها والانتفاع بهاء وقبل أن ندخل إلى الآيات القرآنية 
المتحدثة عن الملح» نعرّج على تعريف الملح وتركيبه واستخداماته وأماكن وجوده وأنواعه 
ولكن باختصار شديد 
تعريف الملح: 

"هو معدن شفاف هش يتكون من عنصري الكلور والصوديم, والاسم الكيماوي له 
كلوريد الصوديم» ويرمز له بالرمز ( -1© 814) أو بالعربية (ص كل) ويتأين إلى أيون 
الصوديم (+ 3]4 ) الموجب وأيون الكلور (-1© ) السالب.'(©) 
وهذا الملح هو المعروف باسم ملح الطعام حتى أن الأطفال في بعض القبائل الإفريقية 
يمصون قضبان الملح كما يمص أطفالنا أعواد قصب السكرء وقد كان الإنسان البدائي جاهلاً 
لوجود الملح في الطبيعة حتى ذاق ماء البحرء وأول بلد اكتشف فيه الملح على ما يقال هو 
ليبيا وتعتبر الولايات المتحدة والصين أكبر الدول المنتجة للملح في العالم» ومن الدول الرائدة 
في إنتاج الملح ألمانيا وكندا والمكسيك والهند.(©) 
استخدامات الملح : 
يستخدم الملح في استخدامات عديدة نذكر بعضها: 
استخدامه في الطعام وفي الصناعات الكيميائية!4) 


(1) انظر جغرافية البحار والمحيطات / مهدي محمد علي ص 340 / 344 ٠‏ وانظر التحرير والتنوير / 
ابن عاشور 17 / 232 » وانظر التحرير والتنوير / ابن عاشور 27 / 250 

(2) الموسوعة العربية العالمية 14 / 106 ٠‏ وانظر جغرافية البحار والمحيطات ص 313 . 

(3) انظر الغذاء والدواء / صبري القباني ص 560  .‏ 15 . - بيروت »٠‏ دار العلم للملايين » 1402ه 
-1982م. 

(4) تستهلك الصناعة الكيميائية أكبر الكميات من الملح وتستخدمه بصفة رئيسية لإنتاج مواد كيميائية أخرى 
لصنع أحد مركبات الصوديم مثل الصودا الكاوية التي تستخدم بصفة أولية في صناعة الزجاج والصابون 





40 


من أين يأتي الملح ؟ 
الملح من البحر فماء البحر مالح لأن مياه الأمطار تذيب المعادن التي تحتوي على الصوديم 
والكلور في صخور التربة ثم تحمل الأنهار هذه المعادن إلى البحر . 
وطريقة تبخير مياه البحر للحصول على الملح هي من أقدم الطرق لاستخلاص هذا المعدن 
ويسمى هذا الملح ب (الملح الشمسي) . 
وهناك مناطق أخرى يتواجد فيها الملح غير البحر على هيئة صخور مترسبة في طبقة صلبة 
كثيفة تحت الأرضء ويسمى بالملح الصخري . 
وتشتهر بهذا الملح النمسا و بولندا حيث المناجم الملحية تحت الأرض 7!) 

ومن الجدير بالذكر أن أكثر بقاع الأرض ملوحة هو البحر الميت في فلسطيننا الحبيبة 
وهذا البحر الصغير الذي تبلغ مساحته ألف وأربعون كيلو متراً مربعاً وارتفاعه ثلاث مئة 
وتسعة وتسعون متراً تحت سطح البحر حيث يبلغ طوله ثمانون متراً وعرضه في أشد 
مناطقه اتساعاً ثمانية عشر كيلوا مترأً وهذه المنطقة غنية بالأملاح المعدنية منها ملح الطعام 
والبروميد وكلوريد الكالسيوم وكلوريد البوتاسيوم ©) 
والآن مع الآيات القرآنية قال تعالى:7 وَهْوَ الذي مَرَج البَخرّين هذا عدب فرات وَهَذًا ملح 
أَجَاجٌ وجعل بَيْنَهُمَا بَرْرَخَا وحجرًا مَحْجُورَا1 وقال تعالى:( وما يَسْتَوِي البَخران هذا عَذْبْ 
فرات سائغ شَرَابُهُ هذا ملخ أُجَاج46) 

" إن ماء البحر ماء ملح بأصل خلقته؛ ولا يقال له مالح لأن أهل اللغة يصفون الماء 
العذب الذي خالطه الملح بالماء المالح لأنه ليس على أصل الخلقة فإن مخالطة الملح للماء 
العذب ظاهرة في الذوق مثل الطعام المالح» وأما الأرض السبخة التي يصير بها ماء البحر 
مالحأ روعي فيها الأصل لا المجاورة: ومعني الأجاج أي المُراا 


وتشتق -مرذكبات:الكلؤز: أيضاً من الملح حيث تستخدم هذه المركبات في صناعة الورق والبلاستيك 
ومضادات الآفات وسوائل التنظيف ومضادات التجميد وهناك استخدامات أخرى مثل سقل السراميك» 
وإطعام المواشي والأدوية» وتكرير النفط» والتبريدء ومعالجة مياه الصرف الصحيء وصباغة النسيج» 
وإزالة عسر الماء. انظر الموسوعة العربية العالمية . 

(1) انظر الموسوعة العربية العالمية 24 / 106 . 

(2) انظر الموسوعة الفلسطينية 1 / 352 

(3) سورة الفرقان: آية / 53 

(4) سورة فاطر: آية / 12 

(5) 


5) انظر تفسير الرازي 26 / 11 » وتفسير القرطبي 14 / 334 » والتحرير والتنوير / ابن عاشور 22 / 
2230 





41 


ولم يذكر لفظ الملح في القرآن إلا في هاتين الآبتين من سورة الفرقان وفاطر أما إن كان 
الأمر على الماء المالح فكل آية تحدثت عن البحر فقد تضمنت في معناها الملح» و يصعب 
في هذا المقام المختصر التعرض لآيات البحر هنا لكثرتها في القرآن وعدم مباشرة اللفظ فيه. 


سابعاً: المواصلات البحرية و- السفن - 


"لو عدنا بالتاريخ إلى أيام الإنسانية ربما استطعنا أن نتخيل الإنسان البدائي» وهو يكتشف 
الوسيلة الأولى في النقل المائي» عندما وضع جثة أي حيوان تمكن من اصطياده فوق جذع 
شجرة عائم أو جذعين استطاع أن يربطهما معاً بحبال من الليف أو القش وقد تبين الإنسان 
البدائي أنه يستطيع بهذه الطريقة أن ينقل أشياء ثقيلة قد يعجز عن نقلها وحده بلا مساعدة من 
شخص أو وسيلة.17) 

' وظل الإنسان يتطور حسب احتياجاته وإمكانياته المتاحة على مر الزمن حتى صنع 
السفينة الشراعية» وبدأت تجوب هذه السفن أرجاء البحار والمحيطات حتى أصبحت البحار 
والمحيطات طرقاً بحرية للتجارة الدولية» وأصبحت السفن ولنقل المسافرين من بلد إلى بلد 
بأغراض السياحة والحج والغزو والحرب» حتى أصبحت هناك الأساطيل التجارية والحربية 
والغواصات في أعماق البحار ووسائل النقل البحري المختلفة."(©) 


* الترب: التراب » والمفايل: اللاعب من الصبيان يدفن شيء في التراب ثم يقسمه إلى قسمين ثم يسأل في 
أي الأقسام هو فإن أخطأ يقال له خاب فالك واللعبة تسمى المفايلة ‏ الموسوعة الشعرية للمجمع الثقافي 

(1) اقتصاديات النقل البحري / كارلين أولولين؛ ترجمة مختار السويقي ص 13  .‏ ط2 . القاهرة» 
مطابع مدكور 9:؛ وانظر جغرافية البحار والمحيطات / مهدي علي ص 384 . 

(2) انظر المصدر نفسه ص 14 





42 


ويعتبر الفينيقيون والعرب والمصريون القدماء واليونانيون من أقدم شعوب العالم 
ركوباً للبحر» فقد كان للعرب من سكان الجزيرة العربية حصة في الملاحة» وخدمة عملية 
النقل البحري في البحر الأحمرء منطلقين منه نحو البحر العربي والمحيط الهندي. فأحسنوا 
صناعة الزوارق والسفن» واستنباط الأجهزة والتسميات البحرية حيث أن (أمير البحر) هذه 
التسمية أخذت من العربية التي كانت شائعة الاستعمال وقد أصبح العرب سادة وأساتذة العالم 
في الملاحة حيث ذكر ذلك في شعرهم حيث قال الشاعر طرفة بن العبد من البحرين بقوله : 


عَدُولية أو من سفين بن يامن يجور بها الملاح طورأ ويهتدي 
وكا الما نيا ها كما قسم الترب المفايل باليد * 


وزادت اهتمامات المسلمين في صدر الإسلام فتوغلوا في البحر الهندي والأطلسي حتى 
أصبح البحر المتوسط بحيرة إسلامية حتى سنة 1492 م . 
وقد أنشأت الموانئ في المناطق الساحلية الواسعة التي تبنى اصطناعيا بغية استقبال السفن 
البحرية أو المحيطية» أو نقطة انطلاق السفن إلى عرض المحيطات والبحار لخدمة حركة 
المواصلات والتجارة البحرية بكافة خدماتهاء فتعددت أغراض وتخصص الموانئ حسب ما 
تقدم من خدمات بحرية مثل: الموانئ التجارية» والحربية» والصيدء والنفط» والغاز» والتزود 
بالوقود» والمرورء والتخزين» وأخيراً الميناء الحر . 

وهناك مناطق بحرية ساحلية تتصف بالعمق والبعد عن التأثيرات الموجية البحرية:» 
وتتسم بموقع طبيعي يصلح لاستقبال سفن وإقلاعها بسهولة تسمى المرافئ .(1) 

لقد ذكرت كلمة السفينة في القرآن أربعة مرات ثلاث منها في سورة الكهف وواحدة 
في سورة العنكبوت ووردت السفن بلفظ آخر وهو الفلك ثلاث وعشرون مرة وكذلك بلفظ 
آخر وهو الجوار مرتين مرة في الشورى ومرة في الرحمن بلفظ الجمع أما في الحاقة فلقد 
جاءت بلفظ المفرد ةو الحد ةا" 

وبالنظر إلى الألفاظ التي ذكرها القرآن في معنى السفينة وهي: الفلكء والجواري؛: 
نجد بينها تقارب شديد في المعنى فكتب اللغة ذكرت أن معناها واحداً كلها تدل على السفينة 
ولكن بالرجوع إلى أصل الكلمات وجدت أن السَّفن يدل على تنحية الشئن عن وجه الشئ 
كالقشر.(6) 


(1) انظر جغرافية البحار والمحيطات / مهدي محمد علي ص 350 - 355 . 

(2) المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي في الصفحات التالية 352 - 526 - 
165 

(3) معجم مقاييس اللغة / لابن فارس ص 482 قاله ابن فارس . 





413 


وقال السمين الحلبي:" هو نحت ظاهر الشئ مثل سفن العود والجلد وسفن الرمح .(1) 
وهذا ينطبق على حركة السفينة داخل الماء» فهي تقشط وتقشر وجه الماء قشراً بمقدمها 
فتصبح كالإسفين تشق الماء شقاً وكذلك الجارية فلفظها دال على حركة السفينة في الماء فهي 
تنساح داخل الماء انسياحاً فقد قال ابن فارس: الجيم والراء والياء أصل واحد وهو انسياح 
الشيء يقال جرى الماء جرياناً وجرياً فأما السفينة فهي الجارية .2) 

'وأما الفلك فالفاء واللام والكاف أصل صحيح يدل على استدارة الشيء من ذلك فلكة 
المغزل وأما السفينة فتسمى فلكاً ويقال أن الواحدة والجمع فيهما سواء؛ ولعلها تسمى فلكاً 
لأنها تدور في الماء ".(0) 

فالسفينة تدور في الماء بسهولة ويُسر فكانت التسميات تدل على نوع وطبيعة الحركة 
داخل الماء حتى أن الآيات القرآنية ذكرت أكثر من طريقة لسير السفينة في الماء . 

فقال تعالى:( وسخر لكم الْقلَكَ لتَجْرِي في البَخر)) 

وقال تعالى:( وتَرى الُْلْكَ مَوّاخر»7) وقال تعالى:( رَبُكُمُ الذي يُرْجِي لَكُمْ الفلك في 
البَخر4/) فجاءت الأفعال بالإزجاء وهو السير البطئ بيسر ولين ثم الجري وذلك أسرع 
وأقوى ثم المخر و هو أقوى وأعنف فمن هنا نتبين كيف أن القرآن فرق في تعبيره عن 
حركة السفينة في الماء بهذه السرعات الثلاثة المتفاوتة في الكم والنوع وذلك من إعجاز 
القرآن وبلاغته التي تبقى على مر الزمان . 

ولما عبر القرآن عن المنافع التي ينعم بها البشر بهذه السفن فذكر الشحن إذ قال (إذ 
أبق إلى الفلك المشحون4 أي المملوءة يقال شحنت السفينة أي ملأتها.7) 

مبيناً بذلك أحد المنافع وهي الشحن حتى أننا نجد الآن في قرننا هذا سفناً خاصة في 
شحن البضائع أوالبترول ويعبر القرآن مرة بلفظ الحمل قال تعالى:7 وَعَلَيْهَا وَعلى الفنك 


(1) انظر عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 2 / 233 » ولسان العرب ابن منظور 13 / 209 ومختار 
الصحاح/ أبو بكر الرازي ص 127 . 

[3)اشكهم مقانيس اللغة" / الاين فارسن كن 21:1 

(3) المصدر السابق ص 819 ٠‏ واسان العرب / ابن منظور 10 / 479 ء ومختار الصحاح / للرازي 
0 

(4) سورة ابراهيم: آية / 22 

(5) سورة النحل: آية / 14 

(6) سورة الإسراء: آية / 66 

(7) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 2 / 292 . 





44 


تُحْملُونَ)1!) وقد قرنها الله هنا بالأنعام التي تحمل الناس ومتاعهم إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا 
بشق الأنفس فقال عن ذلك في سورة الزخرف (وَجِعل لَكُمْ من الفلك والأنَعام مَا تَرَكَبُونَ 

ل ابتغاء الفضل من الله وهو الذي أفردناه في بند التجارة كذلك الصيد واستخراج 00 
والمرجان كل هذه منافع جعلها الله سبحانه وتعالى في الفلك لغاية وهي (ولَعَلَكُمْ تتشكرون)61) 
وتحدث القرآن عن مهنة الملاحة في آية الكهف فقال: (أَمّا السّفيتةٌ فَكَاتت لمّسا كين يَعْمَلُونَ 

ويقول أهل التفسير: أن هؤلاء المساكين الذين يعملون على هذه السفينة هم ضعفاء 
يعملون بأجرة» ومنهم من قال أنهم يملكون هذه السفينة» أو أنهم كانوا تجاراً ولكن من حيث 
هم مسافرون عن قلة في لجة البحرء وبحال ضعف عن مرافعة خطب عبر عنهم بمساكين 
قاله القرطبي 77 أو أن تلك السفينة لأقوام محتاجين متعايشين بها في البحر والله تعالى سماهم 
مساكين كما قاله الرازي © 

وجمع أبو حيان بين القولين .7) وقال العلامة ابن عاشور: والمساكين هنا بمعنى 
ضعفاء المال الذين يرتزقون من جهدهم ويرق لهم لأنهم يكدحون دهرهم لتحصيل عيشهم .. 
وكان أصحاب السفينة هؤلاء عملة يأجرون سفينتهم للحمل أو للصيد. !8 
وخلاصة القول أن أصحاب السفينة كانوا يعملون في الملاحة في البحر على ظهر س فينتهم 
كما تفيد الآية بلفظها ومعناها ونكتف بهذه الآية مثالا يبيّن القرآن فيه العمل في البحر 


واللدلاتهة فول : 
ثامنا: السدود والكهرباء 


إن من نعم الله التي اكتسبها الإنسان بفضل تعليم الله له» لإستنباط المنفعة من خلال الاستفادة 
من موارد المياهء فالأمر يدخل فيه فعل البشر للاستفادة مما أوجد الله في الطبيعة من طاقة 


(1) سورة غافر: آية / 80 
(2) سورة الزخرف: آية / 12 
(9) سور فاطرة آية/ 12 
(4) سورة الكهف: آية / 79 
(5) تفسير القرطبي 11 / 34 . 

(6) تفسير الرازي 21 / 160 . 

(7) تفسير البحر المحيط / أبو حيان 6 / 145 . 

(8) تفسير التحرير والتتوير / ابن عاشور 16 / 11 . 





45 


كامنة مهدورة يجدها الإنسان لخدمته من الظواهر الطبيعية وما يقيم عليها من منشآت ألا 
وهي السدود والكهرباء المتولدة من الانتفاع بهذه السدود أو بالشلالات الطبيعية المعترضة 
مجرى الأنهار . 
وبداية نتحدث عن السدود ومنافعها الاقتصادية وما ذكر في القرآن عنها من أشكال . 

' السد: السين والدال أصل واحد وهو يدل على ردم شئ وملائمته من ذلك سددت 
الفلمنة تيذا مكل كاسن عن 0 

" المندٌ: بالضم الجبل والحاجز ما كان مخلوقا لله تعالى وبالفتح من فعلنا والجمع 
نتدوة "27 

السد بناءً يشيد عبر النهر ليحجز المياه وتتفاوت أحجام السدود ما بين ترابية أو حجرية 

صغيرة أو سدود شاهقة من الخرسانة بعلو ناطحات السحاب اضطر الناس إلى تخزين المياه 
خلال مواسم الأمطار بكميات وفيرة تفي بحاجتهم وحاجة حيواناتهم وزروعهم في فترات 
الحفاك(0) 
عمل السد: يحبس السد الماء في المجاري والأنهار التي يشيد عليها بحيث تتكون خلفه بحيرة 
أو مخزون كبير من الماء قد يعلو منسوبه إلى ارتفاع السد نفسه . كما تتد تتدفق كميات من 


العياة 
المخزونة من خلال تربينات مائية فتتولد الطاقة الكهربائية المستخدمة في البيوت 
والهنافات. 


ولم يتحدث القرآن عن السدود المائية بشكل مباشر بلفظ السد إنما ذكر هذا اللفظ في 
قصة ذي القرنين ولم يقصد به سداً مائياً يحجز الماء إنما هو سد ردم يحول بين يأجوج 
ومأجوج الظالمين حتى لا يؤذوا غيرهم من الأقوام المجاورة فقال تعالى: (قَالُوا يَاذَا القرتَيْن 
وح 0 
سَدّا746 فرد عليهم ذو القرنين بقوله: (قال ما مكني فيه رَبِي خَيْرٌ فأعينوني بقّوة أجَقَل 
بَينَكم وبينهم | ردما(95)عاتوني زَبَرَ الحديد حتى إذَا ساوى بين الصّدفيْن قال انفخوا حتى إذَا 
جِعَنَهُ نارًا قَالَ َاتُوني أفرغ عَلَيْه قطرا(96)قَمَا اسنطاغوا أن يَظهَرُوهُ وما اسْتطاعوا لَه 
تقبًا)(5) 


1) معجم المقاييس في اللغة / ابن فارس ص 477 » وانظر لسان العرب / ابن منظور 3 / 207 
2) القاموس المحيط / الفيروزأبادي ص 367 . 

3) الموسوعة العربية العالمية 12 / 206 . 

4) سورة الكهف: آية / 94 

( 


) 
) 
) 
) 
(5) سورة الكهف: آية / 95 - 97 





46 


قد ينشأ هنا سؤال لماذا نذكر هذه الآيات وهي لا علاقة لها كما ذكرنا سابقاً بالسد المائي ؟ 
يرى الباحث: إن القرآن في هذه الآيات عرف السد تعريفاً جليا حيث وضح أنه حاجز بين 
سدين أو جبلين أو صدفين (إذا ساوى بَيْنَ الصّدَفَيْن4 وكذلك بيّن كيفية بناء هذا السد وذكر 
بطريقتين وهما الردم والثانية السد المعدني المكون من سبيكة الحديد والنحاس صنعه ذو 
القرنين وهذا واضح جلي في الآيات . 
وهناك طرق كثيرة لأنواع السدود وإقامتها!!) » وما ذكره القرآن من هذه الأنواع والضرق 
وهي السد الردمي والسد الفولاذي المعدني . 
وأما ما ذكره القرآن حول السد المائي هو ما تحدث به القرآن عن سد مأرب وقصة سبأ 
حيث بين أنه قد جاء قوم سبأ سيل عظيم سماه القرآن الكريم بالسيل العرم بقوته وشدته 
حيث قال تعالى: (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسلنا عَلَيْهِمْ سيل العرم» 2) 
'" وقد اختلفوا في العرم فقال ابن عباس هو اسم الوادي وقال مجاهد هو اسم السد وقال أبو 
عبيدة والكسائي هو المسناة وقال جعفر هو اسم الجرذ الذي ثقب السد وسيل العرم مشل في 
الدواهي العظام التي تفرق الناس وتمزقهم كما يقال للقوم إذا تفرقوا بهلاك بعضهم وانتشار 
آخرين ذهبوا أيدي سبأ." 6 

يقول الإمام الطبري: فتثقبنا عليهم حين أعرضوا عن تصديق رسليا سدهم الذي كان 
يحبس عنهم السيول» والعرم المسناة التي تحبس الماء واحدها عرمة» وعن قتادة (فَأَرْسَلنا 
عَلَيْهِمُ سيل العرم4 ذكر لنا أن سيل العرم واد كانت تجتمع إليهم مسايل من أودية شتى 


(1) أنواع السدود: أقام الناس أنواعاً كثيرة من السدود خضع كل واحد منها للظروف الخاصة بالموقع المقام 
عليه ونوع المواد المتاحة لتشييده . ففي الأماكن التي تتوفر فيها يصبح بناء السدود ذات حشوة صخرية 
أو سدود حجرية» ذات جدوى اقتصادية مجزئة. كذلك تبنى السدود الخشبية حيث تتوافر جذوع الأشجار 
وكثر استخدام الخرسانة إلا أن نقل موادها كالحصاد والرمل والإسمنت غير المتوفرة في موقع البناء 
يتنكل كب | علدا كما و قبن فنك التشوت الخ ابن على جز ايا اقتصعادية كيز كما :م بناء الشدود 
المفرغة في بعض المواقع يوفر مواد البناء وهناك السدود المعقودة الضيقة في الوديان الصخرية محدودة 
الاتساع أو الأنواع المصنوعة من الفولاذ وكلها اقتصادية التكلفة. وحتى لا نطيل في الشرح نكتفي بذكر 
الأسماء والأنواع مثل السدود المفرغة التي بها تجاريفء والسدود البنائية ذات الأكتاف أو ما يعرف بالسد 
المسطح, والسدود المتعددة العقودء والسدود الجسرية. والسدود الترابية وغيرها. انظر الموسوعة العربية 
العالمية 14 / 207 - 208 . 

(2) سورة سبأ: آية / 16 

(3) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي النيسابوري ت: 429؛ 
تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم الناشر »دار المعارف سلسلة ذخائر العرب رقم 57 القاهرة بدون طبعة 


وَيَدَونَ سك صن 568 + 





17 


فعمدوا وسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه أبواباً وكانوا يأخذون من مائه ما 
احتاجوا إليه» ويسدون عنهم ما لم يعنوا به من مائه شيئا(!) 

قال القرطبي: العرم فيما روي عن ابن عباس السد ويقول القرطبي فردموا ردماً بين 
جبلين وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض فكانوا يسقون من الأعلى ثم 
الثاني ثم الثالث على قدر حاجتهم فخصبوا وكثرت أموالهم فلما كذبوا الرسول سلط الله عليم 
الفأرة فنقب الردم .©) 
وذكر ابن حجر في فتح الباري المسناة بضم الميم وفتح المهملة وتشديد المراد بها ما يبنى في 
عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الأرض كأنه أخذ من عرامة الماء وهو ذهابه كل 
مذهب وقال الفراء العرم المسناة وهي مسناة كانت تحبس الماء على ثلاثة أبواب.... (6) 

وبعد هذا الذكر لما اختلف فيه من معنى سيل العرم . 

يرى الباحث: إن معنى العرم هنا اسم السد الذي بناه ملوك سبأ على أعظم الأودية عندهم 
حتى يحجزوا مياهها ليرتفع بهاء فجاءها أمر الله بطريقته الربانية في الإغراق فأصبح الماء 
نقمة بعدما كان نعمة» حيث جاءهم ماء عظيم لم يستطع السد تحمله بعد فقرة طويلة من 
الزمن لضعفه فانهار السد وردم التراب بيوتهم واقتلع جنتيهم وتفرقوا أيدي سبأء ولا داعي 
للتفسيرات التي تذكر الجرذء وما يشعر بها من أساطير لا تقوى على أن تكون حجة أو دليل 
والله تعالى أعلم . 

وبعد أن انتهينا من العرض والحديث عن السد وسيل العرم أقول: إن هذه السدود 
التي يقيمها الإنسان على مجاري الأنهار والوديان لها أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية مثل 
ري الزراعة» واستصلاح الأراضي الصحراوية الصالحة للزراعة» ولكن ينقصها الماء كذلك 
حماية القرى والمساكن على ضفاف الأنهار من خطر الفيضانات وتنظيم عملية الري 
واستهلاك الماء بشكل متواصل متوازن» وكذلك لتحسين وضع الملاحة في الكثير من الأنهار 
التي يقل منسوب المياه فيها للملاحة» ونصل إلى منفعة جليلة أصبحت من ضرورات الحياة 
البشرية في البيوت والمصانع؛ ألا وهي توليد الكهرباء من هذه السدود التي تحجز خلفها 
الكموانةة:العظليفة مق المواه فشفل: م كاذل فتحات :خاضية لق ليد الكيوياء + 

ولا يقتعس قر لبذ الكير يات هل المواة' الستافظة من السدوة يل تهتاك مهناف لليفيوية 


6 


لكواف سال التدلا لف والشاوك شراط فاخن النيه مكدو نحنف هاده حيف يعسن التهسق 


(1)انظن ابن حزيل الطبزي :79-7222 
(2) تفسير القرطبي 14 / 285 . 
(3) فتح الباري/ لابن حجر 8 / 536 . 





48 


صخور صلبة تقاوم التعرية الجوية تحدث مظاهر مماثلة تسمى منحدرات الماء في قطاعات 
أنهار حيث يزداد الانحدار وينساب الماء أسرع من المعتاد ومن أشهر الشلالات الموجودة في 
العالم شلالات فكتوريا على حدود دولة زامبيا وزمبابوي بمجموع سقوط 979 متر أعلى 
شلالات العالم » وشلالات جافرني في فرنسا 610 متر .(1) 

لو تدبرنا القرآن وتفحصنا آياته لا تجد ذكراً للكهرباء باسمها المعروف الآن ولفظها 
بل نجد ذكراً بالمسبب الذي يسبب ما يسمى اليوم بالكهرباء الجوية وهو اصطكاك وتصادم 
الغيوم والبرق في السماء حيث قال تعالى:(أَلَمْ تر أن الله يُْجِي سحابًا ثم يلف بَيْنَهُ ثُمّ 
يجِعله ركاما فترى الودق يَحَرْج من خلاله ويْترّل من السسّمَاء من جبَال فيها من برد فيْصِيب 
به من يشا وَيَصرفَهُ عن من يَشَاءْ يكَادُ سنا بَرقه يذهب بالأنْصار) © 1 

' والقرآن الكريم يقرر في بساطة علمية معجزة أن البرد هو المسؤول عن تلك 
الشحنات الكهربائية التي تسبب عواصف البرق والرعدء الذي كانت من أهم ميادين البحث 
والتنقيب خلال عشرات السنين» وظهر في هذا السبيل العديد من النظريات؛ حتى انتهي 
العلماء إلى تلك الحقيقة التي قررها الحكيم الخبير في كتابه منذ أكثر من أربعة عشر قرناء 
ولا يقف الإعجاز العلمي للآية السابق عند هذا الحد بل نجدها تربط بين البرد والبرق . 

وعندما يقوى الهواء على عزل الشحنة السالبة العليا عن الشحنة الموجبة في أسفل 
يحدث التفريغ الكهربائي على هيئة برق وينجم عن التسخين المفاجئ الذي يحدثه البرق في 
بقطقة النداقة: إن تمدق انمد اه 'فجاة رورش ف متحدةا الوه رب يونا مجلكلة العية إلا عتلت: 
طبيعية بسبب سلسلة الانعكاسات وقواعد السحب لصوت الرعد الأصلي» وقد يحدث في 
بعض العواصف أن يتكرر حدث التفريغ الكهربائي مع أي جسم مرتفع عن سحطح الأرض 
فأنه يسمى صاعقة."07 ( أو كصيّب من السّماء فيه ظَلمَات وَرَعَدٌ وبرق يَجْعلُونَ أُصَابعَهُمْ 
في آذانهمْ من الصّواعق حَدْرَ الموات وَاللّهُ مُحيط بالكافر ين )6 4 


المطلب الثالث: الأهمية السياسية والحربية للماء 


(1) انظر الموسوعة 14 / 234 - 235 . 

(2) شوو الوه 13:3 

(3) الإعجاز العلمي في الإسلام القرآن كريم / محمد كامل عبد الصمد ص 111 -  .112‏ طك4 . القاهرة» 
الدار المصرية اللبنانية 1997م . 

(4) سورة البقرة: آية / 19 





49 
أولا: من ضرورات المعركة 


لما كان الماء هو حياة البشر ولا يستغني عنه في حال السلم والرخاءءوفي حال الحرب أشد 
حاجة وأكثر ضرورة:؛ فهو من أساسيات وضرورات المعركة يتجلى ذلك في القرآن عند 
حديث رب العزة عن غزوة بدرء وكيف كانت التكتيكات والتجهيزات التي سبقت المعركة 
تعتمد على التمكن من الماء وحرمان العدو منه يقول تعالى: (إذْ يُعَشيكُمُ النْعَاسَ أَمَنَة منة 
وير عليكمْ من السّماء ماءَ ليُطهرَكم به يذهب عنم رجز الشيطان وليرْبطَ على قلوبكم 
وَيْتَبَت به الأقدَامَ © (!) 

لقد علم الله بعلمه وحكمته أن المسلمين في ضيق وحرج مما أصابهم من ملاقاة ذات 
الفؤؤكة: »وه مقائلة قريكن: بيفدها وقديدهاء.وما لم :مق حرج الحتلمين حينيا أمسابتهم 
الجنابة» وعلموا أن القوم قد سبقوهم إلى الماء» وبدأ الشيطان يوسوس لهمء وأن هناك بينهم 
وبين بدر أرضاً رملية لا تساعدهم على الحركة والمشيء اقتضت حكمته وقدرته ورحمته أن 
تنزل عليهم الماء من السماء حتى يرفع عنهم كل هذا العنت الذي ذكرت. أنزل الله الماء 
جندياً من السماء كأنه جندي يقاتئل معهم ويمهد للمعركة» حيث زلزل أقدام الكفار فلم تثقبت 
أقدامهم لحظة نزول المطر فلم يتقدموا اتجاه المسلمين . 

سبحانه وتعالى هو العليم بشئونهم وحاجتهم للنصر بالماء فنصرهم به وأصلح حالهم. 
يقول الرازي"" (إذْ يُعَشَيكُمُ العا أُمَنََ منّه4 أي من قبل اللهء واعلم أن كل نوم ونعاس 
فإنه لأايخل الأ مخ قل :اند كدان فلولا حضيد ق: .هذا النهانل وسحصول: الانةر احة حتدن 
يتمكنوا في اليوم الثاني من القتال لما تم الظفر وكذلك فقد غشيهم هذا النعاس دفعة واحدة مع 
كثرتهم » وحصول النعاس للجمع العظيم في الخوف الشديد أمنٌ خارق للعادة لذلك كان هذا 
النعاس في حكم المعجز.(©) 

'من أنواع نعم الله تعالى المذكورة في قوله سبحانه تعالى (وَيْتَزل عَلَيْكُمْ من السسّمَاء 
مَاءْ ليُطَهْرَكُمْ به4 ولا شبهة أن المراد منه المطر.... وعظمة النعمة به من جهات: 
أحدها: زوال العطشء فقد روي أنهم حفروا موضعاً في الرمل فصار كالحوض الكبير اجتمع 


فيه الماء حتى شربوا منه وتطهروا وتزودوا . 


(1) سورة الأنفال: آية / 11 
(2) انظر تفسير الرازي 15 / 136 -137 . 





50 


وثانيها: أنهم اغتسلوا من ذلك الماء وزالت الجنابة عنهم وقد علم أن المؤمن يكاد يستقذر 
نفسه ويغتم إذا لم يتمكن من الاغتسال ويضطرب قلبه لأجل هذا السبب ولذلك عد الله تعالى 
تمكينهم من الطهارة من جملة نعمه.!!) 

والمدد على هذا النحو مددٌ مزدوج: مادي وروحي. فالماء في الصحراء مادة 
الحياة. فضلاً على أن يكون أداة النصر. والجيش الذي يفقد الماء في الصحراء يفقد أعصابه 
قبل أن يواجه المعركة. ثم هذه الحالة النفسية التي أصابت الموقف ووسوس بها الشيطان! 
حالة التحرج من أداء الصلاة على غير طهر لعدم وجود الماء. و( ولم يكن قد رخص لهم 
بعد في التيمم؛ فقد جاء هذا متأخرأ في غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة 4 . 

وهنا تثور الهواجس والوساوسء ويدخل الشيطان من باب الإيمان ليزيد حرج النفوس 
ووجل القلوب أو النفوس التي تدخل المعركة في مثل هذا الحرج وفي مثل هذا القلق تدخلها 
مؤافزكة مهزوهةا من داخلها + وهنا يجيء المدذ.وقجي» التجذة ويم المدد: الروحيي بالمتدة 
المادي؛ وتسكن القلوب بوجود الماء وتطمئن الأرواح بالطهارة؛ وتثبت الأقدام بثبات الأرض 
وتاشكك الرمانة ةا 

ولقد وصف منير الغضبان هذا الماء النازل من السماء بأنه جندي من جنودد الله 
جعل له وظائف أربعة ألا وهي الشرب والتطهر وصرف رجز الشيطان عنهم والربط على 
القلوب من الخوف وتثبيت الأقدام على الرمال.60) 

وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة النبوية أن الحُباب بن المنذر بن الجموح قال يا 
وتشوك الله 6ف" أر ايت هذا" الفدد ل أمكة ل اذكه الل لين لنا أن تقدمهة ولا أن تتاكن عدف 
أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة ! فقال: يا رسول الله 
فإن هذا ليس بمنزلء فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القومء فننزله» ثم نغوّر ما وراءه 
من اقل 41خ ان اطلده عومد ركملا ولساده كرتكاكن القرحة تغرت ولا ارافان 


رسول الله: ي لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله # ومن معه من الناس» فسار حتى إذا 


(1) تفسير الفخر الرازي 15 / 136 -137 . 

(2) في ظلال القرآن / سيد قطب 3 / 819-118 . 

(3) المنهج التربوي للسيرة النبوية / منير محمد الغضبان ص 75 .- ط1 . - الأردن » مكتبة المنار 
1م. 

(4) القلب: جمع قليب وهو البئر لسان العرب / ابن منظور 1 / 688 . 





51 


أتي أدنى ماء من القوم نزل عليه؛ ثم أمر بالقلب؛ وبني حوضاً على القليب الذي نزل عليه 
فملئ ماءً ثم قذفوا فيه الآنية (1) 

وقد علق المبارك فوري على هذا العمل الذي فعله الرسول والصحابة بقوله:( الجيش 
الإسلامي يسبق إلى أهم المراكز العسكرية ) 7) فقد اعتبر سبق المسلمين إلى الماء وتغوير 
الآبار بمشورة الحباب بن المنذر أنه فعل ورأي خبير عسكري حنكته التجارب والأيام ومن 
خلال ما بيناهٌ سابقا تظهر أهمية الماء وحاجة الجيوش له ومما يؤكد ذلك العلوم العسكرية 
الحديثة حيث ' قامت إدارة المهمات في الجيش المصري قبل حرب العاشر من رمضان 
بتغيير زمزمية المياه التي يحملها الجندي لكي تصبح سعة لترين ونصف بدلاً من القديمة التي 
كانت تسع ثلاث أرباع اللتر من الماء حتى يكون مع الجندي ما يكفيه من المياهلمدة يوم 
كامل.'(0 ولما كان هذا هو الحال تبين لنا مدى أهمية وضرورة الماء للجيوش في المعارك 
من خلال القرآن ومن خلال السياسات الحربية للجيوش الحديثة . 


ثاني: الماء مانع أمام الجيوش 


ولما تبين في أهمية وضرورة الماء للمعركة» نجد أنفسنا أمام دور آخر يلعبه الماء في 
المعارك الحربية ألا هو كونه مانعاً أمام الجيوش للتقدم أو الانسحاب أوالفرار؛ وما يحتاجه 
من عبور معدات وإمكانات كبيرة . 

وقد كان البحر عائقاً أمام سيدنا موسىء عندما هرب ببني إسرائيل من فرعون ووقف أمام 
البحر لا يتجاوزه؛ وفرعون من وراءهم حتى 'بلغ الكرب مداه »وإن هي إلا دقائق تمسرثئم 
يهجم الموت ولا مناص! ولكن موسى الذي تلقى الوحي من ربه؛ لا يشك لحظة وملء قلبه 
الثقة بربه» واليقين بعونه» والتأكد من النجاة وإن كان لا يدري كيف تكون. فهي لا بد كائشنه 


والله هو الذي يوجهه ويرعاه ' (قال كلا إن مَعيَ ربّي سيهدين»74) .... وفي هذه اللحظة 


(1) السيرة النبوية / لابن هشام ؛حققها وضبطها ووضع فهارسها مصطفى السقا ابراهيم الإبياري » عبد 
اتعفيظ شل بيروك +الذار 'القافية العزيية :1 620 

(2]اتبكيق المعتوي ٠‏ مدل ادها ل امار قفوو وان لخاد الراك بعر 301 

(3) سارك الكويية تل الجتية النصبرية / انان ناد هل را 115 “حلت تال العام العرفي 
9 - 1409ه. 

سور الع و6 





352 


الأخيرة ينبتق الشعاع المنير في ليل اليأس والكربء وينفتح طريق النجاة من حيث لا 
يحتسبون .(0) 

0 
506 وجنده وسوف نتدبر النص ار جك وبلاغة وحكمه. 
ونشاهد من خلاله معركة بين الحق والباطل كان الماء أحد جنودها . 


النص الكريم لمشهد المعركة: 

(فَأتبَعُوهُمْ مُشرقين(60)فَلَمّا تّرآء الْجِمْعان قَالَ أُْصْحَابُ مُوسى إنَا لَمُدركون(61) قال 
كلا إن معي رَبّي سَيّهدين(62فَأوْحَيْنَا إلى مُوسى أن اضرب بعصاك الْبَحْرَ فَانقلّق فَكَانَ ككل 
فرق كالطّود العظيم(63)وأَزْلفنَا تم الآخَرِين(64)و أَنَجِيْتَا مُوسى ومن مَعَهُ أَجْمَعين(65)ثمَّ 
أغرقنا الآخرين(66)إنَ في ذلك لآيَّةَ وَمَا كان أكثْرُهمْ مُؤمنين(67)وإن رَبك لهو العَزِيد 
الرّحيم (214)68) 
لما ظهر أمر موسى اءلكك ‏ بما شاهدوه من الآية - آية العصا مع السحرة في الفقرة 
السابقة من السورة - أمره الله تعالى بأن يخرج ببني إسرائيل لما كان في المعلوم من تدبير 
الله لموسى وتخليصه من القوم وتمليكه بلادهم وأموالهم . 


فلذلك أمره الله تعالى أن يسري ببني إسرائيل وهم الذين آمنوا وكانوا من قوم موسى.7©) 


شرح الايات: 

أما قوله:"'(فَأَتْبَعْوهُمٌ» أي فلحقوهم؛ وقوله: مُشرقين» داخلين في وقت الشروق من أشرقت 
الشسن كتروقا إذا:طلعف 01 

"(فَنَمَا تَرآى الْجَمْعَانَ» أي تقابلا بحيث يرى كل فريق صاحبه وهو تفاعل من الرؤية." 

(قال أَصحَابْ مُوسى نا لمُذركون» 'قال ابن عباس: لما انتهى موسى إلى البحرء وهاجت 
الريح العاصفء فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح؛ وإلى البحر أمامهم (قَالَ أَصحَابْ 
مُوسى إنَا لمذركون».'(1) 


(1) في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 212 . 
(2) سورة الشعراء: آية / 60 - 68 
(3) انظر تفسير الرازي 28 / 136 . 
(4) نفس المصدر السابق 24 / 138 . 
(5) ث 


5) تفسير القرطبي 13 / 106 . 





53 


(قَالُوا أوذيتا من قَبْل أن تَأْتِينَا ومن بَعد ما جتتتَا04) كانوا يذبحون أبناءنا من قبل أن تأتينا 
ومن بعد ما جئتنا يدركونناء أي في الساعة فيقتلوننا . 
ومن صورة هذا المشهد الرهيب يتبين لنا كيف كان البحر يقف أمام سيدنا موسى 
وقومه حاجزاً مانعاً يحول بينهم وبين الخلاص من فرعون وجنوده؛ فلولا لطف الله بهم 
وهداية موسىء وأمر الله بفلق البحر لكانوا مدركين حقاً بلا أدنى شك في ذلكء ولكنها الرعاية 
الإلهية لموسى وقومه قال كلا إن معي رَبّي سيّهدين4 ' فعند ذلك قال لهم كلا وذلك كالمنع 
مما توهموه؛ ثم قوى نفوسهم بأمرين : 
أحدهما:( إن معي رَبّي4 وهذا دلالة النصرة والتكفل بالمعونة. 
والثاني: قوله: (سيّهؤدين» والهدي هو طريق النجاة والخلاصء وإذا دله على طريق نجاته 
وهلاك أعدائه؛ فقد بلغ النهاية في النصرة."© 'فلما عظم البلاء على بني اسرائيل» ورأوا من 
الجيوش مالا طاقة لهم بهء أمر الله تعالى موسى _اكَلكَثة ‏ أن يضرب البحر بعصاهء وذلك 
أنه عن وجل زان اخ تكوق" الكنة متعيلة موادي وتكلفة ينكلة :نو إلا هوري العسضيا نين 
بفارق البحرء ولا معين على ذلك بذاته إلا بما افترق به من قدرة الله تعالى واختراعه."7/) قال 
تعالى (فَأوْحَيْنا إلى مُوسى أن اضرب بعصاك البَخر فانقق فكان كل فرق كالطّود الْعظيم 
تولك امو امه توييي قي لفاك ال «وشوت جهاء الصدر تسريه ركان" لفان 81 
الله ... ففيها سلطان الله الذي أعطاه فانفلق."(5) 
(وأزلفنا ثم الآخرين» أي قربنا فرعون وجنوده من البحر وجمعناهم وأدنيتاهم إليه .©) 
وأضاف الرازي قائلاً " قال ابن عباس وابن جريج وقتاده والسدى «وأزلفنا4 أي 
وقربنا أي حيث انفلق البحر للآخرين قوم فرعون ثم فيه ثلاثة وجوه . 
أحدها: قربناهم من بني إسرائيل . 
ثانيها: قربنا بعضهم من بعض وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد 
ثالثها: قدمناهم إلى البحر”7) 


(1) تفسير الطبري 19 / 79 . 

(2) سورة 1 آية / 129 

(3) تفسير الفخر الرازي 24 / 138 . 
(4) ته ار 3 / 106 -107. 
(5) تفسير ابن كثير 3 / 337 . 

)6( ار يد ابن كثير 3 / 338 . 

0 


7)تفسير لازي :24 /1397:+ 





54 


يرى الباحث: كل هذه الوجوه تحتملها الآية مجتمعة (وأَنجِيْنَا مُوسَى وَمَن مَعَهُ 
أَجِمَعينَ(65)نْمَّ أغرقَنَا الآخرين» 

" فالمعنى أنه تعالى جعل البحر يبساً في حق موسى وقومه حتى خرجوا منه وأغرق 
فرعون وقومه لأنه لما تكامل دخولهم البحر انطبق الماء عليهم فغرقوا في ذلك الماء.(/) 
وهكذا كان البحر بعد المعجزة الربانية سبباً في هلاك فرعون وهزيمته في المعركة حيث 
غرقوا جميعاً بإطباق البحر عليهم بقدرة الله تعالى فوقف هذا الماء مانعاً طبيعياً حتى أصبح 
مقبرة لهم . 

والتاريخ القديم والحديث يحدثنا عن الماء كحاجز أمام الجيوش يعتصم بها كما قال 
سعد بن أبي وقاص #: عندما أراد فتح المدائن. ونسوق النص من كتاب البداية والنهاية . 
" لما فتح سعد نهر شير واستقر بهاء وذلك في صفه لم يجد فيها أحداً ولا شيئاً مما يغنم بل قد 
تحولوا بكما لهم إلى المدائن وركبوا السفن وضموا السفن إليهم» ولم يجد سعد م شيئاً من 
السفن وتعذر عليه تحصيل شئ منها بالكلية» وقد زادت دجلة زيادة عظيمة وأسود ماؤهاء 
ورمت بالزبد من كثرة الماء بهاء وأخبر سعد بأن كسرى يزدجرد عازم على أخذ الأموال 
والأمتعة من المدائن» وأنك إن لم تدركه قبل ثلاث فإن عليك تدارك الأمر . 

فخطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة؛ فحمد الله وأثني عليه وقال: إن عدوكم قد 
اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليهم معهء وهم يخلصون إليكم إذا شاعوا فينا وشونكم 
في سفنهم؛ وليس وراءكم شئ تخافون أن تؤتوا منه» وقد رأيت أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم 
قبل أن تحصركم الدنياء ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم» فقالوا جميعاً: عزم الله 
لنا ولك على الرشد فافعل. فعند ذلك ندب سعد الناس إلى العبور ويقول: من يبدأ فيحمي لنا 
الفراض . يعني ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى ليجوز الناس إليهم آمنين . ©) 

وتتاعتعا في ننه الزولية" أى الترمق اق لعتصيهر!٠‏ حل يل لاجلة دفي يطول وت كيين 
وبين جيش المسلمين .وكذلك اتخذوه عائقا أمام تقدم سعد 4 إلا أن الإيمان واليقين يالل 
وبنصره وحب الشهادة في سبيل الله كان حافزاً قوياً لخوض النهر وكان النصر حليف 
الإسلام وجنده وكانت الهزيمة والخذلان نصيب الكفار الجبناء عباد النار من الفرس 
المجوين: 


(1) تفسير الرازي 14 / 140 . 

(2)نكتفي بهذا القدر من الرواية فقد ساق ابن كثير الموضوع بتفاصيله فمن أراد المزيد فليرجع إليه» البداية 
والنهاية / ابن كثيرء تحقيق أحمد عبد الوهاب فتيح 7/ 61 . - ط .1‏ القاهرة» دار الحديث » 1992 
٠‏ وتاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك / محمد بن جرير الطبري 310 ه ؛تحقيق محمد أبو الفضل 
ابراهيم  .‏ ط4  .‏ القاهرة دار المعارف سلسلة ذخائر العرب 9 / 430 . 





59 


ونذكر من التاريخ الحديث عبور الجيش المصري قناة السويس في العاشر من رمضان سنة 
6 ه وفي السادس من أكتوبر 1973 م حيث عبرت القوات المصرية هذا المانع 
المائي الذي تصور العدو أنه لا يقهر ولا يعبر لما كان علية من تحصينات خط برليف تسمى 
باسم رئيس أركان جيشهم أنذاك وهو حاييم برليف حيث يصف ذلك المؤرخ العسكري جمال 
حمّاد فيقول:" كانت القناة في حد ذاتها تعتبر مانعا مائيا فريدا في طبيعته ولا تماثل غيرها من 
الموانع المائية في العالم. إذ كان عبور القوات المصرية لهذا المانع المائي الهاثل الذي 
ووااحهها آمو كاد يكوق عدبلا سو ادرو حي انظ" الأشككاء أن اموا 
قال موسى ديان!!): في إحدى مناقشاته التي دارت في رئاسة الأركان الإسرائيلية حول 
احتمالات عبور المصريين للقناة قال في صلف وغرور " لكي يعبر المصريون قناة السويس 
فإنه يلزمهم سلاح المهندسين الأمريكي وسلاح المهندسين السوفيتي مجتمعين لمساعدتهم في 
ذلك " 

وتعد القناة مانعا صعباً نظراً لأن أجنابها حادة الميل ومكسوة بالدبش والحجارة لمنع 
انهيار الأتربة والرمال إلى القاع مما يجعل من الصعب على آية مركبة برمائية أن تعبرها 
إلا إذا نسف أكتاف الشاطئ وتجهز منزل ومطلع تستطيع المركبة البرمائية أن تستخدمه في 
النزول إلى الماء والخروج منه . 
علاوة على ما كان في الجانب الآخر من ساتر ترابي إرتفاعه بين عشرين إلى خمس 
وعشرين مترا في الأماكن المحتمل اختيارها للعبور؛ فكان هذا الساتر عائقاً مكملاً للعائق 
المائي عبر قناة السويس ©) 


المطلب الرابع:الأهمية الاجتماعية 
أولاً: حاجة المجتمع إلى الماء 


قال تعالى: (وجعلنا من الماء كل شئ حي» إن هذه الآية الجامعة لكل مظاهر الحياة التي 
جعلت الماء سبباً في حياة الأحياء كلهاء تبين لنا مدى حاجة المجتمع بشتى أشكاله وأنماطه 
وطبيعته الماء الذي يك فيه سر الحياة العجيب» فالنبات والحيوان والإنسان لا عنى لهؤلاء 
جميعاً عن الماء ولو بحثنا عن كلمة تصدق على هذا المفهوم بدقة متناهية لم نجد أصدق من 


(1) موسى ديان وزير دفاع الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 1971م . 
(8]:الظر التعارتك الحريية حلي الحبية المصترية فل 21119 120 





56 


كلمة الإحياء التي عبر بها القرآن عن مدى ضرورة وحاجة المجتمع؛ بكل أحيائه إلى هذا 
الأحياء والافلا حياة: 

عبر القرآن عن إحياء الأرض والبلاد في كثير من المواقع من سوره الكريمة ن ذكر 
بعضها على سبيل المثال قال تعالى: (وَالّذي نَزّل من السسّماء مَاءَ بقدر فَأَنَشَرنا به بِلدَهَ مَيْنا 
دك تُفْرَجُونَ)11) وقال كذلك: (وََرننَا من السنّماء مَاءَ مُبَارَكَا اننا به جنات وَحَبّ 
التصيد( ا بَاسقات لَهَا طَلعٌ تضيد(10)رِزقا للعبَاد وَأَحَيَيَنَا به يكذ قفا كذلك 
الْكُرُوجُ)© وهناك آية جامعة يقول فيها رب العزة:(وَفو الذي أرسل الرّيّاح بُشرًا بَيْنَ يَدَيْ 
0 السنّمَاء مَاءَ طَهُورَا(48)لنخيي به بَلَدَةَ مَيْنَا ونسنقيهُ مما خلَقنَا أَنْعَامًا 
وأناسيّ كثيرًا0/6 

فقد جمعت هذه الآيات بين حياة النبات والإنسان والحيوان ففيهما الجمع بين صور 
اتحياة كلها :ذا أن أن شاحة هافق التقيق من سول ة الفرتقاق اتدواتها ورقاهذا قيال عو هذا 
الغرض الخاص بحاجة المجتمع للماء . فالإنسان لا غنى له في حياته بجميع مظاهرها من 
زراعة أو صناعة أو تربية للحيوان عن الماءء فقد بينا في المطالب السابقة من خلال الأهمية 
الدينية والاقتصادية والحربية والسياسية حاجة المجتمع والإنسان للماء في تلك الجوانب سابقة 
الذكر ولأن في هذا المطلب نبين الأهمية الاجتماعية أو الدور الاجتماعي للماءء من خلال 
طبيعة الإنسان التي تحتم عليه أن يعيش في مجتمع متعاون» وفي جماعات يقوم كل منهم 
بدوره في هذا المجتمع؛ ولما كانت الدراسة والبحث في الجوانب القرآنية كان الاختيار لآيتي 
سووة الفوقاة مكالا شتو فصل اهدهم . 
المناسبة: 
ولما تحدث القرآن عن بعض الظواهر الطبيعية الكونية مثل الظل ومده وقبضه والشمس التي 
هي سبب؛ مع دوران الأرض في نشوء الليل والنهار ولما كان في النوم موات وفي النهار 
حياة ونشور ذكر الله سبحانه وتعالى ظواهر طبيعية أخرى تكون سبباً في موات وإحياء 
الناس والبلاد والعباد ألا وهي رحمة الله المنزلة.من السماء بالماء الطهور . 

يقول البقاعي: في نظم الدرر " ولما دل على عظمته بتصرفه في المعاني بالإيجاد 
والإعدام» وختمه بالإماتة والإحياء بأسباب قريبة» أتبعه التصرف في الأعيان بمثل ذلك دالا 


)1) سورة الزخرف: آية / 11 
(2) سورة ق: آية / 11-9 
(3) سورة الفرقان: آية 49-8 





50 


على الإماتة والإحياء بأسباب بعيدة» وبدأه بما هو قريب للطافته من المعاني» وفيه النشر الذي 
ختم به ما قبله'(1) 

شرح الايتين : 
' اعلم أن الله تعالى ذكر من منافع الماء أمرين أحدهما ما يتعلق بالنبات والثاني ما يتعلق 
بالحيوان أما أمر النبات فقوله: (لنحيي به بِلَدَة مَيْتَا4 وفيه سؤالان: 
السؤال الأول: لمّ قال لنحي به بلدة ميت ولم يقل ميتة ؟ 
الجواب " لأن البلدة في معنى البلد في قوله: 9قَسقنا هُ إلى بلد ميت 26) 
السؤال الثاني: ما المراد من حياة البلد وموتها ؟ 
الجواب الناس يسمون ما لا عمارة فيه " من الأرض مواتاً وسقيها المقتضي لعمارتها إحياءً 
لها. 
وأما أمر الحيوان فقوله سبحانه ( ونسئقيَهُ مما خلَقنا أَنعَامَا وَأنَاسيَ كثيرا» وفيه سؤالان: 
السؤال الأول: لم خص الإنسان والأنعام ههنا بالذكر دون الطير والوحش مع انتفاع الكل 
بالماء ؟ الجواب لأن الطير والوحش تبعد في طلب الماء فلا يعوزها الشرب بخلاف الأنعام 
لأنها قنية (أي تربية) الأناسي» وعامة منافعهم متعلقة بها فكأن الإنعام عليهم بسقي أنعامهم 
كالإنعام عليهم بسقيهم . 
السؤال الثاني: ما معنى تنكير الأنعام والأناس ووصفهم بالكثرة ؟ 
الجواب معناه أن أكثر الناس يتجمعون في البلاد القريبة من الأودية والأنهار ومنافع المياه 
فهم في غنية في شرب المياه عن المطرء وكثير منهم نازلون في البوادي فلا يجدون المياه 
للشرب إلا عند نزول المطر وذلك قوله تعالى: (لنخيي به بِلَدَةَ مَيْتَا) . 
السؤال الثالث: لمّ قدم إحياء الأرض وسقي الأنعام على سقي الأناس ؟ 
الجواب لأن حياة الأرض وسقي الأنعام سبب في حياة الإنسان فقدم السبب " ©) 
' وقوله (لذخيي به بَْدةَ مَيْتَا4 أي أرضاً قد طال انتظارها للغيث فهي هامدة لا نبات فيها 
ولا شئ» فلما جاءها الماء غادت واكسك ريام لواح و 0 
َإِذَا أنزلنا عَلَيْهَا المَاء اهترّت وربت وأنبتت من ؛ كل زواج بَهيج 114 وقوله تعالى: ونسقيه 
مما خلقنا أنَعَامًا وأناسيّ كثيرا» 4؛ أي وليشرب منه الحيوان والأنعام وأناس محتاجين إليه غاية 


1) نظم الدرر/ 5 / 325 . 

2) سورة فاطر: آية / 9 

3) انظر تفسير الرازي 24 / 90 - 91 ٠‏ وانظرتفسير البحر المحيط / أبو حيان 6 / 463 . 
( 


) 
(4) سورة الحج: الآية / 5 





56 


الحاجة لشربهم وزروعهم وثمارهم كما قال تعالى: (وَهُو الذي يُتَزّلَ العَيث من بعدمًا 
قَتَطُوا»() 

وقال تعالى: (فَانَظر إِلَى آثَار رَحْمّة اللّهِ كيف يُحْيِي الأرض بَعْدَ موتها4© 60 

ومما سبق من كلام أهل التفسير يتبين لنا مدى حاجة البلاد والعباد من نبات وحيوان وإنسان 
للماء من جميع مرافق الحياة وكلما تطورت الحياة البشرية احتاج الإنسان إلى الماء أكثر 
بالتقدم الصناعي فأغلب الصناعات تحتاج إلى المياه إما لدخولها كعنصر في الصناعة في 
تكوين المادة المصنوعة أو في تبريد الآلات .... أو غير ذلك . 


ثانيا: تجمع الحضارات حول الماء . 
" ولأهمية الماء كانت الحضارات القديمة على ضفاف الأنهار حيث الماء والزراعة وبتعاقب 
السنين والقرون زاد السكان وازداد اهتمام الإنسان بالماء فعمل على شق الترع ليوصل الماء 
إلى جهات أخرى لتعمر بالزراعة وانتاج الغذاء.(4) 
' يقول الرازي: إن أكثر الناس يجتمعون في البلاد القريبة من الأودية والأنهار ومنافع 


الما( 

ومن أمثلة الحضارات التي سادت وقامت حول منابع وأحواض الأنهار على سبيل 
المثال المصريون القدماء حول حوض نهر النيل وكذلك أهل بابل في العراق حول نهري 
دجلة والفرات حتى اعتبرت حدائق بابل المعلقة من عجائب الدنيا السبع. وكذلك الصين 
والهند وغيرها من الحضارات التي انتشرت واتخذت الأودية والأنهار موطناً لها حيث 
الزراعة وحيث الحياة مع الماء . 

ولما أمر الله سيدنا إبراهيم أن يُسكنَ زوجه هاجر وولده إسماعيل في الحجازء وفي 
الوادي القفر حيث لا ماء ولا زرع بجوار بيته الحرام» نفذ أمر الله وتوجه إليه بالدعاء لهم: 
أن تهوي إليهم جماعة من الناس تؤنس وحشتهم لعلمه أن الناس لا يجتمعون على غير الماء 
لحاجتهم له 


1) سورة الشورى: آية / 29 

2) سورة الروم: آية / 50 

5) تفشين: أبيخ كن :9 320+ 

4 الكرايك. القائية في 'الوسطي” للفزدن "سق النرى لزاه ضى 5 تارك القاهوة #اذار انون الغريي 
6 م. 

(5) تفسير الفخر الرازي 24 / 91 . 


) 
) 
) 
) 





59 


فقدم لذلك بقوله: ل( يواد غيْرٍ ذي زرع عند بيت المُحَرم)!1 
وكا محال فدكذاة زان سراي ده رارك الضف ال ذ) لوالاو ما مشاه ينعا ووشقة سي مامتا 
حتى تهوي القلوب إليهم في هذا القفر المجدب . 

إن الذي ينظر إلى مكة بجبالها ووديانها الجرداء التي لا تنفع لزرع ولا لصناعة» 
وكأن الله اختار لهذا البلد أن يعمل في مجال آخرء ألا وهو مجال الخدمات من تجارة وخدمة 
للمجتمع من سقاية وإطعام وضيافة» فكانت زمزم والبيت الحرام سبباً مغرياً ومشجعاً لالسكن 
في جبال مكة الجرداء . 
وسوف نتدبر النص الكريم من سورة إبراهيم قال تعالى:( ربّنا إني أسنكنت من ذُرَيّتي بواد 
ل سرض ا ا ري 
وَارَرقَهُمْ من ) التّمَرَات لَعَلَْهُمْ يتشكرون)(2) 
قصة هذه الاية: 
52 عن سعيد بن جِبَيْرٍ قال ابْن عباس أُوَل ما انَحَدَ النَساء المنطق من قبل أَمّ إبنماعيل 
انخذت منطقا نعف ها على سارة ثم جاء بها إنرَاهيم ابيا إمنتاعيل وهي ترضغة 
ولَيْسَ بها ماءً فَوَضعَهما هتَالك ووضع عنْدَهمَا جرابًا فيه تمر وَسقَاءُ فيه مَاءَ كم قفي 
إبْرَاهِيمُ منطَلقا فَتَبِعنَهُ أُمُ إسماعيل فَقَالَتَ يَا إِيْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبْ وتتركتا بهذا الوادي الذي 
ليس فيه إِنسْ ولا شَيءْ فَقَالَت لَهُ ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إِلَيْهَا فَقَاَتَ لَهُ اللَّهُ الذي أمَركَ 
بهدَا قَالَ نَعَمْ قَالَت إِذَنْ لا يُضِيّعنَا ثُمّ رجَعت فَانطلق إِبْرَاهِيمُ حَتَى إِذَا كان عند الثَّلِيّة حَيْثْ لا 
روه استقبل بوجهه ابت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يَدَْه قال رب إني أسكنت من 
ريّتي باد غَيْرٍ ذي رع عند بيك المْحرم حتّى بََعَ يشَكرُونَ وجَعلت أمْ إمسماعيل ضغ 
ماعل وتشربا من ذلك الماء حتى ذا تقذ ما في اللقاء طشنت وعطش انها وجعلاحا 
تنظ إِلَيْه يَتََوَى أ قَالَ يَتلبَطْ فَانطلقت كراهيّة أن تنظر إِلَيْه فَوَجَدت الصّقا أَقْرَبَ جَبَل في 
الأرض يلها فقامَت عليه ثم استقبّت الوادي تنظر هل ترَى أحذا فلم تر أحذا فهبَطَت من 
الصّقا حَتى إذا بَلََتَ الوادي رَفْعت طرف درعها ثم سَعت سَغي الإنسان المَجهؤود حتى 
جاوزت الوادي ثم أت المَّروة فَقَامَت عَلَيْهَا ونظرت هل ترّى أَحَدَا فلم تر أَحَدًا ففعّت ذلك 
سَبْعَ مات قَال ابْن عبّاس قَالَ النَبيُ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَ فَذَلكَ سَغىْ التّاس بَيْنَهُمَا قَلَمَا 
أَشرَفَتَ على المَروة سمعت صونًا فقَالَتْ صه تُرِيدُ نَفْسَها ثُمّ تَسمَعَتَ فَسعت أيْضا فَقَالتَ قد 


0 سورة إبراهيم: آية / 37 
(2) سورة إبراهيم: آية / 37 





60 


وده الس اي 


نّى هر الما فعلت تُحاضة وول يدها هقذا وجعنت تغرف من اْماء في سقانه وهو 
فور بعد مَا تغرف قال ابن عَبّاس قال التي صلّى الله عليه وسلمَ يَرْحَمْ اللّه أمَ إسنماعيل لو 
تركت رَمَرم أو قال لو لَمْ تغرف من المّاء لكانت زَمْرَمْ عيْنَا مَعينا قَال فشربت وَأرْضَّعت 
وها فقَال لها امك ا تَحَافوا الضيْعة فإنَ ها هنا بَيْتَ اللّهِ يبي هذا الغلام وأبُو وإن الله 
لا يُضيع أهلَهُ وكان البيِت مُرتفعًا من الأرْض كالرَابيّة تأتيه السّيول فتأخذ عن يَمينه وشمّاله 
فكانت كذلك حتّى مرت بهم ره من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طرِيق كذاء 
فتزلوا في أسقل مكة قروا طائرًا عانقا فقالوا إن هذا الطائر لَيَدُورٌ على مَاءِ نَعَْدْنَا بِهَذدَا 
الوادي وما فيه مَاءٌ فَأَرَسَلُوا جريًا '' أو جَرِيَين فَإذًا هم بالماء فَرَجَعُوا فَأَحْبَرُوهُمْ بالماء 
فَأقبلُوا قال وأمْ إسنماعيل عند الماء فقالوا انين لنَا أن تَنْزل عندك فقانت نعم ولكن لا حق 
ار 
إسنماعيل وه تحبُ الإنس قتَزلوا وأَرْسلوا إلى أهليهم قَتزلوا مَعَهُمْ ... 20 © 
شرح الاية: 
يقول الألوسي: إن سيدنا إبراهيم - اليد عندما قال: «بواد غير ذي زرع» 
المقصود وادي مكة ‏ شرفها الله تعالى ‏ » وصفه الله بأنه غير ذي زرع للمبالغة لأن 
المعنى ليس صالحاً للزرع؛ وكان ذلك لحجريته ؛(3) 

وقال ابن عطية: وإنما لم يصفه عليه السلام بالخلو عن الماء مع أنه حاله إذ ذاك لأنه 
كان علم أن الله تعالى لا يضيع إسماعيل عليه السلام وأمه في ذلك الوادي وأنه سبحانه 
يرزقهما الماء فنظر عليه السلام النظر البعيد العاقبة (4) 

وقال أبو حيان: وقد يقال: عن انتفاء كونه ذا زرع مستلزم لانتفاء الماء إذ لا يمكن 
أن يوجد زرع إلا حيث الماء فنفى ما يتسبب عن الماء وهو الزرع لانتفاء سببه وهو الماء 
5 
وقوله تعالى: (فَاجعل أَفْنَدَةَ من النّاس تَهُوي إِلَيْهِمْ) ذكر ابن الجوزي في زاد المسير عن 
ابن عباس قال: نحنُ إليهم وقال قتادة تنزع إليهم وقال الفراء: تريدهم ... وقال معنى هذا 
الميل إليهم على قولين: 


(1) جرياً: أي رسولاً » النهاية في غريب الحديث والأثر / ابن الأثير 1 / 264 

(2) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الأنبياء» باب يزفون النسلان في المشي رقم 3364 ؛ 6 / 396 . 
(3) انظر روح المعاني/ الألوسي 13 / 237 . 

(4) انظر تفسير المحرر الوجيز / ابن عطية 10 / 92 . 

(5) انظر تفسير البحر المحيط / أبو حيان5 / 420 . 





61 


أحدهما: أنه الميل إلى الحجء قاله الأكثرون . 
والثاني: أنه حُبْ السكن بمكة؛ رواه عطية عن ابن عباس وروى سعيد بن جبير عن ابن 
عباس قال: لو كان إبراهيم قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم؛ لحجه اليهود والنصارى 
ولكنه قال: من الناس .(1) 
وقال البقاعي: #تهوي4 أي تقصدهم فتسرع نحوهم برغبة وشوق إسراع من ينزل 

من حالق؛ وزاد المعنى وضوحاً وأكده بحرف الغاية الدال على بعد لأن الشيء كلما بعد مدى 
مرماه اشتد وقعه فقال:(إليهم» ولما دعا لهم بالرزق المتضمن للدعاء بجيرانها 
فقال: (وارزقهم4 أي على يد من يهوى إليهم #من الثمرات4 أي التي أثبتها في بلادهم وبين 
العلة الصالحة بقوله: لعلهم يشكرون4 أي ليكون حالهم حال من يرجى شكرهم لما يرون من 
نعمك الخارقة للعوائد في ذلك الموضع البعيد عن الفضل لولا عنايتك فيشتغلوا بعبادتك 
لإغنائك لهم وإحسانك إليهم؛ وقد أجاب الله دعوته .'(©) 

لقد استجاب الله دعوة سيدنا إبراهيم - اكَِكِدْكمِ ‏ وأخرج الماء الذي هو سبب في نزول 
جرهم عند أم إسماعيل عليه السلام وتجمع الناس بعد ذلك وكثروا وخاصة عند بناء البييبت 
وأمر الله الناس بالحج إليه . 

وشاهدنا هنا كما أسلفنا أن كل التجمعات البشرية والحضارات تقوم حول الماء وبه . 


المطلب الخامس: الأهمية الطبية 


إن للماء أهمية كبيرة في مجال الطب والدواء فإن الماء مذيب جيد للكثير من المواد الكيميائية 
ولذلك فإنه يستخدم في الصناعات الدوائية فمثلاً محلول الجلكوز الذي يعطي للمرضى في 
المستشفيات هو ماء ومذاب فيه بعض الأملاح والأدوية مثل البنسلين ومشتقاته فإنها تحلل 
بالماء المقطر أو المغلي بعد تبريده. وغيرها مما نشاهد ونعايش في حياتنا اليومية . 

"الماء نهر الحياة الدافق في عرق الإنسان حاملاً إلى كل خلية في جسمه أسباب بقائه 
بأكسجين؛ وغذاءء وهرموناتء ومواد المناعة» ودواء» وفيتامينات» وكل العمليات الحيوية في 
جسم الإنسان ‏ بلا استثناء ‏ لا تجري إلا بوجود الماء .. 


(1) انظر زاد المسير/ ابن الجوزي 4 / 368 . 
(2) نظم الدرر/ 4 / 192 . 





62 


والماء فعلاً هو أكسيد الحياة منذ البداية حتى النهاية فجسم الإنسان يحتوي أكثر من 
سبعين في المئة من وزنه ماء» وبمعنى آخر أن خمسين كيلو جراماً من وزن أي إنسان في 
المتوسط هي من الماء الصرف.(1) 

وهذا يشير إلى مدى أهمية الماء كمادة حيوية للوجود والبقاء ... فإن غاب الماء عن 
الجسم فإنه يجف وترتفع حرارته؛ ويذبل ويموت .... وإذا كان الإنسان يمكنه البقاء حياً بدون 
طعام فترة طويلة فإنه لا يستطيع ذلك بدون الماء لبضعة أيام قليلة وبمزيد من التفصيل فإن 
وجود الماء بالجسم العديد من الخدمات الصحية مثل: 
"* ينظم درجة حرارة الجسم . 
* يعمل على تخليص الدم من السموم والمخلفات . 
* يقوم بدور الوسيط في كثير من العمليات الكيميائية . 
* يساعد على الإتزان الكيماوي للجسم . 
* يعمل على تشحيم وترطيب المفاصل . 
* يسهل القيام بعملية الهضم . 
* ينقل الغذاء إلى الأنسجة . 
*يحفظ للجسم توازنه وانسجامه . 

فالعلاج بالماء ليس خدعة ولا يجب أن يستهان به ... وحتى يتحقق ذلك لاابدمن 
ضبط أمور العلاج به على أسس علمية سواء فيما يتعلق بخصائص الماء المستخدم؛ مثل: 
باردء دافئ» ساخنء»في صورة ثلج أو بطرق استخدامه مثل: عمل الحمامات» سوائل كاملة أو 
الجزئية أو في صورة كمادات وغير ذلك أو فيما يتعلق بالمدة اللازمة لكل طريقة للوصول 
إلى الفائدة المرجوة علاوة على شربه كعلاج.(©) 

وقد أشار القرآن إلى العلاج بالماء في قصة سيدنا أيوب علية السلام حيث قال تعالى: 
في سورة الأنبياء (وأَيُوبِ إِذْ نادى ربّهُ أني مَسَنيَ الضرٌ وَأنت أَرْحَمٌ الراحمين(83)فَامتجِبنا 
لَهُ فكشفنا ما به من ضر وآتيتاه أهلة ومثلَهُم مَعَهُمْ رَحْمَة من عندتا وذكرى للعابدين006) 


(1) الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي/ محمد بن عبد العزيز بنعبد الله . - ط1 . - 1996 م وزارة 
الأوقاف والشئون الإسلامية المملكة المغربية 3 / 457 . 

(2) انظر العلاج بالماء وطرق التداوي به/ أيمن الحسيني ص 6  .‏ ط1 . - القاهرة» مكتبة ابن سينا » 
2 م. 

(3) سورة الأنبياء: آية/ 83 - 84 





63 


وقال تعالى: (واذكر عَبِْدنا أُيُوب إذ نادى ربَّهُ أني مَسَني الشيْطان بنْصب 
وَعَدَاب(41)اركض برجلك «ابسيل وشرَابْ(42)ووَهَبْنا له أهله ومثلهُم مَعَهُمْ رحمَة 
منَا وذكرى لأولي الألبَاب)11) 

وبالتعرض لآيات سورة ص التي تحدثت عن العلاج بالماء بشكل واضح وجلي فهي 
فصتلت ما أجمل في سورة الأنبياء قبل قوله تعالى:7 أَنِي مَسّنِيَ الضر» قال: في سورة ص 
(أني مَسّني الشَيْطَانٌ بصب وَعَذَاب4 هنا امتلاً دعاء سيدنا أيوب أدباً مع الله بأن نسب 
القمو: و نميب وزلكذاب للفيطا و روط يفت الآئة الخير ولنسه لقنن . 

وكذلك في قوله تعالى:7 فكشفتا ما به من ضر 6 وضحت سورة ص كيف أو سبب 
كشف الضر عنهم وطريقة العلاج حيث قال: (اركض برجلك هذَا مُعَْسَلَ بَارِدَ وشراب» . 
شرح الايات: 
واعلم أنه كان قد حصل عنده نوعان من المكروه ... الهم الشديد بسبب زوال الخيرات 
وحصول المكروهاتء والألم الشديد في الجسم؛ ولما حصل هذان النوعان لا جرم؛ ذكر الله 
تعالى لفظين وهما النصب والعذاب”7) وقيل إن النصب ما أصابه في بدنه والعذاب ما أصابه 
في ماله" ذكره القرطبي وقال فيه بعد .6 
(بنصب» أي ضر ومشقة وهمٌ وداء ووجع وبلاء يثقل صاحبه فيتعبه ويعييه ويكده ويجهده 
ويل يد لح القيةين كل كلك لإكذات» أي كه قري هذا داق مانع من :كدان مها رلته 
ويمكن أن يساع ويستطعم أجمله؛ ونكره تنكيراً لتعظيم استغنائه على وجازته عن جمل طوال 
ودعاء عريض إعلاماً بأن السيل قد بلغ الزبى» وأوهن البلاء القوي."(4) 
وكذلك ذكر بعض أهل التفسير قصصاً مطولة لا تخلو من الإسرائيليات وأقوالاً في غاية 
0ن 

والذي يتناسب مع اعتقاد المسلم وإيمانه أن الله و أيوب في ماله وولده وفي 

جسده بمرض شديدء صبر على ذلك كله بإيمانه وثقته بفرج الله» حتى تنزلت عليه رحمة رب 
العالمين بالشفاء التام ورد أهله وماله إليه كما عبر عن ذلك القرآن . 


(1) سوزة طية أيه القت 13 
(2) تفسير الرازي 26 / 212 . 
(3) ت اي 5 / 208 . 
عل الدرر/ للبقاعي 6 / 388 - 389 . 
(5) ته 
0 . 


تفسير القرطبي 15/ 208 » وابن جرير الطبري 23 / 166 » تفسير البحر المحيط / أبو حيان 7 / 





64 


(اركض برجلك هذا مُغْتَسَلَ بَارِدَ وشَرَابْ» ' والركض هو الدفع القوي بالرجل ... قيل إنه 
ضرب برجله تلك الأرض فنبعت عين فقيل (هَذَا مُغْتَسَل بَارِدٌ وَشَرَابْ4 أي هذا ماء تغتسل 
نة قير بأطذاك«وظاهن اللفظ يدل على أند ديعت له عيق:واحدة من 'الماء اغفول:فية ودرب 
منه.7!) قيل:" أمر بالركض بالرجل ليتناثر عنه كل داء في جسده."7) وقال بعض المفسرين 
52 برجله اليمنى فنبعت عين فاغتسل بها وبرجله اليسرى عيناً أخرى فشرب منها 
ومنهم من قال: أنه سار بين الضربة الأولى والثانية أربعين ذراعاً ومنهم من قال العين 
الأولى حارة والثانية باردة وهذا مخالف لظاهر الآية !مُغْتَسَلَ بَارِدْ وشرَابْ4 فيدل الظاهر 
على أنها عين واحدة اغتسل وشرب منها (0) 

ذكر القرآن طريقتين للعلاج بالماء وهما: الاغتسال به وشربه فأما الاغتسال بالماء فإما 
أن يكون العاك كنا أو تارك هذا الذي ناسب مرض سيدنا أيوب أن يكون الماء بارداً ولكن 
يستخدم الأطباء الماء الساخن في العلاج لما يناسب من حالات مرضية فللماء الساخن تأثير” 
على أعضاء الجسم مثل: 
- زيادة وقتية في ضغط الدم يتبعها انخفاض فيعود لحاله الأولي. 
- زيادة الدورة الدموية السطحية للجلد . 
- زيادة كمية الدم للعضلات . 
- استرخاء تام في العضلات وتخفيف تقلص العضلات . 
- زيادة سرعة ضربات القلب . 
- زيادة حجم الدم . 
- زيادة كمية العرض وبالتالي زيادة التخلص من النفايات - السموم في الجسم -. 
- زيادة سرعة التمثيل الغذائي وبالتالي زيادة نسبة الأكسجين في الأنسجة ويتبع ذلك 
زيادة في كمية ثاني أكسيد الكربون المنتجة . 
9 كزياةة منرهة القن . 
0- تنبيه الجهاز المناعي للجسم وزيادة كمية الأجسام المضادة . 
1- تنبيه العمليات الكيميائية التي تجري في الكبد وسرعة التخلص من حامض اللاكتيك . 
2- تسكين الجهاز العصبي الحسي والحركي وتخفيف الآلام . 
ويستخدم الماء الساخن للمساعدة في الشفاء من الحالات المرضية الاتية: 


جم يزخ زرا للد ها جه ل مق 


(1) تفسير الرازي 26 / 214 . 
(2) تفسير القرطبي 15 / 211 ٠‏ والبحر المحيط/ أبو حيان 7/ 384 . 
(3) انظر البحر المحيط 7 / 384 





65 


آلام الظهرء والتهابات المفاصل والآلام العصبية والشد والتقلص العضلي والشد والجزع 
المفصلي والتصلب والكدمات والسحجات وهناك حالات مرضية لا ينصح باس تخدام الماء 
الساخن في علاجها مثل: 
حالات الحمى الحادة ومضاعفات القلب الخطيرة والتشنج والنزيف الحاد والجروح المفتوحة 
وقرحات الفراش نتيجه الرقاد الطويل والتهابات الجلد الحادة»؛ وأمراض الجلد ذات الطفح 
المعدي وأمراض الأوعية الدموية والأمراض العصبية التي يقل فيها الإحساس بالحرارة 
وسلس البول والبراز ومرض الخوف الشديد من الماء والأمراض السرطانية الخبيثة ومرض 
الدرن النشيط (1) 

ولما كانت هذه فوائد الاغتسال بالماء الساخن فإن البارد يستخدم كذلك للاغتسال به أو 
وضعه ككمادات على الأجزاء المصابة وعلى عكس حمام الماء الساخن الذي يؤدي إلى 
اتساع الأوعية الدموية وبالتالي الاسترخاءء فإن حمام الماء البارد يؤدي لانقباض الأوعية 
الدموية مما يؤدي إلى التنشيط والانتعاش ومن فوائد الحمام البارد ما يلي: 
1 - تنشيط الجسم بصفة عامة . 
2- رفع كفاءة الجهاز المناعي . 
3- تخفيض حرارة الجسم . 
4- يعمل على تخفيف الروماتيزم . 
5- جلب الشعور بالمرح والانتعاش . 
6- تنشيط مسام الجلد .(©) 
' وماء الثلج والبرد ثبت في الصحيحين عن النبي #ِ أنه كان يدعو في الاستفتاح وغيره62 
اللَّهُمَّ اغسلني من حَطَايَاي بِالتَلْجِ وَالْمَاء وَالبَرّد م 06 4) 

ولقد ذكر ابن القيم في زاد المعاد عن هدي رسول يل في علاج الحمى أن رسول كل 

كان يعالج المحموم بوضع الماء البارد على رأسه فيقول ابن القيم فإنها تسكن على المكان 


(1) أسرار العلاج بالماء الساخن والاسترخاء/ محمد كمال مصطفى. ‏ ط .1‏ دار الطلائع القاهرة 1998 
ص 907 

(2) انظر العلاج بالماء/ أمين الحسيني ص 15 . 

(3) صحيح البخاري مع فتح الباري 2 / 226 كتاب الآذان باب ما يقول بعد التكبير رقمها 743 » صحيح 
مسلم كتاب المساجد , باب ما يقال بعد تكبيرة الإحرام رقم 598 » 1 / 419 . 

(4)انظر معجم التداوي بالأعشاب ابن قيم الجوزية  .‏ ط2 . - القاهرة» مكتبة التراث الإسلامي.1407 
ه 1986م ص128 . 





66 


بالانغماس بالماء البارد وسقي الماء البارد المثلوج ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج 
آخر وذلك لقسم من الحميات العرضية.(!1) 

" وحديث الرسول يَنْهُ في ذلك الوقت واضح على عن نافع عن ابن عمر رضي الله 
عنهما عن النبي ‏ قال: 2الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء 52 2)وقال : عن 
فاطمّة بنت الْمُنذر أن أُسْمَاءَ بنت أبي بكر رضي اللَّهُ عَنْهُمَا كانت إذَا أتيت بالمَرأة قد حمّت 
تَدْعُو لَهَا أَحَدَت الْمَاءَ فَصَبَنه بَينهَا وبَيْنَ جَيْبها قَالَتَ وكانَ رَسُول اللّه # يَأمْرنا أن نَبْرْدَهَا 
بالمَاء 55 27 وبهذا الهدي النبوي يتبين لنا مدى أهمية واستخدام الماء في علاج بعض 
الأمراض التي تصيب الإنسان . وفي ذلك إعجاز علمي نبوي حيث نبه النبي صلى الله عليه 
وسلم للعلاج الأمثل للحمى . 
المطلب السادس:الشرب والسقاية 


بعدما تحدثنا في المطالب السابقة عن أهمية الماء الواسعة والتي كانت في غالبها تقدم خدمات 
ومنافع للإنسان لا تتوقف حياته عليها بشكل مباشر بل منها ما هو ضروري ومنها ما هو في 
درجة الحاجة ومنها ما هو كمالي ولكن مطلبنا هذا تتوقف حياة الإنسان بشكل مباشر عليه فلا 
غنى للإنسان عن شرب الماء وكذلك ما حوله من حيوان ونبات إذا انقطع عنه الماء ذبل 
وجف ومات لذلك أردنا بيان أهمية الماء من ناحية الشرب والسقيا . 
ولنتعرف على مدى أهمية وفائدة شرب الماء للإنسان نذكر الفوائد المترتبة على شرب 
الإنسان للماء: 
1 - " شرب الماء بمثابة عمل حمام لأعضاء الجسم .. ينعشها وينظفها . 
2- تنشيط وظائف الكلية . 
3- تنظيم حرارة الجسم .. فهو يخفض درجة حرارته مع ارتفاع درجة حرارة الجو 
الخارجي . 
4- تجديد حيوية كل خلايا الجسم . 
5- تنشيط الجهاز الهضمي وأعضاء الإخراج . 
6- تخفيف سوائل الجسم . 
7- تنقية السموم . 


انور لعن 7م 





6, 


8- يساعد على تخفيف التهاب المفصل وليونة حركته . 

9- يمنح الجسم الرطوبة اللازمة.. مما يكسب الجسم الليونة» ويحفظ للعينين البريق .(1) 

لما كانت هذه مكانة الماء جعله الإسلام مشاعاً بين الناس فقال يله :52 المُسلمُونَ شركاءٌ 
في ثَلَاثْ في الْكلَاٍ وَالْمَاءِ والتار 5 ”أوفي رواية بزيادة الملح »؛ وحث الإسلام على 
الفيدق لخاد كل كل كانن حي امن شاك حير انو اتسنا .: 


أما الإنسان فقد أولاه اهتماماً أكبر فجعل منع الماء عن إنسان ظمآن من موجبات العذاب 
الأليم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ك4 : 52 ثَلاتَة لا يُكلْمْهُمْ اله ولا 
ينظ إِليْهمْ ولا يُرَكيهم ولَهُمْ عَذَابْ أَلِيمٌ رَجْلَ عَلَى فضل مَاء بالقلاة يَمنَعْهُ من ابْن السبيل 
م6 
وفي المقابل جعل رسول الله © أفضل الصدقة سقي الماء»ء عن سعد بن عبادة قال 

تقلت يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال سقي الماء72 وفي رواية أبي داود زاد تقال 
فحفر بئراً وقال هذه لأم سعدا وفي رواية أحمد 2تفقلت يا رسول الله دلني على صدقة 
قال اسقي الماء ع ) 

أما بالنسبة للنبات فقال #: فيما رواه أبو هريرة عن رسول الله ب قال: 2 لا يُمُنَعُ فَضل 
الْمَاء ليْمنَعَ به الكاأ 65 (© هذا حتى لا يمنع الناس من الكلاً ورعيه . 

أما بالنسبة للحيوان قال 2 :62 بِيْنَمَا رَجل يَمشي بطريق اشْتَدَ عَلَيْهِ العطش فَوَجَد بترا 


لوت سى ا م2 2 هه 


م ل ع يه ُ يا 1 ا ا ار ١‏ < لق ا ار رق ب واف ل ل ال ف 
فنزل فيهًا فشرب ثم خرج فإذا كلب يَلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرّجل لقذ بلغ هذا 


(1) العلاج بالماء وطرق التدواي به / أيمن الحسيني ص 7 - 8 . 

(2) أخرجه أبو داود 3 / 278 » كتاب البيوع » باب في منع الماء » رقم 3477 » وأحمد 5 / 364 » وابن 
ماجة 2 / 826 كتاب الرهونء باب المسلمون شركاء في ثلاثة رقم 2473 ؛ صححه الألباني » انظر رقم 
3 في صحيح الجامع . 

(3)أخرجه البخاري كتاب المساقاة باب إثم من منع ابن السبيل من الماء 3 /145 - 148 » ومسلم؛ كتاب 
الإيمان » باب غلظ تحريم إسبال الإزارء والمن بالعطية رقم 108 » 1 / 103 . 

(4) أخرجه النسائي » في كتاب الوصايا » باب فضل الصدقة عن الميت 6 / 254 » وأبو داود كتاب الزكاة 
باب فضل سقي الماء رقم 1681 ٠»‏ 2 / 130 » وابن ماجة كتاب الأدب باب فضل صدقة الماء رقم 
4 :. 2 / 1214 .ء وأحمد 5 / 284 » وابن حبان 8 / 135 » والحاكم في المستدرك 1 / 574 رقم 
1 -1512 »ء وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» وحسنه الألباني في صحيح 
الجامع رقم 1113 . 

(5) صحيح البخاري كتاب المساقاة باب من قال إن صاحب الماء أخص بالماء 3 / 144 » مسلم في 
صحيحه كتاب البيوع باب تحريم فضل بيع الماء رقم 1566 » 3 / 1198 . 





68 


الكلب من العَطّش مثل الذي كان بلع بي فتزل البثر ملأ خفة ثم كه بفيه فسقى اكب 
فشكر الله لو للا ور لَه ون لنا في البتهائم أجرًا فَقَال نَعَمْ في كل ذّات كبد 
رطبَّة أَجْر75!) وفي هذا الحديث الحث والترغيب في سقي البهائم والحيوانات . 

٠‏ هكذا أولى الإسلام ورسولنا الكريم سقي الماء لكل ما هو حي من نبات أو حيوان أو 
إنشنان كل هذا الاهتمام من خلال التزعيب في سقيه الترهيب من متعد: ألما لهذا الماء :مان 
أهمية تتوقف عليها حياة الأرض ومن عليها . 

وذكر القرآن في مغرض امتنان رب العزة علينا بنعمة سقي الماء وشربه فذكر 
القرآن آيات كثيرة منها ( وَالّذي هو يُطْعمُني ويَسئقين 74 ( وَأَسقَيْنَاكمْ مَاءَ فرَاتا6© 
فَأَنرَلَنَا من السنّمَاء مَاءَ فَأسْقِيْنَاكَمُوه7)06 لنحيي به بِلدَةً مَيْتا ونسئقيَهُ مما خَلَقنا أَنعَاماً 
وأناسي كثيراً 716) ( هذا عَذْبْ فَرَاتَ وَهذَا ملخ أجَاج 4 ( وَخلّوا أسَاورَ من فضّة 
وَسَقاهم رَبُّهُمْ شراباً طهوراً 76) (هو الذي أنزل من السنّماء مَاءَ لَكمْ منه شرَابْ ومنه شجَرٌ 
فيه تُسيمُون 324 (أفْرأَيتَمْ المَاء الذي تشربُون(68)ءَأَنْثْم أَنْرَتَمُوهُ من الْمُرّن أمْ تخن 
المتزلون69لو: تشاع جَعَلنَاهُ أَجَاجَا فلولا تشكرون© 
نأخذ منها على سبيل التمثيل والاستشهاد بها في هذا المطلب قوله تعالى: (أَفَرأَيْتَمْ الْمَاءَ 
الذي تشربُون(68)َأَنتمْ أَنرلتمُوهُ من الْمّرْن أَمْ تحن الْمُتزلون(69) لو نشاء جَعَلَنَاهُ أجَاجَا 
فلولا تشكرون» 
المناسبة: 
' ومناسبة الانتقال أن الحرث إنما ينبت زرعه وشجره بالماء فانتقل من الاستدلال بتكوين 
النبات إلى الاستدلال بتكوين الماء الذي به حياة الزرع والشجر ..(09) 


شرح الاية: 


1) أخرجه البخاري كتاب المساقاة باب فضل سقي البهائم 3 / 146 - 147 . 
2 سورة الشعراء: آية / 79 

3) سورة المرسلات: الآية /27 

4) سورة الحجر: الآية / 22 

5) سورة الفرقان: الآية / 49 

6) سورة الفرقان: الآية / 53 

7 سورة الانسان: الآية / 21 

8) سورة النحل: الآية / 10 

9 سورة الواقعة: آية / 68 - 69 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
(10) الفحوير والشتوين | لو غاضون27/-7323- 324 





69 


" ووصف (الماء» ب «الّذي تَشرَبُون» إدماج للمئة في الاستدلال؛ أي الماء العنب الذي 
تشربونه» فإن شرب الماء من أعظم النعم على الإنسان ليقابل بقوله بعده لو نشاع جَعَلنَاهُ 
أَجَاجًا فلولا تشكرون» والمراد ماء المطر ... وماء المطر هو معظم شراب العرب 
المخاظبين حينتذ ولذلك: يقال للعوب» يذو.ماء: السماء. 017 
يقول ابن جرير الطبري :" أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون عأنتم أنزلتموه من 
السحاب فوقكم إلى قرار الأرض أم نحن منزلوه لكم ... ولو نشاء جعلنا ذلك الماء الذي 
اديص الوزن كر عاد وير اماج وده واد لمارا تكد ماوحنه. 
يقول:لو نشاء فعلنا ذلك به فلم تنتفعوا به في شرب ولا غرس ولا زرع ... فهلا 
تشكرون ربكم على إعطائه ما أعطاكم من الماء العذب لشربكم ومنافعكم» وصلاح معايشكمء 
وتركه أن يجعله أجاجاً لا تنتفعون به .27) 
" وخص الماء بالذكر لأنه ألطف وانظف أو تذكيرا لهم بالإنعام عليهم ...'(6) 
ولما مَنَ الله على الإنسان بشرب الماء العذب لم يتركه هكذا بلا آداب تضبط هذا الشرب فقال 
تعالى: (وكلُوا واشربُوا ولا رفوا إِنَهُ لا يُحبُ الْمُسسْرفين)4) 
' واعلم أن قوله:( وكلوا وَاشربُوا» مطلق يتناول الأوقات والأحوالء ويتتاول 
المطعومات والمشروبات» فوجب أن يكون الأصل فيها الحل في كل الأوقات؛ء وفي كل 
المطدونانك ةن لشو يانه لشب" خصو الدلرن المتفصال و العف أبطنا موكدا لدان افق 
في المنافع الحل والإباحة "(5) 
" قال ابن عباس: أحل الله في هذه الآية الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلة. 
قأما ما ماعو الداكة اليدوقو بنا به اللحوظة وسكن لظي كاتتذوب: إلنه تعفلا زاوها لعينا 
فيه من حفظ النفس وحراسة الحواس ولذلك ورد الشرع بالنهي عن الوصال» لأنه يضعف 
الجسد ويميت النفس » ويضعف عن العبادة» وذلك يمنع منه الشرع ويدفعه العقل. ©) 
وفي المقابل إِنّ الزيادة في شرب الماء لا تدخل في الإسراف المذكورفي الآية ولعل 
المراد بالشرب المشروبات الآخرى غير الماء تفيد عدم الإفراط في المطعم أو المشرب 
وليس ذلك فحسب وعدم الإسراف في تبذير وإهلاك الماء بدون فائدة تعود أو منفعة ينتفع بها 


1 
2 
3 
4 
5 
6 


تفسير التحرير والتنوير / ابن عاشور 27 / 323 - 324 . 
تفسير ابن جرير الطبري 27 / 200 - 201 » وانظر تفسير القرطبي 17 / 221 . 
ير الرازي 29 / 184 . 
سورة الأعراف: آية / 31 
تفسير الرازي 14 / 66 . 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) تفسير القرطبي 7 / 191 . 


1 
)تفسين 
( 
3 
8 





1/0 


وكذلك عدم الإفساد وتلويث المياه فبفسادها إسراف وتبذير وقد ختم الله الآية بقوله: ( إن الله 
لا يُحبُ المُسْرِفِينَ4 لقد جاءت كلمة (الْصُنْرِفِينَ4 معرفة وهذا يفيد استغراق اللفظ واستيعابه 
لجنس المسرفين جميعاً بكل أشكال الإسراف وأنواعه وأحجامه وهيتاته وأوقاته وأماكنه وفيه 
تنفير شديد وترهيب بقوله: (إن الله لا يُحبُ4 فالذي لا يحبه الله محظور الاقتراب منه . 

ونذكر بعض الآداب تتمة للفائدة وذكر ابن الجوزي أن من هديه ‏ أنه شرب قاعداً 
في أكثر الأحيان وشرب واقفاً لبيان الجواز ويبدأ باسم الله ويحمد الله بعد الشرب فيقول: 
الحمد الله الذي من علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وربما قال الحمد لله الذي أطعم وسقا وسوغه 
وكان إذا شرب ناول من على يمينه وإن كان من على يساره أكبر منه سنا (!) وكان من هديه 
يك وآدابه في الشراب عن أنس رضي الله عنه أن الرسول 5ه/ت) كان يتنفس في الشراب 
ثلاثاً 2.510 وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي يه #تانهى أن يتنفس في 
الإناء 0062 وعن أبي هريرة 4ه قال نهى رسول الله يِ أن يشرب من في السقا أو 
القربة 65 7) عن أبي سعيد الخدري 4ه أن النبي 2 2نهى عن النفخ في الشراب 5762 
عن أبي قتادة ذه عن النبي يك قال:62ساق القوم آخرهم 62 - يعني شرباً - 6) 


(1) انظر زاد المعاد / ابن القيم 1 / 149 . 

(2) متفق عليه أخرجه البخاري 5 / 2133 ٠»‏ كتاب الأشربة » باب النهي عن التنفس في الإناء رقم 5308» 
ومسلم 3 / 1602 » كتاب الأشربة » باب كراهية التنفس في الإناء رقم 2028 . 

(3) متفق علية البخاري ومسلم نفس المجلد والصفحات في الحاشية السابقة . 

(4) البخاري 5 / 2132 كتاب الأشربة» باب الشرب من فم السقاء رقم 5626 . 

(5) أخرجه الترمذي 4 / 307 كتاب الأشربة » باب ما جاء ساق القوم آخرهم شرباً رقم 1894 »: 
وكال:التزمدي: (جديت بحن صنفيع) 

(6) أخرجه الترمذي 4 / 303 كتاب الأشربة » باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب رقم 1887 قال: 

الترمدي(حديك عبن صبخح) 





71 


المبحث الثاني: فساد الماع وطرق حمايته 


ويشتمل على ثلاثة مطالب 


المطلب الأول: أسباب فساد الماء 
المطلب الثاني: مضار التلوث ومخاطره 
المطلب الثالث: طرق حماية الماء والمحافظة 
عليه 


4 


712 


المطلب الأول: أسباب فساد الماء 


ولجاآكان الماع ييا فى انشيز ان «الحياة كل" .هذا الغو كي توي قلق الاسان هكد 
المنتفع الأعظم به أن يحافظ عليه ويحميه من أي سبب أو شكل من أشكال الفساد المباشرة 
والغير مباشرة : 

فالماء كأي شيء خلقه الله في هذا الكون صالحاً ونافعاً على أصل خلقته في هذه 
الطبيعة ولكن الإنسان عند ما يتدخل بمصالحه الفردية ونظرته المحدودة الني تضر هذا 
الصلاح وتدخل إليه كدرات فساده وإفساده وخلال هذا المطلب سوف نتعرف على هذا الفساد 
وأسبابه التي تقضي على القطرة الصالحة والمنفعة العامة العظيمة للماء فقد قال الله تعالى: 
( ظهر الْقِسَادْ في الْبَرَ وَالبَخر بمَا كَسَبَت أَيْدي الئاس ليُذِيقَهُمْ بَعْضّ الذي عملُوا لَعَلَهُمْ 
يَررْجِعُونَ)1١)‏ 
شرح الاية: 
«ظهر السَادُ في الْبَرَ وَالبَخر4 اختلف أهل التفسير حول المقصود بمعنى البر والبحر إلى 
أقوال كثيرة ذكرها الأئمة الطبري 7 والقرطبي 7 الرازي!) وغيرهم في تفاسيرهم» "وأولى 
الأقوال في ذلك بالصواب أن الله تعالى ذكره. أخبر أن الفساد قد ظهر في البر والبحر في 
الأرض القفار والبحر بحران» بحر ملح» وبحر عذبء فمنها جميعا عندهم بحر ولم يخصص 
حل ثناؤه والخبر عن ظهور ذلك في بحر دون بحرء فذلك على ما وقع عليه اسم بحر عذبا 
كان أو ملحاء وإذا كان ذلك كذلك دخل القرى التي على الأنهار والبحار ."59) 


(1) سورة الروم: آية / 41 

(2) تفسير الطبري 21 / 49 . 
(3) ت تقب القزطي !11 40 
(4) تفسين الرازي 128/25 
(5) تفسير الطبري 21 / 50 . 





713 


' وَفْسَادَ البنيكون بفقدان متافعة وحدوت مضاراه مثل حبمن الأقوات من الزرع والثمنار 
والكلأء في موتان الحيوان المنتفع به» وفي انتقال الوحوش التي تصاد من جراء قحط الأرض 
إلى أرضين أخرىء وفي حدوث الحوائج من جراد وحشرات وأمراض. 
590 كذلك يظهن' في تخطيل مناقحة: قلة الحيتان» واللولق» والمرجان وتحصيؤب ميساء 
الأنهار» وانحباس فيضانها الذي به يستقي الناس".17) 

وقوله تعالى: (بمّا كسبّت أَيْدي التّاس»4 قال الزمخشري بسبب معاصيهم وذنوبهم 
كقوله تعالى: (ومَا أصابكم من مُصيبَة فَبِمَا كسبّت أَيديكم24 © وهذا بيان أسباب ظهور 
الفساد بسبب اقتراف الناس لمخالفة الفطرة التي فطر الله الناس عليها في الحياة الدنيا وذلك 
لمخالفة شرعه ومنهاجه في المحافظة على نعم الله ومنافعه التي سخرها للإنسان وهل هناك 
أكيوا من ذلك مقضنة رذنت انها" ترج لهذا ذو العذ ان روا لا الأعمالهم وتنك لين حنيوا 
ويتوبوا إلى ربهم عما اقترفت أيديهم من فساد في الأرض في البر والبحر . 

وقال تعالى: في أؤلئك الذين يفسدون في الأرض ويسعون في فسادها (ومنَ الاس 
من يُعْجِبْكَ قَوْلْهُ في الحيّاة الدنيَا وَيُشَهدُ الله على مَا في قلبه وهو أنه ا 
توَلَى سَعى في الأرض ليُفسدَ فيها ويُهلك الْحَرثُ والتسيل واللّهُ لا يُحب ؛ القسسَاد414) 
شرح الاية: 
ذكر الله في هذه الآيات المنافقين وشرح صفاتهم و أفعالهم والغرض من ذلك إصلاح أفعال 
القلوب والجوارح واختلف في هل هي في أقوام مخصوصة أم هي عامة في حق من كان 
موصوفاً بهذه الصفة المذكورة في الآية وهذا هو الأرجح عندي أنها عامة 
والآية بعمومها تعم كل فساد كائن في أرض أو مال أو دين وهو الصحيح إنشاء الله تعالى: 
" الفساد ضد الصلاح وهو إتلاف ما هو نافع للناس نفعاً محضاً أو راجحا . .. وإنماكان 
الفجداك' غك متهد بج كله انر 0ك العالم لحكمة صلاح 
الناس فإن الحكيم لا يحب تعطيل ما تقتضيه الحكمة ١‏ 5 (وَإِذَا تَونّى سَعى في الأرْض» أن 
الله تعالى: وصف هذا المنافق بأنه ذا لين مير ١‏ هن رفوك الله يَلِةِ وعمل في أرض الله 


(1) تفسير التحرير والتنوير / ابن عاشور 21 / 110 . 
(2) سورة الشورى: آية / 30 . 

(3) الكشاف/ الزمخشري 3 / 483 . 
(4) سورة البقرة: آية / 204 / 205 . 
(5) تق 


تسيو الكدريد والقوين لذن غاشور 37052 





74 


بالفساد» وقد يدخل في الإفساد جميع المعاصي وذلك أن العمل بالمعاصي إفساد في الأرض 
فلم يخصص الله وصفه ببعض معاني الإفساد دون بعض ."17) 
يرى الباحث: فإن التولي بالإدبار عن منهج الرسول وخ هو من أعظم الفساد لأنه يخالف 
الشرع ويدخل الإنسان في مطامع نفسه وهواها . 
وقوله ويهلك الحرث والنسل عن مجاهد قال إذا تولى سعى في الأرض بالعدوان والظلمء 
وبالفسيل: العقث و الوه :: 
عن عطاء قال: الحرث: الزرع والنسل من الناس والأنعام» قال يقتل نسل الناس والأنعام 
وكذلك قال الضحاك والنسل كل دابة والناس منهم © ولما كان الفساد بما كتبت أيدي الناس 
وقد ظهر جلياً وشمل كل مظاهر الحياة ومنها الموارد الطبيعية وعلى رأسها المال كان لزاماً 
علينا بيان ذلك بشيء من الموضوع والتفصيل من خلال الكتب المتخصصة التي تحدثت عن 
البيئة وفساد الماء وتلوث ... كل ما يؤثر على جميع عناصر البيئة بما فيها من نبات وحيوان 
وإنسان وكذلك كل ما يؤثر في تركيب العناصر الطبيعية غير الحية مثل الهواء والتربة 
والبحيرات والبحار وغيرها (©) 
وهذا تعريف التلوث ولما كان العنصر الذي يخصنا في الموضوع هو الماء فحري بنا أن 
مورت رك الما 
تعريف تلوث المياه ' هو تغيير في طبيعة الماء وخواصه في مصادره الطبيعية 
المختلفة بحيث يصبح غير صالح للكائنات الحية التي تعتمد عليه في استمرار بقائها.(4) 
أنواع تلوث المياه: 
1 - ' تلوث طبيعي: ويعني به التلوث الذي يغير خصائص الماء الطبيعية ويجعله غير 
صالح للاستعمال الآدمي قبل اكتسابه الرائحة الكريهة أو اللون أو المذاق غير الطبيعي . 
2- تلوث كيمائي: اختلاط مواد كيماوية سامة في الماء ويصبح بذلك للماء تأثير سام نتيجة 


وجود هذه المواد مثل مركبات الرصاص أو الزرنيخ أو المبيدات الحشرية 


(1) ابن جرير الطبري 2 / 317 . 

(2) ابن جرير الطبري 2 / 317 - 3/ 318 باختصار . 

(3) الإنسان وتلوث البيئة/ محمد سيد الأرناؤوط ص 30  .‏ ط2  .‏ القاهرة» الدار المصرية اللبنانية» 
6م . 

(4) تلوث المياه العذبة/) أحمد عبد الوهاب عبد الجواد ص 106  .‏ ط1 . ل سلسلة دائرة المعارف 
البيئية الناشر الدار العربية للنشر والتوزيع 1995م . 





15 


3 - التلوث البكتيري البيولوجي: وذلك بوجود ميكروبات مرضية بالمياه فبتسبب عن 
شربه الأمراض المعدية (1) 

مصادر تلوث مياه الشرب: 

1- مصادر منزلية . 

2- مصادر صناعية . 

3- مصادر زراعية . 

4- خزانات المياه والمواسير . 

5- مصادر بشرية وحيوانية . 

6- مصادر نباتية . 

7- مصادر الصرف الصحي . 

8-قضادن إشعاغية +20 

ذكرت هنا المصادر دون بيان وتفصيل تاركاً ذلك للرجوع إلى مصادرها وكتبهاالمتخصصة. 

أما المياه المالحة التي هي مصدر للغذاء والاستحمام ومنافع كثيرة أخرى. فهي عرضة أيضاً 

للتلوث وهناك الكثير من الأسباب لتلوث هذه المسطحات المائية المالحة من أهمها . 

مصادر التلوث البحري: 

1 - التلوث بتأثير المدن الساحلية وما يتخلف عنها من نفايات المصانع أو مياه الصرف 
المنزلي أو المياه الحارة بسبب تبريد وإدارة المصانع ومحطات توليد القوى العامة على 
السواحلء أو عملية تموين السفن خاصة من المدن والموانئ . 

2- التلوث بفعل الإطماء - ترسب - بالقرب من مصبات الأنهار. 

3- التلوث بفعل الحوادث الناجمة عن غرق ناقلات النفط أو التسرب منها . 

4- ' نتيجة انفجار بعض آبار النفط في قيقان البحار والمحيطات 

5- التلوث عن طريق دفن النفايات الذرية أو التجارب النووية في المحيطات 

6- التلوث عن طريق قنوات الصرف الصحي الزراعية بما تحمله من مبيدات حشرية أو 
مبيدات الأعشاب . 


(1) تلوث المياه وتحديات الوجود/ محمد يسري دعبس ص 16 سلسلة التنمية والبيئة  .‏ ط2 . ل 
الإسكندرية الناشر المؤلف1996م . 

(2) الإنسان وتلوث البيئة/ الارناتوط ص 146 - 148 وانظر تلوث المياه وتحديات الوجود/ محمد يسري 
دعسن فق صن 23-16 وز ]نكن "أيضياً الضلحة و البيكة) !محي كنال هيد الدة يذ هن 50 +58 يط 
. - دار الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير القاهرة . 





0 


7- التلوث بفعل السفن التي تجوب البحار والمحيطات خاصة السفن العملاقة الأخذة في 
الأنتشا اولتقي بغ 
وكذلك المسطحات العذبة من بحيرات وأنهار وخزانات المياه العذبة والترع تتلوث بكثير 
مخ الملوكاك :تذكر متها : 
1 - ' التلوث بالغبار والغازات والميكروبات وغيرها من الجو . 
2- التلوث من سطح الأرض وما به من فضلات آدمية وغير آدمية. 
3- التلوث من السفن العائمة والمراكب السائرة فوق المسطحات المائية العذبة . 
4- التلوث من المضارف والمجاري المتصلة بهذه المياه اتصالاً مباشنا أو غير:مباشن : 
5- التلوث من مخلفات المصانع التي تصرف في المياه . 
6-الاستحمام وقضاء الحاجة وغسل الملابس والأواني وغيرها "١‏ ©) 


المطلب الثاني:مضار التلوث ومخاطره 


إن تلوث الماء وفساده بشكل عام يسبب أضرارأً كبيرة في جميع مناحي الحياة مما يفسد حياة 
البشرية »وقد نهانا الإسلام عن الضرر فقال صلى الله عليه وسلم 2لا ضرر ولا 
ضرار 66( 

وهذه قاعدة فقهية عامة في التشريع الإسلامي وقد جعل المشرع لهذه الشريعة مقاصد 
شرعية عامة من هذه المقاصد الضروريات الخمس وهي الدين؛والنفس »والعقل »والنسل » 
والمال » وهي أقوى مراتب المصالح الضرورية .) 


(1) مشكلات البيئة المعاصرة/ محمد عبد الرحمن الشرنوبي ص 229  .‏ ط1 . - القاهرة» مكتبة 
الإنجلوة المصرية» 1993 م وانظر الصحة والبيئة / محمد جمال عبد العزيز ص 53 وانظر الإنسان 
وتلوث البيئة/ محمد السيد الارنائوط ص 179 . 

(2) تلوث البيئة وتحديات الوجود / محمد يسري دعبس ص 5 - 6 . 

(3) أخرجه ابن ماجة 2 / 784 عن عبادة بن الصامت رقم 2340 وأحمد في مسنده 5 / 326 عن عبادة 

أيضاً وعن ابن عباس 1 / 313 » والمستدرك 2 / 66 عن أبي سعيد الخدري رقم 2340 والبهيقي من 

طرق الحاكم عن عبادة بن الصامت .رقم 11657 +:والشافعي في مرسلاً عن مالك 1 / 224 ٠‏ والطبراني 
في الأوسط 1 / 90 » عن عائشة رقم 268 وعن ابن عباس 4 / 225 رقم 3777 » وفي الكبير عن ثعلبة 
بن أبي مالك رقم 1387 وفي 11 / 228 عن ابن عباس رقم 11576 وعنه أيضاً في 11 / 302 رقم 

6 وقد صحح الحديث الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم 7517 . 

(4)انظر أصول الفقه الإسلامي / وهبة الزحلي ص 1020  .‏ ط1 . - دمشقء دار الفكر 1986م . 





21 


وهذه الضرورات تتأثر من خلال فساد الماءء فهذا الماء بفساده يفسد المال في نفسه 
»وبما ينفق لإصلاحه وحمايته » وبفساده تفسد النفس من خلال الأمراض المنتشرة بتلوثه » 
وكذلك يتأثر النسل بهذا الفساد » وهذا التلوث » ولما كان العقل السليم في الجسم السليم يتأثر 
العقل بصحة الجسم فيدخل إليه الفساد والمرض ؛ وإذا مرض الإنسان قلت عبادته وقيامه 
بالواجبات الشرعية المترتبة عليه حال صحته فيصبح من أصحاب الأعذار » ومن خلال هذه 
المقدمة يتبين لنا أن تلوث الماء وفساده يؤثر تأثيراً عظيماً على مصالح الأمة من أعلاها إلى 
أدناها » وهل هناك أهم من الكليات الخمس وهي الدين » والنفس »والعقل ٠‏ والنسل » والمال 
وقد نهى القرآن عن الفساد في الأرض في آيات عديدة فقال تعالى :7( ....ولا تُفَسدُوا في 
الأررض بَعْد إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مُؤمنين» !! 
شرح الاية: 

لقد نهى الله سبحانه وتعالى قوم شعيب عن النقصان في الكيل والميزان لأن ذلك أكل 
لأموال الناس بالباطل وبغير رضاهم مما يوجب المنازعة والخصومة وهما يوجبان الفساد . 

وذكر الرازي أن الله أراد به المنع من كل ما كان فساداً حملا للفظ على عمومه ». 
وذكر أيضاً في قوله تعالى ولا تبخسوا الناس أشياءهم4 منع من مفاسد الدنيا » وقوله 
تعالى (ولا تُقسدُوا في الأرض»4 منع من مفاسد الدين فصارت الآية جامعة للنهي عن مفاسد 
الدنيا والدين.©) 
يرى الباحث: ( ولا تَفسدوا في الأرُض» فإن هذه الآية هي موطن حياة الناس وأعمالهم 
الدينية والدنيوية وليست الدينية فقط مما أنعم الله فيها على الناس من آلاء ونعم وأجلها الماء 
وهو الذي يشكل أكثر من سبعين من مئة جزء من مساحة هذه الأرض فيتضمنها خطاب الله 
بالنهي عن الإفساد في الأرض '" وهذا اللفظ يعم دقيق الفساد وجليله ". () 

قال أبو حيان الأندلسي:" هذا نهي عن إيقاع الفساد في الأرض وإدخال ماهيته في 
الوجود فيتعلق بجميع أنواعه من إفساد النفوس والأنساب والأموال والعقول والأديان".(4) 
وفي تفسيره لقوله تعالى (ولا تَفُسدُوا في الأرض بَعْدَ إصلاحها وَاذْعوهُ خَوْفًا وَطمَعًا إِنّ 
رَحْمَت اللّه قَريبْ من المُحسنين )072‏ ومعنى (بَعْدَ إصلاحها» بعد أن أصلح الله خلقها على 
الوجه الملائم لمنافع الخلق ومصالح المكلفين.'(1) 


(1) سورة الأعراف آية / 85 

(2) انظر تفسير الرازي 14 / 181 . 

(3) تفسير القرطبي 7 / 248 . 

(4) تفسير البحر المحيط / أبو حيان 4 / 313 . 
9 الأعراف: آية / 56 





7 


ويقول ابن جرير الطبري: 'وترك الفساد في الأرض خير لكم في عاجل دنياكم وآجل 
آخرتكم عند الله يوم القيامة."07) وفي قوله (بَعْدَ إصلاحها» 'والتصريح بالبعدية هنا تسجيل 
لفظاعة الإفساد بأنه إفساد ولما هو حسن ونافع عفلا معذرة لفاعله ولا مساغ لفعله عند أههفل 
الأررط 00 

ولما كانت الأرض ما فيها من نعم مما سخر الله للإنسان حتى يحمد الله ويشكره 
شكراً عملياً على ما أنعم وما سخر له في هذه الأرض فيحافظ عليه ويحفظه من الفساد قال 
تعالى: (وّسخر لَكم ما في المنّموات وما في الأض جميعًا منة إن في ألا لآيات لقم 
يتفكرون412) 
شرح الاية: 

'لقد سخر الله لهذا الإنسان ما في السماوات وما في الأرض ففي السماء الشمس 
والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء والملائكة الموكلة بهذا كله »وما في الأرض من 
البهائم والمياه والجبال والنبات.(5) 

'وهذا تعميم بعد تخصيص اقتضاه الاهتمام أولاً ثم التعميم ثانياً (مَا في السَّمَوَات 
وما في الأرُض 4 عام مخصوص بما تحصل للناس فائدة من وجوده ..كالشمس للضياء 
»والمطر للشرب ٠‏ أو من بعض أحواله ..كالكواكب للإهتداء بها في ظلمات البر والبحر » 
والشجر للاستظلال » والأنعام للركوب والحرث ونحو ذلك"6) 

كل هذه النعم السابقة تتأثر ويدخل إليها الضرر والفساد بالتلوث الذي ينجم عنه الكثير من 
الأضرار التي نذكر منها على سبيل المثال : 
أولاً: الأذى والضرر الجماعي : 
وذلك عندما تتلوث المياه الطبيعية برواسب المياه الحمضية ؛والتي لا يمكن تحديد فترة 

بقائها فهي متغيرة وإن كانت قصيرة نوعاً.فهي تؤثر في مناطق إقليمية ومحلية » كما أنها 
تخلف روائح كريهة تستمر لأسابيع في مناطق انتشارها . والتي أصبحت تعاني فيها الآن 
الأنهار ذات التيار البطيء والبحيرات القريبة من المراكز الصناعية .هذا بالإضافة لما تسببه 
هذه الرواسب من آثار على مذاق المياه وتلوثها بالكيماويات الحمضية . 


(1) نفس المصدر السابق 4 / 313 . 

(2)تفسير ابن جرير الطبري 8 / 238 . 

(3) تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور 9 / 175 . 

(4) سورة الجاثية: آية / 13 

(5) انظر تفسير البحر المحيط / أبو حيان 8 / 45 » وانظر تفسير الطبري 25 / 143 . 
(6) تق 


6) تفسير التحرير والتنوير / ابن عاشور 25 / 337 . 





/9 


ثانياً: الخسائر في الممتلكات : 

فالأملاح المذابة وما تحدثه من تحات لفترات متغيرة ومناطق محلية » وكذلك المياه الطينية 
وما تخلفه من رواسب ٠‏ بالإضافة إلى فقد وتراجع في قيمة الأماكن المخنصصة للسياحة 
عندما مما يجهد ميزانيات الدول خاصة الأقل تقدماً ؛ لتحسين الوضع وإصلاحه . 

ثالثاً * لف النياتات والحيوؤانات : 

عن طريق المواد المغذية والنيتروجين والفوسفات الذي يتسبب في زيادة نمو النبات » 
والحرارة التي تتسبب في إبادة الأسماك وبعض المبيدات الحشرية الكيميائية العضوية وغير 
العضوية التي تسبب ضررا كبيراً على الثروة السمكية في المسطحات المائية . 

رابعاً : الإضرار بصحة الإنسان : 

من إصابته بالميكروبات من بكتيريا وفيروسات أو أملاح زائدة في المياه ومعادن ثقيلة فكقل 
ذلك له أثر سلبي عظيم على صحة الإنسان من أمراض وإعاقات وقلة إنتاج ومصاريف 
علاج وغير ذلك . 

خامساً : الأضرار الوراثية : 

ويقصد به ما يصيب النظام الوراثي الإيجابي للجنس البشري فالمبيدات الحشرية تترك آثشاراً 
تمتد من أيام إلى سنوات على نطاق محلي وإقليمي ولكنها محاصرة حتى الآن .ومن يدري 
هل يمكن الاستمرار في ذلك ؟ أم أن التدهور قد يصيبها ومن ثم تحدث آثشاراً سلبية على 
النظم الوراثية وعلى الإنجاب . 

وذلك من خلال بعض الكيماويات ذات النشاط الإشعاعي التي تتأثر بها المياه وكلها ذات آثار 
سادساً : تدهور النظم الكيمياء الحيوية الهامة : 

كنظام الطاقة مثلاً والدوران البيوجيوكيميائية. فهذه كلها تتأثر بمكونات المياه من الزيت 
(المكرر على وجه الخصوص) وبعض الكيماويات العضوية والمبيدات الحشرية وعمليات 
التعرية وذلك مما يخرج من المصانع من مياه ساخنة وفسفور ونيتروجين وتصب في مياه 
الأنهار ويلقى فيها من نفايات هذه المصانع .(1) 

وينتج من خلال هذه الأضرار الكبيرة الشاملة الكثير من الأمراض التي يسببها تلوث المياه 


ونذكر بعض الأمراض التي تتسبب عن تلوث الماء . 


(1) مشكلات البيئة المعاصر / محمد عبد الرحمن الشرنوبي ص 232 234  .‏ ط1 . # القاهرة » 
مكتبة الأنجلو المصرية 1993م . 





50 


'مما لا شك فيه أن الماء يكون وسيلة نقل بعض الأمراض المعدية أو قد يؤدي إلى التسمم 
الكيميائي أو إلى نقص بعض العناصر على النحو التالي : 

1[ أمراض بكتيرية : 

مثل التيفوئيد » والدوسنتاريا » والباسيلية » والكوليرا »والنزلات المعوية عند الأطفال والكبار 
وأمراض أخرى . 

2 أمراض فيروسية : 

3 أمراض طفيلية : 

مثل البلهارسيا والدوسنتاريا الأميبية وشلل الأطفال والتهاب الكبد الوبائي وبعض النزلات 
الشعبية عند الأطفال . 

4 تسوس الأسنان بسبب قلة الفلوريدات عن 0.5 ملليجرام / لتر أو تبقع الأسنان الناتج عن 
زيادة الفلوريدات بمياه الشرب . 

5 تضخم الغدة الدرقية البسيط بسبب قلة اليود في الماء '(1) 

6- القصور في عمل الكلية أو الفشل الكلوي الذي ينتشر في بلادنا هذه الأيام بسبب تلوث 
المياه وملوحتها . 

وهذه الأمراض في غالبها تكون على شكل وباء منتشر في البلاد انتشار النار في الهشيم 
وأضرارها قد تكون إقليمية أو أكثر لبيان ذلك ونحذر من الأسباب التي تنشأعنها هذه الأوبئة 
وتتمثل أهم طرق انتقال الأمراض إلى الإنسان بواسطة الماء فيما يلي : 

تقوب المداة الملوكة : 

2 الاستحمام في المياه الملوثة . 

3 - التوضؤ والاستنجاء من مياه ملوثة . 

4 ري المزروعات التي تؤكل طازجة بمياه ملوثة . 

5 - وضع التلج المصنوع من مياه ملوثة لتبريدها . 

6- استعمال المياه الملوثة في تحضير المأكولات أو غسل أواني الشرب أو الأكل ' ©) 

وبعد التعرف على الأمراض وطرق تقلها ندرك الخطورة من خلال التعرف على خصائص 
هذه الأوبئة 

" وتتميز خصائص الأوبئة التي تنتشر بواسطة الماء بما يلي : 

1 إصابة عدد كبير من الأهالي الذين يستعملون نفس المورد المائي . 





81 


2 إصابة جميع الأعمار دون تفرقة بين الأطفال والكبار . 

3 يتوقف الوباء عند الكف عن استعمال المورد الأول واستخدام مورد آخر أو علاج مياه 
المورد الأول قبل استعمالها . (1) 

نكتفي بهذا القدر من النقول الخاصة بتلوث المياه وبيان أضرارها ومخاطرها لننتقفل إلى 
المطلب الثالث لنتحدث فيه عن طرق حماية الماء والمحافظة عليه . 


المطلب الثالث :طرق حماية المياه والمحافظة عليها 
ولما كان الماء على هذه الأهمية والضرورة للحياة توجب علينا أن نحافظ على هذه النعمة 
ونحميها من أي عدوان عليها من قبل المفسدين في الأرض الذين يدمرون الإنسان وما حوله 
من منافع بيئية طبيعية ولا فيما الماء . 
ولقد نهى القرآن عن الفساد وحذر منه بعمومه وقد بينت ذلك في المطلبين السابقين مع 
التوضيح والتفصيل من كتب هذا العلم المتخصصة . 
ونحن في هذا المطلب أمام الواجب المفروض علينا شرعاً وفرعاً ومتطلب حياة ألا وهو 
حناية الساة:و المتحافظة علمها:: 
يقول تعالى: #كلوا واشربوا ولا تسرفوا4!) لقد سبق أن تعرضنا لهذا النص الكريم.(© ولكن 
من جانب عدم الإسراف في الشرب. وإن كانت الآية تحتمل العموم وتتعدى خصوصية الأكل 
والشرب واللبس والزينة عند الصلاة. إلى عدم الإسراف في كل شيء . 

وبين القرآن الكريم في موضع آخر عندما نهى عن التبذير ورهب من ذلك حيث 
وصف هؤلاء المبذرين بأنهم إخوان الشياطين فقال تعالى:( إِنّ الْمَْذْرِينَ كانوا إخوان 
الشيّاطين وكان الشيْطَانْ لربّه كفورا4!) الإسلام دين ودولة» وعقيدة عمل» وفكرة ونظام. 
واجتماع وعمرانء ولا أدل على ذلك من نهيه عن التبذير وحثه على الاقتصادء ولقد كان 
أسلوب القرآن ووصفه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين أسلوباً لاذعاً وتصويراً عالياً أبرز 
المبذرين في صورة بشعة حيث كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لنعم ربه كفورا... 


(1) كفن انيد طن 15: 
(2) سورة الأعراف: آية / 31 
(3) انظر صفحة 73 

(4) سورة الإسراء: آية / 27 





52 


والآية تفيد أن المبذر ممائل للشيطان والشيطان كفورٌ لربه فالمبذر كفور لربه جاحد 
لنعمته "(1) 
' والتبذير: تفريق المال فيما لا ينبغي وانفاقه على وجه الإسراف." (©) 

والماء أغلى أهم الأموال والتبذير إسراف والله لا يحب المسرفين والآيات التي 
تتحدث عن الإسراف كثيرة مع اختلاف مناسبتها في سورها مع احتمالها للمعنى العام في 
الإسراف. ولا مجال لاستعراضها هنا : 

أما السنة المطهرة فقد دعت للاقتصاد في الوضوء بحيث لا يزيد المرء عن ثلاث 
واعتبره العلماء من التبذير والإسراف فقد ذكر البخاري كلامآ في ذلك قال2 وقول الله 
تَعلَى إِذَا قَمتمْ إِلَى الصّلاة ... قال أبُو عبد الله وبين النبئ صلّى اللّه عليْه وَسلمَ أن فُرْض 
الوؤضوء مَرَة مَرَّة وتوضأ أيِضًا مرتين وَثَلانًا ولم يد على ثلاث وكرة أهل العلم الإضراف 
فيه وأن يُجَاورُوا فعل النبي صلَى الله علَيْهِ وَسَلّممه 3 
وهذا القول لأبي عبد الله البخاري في صحيحه يصف فعل رسول الله في وضوءه بعدم 
الإسراف والتخفيف في استخدام الماء حتى في الطهارة والعبادة . 
وكذلك دعا الإسلام إلى المحافظة على الماء 000 عندما نهى يد عن البول في الماء الدائم 
أو الراكد عن أبي هريرة عن النبي يلد قال: 62لا يَبُولَنَ أَحَدكُمْ في الْمَاء الدّائم الذي نَا يَجْرِي 
ثم يَعْمَسلُ فيه550 ) وثبت أن البول في الماء وثم الاغتسال فيه يؤدي للإصابة بمسرض 
البلهارسياء 

ونهى الرسول عن البول في الماء هو سبق إلى المحافظة على مصادر المياهومن 
التلوث بالأمراض والديدان المعدية والنجاسات من باب أولى إن هذا الوعي الإسلامي النبوي 
هو قمة الحضارة والوعي البيئي قبل هذا العالم بقرون . ولا يقتتصر النهي النبوي عن 
الممارسة العملية في التلويث بل يتعدي ذلك إلى الجانب الوقائي من الملوثات الأخرى حيث 
يقول: 52 عن جابر رضي اللَّهُ نه عن النبي صلّى الله عليْه وَسلَمَ قل إذا استتجتح اليل 
أَوْ قَالَ جِنْحٌ اللَيلِ فكوا صِبَيَاتكم فَإِنَ الشيّاطين تَنتَشْرٌ حيتئذ فَإِذَا ذهب ساعَةٌ من العشاء 


لين الواضح / محمد محمود حجازي 15 ص 20 . 

2 الكشاف / الزمخشري 2 / 661 . 

3) البخاري مع الفتح / كتاب الوضوء الباب الأول ج1 / 232 . 

3 البخاري مع الفتح 1 ص345 كتاب الوضوءء باب البول في الماء الدائم رقم 238 مسلم 1 / 235 
ب الطهارة » باب النهي عن السيول في الماء الراكد رقم 281 . 


) 
) 
) 
) 





53 


فَحَلوهُمْ وأغلق بَابَِكَ واذكرْ انم اللّهِ وَأطفئ مصبَاحكَ واذكر امئمَ اللّه وأوك سقاءك وَاذْكَرُْ 
اسم الله وَحَمَ إنَاءك واذكر اسنمَ اللّه وو تعض َيِه شْنَا72') 
وفي رواية أخرى مختصرة #آعَنْ أبي هْرِيرَةَ قَالَ أَمَرَنَا رول اللّه صلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلْمَ 
بتغطيّة الإتاء وإبكاء السّقاء وإكفاء الإناء 775 إكفاؤه إذا كان فارغاً أي قلبه وتغطيته إذا 
كان فيه شيء . 
تأمل حديث جابر الجامع الذي يعتبر في قمة المحافظة الوقائية من الشياطين والواسق 
والحرائق والمحافظة على الطعام والشراب من الحشرات والهوام أثناء الليل . 
إن هذه التعاليم النبوية الصحيحة والتي تحمي الإنسان والبيئة لتبعث فينا روح الانتماء 
إلى مجتمع نظيف بعيد عن الأمراض والتلوث. إن نحن اقتدينا بهدايات رسولنا الكريم . 
بعض الحلول وطرق الحماية من تلوث الماء: 
1 - ترشيد الاستهلاك المنزلي والزراعي والصناعي والاقتصاد حسب الحاجة بلا إسراف أو 
إهدار . 
2- منع أسباب التلوث الآدمي والصناعي والكيميائي والبيولوجي . 
3- عدم صب الصرف الصحي في المياه العذبة والمالحة إلا بعد معالجتها وصرفها في 
أعماق البحار أو الصحاري البعيدة . 
4- منع الملوثات النفطية بجميع أسبابها للمحافظة على البحار والمحيطات . 
5- تجنب دفن النفايات الذرية في البحار والمحيطات والمواد المشعة وكذلك التجارب 
النووية. 
6- إصلاح شبكات المياه لتجنب الفاقد والمهدور منها وكذلك تجنب ما تسببه من أمراض 


5 


معدية . 
7- وضع خطة شاملة قطرية لاستغلال أكبر قدر من مياه الأنهار والأودية التي تذهب هدراً 
في البحار 


8- ترشيد وتطوير نظام الري الزراعي بطرق علمية حديثه 

9- نشر الوعي البيئي بصورة مستمرة بين أفراد المجتمع . 

0- التعاون الدولي في قضية المياه بين الدول الغنية والفقيرة وكذلك بين الدول ذات 
الحوض النهري المشترك . 


(1) البخاري مع الفتح / كتاب بدء الخلق باب صفة ابليس وجنوده رقم 3280 » 6 / 336 . 

(2) مسلم / كتاب الأشربة باب الأمر بتغطية الإناء رقم 1012 ٠‏ 3 / 1594 » وأبو داوود كتاب الأشربة » 
باب تغطية الإناء رقم 2731 » 3 / 339 » وابن ماجة كتاب الأشربة» باب تخمير الإناء رقم 3411 » 
2/ 1129 واللفظ له . 





04 


الفصل الثاني 


مصادر الماء وأقسامه في القرآن الكريم 


وفيه مبحثان: 


المبحث الأول: مصادر الماء في القرآن الكريم 


المبحث الثاني: أقسام الماء وأوصافه في القرآن الكريم 


55 


المبحث الأول: مصادر الماء في القرآن الكريم 
المطلب الأول: 
خروج الماء من الأرض 
1- العيون 
2- الأنهار 
3- الآبار 


أولا: العيون أو الينابيع 

إن للماء مصادر يتحصل منهاء وهذه المصادر إما أن تكون جوفية من باطن 
الأرض» أو نازلة من السماء من خلال أشكال مختلفة؛ ونحن في هذا الفصل نتعرض لهذه 
المصادرء وصورها في القرآن الكريم» ونبدأ بالمصدر الجوفي الأرضيء حيث يخرج منها: 
العيون» أو الينابيع» وكذلك جزء كبير من مياه الأنهار يكون منهاء وجزء آخر يكون من 
السيول التي تنشأ من المطرء ونبدأ بالعيون والينابيع . 

' العين: والعين والياء والنون أصل واحد صحيح يدل على عضو به يُنْصر وينقفر 
ثم يشتق منه .... ومن الباب العين الجارية النابعة من عيون الماء 7!) 'وهي ينبوع الماء 
الذي ينبع من الأرض ويجري ٠‏ والجمع أعين وعيون."7) وذكرت كتب اللغة معاني كثيرة 
للعين» وهذا المعنى هو الذي يعنينا حتى أن تاج العروس ذكر أكثر من أربعين وجهاً.(6) 


(1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 725 - 726 . 

(2) لسان العرب / ابن منظور 13 / 304 . 

(3) تاج العروس من جواهر القاموس / محمد مرتضى الزبيدي  .‏ ط1 دون سنة دار مكتبة الحياة بيروت 
9 387 وما بعدها . وانظر مجمل اللغة / أحمد بن فارس؛ تحقيق زهير عبد المحسن سلطان. - ط2 . 
- بيروت ؛ مؤسسة الرسالة 1986 م 3 / 640 » وانظر عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 3 / 177 » 
انظر إتفاق المباني وافتراق المعاني سليمان بن بنين الدقيقي النحوي ص 1058؛ تحقيق يحيى عبد الرؤوف 
جبر  .‏ ط1 . - عمانء دار عمار للنشر والتوزيع 1985 م . 





56 


”نبع : النون والباء والعين كلمتان إحداهما نبوع الماء والموضع الذي ينبع منه ينبوع ومنابع 
الا هار م ل 
مو هذا التعريف لهل اللقة يقنيق .ذا أن العيق: و الإلبواع اكد هيو الام الذي مخصورم: جاريناً 
من الأرض فهما لفظان مترادفان . 

ومن وجوه ذكر العين في القرآن العين منبع الماء الجاري: في قوله تعالى: 
(قانفجرت منةه اثنتا عشرة عَيْنا4!”) والعين النهر في قوله تعالى: (عَيْنَا يَشرَبْ بها عبَاد 
اللّه004) كما ذكره ابن الجوزي.4) 
والينبوع في علم الأرض: 
" مصدر طبيعي للماء ينبع من الأرض حيث تتسرب مياه المطرء ومياه الثلوج الذائبة إلى 
الأرضء وترشح خلال مسام وشقوق التربة ثم منها إلى الطبقات الصخرية ويصل الماء في 
النهاية إلى طبقة لا يستطيع المرور منهاء ويسمى هذا الماء المحتجز تحت الأرض المياه 
الجوفية وربما تتسبب حركة باطن الأرض وكذلك الاختلاف في منسوب الماء الجوفي عندما 
يرتفع عن مستوى سطح البحر في دفع الماء إلى أعلى؛ حتى يجد منفذاً إلى السطح:؛ مكونا 
سوه . 

وتوجد الينابيع في الجبال والأوذية وغاليا ما توجد أسفل: صتخرة: أن متحدن» أو حيث 
يوجد شق أو أخدودء ويؤدي إلى السطح.ء وتوجد أكبر الينابيع في مناطق الحجر الجيري؛: 
حيث يسيل الماء تحت الأرض في قنوات على شكل كهوفء وتصل مثل هذه القنوات إلى 
السطح وتتدفق منها كميات كبيرة» من المياه خارجة من باطن الأرض.7) 

وذكر القرآن العيون والينابيع في مواضع مختلفة من سور القرآن الكريم» ومن وجوه 
مختثلفة» فتراه تحدث عن تفجيرها ودرجة التفجيرء وكذلك أنواعهاء حسب المادة الخارجة 
منهاء ودرجة جريان وتدفق الماء منها. واستخدامها للنعمة والإهلاك وكونها آية» أو معجزة. 
أو طلبها على سبيل التعجيز.ولذلك سوف أسوق الآيات حسب الأغراض التي ذكرتها. 


1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 1008 . 

2 سورة البقرة: آية / 60 

3) سورة الإنسان: آية / 6 

4) الوجوه والنظائر / ص 443 - 444 . 

5) الموسوعة العربية العالمية 27 / 348 وانظر كوكب الأرض / حسن سيد أحمد أبو العينين . - ط5 .- 


10/9 »دار النهضة العربية بيروت ص 294 . 


) 
) 
) 
) 
) 





5 


الغرض الأول: تفجير العيون بشكل عام 
يتحدث القرآن عن آية إحياء الأرض الميتة؛» وإخراج الحب منهاء والجنات من النخيل 
والأعتاب» وتفكين العيون خلالها يقول تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمْ الأرّض الْمَيْتَهُ © 
منها حبًا قمنه و3 وَجَعلنَ فيها جنات من نخيل وأعناب وَفَجَرتا فيهًا من العيُون )11) 

ذكر الله هنا في معرض حديثه عن ناث وإنعاماته ع الإنسان» أنه فجر له العيون 
لتسق الحدائق والبساتين والزروع؛ وهذا الامتنان بنعم الله على الإنسان (أفَلا يَشكرون»©) 
على هذه النعم التي لا تحصى . 

وتفجير العيون" آية عظيمة لأن الأرض أجزاؤها بحكم العادة لا تصعد؛ ونحن نرى 
منابع الأنهار والعيون في المواضع المرتفعة» وذلك دليل القدرة والاختيار.() 

" ولما كانت الجنات لا تصلح إلا بالماء»ء وكان من طبع الماء الغور في الترابء» 
والرسوب بشدة السريان إلى أسفل فكان فورانه إلى جهة العلو أمراً باهرا للعقل لا يكون إلا 
بقسر قاسر حكيم قال:(فَجَرْنَا4 أي فتحنا تفتيحاً عظيما(فيها» ودل على تناهي عظمته 
وتعاليها عن أن يحاط بشيء منها للتبعيض يقول: #من العيُون» 4 والتعريف هنا يدل على أن 
الأرض مركبة على الماء» فكل موضع منها صالح لأن يتفجر منه الماء» ولكن الله يمنعه .. 
ولو شاء لفجر الأرض كلها عيوناء كما فعل بقوم نوح - ايل - فأغرق الأرض كلها.'[4 


الغرض الثاني: قوة الإنفجار 

لتاق الفا القز ان در جات التشكين ون القوفو الشسف: ؛ أو التدرج في خروج الماء 
عند انفجاره من الأرض. قال تعالى:7 وإذ اسْشَسْقَى مُوسى لقومه فَقلَنَا اضرب بعصا 
الْحَجَرَ فَانَقجَرت منه اتَنَنَا عَشَرَةَ عيْنَا قَْ عَلم كل أناس مَشرَبَهُمْ كلوا وَاشربُوا من رزق اللّه 
ولا تَعْنّوَا في الأرْض مُفسدينَ36) ْ 
وفي موضع آخر قال:( وَأُوْحَيْنَا إلى مُوسى إذ استسئقاه قَومُهُ أن اضرب بعصاك الحجرَ 
بجت مذة اشنا غشرة عَينَا هذ علم كل أناس مشبَهُمٌ)6 


(1) سورة يس: آية / 33 - 34 
(2) سورة يس: آية / 35 

(3) تفسير الرازي 26 / 67 . 

رك قزر البقاعي 6 / 260 . 
(5) سورة البقرة: آية / 60 

(6) سورة الأعراف: آية / 160 





568 


نلاحظ أن خروج الماء بضرب سيدنا موسى - اكع - للحجر كان على قوتين: 
أحدهما: أشد من الأخرى بتعبير القرآن عن ذلك بقوله: في البقرة #فانفجرت4 وفي 
الأعراف ( فَانبَجِسَت4 'يقال بجس الماء وانبجس انفجر » لكن الإنبجاس أكثر ما يقال فيما 
يخرج في شيء ضيقء والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شيء واسع )١"‏ 
ويرى الرازي لهذا الاختلاف وجوها ثلاثة : 
' أحدها: الفجر الشق في الأصلء والانفجار الانشقاق ومنه الإنبجاس اسم للشق الضيق 
القليل» فهما مختلفان اختلاف العام والخاص فلا يتناقضان . 
ثانيها: لعله انبجس أولاً ثم انفجر ثانيأء وكذا العيون يظهر الماء منها قليلاً قم يكثشر لدوام 
خروجه. 
ثالثها: لا يمتنع أن حاجتهم إلى الماء كانت تشتد فينفجر» أي يخرج الماء كثيراء ثم كانت تقل 
فكان الماء ينبجس أي يخرج قليلاً "2) 
يرى الباحث: والقول الثاني يصدقه العلم الحديث اليوم من خلال عوامل النحت التي يفعلها 
الماء في الصخور فمع كثرة خروج الماء من المصدر يتسع فيصبح خروج الماء أكثر أما 
القول الثالث للرازي لا ينبنى على العلم ولكنه وجه عقلي ويحتاج إلى دليل . 

وكذلك من الأقوال التي لا يستقيم لها قوام قول عبد الكريم الخطيب " وهذا الاختلاف 
في التعبير إنما هو لاختلاف الحال» فحين ضرب موسى الحجر كان الإنبجاس أولآء ثم تلاه 
الانفجار» فكل من الإنبجاس والانفجار وصف لحال من أحوال ضربة الععصا وأثر من 
آثارهاء وذلك وجه مشرق من وجوه الإعجازء في التكرار الوارد على الأحداث في القصص 
القرآني.'(0) 
يرى الباحث: وما هو دليله على أن ذلك وصف لحال من أحوال ضربة الععصا وأثر من 
آثارها . 
والشاهد في الأمر أن العيون مختلفة في درجة انفجارهاء بين الكثرة والقلة؛ حسب سعة الشق 
الذي تخرج منه» وكذلك كمية الماء المتدفقة من الكهوف المختزن فيها المياه الجوفية التي هي 
مصدر العيون والينابيع . 


(1) المفردات / للراغب الأصفهاني ص 34 . 
(2) تفسير الرازي 3 / 96 » وانظر القرطبي 1 / 419 . 
(3) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 1/ 90 . 





59 


الغرض الثالث: درجة جريان الماء 
هذا الذي أسلفت هو قوة الإنفجارء ولكن درجة جريان الماء من هذه العيون »وصفه الله تعالى 
في القرآن في موضعين: من سورة الرحمان قال تعالى:7 فيهما عَيْتان تجْريّان»!!) وقال 
بعدها: «فيهما عَيّتان نضاختان 014 : 
الجري: بيّنته سابقاً في مطلب السفن والملاحة البحرية ©. 
'أما النضخ: شدة فور الماء في جيشانه» وانفجاره من ينبوعه؛ وهو ما كان من سفل 
إلى علو.. وعين نضاخة تجيش بالماءء وفي الآية أي فوارتان.(4) 
" ومن صفات هاتين الجنتين أن فيهما عينان تجريان» بالماء العذب الرقراق وهذا 
الماء السلسبيل المتدفق من العيون الجارية» هو في نفسه نعمة إلى جانب نعمة الجنة » وإلى 
ظلها المتدو 5 
" النضخ والنضح بمعنى واحد إلا أن النضخ أكثر إعطاءً للماء من النضح.ء كما 
يشعر بذلك ثقل الخاءء وخفة الحاء» فعلى مقدار وزن كل منهما يكون قدر كل من النضخ 
والنضح من الماء . 
أي في هاتين الجنتين عينا ماء تضخان الماء ضخاًء وفي دفعات متتالية» ولا ترسلانه 
متدفقاً كهاتين العينين اللتين في الجنتين السابقتين» كما يقول سبحانه ( فيهما عَيْتَان تَجَرِيّان» 
ولدق 1 سردا من اميد نا ونال برققاك ااشتعى الك جما نيدن بروانت انق 
عططاء ينرق فية نؤة: أل لجان ديت يذلل كل منها ستول الذي جر اهل له ذلك عدن 
اللهء الذي يجري مع إحسانه ويضبط موازينه ."©6) 
ولأنهما تجريان قال السمرقندي " يعني في البساتين نهران من الماء غير آسن أو 
غير متغير.7) ونخلص إلى أن العينين الجاريتين يسيل ماؤهما بين أشجار الجنة بقوة 


(1) سورة الرحمن: آية / 50 

(2) سورة الرحمن: آية / 66 

() انظر صفحة / 44 

(4) انظر لسان العرب 3 / 62 . 

(5) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 27 / 691 . 

(6) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 27 / 697 » وانظر تفسير القرطبي 17 / 185 وفي 
رحاب التفسير / عبد الحميد كشك 7 / 6114 ٠‏ والتفسير المنير / وهبة الزحيلي 27 / 232 » وتفسير 
الرازي 29 / 134-122 

(7) بحر العلوم/ السمرقندي 3 / 310 . 





00 


وانسياح» ففتخللان وتسقيان هاتين الجنتين وكأنهما النهر الجاري كما وصفهما السمرقندي 
لقوة جريان الماء فيهما. 

أما العينان النضاختان فهما تفوران في المكان» يتدفق منهما الماء كالنافورة» وحولهما 
الأشجار» وهما دون السابقتين حيث قال تعالى:( ومن ذونهما جِنَتَان»1) 


الغرض الرابع: أنواع العيون حسب المادة الخارجة منها 
ولما بين الله في الأغراض السابقة التفجير» ودرجته وقوة جريانه؛ بيّن الله كذلك أكثذر من 
نوع من أنواع العيون» حسب المادة الخارجة منها. يقول تعالى: (عَيْنَا يَشْرَبْ بها عبَادُ الله 
يقَجَرُوتَهَا تفجيرَا206 ويقول أيضاً (كَمْ تركوا من جنات وَعْيُون )© وقال سبحانه (وَفَجَّرتَا 
فيهًا من من العيُون 44) هذه آيات وغيرها كثير تحدثت 00 الماء العذب في الدنيا والآخرة 
.- وهناك نوع آخر من العيونء» يخرج منها الماء الساخن ل 5-8 بمائها. كما قال 

تعالى: (حتّى إذَا بَلَعْ مَغْرِب الشّمْس وجِدَها تَغْرُبْ في عَيْنَ حَمتّة76) 

الشكة :حين: :الماع يكنا حم كن فيه الحمأة وه +« الطيق الأسود المّنْتن متكدر 
وتغيرت رائحته؛ فهي عين حمئة. "6) 

ذكر الرازي أن معنى عين حمئة أنها عين من ماء وطين على قول» وقول آخر: 
على أنها حامية أي ساخنة» ورجّح أن تكون الأولى مع إمكانية الجمع بين الإثنين في نفس 
الحين. فقال:" واعلم أنه لا تنافي بين الحمئة والحامية فجائز أن تكون العين جامعة للوص فين 
جميعاً " ... وأنه يترائى للناظر أن الشمس تغرب في هذه العين» كما يظهر للراءي أن 
الشمس تغرب في البحر وهي ليست كذلك .7) 

يرى الباحث: لا يمكن أن ترى الشمس في هذا الحال؛ إلا إذا كانت هذه العين تكوّن 
حرلها منشقها أو براق أ احوهنا من المادنو انض الدزيدة أنه يشكلن افا الداقان: التحبة يق 


(1) سورة الرحمن: آية / 62 

(2) سورة الإنسان: آية / 6 

(3) سورة الدخان: آية / 25 

(4) سورة يس: آية / 34 

(5) سورة الكهف: آية / 86 

(6) الإفصاح في فقه اللغة / حسين موسى وعبد الفتاح الصعيدي 2 / 992 . 
(7) تفسير الرازي 21 / 166 - 167» وانظر تفسير النيسابوري 3 / 2172 » وانظر التفسير المنير/ وهبة 
كن 6 / 24 . 





91 


يرى الشمس تغرب فيه؛ واللفظ يدل على أنها كانت ضحلة من الطين الأسود وهذا يدل بالعقل 
على وجود عدة عيون في المكان تغذيه. حتى تكون هذه المساحة من الماء الغامر . 

وكذلك قد تكون هذه العيون ساخنة فوارة» مثل العيون البركانية التي تقذف الماء 
الساخن مع الطين» وبعض المواد الأخرى. والله تعالى أعلم . 
وذكر القرآن في حديثه عن النعم التي أنعمها على عبده سيدنا سليمان» أنه أسال له عين 
القطر: وهو النحاس المذاب»؛ وأذكرها هنا لأن الله سماها عين وأخرجها من الأرض له 
وأسالها من باب بيانها كنوع من العيون مختلف في مادته قال تعالى: ( وَأَسّلنا له عَيْنَ 
القطر)(!) 
" يعني أجرينا له عين الصفر7) النحاس المذاب ... وروى سفيان عن الأعمش قال: سيلت له 
كما سيل الماءء ويقال: جرى له عين النحاس في اليمن.() 


الغرض الخامس: العيون معجزة 

وذكر القرآن العيون؛ كونها آية أو معجزة:» أجراها على يد سيدنا موسى - اتلك - 
عندما استسقاه قومه فقال تعالى:(وإذ اسْتنْقَى مُوسَى لقومه فَقلَنَا اضرب بعصاك الْحَجَر 
فانقجرت منه اثننَا عشرَةَ عَينَا قا علمَ كل أناس مَشربَهُم كلُوا واشربُوا من رق الله ونا 
تَعْتَوا في الأرْض مُفسدين)1 وقال في الأعراف (وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسى إذ استتمنقا رم أن 
اضرب بعصاك الْحَجَر فَانبَجَسَتْ منة اَنََا عَشَرَةً عيْنَا قَذ عَلمَ كل أنّاس مَشَرَبَهمٍ)7) 

تعرضت لهاتين الآيتين في أكثر من موضع. ولكن في كل موضع نأخذ منهما على 
قدر الشاهدء ولكن هنا أتحدث عن المعجزة في هذه العيون؛ حيث أجراها الله على يد سيدنا 
موسى -اكللا - ' أي طلب لهم السقيا من الله تعالى بأن يسقيهم بماء يكفيهم حاجتهم في هذه 
الصحراء المحرقة ( فَقَلْنَا اضرب بعصاك الْحَجَر) أي فاجبناه إلى ما طلب» وأوحينا إليه أن 
اضرب الحجر بعصاكء وقد أمره أن يضرب بها حجراً من أحجار الصحراء؛ 
قال الحسن البصري: لم يكن حجراً معينأء بل أي حجر ضربه انفجر منه الماء» وهذا أظهر 
في حجة موسى- الا - وأدل على قدرة الله تعالى وقد سماه في سفر الخروج الصخرة."©6) 


(1) :سو ناد اية 12 

(2) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 570 . 
(3) بحر العلوم / السمرقندي 3 / 66 . 
(4) سورة البقرة: آية / 60 

(5) سورة الأعراف: آية / 160 
8 


6) تفسير المراغي / أحمد مصطفى المراغي 1 / 126 » وانظر تفسير ابن كثير 1 / 100 . 





92 


وتلك آية من آيات الله البينة» ونعمة من نعمه الجليلة؛على هؤلاء القوم الشاردين عن 
موارد الحق والهدىء: تحترق أكبادهم عطشأً في هجير الصحراءء فتطلع عليهم رحمة الله .. 
فيتدفق الماء عذباً زلالاً من إثنتي عشرة عيناً بعدد قباتلهم .'(1) 

وقال الزحيلي:" أما تفجير الماء من الحجر فكان معجزة لموسى- الها - 
والمعجزات كلها من صنع الله ."(©) 
وتظهر المعجزة في قصة موسى - الفلا -من وجوه: 
1- تفجير الماء من الحجر بضربه بالعصا. في كلا الحالين إن كان حجراً بعينه أو أي حجر 

كان حنمي الزؤايات المختلفة .: 

2-خروج اثنتا عشرة عيناً وكان يكفيهم عين واحدة» تسعهم وتفي حاجاتهم؛ ولكن كي لا 
بكاتاحتو | تويقف جروا على "الداع مطل بعلن عد أساطهم. : 
3- أنها كانت حسب الحاجة يخرج الماء عند الحاجة ويقف عند عدم الحاجة إليه أو في حال 
رحيلهم عن المكان .60 


الغرض السادس: طلب العيون بغرض التحدي والمراوغة والتعجيز 

جاء ذكر العيون والينابيع على سبيل التعجيز والتحدي . 
قال تعالى:( وقَالُوا لَنْ نومن لَك حتَى تفجر لَنَا من الأرض يَنَبُوعًا)) 
"تيع آلماء ينيع نبعا وإفبوعا إذا خرّح مق العين ٠.‏ ولذلك سميت العين يتيواضا-.:وجمعحه 
ينابيع وزاد الفيروزأبادي الجدول الكثير من الماء ."27 ومنبع غزير ومنابع ©) 
سبب النزول: الآية قوله تعالى:( وَقَالُوا لن نؤمن لَك حَنَّى تَفَجْرَ لَنَا من الأرض يَنَبُوعَا)عن 
ابن عباس أن قريشاً اجتمعواء فقالوا: يا محمد ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما 
أدخلت على قومكء لقد سببت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت 


(1) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 1 / 89 » وانظر تفسير المنار / محمد رضا 1 / 326 . 

(2) التفسير المنير / وهبة الزحيلي 1 / 169 . 

(3) انظر تفسير الرازي 3 / 97 . 

(4) سورة الإسراء: آية / 90 

(5) تهذيب اللغة / لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري. ‏ ط1 . - دون سنة ؛ تحقيق عبد الحليم النجار 
ومراجعة محمد على النجارء الدار المصرية للتأليف والترجمة » القاهرة » وانظر معجم مفردات الفاظ 
القرآن / الراغب الأصفهاني ص 502: وبصائر ذوي التمييز في الطائف الكتاب العزيز / الفيروزأبادي ؛ 
تحقيق عبد العليم الطحاوي 5 / 13  .‏ ط1  .‏ القاهرة » المجلس الأعلى للشئون الإسلامية » 1970 

(6) أساس البلاغة / الزنمخشري / ص 615 . 





03 


الجماعة» فما من قبيح إلا وقد جئته فيما بيننا وبينك» فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تريد 
مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالاء وأن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك 
عليناء وإن كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب بذلنا أموالنا في طلب العلم حتى 
نبرتك؛ منه فقال رسول الله: وَنْةٌ » ما بي ما تقولون ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي 
كتاباء وأمرني أن أكون لكم مبشرا ونذيراء قالوا فإن كنت غير قابل منه ما عرضنا عليك فقد 
علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادا ولا أقل مالا وأشد عيشا مناء فلتسأل لنا ربك الذي 
بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي ضيقت عليناء وليبسط لنا بلادناء وليُجر فيها أنهارا كأنهار 
الشام والعراق ... فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية 
فقال: يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم؛ ثم سألوك لأنفسهم أمورا 
ليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك؛ ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فو 
الله لا أومن بك أبدا ختى تتخذ إلى السماء سلماء ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها وتأتي 
معك بنسخة منشورة» ومعك أربعة من الملائكة فيشهدوا لك أنك كما تقول» فانصرف رسول 
الله صلى الله عليه وسلم حزينا فأنزل عليه ما قاله عبدالله بن أبي أمية» وقالوا لن نؤمن لك 
.. إلى قوله بشرا رسولا .(1) 
ثبتت معجزة الرسول يْةٌ - القرآن الكريم - »وعجز كفار مكة أن يأتوا بمثله. 

طلبوا من الزسؤل 26 المعحزات المادية: وقد ظليوا مقه سنكة من الآيات والمعجز الث المادية؛ 
ومنها تفجير العيون أو الينابيع من الأرض بحجة أن مكة أرض جرداء ولا زرع فيها ولا 
بساتين» وهذا نوع من التعجيز مقروناً بالتحدي؛ والمراوغة لا من أجل التوصل إلى التصديق 
والإيمان ومعرفة الحقيقة» فلو أرادوها لكفاهم القرآن صدقاً على نبوة الرسول يلو . 

وذلك كان رداً على تحدي القرآن لهم وعجزهم وفشلهم في المواجهة أمام حقيقة 
اينار 

وهؤلاء القوم حتى لو جاءتهم الآيات» وشاهدوها بأعينهم فلن يؤمنوا لشدة جحودهمء 
وعنادهم ومراوغتهم للحق» فقد قال الحق في أمثالهم (إنّ الّذِينَ حَقَّت عَلَيْهِمْ كلمَة رَبك لا 
يُوَمنُون(06 ولو جاءَنَهُمْ كل آيّة حَتّى يَرَا الْعَذَابَ الأليمَ204 فهم لا يبحثون عن الإيمان» بل 


(1) انظر لباب النقول في أسباب النزول / للسيوطي 140 - 141  .‏ ط1 - . بيروت » دار إحياء العلوم 
» بدون سنة . وانظر أسباب النزول للواحدي/,. ص 168 - 169 . 

(2) انظر تفسير الرازي 21 / 56 - 57 » والتفسير المنير / وهبة الزحيلي 15 / 167 . 

(3) سورة يونس: آية / 96 - 97 





04 


نويد للبطتن: د رمو عام وكير كما قازرا إن هد فك 


الغرض السابع: استخدام العيون نعمة أو عقاباً 

لقد تحدث القرآن عن العيون ضمن حديثه عن انعامه على عباده في عدة آيات منها: 
قال تعالى:( وَجِعَلنَا فيها جنات من تخيل وأْعَتاب 7 فيا من العيُونِ)!!! وقال في 
الشعراء (أمدكم 7 وبنين(133) وجنات وَعيون » 2 (أتد تتركون في مَا هَاهنا 00 
في جنات وَغَيُون »1 ) وفي الدخان (كَمْ تَركوا من ؛ جنات وَغيون(25) ورْروع ومقام كريم»") 
سبق الحديث ا أعرض هنا آيتي الشعراء وآية النكاة : 0 
فأما سورة الشعراء فهي من سور القصص القرآنيء؛ وقد ذكر فيها جمعٌ من الأنبياء مثل 
موسى وإبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب وسيدنا محمد يه وعلى الأنبياء أجمعين . 
(واتقوأ الذي أَمَدَكم بمَا تَعلَمُون(132) أُمدَكُم بأَنعَامِ وَبنين(133) وجنات وَعْيُونِ» 

يخاطب هود - اليك - قومه عاد بدعوتهم للتقوىء مذكراً إياهم بما من الله عليهم 
وأمدهم من النعم التي يعلمونها: من أنعام وبنين» وبساتين تجري فيها العيونء" وهذا زيادة في 
ذعائهم :إلى الآخرة وجرا لهم عن خب الدنيا والانشتهالة بالشرفه والحترص:والتجير قم 
وصل هذا بالوعظ ما يؤكد القبول» وهو التنبيه على نعم الله تعالى عليهم بالإجمال أولاً ثم 
بالتفصيل ثانياً فأيقظهم عن سنة غفلتهم عنها حيث قال:(أمدكم بما تعلمون» ثم فصللها 
بقوله:7 أَمَدَكُم بأَنعَام وبَنين(133) وجنات وَغْيُون) .'57) 

ونجد صالح اليك - يعظ قومه كذلك؛ مذكراً إياهم بأمور منها أنهم لن يتركوا 
حسب ظنهم في هذا النعيم من البساتين وعيونها وتطمعون في ذلك وأنه لا دار للمجازاة على 
اعفالكاد فالأمن والاستقرار في النعيم لا يكون بدون تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله فيقول 
لهم: (أتتركون في مَا هَاهْنا آمنين(146) في جنات وَعَيون(147) وزروع ونخل طلعها هضم» 
أما في سورة الدخان فيقول تعالى:( كم تَركوا من ؛ جنات وَغْيون(25) وزْروع ومقام كريم» 


(1) سورة يس: آية / 34 

(2) جووة لشورا 4 :54-133 
(3) سوزة الشعزاءة 'آية / 147-146 
(4) سورة الدخان: آية / 52 

(5) تو 


5) تفسير الرازي 24 / 157 . 





95 


" دلت هذه الآية على أنه تعالى أغرقهم - فرعون وجنوده -» ثم قال: بعد غرقهم هذا 
الكلام وبيّن تعالى أنهم تركوا خمسة أشياء وهي:الجنات والعيون والزروع والمقام الكريم 
(وتعمّة كانوا فيهًا فاكهين»1) نعمة العيش والتنعم به ."2) 'وكم هنا للتكثير ...وقال ابن 
عمر المراد بالنعمة هنا قيل مصر وقيل أرض مصر لكثرة خيرها. وقيل ما كانوا فيه من 
السعة والدعة كما ذكره القرطبي.(6 

هذا في جانب النعمة أما في الإهلاك فقال تعالى: 9وَفَجَّرْنا الأرض غَيُونَا فالتقى 
الْمَاءْ عَلَى أَمْر قد قدر)41) 

يصف لنا القرآن كيف كان الطوفانء الذي أغرق الله به قوم نوح - كلك - عندما 
عصوه وأنكروا دعوته. وصفه وصفاً فيه من البلاغة ما ليس في قول القائل وفجرنا عيون 
الأرضء وهذا بيان التمييز في كثير من المواضع ... (فَالتَقَى الْمَاءُْ4 له معنى لطيفء وذلك 
أنه تعالى لما قال: (قفتحنا أَبْوَابَ السّمَاء بمَاء مُنهمر2 ذكر الماء وذكر الانهمار» وهو 
النزول بقوة فلما قال: ((وَفَجَرنَا الأرْضِْ عُيُونَا4 كان من الحسن البديع أن يقول ما يفيد أن 
الماء نبع منها بقوة» فقال (فَالَتَقَى الماء4 أي من العين فار الماء بقوة حتى ارتفع والتقى بماء 
السماء. ولو جرى جرياً ضعيفا لما كان هو يلتقي مع ماء السماء؛ بل كان ماء السماء يرد 
عليه ويل ا 

إن فتح أبواب السماء» وتفجير الأرض وطغيان الطوفان» وغرق قوم نوح كان أمراً 
إلهياً معجزاً يدلل على قدره الملك الجبار حتى أن الماء غطي الجبال لأن ابن نوح لم ينج من 
ال ف عط د م إلى جبل ظانا أنه سيعصمه من الماء (قَال سآوي إِلَى جبل يَعَصمُني من 
المَاء قَالَ لاعاصم الْيَوْمَ من أَمْر اللّهِ إلا مَنْ رّحم وحال بَيْنَهُمَا المج فَكَانَ من الْمُْرقينَ72) 
فقد كان الموج كالجبال كما وصفه الله تعالى (وهي تجري بهم في مُوْج كالجبَال)81) 
هذه العيوةالمتفجرة نتاذها يولك ولاه الحاحدية: : ٠‏ 


1 سورة الدكاق د ايه 27 
هس اللزاقي 2461/97 

3) انظر تفسير للقرطبي 16 / 138 . 
4) سورة القمر: آية // 12 

5] شور لفن يف11 

6ن الور 2 137 

7 سورة هود: آية / 43 

8) سورة هود: آية / 42 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 





06 


' ومن اللطائف في هذه الآية: 
1) قوله: (ففتحنا أَبْوَاب السَّمّاء4 لأن السماء ذات الرجع ومالها من فطورء ولم يقل ش ققنا 
السماء؛ وقال في الأرض (وَفَجّرنا الأرْض» لأنها ذات الصدع . 
2 لما جعل المطر كالماء الخارج من أبواب مفتوحة واسعة:؛ ولم يقل وأجرينا من الأرض 
بحاراً وأنهاراء بل قال (عْيُونَا4 والخارج من العين دون الخارج من الباب ذكر في الأرض 
أنه تعالى فجرها كلهاء فقال 9وَفَجّرنا الأرض4» لتقابل كثرة عيون الأرض سعة أيواب السماء 
فيصل بالكقرة اهنا ما" خسن بالسعة هافنا. 

ذكر عند الغضب سبب الإهلاك وهو فتح أبواب السماء؛ وفجر الأرض بالعيون 
وأشار إلى الإهلاك بقوله: (علَى أُمْر قَدْ قدرَ) أي أمر الإهلاك ولم يصرّحء وعند الرحمة 
ذكن: الإتجاء صرويحا بقوله كاك : (وحملتاه» وأفحاز النص طزيدق النجاة تقولته ؤذات 
ألواح».'(1) 


الغرض الثامن: ظاهرة وباطنة 

ووصف لنا القرآن العيون حيث مكانها: عيون خارجية وعيون وينابيع باطنية. فأما 
العيون الخارجية فينطبق على كل ما سبق من أغراض فلا داعي للتكرارء وأما بالنسبة 
للعيون الباطنية - داخل باطن الأرض - فهي التي سوف نبيّن وصفها وههي مذكورة في 
سورة الزمر في قوله تعالى: 7 أَلْمْ تر أن اللّه أَنْزّل من السّمَاء مَاءَ فَسلَكة يتابيع في الْأرْضِ 
ثُمَّ يُخْرِجُ به زَرعَا مُختلقا ألوانة ...©) 

كذ اللية مرك وول د لمن كدويها اننا تقذ افير انكياة امنا خنانيه يشكال 
الزرع؛ وقصر مدة اخضراره ونضارته؛ ليتعظ الإنسان فلا يركن إلى الدنيا وزينتها الفانية . 

' وذلك أن الله تعالى بيّن أنه أنزل من السماء ماءً» وهو المطر وقيل كل ما كان في 
الأرض فهو من السماءء ثم أنه تعالى ينزله إلى بعض المواضع ثم يقسمه فيسلكه ينابيع في 
الأرضء أي فيدخله وينظمه ينابيع في الأرض عيوناً ومسالك ومجاري كالعروق في الأجسام 
ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه .'(2) 


(1) تفسير الرازي 29 / 37 . 

(2) سورة الزمر: آية / 21 

(3) تفسير الرازي 26 / 264 » والمقتطف من عيون التفاسير / مصطفى الخيري المتصوريء 4 / 478 ؛ 
حققه محمد على الصابوني  .‏ ط1  .‏ دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع 1995 م. 





9 


' أي أدخله في الأرض فجعله ينابيع يعني عيوناً في الأرض تنبع."(1)' أي فصار 
جارياً تحتها ينبع منها ."07 

' ويكون في باطنها شرايين تتجمع ٠7.‏ وبعد هذه النقول من التفاسير قديمهاء 
وحديثهاء يتضح أن الله ينزل الماء من السماء فيتخلل شقوق الأرضء وتربتها في مسالك 
تؤدي إلى كهوف جوفيه في باطن الأرضء فتخرج من مسالكها داخل هذه الكهوف ينابيع 
داخل الأرض تصب في هذه المحاضن الجوفية . 

ومن هنا كان الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة التي أشارت إلى هذه العلوم 
الجيولوجية قبل العلم الحديث . 


(3) 


ثانيا: الأنهار 
المياه الجوفية مصدرٌ رئيس للأنهار» إلى جوار مياه الأمطار » وكثر ذكر الأنهار 

القرآن» ولا سيما فيما أعد الله لعباده في الجنة» وذكر القرآن الأنهار في الدنياء ولكن ضمن 
آيات تحمل معاني مختلفة الأغراضء فمن المعاني والأغراض: 
اج الاك ةعلق كبال قيرة الحلاق يدانه 
2- في الامتنان بالنعمة على عباده . 
ند" إقابزة الحية على المشركين .على وحدائيتة : 
4- تفاخر وتكاثر وغرور فرعون بجريان النيل من تحته . 
5- تفجير الأنهار من الحجارة . 
6- الابتلاء بالشرب من النهر . 
7- الأنهار جزء من ثمار الاستغفار . 
8 لات عور كالمو امن التجكية و العو ار هد 
الغرض الأول: الدلالة على كمال قدرة الخالق سبحانه 

لقد تحدث القرآن عن ظواهر طبيعية كثيرة» للدلالة على قدرة الله- جل شأنه- في 
خلق السماوات والأرض وما بينهما ومن ضمن هذه الظواهر الطبيعية الأنهار ومثال ذلك 
قوله تعالى: (وَهُو الذي مَدَ الأرْض وَجَعَل فيهًا روّاسي وأَنْهَارَ)2) 


(1) بحر العلوم / السمرقندي 3 / 148 . 

(2) أيسر التفاسير / الجزائري 4 / 478 . 

(3) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 23 / 1143 . 
(4) سورة الرعد: آية / 3 





06 


" يخبر تعالى عن كمال قدرته؛ وعظيم سلطانه ... (وَهُو الذي مَدَ الأرض» أي 
جعلها متسعة ممتدة» في الطول والعرضء وارساها بجبال راسيات شامخات» وأجرى فيها 
الأنهار والجداول والعيون؛ ليسقي ما جعل فيها من الثمرات» المختلفة الألوان والأشكال 
والطعوم والروائح.17) 

' وعطف الأنهار على الجبال مباشرة؛ لأنها سبب تولدها وتبعهاء ولا يمنع انبساط 
الأرض للحياة في أجزائها أنها غير كروية» أو مسطحة في حجمها الكلي ... .7 
ولكن الإمام القرطبي ينكر كروية الأرض بقوله: " في هذه الآية رد على من زعم أن 
الأرض كالكرة © ' وكأنه يريد الإمام الرازي الذي يثبت كروية الأرض في تفسيره مستدلا 
بوجوه كثيرة ليس هنا مجالها . 

وكذلك عدّد وجوهاً للاستدلال على وجود الخالق» وقدرته بخلق الجبال» ثم إنه بين أن 
هناك علاقة قوية في قرن الجبال بالأنهارء في كثير من المواضع في القرآن الكريم؛ وفسر 
أن المياه الجوفية المتكونة تحت هذه الجبال عندما تتعاظم؛ فلكثرتها وقوتها تتقفب وتخرج 
وتسيل على وجه الأرضء ومن هنا كانت الأنهار تتولد وتنبع متفجرة من الجبال .!4) 


الغرض الثاني: الامتنان بالنعمة على عباده 

نعم الله لا تحصى (وإن تَعْدُوا نعْمَة اللّه لا تخصوها إِنّ الله لََفُورٌ رّحيمٌ)/) ومن 
هذه النعم: نعمة جريان الأنهار في الأرضء وتفجيرها بالماء العذب الرقراق» هذه النعم التي 
كثيراً ما يذكرها الله تذكيراً لعباده ليعبدوه ويشكروه؛ لما من عليهم بكرمه ورحمته . 

ويذكر الله الأنهار في القرآن تحت هذا الغرض» مبيناً ما سخر لهم في خلق السموات 
والأرضء والتي منها الأنهار .قال تعالى:(اللَّهُ الذي خَلَقَ السَّموات والأرض وأنزل من 


السسّمَاء مَاءَ فأخرج به من التْمَرَات رزقا لكمْ وسخر لكمْ الفلك لتخي في البَخر بِأَمْرِه 
وسَخر لكمْ الأنهار614) 


(1) تفسير ابن كثير 2 / 500 - 501 . 
(2) التفسير المنير / الزحيلي 13 / 105 . 
(3) تفسير الجامع لأحكام القرآن 9 / 280 . 
(4) انظر تفسير الرازي 19 / 4-3 . 
(5) سورة النحل: آية / 18 

(6) سورة إبراهيم: آية / 32 





09 


"يم ا ل ا 0 
«وأنزل من السّماء مَاءَ فَأَخْرَجِنا به أزوَاجًا من | نبّات شتى»!!! ما بين ثمار وزروع مختلفة 
الألوان» والأشكال والطعوم والروائح والمنافع» وسخر لكم الفلك بأن جعلها طافية على تيار 
ماء البحرء تجري عليه ... وسخر الأنهار تشق الأرضء من قطر إلى قطرء رزقاً للعباد من 
شرب وسقيء وغير ذلك من أنواع المنافع .) 

' (وسَخر لَكُمْ الأنهار4 يعني البحار العذبة؛ لتشربوا منها وتسقوا وتزرعوا "66 
ويقول الإمام الرازي: " واعلم أن ماء البحر لا ينتفع به في الزراعات؛ لا جرم ذكر تعالى 
إنعامه على الخلق» بتفجير الأنهار والعيون حتى ينبعث الماء منها إلى مواضع الزرع 
والنبات» وأيضاً ماء البحر لا يصلح للشرب؛ والصالح لهذا المهم هو مياه الأنهار.'(4) 

يرى الباحث: هذا وجهء ولكن عطف تسخير الأنهار على تسخير الفلك» وهو أقرب 
معطوف. يدل أنه يراد به الملاحة النهرية» علاوة على ما في الأنهار من منافع أخرى؛ 
كالشرب وسقي الزرع: ويرجح ذلك أنه ذكر إنزال الماء العذب للشرب والسقيا صراحة من 
البناءي فيل :وداه نكر إن (المنففة عمو ف خواى و ذلك تكو : التطن الكرقه ميد هرف | جدامة تكد 
الأنهار 
وقال تعالى: (وَأَلْقَى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأَنْهارًا وَسبلا لعلّكُمْ تهتدون)71) 
"أي تجبالاً قابقة,زسا يرسق إذا ها واقاة .:.:والميد: الاختطر لب ينيدا وشمالاء مانا الشيه 
بحقد د ذا د ةا 

(وأنهارَا وَسُبُلا4 أي جعل فيها أنهاراً تجري من مكان إلى مكان آخرء رزقاً للعباد. 
ينبع في موضع وهو رزق لأهل موضع آخرء فيقطع البقاع والبراري والقفارء ويخترق 
الجبال والآكام فيصل إلى البلد الذي سخر لأهله» وهي سائرة في الأرض يمنه ويسره. 
وشمالاً وجنوباء وشرقاً وغرباًء ما بين صغار وكبارء وأودية تجري حيناً وتنقطع في وقتء 
ما بين نبع وجمع؛ وقوي السير وبطيئه» بحسب ما أراد وقدر وسخر ويسرء فلا إله إلا ههو 


ولارب سواه.'7) 


(1) سورة طه: آية / 53 
(2) تفسير ابن كثير 2 / 540 . 
(3) ته افير للشريطن 69 . 
(4) تفسير الرازي 19 / 130 . 
(5) سسورة النحل: آية / 15 
 )6(‏ 

(7) ته 


تفسير القرطبي 10 / 90 -91 . 
تفسير ابن كثير 2 / 566 » وانظر التفسير المنير / للزحيلي 14 / 100 . 





100 


وفسر الزمخشري ألقى بمعنى جعل أي جعل فيها أنهاراً ”'' ونقل عنه ذلك القرطبي 2 
والرازي0) 

" إعلم أن المقصود من هذه الآية ذكر بعض النعم التي خلقها الله تعالى في الأرض 
فالنعمة الأولى: (وَأَلْقَى في الأرض رواسي أن تميد بكم). 
والنعمة الثانية: من النعم التي أظهرها الله تعالى على وجه الأرض هيء أنه تعالى أجرى 
الأنهار على وجه الأرضء واعلم أنه حصل هاهنا بحثان: 
البحث الأول: أن قوله: (وَأَنِهَارَا4 معطوف على قوله: (وَأَلقَى في الأرض رواسي» والتقدير 
وألقى رواسي وأنهاراً. وخلق الأنهار لا يبعد أن يسمى بالإلقاء فيقال: ألقى الله في الأرض 
أنهاراً كما قال: (وَأَلْقَى في الأرْض رَوّاسي» والإلقاء معناه الجعل .. 
البحث الثاني: أنه ثبت في العلوم العقلية أنّ أكثر الأنهار إنما تتفجر منابعها في الجبال» فلهذا 
السبب لما ذكر الله تعالى الجبال أتبع ذكرها بتفجّر العيون والأنهار . 
النعمة الثالثة: قوله:7 وسمبْلا لَعلَكُمْ تهتذون» وهي معطوفةعلى (وَأَلَقَى في الأرض 
رواسي )0 

ويقول تعالى في موضع آخر:( كلنَا الجنتين آنت أكلها وَلَمْ تَظلمْ مه شيْنا وَفَجّرتَا 
خلالهُمَا نهرًا2(4 ' والنهر بنصب الهاء والجزم» بمعنى واحد في اللغة؛ إلا أن قراءة الننصب 
ضع :6 
' أي كان النهر يجري في داخل تلك الجنتين 7) »وفي قراءة يعقوب وفجرنا مخفقة 
وفي قراءة الباقين وفجرناً مشددة والتخفيف هو الأصل؛ لأنه نهر واحد والتشديد على المبالغة 
لأن النهر يمتد فيكون كأنهار. (خلالهُما أي وسطهما وبينهما 8 


(1) انظر الزمخشري 2 / 598 . 

(2) تفسير القرطبي 10 / 90 . 

(3) تفسير الرازي 20 / 10 . 

(4) تفسير الرازي 20 / 10 . 

(5) سورة الكهف: آية / 33 

(6) بحر العلوم / السمرقندي 2 / 299 . 

(7) انظر التفاسير الآتية: ابن كثير 3 / 84 » والزمخشري 2 / 721 » والقرطبي 10 / 403» والسمرقندي 
2/ 299 » والرازي 21 / 125 » واللفظ له والباقون بالمعنى . 

ا 


(8) تفسير الرازي 20 / 125 . 





101 


الغرض الثالث: إقامة الحجة على وحدانية الله 
" وتقرير الوحدانية أصل مشترك في جميع الرسالات السماوية» فإن التعدد نبت في 

الأرض في بعض البيئات الضالة» ولما كان قد شاع بين العربء فقد وجه القرآن إليهم خمسة 
أسئلة ترسي قواعد الوحدانية» تشرح الحقيقة لكل ذي لب .(1) 

وقد طرح الله تعالى هذه الأسئلة الخمسة في سورة النمل لإقامة الحجة عليهم في 
شركهم » ومن هذه الأسئلة هذا السؤال؛ في قوله تعالى:7 أَمَّنْ جعل الأرْضِْ قرارًا وَجَعل 
خلائهَا أَنْهارَا وَجَعل لَهَا رواسي وجعل بَيْنَ الْبَحرَيْن حَاجزًا أنّة مَعَ اله يَل أَكثَرْهْمْ 
لايَعلمُون 24) 

«(أَمَّنْ جَعل الأرْض قَرَارًا4 ' أي قارّة ساكنة ثابتة لا تميد ولا تتحرك بأهلهاء و 
ا ل ل ا 
وو يختكة ياك اونظ خققف اك وك تارك علا قال كله الذي جعَل لَكُمٌ الأرْض 
قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بناء606 ل خلالها أنهارًا “أي جعل فيها الأنهار العذبة الطيية؛: شقها 
خلالها وصرفها فيهاء ما بين أنهار كبار وصغار وبين ذلك ... "(0) 

وذكر الرازي: أن الله سبحانه يدلل على أنه هو الخالق لأصول النعم» وفروعها في 
السماء و ا ل ل ا ل ا 
ونوا الماع مق القناء»ةالعداتق ف نهد البجهة هفل الأرهن كزان افق ايان حاويينا 
والجبال الراسيات ... وغيرها منكراً على الكفار شركهمء ومقيماً الحجة عليهم؛ على أنه الإله 
المستحق للعبادة» ونبذ ما دونه من معبودات أخرى. (5 

' والأنهار في الأرض هي شرايين الحياة» وهي تنتشر فيها في كل اتجاهء بعد أن 
تكونت من منابعها في الجبال وكذلك من الأمطارء فتجري وفق طبيعة الأرضء والخالق هو 
القادر على تكوين السحاب وإنزال المطرء وجريان الأنهار»ولا يملك أحد أنّ يقول إن أحداً 
غير الخالق المدبّر قد شارك في خلق هذا الكون على النحو الذي هو عليه» وجريان الأنهار 
حقيقة واقعة يراها المشركون فمن ذا أوجد هذه الحقيقة ؟ أإله مع الل ؟ 6©7) 


(1) نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم / محمد الغزالي ص 294  .‏ ط2 . القاهرة » دار 
الشروق 1996 م. 

(2) سورة النمل: آية / 61 

(3) سورة غافر: آية / 64 

(4) تفسير ابن كثير 371/3 . 

)3 لعن جيل ورا 3 / 205 - 206 . 

(6) في ظلال القرآن 6 / 293 . 





102 


(أَئلَة مَعَ اللّه )أي إذا ثبت أنه لا يقدر على هذا غيره فلم يعبدون مالا يضر ولا ينفع 

ال ا الله فلا يعلمون ما يجب له من 
الوحدانية نية "ل 
واللفظ لفظ الاستفهام والمراد به الإنكار والزجر.7©) 
'" إن استقرار الأرض بمن عليهاء فلا قلق ولا اهتزاز! أمر مدهشء لأن للأرض حركتان: 
حول نفسهاء وحول الشمسء ومع هذا الحراك المزدوج والانطلاق الهائل في الفضاء لا يهتز 
كوب ماء في يدك ! 
ثم إن الأرض كرة وأربع أخماسها ماء ملح. وفي القارات أنهار وبحيرات عذبة» ولا يختلط 
عذب وملحء كل مستقر في مجراه ! لاختلاف الكثافة النوعية كما يقولون» أفلا يسوقنا هذا 
إلى الله؟.'(0) 

وهكذا يقيم الله الحجة على المشركينء بما خلق من أنهار ومياهء تجري في الأرض 
لا يقوى على تفجيرها وإجرائها إلا الله . 


الغرض الرابع: تفاخر وتكاثر وغرور فرعون بجريان النيل من تحته 

إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لا يفلته»ء ومن هؤلاء الظلمة فرعونء أخذه الله 
بما تفاخر به على قومه؛ من أنهار تجري من تحته» وملك على قوم اس تخف عقولهم 
فأطاعوه؛ قال تعالى: 7 ونادى فرعن في قؤمه قال يا قوم أَلِيْسَ لي ملك مصر وَهذه الأنهار 

'بيّن الله تعالى أن موسى- ايلتة- بعد أن أورد المعجزات القاهرة الباهرة التي لا 
يشك في صحتها عاقل. أورد فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال: إني غني 
كثير المال والجاهء ألا ترون أنه حصل لي ملك مصر وهاذه الأنهار تجري من تحتي » وأما 
موسى فإنه فقير مهين» وليس له بيان ولسان.( شبهة كفار مكة) 9وَقَانُوا نولا نل هَذَا 
القرءان عَلَى رَجْل من القَرْيتينَ عظيم»7) 


1 
2 


"5 

(نانضر الطزم | للسمرفدي 7900/2 

(3) نحو تفسير موضوعي / محمد الغزالي ص 294 . 
(4) شورة الرخرف ايه 4111 

5) 


5 سورة الزخرف: آية / 31 





103 


ويعني الأنهار التي فصلوها من النيل ومعظمها أربعة: نهر الملك ونهر طولون ونهر 
دمياط ونهر تنيس» 

(يرى الباحث: لعله يقصد بعض الترع والقنوات التي تتفرع من النيل وهي كثيرة) 

قيل كانت تجري تحت قصره. وحاصل الأمر أنه احتج بكثرة أمواله» وقوة جااهفة 
على فضيلة نفسه.7!) وقيل إن فرعون لما رأى تلك الآيات خاف ميل القوم إليه- أي موسى- 
فجمع قومه فقال:( يا قَوْم أَلَيْسَ لي ملك مصرة أي لا ينازعني فيه أحد (وَهذه الأنهَارٌ 
تخري من تحتي4 قال قتادة: كانت جناناً وأنهاراً تجري تحت قصوره."2 »' وقيل بين يدي 
في جناني وبساتيني 0 

' والجماهير المستعبدة المستغفلة؛ يغريها البريق الخادع القريب من عيونهاء ولا 
تسمو قلوبها ولا عقولها إلى تدبر ذلك الملك الكوني العريض البعيد» ومن ثم عرف فرع ون 
كيف يلعب بأوتار هذه القلوب» ويستغفلها بالبريق القريب.47) 

ومن عظيم حكمة الله -سبحانه وتعالى- أنه أهلك فرعون بما تفاخر به- وهو الماء 
الذي يجري من تحته- بكل غرور وتكبر فكان الماء سبباً لهلاكه بأمر الله . 


الغرض الخامس: تفجير الأنهار من الحجارة 

لقد نبه الله سبحانه وتعالى الإنسان إلى مصادر وجود الأنهارء حيث ذكر نزول الماء 
من السماءء وهو سبب من أسباب جريان الأنهارء وكذلك تفجيرها من الصخور والجبال» وقد 
قرن الله بين الجبال والأنهار؛ لكونها سبب في وجودها #وجَعل فيها رواسي77, وقد سبق 
شرحهما في الأغراض السابقة . 

وفي هذا الغرض أعرض عملية تفجير الأنهار من الحجارة؛ عند ضرب المثل بقسوة 
قلوب بني إسرائيل؛ وبيان أن هذه الحجارة ألين وأنفع من هذه القلوب الجاحدة؛ حيث يتفجر 
منها الماء بالأنهار والعيون قال تعالى: (وَأَلقَى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأَنَهارَا4©) 

" إن من الحجارة ما ينشق فيخرج منه الماء الذي يجري حتى تكون منه الأنهار. 


1) تفسير الرازي 27 / 217 . 
2 تفسير القرطبي 16 / 98 . 
3 تفسير الزمخشري 4 / 257 . 
4) في ظلال القرآن / سيد قطب 7 / 339 . 
5) سورة الرعد: آية / 3 
( 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) سورة النحل: آية / 15 





104 


قلق الحفماء» ع الأنياق نشول كن لكر شحمم قباطم الأرسن» فنان كما 
ظاهر الأرض رخواً انشقت تلك الأبخرة» وانفصلت وإن كان ظاهر الأرض صاباً حجرياً 
اجتمعت تلك الأبخرة ولا يزال يتصل تواليها بسوابقها حتى تكثر كثشرة عظيمة؛ فيعرض 
حينئذ من كثرتها وتواتر مدها أن ينشق الأرض وتسيل تلك المياه أودية وأنهاراً . 
( وَإِنَّ منها لما ب : ييشقق فَيَخْرَجٌ منةه الْمَاء)1') 

أي من الحجارة لما يصّدع فيخرج منه الماء فيكون عيناً لا نهراً جارياء أي أن 
اللغذار قل نون :الما القن و الماء الفليك:: 

وفي ذلك دليل على تفاوت الرطوبة فيها وإنها قد تكثر في حال حتى يخرج منها ما 
يجري منه الأنهار وقد تقل."(©) 


الغرض السادس: الابتلاء بالشرب من النهر 

كما جعل الله الماء نعمة لقومء وجعله هلاكاً لأقوام آخرين: امتحن الله بني إسرائيل 
وابتلاهم به كي يميز الله الصابرين وأهل الطاعة من المتخاذلين وأهل المعصية» فقد ابتلى الله 
بني إسرائيل قبل دخولهم المعركة مع طالوت لدخول الأرض المقدسة فلسطينء ابتلاءا عظيما 
وهم عطشى بعدم الشرب من ماء النهرء ليعلم الله الصادقين من الكاذبين» فقال تعالى: 7 فَلما 
قصل طَالُوتَ اجنود قال إن الله مبتليكُمْ بتهر فم شرب منة فلس مني وس لم يَطقَنه 
َه مي إلامن اغتّرف غرفة بيده فشرُوا منه إلا قيلا منهم)”' 

" في حكمة هذا الابتلاء وجهان: 

الأول: كان مشهور من بني إسرائيل أنهم يخالفون الأنبياء والملوك» مع ظهور الآيات 
الباهرة؛ فأراد الله تعالى إظهار علامة قبل لقاء العدو يتميز بها من يصبر على الحرب؛ ممن 
لا يصبر لأن الرجوع قبل مقابلة العدو لا جرم قال:( إِنّ الله مُبْتليكُم بتهر) . 
والثاني: أنه تعالى ابتلاهم ليتعودوا الصبر على الشدائد .'(4) ٠‏ 

وقال تعالى:7 وأنْ لو اسْتَقَامُوا عَلَى الطّريقة لأمقيْنَاهُمْ مَاءَ عَدَقَار16) لتفتتَهُمْ فيه 
وَمَن يُعْرِضَ عَن ذكر ربّه يَسَكَهُ عَذَابَا صَعدًا)067 


(1) سورة البقرة: آية / 74 
(2) انظر تفسير الرازي 3 / 130 . 
(3) سورة البقرة: آية / 249 
(4) تفسير الرازي 6 / 180 . 
ا آية / 16 -17 





105 


والفتنة: الابتلاء والامتحان» وكأن الله تعالى يريد اختبارهم فمن أعرض عنه حرمه الماءء 
ومن أطاع وسار على هديه سقاه إياه غدقاً كثيراً غامراً . 
فإن الماء قد جعله الله بغرض الابتلاء والاختبار لغربلة العباد الصالح من العاصي . 


الغرض السابع: الأنهار من ثمار الاستغفار 
" وقد ربط الله بين الاستغفار والأرزاق» وفي القرآن مواضع متكررة فيها هذا 
الارتباط بين صلاح القلوب؛ واستقامتها على هدي اللهء وبين تيسير الأرزاق وعموم 


الرخاء... جاء في موضع (ولو أن أفل ل متأ واتقو'ا 5 5 7 3 بركَات ص السسّمّاء 


2# 


وَالأرْض»!/) وفي موضع آخر (وَلو أَنّ أفل الكتاب آمنوا واتقوا لكقرنا عَنَهُمْ سيّتَاتهم 
وَلأَْخلْنَاهُمْ جنات التعيم(65)ولو أَنَهُمْ أَقَامُوا التّؤراةً والإنجيل وما أنزل إِلَيْهِمْ من ربّهمْ لأكلوا 
من فَوْقهم ومن تَحت أَرَجْلهِمْ74) وقال تعالى: (وأن اسْتَغْفروا ربّكُم ثم ُوبُوا إلَيْه يُْمَتَعْكُمِ 
مَتَاعًا حَسْنا إِلَى أجل مُسمَّى وَيُوت كل ذي فضل فَضدّ...272 وهذه القاعدة التي يقررها 
الأراق ف مز شين ترك قاع 4 مستديحة توه عن الجانها مزق ود الله ومن سنة الحياة.» 
كما أن الواقع العملي يشهد بتحقيقها على مدار القرون47) 

قال تعالى:( فَقَلْتَ استَغفروا رَبَكُمْ إمَه كان عَقَارَا(10)يُرسل السَمَاءَ عَلَيْكمَ 
مدرارًا(11)وَيْمدَكم بأَمْوَال وبنين ويَجِعل لكمْ جنات ويَجِعل لكم أَنْهَارَا)71) 
" الأشياء التي وعدهم من منافع الدنيا في هذه الآية خمسة: 
أولها: قوله:( يُرسل السَمَاءَ عَلَيْكُمْ مذرارًا» وفي السماء وجوه: 
1- أن المظن:مدها ينزل إلى 'السحاب. 
2- أن يراد بالسماء السحاب . 
3- أن يراد بالسماء المطر . 
ثانيها: قوله: (ويُمَددَكم بِأَمْوَال4 وهذا لا يخص بنوع واحد من المال بل يعم الكل . 
وثالثها: قوله: لروَبّنين4 ولا شك أن ذلك بما يميل الطبع إليه . 
ورابعها:قوله:( ويَجْعل لكُمْ جِنّات» أي بساتين . 


(1) سورة الأعراف: آية / 96 

(2) سورة المائدة: آية / 66 

(3) سورة هود: آية / 3 

(4) في ظلال القرآن 8 / 300 -301 . 
(5) سورة نوح: آية / 10 - 12 





106 


وخامسها: قوله:( ويَجِعل لكم أَنْهَارَا) (1) 

' وإعادة فعل يجعل بعد واو العطف في قوله:7 ويَجْعل لَكُمْ أَنْهَارَا) للتوكيد اهتماماً 
بشأن المعطوف؛ لأن الأنهار قوام الجنات وتسقي المزارع والأنعام» وفي هذا دلالة على أن 
الله يجازي عباده الصالحين بطيب العيش...7©) 

توفي هله الآية والقن في هزد ذليك خن أن الاتنتطنان تشفوؤق ينه اروم 
والأمطار."0 قال تعالى: ((ويا قَوْم اسنتغفروا ربّكُمْ ثم تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِل السَمَاءَ عَلَيْكُمْ مذرارًا 
وَيَزِدكم قُوَة إلى فُوَتكُم ولا تَتَولُوا مجرمين)7) ونزول المطر سبب من أسباب تكوين الأنهار 
وقوتها وسيد الاستغفار ما رواه البخاري النبي ييل قال:/22) سَيّدُ الاستغفار أن تقول اللَّهُمّ 
أنت ربّي لا إلّه إلا أنت لقتني وأنا عَبْدَكَ ونا عَلَى عَهِدكَ ووعدك ما استطغت أغوذ بك 
من شل ما صتّعت أَبُوءْ لَك بنغمتك علَيَ وَأَبُوءْ لَك دبي فَاغْفر لي فَإنَهُ لا يَغْفرٌ الذَنُوب إلا 
أنت قال ومن قَالَهَا من ا 5 7 الجنّة 
ومن قَالها من اليل وهو مُوقنْ بها فَمَات قَبْل أن يُصبِحَ فَهُوَ من أهل الجنّةع (5 

ع الطبري عن الشعبيء قال: خرج عمر بن الخطاب يستقي؛» فما زاد على 
اللا ار أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت فقال: لقد طلبت المطر 
بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطرء ثم قرأ 'الآية" "77) 
الغرض الثامن: طلب تفجير الأنهار بغرض التعجيز والمراء 
سبق أن طلب كفار قريش من الرسول كيد «مجموعة من الأمور على سبيل الجدل والتعجيز 
وبح :يفولا إنا أعذر نالك يا محمد وخي اقم فإذا نما يظقواتبهب ير وى عن اشههم الماذمة 


1) تفسير الرازي 30 / 138 . 
عر تررق أل ان 9 / 198 . 
3) تفسير القرطبي 18 / 302 . 
4) سورة هود: آية / 52 
5) أخرجه البخاري كتاب الدعوات باب أفضل الإستغفار رقم 6306 ٠»‏ 4 / 187» والترمذي كتاب 
الدعوات باب 15 رقم 3393 ؛ 5 / 467 » والنسائي ؛ تحقيق عبد الفتاح أبو غدة» كتاب الإستعاذة باب 
الإستعاذة من شر ما صنع رقم 5522 . 8 / 279  .‏ ط2  .‏ بيروت» دار البشائر الإسلامية 1986 
مء وأحمد 4 / 122 . 
لال ا ب وو ارقي روح ع ارا رواحي ا 
والمجدح عود مجنح الرأس تساط به الأشربة. الفائق في غريب الحديث / للزمخشري 1 / 195 » 
والنهاية في غريب الحديث والأثر / ابن الأثير 1 / 243. 
(7) تفسير ابن جرير الطبري 29 / 93 . 


) 
) 
) 
) 
) 





107 


والحرجء» فطلبوا منه تفجير ينبوعاً من الأرضء وكذلك إخراج جنة يملكها من نخل وعنب» 
يفجر الأنهار خلالها وبين أشجارها. وسبق التعرض في مطلب العيون ” وفي هذا الغرض 
نبيّن الطلب الثاني وهو الأنهار.7 أو تكون لَك جِنَةٌ من تخيل وعتب فَتَقَجَرَ الأنَهَارَ خلالَهًا 
تفجيرًا»2) ١‏ : 

" لما تبين إعجاز ا إليه المعجزات الأخرء والبينات ولزمتهم الحجة 
وعليواة كدو ا لاون ماقا الح صر ري مي لوا لحو 
م 

" والتقدير كأنهم قالوا هب أنك لا تفجّر هذه الأنهار لأجلنا فتفجرها من أجلك . 
قرأ عاصم وحمزة والكسائي تفجُر بفتح التاء وسكون الفاء وضم الجيم مخففة واختاره أبو 
حاتم قال لأن الينبوع واحد والباقون بالتشديد واختاره أبو عبيدة ولم يختلفوا في الثانية مشددة 
لأجل الأنهارء 0 فجرت الماء فجراً وفجرته تفجيراً .فمن ثقل أراد به كثرة 
الإنفجار من الينبوع '(4 


ثالثا: الآبار 

الآبار أيضاً من المياه التي مصدرها جوفي من باطن الأرضء فالعيون والأنهار 
يفجرها الله» ولكن في الآبار فإنها من حفر الإنسان» وبحثه عن الماء لحاجته الماسة إليه. 
فيجث عن هذا الماء في أماكن وجوده ومظانها . 

وقد ذكر القرآن الآبار بلفظين الأول هو: البثرء وجاء هذا اللفظ للبئر غير المستغلة 
وغير المنتفع بها وكما وصفها الله بأنها بثر معطلة. لا يستقي منها أحد . 

واللفظ الثاني هو: الجبء؛ وهو الوارد في سورة يوسف حيث ورد في قصته مع 
أخوته» والقائه في هذا الجبء وهذه البئر كانت عاملة» بدليل ورود السيارة عليها للشربء. 
وكذلك رعي أخوة يوسف حولها وسقي ماشيتهم منها . 


(1) سبق في ص / 97 

2 سورة الإسراء: آية / 91 

3) تفسير الزمخشري 2 / 696 » وانظر البحر المحيط 6 / 77 . 

4) تفسير الرازي 21 / 58 » وانظر زاد المسير ابن الجوزي 5 / 86 - 87 » وانظر التفسير الوسيط / 
0-0-0 5 / 201 -202 . 


) 
) 
) 





108 


أما الفط الخرل وبهق' النتن ,يفوك تعالى: اا ألكتاها وه ظَالمَةَ فهي خَاويَة 
على غروشها وبئر مُعَطَلَة وَقَصرٍ مشيد»11) 

“كل هرتف أطلك من يعت ديت إن نكرمة أ مظلة اد كرام ومو 

والخاوي: الساقط من خوى النجم إذا سقطء أو الخالي من خوى المنزل» خلا من 
أهله ... وقوله على غُرُوشْهَا» لا يخلو من أن يتعلق بخاوية؛ فيكون المعنى أنها ساقطة على 
سقوفهاء أي خرّت سقوفها على الأرضء ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف ... . 

وكللة دن أعطلة مسن اسطلة ونككى النعطلة ١‏ نما عائوة كريه التكاة رففها 
آلات الانتقاء؟ إلا أنها عطلت» أي: تركتك لا يستفي: متها لهلاك أملها» والمشثنية: المخصض 
أو المرفوع البنيان والمعنى: كم قرية أهلكنا ؟ وكم بئر عطلنا عن سقاتها ؟ وقصر مشيد 
أخليناه عن ساكنيه ؟ فترك ذلك لدلالة ( مُعَطَلَّةَ » عليه.'(© 

أما اللفظ الثاني وهو الجب يقول تعالى:( وَأَجْمَعُوا أن يَجَعلُوهُ في غَيَاَة الَجُبْ)61 
وجاء ذكر الورود على هذا البئر في قوله تعالى:( وَجَاءت سيّارَة فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُم فَأدْلَى 
دَلوَهُ قَالَ يَابْشرَى هذا غلام44 . 

«(غيَابَة الجْب4 وهي غوره وما غاب منه عن أعين الناظر وأظلم من أسفله ... أراد 
غيابه حفرته التي يدفن فيها. وقريء غيابات على الجمع ... والجب: البشر لم تطوء لأن 
الأرض تجب جباً لا غير ... (وَجَاءَت سيّارَةٌ4 رفقة تسير من قبل مدين إلى مصر وذلك 
بعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف- اكلم - في الجب:فأخطئوا الطريقء فنزلوا قريباً منه» وكان 
الجب في قفرة بعيدة عن العمران لم يكن إلا للرعاة .'(5) 
المطلب الثاني: إنزال الماء من السماء 

تقدم في المطلب السابق الحديث عن المصدر الأول للماء؛ ألا وهو باطن الأرضء» 
أي المياه الجوفية وفي هذا المطلب نتناول المصدر الثاني من مصادر المياهوهو: ماء 
السماء» وقد ورد هذا الماء في القرآن بأسماء مختلفة وسوف أسوقها حسب ألفاظها الطبيعية 
الواردة في القرآن مثل: 


(1) سورة الحج: آية / 45 
(8) شين 'التمكشري 160:2716113 7و انظن التي 45-4755 6 ابسن حيط 3481/6 
(3) سورة يوسف: آية / 15 
(4) شووة برس :18 
(5) تة 


5) شين المضوي عير نة 4461 





109 


أولاً: ألفاظ تبين أنواع السحاب: 

1- أنواع تحت لفظ السحاب : 

أ السحاب المسخر وهو عموم السحاب . 

كات النكات الفستويظلة: 

ج - السحاب الثقال . 

د السحاب الركامي . 

و دوق 5ك المعصي وان إنت الحام لقم 

5- الغمام 6- العارض 

ثانياً: المطر : 

أ-الغيث ب-الرحمة ت- الرزق ث- الوابل 
ج-الطل ح-الوذق خ-الخبء د-الثجهاج 
دح لمي 525557 ز-الرجع 

ثالثاً: جبال من برد : 

رابعاً: الأودية : 

أولاً: ألفاظ تبين أنواع السحاب 

١71‏ لسكا 

جاء ذكر السحاب في القران» بوصفه حسب درجة كثافته في الجوء وهذا يبين مدى 

ققة لون أذ في: ذو كويق "الات تر كينية فيه وكاليقه و تراكيد مضه على يعض نحشن 
ينزل مطرأء متفاوت في القطر والقوة والضعف والكثرة والقلة . 

أ- السحاب المسخر ‏ وهو عموم السحاب ‏ 

كل السحاب مسخر بأمر الله في جو السماءء يسوقه الله سبحانه حيث يشاءء. لذلك 

تنطبق هذه التسمية على كل أشكال السحاب؛ من منبسط وثقال وركام» ولذا كان حقه التقديم 
بداية ثم يتبعه بقية الصور . 

يقول تعالى:( ... وَتَصريف الرّيّاح وَالسّحاب الْمُسَخَرٍ بَيْنَ السّمَاء والأرْض لآيَات لقوم 
يَغقلون»11) 

قوله تعالى:( والسّحَاب الْمُسَخْر بَيْنَ السّمَاء وَالأرض» 


(1) سورة البقرة: آية // 164 





110 


شم الننكات هايا لاسحابهفن 'الواء: 17 :رعق القتقين :أي التمتحات الستذلل 
والمطوع.(©) 
ولقد سمي السحاب المسخر لوجوه: 
أحدها: قَهَرهُ الله على غير طبعه من النزول لثقله» وإيقائه في جو الهواء لذا سمي مسخراً . 
الثاني: أن زيادته عن قدر الحاجة إليه فيها ضررء ونقصه كذلك فيه ضررء وإرساله بالقدر 
0 المعلؤمة "عل :انه الى هق النضلخة:رزلا يكون إلا بتقدين: القادنالقاهة نذا 


الثالث: أن السحاب دائم الحركة مع الرياح» وسوقه إلى البلد الذي أراد الله أن يسقيه إياه هحو 
تسخير من الله 6 


الرابع: سخر للرياح تقلبه في الجو بمشيئة الله .[4) 

' وتعقيب تصريف الرياح بالسحاب لأنه كالمعلول للرياح كما يشير إليه قوله تعالى 
(اللّهُ الذي يُرْسل الرَيَاح فتثيرٌ سحابًا)”) ولأن في جعله ختم المتعاطفات مراعاة في الجملة 
لما بديء به لأنه أرضي سماوي فينتظم بدء الكلام وختمه ."6) 

" وقوله:( لايّات لقوم يَعقلون» ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون لأنها دلائل على 
عظيم القدرة وباهر الحكمة.'(© 

ولقد بينت السنة بحديث واضح وصريح كيف يسخر الله السحاب ويسوقه إلى عباده 
الصالحين ثمرة للعمل الصالح .52 عَنْ أبي هْرِيْرَةَ عَنْ التَبي صلّى اللّه عليه وَسَلَمَ قَال بَينا 
رَجْل بقلاة من الأرض فَسَمعَ صوتا في سسَحابّة اق حديقة فلان َتَنَحّى ذلك السّحَابْ فَأَفْرَغَ 
مَاءَه في حرَة! © فَإِدَا شرْجَة2 من تلك الشراج قد اسنتوعبّت ذلك المَاء كله فَتَتَبّعَ المَاء َإِذَا 


(1) تفسير الرازي 2 / 202 » وانظر تفسير القرطبي 2 / 200 . 

(2) انظر تفسير الرازي 4 / 202 » وانظر بحر العلوم / السمرقندي 1 / 173 . 

(3) انظر تفسير الرازي 4 / 202 » وابن كثير 1 / 202 . 

(4) تفسير الزمخشري 1 / 211 . 

(5) سورة الروم: آية / 48 . 

(6) تفسير الألوسي 2 / 33 . 

(7) تفسير الزمخشري 1 / 211 . 

(8) الحرة: هي الأرض ذات الحجارة السود » النهاية في غريب الحديث والأثر / ابن الأثير 1 / 365 . 
(9) شرجة: الشراج: مجاري الماء من الحرار إلى السهل واحدها شرجة / غريب الحديث أبي محمد عبد 
الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري 1 / 102  .‏ ط1 . - بيروتء دار الكتب العلمية 1988 م » والنهاية / 
ابن الأثير 2 / 456. 





111 


رَجْل قائمٌ في حديقته يُحَوَل الْمَاءَ بمسسحاته! '" فال لَه يَا عبد اللّه ما اسنمك قَالَ فلان للإشم 
لذي ستمع في المحابَة فال لَه يا عبد اللّه لم سني عن اسنمي قَقَلَ إنّي سمغت صتنًا في 
السّحاب الذي هذا مَاوْهُ يَقول اسئق حديقة فلان لإسنمك فَمَا تَصنَعْ فيها قَالَ أَما إذ نت هَذَا 
فَِني أن إِلَى ما يَخْرّجٌ منها فَأَتَصدق بتُلْهِ وَآكلَ أنَا وعيّالي تُلْنَا وَأرْدُ فيها كُلقَهُ .2 ©) 
ب- السحاب المبسبوط 

جاء ذكر السحاب بشكله المنبسط في السماء في قوله تعالى:7 الذي يُرْسل الرَيَاحَ 
فتثِيرٌ سحابًا فَيَسْطْهُ في السَّمَاء كيف يَشاءْ ويَجعلةُ كسقا... 06 

" يبين تعالى كيف يخلق السحاب الذي ينزل منه الماء فقال تعالى:7 الذي يُرْسل 
الريّاح فَتَِيرُ سحابًا 4إما من ماء البحر كما ذكره غير واحد أو مما يشاء الله عز وجل 
(فَيَبْسسْطهُ في السّمَاء كيّف يَشَاء)أي يمده فيكثره وينميه ويجعل من القليل كثيراً ينشيء 
سحابة ترى في رأي العين مثل الترس ثم يبسطها حتى تملأ أرجاء الأفقء» وتارة يأتي 
العا من تكو البكر ها ا ا 

وَيسكل التجاب إنا منصلا تحضه مع بعض» أو مفرقا قطعا قبي جد التسفاء 60 
وكيف يشاء رب العزة . 
' وفي إرسال الرياح قدرة وحكمة: أما القدرة: فظاهرة فإن الهواء اللطيفء الذي يشقه 
الودق» يصير بحيث يقلع الشجرء وهو ليس بذاته كذلك, فهو بفعل فاعل مختار . 
ا 0 ل ا 
فمنه ما يكون نتغيات: وسته مما يكور منقطعأء ثم المطر يخرج منه؛ والماء ة في الهواء أعجب 
علؤنةا على افقو وما يني ايه من إنبلت الؤرح وإكرار. اللجروع كن الماك إن ل 
يعم بل يختص به قوم دون قوم وهو علامة المشيئة .6) 
ج- السحاب الثقال ساق لنا القرآن آيتين في السحاب الثقال الأولى في الرعد بقوله:7 هُوَ 
الذي يُرِيكُمْ البترق خوفًا وَطمَعًا وَيُنشئ السّحَاب الثّقال4 © 


(1) المسحاة: هي المجرفة من الحديد . النهاية / ابن الأثير 4 / 328 . 
(2) أخرجه مسلم كتاب الزهد باب الصدقة على المساكين 4 / 2288 رقم 45 », وأحمد 2 / 296 يمثله . 
(3) سورة الروم: آية / 48 

(4) تفسير ابن كثير 3 / 437 - 438 . 
)5( قزر تفسير الزمخشري 3 / 226 . 
(6) تفسير الرازي 25 / 133 . 
ركه ارح آية / 12 





112 


والأخرى في الأعراف في قوله تعالى:7 وَهُو الذي يُرسل الرّيَاح بُشرًا بَيْنَ يَدَيْ 
رحمته حتى إذا أقّت سَحابًا ثقالا سنقتاه للد ميت فَأنَْلَا به المَاءَ .. 014 
آية الرعد تقول: (ويُنشئ المنّحَاب القّقَال4 نشأ: نشأت السحابة: أنشأها الله ورأيت نشاً من 
السحاب» وهو أول ما يبدو2) " السحاب اسم للجنس والواحدة سحابة. والثقال: جمع ثقيلة لأنك 
تقول: سحابة ثقيلة وسحاب تقال كما تقول إمرأة كريمة ونساء كرام. وهي الثقال بالماء.(6 
" ويخلقها منشأة جديدة وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة من الأرضء وقال مجاهد السحاب الثقال 
الذي فيه الماء ."7 ' والأجزاء المائية من السحاب» سواء قيل أنها حدثت في جو الهواء أو 
تصاعد من أبخرة البحار» لا بد أن يكون حدوثها بإحداث حكيم قادر 00 

و لدع 0 

" أقله واستقل به: رفعه9©) و «مستقتاة4 ساقت الريح السحاب: أي قادته وساق الله إليه 
ا 

عن ابن عمر "الرياح ثمان: أربع منها عذاب: وهو العاصف والقاصف والصرصر 
والعقيم» وأربع منها رحمة: الناشرات المبشرات والمرسلات والذاريات .(8) 

' في هذه الآية الكريمة عرض لمظهر من مظاهر قدرة الله.» وما تحمل هذه القدرة 
إلى الناس من رحمة:؛ فهذه الرياح يرسلها الله رسل رحمة إلى الناس» حيث تحمل السحاب 
مثقلا زالماء؛ فتسؤقه إلى الأرضن الجديب والبك:الميث؛ ثم قزل ما حملت من ماء» فتسيل يبه 
الوديان» وتجري منه العيون؛ وإذا هذا الجدب, وذلك الموات» حياة تدب في أواصل الكائنات؛ 
من جمادء ونبات» وحيوان» تلك بعض مظاهر القدرة .. . القادرة )9 
ولما كان السحاب يبدأ بخاراء ثم يتجمع في السماء منبسطأاء » في طبقات رقيقة عالية» أو قطعاً 
متفرقة» ثم يت يتجمع أكثر كلما بردت الحرارة؛ ويؤلف بينه حتى يصبح مثقلاً بالماءء ويتراكم 


(1) سورة الأعراف: آية / 57 

(2) أساس البلاغة / الزمخشري 631 . 
(3) تفسير الزمخشري 2 / 353 . 
(4) تة تفسير ابن كثير 2 / 505 

(5) التفسير المنير / الزحيلي 2 / 132 . 
(6) أساس البلاغة / الزنمخشري ص 521 . 

(7) انظر نفس المصدر السابق ص 314 . 

(8) تفسير النيسابورى 2 / 1408 . 

(9) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 8 / 417 . 





113 


بعد ذلك بعضه على بعضء فيكون متراكماً كالجبال» وفي هذه الحالة يقال له السحاب 
الركامي . 
د- السحاب الركامي 

يقول تعالى: في سورة الطور(وإن يرا كسنقا من السّمَاء سَاقطا يَقولوا سَحَابٌ 
مركوم)11) 

ايقل شالك فى جوزة ذال زر لذ إلثة اندي معان ينا برق ا و1 
ركامًا فَترَى الودق يَخْرْجُ من خلاله006) 

" ركم: الراء والكاف والميم أصل واحد يدل على تجمع الشيء تقول ركمت الشيء: 
ألقيت بعضه على بعض وسحاب مرتكم وركام .'(6) 

في سورة الطور لم تسق الاية» بقصد الحديث عن السحاب؛. بل بقصد العناد 
والمكابرة» إخباراً عن المشركين أنهم مكذبون: ا عذاب الله ساقطاً عليهم قطعاً 
من السماءءلقالوا مكابرة و تكذَيباً وعقانا هذا سحاب ك1 0 
أما آية النور فإن الله يبين فيها كيف يكون التدرج في تكوين السحاب حتى يكون ركاماً . 
(أَلْمْ ثَرَ أن اللّهَ يُرْجِي سَحابًا) " يذكر تعالى أنه يسوق السحاب بقدرته» أول ما ينشئها وهي 
ضعيفة» وهو الإزجاء .50 

نه يُؤلف بَيْنَهُ)أي يجمع بينه بعد تفرقة» وفي ذلك دلالة على وجودها متقدما إذ 
التأليف لا يصح إلا بين موجودين ©) 

(ثُمَ يَجْعَلّهُ رَكَامًا) " ثم أنه سبحانه يجعله ركاماًء وذلك تركيب بعضها على بعضء 
ركذا مها الأنذدهنة أن السيحات ' نه يحدل؟ اقل من اماف إذا كان حمق الحفة روكل زلك ميق 
عجائب خلقه ودلالة ملكه واقتداره."(7) 

ويذكر الرازي أن معظم السحاب من البخار المتصاعدء ثم يتكائف في طبقات الجو 
العليا وقليل منه يحدث من تكاثف الهواء فإن صادف برودة في الجو يتجمع حتى يتعاظم: 


(1) سورة الطور: آية / 44 

(2) سورة النور: آية / 43 

(3) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 418 . 
(4) انظر تفسير / ابن كثير 4 / 246 . 


(5) اتسين أبن كتين 4298712 وانظن بحن الخلوخ '/ التوقنذي )443723 .وإنظن النفسين الفنين ./[ 
الزحيلي 18 / 265 . 

(6) انظر تفسير الرازي 24 / 13 » وتفسير ابن كثير 2 / 298 . 

(7) تفسير الرازي 24 / 13 . 





114 


فإذ | اكانك البوئة + تستغيفة وتقاطو البغارا» تويكو شحانا كن أكها ‏ بكرى مف المطوو ابا إذا 
صادف برودة قوية تكون الثلج والبرد 00 


2- المزن 

ومن الألفاظ التي وردت في القرآن بمعنى السحاب لفظ المزن وذلك في قوله تعالى: 

َفرأَيتُمُ المَاءَ الذي تَشَرَبُون(68)ءَأَنتُم أَنرلتَمُوهُ من الْمُّْن أمْ تحن الْمُنَزلُون»2©) 

' العزق: السكاب حافة وق اللنكات» :33 الناء فيك المزكة :الننيكاية التشيكاء 
وواحدته مزنة. والجمع مُّزن والبرد حَبُ المّن هو مزن القربة يمزنها مزناً إذا ملأها. وهو 
الأصل وما دونه فروع منه (٠‏ 

" خصه بالذكر لأنه ألطف وأنظفء أو تذكيراً لهم بالإنعام عليهم. - قلت: وهذا أصح 
- والمزن السحاب الثقيل بالماء لا بغيره من أنواع العُذَاب يدل على ثقله قلب اللفظ وعلى 
مدافعة الأمر وهو النزم في بعض اللغات السحاب الذي مس الأرض.4) 


3- المعصرات 

ومن أسماء السحاب المعصرات وجاء ذكر ذلك في قوله تعالى:( وَأَنَزَلنَا من 
المُغصرات مَاءَ تَجَاجا)!6 

المعصرات:" عصر: العين والصاد والراء أصول ثلاثة صحيحة: فالأول: دههر 
وحينء والثاني: ضغط شيء حتى يتحلبء والثالث: تعلق بشيء وامتساك به . 

الأصل الثاني: العصارة: ما تحلب من شيء تعصره...؛ ومن الباب: المععصرات: 
سحائب تجيىء بمطر .الآية . 
وأغصر القومء إذا أتاهم المطر . 

فأما الرياح وتسميتهم إياها المعصرات فليس يبعد أن يعمل على هذا الباب من جهة 
تمتها 23 انما اننا اقاديت: المهاتة المعطو اك ييه معدتو ب ذا 


(1) نفس المصدر السابق 24 / 13 . 

(2) سورة الواقعة: آية / 68 - 69 . 

(3) لسان العرب / ابن منظور 13 / 406 ٠‏ معجم مقاييس اللغة / 983 »والصحاح / للجوهري 6 / 2203 
» الإفصاح في فقه اللغة /) حسين موسى وعبد الفتاح الصعيدي 2 / 944 

(4) تفسير الرازي 29 / 183 - 184 . 

(5) سورة النبأ: آية // 14 . 

(6) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 4 / 242 » وانظر تفسير الرازي 13 / 8 . 





115 


" وذكروا في تسمية السحاب بالمعصرات وجوهاً: 
الأول: المعصرات السحائب بلغة قريش . 
الثاني: المعصرات السحائب ذات الأعاصير فإن عصرتها نزل المطر . 
الثالث: التي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر ' قاله الرازي (!) 

قلت: هناك وجه لذكر المعصرات من منطوق الآية وهو في قوله تعالى:(ر 
المُغصرات» وقوله:( تَجَّاجَا)المعصرات من عصر وحلب السحاب حلباً أو عصراً وهذا 
يجعلها تثج الماء ثجاً 'والثج هو صب الماء بقوة وكثره وماء ثجاج أي صبّاب ."2 ولما كان 
الماء ينصبّ من السحابة بهذه الفوة» وكأن الريح تعصر هذه السحاب» حتى لا تبقى فيها ماء؛ 
فوصف الماء بالثجاج: يفيد ويدل على غصر هذا السحاب عصرأً لذا سماها الله المعصرات . 


4- الحاملات 

والسحاب يطلق عليه الحاملات؛ لأنها تكون مملوءة ومشبعة؛» تحمل الماء في 
طبقاتهاء وجاء ذكر ذلك في سورة الذاريات " (قَالحَاملات وقَرًا606 

وقر: الواو والقاف والراء: أصل يدل على ثقل في الشيء . والوقر: الحمل. ويقال 
نخلة موقرة أي ذات حمل كثير .(4) 

#فالحاملات وقرًا» لأنها تحمل المطر وقر وقرا بفتح الواو على تسمية المحمول 
بالمصدر أو على إيقاعه موقع حملاً © والتقدير ( الحاملات حملا ) . 

وتسمية السحاب بالحاملات في هذه الآية» له علاقة بالرياح» وذلك أن الله لما أقسم 
بهذه الأشياء من مخلوقاته» أراد أن ينبه الإنسان للقدرة الإلهية» التي جعلت هذه السحائب 
تحمل بين طبقاتهاءهذا الثقل الرهيب الرعيبء. ويحمل كل هذا الرياح بأمر اللهء ولكونها حاملة 
قال فالحاملات وقراء بكل ما تحمل كلمة وقراً من ثقل. فلم يقل فالحاملات ماءً . 


([) شن الس والصكحة: 

(2) انظر معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 179 » مختار الصحاح / محمد بن أبي بكر بن عبد القادر 
الإاذق خط حك ورك دان العلر سن :1ق الا الخري ا لبن تون 0111 

(3انهورة الذارياهة آية /:2 

[4] ملم نقاريس الفط اين ارين 11101 

(5) تفسير الزمخشري 4 / 13 . 





116 


5-الغمام 

أطلق الله على السحاب اسماً آخرء كي يؤدي وظيفته في الآية الكريمة» التي جاءت 
لتذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم؛ لعلهم يشكرون أو يرجعون إليه ويخلصون له العبادة قال 
تعالى: ( وَظلَلنَا عَلَيْكمْ الْعَمَام14) في البقرة (وَظَلَلنَا عَلَيْهِمُ العَمَامَ)في الأعراف.(© 
الك اليكل كي اكز لل لضي د الققاة والخوي بل 1ل -التلككلة - الكثير من 
الآياك:والمحمزات» وكان من النعد-الى؛ أده اللذايما علبهد أن جعل التحاب يظلهم من يضار 
الشمس الحارقة في صحراء سيناء فترة التيه . 

(الْعْمَام4 ". غَيّمَ الغين والياء والميم كلمة تدل على ستر شيء لشيء ."© " ومنه 
الغماء'لكونة سنائز | لضع اذا 
والغيم والغمام هو السحاب وجمعه غيوم وغيام (5) 

لما ذكر الله تعالى ما دفعه عنهم من النقم» شرع يذكرهم أيضاً بما أسبغ عليهم من 
النعم فقال:( وَظَلَلنَا عَلَيْكُمُ الَْمَام4 وهو جمع غمامة " سمي بذلك لأنه يغم السماء."6) أي 
يؤاريها ويسترهاء.وهو النحانة الأبيطن طللوايه في التيه ليقيهم خن الشمدن:+'77) 

' واعلم أن هذا هو الإنعام الذي ذكره الله تعالى» وظاهر هذه الآية يدل على أن 

الإظلال كان بعد ا لأنه تعالى قال ٠:‏ ثم بَعَْنَاكمُ من بعد موتكم لَعَلَكُمْ تشكرونءوظَللنا 
عَلَيْكمُ العْمَامَّ#بعضه معطوف على بعضء وإن كان لا يمتنع خلاف ذلكء لأن الغرض 
تعريف النعم التي خصهم الله تعالى بها 

يرى الباحث: ولما عرفنا مما تقدم معنى الغمام» عرفنا لم اختير هذا اللفظ بدلاً عن 
أي لفظ يدل على السحابء حتى يفي بالغرض المذكور في الآية ألا وهو التظليل والستر من 
القن حرطا فى الشبهو ا 


(1) سورة البقرة: آية / 57 

(2) سورة الأعراف: آية / 160 

(3) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 839 . 

(4) المفردات / الأصفهاني 377 . 

(5) انظر لسان العرب 12 / 446 ؛ الصحاح / للجوهري 5 / 1999 ٠‏ والقاموس المحيط 1476 » وتهذيب 
اللغة / الأزهري 8 / 216 . 

(6) زاد المسير / ابن الجوزي 1 / 83 . 

(7) تفسير ابن كثير 1 / 95 . 

(8) تفسير الرازي 3 / 93 » وانظر تفسير ابن جرير الطبري 1 / 293 . 





117 


6 - العارض 

العارض من أسماء السحاب» وصف به الله السحاب في القرآن؛ واختار هذا 
الوصف؛ لما له من دلالة في النص القرآني المذكور فيه» حيث قال تعالى: 7 قَلَمَا رَأوهُ 
عَارضًا سُنتقبل أؤديتهم قَالوا هَذَا عَارِضِ مُمْطرْتا)1) 

والعارض: هو السحابء يعترض في الأفقء» أو في ناحية السماء 
كل شيء: ما يستقبلك» كالعارض من السحاب ونحوه .(6 


والعارض من 
قال: الماوردي وفي تسميته عارضاً ثلاثة أقوال: 
أحدها: لأنه أخذ في عرض السماء . 
الثاني: لأنه يملا آفاق السماء . 
الثالث: لأنه مار من السماء. والعارض هو المار الذي لا يلبث وهذا أشبه .4) 

إن عاداً قوم سيدنا هود - اكوم - لما كذبوه وعتوا عن أمر ربهمء أتاهم الله بتعذاب 
من حيث كانوا ينتظرون الخير بالمطر والسحاب بعد جفاف أصابهم؛ ولما تراءا لأبصارهم 
السحاب باديا في الأفق استبشروا الخير والماء والحياة والنماءء وذلك لطول عهدهم بالأمان 
من العذاب الذي أنكروه على هود اكِكةم ‏ فكان في هذا السحاب عذاب» وريح تدمر كل 
مآ جام غلية» ف تق وله كان أخضر | ولا بابسا 'فلما رأوه قالو| "ذا عاركن فيحه المظو 
لنا؛ لجهلهم بربهم وعذابه .(5) 

ووصف الله هذا السحاب بالعارضء؛ دون غيره من الأوصصاف لكونه كما ذكر 
الماوردي في القول الثالث أن يمر هذا السحاب ولا يلبث كما تعودوا في الواقع. أن يأتي 
السحاب إما بالمطر أو يقلع في السماء ويذهب . 

لذلك شعروا بالأمان» فكذبوا نبيهم بما وعدهم من العذاب» فهو غير متوقع أن يلبس 
هذا العذاب لباس الخير والحياة» وهذا أوقع في النفس وأشد . 


(1) سورة الأحقاف: آية / 24 

(2) المفردات / الأصفهاني 342 » وغريب القرآن وتفسيره / اليزيدي 338 » وتهذيب اللغة / للأزهري 1 / 
9 . والنهاية في غريب الحديث والأثر 3 / 213 ٠‏ وبصائر ذوي التمييز / الفيروز أبادي 4 / 44 » 
والصحاح / الجوهري 3 / 1085 . 

(3) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 7508 . 

(4) النكت والعيون / الماوردي 5 / 283 . 

(5) انظر تفسير ابن كثير 4 / 161 » ونظم الدرر 7 / 136 » وتفسير الرازي 28 / 28 » وفي الظلال / 

سيد قطب 7 / 422 . 





115 


ثانيا: المطر 

هذا الماء النازل من السحابء بمائه العذب الزلال» فيه حياة البشر والزرع والضرع: 
من إنعامات الله التي لا غنى عنها والتي لا تقدر بثمن . 
جاء ذكر المطر في القرآن على وجهين: 
أحدهما: المطر المعروف. ومنه قوله تعالى في سورة النساء: ( إن كان بكم أَذَى من مَطر 
أو كنْتُمْ مَرْضى أن تَضعوا أستلحتكمْ وَخدُوا حذركم إِنّ اللّه أَعَدَ للكافرين عَدَاباً مُهينا»11) ٠‏ 
والثاني: الحجارة ومنه قوله تعالى في قصة قوم لوط: ( وَأَمْطرنا عَلَيْهِمْ مَطْرً 204 3 
حتى أن لفظ المطر المقصود به الماء جاء في مقام أنه مؤذي ولم يأت في مقام المنفعة كما 
في سورة النساء. والمتدبر لكلمة مطر في القرآن وأفعالها وإشتقاقاتها يجد أنها جاءت في 
الشر والهلاك وعذاب الأقوام التي عصت ربهاء فكان عذابهم بأن أمطرهم الله بحجارة: أو 
عارض مهلك من ريح عقيم» أو صرصر أو عاتية ليكونوا عبرة لمن خلفهم من الأمم . 

ولكن الوجه المشرق للمطر جاء بلفظ غير المطر: إما بلفظ الماءء أو الغيث أو 
انتعتما ينيد أن فيه' الخية والنماء ومثال ذلك (وأنزل من السسّماء مَاءَ فأخرّج به من 
ل ا تَمُ تَعلمُونَ )(4 ' ألم د ل 
مَاءَ776) وغيره كثير في هذا الباب .وبلفظ الغيث قال تعالى:( وَيُتزّل الْعَيثْ94) «وهو الذي 
يرل الْعَيك74) و 9كمثّل عَيْثْ أعجب الكَقَارَ تبَاة4© أما لفظ السحاب فقد سبق في المطلب 
السابق الحديث عنه . ٠‏ 

ولكن المطر جاء في القرآن بألفاظ كثيرة حسب أوصافه وليعطي دلالة في سياق 
الآيات الواردة فيهاء وهذه الألفاظ هي: 
1 - الغيث 2- الرحمة 3- الرزق 
وهذه تجمع تحت منافع المطر وغاية نزوله؛ أما الأوصاف الواردة في شكل ودرجة قوة 
نزوله من السحاب بين الضعف والقوة والكثرة والقلة فهي: 


(1) سورة النساء: آية / 102 

(2) سورة الأعراف: آية / 84 » والشعراء آية / 173 » والنمل آية / 58 
(3) نزهة الأعين النواظر / ابن الجوزي 541 . 

(4) سورة البقرة: آية / 22 

(5) سورة فاطر: آية / 27 

(6) سورة لقمان: آية / 34 

(7) سورة الشورى: آية / 28 

(8) سورة الحديد: آية / 20 





119 


اك ره 2- الوابل وت« لكلل 4ل الودق 
ا 28 اديت 7- الغدق 

وعلى الرغم من كونها وصف للمطرء إلا أن كل لفظ له دلالة في موقعه؛ واستخراج 
هذه الدلآلات فواروح هذا المطلب. 


1 - الغيث 

وخلاصة ما قاله أهل اللغة في الغيث: من الغوث والغين والواو والثاء كلمه واحدة. 
وهي الغوث من الإغاثة» أي الإعانة والنصرة عند الشدة. والغيث هو المطر والكلأ لكون 
المطر سبباً له وهو المطر الخاص بالخير الكثير النافع؛ لأنه يغاث به الناس .'(1) 

وجاء لفظ الغيث في القرآن الكريم في ثلاث آيات في ثلاث سور هي:7 إن اللّه عنَدهُ 
علْمْ السّاعة ويُتَزل الْغَيْتَ وَيَعلَمْ مَا في الأرحام... 24 وقوله تعالى: (وَهُو الذي يُقَزَل 
الغَيِثَ من بعد ما قَطوا ويَنشرُ رَحَمتة وَهوَ الولي الحميذ16”) وقوله تعالى: (اعَلَمُوا أَنَمَا 
لْحَيَاةٌ الدنيَا ... كمثّل عَيْثْ أعجِب الكقار تَبَائّهُ ...14 المتأمل والمتدبر لهذه الآيات الثلاث 
كك نكل اللاتكدية ون سوسوي عالت قنانا ؛ وكلمة الغيث لها مقام خاصء ودلالة 
خاصة» تختلف في كل آية عن الأخرى» حسب معنى الآية» وغرضهاء فمثلاً في آية لقمان 
(تل 'الفيك ”سامت طم خسة قباد لكشن ريت العف يها في علمه وه طلم الماع 
ونزول الغيث» وعلم ما في الأرحام؛ وعلم أرزاق العباد» وعلم أين تموت كل نفس. وذلك 
للدلالة على سعة علمه وخبرته» فهو العليم الخبير كما أخبر في فاصلة الآية (إن الله عليم 

وهذه الخمسة هي مفاتح الغيب التي ذكرها الله تعالى في قوله:(وَعندَهُ مقاتح الِب 
ايَعلَمُهَا إلا هُو)! وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي لله عنهما قال: قال 
النبي كلك " مفاتح الغيب خمسء ثم قرأ (إن اللّة عندَهُ علْمُ السّاعة»1 الآية . 


(1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 817 » وانظر البحر المحيط / الفيروزأبادي 222 » ولسان العرب / 
ابن منظور 2 / 174 » وتاج العروس / الزبيدي 1 / 937 » والمفردات / الأصفهاني 379 . 

(2) سورة لقمان: آية / 34 

(3) سورة الشورى: آية / 28 

(4) سورة الحديد: آية / 20 

(5) سورة الأنعام: آية / 59 

(6) 


غٍِ 


6 أخرجه البخاري 6 / 24 كتاب التفسير باب سورة لقمان رقم 4778 . 





100 


' هذه مفاتح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمهاء فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى 
بها ... وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله» ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون» بذلك 
ومن يشاء من خلقه .(1) 

(يَْرَلَ الْغَيْثْ4 ' في الأوقات التي جعلها معينة لإنزاله» ولا يعلم ذلك غيره ."© 

ونزول الغيث معطوف على علم الساعة» وينزل الغيث بعلمه وقدرته ... يسوقه الي 
حيث يشاءء وينزله حيث يشاءء ومتى يشاء ... وليس يعترض على هذا بما يصطنع العلم 
الحديث اليوم من المطر الصناعيء فإن هذا المطر يصطاده العلم اصطياداء من بخار الماء 
الذي أنزله الله ... وإنه لا يعدو أن يكون أشبه بقطرات الماء التي تتكائف على سطح إناء 
مملوء بماء مثلوج ٠»‏ أو قطرات الندى التي تتساقط من الهواء على النبات في الليل. وإذا كان 
للعلم أن يقف لهذه الحقيقة» فليصطنع الهواء أولاء ثم ليصطنع الماء ثانياءثم ليجمع بين الماء 
والهواء كالثا :وعندقذ .يفال 'إن الغلم إنما يعمل فيما هواله :+ أما أن يعمل العله:فيما هو له 
فهو لا يعدو أن يكون نفسه مادة من تلك المواد التي يعمل فيها .'(6) 

وجاء المطر في الآية بلفظ الغيثء لبيان أن إغاثة الناس متى وكيف لا يعلمها إلا الله 
لأن ذلك داخل في أمر الرزق. والغيث فيه حياة و رزق الناس عامة ولكن الرزق المذكور 
في الآية هو خاص بالفرد لقوله:( وَمَا تذري نفس مَاذَا تكسبْ غدَا#والكسب كذلك هو عام 
ليس في الرزق خاصة فهو في الأعمال والأفعال والأرزاق . 

فذكر الغوث في الآية مناسبء وبليغ ولا يقوم مقامه أي كلام آخر لما فيه من الدلالة 


الواضحة . 
وفي آية الشورى (وَهْو الذي يُنَزّل الغيث من بَعْد مَا قنطوا ويتنشرٌ رَخمَته وَهُو الولي 
|0 حَميدُ 4 


أحاط بالناس الجفافء؛ وألهبهم العطشء حتى قنطوا؛ أن يرسل الله لهم ما يطفئ 
عطشهم؛ ويبل جفافهم» وينبت زرعهمء جاءهم الغوث بالغيثء فأغاثهم الله بنزول الرحمة؛ 
ينشرها بين أيديهم وحولهم؛ فتستبشر النفوس والقلوبء بالخيرء والنماء» والرواء. هكذا تكون 
دلالة الغيث في الآية» لو قال: مطراً أو أي لفظ آخر لما أفادت لفظ الإغاثة بعد يأس» وحياة 
بعد قنوط . ْ 


1) تفسير ابن كثير 3 / 454 . 

2 فتح القدير / الشوكاني 4 / 245 

3) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 21 / 595 . 
( 


) 
) 
) 
(4) سورة الشورى: آية / 28 





121 


يقول ابن كثير:" أي من بعد إياس الناس من نزول المطر ينزله عليهم في وقت 
حاجتهم وفقرهم إليه كقوله تعالى: (وإن كانوا من قبل أن يُنزّل عَلَيْهِمْ من قبله لمُنلسين»11) 
000 رَحمَتة)أي يغم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية 0 

وفي آية الحديد (كمثّلِ غيث أعجب الكقارَ نَبَائَُ ...) والغيث هو المطر الذي يأتي 
بعد قنوط الناس كما قال تعالى:7 وَهْوَ الذي يُنزَل الغيْث من بَعْد ما قنطوا» وبكونه يعجب 
الكفار نباته إذأ فهو قد أغاثهم وأعانهم ورحمهم به. ودخوله في المثل سبب في ما أعجب 
والغيث بعد القنوط يفرحوا بالدنيا المقبلة عليهم بعد حرمانها أو قلة اليد فيها .(6) 


2- الرحمة 

يطلق الله اسم الرحمة على المطرء لأن الله يرحم به العباد» فيغاثوا بعد الجفافء. ولما 
كان المطر فيه حياة الناس والدواب والزرع؛ فالرحمة فيه نعم كل هذه المخلوقات» لذا يصدق 
فاده لفل الي 

والرحمة:" الراء والحاء والميم أصل واحد؛ يدل على الرقة والعطف والرأفة؛ يقال 
من لقو تعره رو جيه إدارر ف الو طكزيت ترقي ١131‏ ريشي انه الطيك راسي انور عين” 
ينول مق السفاء. 0/1 
والآيات في هذا عديدة قال تعالى:(وَهْو الذي يُرْسل الرّيّاحَ بْشَرا بَيْنَ يَدَيْ رّحمته62) 
في الأعراف والفرقان أما في النمل فقال:(ومن يرسل12) وفي الروم (وّمن آيَاته أن 
يُرْسل الريّاح مُبتشرات وليْذيقكُمْ من رحمته14 وقال تعالى:( فَانَظ إِلَى آثَار رَحْمَة الله 
كيف يحي الأرْض بَعْدَ متها 


(1) سورة الروم: آية / 49 
(2) تفسير ابن كثير 4 / 116 . 
(3) تفسير ابن كثير 4 / 314 . 
(4) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 446 . 
(5) لسان العرب / ابن منظور 12 /232 . 
(6) سورة الأعراف: آية / 57 » وسورة الفرقان آية / 48 
(7) سورة النمل: آية / 63 
(8) سورة الروم: آية / 46 
(9) سورة الروم: آية / 50 





102 


هذه الآيات الكريمات كلها تذكر الرحمة» ولمّا رجعت لتفسير ابن كثير فيها جميعاً 
وجدته يفسرها بأنها المطر . 

«بَيْنَ يدي رحمته4 قال: أي بين يدي لظ ا وفي آية النمل قال: أي بين يدي 
السحاب الذي فيه مطر يغيث الله به عباده المجدبين ... (©) 

وفي آيتي الروم #وليذ يذيقَكم من رَحمّته4 أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد 
والبلاد.( 8 

وفي قوله:( وَليْذِيقَكُمْ من رّحمته4 ' تتمثل تلك الصورة التي يفعلها المطر حين ينزل 
الأرضء فيسفر به وجههاء ويهز له كيانهاء وإذا هي قد كانت جرداءء ميتة وحشة» قد لبست 
أثواباً قشيبة الألوان والأصباغء وإذا هي حياة دافقة .'(4) 

والسواد الأعظم من جمهور المفسرين على هذا القول بأن الرحمة في هذه الآيات 
والمواضع تعنئ المظن والماء النازل من السحابء» وهونما قاله:الإمآم ابن كثير:في تفسيره : 
ووصفه بالرحمة لأن الله يرحم العباد بإخراج النبات من الأرض والنماء والخير. فصدق 
الوصف عليه بدقه وبلاغه . 

- الرزق 

الوق ازئز قي لز انناو الاع يز قافن احتكل بو انعد بودن تاحطان لو ف ا 1 
عليه غير الموقوت فالرزق: عطاء الله جل ثناؤه ."7" وقد يسمي المطر رزقاً."6) 

ولقد سمى الله المطر رزقاً في القرآن في أكثر من آية قال تعالى:( وما أنزل الله 
من السسّماء من رزق فَأَحيَا به الأرض بَعْدَ مَوتها)7 وقال أيضاً (هُوَ الذي يُريكم آيَاته 
وَيْنَزَل لَكُمْ من السّماء رزقًا74؟) ويقول كذلك:( وفي السسّمَاء رِزفكم وما توعذون )61 

لما كان الغوث: الإعانة والنصرة» والرحمة: من الرقة والعطف والرأفة جاء الرزق 
وفيه العطاء تلمس فيه المادة إلى جانب ما في الغيث والرحمة من أمور معنوية. وقد يكون ما 


1 
2 
3 


(1) تفسير ابن كثير 2 / 223 . 

(2) تفسير ابن كثير 3 / 373 . 

(3) تفسير ابن كثير 3 / 337 . 
(4)التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 21 / 540 . 
(5) معجو قايس للكة [ ان فازسل 401 
(6) لسان العرب 10 / 115 . 

(7) سورة الجاثية: آية / 5 

(8) سورة غافر: آية / 13 

(9) سورة الذاريات: آية / 22 





123 


يخرج بالماء من أرزاق وزروع ' والأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات» وباطنة 
للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم .'17) 
قال تعالى:( وما أنزل اللّهُ من السّمَاء من رزق فَأَحيَا به الأرض بَعْدَ موتها" 
وسمي المطر رزقاً لأنه سبب الرزق "2 
والله سبحانه يذكر عباده بما مَنَّ عليهم من رزق يخرج به خبء الأرض وأقواتها 
وقال تعالى:( هو الذي يرِيكمْ آيّاته ويُتَرلَ َكُمْ من السسّماء رزقًا» 
(هْو الذي يُرِيكمْ آيّاته » أي دلائل توحيده وعلامات قدرته (وَيُتَرَل لَكُمْ من السّمَاء رقا» 
يعني المطر فإنه سبب الأرزاق. جمع سبحانه بين إظهار الآيات وإنزال الأرزاق» لأن 
بإظهار الآيات قوام الأديان» وبالأرزاق قوام الأبدان» وهذه الآيات هي التكوينية التي جعلها 
الله سبحانه في سمواته وأرضه وما فيهما وما بينهما ."60 
ولقد بَعْد عبد الكريم الخطيب عندما أعتبر الرزق القرآن مع أن جمهور المفسرين 
عل أنه المطلز .(0) 
وقال تعالى:( وفي السّماء رزَفكم وما توغئون» 
" وفي السماء رزقكم " هو المطر لأنه سبب الأقوات. وعن سعيد بن جبير: هو الثلج 
وكل عين دائمة منه. وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه: فيه والله رزقكم 
ولكنكم تُحرمونه بخطاياكم."57) 
وهكذا انتهت أوصاف المطر التي تحمل معنى النفع للناس» وما أنزل بها من أغراض 
إيمائية تطابق مقاصد القرآن» حيث معاني الهداية والإرشاد. 
والآن إلى الجانب الآخر حيث أوصاف المطر من قوة وضعف وكثرة وقلة . 
1- الرجع 
أطلق الله لفظ الرجع على المطر النازل من السماءء وذلك في آية سورة الطارق 
#وَالسّمَاء ذات الرّجْع 914 الرجع :" الراء والجيم والعين أصل كبير مطرد منقاس يدل على 


(1) لسان العرب / ابن منظور 10 / 115 . 

(2) تفسير الزمخشري 4 / 285 » وانظر فتح القدير / الشوكاني 5 / 4 ٠‏ وتفسير ابن كثير 4 / 148 . 
(3) فتح القدير / الشوكاني 4 / 484 ء وانظر تفسير ابن كثير 4 / 74 »ء وانظر تفسير الرازي 27 / 42 . 
(4) انظر التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 24 / 1214 . 

(5) تفسير الزمخشري 4 / 40 » وانظر فتح القدير / الشوكاني 5 / 85 . 

(6) سورة الطارق آية / 11 





14 


تردد وتكرارء فأما الرجع فالغيث؛ وهو المطر في قوله 'الآية" وذلك أنها تغيث وتصب ثم 
تزجع تفيث :"17 
' ( ذات الرّخع» الماء "2) قال أهل اللغة: الرجع المطر منهم الزجاج والخليل» ووجه تسمية 
المطر رجعاً ما قاله القفال إنه مأخوذ من ترجيع الصوت وهو إعادته وكذا المطر لكونه يعود 
مؤش يعة أخوق :شع رججعا..وقيل” إن العونيه كانوا يرعمون أن السحان :تحط العساء فتن 
بحار الأرضء ثم يرجعه إلى الأرضء وقيل سمّته العرب رجعاً لأجل التفاؤل ليرجع عليهم, 
وقيل لأن الله يرجعه وقتاً بعد وقت 6 
يرى الباحث: والراجح من هذه الأقوال هو أن السحاب يحمل الماء من البحار ثم يرجعه مرة 
أخرى إلى الأرض وتتكرر هذه العملية وهي ما يسمى بالدورة المائية في الطبيعة. 
2- الوائل 
"وبل الو ان وناكو اللا أعتل يدل بعل مدعو مهنو ارين واللوايك :اسن الندية +317 
وفي اللسان 7 المطر الشديد الضخم القطر وفي المفردات 7 الثقال القطر ' ويقال أرض 
مطلولة وموبولة ومجودة من الجود ."77) 

هذا هو الوابل عند أهل اللغة. وقد جاء تسمية المطر بالوابل» في موضعين من 
القرآن الكريم؛ في سورة البقرة قال تعالى: (يَاأَيُهَا الذين آمنوا لانَبطلُوا صّدقاتكُمْ بِالْمَنْ 
والأذى كالّذي يُنفق مَالَهُ رتَاء الّاس ولا يُوْمِنْ باللّه وَالِيُْم الآخر فَمتَلْهُ كَمتَلِ صفوان علَيْه 
تراب قَأَصابَهُ وابل فَتَرَكَهُ صلدا لا يقدرون على شيء مما نشوا والتة لايئمْدي لقم 
الكافرين(264)وَمَثَلَ الذين يُنفقون أَمُوَالَهُم ابتغاء مَرْضاة اللّه وتثبيتا من | أنفسهم كَمَتل جنة 


ال اهم 


برّبوة أُصابَهَا وابل فآتت نت أُكلَهَا ضعقيْن فَإِنْ لَمْ يْصبْهَا وَابل فطل والنَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ874) 
هاتان الايتان جاءتا على سبيل المثل» وقد ضرب الله بها مثل حال المنفق رياءً 
وسمعة؛ ليقول عنه الناس أنه منفق» فحاله كحال الصخر والحجر الأملسء: وعليه شيء من 


(1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 443 ٠‏ ولسان العرب / » ابن منظور 8 / 120 . 
(2) مجاز القرآن / أبي عبيدة التميمي 2 / 294 . 
(3) فتح القدير / الشوكاني 5 / 420 » وتفسير الزمخشري 4 / 242 . 
(4) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 1081 . 
(5) لسان د انر لد منظور 11 / 7718 . 
(6) المفردات للراغب الأصفهاني 547 . 
(7) غريب الحديث / الخطابي 10 / 72 . 
(8) سورة البقرة آية 264 - 265 





]25 


التراب يغطية» فجاءه مطر شديد عصف بهذا التراب» ولم يُبق منه شيئاً وهكذا أعمال وانفاق 
هذا المنفق رياءً لم يجد منها في الآخرة شيئاً . 

ومثل الله في المقابل للمؤمن الذي ينفق في سبيل مرضة الله» وتثبيتاً لإيمانه» مثل له 
بالجنة التي تثمر وتنتج ضعف ما كانت تنتج من قبل؛ بسبب الوابل» وإن لم يأتها المطر 
الكثير وجاءها المطر الضعيف القليل» فإنها لا تظلم من ثمرها شيئاء وهذا مثل بليغ يصور 
حال هؤلاء وهؤلاء في أوضح صورة وأجلاها وأصدقها .(1) 

وسوف نتعرض لهذين المثلين بالتفصيل في الفصل الخامس الخاص بالأمثال؛ أما 
بالنسبة لملائمة اللفظ للموضع في الآيتين» أقول وبالله التوفيق لما كان يتطلب في المثل إزالة 
التراب عن الصفوان» كان لا بد أن يكون هذا الماء النازل موصوفاً بصفة توحي بالشدة 
والقوة وضخامة القطر حتى تزيل التراب ويعطي الصورة الوضوح. ويخدم المعنى هذا في 
الآية الأولى أو المثل الأول. أما في المثل الثاني: فإن الحديث عن الجنة وحياة هذه الجنة 
بالماء» وهي بربوة ولا تصل إليها مياه الأنهار؛ لارتفاعها عن مستوي الماء فكانت بحاجة 
إلى هذا المطرء حتى تعطي ضعفين من النتاج» وكذلك للتمثيل بين الذي ينفق نفقة كبيرة: 
وبين الذي ينفق نفقة قليلة» ولكل أجرء ولكن من أجل المقابلة؛ جاء لفظ الوابل مقابل للفظ 
الطل العكين. 
3- الطل 

الطل: هو أضعف المطرء وهو ماله أثر قليل» وجمعه طلال ثم يليه الرذاذ والبغش» 
وهو الندى فيقال للحباب الذي على النبات يصبح عليه الطل ٠‏ ©) 
وجاء ذكر الطل في القرآن في سورة البقرة مرة واحدة. وقد سقنا الآية كاملة في البند السابق 
(فَإِنَ لَمْ يْصبْهَا وَابلَ فطل وَاللّهُ بمَا تَعْمَنُونَ بَصيرٌ4 سبق توضيح المثل الوارد في اللفظ في 
البيد السايف » 

' ولما كان الوابل قد لا يوجد قال (فَإِنْ لَمْ يْصبْهَا وَابل فَطَل4 أي فيصيبها لعلوها 
طلء وهو الندى الذي ينزل في الضباب» وهو سن من أسنان المطرء خفي لا يدركه الحس 
حتى يجتمع؛ فإن المطر ينزل خفياً عن الحس وهو الطلء ثم يبدو بلطافة وهو الطشء ثم 
يقوي وهو الرش ثم يزداد ويتصل وهو الهطلء ثم يكثر ويتقارب وهو الوابل» ثم يعظم سكبه 


(1) انظر فتح القدير / الشوكاني 1 / 285 - 286 والكشاف / الزمخشري 1 / 313 - 395 وتفسير ابن 
كثير 1 / 319 - 320 وكتاب التسهيل / ابن جزي الكلبي 1 / 92 . 

(2) انظر مختار الصحاح 1 / 166 ٠»‏ وغريب الحديث / الخطابي 1 / 72 » والمفردات / الأصفهاني 315 
» والنهاية في غريب الحديث والأثر / ابن الأثير 1 / 143 ٠‏ ولسان العرب / ابن منظور 1 / 295 . 





16 


وشو العود :117 ويجاء' الظل هذا يقابل الر ابل فيندينا تكن الكنيى يتخ أت هذه الحكة تمع 
ولو بالماء القليل . 
4- الوق 

" الودق: المطر يقال هو هيدب السحاب. ما تهدب منه إذا أراد الودق كأنه خيوطء 
والودق المطر كله شديده وهينه." ولكن الزنمخشري قال: الودق السحاب أو المظر 
الشديد:(6 ْ 

وذكر القرآن لفظ الودق بمعنى المطر النازل من خلال السحاب؛ ومن بين طبقاته». 
في موضوعين من القرآن في سورة النور وسورة الروم قال تعالى:( ألم تر أن اللّه يزجي 
سحابًا ثم يُولف بَيْنَهُ ثم يَجْعَلُهُ ركام فَتَرَى الودق يَخْرْجُ من خلاله14) 
وقال تعالى:7 اللَّهُ الذي يُرْسل الرَيَاحَ فنْثِير سَحابًا فَيَبسْطْهُ في السّمَاء كيف يَشَاءْ وَيَخْعلُه 
كسفا فترَى الودق يَخْرْجْ من خلاله076) 
' الودق: المطر عند جمهور المفسرين ومنه قول الشاعر! : 
فلا مزنة ودقت ودقها ال د ولا أرض أبقلت إيقالها . 
يقال ودقت السحابة فهي وادقة» وودق المطر يدق أي قطر يقطر وقيل إن الودق البرق 
والأول أولى» ومعنى من خلاله)من فتوقه التي هي مخارج القطر."7) 
'و الرياح تثير سحاباء فيبسطه الله في السماء كيف يشاءء ويجعله كسفاً أي قطعاً متراكمة: 


وسرعان ما يتفتق هذا السحاب عن ودقء أي مطر يدق الأرضء ويترك عليها آثاره: وإذا 


(1) نظم الدرر / البقاعي 1 / 519 . 

(2) انظن لان الغرت:/:10 :4373 والدياية / ابن كفي 167/5+'وسفتان الصضحاع ([الزازي 1/ 

م وغزي القوان: / الإزيدي 11 

3) الكشاف / الزمخشري 92/2 . 

4) سورة النور: آية / 43 

5) سورة الروم: آية / 48 

6) الشاعر هو عامر بن جوين الطائي شاعر وفارس من أشراف طيئ في الجاهلية وكان من المعمرين قيل 
أنه عاش مائتي عام قتل غيلة من أمرؤ القيس بن حجر. خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب / عبد 
القادر بن عمر البغدادي ؛ تحقيق عبد السلام هارون ط2 1979 الهيئة العامة للكتاب القاهرة 1 / 53 
ولإعلام للزركلي 3 / 250 . 

(7) فتح القدير / الشوكاني 4 / 41 » وانظر الكشاف / الزمخشري 3 / 245 » وتفسير ابن كثير 3 / 298 


سمح بلح بلح سح 





127 


الذين يستقبلون هذا المطرء قد لبسوا ثوب البشرء ونزعوا ما كانوا قد لبسوا من قبل» من هَمٌ 
وكرب .'(1) 

فإن من شدة هذا المطر وتواصله كأنه خيوط قد تدلت من خلال السحابء؛ كالأهداب 
يرى بالعين واضحاً فقال:( قَتَرَى الوق 4 فجاء بفعل الرؤية للدلالة على أنه ممكن أن 
نشاهده وهو خارج من السحاب وهذا التعبير أكثر ملاءمة من أن يذكره بأي وصف آخر 
غير الودق. 
5- الثجاج 
" ثح: ام أصل واحدء وهو صب الشيء. يقال ثج الماء إذا صبه؛ وماء ثجاج أي 
صباب ." 2 'والتج: الصبُ الكثير وخص بعضهم به صب الماء الكثير» ومطر ثجاج شديد 
الإضنتات 0 

وجاء وصف المطر بالثجاج في القرآن في موضع واحد في سورة النبأ قال تعالى: 
وَأَنَزلنا من المُغصرات مَاءَ تَجَاجا)4) 

" والثجاج المنصب بكثرة على جهة التتابع» يقال ثج الماء: أي أساله بكثرة."57) 

ويجمل الرازي الكلام الكثير في الموضوع بقوله' وبالجملة فالمراد تتابع القطر حتى يكثر 
الماء فيعظم النفع به."67) 

وجاء لفظ ثجاجاً مناسب لعصر السحب وكأنه يعصر قطعة إسفنج فينصب الماء منها 
بقوة وكثرة وتتابع. ومن أجل هذا المعنى جاء بثجاجاً ليملا مكانه ببلاغة وإعجاز. 
6-الصيب 

" صوب: الصاد والواو والباء أصل صحيح: يدل على نزول شيء واستقراره ... ومنه 

الصوبء وهو نزول المطر والنازل صوب أيضاً . 

ويقال الصّيب السحاب ذو الصوب ... وهو خالص ماء السحاب. فكأنها مشتقة من 


1) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم 21 / 539 » وانظر التفسير المنير / الزحيلي 21 / 106 . 
2) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 179 ء وانظر مختار الصحاح / الرازي 1 / 35 . 
3 لسان العرب / ابن منظور 2 / 221 . 
4) سورة النبأ: آية // 14 
5) فتح القدير / الشوكاني 5 / 364 . 
6) تفسير الرازي 31 / 9 » وتفسير القرطبي 19 / 174 » وانظر التفسير المنير / الزحيلي 30 / 12 » 
وتفسير في رحاب القرآن / عبد الحميد كشك 9 / 7827 . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





128 


ذلك ."(1) 

وذكر القرآن الصيب مرة واحدة في سورة البقرة عند الحديث عن المنافقين قال 
تعالى: (أَوْ كصيّب من السّماء فيه ظلمَات ورَعد وبق يَجعلون أَصَابعَهُمْ في آذَانهِمْ من 
الصّوّاعق حَدْرَ المت وَاللّهُ مُحيط بالكافرين24) 

" والصيب هو المطر الغزير» وكأن السماء تحولت إلى أفواه القرب» ومن السماء 
بالذات» ليعطي المعني قوة دافعة» لا يستطيع أحد ردهاء بحكم ما أودعه الله في الكقون من 
فانورق الحاذبية: 
هذ[ الوايك الصوي فيه لمات« ظلمة الليك و النتحاتة والمطوى ويقكلل ةا التضنونة وعقة 


2 3 
ويرق...'(6 


والصّيب: المطر الذي يصوب: أي ينزل ويقع؛ ويقال للسحاب صيب أيضاً وتنكير صيب لأنه 
أريد نوع من المطر شديد هائل ... فإن قلت: قوله:8 من السّمّاء4 ما الفائدة في ذكره 
والصيب لا يكون إلا من السماء قلت: الفائدة فيه أنه جاء بالسماء معرفة فتفيد أن يتصوب من 
سماء: أي من أفق واحد من بين سائر الآفاق» اللي أطبقة 
من الطباق سماء في قوله: (وأوْحى في كل سَمّاء أَمْرّهَا»41) ( 


7- الغدق 


الغدق ." :" الغين والدال والقاف أَضَْك صحيح يدل على 5 وكثرة» ونعمة ومن ذلك 
الغدق» وهو الغزير الكثير." 'والغدق المطر 0 العام؛ وقد غيدق المطر: كثر وهو الماء 


الكثير وإن لم يك مطراً «لأَسقَيْنَاهُمْ مَاءَ غدقا74) © أي غزيراً ويقال فيما يغزر من ماء 
وعدو ونطق © 


(1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 579 ٠‏ وانظر الصحاح / الرازي 1 / 164 . 
(2) سورة البقرة: آية / 19 . 

(3) في رحاب القرآن / عبد المجيد كشك 1 / 106 . 
(4) سورة فصلت: آية / 12 
(5) الكشاف / للزمخشري 1 / 82 . 
(6) معجم مقابيس اللغة / ابن فارس ص 842 . 
(7) سورة الجن: آية / 16 

(8) لسان العرب / ابن منظور 10 / 282 . 
(9) المفردات / الأصفهاني ص 370 . 





1029 


جادانة لقاقء 3 للماء ارس الجسقء فال تفدالي و النق 


(وألو امنتقامُوا» ؛ن. مخففة من الثقيلة وهو من جملة الموحى؛ والمعنى: وأوحي إلى أن 
الشأن والحديث: لو استقام الجن على الطريقة المثلي» أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان 
عليه من عبادة الله والطاعة» ولم يستكبر عن السجود لادم؛ ولم يكفرء وتبعه ولده على 
الإسلام لأنعمنا عليهم؛ ولوستعنا رزقهم. وذكر الماء الغدق وهو الكثير بفتح الدال وكسرهاء 
وقرئ بهما لأنه أصل المعاش وسعة الرزق .'(1) 
راقن حمل لجف 1 القناء الاق النقةو الخكنيا مهل لكت 
الأول: استقاموا على الطريقة المثلي وهي الإسلام والإيمان ويكون الإختبار هل يشكرون هذه 
النعمة أم يكفروها . 
والثاني: استقاموا على طريقة الضلال فتكون الفتنة بالاستدراج بتوسيع الرزق عليهم بالماء 
الكثير. والآية تحتمل القولين ‏ ©) 

ولكن القول الأول أرجح وذلك لأن الطريقة معرفة فالأوجب أن تكون طريقته طريقة 
الهدى؛ ولأن الإستقامة لا تكون إلا مع الهدى.(0) 

ولفظ الغدق هنا ليناسب الإنعام بالاستقامة» وليناسب بكثرته الفتنة به فإن كان إنقاعتا 
وجزَاء مقابل الاستقامة كان يكاسيه الكفرة» وإن كان للاسقذراخ كان يناسييه الكثرة أيضاً 
فجاء اللفظ مناسبا تماء'المناسنة للحاليق معا وهذا من بلاغة القزآن :وإعجاز:: 


كلا جبال مخ يرد 
" برد: الباء والراء والدال أصول أربعة أحدها خلاف الحرء والآخر السكون 
والثبوت, والثالث الملبوسء والرابع الإضطراب والحركة وإليها ترجع الفروع. 
فأما الأول فالبرد خلاف الحر. يقال برد فهو باردء وبرد الماء حرارة جو في يَبْردُها 
ب وسكات كرف إذ ا كام 5 ليوف ا 
والبرّد ما يتصلب من ماء المطر لما يصيبه من البردء يقال سحاب أبرد وبرد: ذو برد وقوله 
تعالى: (ويْرّل من المنّماء من جبَالٍ فيها من بَرد)11 


1) الكشاف / الزمخشري 4 / 629 . 
0 انط عشين القحاف | الومتقري 1704© هديو لزن كقير_ 1/44 :43 1432 
4 جين تر طني :19 19+ سين وين / الكلري 4 جة 1 

4) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 132 . 


) 
) 
) 
) 





130 


قال قكلت قد قو لذن : الخدهيا وين لعرفتنه النفيات امقال' الحبال مم الدود: 

والثاني وينزل من السماء من جبال فيها برد " نقله المحقق عن لسان العرب لسقوطه من 

الأصل اك 

(وَيْتزّل من السّماء من جبال فيها من بَرّد) لم يزد الطبري على ما قاله ثعلب في الآية .(4) 
وذكر الرازي نقلا عن أبي على الفارسي(2 في (من) المتكررة في الآية وجوه مسن 

الأولي لابتداء الغاية لأن ابتداء الإنزال من السماء و(من) الثانية للتبعيضء لأن ما بنزلة الله 

بعض تلك الجبال التي في السماء و(من) الثالثة للتبيين لأن جنس تلك الجبال جنس البرد."©) 


وهذا على أن هناك في السماء جبال من البردء ينزل الله منها البرد حين يشاءء وهذا 
مخالف للمشاهدة» والعلم الحديث ينكره؛ والأصح أن السماء هي جهة العلو» فكل ما على 
الإنسان فهو سماء؛ ولأن السحاب في علو شاهق سمي سحاب وهذه السحب تكون جبالاً من 
البرد. لذا كانت من الثانية للتبعيض لأن ما ينزل هو بعض ما في السحاب في حين يبقى من 
السحاب الكثير في السماء يتنقل من مكان إلى مكان حتى يفرع ما به والثالثة للجنس فعلاً 
والأولى بالإبتداء كما قال لكن ليس من السماء بل المقصود بالسماء السحاب. ويؤيد ذلك قول 


(1) سورة النور: آية / 43 

(2) هو أحمد بن يحيى بن زيد أبو العباس الشيباني النحوي المعروف بثعلب إمام الكوفين في النحو واللغة؛ 
له كتاب المصون واختلاف ومعاني القرآن واعراب القرآن وقواعد الشعر » توفي سنة 290 ه ببغداد 
ودفن بمقبرة باب الشام انظر طبقات الحنابلة / محمد بن أبي يعلى أبو الحسين ت 521 ٠‏ 1 / 84 وسير 
أعلام النبلاء/ الزهبي 13 / 506 ووفيات الأعيان / ابن ملكان 1 / 102 - 104 . 

(3) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 1 / 201 . 

(4) انظر تفسير ابن جرير الطبري 18 / 154 . 

(5) هو أبو على الحسن ابن أحمد الفارسي نحوي واسع العلم من أئمة النحاة ولد في فسا ( إيران ) وتوفي 
في بغداد سنة 377 ه - 987 م أخذ عن ابن السراج والزجّاج وأخذ عنه علم العربية ابن جني 
وجماعة من حذاق النحويين له كتاب " الإيضاح في النحو والتكملة وله كتاب التذكرة وهو كبير في عدة 
مجلدات كما ذكر حاجي خليفة في كشف الظنون كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون / مصطفى بن 
عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي ت : 1067 ه .- ط1 - دار الكتب العلمية » بيروت » 1413 
ه - 1992 م 384/1 . وانظر ' المنجد في الإعلام / تحت إشراف بطرس حرفوش» ص 517 
» .ط13 .دار المشرق» بيروت؛ 1984 . 

(6) انظر تفسير الرازي 24 / 15 . 


131 


البفاعق؟" وينزل فن السماغ أى:من بجهتها ميتدئاً من يبال فيها أي في النساء وهي :السبيحاب 
الذي صار بعد تراكمه كالجبال ".(1) 


رابعاً: الأودية 


الوادي: معروف وربما اكتفوا بالكسرة عن الياء» والجمع أودية على غير قياس."©) 
'الوادي اسم فاعل من وَدَيّ يَدي: إذا سال وديا فهو واد . 
ثم أطلق على المكان الذي يجتمع فيه الماء ويسيل» فالوادي هو الماء» وسْمّي مكانه باسمه 
مجازاً للمجاورة ... وقيل الوادي: المعرج بين الجبلين الذي يسيل فيه الماء» ثم أطلق على 
كل مَعْرَجٍ بين جبلين وإن لم يسل فيه ماء .'[6) 

وجاء ذكر الوادي يسيل فيه الماء مرة واحدة في سورة الرعد قال تعالى:( أَنزّل من 
السسّمَاء مَاءَ فَسَالَت أُوديَةٌ بقدَرهَا44) 

" ومن حق الماء أن يستقر في الأودية المنخفضة عن الجبال والتلال» بمقدار سعة 
تلك الأودية وصغرهاء ومن حق الماء إذا زاد على قدر الأودية أن ينبسط على الأرض .57 

وجاء لفظ (أُوْدِيَة4 نكرة لأن المطر يأتي على طريق المناوبة بين البقاع فتسيل أودية 
دون البعض. 

وأما قوله:( بقدرها» حسب سعة الوادي إذا كبر كثر الماء وإذا صغر قل الماء.#) 

وجاءت هذه الآية على سبيل المثل وسوف أتناولها بالشرح والتفصيل في الفصل 
الخامس "الماء في المثل القرآني". 


(1) نظم الدرر / البقاعي 5 / 273 . 

(2) مختار الصحاح / الرازي ص 715 . 
(3) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 4 / 341 . 
(4) سورة الرعد: آية / 17 

(5) تفسير الرازي 19 / 36 . 

)6( ار المصدر السابق 19 / 37 . 





132 


المبحث الثاني: أقسام الماء من حيث العذوبة 
والملوحة 
المطلب الأول: أقسام الماء من حيث العذوبة 
أولا: العذدب 
ثانياً: الفرات 
ثالثاً: المعين 
رابعا: المبارك 
خامساً: الطهور 


المطلب الثاني: أقسام الماء من حيث الملوحة 


133 


المبحث الثاني : أقسام الماء من حيث العذوبة والملوحة 
من الصور التي وردت في القرآن الكريم للماء:الماء العذب .والملح الأجاج»وذلك 
لحكمة من الله تعالىءحيث أن لكل من الماءين فوائده ومنافعه»وفي هذا المبحث نتناول 
النوعين الماء العذب والماء الملح؛ بالألفاظ التي وردت في القرآن . 


المطلب الأول: القسم الأول الماء العذب وأوصافه 
المياه العذبة غالبا ما تنزل من السماء من مطرء أو برد وكثير ممايخرج من 
الأرض من عيون عذبة؛ وأنها تجري بالماء العذب» وهذه كلها تحدث المبحث السابق عنهاء 
من حيث مصدرها العلوي أو السفلي . 
ولكن في هذا المطلب سوف نتعرض لألفاظ ذكرها القرآن» يعبر بها عن أوصاف 
الماء العذب وسوف نسير على طريقة المطلب السابق» في تناول اللفظذ من اللغة وكتب 
التفسيرء ثم دلالة ورود اللفظ في موضعهه. وأسأل الله التوفيق . 


أولا : العذب 

"عذب : العين والذال والباء أصل صحيح لكن كلماته لا تكاد تنقاس »ولا يمكن 
جمعها إلى شيء واحد. 
فمن الباب: عذب الماء يعذب عذوبة » فهو عذب : طيب وأعذب القوم إذا عذب ماؤْهم 
والستفعد 2 | :امسق انو الزويوا عزن ا 
" والعذب من الشراب والطعام :كل مستساغ؛ والعذب:الماء الطيب ماءة عذبة وركية عذبة 
وفي القرآن (رهذا عذب فرات 2"4) 
وفي الحديث "عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسْتَعْذْبْ له 
الماء من بيوت السقياءقال قتيبة بن سعيد:عين بينها وبين المدينة يومان )17١‏ 





134 


وعن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده :أن رسول الله صلى الله عليه 
وسلم قال: 24ت ألا إن سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماءل2(.61) 

قال تعالى: وهو الذي مرج البحرين هذا عَذبْ فرات وَهذَا ملح أُجَاجٌ وجعل بِينَهُمَا بَرْرَحا 
وحجرًا مَحجُورا» © قال تعالى: وما يَسْتوي البَخران هذَا عَذْبْ فرات سائغ شرابُهُ هذا 
ملخ أَجَاجٌ ومن كل تأكلون لما طَريًا وتستخرجون حليّة تَلْبَمُونَهَا وتَرَى الْفلّك فيه مَوَاخر 
لتَبتغوا من فضله وَلَعَلَكُمْ تتشكرون 44) 

شرح آية سورة الفرقان : 

يدلل الله على عظيم قدرته »ووجوب توحيده »من خلال التقاء البحرين: الملح الأجاج » 
لعش القد اك فلك يكل ماده حت اخ :هذا" البكن العنت الفرالكه نوات عذوية ماده حقيي 
يصير إلى الحلاوة؛ والأجاج نقيضه وأنه سبحانه بقدرته يفصل بينهماء ويمنعهما التمازج 
وجعل من عظيم اقتداره برزخاً حائلاً من قدرته (5) 

وقيل البرزخ يعلمه الله ولا يراه البشر.#ا 

«النش العتب هق امهاه'الأرضن .من الأدهان .والغيون مقت الات البسالة الغذويسة حت 
يقرب إلى الحلاوة .7) 

ولما كان المثل مضروباً للمقارنة وبيان الإعجاز في عدم مزج البحار المالح فقابله بالعذب» 
حتى يناسب قدر المعجزة وكذلك الدلالة على التوحيد أبلغ بهذا اللفظ دون سواه من قلة أو 


(1) أخرجه أبو داود كتاب الأشربة باب إيكاء الآنية رقم 3735 ٠»‏ 340/3 وأخرجه ابن حبان كتاب الأشربة 
رقم 5332 ج149/12 وأبو يعلى في مسنده رقم4613 ٠‏ 8/ 82 وأخرجه أحمد 100:108/6 وأبو 
الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ص227 والحاكم في المستدرك كتاب الأشربة رقم 7203 /4 - 

-. 153/4 والحديث صحيح صححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي في التلخيص 153/4 وصححه 
حسين أسد في تحقيق مسند أبي يعلى قال إسناده صحيح 82/8 وقال الأرناؤوط اسناده قوي في تحقيق 
صحيح ابن حبان 149/12 وجود اسناده ابن حجر في فتح الباري 74/10 وصححه الألباني في صحيح 
الجامع رقم 4951 . 

(2) أخرجه الحاكم كتاب الأشربة رقم 153/4 3/7202 وصححه ووافقه الذهبي في التلخيص . 

(3) سورة الفرقان: آية / 53 

(4) سورة فاطر: آية / 12 

(5) انظر تفسير الرازي. 24 / 100 . 

(6) كتاب التسهيل / ابن جزي الكابي 3 / 80 . 

(7) التسهيل / ابن جزي الكلبي 3 / 80 . 


135 


كثرة أو قوة أو ضعف .ولبيان أنه لا يقدر على ذلك إلا هو سبحانه وتعالى قال:( هو الذي 
مَرَجَ البخرين ...»© . 

أما آية سورة فاطر وما يَسْتوي البّخران هذا عَذْبْ ..» 

أراد الله تعالى أن يعدد النعم التي أنعمها على الناسء» من خلال الماء عذبه وملحه .»فذكر 
العذب مع الملح ؛مبيناً منافع هذا وذاك »حيث أن العذب حلو المذاق »مستساغ الطعم »طيب» 
فيه الشرب للإنسان والحيوان والنبات »ومنه اللحم الطري والحلية ما بين العذب والملح . 

' قال أكثن المفسزيق أن القرناد سن -الآية ضرت المثل: فى حق العفو والإيمنان» "أو الكشافل 
والمؤمن فالإيمان لا يشتبه بالكفر في الحسن والنفع كما لا يشتبه البحران العذب الفرات 
والملح الأجاج ....والأظهر أن المراد ذكر دليل آخر على قدرة الله وذلك من حيث أن 
البحرين يستويان في الصورة:؛ ويختلفان في الماء فإن أحدهما عذب فرات والآخر ملح أجاج 
ولو كان ذلك بإيجاب لما اختلف المتساويان »ثم إنهما بعد اختلافهما يوجد منهما أمور 
متشابهة »فإن اللحم الطري يوجد فيهما . والحلية تؤخذ منهما »ومن يوجد في المتشابهين 
اختلافاً وفي المختلفين اشتباهاً لا يكون إلا قادراً مختاراً وقوله تعالى : (وّمَا يَسْتوي 
البَخْرَان 4 إشارة إلى أن عدم استوائهما دليل على كمال قدرته ونفوذ إرادته.'(1) 

زاد في هذه الآية عن سابقتها (سائغ شرابُةُ4 لبيان سهولته في الشرب وقبول طعمه للنفس. 


ثانيا:الفرات 
"الفاء والراء والتاء كلمة واحدة :وهي الماء الفرات »وهو العذب .يقال ماء فرات »ومياه 
فرات "2 'والفرات أشد الماء عذوبة وقد فرت الماء يفرت فروتة إذا عذب » فهو فرات '() 
وورد لفظ الفرات في الكتاب العزيز ثلاث مرات في سور الفرقان وفاطر 
والمرسلات وقد سبق الحديث عن آيتي الفرقان وفاطر في البند السابق في العذب أما آية 
المرسلات سوف نفسرها هنا في هذا الغرض يقول تعالى (وَجَعَلنَا فيها رَوَاسي شامخات 
وَأَسنْقَينَاكُمْ مَاءٌ هُرَانَا414) ْ 


1) شين الراذق 726 1110 :» 

2 عكر شقالين اللحة اين فارييق صن 894 

66 لسان العرب 2 / 65 ٠»‏ والمفردات/ الأصفهاني ص 388 . 
4) سورة المرسلات: آية / 27 


) 
) 
) 
) 





136 


'يعني الجبال أرسى بها الأرض لثلا تميد وتضطرب و (وَأَسقيْنَاكمْ مَاءَ فْرَانَا4أي عذباً زلالاً 
من السحاب أو مما أتبعه من عيون الأرض."17) 

"أي خلقنا الجبال الشامخات وأنزلنا الماء الفرات .وهذه الأمور أعجب من البعث"©) 

" فإن قلت: فالتنكير في (إروّاسي شامخات 4 و 9مَاءٌ فُرَانَا4 . قلت: يحتمل إفادة ام 
لأن في السماء جبالاً قال الله تعالى:'( ويل من السسّمَاء من جبال فيهًا من بَرّه 0/4 وفيها 
ماء فرات أيضا بل هي معدنه ومصبه . 

وأن يكون للتفخيم. أي يقال لهم انطلقوا إلى ما كذبتم به من العذاب 8) 
يرى الباحث: والتنكير في الجبال والماء للتفخيم أولى وأشبه: أما التبعيض فهو بعيد جدا؛ 
لربط جبال الأرض بما يسبح في فضاء السماءء من غيوم متجمدة فيها برد كالجبال. والسماء 
ليست بحاجة إلى جبال لتثبيتها حتى لا تميد أو تضطرب فإن ذلك للأرض . 
وأما الربط الموجود بين الجبال والماء الفرات فهو من وجوه . 

الأول: أن الجبال مصدر من مصادر العيون والينابيع . 

الثاني: وهي من مصادر الأنهار حيث تتكون على قممها الثلوج التي تذوب وتمد الأنهار 
كالما 

الثالك راع 'الخبال كتدوائدز ١‏ طلنيكية توتو سن السعاتة فنوكان: ذلك ايا متفدد: مزه سات 
وفي هذه الثلاثة يكون الماء عذباً فراتاً زلالاً.عدا العيون ذات الأملاح المعدنية والحارة . لذا 
جاء الماء الفرات بعد الجبال الشامخات العاليات علواً شاهقاً. والله أعلم . 


ثالثا: المعين 
الماء المعين : أي ظاهر للعيون وهو مشتق من عين الماء الاوياء معين كمعيون والماء 
المعيون: الظاهر تراه العين جاريا على وجه الأرض .©) 


1) تفسير ابن كثير 4 / 461 ٠‏ والرازي 30 / 274 ١‏ وفي رحاب القرآن / عبد الحميد كشك 7818/9 . 
2 تفسير القرطبي 19 / 162» وفتح القدير 5 / 358 والتفسير المنير 321/29 . 
3) سورة النور: آية / 43 
4) تفسير الكشاف / الزمخشري 4 / 204 . 
5) المفردات / الأصفهاني ص 368 . 
( 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) لسان العرب / ابن منظور 13 / 304 . 





137 


وذكر لفظ المعين في القرآن أربع مرات في سورة المؤمنون (وآوَيّاهُمَا إلى رَبْوة ذات قَرَار 
ومَعين)!') وفي الصافات والواقعة (يُطاف علَيْهِمْ بكأس من معين4© وهذا في تدافا 
الرابعة ففي سورة الملك (قل أرَأَيْتَم إن أصبّحَ مَاوْكمْ غؤرا فَمَن يَأتيكم بمَاء مَعين»61 

وسوف نتعرض بالتفسير لآية( المؤمنون) وآية الملك إن شاء الله . 

آية (المؤمنون) : 

(وآويْتاهُمَا إلى رَبْوّة ذات قرار 4 ' القرار: المكان المطمئن الذي يستقر فيه الماء» ومنه قيل 
لأزوتة لمعيه 00 000 

" وعن قتادة ذات ثمار وماءء يعني أنه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها و (وَمّعين» ' 
اعرد الحام الققاوى الحاوي على روكذ اران عن فقوت تيطانة كدي كمال م عرفا ندا 
اللفقل على اختضباز ::"(5) 

وينكر ابن جرير على قتادة معنى " ذات القرار" ويصف ذلك بأنه لا وجه له يعرفها#) 
برى؟الناحقاء أن اذك" لمان والقى :فيه الماك تكون بعادة ارش مشمررة فيه الخين لوقو 
مائها والناس تجتمع عليهاء وهذا الذي يؤيده الواقع» ألم تكن العرب ترحل بحثاً عن الماءء 
وتسير أياما وليالي من أجل ذلك . 

وأما آية (الملك): 

(فل أَرأيتم إن أصبّحَ مَاوْكم غوؤرا فَمَن يَأتيكم بمَاءِ مَعين» 

" وقفهم الله تعالى على مياههم التي يعيشون منها إن غارت أي ذهبت في الأرضء» ومن 
حيتي تناه كتير واف والعورة معي وا طفه به على سني القبالقة بو المي فعيك 
من معنى الماء إذا كثر أو مفعول من العين؛ أي جار كالعين» أصله معيون» وقيل هو من 
العين» لكن من حيث يرى بعين الإنسان» لا من حيث يشبه بالعين الجارية وقال ابن عباس: 
((معين 4 عذب ."77 

وقال ابن كثير:" أي ذاهباً في الأرض إلى أسفل فلا ينال بالفؤوس الحداد ولا السواعد الشدادء 
الغائر عكس النابع ولهذا قال تعالى: #فَمَنْ يَأتيكم بمَاء مَعين4 أي نابع سائح جار على وجه 


(1) سورة المؤمنون: آية / 50 

(2) سورة الصافات: آية / 45 » وسورة الواقعة: آية / 18 
(3) سورة الملك: آية / 30 

(4) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 3 / 348 . 
(5) تفسير الرازي ‏ 23 / 104 . 

(6) انظر تفسير / ابن جرير الطيري 18 / 28 ٠‏ 
(5) لوز الرجيل انق حطيةة 6 7171 





138 


الأرضء أي لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل» فمن فضله وكرمه إن أنبع لكم المياه 
وأجراها في سائر الأقطار في الأرضء بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة؛ فلله 
الف ال 

" والمقصود أن يجعلهم مقرين ببعض نعمه ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر "©) 

(إإن أُصبّحَ مَاوْكم4 ' ولما كانت النعمة أشد ما يكون إذا كانت في الصباح الذي هو موضع 
ارتقاب الفلاح قال:(ر أَصبَحَ مَاوّكمْ 4 أي الذي تعدونه في أيديكم» بما نبهت عليه الإضافة.'(6) 


واختار الله هذا اللفظ إرمّعين 4 في هذه الآية الكريمة ليقابل (رغورًا 4 وفي هذه المقابلة بلاغة 
وحسن اختيار جميل لفظأ ومعناً . 


رابعا: المبارك 
ا لو ا 
0 ' والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء (لفتَحنا عَلَيْهِمْ بَركات من السّمَاء 
والأرُض 4 (آ)والبركة كالحوض والجمع برك قيل سميت بذلك لإقامة الماء فيها وكل شيء 
ثبت وأقام فقد برك والبركة الزيادة والنماء ."©6) 
وجاء لفظ «مبارك4 بالتذكير والتأنيث في القرآن اثنا عشر مرة: أربع مرات وصفا للكتاب 
الكريم القرآن ومرة للبيت الحرام ب يبك ور مانا إلن عنس لين - ومرة في الدعاء 
لرسولنا يآ ومرة صفة لشجرة الزيتون المباركة» وكذلك البقعة المباركة من الوادي طوى. 
ومرة في وصف ليلة القدر بالليلة المباركة» ومرة بوصف تحية الإسلام تحية من الله مباركة 
طيبة. وأخيراً مرة واحدة يصف الماء المنزل من السماء بالمبارك . في قوله تعالى:( وتَزَلنا 
هن السماء ماع ميارك فانبتنا يه جنات وحَب الخصيد 014 
1) تفسير ابن كثير 4 / 401 . 
2 تفسير الرازي 30 / 76 . 
8) نظم الدرر / البقاعي 8 / 88 . 
4) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس 126 . 
5) سورة الأعراف: آية / 96 
6)مختار الصحاح / الرازي ص49 » وانظر عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 1 / 208 » والمفردات / 
الأصفهاني ص 42 . 
(7) سورة ق: آية / 9 
(8) انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي ص 118 . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





139 


" مطراً مباركاء فأنبتنا به بساتين أشجاراء وحب الزرع المحصود من البر والشعير» وسائر 
أنواع الحبوب ١7.‏ ويقول ابن كثير: أي نافعاً (جنّات وحبً الحصيد» أي الحدائق وما يدخر 
حبه ويراد لذاته من الزرع .!©) ْ 

وذكر السماء والأرض للإستدال بما ينزل من السماء من ماء؛. وما يخرج من 
الأرض من نبات وزروع وبساتين» منها ما هو باق يقطف ثماره كل عام ومنها ما يحصد 
كله ثم يزرع من جديد وهذا من كمال القدرة ©) وقال القرطبي : «مُبَاركا4 كثير البركة (4 
وجاء لفظ المبارك للماء هنا حتى يضفي معنى وحجم وسعة البركة الإلهية» وثبوتها في كل 
ما ينزل من السماء» وما يخرج به من الزرع؛ يضع فيه البركة والنفع الكثير الغامر ويؤيد 
ذلك قوله:( وتَزّلنا من السسّمَاءِ مَاءَ مبَاركا فََنبننَا به جنّات وَحَبّ الحصيد( 9)والتخل باسقات 
نَهَا طَلْعٌ تضيد(10)رزقا للعبّاد وَأَحيَينَا به بَلدَهَ مَيْنَا كذّلكَ الخروج» فإن إحياء البلاد والعباد 
ببركة هذا الماء المبارك لهو الجو المناسب لورود هذا اللفظ المبارك والكريم في هذه الآية . 


خامسا: الطهور 

" الطهارة ضربان: جسمانية» ونفسانية وحمل عليها عامة الآيات .57 

طهر: الطاء والهاء والراء أصل واحد صحيح يدل على نقاء وزوال دنس ومن ذلك الطهر: 
خلاف الدنس ... والطهور: الماء قال تعالى:7 وَأَنْزَلِنَا من السسّمَاء مَاءَ طهُورًا94 " واسم 
الماء الطهور وكل ماء نظيف: طهور وماء طهور أي يتطهر به وكل طهور طاهرء وليس 
كن باقن :طهونا قال الشافعي: حوور ست كل ماع خلقة اناد ناز لا مك السماء أو تافتا من 
عيون في الأرضء أو بحرء لا صنعت فيه لآدمي غير الإستقاء» ولم يغير لونه شيء يخالطه 
ولم يتغير طعمه منه؛ فهو طهور ."77) 


(1) تفسير الطبري 26 / 152 . 

(2) تفسير ابن كثير 4 / 222 . 

)3( قد قسن لق 178 . 

(4) تفسير القرطبي 17 / 6 

(5) المفردات / الراغب السقال ص 317 ء وانظر بصائر ذوي التمييز / الفيروزأبادي 3 / 528 - 
9 . 

(6) سورة الفرقان: آية / 48 

(7) لسان العرب / ابن منظور 4 / 505 . 





140 


" وكذلك وصف الماء بأنه طهور يكون بفتح الطاء خبراً عن الآلة التي يتطهر بهاء فإذا 
ضممت الفاء في الوقود والسحور والطهور عاد إلى الفعل» وكان خبراً عنه فثبت بهذا أن 
اسم المفعول يكون بناء للمبالغة» ويكون خبراً عن الآله» وبعد هذا يقف لبيان عن المبالغة أو 
عن الآله على الدليل» مثاله قوله تعالى:7 وَأَنْزَلنَا من السسّمَاء مَاءَ طهُورًا» . 

وقوله يِل 2آتاوجعلت لي الأرض مسجداً وطهور5501!!) قيل: إن ذلك اقتضي 
التطهير من حيث المعنى» وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا يتعداه الطهارة كطهارة 
الثوب» فإنه طاهر غير مطهر به. وضرب يتعداهء فيجعل غيره طاهراً به» فوصف الله تعالى 
القاء وانة كليوة كيا .على هذا المفين ةا 

(وأَنْزلنَا من السّمَاء مَاءَ طَهُورًا 4 يقول: وأنزلنا من السحاب الذي أنشأناه بالرياح 
من فوقكم أيها الناس ماءً طهورا ."20 ولكن الإمام الرازي ينكر ويضعف من يقول بأن الماء 
ينزل من السحاب بل هذا دليل على أنه ينزل من السماء وتفسير السماء بالسحاب فلا يصرف 
اللفظ عن ظاهره 0 
يرى الباحث: أن القول الذي يقوله الرازي يخالف الحقائق العلمية وما 0 مشاهده للعين 
الظاهر في السماء وهو كذلك يناقطن- نفسنه عكذما 'يفسر تكويق. السحات (3 في أكثر من 
موضع سفناه في هذا الفصل تحدث فيها عن تكوين السحاب من الأبخرة 260 
ذلك من العوامل وإلا كيف نفسر نزول المطر من السماء إلا باالسحاب؟ أو كيف يتكون 
السحاب؟ هل ينزل من السماء بدون تصاعده من الأرض؟ وكيف يقول ب - #السماء ذات 
الرجع4 ؟ 

ووصف الماء بالطهور في هذا المقام» ' إدماجاً لمنة في أثناء المنن المقصورة: 
ويكون كقوله تعالى:(وينزل عليكم من السسّمَاء ماء ليطهركم به» 7 وصف الطهارة الذاتية 
وتطهيره: فيكون هذا الوصف إدماجاً ولولا ذلك لكان الأحق بمقام الامتتان وضف الماء 
والضسشاف أن تنكو لك 01 


(1) أخرجه البخاري كتاب الصلاة باب قول النبي 4 " جعلت لي الأرض ومسجداً وطهورا " رقم 438 
3331 ستد المخاري فم لدم 

2) المفردات / الأصفهاني ص 318 . 

3 تفسير الطبري 19 / 21 . 

سير الزازق :24 / :190 

5) انظ سين" الزالتي 13/24 + والمطلب الثاني من :هذا القصال. 5ح ايكاب الموكوم (الزكامي ).. 

6) سورة الأنفال: آية // 11 

( 


) 
) 
) 
) 
) 
(7) التحرين والهوين / ابن عاهون 48/19 





141 


المطلب الثانى:القسم الثانى الماء الما 
ني ني 


لقد ذكر الله تعالى في محكم كتابه العزيز آيتين تصف مياه البحار بوصفين: الأول: الملح 
والثاني: الأجاج حيث قال تعالى: ( وما يَسْتُوي البَخران هذَا عَذْبْ فرَات 00 0 وَهَذا 
ملح أَجَاج )1 ' ( وَهْوَ الذي مرج الْبَخرَيْن هَذَا عَذْبْ فْرَات وَهدَا ملح أَجَاجْ 2 

"الملح: الميم واللام والحاء أصل صحيح له فروع تتقارب في المعنى وإن كان في ظاهرها 
بعد التفاوت؛ فالأصل البياض منه الملح المعروف وسمي لبياضه؛ وملح الماء© 'والملح: 
الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمدءويقال له ملح إذا تغير طعمه وإن لم يتجمد 
فيقال ماءٌ ملح وقلما تقول العرب ماء مالح "4) 

"الأجاج: أ أما الهمزة والجيم لها أصلان: الحفيف والشدة إِمّا حرأ وإِمًا ملوحة والماء 
الأجاج الملح7 'شديد الملوحة والحرارة من قولهم أجيج النارء والمياه المتموجة لكثرة 
فيطو ني 

نلاحظ أن الآيتين لم تذكرا نوعين من الماء المالح بل ذكرت وصفين من أوصاف الماء تقابل 
الوصفين الآخرين للماء العذب وهما العذب الفرات فجعل الملح يقابل العذب والأجاج يقابل 
الفرات حيث أن الفرات أكثر عذوبة وسلاسة والأجاج أكثر ملوحة وحرارة في الجوف 
والأول قال عنه سائغ شرابه وقال عن الثاني ملح أجاج ومن هذا المنطوق نفهم المفهوم التالي 
أن الملح الأجاج لا يستساغ ولا يطاق شربه . 

لا نطيل الحديث في هذا المعنى فإن ما جاء في البحار ومياهها من عبر وعظات تضمنتها 
الآيات الكريمة يدفعنا بقوة لتتبعها ودراسة ما فيها من معاني . 

فهذا البحر المخلوق الهائل الذي هو أكبر المخلوقات على هذا الكوكبء؛ فهو المسطح المائي 
الجبار الذي يميز كوكب الأرض عن غيره:؛ ويعطيه من الفضاء لونه الأزرق البديع حتى أن 
الله سبحانه وتعالى عندما ضرب مثلاً لسعة علمه ضربه بالبحر تقريباً لذهن الإنسان» حتى 


1) سورة الفرقان: الآية / 53 

2) سورة الفرقان: الآية // 53 

3) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس» ص 994 . 
4) المفردات / للراغب الأصفهاني» ص 492 . 
5) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس. ص 40 . 

( 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) المفردات / للراغب الأصفهانيء ص 6 . 





102 


يقرب إلى الغائب بالمحسوسء المشاهد قال تعالى:7 قل لَوْ كان الْبَحْرٌ مدادًا لكلمّات ربّي لتفد 
البَحرٌ قَبْلَ أن تنقد كلمات ربّي ولو جئتا بمثله مَدَدا6() 
وجاء ذكر البحر في القرآن الكريم بلفظ البحر ثلاثاً وثلاثين مرة» وبالمثنى خمس 
آيات؛ وبالجمع ثلاث آياتء وبلفظ اليم ثماني آيات؛ فيصير العدد تسعاً وأربيعن آية» ووردت 
هذه الآيات في خمس وعشرين سورة بلفظ البحرء واليم في أربع سورء فيكون مجموع السور 
تسعاً وعشرين سورة» وهذا مما يعادل قرابة ربع سور القرآن» مما يدلل على مدى اهتمام 
رب العزة بالبحرء ودعوة للمسلم أن يتفكر في هذا العدد الكبير من الآيات» ويتدبر ما فيها بما 
ينفعه في دنياه وآخرته. 
ويتجلى ذلك الإهتمام عندما نمعن النظر في هذه الآيات والمجالات المتعددة التي 
تتحدث عنها والتي تدفع المسلمين إلى استقصائها والبحث عنهاء حيث نجد تلك المجالات 
تتمثل في أمور قد يبدو من عرض بعضها أنها خاصة ولكن الهدف منها عام وشامل لكل 
زمانء ومكان بما يفيد الإنسانية على المدى الطويل )©٠‏ 
وفي الإطار العام أحاول تقسيم هذه الآيات جاهداً تحت أطر أربعة يندرج تحتها 
بعض المواضيع والتفريعات الصغيرة» حتى ندرك ما في هذا الآيات من عجائب وآيات دالة 
وموحية بعظمة الخالق وعظمة هذا القرآن العظيم . 
أولاً: آيات تتحدث عن منافع البحر: 
1 - منافع عامة 
أج اباتك مجملة 
ب - آيات مفصلة 
2- آيات في الصيد خاصة 
3- آيات في الملاحة 
4- آيات في التجارة 
5- التنبوء بالملاحة العملاقة 


(1) سورة الكهف: آية / 109 
(2) انظر القرآن الكريم والبحر / محمد محمد زيتونء مجلة الأزهر عدد رجب 1441 ه ديسمبر - يناير 





143 


ثانياً: دعوة للتفكير في البحر 
ثالثاً: آيات تتحدث عن البحر وأحداث تاريخية 

1- موسى وفرعون 

2- موسى وفتاه 

3- ابتلاء بني إسرائيل بالبحر 

4- ردة بني إسرائيل 

5- المن على بني إسرائيل بالنجاة 
رابعاً: آيات في الترغيب والترهيب 

21 الف ترون الفساة 

2- تكريم بني آدم 

3- التذكير بنعم الله في البحر 

4- (وكان الإنسان كفوراً» 
أولاً: آيات تتحدث عن منافع البحر 
1 - منافع عامة: جاءت آيات البحر بذكر منافع جمة؛ منها آيات عامة أجملت المنافع. وآيات 
فصلت هذه المنافع. 
أ- آيات أجملت المنافع 
مثل قوله تعالى: ( وَالْفلّك التي تَجْرِي في الْبَخْر بما يَنقَعْ النّاس)1) في هذه الآية ذكر 
القرآن الكريم أن هذه الفلك تجري ولكن بماذا ؟ أجملت الآية ( بمَا يَنقَعْ النّاس» أي بالذي 
ينفعهم من التجارات» وسائر المآرب التي تصلح بها أحوالهم (©) 
" دل على إباحة الاكتساب والتجارة والانتفاع باللذات (0) 
فقد ترك القرآن الآية بلا تفصيل» حيث فصلت منافع البحر في آيات أخرى . 
ب - ومن الايات التي فصلت هذه المنافع 
آية فاطر والنحل قال تعالى:( وما يَسْتَوي الْبَخرَان هذا عَذْبْ فْرَات سائغ شرابُةُ وَهدَا ملح 
أَجَاجٌ ومن كل تأكلون لَحمًا طَريا وَتَسْتَخْرِجُونَ حليّة تَلبَمُوتَهَا وتدى الفْكَ فيه مَواخر 
لتبْتَعُوا من فضله ولَعَلَكُمْ تشكرون)1) وقال تعالى: ( وَهْوّ الذي سَكر الْبَخرَ لقأكلُوا منه 


1) سورة البقرة: آية // 164 

2 تفسير القرطبي 2 / 196 ٠‏ وانظر تفسير ابن جرير الطبري 2 / 64 . 
3 تفسير الرازي 4 / 218 . 

( 


) 
) 
) 
(4) سورة فاطر: آية / 12 





]144 


لحمًا طَريًا وتستخرجوا منة حليّة تَلبَسُونَهَا وتَرى الفلك ماخر فيه ولتبتغوا من فضله 
ولَعلَكُمْ تشكرون)01) 

وهاتان الآيتان ذكرتا الصيد واستخراج الحلية والملاحة والتجارة ففصلت ( بم يَنْقَعْ النّاس» 
وقد تعرضت بالتفصيل” لهاتين الآيتين في الفصل الأول .(0) 

2- آيات في الصيد خاصة 

وذكن اران اباكتكتير» بخاضبة :فى اليه 'رالحانت العادل كدالازوة التستعية ون ذه 
الآيات:( أحل لَكمْ صِيْدُ البَذر وَطَعَامة مَنَاعًا لكمْ وللسّيّارَة وَحْرم علَيْكُمْ صِيْد البَرَ مَا دُمْثم 
حْرْمًا واتقوا اللّهَ الذي إِلَيْه نخشرون») وكذلك آيتا فاطر والنحل السابقتان وقد تعرضنا 
لبيان ذلك بالتفصيل في البند الخاص بالثروة السمكية من الفصل الأول . 

3- الملاحة في البحر 

لقد تحدث القرآن عن الملاحة البحرية والسفن في آيات كثيرة في سورة إبراهيم/2 ؛ والنحمل 
(6ا ون الإسرن ايه(" م بوعاقق الاكييق لو كان لكوت 0 

وقد سبق تناول هذه الآيات جميعها في الفصل الأول المواصلات البحرية والسفن 5). 

4- آيات في التجارة 


تحدثت عن موضوع التجارة في البحر في آيات مختلفة في السور الآتية البقرة (12) 


(1) سورة النحل: آية / 14 

(2) راجع ص 31 . 

(3) انظر الفصل الأول - المبحث الأول - المطلب الثاني - الأهمية الإقتصادية أولا وثالثا ورابعا وسادسا 
وتائعا + 

(4) سورة المائدة: آية / 96 

(5) سورة إبراهيم: آية / 22 

(6) سورة النحل: آية / 14 

(7) سورة الإسراء: آية / 66 

(8) سورة غافر: آية / 80 

(9) سورة الزخرف: آية / 12 

(10) سورة الكهف: آية / 79 

(11) انظر ص 42 . 

(12) سورة البقرة: آية / 164 





د14 


النحل 7!) الإسراء ©) الروم © فاطر © الجاثية © . 
ولقد لفتت هذه الآيات النظر للتوجه إلى منفعة التجارة في البحر © 

5- التنبؤ بالملاحة العملاقة 

إن القرآن أشار إلى المنشآت الضخام التي تشبه الجبال في شكلها وضخامتها في آيتين من 
سورتي الشورى والرحمن . 
قال تعالى: ( ومن ءَايّاته الجوّار في البّخر كالأعلام74/ أما في الرحمن 7 وله الجوار 
المنشآت في البَخر كالأعلام)/8) 
وتشير هنا إلى أن هاتين الآبتين تشيران إلى جانب الإعجاز. وعليه نحيل تفصيل أمرهما إلى 
الفصل الرابع (الإعجاز) . 

ثانياً: دعوة للتفكر في البحر 
لقد أشار القرآن الكريم إلى كثير من الآيات التي تدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر في ملكوت 
السموات والأرض قال تعالى:( إن في خلق السّموات والأرْض واختلاف اللّيْل وَالتَهَار 
لايّات لأولي الألبَاب (190)الذين يَذكرُون الله قيَامَا وَفَعُودَا وَعَلَى جُنوبِهم ويتفكرون في خلق 
المسّموّات والأرْض ربّنا مَا خلقت هَذَا بَاطلا ممَبْحَانكَ فقا عَدَاب الثّار 04 
ففي آية آل عمران هذه دعوة للتفكير في ملكوت السموات والأرض وأما في قوله تعالى: 
(وفي أَنَفْسِكُمْ أقَلا نببصرون72') دعوة للتفكر في هذه النفس البشرية التي سخرلها الله 
سبحانه وتعالى ما في السموات والأرض ومن ضمن الآيات التي في هذا الباب آية الأنعام8 
وعندَهُ مقاتح الْعَيْب لا يَعلَمُهَا إلا هُوَ وَيَعلَمُ مَا في البَرّ وَالبَخر وَمَا قسنقط من ورقة إلا 
يَعَنهَاولاحية في ظلمات الأررض ولارط ولا يبس إلا في كتب طبين)1"" / 


(1) سورة النحل: آية / 14 

(2) سورة الإسراء: آية / 66 

(3) سورة الروم: آية / 46 

(4)سورة فاطر: آية / 12 

(5)سورة الجاثية: آية // 12 

(6 ) وقد تناولت ذلك في الفصل الأول من هذا البحث بما يكفي الإشارة إليه هنا » انظر ص 23 . 
(7)سورة الشورى: آية / 32 

(8) سورة الرحمن: آية / 24 

(9) سورة آل عمران: آية / 190 - 191 

(10) سورة الذاريات: آية / 21 

(11) سورة الأنعام: آية / 59 





146 


لقد أشار الله تعالى في هذه الآية إلى ما اختص به علمه بقوله:7 وعندَهُ مقاتح الغيب» وأشار 
إلى سعة علمه بقوله:( وَيَعلَمُ مَا في البَرّ وَالبّخر...4 ' قدم تعالى ذكر البر لأن الإنسان قد 
شاهد أحوال البرء وكثرة ما فيه من المدن والقرى و المفاوز» والجبال» والتلال» وكثرة ما 
فيها من الحيوان والنبات والمعادن ... . 
وأما البحر فإحاطه العقل بأحواله أقل إلا أن الحس يدل على أن عجائب البحار في الجملة 
أكثر وطولها وعرضها أعظم وما فيها من الحيوانات وأجناس المخلوقات أعجب. فإذا 
انتحكس الخيال صموزة التحو والزو على هذه لوووك عرف أن مجموعها قم صفين من 
الأقسام الداخلة تحت قوله:( وعندَهُ مَقاتح الْغيْب» "!) والقضايا التي أشار القرآن إليها في 
هذه الآية تثير العقل وتحفزه لسبر أغوارها واكتشاف مكنونها من خلال البحث والتنقيب فقد 
شملت علوم البر والبحر والزراعة وعلوم الفلك» والبحر هنا بعجائبه وغرائبه مطروح على 
وائذة ادفو الاكتقافت و إلى ينها :هذا هاة ال لعفن الكفير من يزان هذا البحت كيزن 
وقال تعالى:( وَهْو الذي جَعَل لَكُمْ النجُوم لتَهتَدُوا بها في ظَلمَات الب وَالبتخر قَد فَصلنَا 
الات لقوم يعون )1 
يتبين لنا من خلال هذا العرض أن الإنسان مدعو للتفكر والتدبرء في آيات الله سبحانه وتعالى 
الكونية» التي منها البحر وما فيه من علوم . 
ثالثاً: آيات تتحدث عن البحر وأحداث تاريخية 

1-موسى وفرعون 
قد وردت قصة سيدنا موسى في القرآن الكريم كثيراً فهي أكثر القصص تكراراً وجاءت في 
سور كثيرة منها ما سرد أحداثاً متتابعة في القصة مفصلة لها كالبقرة والأعراف والشعراء 
متها جا" بعارر كت يتك الأتجار يسني نما روطان" رافق المورة ف لقتو 4و دكن ادر 
في كثير من الآيات جاءت في قصة موسى لكون البحر كان سبباً في هلاك فرعون عدو 
موسىء» وفي نجاة موسى وقومه في المقابل وأذكر بعض الآيات قال تعالى:7 ولقد 00 
إلى مُوسى أن سر بعبّادي فاضرب لَهُمْ طريقا في الْبَرِ يَبَسّا لا تخاف دركا ولا تكشى) !7 
ومثلها في سورة 00 فَأَوْحَيْنَا إلى مُوسى أن اضرب بعصاك البَخرَ فانفلق فكان 0 
فرق كَالطّود العظيم12/) ثم جاء النداء الإلمي 7 واترك البَخرَ رَهوًا إِنَهُم جُنَدَ مُغرَقون»11) 


(1) تفسير الرازي 11/13 . 
(2) سورة اه آية // 97 
(3) سورة طه: آية / 77 

(4) سورة الشعراء: آية / 63 





147 


أغرى الله فرعون واستدرجه للحاق بموسى- الكت - وقومه ( وجاوزتا ببني إمنرائيل 
البَخرَ فَأتبعَهُمْ فرْعَون وَجِنُودَهُ بَغْيَا وَعَدوَا حَنَى إِذَا أذركة الْغرق قَالَ ءَامَنَتَ أنه لا إلّة إلا 
الذي ءَامَنَت به بَنُو إسنرائيل وَأَنَا من الُْسلمِينَ274) وهكذا كان البحر شاهداً على نجاة بني 
إسرائيل وهلاك فرعونء وقد تعرضت لذلك في الفصل الثالث» وبينت كيف كان الماء نعمة 
لعوسى:وقومه :ونقئة على فزعو وغليئة قلا حالجة للتكزار؛ ودكتهي ييذه الإشازة هنا 

2- موسى وفتاه 

ومن الأحداث التاريخية في قصة سيدنا موسى ا ل ا ان 
القصة مجمع البحرين» حيث قال تعالى: 7 وإذ قَال مُوسى لفتاهُ لاأبْرَحٌ حت حَتَى أبْلغ مَجْمَعَ 
البَحرَيْن أو مضي حقبَا4) وسار موسى وفتاه في رحلتهما حتى بلغا هذه العلامة ( فقَلَمَا 
بلَعَا مَجْمَعَ بَيْنَهمَا تسيا حوتهُمَا فَائحَدَ سين في الْبَحرٍ سربًا44) 

ولماشعر موس "بالجوخ قال لفتاء أحضير لكا عدائذا وكان .حوتا في سلة معهه:. 

( لما جاورا قَالَ لفتاهُ عاتنا غدَاءنا لَقَدْ لقينا من سفرنا هَذَا نصبًا(62)قال أرَأيت إذ أوَينا إلى 
الصّخرة فَإِنّي سيت الخوت وما أنسانية إلا الشيْطان أن أَذْكَرَهُ وَانَحَدَ سَبيلّهُ في الْبَخر 
عَجبَا)ا”) وقد وضحت السنة الصحيحة ذلك عن 0 أب بن َب عن الى صَلَى الله 
عَلَيْه وَسلمَ أن مُوسى قَامَ خطيبًا في بني إسنرائيل فَسُئل أي' الناس أَعلم فال أنا فعتَب الله 
عَلَيْهِ إذ لم يَرّدَ العلم إَِيْهِ قال له بَلى لي عبد بمَجمَع البَخرَيْن هو أعلَمٌ منل قال أ رب 
وَمَنْ لي به وَرْبّمَا قَالَ سلفيَان أي رب وكيّف لي به قَالَ تأخذ حوتا فَتَجِعلَهُ في مكتل حَيْثُمَا 
فقدت الخوت فهو ثم ريما قال فهو تمه وأَحدَ حوتا فجِعَهُ في مكتل ثم انطلّق هو وَقْتَاه 
يُوشغ بن نون حتى إِذَا نا الصّخرة وَضعا رُءُوسَهُمَا فَرَقَدَ مُوسى واضطرب الخوت فَخَرجَ 
فَسَقط في الْبَخر فَاتَحَدَ سبيلَهُ في البَخر سربًا فأَمْسَكَ اللّهُ عن الخوت جريّة المَاء فَصَارَ مثل 
الطّاق فَقَالَ هكد مثل الطاق فَانطلَقَا يَمشيَان بَقيّةلَتهِمَاوَيَوْمَهُمَا حتى إذَا كان من لد قال 
لقنا آتنا عَداءنَا لد لقيَا من سقرنا هذا تصبًا ولَم يجِد مُوسى التصب حَتى جاور حَيْث 
أَمَرَهُ اللّهُ قَالَ لَه فتاه أرَأينت إذ ويا إلى الصّخرة فإني نسيت الخوت وما أنسانيه إلا 
الشيطان أن أذكرَة واتحد بيه في البَخْر عَجَبَا فكَانَ للخوت سرب وَلَهُمَا عَجِهَا قَالَ لَه 


1) سورة الدخان: آية / 24 
2) سورة يونس: آية / 90 
3) سورة الكهف: آية / 60 
4) سورة الكهف: آية / 61 
( 


) 
) 
) 
) 
(5) سورة الكهف: آية / 62 - 63 


148 


مُوسى ذلك ما كنا تببغي فَارَتدًا على آنَارِهمَا قَصصا رَجعَا يَقَصّان آنَارَهُمَا حتى انتَهيًا إلى 
ا لي الت 
مُوستى قَالَ مُوسى بني إمنرائيل قال نَع أنَتّكَ لتُطُمني مما عَلَّمْتَ رشةا (0(66 

ورواية البخاري هذه تغني عما قالته كتب التفسير فمن أراد التوسع حول الخلافات الموجودة 
في من هو موسى وكذلك أين يقع مجمع البحرين وغيرها من القضايا فالخلاف هناك ."©) 
3- إبتلاء بني إسرائيل بالبحر 

لقد ابتلى بني إسرائيل بفتنتهم لصيد البحر في يوم السبت حيث يسبتون أي لا يشتغلون بشغل 
يتفرغون فيه للعبادة تعظيماً لهذا اليوم قال تعالى:( وَاسَأَلَهُمْ عن الْقَريّة التي كانتت حاضرة 
الببخر إِذ يَعدُون في السسَبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم متبتهم شرَعا ويم لا يسبتون لا تأتيهم 
كذَلكَ نَبْلوهُم بمَا كانوا يَفسُقون672) 

يقول تعالى ذكره: واسأل يامحمد هؤلاء اليهود وهم مجاوروك عن أمر القرية التي كانت 
حاضرة البحرء يقول كانت بحضرة البحرء أي بقرب البحر وعلى شاطئة . 

وذكن انث نجرون االطيوي في :هذه الترية أكثن .من ر أي «نوقال والصدواب من التول في ذلك أن 
كل بهي القريةحاضرة البح قاذ خرن نعي كن سول أنه على اللدغلويه» ريستل في 
المسألة . 

" يقال سبت اليهود؛ تركوا العمل في سبتهم ... واليهود دخلوا في السبت وهو اليوم المعروف 
وهو من الراحة والقطع 47) 

' إذ يعدون في السبت " يعني يجاوزون حد الله فيه» وهو اصطيادهم يوم السبت وقد نهوا عنه 
... ( يَوْمَ سبتهم شرَعا» أي ظاهرة على الماء شرع جمع شارع وشارعه وكل شيء دان 
من شيء فهو شارع ودار شارعه أي دنت من الطريق ... فإذا كان يوم السبت شرعت لهم 
الحيتان ينظرون إليها في البحر ... فإذا انقضى السبت ذهبت وما تعود إلا في السبت المقبل 
؛ وذلك بلاء ابتلاهم الله به» فذلك معنى قوله:( يوم لا يَسْبتونَ لا تَأَتيهم4 وقوله: ( كَذَلكَ 
َبْلُوَهُمْ) أي قبل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم .57) 


(1) صحيح البخاري » كتاب التفسير باب سورة الكهف رقم 4725 . 

(2) تفسير ابن كثير 3 / 93 وما بعدها تفسير الرازي 21 / 143 وما بعدها تفسير القرطبي 11 / 8 وما 
بعدها وفتح القدير / الشوكاني 3 / 297 وما بعدها وتفسير ابن جرير الطبري 15 / 261 وما بعدها 
وقصص الأنبياء / ابن كثير 392 وما بعدها . 

(3) سورة الأعراف: آية / 163 

(4) تفسير القرطبي 7 / 305 . 

(5) تفسير الرازي 15 / 40 . 





149 


لقد ابتلى الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل وامتحنهم فلم ينجحوا في هذا الإمتحان وسقطوا في 
بحر أهوائهم» ومطامعهم وفسقهم فكان عقابهم أن مسخهم الله سبحانه وتعالى قردة وخنازير . 
قال تعالى:( وَلَقَد عَلمتَمُ الذي اعتدَوا منكم في الست فَقَلَنَا لَهُمْ كونوا قردَة خاستين)1) 
وقال تعالى:( من لَعَنَهُ اللّهُ وَغضب عَلَيْه وَجَعَلَ مِنْهُمُ القردة وَالْخَتازيرَ وَعَبَدَ الضاغوت)© 
وفي المقابل امتحن الله المسلمين بالصيد كذلك في البر تناله أيديهم وماحم فلم يدوا 
يَاأيُهَا الذي ءَامَنُوا لَيبْلُوتكُمُ اللّهُ بشيْء من الصَيْد تتالة أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحْكم ليَعْلَمَ اللّهُ من يَحَافَهُ 
اقب فم اعتدى بَعْدَ ذَلكَ فلَهُ عَذَابْ أَليمٌ)01) ولكن صحابة رسول الله يك الذين آمنوا 
نجحوا في الإختبار سمعاً وطاعة لله سبحانه وتعالى ورسوله . 

4- ردة بني إسرائيل 

بمجرد خروج بني إسرائيل من البحر» وما زالت المعجزة التي أعطيت لسيدنا موسى بشق 
البحر ونجاتهم من فرعون وجنوده شاخصة بأبصارهم ومروا على قوم يعبدون أصناما لهم 
فقال هؤلاء الجهلة الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم؛ ولم تتشرب نفوسهم الطاعة لله ورسوله: 
قالو|النومئ.ت الكوكاة انيد آلية أصنداما مثل هؤالاء القوم» ويحدثنا القرآن عن ذلك بقوله:7, 
وَجاوزتا ببني إسترائيل البَخر فَأَتَوَا عَلَى قَوْم يَغكفون عَلَى أَصنَام لَهُمْ قَالُوا يَامُوسى اجعل لنَا 
إِلَهَا كما لَهُمْ َالهَةٌ قَالَ إِنَكمْ قوم تَجِهَلُونَ)7) ' ويقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل 
البحر بعد الآيات التي أريناهموها والعبر التي عاينوها على يدي نبي الله موسىء فلم تزجرهم 
تلك الآيات» ولم تعظهم تلك العبر والبيانات» حتى قالوا مع معاينتهم من الحجج ما يحق أن 
يذكر معهم البهائم . 

إذ مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم يقومون على تماثيل لهم يعبدونها من دون الله 
اجعل لنا يا موسى إلهاء يقول تمثالاً نعبده وصنماً نتخذه إلهاء كما لهؤلاء القوم أصنامٌ 
يعبدونها ولا ينبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار . وقال موسى صلوات الله عليه إنكم 
أيها القوم» قوم تجهلون عظمة الله » وواجب حقه عليكم ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة 
لشيء سوى الله الذي له ملك السموات والأرض. 7©) 


(1) سورة البقرة: آية / 65 
(2) سورة المائدة: آية / 60 
(3) سورة المائدة: آية / 94 
(4) سورة ا آية / 138 
(5) تفسير 





|1530 


" يقول القرطبي وابن كثير: كانت الأصنام تماثيل بقر.(! 

وقال الرازي: لم كان هذا القول الذي قالته بنو إسرائيل كفراً ؟ فتقول: أجمع كل 
الأنبياء عليهم السلام على أن عبادة غير الله تعالى كفر سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلهاً 
للعالم أو اعتقدوا فيه أن عبادته تقربهم إلى الله تعالى» لأن العبادة بداية التعظيم ونها 
التعظيم» لا يليق إلا بمن يصدر عنه نهاية الإنعام والإكرام ويذكر الرازي أن الذين قلوا هذا 
من بني إسرائيل بعضهم وليس كلهم.(©) 

ولم يكتف بنو إسرائيل بهذا القول بل إنهم ما أن خرج موسى للقاء ربه» وصنع لهم 
السامري عجلاً من حليهم التي أخذوها من أقباط مصر وهريوا بهاء وما أن صنع لهم هذا 
العجل؛ وقال لهم أن هذا هو إلهكم وموسى نسى وضل فاعبدوه فعبدوا العجل نكوساً وردة 
فقال تعالى عنهم : :( وَاتحد ل ل يد ألم يرا أنه 
لا يُكلمُهُمْ ولا يديهم سبيلا انَحَذُوهُ وكاثوا ظالمين »01 

والآية تفيد العموم في أن بنى إسرائيل كلهم عبدوا العجل غير هارون - اكلكثة - 
وذلك من وجهين الأول عموم هذه الآية والثاني قول موسى - اكع - في هذه العقبة إربي 
إغفر لي ولأخي4 فقد خص نفسه وأخاه بالدعاء مما يدل على أن من كان مغايراً لهما ما كان 
أهلاً للدعاء ©4) 
5-المن على بني إسرائيل بالنجاة 
لقد من الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل في آيات كثيرة بنجاتهم من فرعون وقومه ومن 
هذه الآيات قومه تعالى:( وإِذ فَرقَنا بكم البَخر فَأَنجِيْنَاكُمْ وأغرقنا ءال فرعون وأَنتم 
تنظرون)70 لقد ذكر الله بني إسرائيل بهذه النعمة العظيمة عليهم © . 
رابعاً: آيات في الترغيب والترهيب 
ذكر القرآن البحر في ايات ذات غرض تربويء فيها الترغيب والترهيب؛ تحث الإنسان من 
خلال الوعظ والإرشاد إلى تذكر الخالق الكريم الذي أنعم عليه بشتى النعم . 


(1) ابن كثير 2 / 244 » والقرطبي 7 / 273 . 

(2) انظر تفسير الرازي 14 / 232 . 

(3) سورة الأعراف: آية / 148 

(4) انظر تفسير الرازي 15 / 7 ٠‏ 

(5) سورة البقرة: آية / 50 

(6 ) وقد سقت قصة نجاة بني إسرائيل المبسوطة في سورة الشعراء بشيء من التفصيلء يغني عن التكرار 
هنا في الفصل الأول والثالث» انظر ص 53 » ص 170 . 





الزهاا 


1 - التحذير من الفساد 
إن الله حذر من الفساد في كثير من الآيات الكريمات؛ وحذر من المفسدين بذمهمء وكذلك 
حرج بأنه لا يحب الفساد والله لا يحب الفساد»!!) وقال تعالى:(والله لا يحب المفسدين2©) 
وقال تعالى ذكره ونا تَعْتُوْا في الأَرْض مفسدينَ07 وخص الله البر والبحر بالنهي عن 
الفساد فيها؛ لا سيما أنها بيئة الإنسان التي يعيش فيهاء حيث أن الإنسان إما في البر وإما في 
البحرء يعتاش ويقضي هذه الحياة القصيرة الفانية ولذا حذر الله من الفساد فيها بقوله:7 ظهَرَ 
القسَادُ في الْبَرّ والبَخر بما كسبَّت أَيْدي التّاس ليذِيقَهُمْ بَعْضِ الذي عملوا لَعَلْهُمْ يَرْجِعُون)) 


فجاء ذكر البحر خلال أمر إلهي بالتحذير من الفساد © . 

2- تكريم بني آدم 

لقد أكرم الله الإنسان بأن سخر له ما في السماء والأرضء:وسخر له ما يحمله في الليل 
والنهارء وفي البر والبحرءفي البر بالدواب وما اخترع الإنسان بعد من وسائل النقل 
والمواصلات وفي البحر بالفلك صغيرها وعملاقها»ورزقهم من ما طاب من الرزق وفضله 
على كثير من المخلوقات تفضيلا ( وَلَقد كَرَّمنَا ني عَادَمَ وَحَمَلَنَاهُم في البَرّ وَالبَخْر 
وَرَرَقَنَاهُمْ من الطَيّبَات وَفَضَلنَاهُمْ علَى كثير ممّن خَلقَنَا تفضيلا»7) 

' لما تقدم قول إبليس ( هذا الذي كرّمت عَلَىَ 16) ذكر سبحانه بعد ذلك تكريمه لبني آدم 
بأنواع الإكرام؛ وفنون الإنعام فقال: ( ولقَد كرّمنا بَني ءَادَم4 أي فضلناهم؛ عن ابن عباس 
وأجريت الصفة على جميعهم من أجل من كان فيهم على هذه الصفة... لأن المعنى أكرمناهم 
بالنعم الدنيوية كالصور الحسنة» وتسخير الأشياء لهم؛ وبعث الرسل إليهم؛ وقيل: معناه بما 
عاملناهم معاملة المكرم على وجه المبالغة في الصفة. واختلف فيما كرموا به فقيل: بالقوة: 
والعقل» والنطقء والتميز عن ابن عباس87) 


(1) سورة البقرة: آية / 205 

(2) سورة المائدة: آية / 64 

(3) سورة البقرة: آية // 60 

(4) سورة الروم: آية / 41 

(5 ) وقد تناولت هذه الآية ببعض التفصيل في مبحث فساد الماء وطرق حمايته وهو يغني عن التكرار هنا 
انظر ص 76 . 

(6) سورة الإسراء: آية / 70 

(7) سورة الإسراء: آية / 62 

(8) مجمع البيان الطبرسي 6 / 273 . 





152 


( كرَمَنَاة تضعيف كرم أي جعلنا لهم كرما أي شرفاً وفضلاً. وهذا هو كرم نفى النقصان لا 
كرم المال. وذكر القرطبي وجوهاً كثيرة لتكريم بني آدم ثم قال: والصحيح الذي يعول عليه 
أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف,. وبه يعرف الله» ويفهم كلامه» ويوصل 
إلى نعيمه وتصديق رسله (0) 

٠"‏ وَحَمَلنَاهُمْ في البَرٌ وَالبَخْر) على ظهور الدواب والمراكب (وفي الْبَخْرِ) في الفلك التي 
سخرناها لهم (©) 

'" وكذلك تسخير الله تعالى المياه والسفن وغيرها ليركبها وينقل عليها ويتكسب بها مما يختص 
به ابن آدم كل ذلك مما يدل على أن الإنسان في هذا العالم كالرئيس المتبوع والملك المطضاع 
وكل ما سواه هو رعيته وتبع له '(0) 

3- التذكير بنعم الله في البحر 

ورد ذكر البحر من خلال التذكير بنعمة الفلك التي تجري فيه ليتعظ الإنسان من مشاهدة هذه 
الآية كي يزداد إيماناً وشكراً لله تعالى على نعمه قال تعالى:(ألم ثَرَ أنّ الفلك تَجْرِي في 
لبر بنغمة الله ليِْكَمْ من ءاياته إن في ذلك لآيات لكل صبّارٍ شكور)7) ' يقول تعالى 
ذكره: للنبي محمد كيم ألم تر يا محمد أن السفن تجري في البحر نعمة من الله على خلقه 

(١‏ ليْرِيكُمُ من ءَايّاته» يقول: ليريكم من عبره وحججه عليكم ( إِنّ في ذَلكَ لآيَات لكل صَبَارٍ 
شكور» يقول: إن في جري الفلك في البحر دلالة على أن الله الذي أجراها هو الحق وأن ما 
يدعون من دونه الباطل ( لكل صبَارِ شكور» يقول: لكل من صبّر نفسه عن محرارم الله 
وشكره على نعمه فلم يكفره ... وإن قال قائل ... وكيف خص هذه الدلالة بأنها دلالة للصبّار 
الشكور دون سائر الخلق ؟ قيل: لأن الصبر والشكر من أفعال ذوي الحجى 000 فأخبر 
إن في ذلك لآيات لكل ذي عقلء لأن الآيات جعلها الله عبر لذوي العقول والتمبيز '(5 

4- وكان الإنسان كفورا . 

يذكر الله سبحانه وتعالى الإنسان في كثير من الآيات بنعمة الهداية في ظلمات البر والبحر 
ويرهب الإنسان ويحذره من كفران نعمته وجحودهءإذ ينجيه من خضم البحر وأمواجه العاتية 
المخيفة المرعبة»حيث يكون الإنسان في حالة ضعف.والرجاء والتضرع والخوف والفزع من 


(1) تفسير القرطبي 10 / 293 - 294 . 
(2) تفسير الطبري 15 / 125 . 

(3) تفسير الرازي 21 / 16 . 

(4) 52-56 آبة / 31 

(5) تو 


5) شير ابن حرين: الطيري 84/21 





153 


الغرق فلا يخرج إلا بنعمة الله ورحمته إلى البرء يكفر نعمة الله ويجحدها وقد عبر الله في 
قرآنه عن هذه النفس البشرية وأحوالها في آيات كثيرة نسوق منها قوله تعالى:( قل مَنْ 
ينجَيكم من ظلمَات ابر والبَخر تتاغوتة تضرع وخفية لبن أنجانًا من هذه لتكوتَنَ من 
الشاكرين)!!) وقال 0 في البَخرٍ ضل من تذغون إن اه َم َجَاكم 
إلى البَرَ أعرّضتم وكان الإنسان كَفُورَا2 وقال تعالى:( من يهديكم 0 7 وَالبَخر 
وَمَن يُرْسل الرياح بُشرًا بَيْنَ يدَيْ رّخمته أئنّة مع اللّه تَعالَى اللّهُ عَم يُشركون) 71 

وقال تعالى:7 هو الذي يُسَيركمْ في البر والبخر حَتى إذَا كنم في الفلك وَجَريْنَ بهم بريح 
َيبّة وَقَرِحُوا بها جاَنَها رِيحٌ عاصف وجَاءَهُم الموج من كل مكان 0 َنَهُمْ أحيط بهم 
دَعًَا اللّهَ مُخلصين [ لَهُ الدّين لئن أَنْجِيْتَنَا من هذه لتكونَنَ من الشاكرين2) 

" واعلم أن الإنسان إذا ركب السفينة وجد الريح الطيبة الموافقة للمقصودة حصل له الفرح 
التام والمسرة القوية» ثم قد تظهر علامات الهلاك دفعة واحدة . 

فأولها: أن تجيئهم الرياح العاصفة الشديدة . 

ثانيها: أن تأتيهم الأمواج العظيمة من كل جانب . 

ثالثها: أن يغلب على ظنونهم أن الهلاك واقع» وأن النجاة ليست متوقعة» ولا شك أن الانتقال 
من تلك الأحوال الطيبة الموافقة إلى هذه الأحوال القاهرة الشديدة يوجب الخوف العظيم 
والروعبه الشدية» :و أيضًا مشاهدة :هده الأحوال والأهوال في البكين مكقصة باإيجناد ريه 
الرعب والخوفء ثم إن الإنسان في هذه الحالة لا يطمع إلا في فضل الله ورحمته» ويصير 
منقطع الطمع عن جميع الخلق ويصير بقلبه وروحه وجميع أجزائه متضرعاً إلى الله تعالى؛ 
ثم إذا نجّاه الله تعالى من هذه البلية العظيمة ونقله من هذه المسضرة الفوية إلى القلاض 
والنجاة» ففي الحال ينسى تلك النعمة ويرجع إلى ما ألفه واعتاده من العقائد الباطلة والأخلاق 
الذ ل ا د 
تون إلا إِّاهُ فَلَمّا نَجَاكم إِلَى الْبَرٌ أَعْرَضكْمْ وكان الإنسان كفورًا» 6) 


1) سورة الأنعام: آية // 63 
2 سورة الإسراء: آية / 67 
3) سورة النمل: آية / 63 
4) سورة يونس: آية / 22 
5) تفسير الرازي 17 / 70 . 
6) سورة الإسراء: آية / 67 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





14 


الفصل الثالث 
الماء بين النعيم والعقاب في الدنيا والاخرة 


وفيه مبحثان: 

المبحث الأول: الماء نعيم وعقاب في الدنيا 
وفيه مطلبان: 

المطلب الأول: الماء نعيم في الدنيا 

المطلب الثاني: الماء عقاب في الدنيا 


المبحث الثاني: الماع نعيم وعقاب في الاخرة 
وفيه مطلبان: 

المطلب الأول: الماء نعيم في الآخرة . 

المطلب الثاني: الماء عقاب في الآخرة . 


زهزها| 


بين يدي الفصل: 
كب «الكالق نيدان وتاك لكا كلق الماء تتعيزة الفاتدانة النهيةة رويكول بد المحناة ماف ف 
الكاتنات (وَجِعلَنَا من الْمَاء كل شيْء حَي أفَلا يُوَمنُون)1) فسقى به الإنسان والدواب 
والزرع؛ كا اتح حطية زا وونسة :زه فكفلة فى الكيا سكا ذا ديو كه فد العومر 
واالحياقولهة اخن :فيه المت واليلقك: عفابا للعضياة. 

وفي الآخرة جعل الماء الخاص بأهل النار للتعذيب والتبكيت» وفي المقابل نجد الماء 
من نعيم أهل الجنة بأنهارها وعيونها وشرابها وكؤوسها وقواريرها. وفي هذا الفصل نعرض 
لهذا الموضوع في الدنيا والآخرة حيث يكون الماء نعمة أو جزاءً وعقاباً . 


المبحث الأول: الماء نعيم وعقاب في الدنيا 


المطلب الأول:الماء نعيم في الدنيا 

الماء عصب الحياة ونعيمهاء فبدونه لا حياة على هذا الكوكب ( وَجَعَلَنَا من الْمَاء كل شيء 
حي أفَلا يُؤمنون 4 2, فقد أولاه الله العناية الكبرى» فجعله وسيلة لطهارة المسلم( وَيُتَزَل 
عَلَيكُمْ من السّمَاء مَاء ليُطْهْركمْ به) ! '؛ دون جميع المائعات؛ والشرع أفرد للمياه اهنا 
خاصة» لوضوءه ( يا يها اين آمنوا إِذَا متم إلى الصّلاة فَاغْسلوا وجوهكم وأ يْديكُمْ إلى 
الْمَرَافق وَامْسَحُوا برؤوسكم وَأَرَجِلَكمْ إِلَى الَْعبَين 6) وغسله؛ في البدن والثوب 7 وتيَابِكَ 
فطور» اتازمين الحدة الأضهوء و الأقين .: 

وحمل ا شتكل الكاتداك 1 للماء؛ الشربها وسقيهاء + فأنبت لله بها الجنات» ا 5 


سه هع اله 


1) سورة الأنبياء: آية / 30 
2) سورة الأنبياء: آية / 30 
3) سورة الأنفال: آية // 11 
4) سورة المائدة: آية / 6 
5) سورة المدثر: آية / 4 
6) سورة الأنعام: آية / 141 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





156 


وكا لقا عاكجها كفن :من الأمر شرن الحلذية والبجيالك" اللولية إن العمدة و الأمعاء ار الف لحو 
والعضلات من خلال الشرب والحمام الساخن أو البارد ( واذكر عَبْدنَا أَيُوبَ إذ نَادّى ربَهُ 
أني مَسّنيَ الشيْطان بنصب وَعَدَاب (41)اركض برجلك هذا مُعْتَسَلَ بَارِدَ وَشَرَابَ 016 . 
والماء عامل ات لا او 0 لكاو يض رات كر 
مما رركم اله ونا تن تَتَبعْوا خطوات الشيْطان إِنَهُ لكم عَدْوٌ مُبِين » © أو سمكية ( وَهْوَ الذي 

سَمَر البَخرَ لتأكلوا مثة لما طريًا وتستْرجوا مذة حليَةتَِسُونَها وى الك مَواخر فيه 
وَلتَبتَفوا من فضله ولَعلَكم تشكرون 24 أو زراعة( أَفْرَيْتَمْ مَا تَخرثُون(63)َأَنتَم 0 
َم نَحْنْ الرّارغون 72 أو تجارة( والفلك التي تَجْرِي في البَخر بمَا يَنَقَعْ النَاسَ 52) 
وغيرها من أمور الاقتصاد العديدة . 

ولا غنى للإنسان عن الماء في الحروبء وفي السلم والهدوء والاستقرار؛» لذا كان 
الماع ضوونة فى" المغاز ك+ اللجندئ والقوات البحرئة والبوية على كد نواء لز إذ وكشيكم 
النعاس أُمَنَةَ منه ويُتَزل عَلَيُْمْ من السّماء مَاءَ ليُطهركم به ويُذهب عنكم رجز الشيطان 
ولترربط على فلكم يقبت به الأقدام 016 . 

لها اخاق اش :هذه النعسة:«وحعل لها خة الأهمية: ,و اتحاحة القانينة: أذوف الإتسان 
ذلك فككيعت «حضاز انك البشرية قديضيا وحديفيًا حول "الما 0 


المطلب الثانى: الماء جزاء وعقاب فى الدنيا 
عاقب الله أقواماً بالماء لما ظلمواء وجعل هذه النعمة تنقلب عليهم نقمة وعقاباء حتى 
يكونوا عبرة. وعظة لمن خلفهم. ومن الأقوام التي كان الماء وسيلة هلاكم وخراب بلادهم 


وتفرقهم: قوم نوح - كلك - وفرعون وجنوده؛ وسبأ. 


(1) سورة ص: آية / 41 - 42 

(2) سورة الأنعام: آية / 142 

(3) سورة النحل: آية / 14 

(4) سورة الواقعة: آية / 63 - 64 

(5) سورة البقرة: آية / 164 

(6) سورة الأنفال: آية / 11 

(7) لقد اكتفيت هنا بالإشارة إلى هذه النعم الموجودة في الماء في الدنيا لمجرد التذكير فقط وذكرت ذلك في 
( الفصل الأول ) وفيه البديل عن التكرار في هذا الفصل . 





157 


1 - قصة نوح - اقلا 


أما قوم نوح - اكَك - فقد ورد بشأنهم الكثير من آيات القرآن» وفي سور متعددة حسب 
طريقة القرآن» في ذكر القصص القرآنيء فإنه يفرقها في سور القرآن» وكذلك يجملها أحياناً 
ويُفصلها أحياناً وكذلك يورد أحداثاً في سورة وأحداثا أخرى في سورة أخرى حسب ورودها 
ومناسبتها في سورتها . 

ولهذا السبب فلن يتسع هذا المقام لسرد كل هذا الآيات المتفرقة في سور القرآن؛ 
ولكن نختار من هذه الآيات ما ذكر 0 وافي ما أمكن. وإن احتاج الأمر 


ذكر بعض الجزئيات من مواضع أخرى لزيادة فا ة فائدة ذ نسوقها إن شاء الله تعالى . 
ولقد ب الآتية: الأعراف وهود 
والمؤمنون والشعراء والقمر . 


والذي يحتاجه البحث من هذه القصة موضوع الطوفان» وهو العقاب الذي عاقبهم الله به 
وكيف كان هذا الطوفان هلاكاً لقوم ومنفعة لقوم آخرين . 

إن كتاب الله يخبرنا عن قوم نوح أنهم كانوا أهل أوثان» وذلك أن الله عز وجل يقول:( قال 
نوح رب إِنْهُمْ عصوني واتبَعُوا من لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدهُ إلا خَسارَا(21)وَمَكَرُوا مَكرًا 
كبَارَا22وَقَالوا لا تَذْرّنَ آلهتكم ولا تَدَرْنَ وذًا ولا منُوَاعًا ولا يَغوث ويَعْوق وتسرًا)01) 2 
ولما مكث نوح ا ا اد وخا لدان اكه 
فيهم ألف سنة إلا خمسين عَامًا 316 

حتى لم يعد ل 

(وقالَ نوح رب لا تَدّرْ عَلَى الأرْض من الكافرين ديّارَا(26)إِنَكَ إن تَدَرْهُمْ يُضْلُوا عبَادك ولا 
يَلدذُوا إلا فَاجرًا كقارَ72) 

#دَيّارَا " تستخدم هذه الكلمة في النفي العام» يقال ما بالدار ديار ولا تستعمل في جانب 
الافيات» قال أهل: العربية هو فيعال .من الدور "50 

' أي لا تثرك على وجه الأرض منهم أحدأ ولا ديار وهذه من صيغ تأكيد النفي .. 


"0 

(2) انظر تاريخ الطبري / ابن جرير الطبري 1 / 179 ٠.‏ 
(3) سورة العنكبوت: آية / 14 

(4) سور انويع قفار ملو 9 

(5) انظر تفسير الرازي 30 / 146 . 

(6) تة 


6) تفسير ابن كثير 4 / 428 . 





1538 


' (إنّكَ إن تَدَرْهُمْ يُصْلُوا عبَادك ولا يَلدُوا إلا فَاجِرًا كقَارَا4 فإن قيل كيف عرف نوح -اقتة 
- ذلك ؟ قلنا بالنص والاستقراء : أما النص فقوله تعالى: 7 أَنَهُ لَنْ يُوَمِنَ من قومك إلا مَنْ قد 
آمَن16") 

وأما الاستفزاء: فيو" أنه لبث فيهم " الفسكة الاأخمسين غاما "كان الريجسل مستيه 
ينطلق بابنه إليه» ويقول احذر هذا فإنه كذاب» وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية؛» فيموت 
الكبير وينشأ الصغير على ذلك ."2) 

وبعد أن دعا نوح - اكَلكَة - على قومه وأراد الله أن يستجيب دعوته أمره أن يصنع 
السفينة وكان قومه ينظرون وهم يمرون عليه» كيف يصنع فيسخرون منه (وَاضنع الفلكَ 
بأَعيْننا وَوخْينَا ولا تخاطبني في الذين ظَلَمُوا إِنَهمْ مُغرقون)01 
فكان يرد عليهم وعلى سخريتهم إن ا الل ا ١‏ 
تَعلّمُون مَن يأتيه عَدَابٌ يُخزيه ويحل عَلَيْهِ عَذَابْ مُقِيم» 
يأمر الله نوح - اك - بأن يصنع السفينة بوحي وإلهام منه» كيف يصنعها وتحت رعاية 
الله عز وجل وأن يترك الشفاعة في هؤلاء القوم الظالمين الذين عصوه ولم يستجيبوا 
لدعو كه 

م 0 
إلى كفه 07 ولم يترك سيدنا نوح - اكِلككةٍ - بدون علامة أو إشارة لبدء الطوفانء والعقاب 
لهؤلاء المشركين» فأخبره عز وجل 9حَنَّى ذا جاءَ أُمرْنَا وقَارَ التَنُورٌ قُلنَا اخمل فيهًا من كل 
زاجين اتْتَيْن وَأهلَك إلا من سبق علَيْه القول ومن آمَن وما آمَن مَعَهُ إلا قليل4©) 
حتى هنا للغاية أي أنه كان يصنع الفلك» حتى جاء وقت الموعدء وفي قوله: 7 أَمْرْتا» 
وجهين إما أنه أمر الله الكوني كن فيكون» أو أنه أمر العذاب المنتظر . 
يرى الباحث: والثاني أرجح. ويذكر الرازي أقوال كثيرة جداً في أمر هذا التنور الذي فار 
بالماء ويرجح أنه التنور الذي يخبز فيه بقوله: فإن قيل: ما الأصح من هذه الأقوال ؟ قلنا: 
الأصل حمل الكلام على حقيقته ولفظ التنور حقيقة في الموضع الذي يخبز فيه فوجب حمل 


1) سورة هود: آية / 36 

2 تفسير الرازي 30 / 146 . 

5095 آية / 37 

4) سورة هود: آية / 38 - 39 . 

5 الامففوي: 068:3 قيلي لكان ا عهمة رشي رضا :1/12 
6) سورة هود: آية / 40 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





159 


الف غلية:ؤلا امتداع في العقل فق أن يقال: إن الماء نبع أولاً مق:موضع معين :وان ذلنك 
الموضع تنورا.(1) 

ولما جاء أمرنا وظهرت العلامة الفيصل في الأمر بدأ يحمل نوح - اككة - معه 
في السفينة من كل أنواع الحيوان زوجين اثنين ذكر وأنثى؛ لتبقى بعد الغرق فتتناسل ويبقى 
نوعها على الأرض وأمره الله أن يحمل أهله من الذين آمنوا معه وهم قلة.(©) 

وعندما فار التنور وظهرت العلامة الخاصة ببدأ الطوفان بدأ هذا الطوفان بتفجير 
الأرض وفتح أبواب السماء بالماء المتفجر والمنهمر حتى التقى الماءان وراح الماء يرتفع 
شيئاً فشيئاً ( فَقتَحنا أَبْوَابَ السَّمَاء بمَاء مُنهمر(11)وَفَجَرْتَا الأَرْضِّ غُيُونا فَالَتَقَى الْمَاءُ على 
آم قن شرن 16" ملسيو الله للبجة رحيه فاستجلة لعادوي و الله لمنيدن قومه بأن فون الأرمن 
وفتح السماء أبواباً ( فَفتحنا أَبْوَاب السّماء بمَاء مُنهمر) . 
" يسأل الإمام الرازي هل المراد بفتح أبواب السماء على الحقيقة أم على المجاز ؟ ويجيب 
من وجهين: 
أحدها: أنها حقيقة للسماء أبواب تفتح وتغلق فلا يستبعد ذلك . 
الثانية: هو على طريق الاستعارة» فإن الظاهر أن الماء كان من السحاب وعلى هذا فهو كما 
يقول القائل في المطر الوابل جرت ميازيب السماءء وفتح أفواه القرب أي كأنه ذلك» فالمطر 
في الطوفان كان بحيث يقول القائل: فتحت أبواب السماء .ولا شك أن المطر من فوق كان 
في غاية الهطلان .(4 
وفي قوله:( ففتحنًا» بيان أن الله انتصر منهم وانتقم بماء لا بجند أنزله كما قال تعالى:( وما 
ل ل ا 
واحدة»! '' بيان لكمال القدرة» ومن العجيب أنهم كانوا يطلبون المطر سنينء فأهلكهم 
بمطلوبهه"(6) 
(بماء منهمر» أي المنصب صب شديداً في كثرة وتتابع بدون انقطاع 7) 


(1) انظر تفسير الرازي 17 / 226 . 
(2) انظر تفسير المراغي / أحمد مصطفى المراغي 12 / 36 . 
(3) سورة القمر: آية / 11 -12 
(4) انظر تفسير الرازي 29 / 36 . 
(5) سورة يس: آية / 28 - 29 
(6) المصدر السابق 29 / 36 . 
)0( 


77 انظر تفسير الزمخشري 4 / 37 » وتفسير الرازي 29 / 37 . 





160 


وفجرنا الأرض عيوناً4 سبق بيانه بالتفصيل في الفصل السابق عن الحديث عن تفجير 
العيون . 
ولم يترك الخالق البارئ المصور صورة الطوفان بدون تصويرها في لوحة معبرة ناطقفة 
بهول الموقفء وشدة الرعب والرهب في قوله تعالى:7 وّهي تجْري بِهِمْ في مَؤج كالجال 
وتادى نوحٌ م ابه وكان في مَعزل يَابْنِيَ اركب مَعنَا ولا تكن مع الكافرينَ/42)قَالَ سآوي إلى 
جبل يَعْصمني من الْمَاء قال لا عَاصمّ الِيَوْمَ من أَمْرِ اللّهِ إلا من رحمّ وَحال بَيْنَهُمَا الْمَوْجٌْ 
فكان من المُغرقين»11) 

" ثم يأتي المشهد الهائل المرهوب: مشهد الطوفان: إن الهول هنا هولان. هول في 
الطبيعة الصامتة» وهول في النفس البشرية يلتقيان:( وهي تجري بهمْ في مَوج كالجبال» 
وفي هذه اللحظة الرهيبة الحاسمة يبصر نوح - اكَلِثْدٍ - , فإذا أحد أبنائه في معزل عنهم 
وليس معهم, وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة» ويروح يهتف بالولد الشارد:( يَابّْنيَ اركب 
مَعَنَا ولا تكن مَعَ الكافرين» ولكن البنوة العاقة لا تحفل بالأبوة الملهوفة» والفتوة المغرورة لا 
تقدر مدى الهول الشامل ( قَال سّآوي إلى جبّل يَعْصمُني من المَاء) ثم ها هي ذي الأبوة 
المدركة لحقيقة الهول؛ وحقيقة الأمر ترسل النداء الأخير 7 قال لا عاصم اليَوْمَ من أَمْرِ الله 
إلا مَن ررحم 4 لا جبال ولا مخابئ ولا حام ولا واق إلا من رحم الله. وفي لحظة تتغير 
صفحة المشهد. فها هو ذا الموج الغامر يبتلع كل شيء 7 وحال بَيْنَهُمَا الموج فكِانَ من 
المُغرّقين24) 

وهكذا يحول الموج ليسدل الستار على هذا المشهد المروّع وما فيه من حركة 
الأمواج وأصوات النداءات والأبوة الحانية والبنوة العاقة وماء صاعد وماء هابط وتلتقي هذه 
كلها وتنتهي بأمر الله ( وقيل يَاأَرْضُ ابْلّعي مَاءك ويا سَمَاءْ أقلعي وغيض الْمَاءْ وقضي 
الأمْرُ واستوت على الجُوديّ وقيل بُعَدَا للقؤم الظالمين)00) 

يعلق الإمام الرازي على هذه الآية الكريمة بأنها دالة على قدرة الله وعلوه وعظمته 
وكبريائه من حيث قوله: #وقيل4 ينصرف العقل إلى الله وحده بجلاله وعلوه وعظمته. وفي 
قوله:( يَاأَرْضْ ابْلّعي مَاءَك ويا سَمَاءْ أقلعي» يوحي خطاب الله بالأمر لهذه المخلوقات 
العظيمة وهي السماء والأرض على قهر الله لهاء وكمال قدرته ومشيئته ... وفي قوله :( 


(1) سورة هود:آية / 42 - 43 . 
(2) في ظلال القرآن / سيد قطب 4 / 548 - 549 . 
(3) سورة هود: آية / 44 





161 


وقضي الأَمْرُ)4 ينبه على أن ما قضي الله فهو واقع نافذ في وقته وأنه لا دافع لقضائه ولا 
مانع له في أرضه وسمائه.(1) 

وفي قوله:7( وقيل بُعْدَا للقؤم الظالمين» 

" بعداً لهم من الحياة فقد ذهبواء وبعداً لهم من رحمة الله فقد لعنواء وبعداً لهم من الذاكرة فقد 
انتهوا وما عادوا يستحقون ذكراً ولا ذكرى."2 

7 ا 0 د من جلك 0 من نجاء ا السفينة 0 جبل 2 5 


يَمَسُهُم نا عَدَابْ لم01 "وعافك خاصة المطاكه النجافاو اللشرى ألاند لبن وين حكن 
ذريته؛ والوعيد والتهديد لمن يريدون منهم متاع الحياة الدنيا ثم يمسهم العذاب الأليم.'(4) 

هكذا هي الحقيقة الجلية» والسنن الإلهية في هلاك الأمم الظالمة» ونجاة أهل الإيمان فكان 
الماء في هذا الطوفان عقاباً يجازي به الله هؤلاء في الدنياء وفي المقابل نعمة أنعمها على 
الذين آمنوا بأن أراحهم من أعدائهم. وطهر الأرض من الكفر وأهلة . 

ولما كان العقاب بالماء؛ قد أخذ أشكالاً مختلفة؛ بين قوم وقومء آثرت أن أ بين ذلك من خلال 
ذكر الجميع؛ لما فيه من الاختلاف في الأسلوبء والطريقة الربانية في الإهلاك» وسوف 
يظهر هذا جلياً في قصة فرعون وقومه؛ بعد أن اتضحت قصة نوح وقومه» والآن مع العقاب 
الرباني لفرعون وقومه . 

2 - قصة هلاك فرعون 

إن قصة فرعون من معلومة لدى العامة والخاصة؛ إنه تكبر وعلا في الأرض وادعى 
الألوهية. قال تعالى:( ونادى فرعن في قومه قال يَاقوم ألِيْسَ لي مُلكُ مصر وهذه الأنهَارٌ 
تَجْري من تحتي أَفلا تبصرون 1م أنا خيرٌ من هذا الذي هُوَ مَهِينٌ ولا يكاذ يُبين )51 

أخذه الغرور بملكه لمصر وأرضهاء ونيلها الذي يجري تحته» وتكبر على موسى ونال منه. 
لكونه فقير ولا يملك مثله. وقال تعالى:7 فَحَشسرَ فَنَادَى(03)فَقَالَ أنَا رَبُكُمْ الأَعْلّى64) 


1 
2 
3 


(1) :نلق بين كر ازى 234-1717 
) 
) 
)4 
) 
) 


في ظلال القرآن / سيد قطب 4 / 550 . 
سورة هود: آية / 48 

في ظلال القرآن / سيد قطب 4 / 551 . 
شوو التخروف ةي 81دبوة 

سورة النازعات: آية / 23 - 24 


5 
6 


#ااار ‏ ااا ا اا اع 





162 


لما أخذت فرعون العزة بالإثم» وعتا عن أمر الله تعالى» وتمادي في تكذيب موسى - الكل 
-واستمر في إعنات بني إسرائيل» وإيقاع ضروب الإذلال والإهانة بهم '(1) 

فأخذهم الله بالآيات التسعة» التي عاقبهم بهاء ومن ضمن هذه التسعة الطوفان» وهي:السنون» 
نقص الأموال » ونقص الأنفس ونقص الثمرات» والطوفان؛ والجرادء والقملء حيدم 
والدم ( وَلَقَد أَحَدْنَا آل فرْعون بالسنين وتقص من الثَّمَرَات لَعلَهُمْ يَذكرون)0) 

فَأَرَسِلنا عَلَيْهِم الطُوفَان وَالْجَراد وَالْقْصّ وَالضقادع وَالدَمَ عات مُقَصلّات فَاسْككبْرُوا 
وكانوا قَوْمًا مُجرمين)61 

و ( الطُوفان» ما طاف بهم وغلبهم من مطر أو سيلء قيل طغى الماء فوق حروثهم؛ وذلك 
نهم عطروا ائية .أيام 'في ظلمة شديدة» لآ يروق شعسا ولااقمرا ولا يقدن أحدهم أن يكسوج 
من داره ."4 " وعن ابن عباس في رواية كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمارء 
وعن ابن 0 هو كثرة الموت وكذا قال عطاءء وقال مجاهد الطوفان 
الماء والطاعون على كل حال.27 قلت: وقول ابن عباس الأول أولي» وإن جمعنا بين الاثنين 
فقلنا أنه الطوفان المؤدي إلى الموت فإن ذلك يتعارض مع رفع ذلك عنهمء ولم يخبر أن ذلك 
الطوفان أهلكهمء وإنما هو عقاب أرسل عليهمء كإنذار أولي قبل الآية الكبرى؛ وهي هلاكهم 
بالغرق . 

" ولكن طبيعة فرعون وملته الموغلة في السوءء أبت الإذعان للآيات الواضحة؛ التي تدل 
على رسالة موسىء فاستمروا في إجرامهم ...؛ فجاء الأمر الإلهي لموسى - اث - 
بالخروج من مصرء فانطلق بقومه بني إسرائيل سراً من أرض مصر قاصداً فلسطين 
ليلد.'67) 

قال تعالى:( وَأَوْحَيْنَا إَى مُوسى أن أمئر بعادي إنكم متَبعُون(52فَأرْسَلَ فرعون في الْمَدَائن 
حاشرين(53)إن فؤلاء لشرئمة قليلون/ 54 وإنَهُم لنا 0 55 )ونا لجميغ حَاذرُون 
(0كفَأَخْرجِتاهم من ؛ جنات وَعيُون غَيُون (57)وكنوز وَمَقام كريم)7) 


(1) قصص الأنبياء / عبد الوهاب النجار. - ط 2 . - بيروت » دار الفكرء دون سنة 197م . 

(2) سورة الأعراف:آية / 130 

(3) سورة الأعراف:آية / 133 

(4) تفسير الزمخشري 2 / 107 » وانظر تفسير فتح القدير / الشوكاني 2 / 238 . 

(5) تفسير ابن كثير 2 / 241 . 

(6) مع الأنبياء في القرآن الكريم / عفيف عبد الفتاح طباره . ط4  .‏ بيروتء دار العلم للملايين دو 
سنةء» ص 238 . 


(7) سورة الشعراء: آية / 52 -58 





163 


" لقد أوحى الله إلى موسى - اكد - إذن أن يسري بعباده» وأن يرحل بهم ليلا بعد تدبير 
وتنظيم . ونبأه أن فرعون سيتبعهم بجنده وأمره أن يقود قومه إلى ساحل البحر ... وعلم 
فرعون بخروج بني إسرائيل خلسة» فأمر بما يسمى(التعبئة العامة) وأرسل في المدائن 
حاشرين يجمعون له الجنود» ليدرك موسى وقومه؛ ويفسد عليهم تدبيرهم؛ وهو يعلم أنه تدبير 
صاحب التدبير! وانطلق عملاء فرعون يجمعون الجندء ولكن هذا الجمع قد يشي بانزعاج 
فرعونء» وبقوة موسى ومن معهء وعظم خطرهمء حتى يحتاج الملك الإله - بزعمه ! - إلى 
التعبئة العامة. ولا بد إذن من التهوين من شأن المؤمنين (إِنّ فؤلاء لشرذمّة قليلون» ! ففيم 
إذن ذلك الاهتمام بأمرهم» والاحتشاد لهم» وهم شرذمة قليلون ! (وَإِنَهُم لَنَا لفائظون» فهم 
يأتون من الأفعال والأقوال» ما يغيظ ويغضب ويثير! وإذن فلهم شأن وخطر على كل حال! 
فليقل العملاء: إن هذا لا يهم فنحن لهم بالمرصاد:( وإِنَا لَجَميعٌ حَاذرُون) مستيقظون 
لمكائدهم» محتاطون لأمرهم؛ ممسكون بزمام الأمور! إنها حيرة الباطل المتجبر دائماً في 
فو احية أضيحكاف العقيدة النعيتية لاا 
فَأَخْرَجِتَاهُمْ من جنات وَعْبُون) أي بساتين مصر وجناتها الفاتقة؛ وعيونها المتدفقة: 
وزروع قد ملأت أراضيهم؛ وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم وكنوز وَمَقَام كريم» يعجب 
الناظرين ويلهي المتأملين» تمتعوا به دهراً طويلاً » وقضوا بلذاته وشهواته در دا على 
الكفر والفسادء والتكبر على العباد والتيه العظيم ."©) 
وأخيراً خرج موسى من مصر قاصداً فلسطين؛ ولحق به فرعون بحنقه وغيظه حتى وصل 
موسى - اككمْ - ساحل البحر وهناك بدأ المشهد الحقيقي للمعركة.7 فَأَتبَعُوهُمْ 
مُشْرقينَ0فَنَما تَرَاءَا الجَمْعان قَالَ أُصحَابُ مُوسى نا لمُدركون (61)قَالَ كلا إن معي ربّي 
سَيَهدين:َفَأَوْحَينَا إلى مُوسى أن اضرب بعصاك البَحْرَ فَانقّقَ فَفَِانَ كل فرق كالطّود 
العظيم(63)وأَزَلَفنَا تَمّ الأخرين»00) 

تصف الآيات الكريمات السير الحثيث لفرعون وجنوده. حتى أشرقت الشمس 
بضيائهاء ورأى كل فريق عدوه أمامه معاينة» وتسبر غور النفوس وخلجاتها؛ من خوف أو 
رعب من الدرك؛ ولكن صوت الإيمان واليقين يعلو مبدداً هذا الوجل ( كلا إنّ معي رَبّي 
سيّهدين4 بكل قوة وجرأة وثقة بوعد الله وبعد الوقوف أمام البحر الهائج» وموجه الهائل؛ 


(1) في ظلال القرآن / سيد قطب 6/ 211 . 

(2) تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن بن ناصر السعدي؛ دون طبعة» مؤسسة مكة للطباعة والإعلام 
8 ها. 

(3) سورة الشعراء: آية / 60 - 66 





14 


والخوف المخيّم على النفوسء والعدو جاد في الانتقام يأتي أمر الله بالفرج ( فَأُوْحَيْنَا إلى 
مُوسى أن اضرب بعصاك البَخر4 ولم يتوان موسى - الككثة - في ضرب البحر بعصاه؛ 
إمتغالاً لأمر: الل ومتعجلاً الفراج فكانت: الفعدزة ا( فاتفلق فَكانَ كل فرق كَالطّود التظيم» 
ووقعت المعجزة» وتحقق الذي يقول عنه الناس. مستحيل. لأنهم يقيسون سنة الله على 
المألوف المكرورء والله الذي خلق السنن قادر على أن يجريها وفق مشيئته عندما يريد . 

'" وقعت المعجزة وانكشف بين فرقي الماء طريق» ووقف الماء على جانبي الطريق كالطود 
العظيم .و أقتحد ينوا اسرانيل .+ 

ووقف فرعون مع جنوده مبغوتاً مشدوهاً بذلك المشهد الخارق» وذلك الحادث العجيب ... . 
وتم تدبير الله. فخرج بنو إسرائيل من الشاطئ الآخرء بينما كان فرعون وجنوده بين فرقي 
الماء أجمعين» وقد قربهم الله لمصيرهم المحتوم 7 وَأَزْلَفنَا تَمّ الأخرين(64)وأَنجينَا مُوستى 
ومن مَعَهُ أجمعين 4 !!! 

ومضت أآية في الزمان» فتحدث عنها القرون. فهل آمن بها الكثيرون ؟ 7 إن في ذلك لآية 
وما كان أكثرهم مؤمنين112) 

وهكذا انتهت هذه الآية من آيات اللهء مبينة كيف كان هذا الماء الذي تفاخر به فرعون على 
قومه سبباً في هلاكه؛ بأن أغرقه الله فيه مع قومه الذين ظلموا . 

نجد أن فرعون ابتلي بالمطر الشديد كما ذكرنا في الطوفان وهذا أمر مشابه إلى حد ما ما 
حدث مع قوم نوح إلا أنه لم يكن مهلكاً لهم هلاكاً قاطعاً دابرهم بل تضررت منه زروعهم 
وأرزاقهم والإبتلاء الأكبر والهلاك الأعظم كان بالماء؛» ولكن ليس بماء السماء أو العيون بل 
بماء البحر حيث أطبق عليهم بقدرة العزيز الجبارء فلم يبق أحد دخل هذا البحر إلا هلك إلا 
جثة فرعونء التي وعده الله (فَالِيَوْمَ نتَجَيكَ ببدنك لتكون لمن خَلقكَ ءَايَة214) وفي المقابل 
كاق: الآمق نعمة لموشئ ونتي: إسبزائيل تلاصهه: ونجاتهم 'حقن أن اللهبمنة عليي :هذه التعمسة 
بقوله: 

يَابَني إسنرائيل اذكروا نغمتي التي أَنَعمت عَلَيكُمْ وأنِي فَضَلتَكُمْ عَلَى الْعَالَمينَ604 


وَأنتمُ تنظرون »4) 


(1) في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 213 . 
(لإأسووةيرمن: بذ بو 
(3) سورة البقرة: آية / 47 
(4) سورة البقرة: آية / 50 





165 


وخلاصة القول أن الماء كان نعمة لموسى وقومه في الدنياء ونقمة على فرعون وقومه في 
الدنيا كذلك . 
3- قصة سب](1) 
لالع الدع ارم باه نعم كلدر + ويحرن ا 
عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا لَه بَلَدَةٌ طيبَةٌ ورب غفور4) 

"من تغم الله ولطقه بالدائن.عموماء :وبالعرب خصيوصاء أنه فصن دفي القران: أخبان:الميلكيق: 
والمعاقبين ممن كان يجاور العرب.ويشاهد آثارهمء ويتناقل الناس أخبارهم؛ ليكون ذلك أدعى 
إلى التصديق» وأقرب للموعظة فقال تعالى:7 لقذ كان لسبَا في مَسكنهم4 أي محلهم الذي 
مكنؤن فيه 319 »بوالانة ناما أذزة الله عنو يق الشب وصرف صيمق التق اذ 
يقتضي ذلك منهم أن يعبدوا الله ويشكروه. ثم فسر الآية بقوله ( جِنَتَانَ عَنْ يَمين وشمال 612 
وهذه اهناف هع الس والقسان ندو اذك احضو الك فرعو اليك و لساك لفقا ليو 
ثم كانت آية تذكر بالمنعم الوهاب . 
وقد أمروا أن يتمتعوا برزق الله شاكرين ( كلُوا من رزق ربَّكُمْ وَاشكروا لَهُ4 وذكروا بالنعمة 
نعمة البلد الطيب وفوقها نعمة الغفران على القصور من الشكر والتجاوز عن السيئات 7 بَلدَة 
طَيْبَةٌ ورب غَفُورٌ4 سماحة في الأرض بالنعمة والرخاءء وسماحة في السماء بالعفو 
والغفران» فماذا يقعدهم عن الحمد والشكران ؟"4) 
(قأغرضوا فَأَرْسلنا عَلَْهمْ سيل العرم وبدلتاهم بجنتيِهم جنتين ذَوائَي أكل خط وَل وشسء 
من سدرٍ قليل»7" 


(1) سبأ: بفتحتين؛ وهمز آخره؛ وقصره: أرض باليمن مدينتها مأربء بينها وبين صنعاء ثلاثة أيام» تفرق 
أهلها في البلاد» وصار كل قوم منهم إلى جهة لما جاءهم سيل العرم؛ كما في القرآن الكريم مراصد 
الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع/ صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي متوفي 739ه؛ 
تحقيق على محمد البجاوي - ط1 1373 ه - 1954م - دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت 2 / 
7 ووانظر كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق أبو عبد الله » محمد بن عبد الله بن ادريس الحموي 
المعروف بالشريف الإدريس ط1 1414 - 1994 » مكتبة الثقافة الدينية القاهرة 1 / 56 » ومعجم 
البلدان / شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي ط1 1399 ه - 1979 
م دار إحياء التراث العربي بيروت 181/3 . 

2 سورة سبأ: آية / 15 

3) تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن السعدي 6 / 132 . 

4) في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 640 . 

5) سورة سبأ: آية / 16 . 


) 
) 
) 
) 





166 


فَأَعْرضوا» أي أنهم كفروا نعمة الله عليهم؛ ولم يتخذوا الإيمان طريقاً ومنهاجاًء بل عبدوا 
الشمس ( وَجَدْتهَا وَقَوْمَهَا يَسْجْدُونَ للشمس من ذون اللّه وزيّنَ لَهُمْ الشيْطان أَعْمَالَهُمْ 
فَصَدَهْمْ عن السبيل فَهُمْ لا يَهتذون»!!) من دون الله - سبحانه وتعالى-7 'فتتكروا لهذه 
النعم» وجحدوا هذا الإحسان» ونسوا ربهم» ولم يرجوا له وقاراء ولم يعملوا له حساباً .'(3) 

ولقد تمنوا وطلبوا أن تتباعد أسفارهمء وذلك بطرأ للنعمة وإعراضاً عن المنعم؛ ولذا 
كان العقاب من الله تعالى:( فَأَرْسِلْنَا عَلَيْهِمْ سيل العرم» ' فسلبهم سبب الرخاء الجميل 
والوفيرء الذي هم فيه ينعمون »وأرسل عليهم السيل الجارفء الذي يحمل العرم- وهي 
الحجارة تتدحرج في السيل- بشدة تدفقه»وعنفوان الماء المندفع في الواديء حتى أخذ السد 
ينهار من كثرة ما حجز خلفه من الماءء وثقله وقوة دفع السيل» وقدم السدء اجتمعت هذه 
الأسباب بأمر الله» فدمر السد واندفع الماء يكتسح كل شيء في طريقه حتى فرقهم وشتتهم في 
البلاد بعد ذلك ( فَجِعلْنَاهُمْ أحاديث وَمَرْقنَاهُمْ كل مُمَرّقَ14) وبأمر الله ذهب كل شيء ولم يعد 
هناك سد ولا ماء وزرع ولا نماء إلا أشجار الأقل والخمط والأشجار البزية الكنيفة © 
وبقي هذا السد على حاله منهدماً حتى عام 1987 م جدد بناؤه ©) 
وهكذا كان هذا الماء الذي هو سبب نعمتهم؛ وما كانوا فيه من بلدة طيبة» تحول إلى طوفان 
جارف وسببا للهلاك والتشريد والتمزيقء فقد جعله الله في لحظة نعمة من النعم وفي لحظفة 
كنا ميك : 


(1) سورة النمل:آية / 24 . 

(2) انظر تفسير ابن كثير 3 / 533 والتفسير المنير 22 / 165 . 

(3) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 22 / 798 . 

(4) سورة سبأ: آية / 19 

(5) انظر في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 640 , وانظر تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن بن ناصر 
السعدي 6 / 133 ء انظر البداية والنهاية / ابن كثير 2 / 163 ٠.‏ 

(6) انظر التفسير المنير / الزحيلي 22 / 165 . 





167 
المبحث الثاني:الماء نعيم وعقاب في الاخرة 
المطلب الأول:الماء نعيم في الآخرة 


إقمن هدك الله أن جكل الآخرة التعتنان والجزاء) وتجحل جنة وداك |«حفى يعلد الإتشان ليحن 
يسيرء أإلى نار وسعيرء أم إلى جنة ونعيم ؟ فلا يستوي المسلمون والمجرمونء ولا الظالم 
التظلووء قياف كل مقهه فنا اع الله له في نهاية 000 [تحواةا الدكناا'ت قم الدآن المفحو 
إلى دار المقر حيث النعيم المقيم ‏ لَهُمْ فيهَا نعيمٌ مُقِيمَ ا ا 
نتضنرة التعيم»7© إنها الجنات التي تنتظر -0 0 لتقن عند رَبّهِمْ جنات التَعيم)!6 
وهل هناك جنات بلا ماء؟ بلا حياة ؟ فبدون الماء لا تكون جنة وخضرة: ولا ثمار ولا 
جمال؛ لذلك قرن الله تعالى بين الجنات والأنهار والعيون» وتفجيرها في هذه الجنان (عَيْنَا 
يَشرَبْ بها عبَاد اللّه يَُجَرُونَهَا تفجيرًا)7وقال تعالى:( ومن يُْطع الله وَرَمسُولَه يُدخْلْهُ جنات 
إنه النعيم الدائم في هذه الجنانء بمياهها العذبة الرقراقة» تجري من تحتهم وبين أيديهم» وعن 
هذا النعيم سيتحدث الباحث في هذا المطلب. 

وبداية نقسم هذا المطلب إلى مسائل ثمانية: 

أولاً: أنهار في الجنة . 

ثانياً: تفجير العيون في الجنة وتسميتها . 

ثالثً: اقتران العيون والأنهار بالجنان . 

رابعاً: الكوثر وحوض رسول الله . 

كافدا :كران اهن الحدة وطووار ينه 

سادساً: الشرب في الجنة وآنيته . 

سابعاً: مزج شراب أهل الجنة . 

كامدا*:ظو اف العلماة بالقنا اب على أهل الحنة : 


(1) سورة التوبة:آية / 21 
(2) متورة المطففين: آية |24 
(3) سورة القلم:آية / 34 

(4) سورة الإنسان : آية / 6 
(5) سورة النساء: آية / 13 





1658 


أولاً: أنهار الجنة 
جاء ذكر الأنهار في الآخرة ثلاث وأربعين مرة» مرة واحدة بالمفرد والباقي بالجمع 
وهذا دليل على تزيين الجنان بالأنهار التي تجري من تحتهاء ووفرة النعيم في هذه الجنات» 
وتأكيداً على نعمة الماء في الجنة . 
وهذه الآيات يتكرر فيها ( تجري من تحتها الأَنَهَارٌ4 سبع وثلاثين مرة» لذلك سوف 
أتناول بعضها بالتفسير كمثال . 
قال تعالى:( مَثَل الْجنّة التي وعد المُتَقُونَ فيها أَنْهَارٌ من مَاء غَيْرٍ اسن وأنهَارَ 
من لبن لم غير طَعمَه وأنهارٌ من حمر لَدَّ للشاريين وأنْهارٌ من عسل مُصفى)7" 
© يقال مو العام ب إذا فين د بده مور ا اك 010 ٠‏ 
ومثل الجنة آي وصفها بهذا الحال العجيب» ومثل لها بهذا المثل الشيء العظيم () 
وكأنه في هذا المثل يقرن بين أمرين متقابلين» أهل الجنة وأهل النارء نعيم هؤلاء وعذاب 
أولتك» ومنضمن مآ يذكر من الوجوه في تعيم أهل الجنة» أنهار من ماء غير آأسن.وهذا 
الحاقمة الأتمان مقا الحذيت 
' ( فيها أَنَهَارٌ من مَاء غيْر ءاسن» أي غير متغير لا بوخم ولا بريح منتة ولا 
بحرارة ولا بكدورة» بل هو اعت المياه وأحقاها وأطيبها ريحاً وألذها شراباً ."4) 
"إن 'هذةا لصون الحسية من النعيم والعذاب» ترد" فى بتواضع مق القرآن :وقد جيه 
معها صور معنوية أو تجيء مجردة .57 
' فالجنة فيها أنهار من ماء ( غيْر ءاسن4 ... فالقرآن أول ما خاطب العرب 
العانقين: فى الصدر ان زكان طَيينيا أن. بعلن البهم جاغز ما يحتاجوة 43 ريتكو فرق البننه 
وهو الماء العذب؛ ومن هنا يعدهم الله بأنهار من الماء العذب . 
ويلك 0 الحي البق :4ك فى مفاد: اخن «الكمن تم العيمك 
فرتبها الله في الآية الكريمة 7©) " وإنها جمعت هذه الأجناس الأربعة من الأنهار؛ فيها 
الضرورة (الماء) والحاجة (اللبن) والمتعة (الخمر غير المسكرة) والعلاج النافع (العسل) (1) 


1 
2 
3 
: )4 
5 
6 


سورة محمد: آية / 15 
المفردات / الراغب الأصفهاني ص 13 . 
ارسي ارو 01 
تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن بن ناصر السعدي 7 / 165 . 
في ظلال للقرآن / سيد قطب 7 / 456 . 
روح القرآن الكريم / عفيف عبد الفتاح طباره 26 /  .46‏ ط1  .‏ بيروت:ء دار العلم للملايين» بدون 


5 


) 
) 
) 
) 
) 
) 


لل ...ل سمل ...ل م ل سم ل سم لللصصل ‏ 





169 


وجاء في الحديث عن معاوية بن حَيْدَة قال: سمعت 0 الله 2ن : في 
الجنّة بَحْرَ الْمَاء وَبَخرَ الْعَسَل وبَخر اللبّن وبَخر الخمر ثم ا تشقق الَْنْهَارٌ بَعْدْ (.©) 
الصحيح 0 فإِذا سَأَلتمُ الله فُسَلوهُ لجان َإنَه أوْسط الجنّة وأَعْلَى رو د غرش 
الرَحْمَن ومنة تَقَجَرُ أَنْهَارٌ الجنّةت50 6 

وقال تعالى:7 مَثَلَ الْجَنّة التي وعد الْمُتَقُونَ تَجْري من تَحتهًا الأنهَار أكلْهَا دائمّ 
وَظلْهَا تلك عَقْبَى الِّينَ انَقَوا وَعْقَبَى الكافرين الثَار4) 

وهذا وصف آخر للجنة التي وعد الله بها المؤمنين» والذين اتقوه في الدنيا فأعد لهم 
هذا النزل في الآخرة . 

" واعلم أنه تعالى وصف الجنة بصفات ثلاث: 
أولها: تجري من تحتها الأنهار . 
وثانيها: أن أكلها دائم. والمعنى: أن جنات الدنيا لا يدوم ورقها وثمرها ومنافعها. أما جنات 
الككوة فقنان عا ؤانمة فين متقطفة : 
وثالثها: أن ظلها دائم أيضاًء والمراد أنه ليس هناك حر ولا برد ولا شمس ولا قمر ولا ظلمة 
ونظير قوله تعالى: ( لا يرون فيهًا شمْسا ولا زَمْهريرًا274 ثم إنه تعالى لما وصف الجنة 
بهذه الصفات الثلاث؛ بين أن ذلك عقبى الذين اتقوا بمعنى عاقبة أهل التققفوى هي الجنة»ء 
وعاقبة الكافرين النار ."©6) 


ا ا 

(2) سنن الترمذي 4 / 699 كتاب صفة الجنة باب ما جاء في وصف أنهار الجنة رقم 2571 ٠‏ قال أَبُو 
عيسى هذا حديث حَسَْ صحيحٌ » وأخرجه أحمد 5 / 5 » وأخرجه البهيقي في البعث والنشور / أحمد بن 
الحسين البهيقي متوفي 458 ه تحقيق عامر أحمد حيدر ط1 1416 ه - 1986 م مركز الخدمات 
والأبحاث الثقافية بيروت 169 وابن حبان في صحيحه 16 / 224 كتاب باب وصف الجنة وأهلها رقم 
9 وأخرجه في المنتخب من مسند عبد بن حميد ص 155 رقم 410 تحقيق صبحي البدري 
السامرائي ومحمود محمد خليل الصعيدي ط1 1408 ه - 1988 م عالم الكتب بيروت » وأخرجه 
الطبراني في المعجم الكبير 19 / 424 - 425 . 

3) جزء من حديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة رقم 7423 كتاب التوحيد باب كان عرشه على الماء . 
4) سورة الرعد:آية / 35 

5) سورة الإنسان:آية / 13 

3 


) 
) 
) 
(6) تفسير الرازي 19 / 59 . 


1/0 


'وإتخري من تحتها الأنهارة أي سارحة في أرجائها وجوانبها وحيث شاء أهلها 
يفجرونها تفجيرا أي يصرفونها كيف شاءوا وأين شاعوا (1) 
والآيات التي تحدثت عن أنهار الجنة كثيرة كما ذكرت وأكتفي بهاتين الآيتين والآيات 


سردها المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم تتابعاً) 
ثانيا: تفجير العيون في الجنة وتسميتها 

1-تفجير العيون 

إن آنل اتغالى لم يشرك: الجنة بلا خرن اتجرج:قيها حكن شسقيها :وكذلك: لما للماء' المماري 
من جمالء ومتعة» وفيه حياة هذه الجنات؛ لذا فجر الله فيها العيون. وترك لأهل الجنة حرية 
هذا الأمر حيث شاعوا ووقت ما يشاءوا قال تعالى: (عَيْنَا يَشْرَبُ بها عبَاد اله يُقَجَرُوتَهَا 
تفجيرًا)(0) 

' أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافورء هو عين يشرب بها المقربون من عباد 
الله صرفاً بلا مزاج ويروون بهاء ولهذا ضمّن يشرب معنى يروي حتى عداه بالباء ونصب 
عيناً على التمييز "4 ... ( يُقَجَرُوتهَا تفجيرًا» 

" يقودونها ويُجرونها حيث شاءوا إجراءً سهلاء ويُخرجونها من الأرضء والمراد أنها 
تحت تصرفهم وأمرهم ."53 

2- إجراء العيون 

وهذه العيون بعد أن يفجرها الله بأيدي عباده الصالحين» فإن جرية هذه العيون تكون 
متفاوتة في الجنة» وقد عبر عنه القرآن في قوله تعالى:( فيهما عَيْتان تجريّان 77 وكذلك 

فيهما عيّنان نضّاختان74) 

فهناك في الجنان عيون تجري ويسيل ماؤها متدفقاً على أرض الجنة ومنها ما يفور 
فوراناً ولكن لا يصل إلى الجري والسيح في الأرض 


1 
2 


تفسير ابن كثير 4 / 518 . 

انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي 719 - 720 . 

3) سورة الإنسان: آية / 6 

4) تفسير ابن كثير 4 / 455 . 

(5) انطر ابن جرير الطبري 29 / 207 والتفسير المنير / الزحيلي والكلام له 29 / 286 وانظر تفسير 
الرازي 30 / 241 . 

(6) سورة الرحمن: آية / 50 

(7) سورة الرحمن: آية / 66 


(1) ته 
2 
)3( 
30 





1/1 


وقد سبق تفسير هاتين الايتين في مطلب العيون ودرجة جريانها في الفصل السابق . 

9-3 وَّمَاء مَستكوب)17) 

يذو جواوة لذو ل ااسسقوب مز قوق وز للك الأقنا اغوي أكون دا يكن مده انان لتك 
فلا سكب للماء عندهم؛ بخلاف المواضع التي فيها العيون النابعة من الجبال الحاكمة على 
الأرض تسكب عليها . 

الثاني: جار في غير أخدودء لأن الماء المسكوب يكون جارياً في الهواء والأنهر هناك 
كذلك الماء في الجنة . 

الثالث: كثير وذلك الماء عند العرب عزيز لا يسكبء بل يحفظ ويشربء فإذا ذكروا النعم 
يعدون كثرة الماء ويعبرون عن كثرتها بإراقتها وسكبهاء والأول أصح ."0) 

ويؤيد ذلك أنه قال في الآية التي قبلها ( وظل مَمَدُود)1 والظل يكون للشيء المرتفع من 
أشجار وجبال وغيرها فإن العيون في الجنة التي تنبع من جبالها وتسكب الماء بين الأشجار 
في الجنة من النعيم . 

" وهذا من مراتع البدوي ومناعمه؛ كما يطمح إليها خياله وتهتف بها أشواقه!(4) 

4- من أسماء العيون في الجنة 

(عَيْنَا فيها تسَمّى سلسبيلا)!7) 

" عين في الجنة تسمى سلسبيلء قال عكرمة: اسم عين في الجنة. وقال مجااهد: سميت 
بذلك لسلاسة مسيلها وحذة جريهاء وقال قتادة: عين سلسة مستقيد ماؤهاء» وههي تعم ذلك 
كله."97) " وسميت سلسبيلا لسلاستها ولذتها وحسنها."7) 
ثالثاً: اقتران العيون والأنهار بالجنات 

لقد قرن الله في كتابه الكريم» بين الجنات وتفجير العيون وذكرهاء وبين جري 

الأنهار فيهاء فكل الآيات التي ذكرت الأنهار في الجنة» تصف هذه الأنهار بأنها تجري من 
تحت الجنان. وكذلك عند ذكر العيون يعطف العيون على الجنان بقوله: (إنّ الْمُتقينَ في 


(1) سورة الواقعة: آية / 31 

(2) تفسير الرازي 29 / 165 . 

57 الواقعة: آية // 30 

(4) في ظلال القرآن / سيد قطب 7 / 697 . 
(5) سورة الإنسان: آية / 18 

(6) تق 

(7) تيسير 


حو اوضر 4 





1/2 


جنات وَعْيُونٍ)1" وقوله تعالى:( إن الْمُتقين في مَقَامٍ أمين (51)في جنات وَغَيون0 
في سورة الحجر ( إن المُتقين في جنات وَعَيُون» 
للقن :لتق طاعة الحيطاق وما بدعوف يدان حنو الفزي الس عاق هوالك ا( قسن 
جنات وَعْيُونَ) قد احتوت على جميع الأشجارء وأينعت فيها جميع الثمار اللذيذة» في جميع 
الأو قات 040 - 

' فإن قيل: أتقولون إن كل واحد من المتقين يختص بعيونء أو تجري تلك العيون من 
بعض إلى بعض قيل: لا يمتنع كل واحد من الوجهين» فيجوز أن يختص كل أحد بعين: 
وينتفع به كل من في خدمته من الحور والولدان ."50 

قرن الله بين الجنات عندما قال:( ولمّن خَاف مَقَامَ رَبّه جَنّتَان14 قال: في المقابل 
لهاتين الجنتين 7 فيهما عَيّنَان تجْرِيّان» وقال: عين جارية حتى لا تخلوا جنة من عين فقال: 
فيهما عينان تجريان وكذلك في قوله:( ومن دُونهمَا جنتان74 قال: ( فيهمًا عَيْتَان 
حتى تكتمل النعمة ويتم فضل ربك على المتقين . 
وكذلك قرن الله تعالى في سورة الذاريات فقال:7 إِنّ الْمُتَقِينَ في جِنَّات وَعْيُون) عندما ذنكر 
الجنان بالجمع ذكر العيون بالجمع» خختى يدايض الكل جد فين تجر وو افيها.. 
يقول الرازي: ' الجنة تارة وحدها كما قال تعالى: ( مَتَلَ الْجَنّة التي وعد المُتقون)61 
وأخرى جمعها كما في هذا المقام قال:7 إن الْمتَقِينَ في جِنّات) وتارة ثناها فقال: ( وَلمَن 
خَاف مَقَامَ ربّه جِنَتَان) فما الحكمة فيه ؟ 
نقول: أما الجنة عند التوحيد فلأنها لاتصال المنازل والأشجار والأنهار كجنة واحدة؛ وأما 
الحكمة في الجمع فلأنها بالنسبة إلى الدنياء والإضافة إلى جنانها جنات لا يحصصرها عدد: 
وأما التثنية ... تقول ههنا الله تعالى عند الوعد وحد الجنة وكذلك عند الشراء حيث قال:7 إن 


1) سورة الحجر: آية / 45 » وسورة الذاريات: آية / 15 
2) سورة الدخان: آية / 51 - 52 
3) سورة المرسلات: آية / 41 
4) تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحيم تامر السعدي 4 / 82 . 
5) تفسير الرازي 19 / 192 . 
ا آية / 46 
7 سورة الرحمن: آية / 62 
( 


8 سورة محمد: آية / 15 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 





1/3 


الله اشتَرى من الْمُومنين أَنَفسَهُم وأَمْوَالَهُمْ بن لَهُمْ الْجِنَّة)!') وعند الإعطاء جمعها؛ إشارة 
إلى أن الزيادة في الوعد موجودة» والخلاف ما لو وعد بجنات» ثم كان يقول إنه في جنة لأن 
ذلك دون الموعود . 

قوله تعالى:(وعيون»4 تقول معناه في خلال العيون» وذلك بين الأنهار بدليل قوله 
تعالى:إفي جنات» ليس معناه إلا بين جنات وفي خلالها لأن الجنة هي الأشجار وإنما يكون 
بينها كذلك القول في العيون والتنكيرء مع أنها معرفة للتعظيم "©) 

وقوله:7 إن المُتَقينَ في ظلال وَعْيُونِ) أناب عن الجنات بصفتها وهي الظلال؛ وهل 
هناك أجمل من ظلال الجنان» والعيون بمائها يترقرق بين يدي الراءى» وعيون المشاهد 
للخضرة والماء» والحور العين» وكما قرن الله بين العيون والجنات قرن بين الأنهار 
والجنات» فقال في يونس:( تَجْرِي من تَحتهمْ الأَنْهَارُ في جنات التعيم)!© 

' المراد منه أنهم يكونون جالسين على سرر مرفوعة في البساتين» والأنهار تجري 
مرا يوخ يم 7*) لقد أضيف النعيم إلى الجنات؛ لما فيها هذه الأنهار تجري أمام أعينهم 
تقاف تهون : #الكطن الدها : 
وال تعالى:( إن مقي في جنات و9 

" أي بعكس ما وه الضلال والسعرء والسحب في النار على وجوههم.ء 

مع التوبيخ والتفريع والتهديد ."9) لا شك أن كمال اللذة بالبستان أن يكون الإنسان فيه» وليس 

من اللذة بالنهر أن يكون الإنسان فيه» بل لذته أن يكون في الجنة عند النهر... وإذا كانت 
الجنة هي الأشجار السائرة» فالإنسان لا يكون في الأشجار وإنما بينهما أو خلالهاء فكذلك 
النهرء والمراد في جنات وعند نهر لكون المجاورة تحسن إطلاق اللفظ الذي لا يحسن إطلاقه 
عند عدم المجاورة . 

ووحّد 0 مع جمع الجنات» وجمع الأنهار في كثير من المواضع كما في قوله 
تعالى: (تجري من تحتهمٌ الأنهار» وذلك لحكمة أرادها الله تعالى . 


1 سورة التوبة: آية // 111 
2 تقشير الزازق 2001/18 


)1( 
(2) ته 
(3) سورة يونس: آية / 9 
(4) تسيل الزاذي 4371/17 
ا القمر: آية / 54 
(6) تة 


تفسير ابن كثير 4 / 270 . 





1/4 


فإن السامع يعلم أنه لن يكون أهل الجنة خلال النهرء بل بين الأنهار بالجمع وأما 
الجمع حتى لا يظن السامع أن الجنات فيها نهر واحدء بل أنهار كثيرة» وجمع الجنات إشارة 
إلى سعتها وكثرة أشجارها وتنوعها . 

وذكر هنا أيضاً نهر بالتوحيد والتنكير؛ للتعظيم» أي في الجنة نهر وهو أعظم الأنهر 
وأحسنها 0 0 وتهر54 في مقعد صدق عند مليك مُقتَدرٍ)!!) وهذا النهر 
ا مقام عيون كثيرة لذا ذكرت العيون بالجمع دائماً في اقترانها 
الحداك 3 
رابعا: الكوثر وحوض رسول الله يل 

لقد شرف الله رسولنا كلو » وخصه في الجنة بالكوثرء فما هو الكوثر يا تري؟ وما 
00 
قال تعالى:( إنَا أَعْطَيْتاكَ الَْوثّر)61) 

" كثر: الكاف والثاء والراء أصل صحيح يدل على خلاف القلة. من ذلك الشيء 
الكثير ... ثم يزاد فيه للزيادة في النعت فيقال: الكوثر: الرجل المعطاء وهو فواعل من الكثرة 
... والكوثر نهر من الجنة ( إنَا أَعْطيْنَاكَ الكوشّر» قالوا هذاء وقالوا الخير الكثير ") 
جاء ذكر الكوثر في السنة المطهرة في عدة روايات عن أنس بن مالك وعبد الله بن عمر 
وعائشة وابن عباس وهذه الروايات كلها صحيحة وردت مع تفاوت قريب في الألفاظ وفيها 
حاون يعسدها المطن:: 
تا عن أنس رضي اللَّهُ عنهُ قَالَ لما غرج بالتبي صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ إلَى السّمَاء قال 
يت عَلَى ته حَاقََاه قبَاب الولو مُجَوَقَا فَقَْتْ ما هذا يا جِبْرِيلٌ قال هَذَا الَْوير5250 


1) سورة القمر: آية / 54 - 55 

2 انظر تفسير الرازي 19 / 79-778 . 

3) سورة الكوثر: آية / 1 

4) معجم مقاييس اللغة 919 ٠»‏ وانظر معجم مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الأصفهاني 443 . 

5) أخرجه البخاري 6 / 112 كتاب التفسير باب سورة إنا أعطيناك الكوثر رقم 4964 » والترمذي 4 / 
9 - 450 كتاب التفسير باب سورة الكوثر رقم 3359 و 3360 عن أنس ورقم 3361 عن ابن عمر 
وقال أبو عيسى: حسن صحيح. وأخرجه مسلم 1 / 300 كتاب الصلاة باب حجة من قال: البسملة آية .. 
رقم 400 وزاد مسلم "هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم. فأقول 
رب أنه من أمتي فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك" وأبو داوود 4 / 237 رقم 4747 و 4748 كلاهما 


) 
) 
) 
) 
) 





1/5 


تا عن عائشّة رضي الله عَنْها قَالَ سأَلتْهَا عن قوله تَعَالَى إنَا أَعْطيْنَاكَ و 
أغطيّة تبيْكمٌ صلّى اللّهُ عَلَيْه وسَلّمَ شاطتاة عَلَيْه در مُجوّف آنيَئُهُ كعدد النجوم [115) 
تا عن ابن عَبَّاسِ رضي اللّهُ عَنَهُمَا أنه قال في الكوثّر هو الخَير الذي أَعْطَاهُ الله إَِاهُ 
قَالَ أبُو بشر قلت لسعيد بن جِبَيْرِ فَإِنَ 0 أنَهُ نهر في الجنة فَقَالَ سَعيدٌ التَهَرٌ 
الذي في الْجِنّة من الْخَيْر الذي أَعَطَاه اللّهُ إَِّه60©) 

' هذه الأحاديث تصف الكوثر الذي أوتيه النبي ييٌ بما فيه من النعيم» حافتاه قباب 
من اللؤلؤ المجوف وهو الدر في حديث عائشة وشاطئاه حافتاه . 

وأما حديث ابن عباس عندما قال هو الخير الكثير لا يخالف قول غيره بأنه النهر 
وجمع سعيد بن جبير بين حديث عائشة وحديث ابن عباسء ففي حديث ابن عباس عموم 
خصص بالأحاديث الأخرى بالنهر وهذا لا يتعارض '() 

وأعاديث الدوظن:طتحيحة مشتهرة زواها'جمغ عَفينمن الضحاية الكزام» أكثر من 
خمسين صحابياً وهي بمجموعها تصل إلى حد التواتر المعنوي . صرح بذلك عدد كبير من 
العلماء(4) )5(١‏ 
الخؤض فس ورد شرب منة ومن شرب منه لم يَظمأ بَعْدهُ أبدا َي عل أفوام أَحرفهُم 
وَيَعْرِفُوني ثُمَّ يُحَال بيني وبَيتَهُمٍ010) 
وفي حديث آخر يصف الحوض 


عن أنس والنسائي 2 / 133 - 134 رقم 904 عن أنس أيضاً » وابن ماجة عن ابن عمر 2 / 1450 
كتاب الزهد رقم 4334 . 

(1) البخاري 6 / 112 نفس الكتاب والباب رقم 4965 عن عائشة . 

(2) البخاري 6 / 112 نفس الكتاب والباب رقم 4966 عن ابن عباس . 

(3) انظر فتح الباري / ابن حجر 8 / 732 . 

(4) من هؤلاء العلماء ابن عبد البر في التمهيد 2 / 309 والإمام النووي في شرح صحيح مسلم 15 / 53 
الحافظ ابن حجر في فتح الباري 11 / 394 والبيضاوي والقرطبي ذكر أقوالهما الكناني في نظم المتناثرة 
في الحديث المتواتر 152 والإمام السيوطي في قطف الإزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة 297 - 
300 

(5) مرويات الصحابة في الحوض والكوثر / عبد القادر بن محمد عطا صوفي 18 . ط1 1413 ه الناشر 
مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة . 

(6) صحيح البخاري 4 / 312 ٠‏ كتاب الفتن» باب ما جاء في قوله تعالى:" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا 
منكم خاصة» وأخرجه مسلم 4 / 1793 كتاب الفضائل؛ باب إثبات الحوض من طريق قتيبة بن سعيد 


عن يعقوب عن حازم بنحوه . 


1/6 


تعن عبد الله بْنَ عَمْرو قال النَبِي صلَى اللَّهُ علَيْهوَسلم حؤضي مسيرة شهر ماو 
ل ل ات 
ه601( 
نكتفي بهذين الحديثين عن الحوض . 
ونخلص من هذين الحديثين وأحاديث أخرى أن صفات الحوض هي: 
' 1- شكله ومساحته: مربع الشكل طوله كعرضه وكل منهما مسيرة شهر . 
2- لون ماءه: الماء في الحوض أبيض من اللبن . 
3- ريحه: ريحه ل المسك . 
4- طعمه: طعمه أحلى من العسل . 
5- آنيته: كيزانه كنجوم السماء في الإشراق والكثرة "27 
وقوله تعالى:7 إنَا أَعَطَيْنَاكَ الكوثّر ‏ قول البخاري في ترجمة الباب - أشار إلى 
"اقزر والكراال_النين الذى بيصي ف العوين فيو مادق 
وجاء إطلاق الكوثر على الحوض في حديث أنس في ذكر الكوثر تاهو حوض ترد عليه 
أمتي 21 '(3) 
وقوله تعالى: ( إنَا أَعَطَيْتاكَ الكوّر» 
قال القرطبي:اختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي ييه على ستة عشر قولاً 
أصح. هذه الأقوال: الأول والثاني وهي: الأول: أنه نهر في الجنة والثاني: أنه حوض النبي 
في الموقف وقد جمع حديث مسلم بين القولين . 
تا هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم. فيختلج العبد منهم. فأقول 
رب إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك[71) 7 وباقي الأقوال مرجوحة "5) 
وقال: ابن جرير الطبري:" وقال: آخرون: هو حوض أعطيه رسول الله ولو في 
الجنة ... وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي قول من قال: هو اسم النهر الذي أعطيه رسول 


(1) صحيح البخاري 4 / 205 كتاب الرقاق» باب في الحوض . 

(2) مرويات الصحابة في الحوض والكوثر / عبد القادر محمد عطا صوفي ص 22 . 
(3) فتح الباري / ابن حجر 11 / 467 . 

(4) انظر تخريجه في الحاشية رقم 15 ص 181 من هذا البحث . 

(5) تق 


5) تفسير القرطبي 20 / 218 . 





177 


الله كيو في الجنة وصفه الله بالكثرة لعظم قدره. وهو أولى الأقوال لتتابع الأخبار به وصحتها 
7!) وساق الإمام الرازي لطائف كثيرة في هذه السورة نذكر من بعضها . 
( إِنَا أعطيتاك الكوثّر4 يفيد تعظيم حال محمد ك2 فخ ولجواه: 
أحدها: يعني هذا الحوض كالشيء القليل الحقير بالنسبة إلى ما هو مدخر لك من الدرجات 
العالية والمراتب الشريفة» فهو يتضمن البشارة بأشياء هي أعظم من هذا المذكور . 
ثانياً: أن الكوثر إشارة إلى الماء كأنه تعالى يقول: الماء في الدنيا دون الطعام فإذا كان نعيم 
الماء في الدنيا كوثراً فكيف سائر النعم . 
ثالثا: أن نعيم الماء إعطاء ونعيم الجنة ايتاء . 
رابعا: كأنه تعالى يقول: هذا الذي أعطيتك؛ وإن كان كوثراً لكنه في حقك إعطاء لا إيتاء لأنه 
دون حقك وفي العادة أن المهدي إذا كان عظيماً فالهدية وإن كانت عظيمة. إلا أنه يقال إنها 
حقيرة أي هي حقيرة بالنسبة إلى عظمة المُهدى له فكذا هاهنا . 
نخامساء أن تقول إنما كال فيما أخطاء.مة الكرق أعطيداك: أنه ذنيا والقزا يتا لأددي 27 
خامساً: شراب أهل الجنة وطهوريته 
قال تعالى:( وَسَقاهُم رَبّهُمْ شرابًا طهورًا)!") 
قال تعلى:( يعون فيها بقاكهة كثيرة وشراب)0) 

' أي وسقى هؤلاء الأبرار ربهم شراباً طهوراء ومن طهره أنه لا يصير بولا نجساء 
ولكنه يصير رشحاً من أبدانهم كرشح المسك. 
وعن مجاهد ( شرابًا طهُورًا» قال: ما ذكر من الأشربة (5) 

أخرج عبد الرزاق الصنعاني عن أبي قلابة في قوله: ( شرابًا طهورًا» قال: إذا 
أكلوا: وشزيو اها كاك انمق الشرزاهة ومن التلعناء دهنو ا بالنشوات» و الومون فحشريوة 
فيطهرهم فيكون ما أكلوا وشربوا جشاء ورشح مسك يفتض من جلودهم وتضمر لذلك 
بطونهم )6 


(1) انظر تفسير ابن جرير الطبري 30/ 323 . 
(2) تفسير الرازي 32 / 123 . 

(3) سورة الإنسان: آية / 21 
(4) سورة ص: آية / 51 
5) تفسير ابن جرير الطبري 29 / 222 - 223 . 

6) تفسير القرآن / عبد الرزاق بن همام الضعاني تحقيق مصطفى مسلم محمد 2 / 338 » . - ط1 . ل 
الرياض ٠‏ مكتبة الرشيد للنشر والتوزيع 1410ه - 1989 م. ء وانظر الدر المنثور / السيوطي 8 / 
7 . 


) 
) 





1/8 


إذن فإن كل شراب أهل الجنة طاهراً مطهراً لهم مما يأكلون ويشربون فلا يبولون 
وإنما يرشحون ذلك كله عرقاً ريحه كالمسك .وتطهير ذلك الشراب من النعيم الذي يلقونه من 
ربهم في الجنة . 
سادساً: الشرب في الجنة وآنيته 
ذكر القرآن شرب أهل الجنة بآنيه: مختلفة قال تعالى: 
أ- ( وكأسا دهاقا6(!) 
- ( بأكواب وأبَاريق وكأس من مَعين»7) وقال ( بكأس من معين »01 
- ( كأسا لا لَغوّ فيها ولا تأثيمٌ42) 
د- ( كانت قَوَارِيرَز15)قَوَارِيرَ من فضّة)(6) 
هذه الآيات الكريمات» تحدثت عن الآنية الخاصة بالشرب في الجنة. فذكرت الكأسء» 
الأكوايه و الآبانيق:» و القوارين (آ وكليتا دهاقا» 4 عن قتادة الممتلئة.©) و(مفعمة)77) 
وذكر ابن جرير عدة معان منها الممتلئة والمتتابعة والصافية ودراكاً أي يتبع بعضه بعضاً (8) 
بأكواب وأَبَارِيق وكأس من معين» 
" الكوب قدح لا عروة له وجمعه أكواب "2 وزاد القرطبي ولا خراطيم؛ والأباريق التي لها 
عرى وخراطيم وأحدها إبريق» وسُميّ بذلك لأنه يرق لونه من صفاته ."19) 
والمعين سبق بيانه في الفصل السابق . 
سابعاً: مزاج شراب أهل الجنة 
أ- بالكافور ( كَانَ مزَاجهًا كَافُورً!)(11) 
ب- بالزنجبيل ( كان مرَاجْهًا زنجبيلا»!!) 


(1) سورة النبأ: آية / 34 

(2) سورة الواقعة: آية / 18 

(3) سورة الصافات: آية / 45 

(4) سورة الطور: آية / 23 

(5) سورة الإنسان: آية / 15 - 16 
(6) تفسير القرآن / عبد الرزاق الصنعاني 2 / 342 . 

(7) المفردات / الراغب الأصفهاني 175 . 

8) تفسير ابن جرير الطبري 30 / 19 -20 . 

9 المفردات / الراغب الأصفهاني ص 460 . 

0) تفسير القرطبي 17 / 203 ٠‏ وانظر تفسير الرازي 29 / 151 » وابن جرير الطبري 27 / 174 . 
1) سورة الإنسان: آية / 5 


) 
) 
) 
) 





1/9 


- ( رحيق مَختوم[25)خْتامَُ مسك91 

- من تسنيم ( وَمَزَاجهُ من تسئنيم !0 
أ- ( كان مزَاجها كافورًا» 

' والكافور الذي هو من الطيبء قال تعالى:7 كَانَ مزَّاجُهًا كَافُورًا» (4) 

سمي الكافور لسترة الأشياء بطيبه ورائحته (5) 
" والكافور أصناف. بنبت في نواحي الصين؛ فهو خشب هش خفيف جداء يمنع الأورام 
الحارة» يمنع من الرعاف مع الخل» أو مع عصير البسر (البلح) » أو ماء الآس (الريحان) 
ويسهر ويقوى الحواس ."6) 
كان مزَاجها كافورًا» 
'" كان مزاج ما فيها من الشراب ( كَافُورَا4 يعني في طيب رائحتها كالكافور 
' ( كَافُورَا4 قال ابن عباس: هو اسم عين ماء في الجنة» يقال له عين الكافور . أي بمازجه 
ماء هذه العين التي تسمى كافوراً وعن قتادة تمزج لهم؛ بالكافور وتختم بالمسك وعن 
عكرمة: مزاجها طعمها وقيل إن الكافور في ريحها لا في طعمها وقيل: أراد كالكافور في 
بياضه وطيب رائحته وبرده؛ لأن الكافور لا يشرب "7) 
ب- ( كان مزَاجها زنجبيلا» 
' مزج الشراب خلطه والمزاجٌ ما يُمْرَجُ به» قال تعالى:7 كان مزَاجْهًا كَافُورا».ومزاجه من 
تسنيم. ومزاجها زنجبيلاً '() وأصل المزج الخلط ومنه مزجت الماء بالعسل واللبن 
والفاك 3 
الزنجبيل: '" معروف عند العطارين» يجلو الرطوبة عن نواحي الرأس والحلق؛» يجلو ظلمة 
الغيث للرطوبة؛ كحلاً وشرباً يهضم ويوافق برد الكبد والمعدة وينشف بلة المعدة .(1) 


(1) سورة الإنسان: آية / 17 

(2) سورة المطففين: آية / 25 - 26 

(3) سورة المطففين: آية / 27 

(4) المفردات / الراغب الأصفهاني ص 453 . 
(5) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 3 / 479 . 
(6) القانون في الطب / ابن سينا ص 144 . 

(7) تفسير القرطبي 19 / 125 . 

(8) المفردات / الراغب الأصفهاني 487 . 

(9) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 4 / 99 . 


0ظ1 


'" يقول: كان مزاج الشراب في الكأس التي يسقون منها زنجبيلاً ... وعن قتادة تمزج 

بالزنجبيل. وعن مجاهد قال: يأثْرْ لهم ما كانوا يشربون في الدنيا ... فيحببه إليهم. وقال 
بعضهم: الزنجبيل: أي العين التي فيها مزاج شراب الأبرار "7) وكانت العرب تستلذ من 

الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته (6) 

- ( رحيق مَخْتوم » خْتَامُهُ مك4 

" الوكوق بن أسنام الغو وقل: الويدرق كل سراف الاق :فيد نهدن 11ثا 

( ختامُة مسك4 أي يوجد في آخره طعم المسك ورائحته. !ةا 

' ذكر الإمام ابن جرير الطبري في ذلك أقوال: 

الأول: ممزوج مخلوط» مزاجه وخلطه مسك . 

الثاني: آخر شرابهم يختم بمسك يجعل فيه . 

الثالث: مختوم أي مطيّن ... طينه مسك . 

ورجح القول الثاني وذلك لأنه لا وجه للختم في كلام العرب إلا الطبع والفراغ» لقولهم ختم 

فلان القرآن: إذا أتى على آخره؛ وإذا كان لا وجه للطبع على شراب أهل الجنة» بفهم إذا 

كان شرابهم جارياً جرى الماء في الأنهار» ولم يكن معتقاً في الدنان فيطين عليها ويختم. 
حل رو ا ل ا رك 

الشراب وأما الختم بمعتى المزج: .فلا تعلمه مسموعا من كلام العزب..'(6) 

" آخر طعمه مسك. لأن سبيل الأشربة أن يكون الكدر في آخرهاء فوصف شراب أهل الجنة 

دأن :فشكف المنك 712 

د- ( ومزَاجُة من تسنيم» 

" قيل: هو عين في الجنة رفيعة القدر ... وقيل: معناه من ماء متسنمء أي عيناً تأتيهم من علو 

تتسنم عليهم من الغرف. والتسنيم: العلوث '(8) 


(1) القانذون في الطب / ابن سينا 77  .»‏ ط1  .‏ بيروت » مكتبة المعارف » 1413 ه - 1993 م 


2 
3 


(2) تفسير ابن جرير الطبري / 29 / 218 . 

(3) تفسير القرطبي 19 / 143 » وانظر البحر المحيط / أبو حبان 8 / 390 . 

(4) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 2 / 85 . 

(5) نفس المصدر 1 / 564 . 

(6) تفسير ابن جرير الطبري 30 / 106 -107 . 

(7) ته تفسير القرطبي 19 / 265 . 

(8) عمدة الحفاظ / السمين الحلبي 2 / 259 و المفردات / الراغب الأصفهاني ص 251 . 


1651 


" هو أشرف شراب الجنة» وهو اسم مذكر لماء عين في الجنة '(1) 


" ( تسنيم» علم لعين بعينها: في الجنة وإما لأنها تأتيهم من فوق» وقيل: هي للمقربين» 
يشربونها صرفاً. وتمزج لسائر أهل الجنة ."2) 

وفي ختام هذا المطلب. يتضح أن النعيم الذي فيه أهل الجنة» نعيم لا يضاهاء ولا يخطر على 
قلب بشرء وخاصة أن نعمة الماء والشراب من النعم التي أكثر القرآن الحديث عنهاء فهذه 
الأنهار تتخلل الأشجار والجنان» وهذه العيون تنحدر عليهم» وبين أيديهم يشربون منهاء وقد 
سماها الله إِمَا سلسبيلاً أو كافور! أو زنجبيلاً أو تسنيم على قول من قال أنها أسماء العيون في 
الجنة وهذا الشراب الذي يتناوله أهل الجنة بالكؤوس والأكواب والأباريق وممزوجاً بأنواع 
من الطيب من الزنجبيل والكافور والمسك يختمه؛ كل ذلك يقدمه لهم السقاة من الغلمان 
والولدان. المخلدون أشباه اللؤلؤ المكنون؛ لجمالهم . 

ثامناً: طواف الغلمان والولدان بالشراب على أهل الجنة 

إن من النعيم في الجنة» هؤلاء الغلمان والولدان» الذين يطوفون على أهل الجنة» بالشراب 
يقدمونه لهم في الكؤوسء» وصحاف الذهب والأكوابء والآنية من الفضة, فإن النظر إليهم 
متعة» فهم مثل اللؤلؤ المكنون» يقول تعالى: 

أ-(ويُطاف علَيْهِمْ بآنية من فضّة وأكواب كاتت قوارير(15)قوارير من فضّة قَدَرُوهَا 
تقديرًا(0) ١‏ ْ ْ 

ب- ( يُطاف علَيْهِمْ بصحاف من ذَهَب وأكواب وفيها ما تشتّهيه الأنفس وتَلَذ الأعين وأَنتم 
فياظلون)9 000000000 

ج- ( يَطوف عَلَيْهِمْ ولدان مُحَلَدُونَ(17)بأكواب وأَبَاريقَ وكأس من مَعين74) 

د- ( ويَطوف عَلَيْهِمْ ولدَان مُحَلَدُونَ إذَا رَأَيتَهُمْ حَسبتهم لَؤلوَا مَنثورا76) 

ه - ( ويَطوف نهم لما لهم انهم و مكُون)1] 

تدبر معنى هذه الآيات كيف أضمر ولم يذكر الغلمان في بعضها وذكر الغلمان والولدان في 
بعضها مناصفة. مع وصف ما يحملون من آنية» ووصفهم بما هو في قمة الجمال والبريق 


(1) البحر المحيط / أبو حيان 8 / 434 . 

(2) انظر تفسير الكشاف / الزمخشري 4 / 723 . 
(3) سورة الإنسان: آية / 15 - 16 
(4) سورة الزخرف: آية / 71 
(5) سورة الواقعة: آية / 17 - 18 
(6) سورة الإنسان: آية / 19 
(7) سورة الطون: آية / 24 





1652 


وهو اللؤلؤ المكنون. هذا حقاً من كمال النعمة» وتمام الفضل الرباني على الذين آمنوا وتركوا 
المعاصيء والفتن في الدنيا من نساء وخمر ومال وغيره من وسائل الفتنة. يعوضهم الله ذلك 
في الآخرة بهذا النعيم . 
أ- ويُطاف عَلَيْهِمْ بآنية من فضّة ...... الآية 
" أي يطوف عليهم الخدم بأواني العام واس إن لفينة رو كو لذ الشراب وهي الكيزان التي 
لا عرى لها ولا خراطيم ... وبياض الفضة في صفاء الزجاج. والقوارير لا تكون إلاامن 
زجاج, فهذه الأكواب هي من الفضة وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرهاء 
وهذا مما لا نظير له في الدنيا '(1) 

' وزيادة في المتاع فإن الذين يطوفون بهذه الآنية والأكواب بالشراب هم غلمان 
صباح الوجوهء لا يفعل فيهم الزمن» ولا يدركهم السن؛ فهم مخلدون في سن الصباحة 
والصبا والوضاءة. وهم هنا وهناك كاللؤلؤ المنور (©) 


' أي تدور عليهم خدامهم من الولدان المخلدين بطعامهم» بأحسن الأواني وأفخرهاء وههي 
صحاف الذهبء وشرابهم بألطف الأواني وهي الأكواب وهي من أصفى الأواني» من فضة 
أعظم من صفاء القوارير '() 
' في هذا لفت للأنظار إلى هذا النعيم الذي يساق إلى عباد الله المتقين» الذين استضافهم 
سبحانه وتعالى في رحاب كرمه» وأنزلهم منازل رضوانه؛ وفي هذا ما يبيعث في قلوب 
المكذبين والضالين» من حسراتء إلى ما هم فيه من آلام» وأحزان» كما أنه يضاعف من نعيم 
أهل هذا النعيم» حيث ينظرون إلى أنفسهم وإلى ما هم فيه من العافية» وحيث يلقى غيرهم 
دوك الام الو 01 

- ( يَطوف عَلَيْهِمُ ولدان مُخلدون» 
" والولدان جمع الوليدء وهو في الأصل فعيل بمعنى مفعول وهو المولود لكن غلب على 
الصغار مع قطع النظر عن كونهم مولودون ... هو كقوله تعالى:7 ويَطوف عَلَيْهمْ غلمَان» 
وفي قوله تعالى:( مُخَلَدُونَ» وجهان: 


1) تفسير ابن كثير / 4 / 457 . 

2) في ظلال القرآن / سيد قطب 8 / 399 . 

3) تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن ناصر السعدي 7 / 128 . 
( 


) 
) 
) 
(4) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 25 / 161 . 





163 


أحدهما: أنه من الخلود والدوام» وعلى هذا الوجه وجهان آخران أحدها أنهم مخلدون ولا 
موت لهم ولا فناء . 
ثانيهما: لا يتغيرون عن حالهم ويبقون صغاراً دائما لا يكبرون ولا يلتحون . 
والوجه الثاني: أنه من الخلدة وهو القرط بمعنى في آذانهم حلق والأول أظهر وأليق (1) 
د- ( وَيطوف عَلَيْهِمْ ولدان مُخَلَدُونَ إذَا رأَيْتَهُمْ حسبتهم لؤلوًا منثورًا» 
وفي قوله تعالى: 7 إذَا رأَيْتَهُمْ حَسَبْتَهُمْ لؤْلوَا مَنثُورَا» ' أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء 
حوائج السادة» وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم؛ حسبتهم لؤل وا 
منثوراًء ولا يكون في التشيبة أحسن من هذاء ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على 
المكاخ الحسة ا 
' يعني في بياض اللؤلؤ الرطب وحسنه؛ وصفائه» واللؤلؤ إذا انتثر على البساط كان أصفى 
كه منتط وها و كرك إنما شجيو الور لإنتثارهم في الخدمة 0 

ٍِ/ ويَطوف عَلِيْهم غلمَان لَهُم كَأَنْهُم لؤلوٌ مكنون» 
" الغلمان الخدم واللؤلؤ الجوهرء والمكنون المصونء وذلك لحسنة» وقيل هو الذي لم يخرج 
من الضبدفت: ا 
وهكذا من خلال استعراض هذه الآيات يتضح مدى النعيم» الذي فيه أهل الجنة. وتمتعهم 
بالنظر إلى الخدمء الذين يطوفون عليهم» وهذا من كمال النعمة وعظيم الفضلء الذي وهبهم 
الله تعالى في الجنة . 
المطلب الثاني:الماء عقاب في الاخرة 
لما تبين في المطلب السابقء ما فيه أهل الجنة من النعيمء كان حرياً أن نتبين في المقابل» ما 
فيه أهل النارء وقد قسمت ذلك إلى ستة أقسام» مع ما بينها من تداخل في الألفاظ والأوصاف». 
وهي كال 
أولاً: أودية جهنم 
كائيا» الماع الحَمَيم 


كالثا: “ماك كالميل 


1) تفسير الرازي 29 / 149 - 150 . 

02ت بو كد 4 لاه 

3) تفسير الخازن 7 / 193 » وانظر تفسير الرازي 30 / 251 . 
( 


) 
) 
) 
(4) التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الكلبي 4 / 73 . 





14 


رابعا: عين آنية 
خاضيا: ماء صديد 
هنانسا الخساق 

كل هذه الأصناف من العذاب يلقاه أهل النار» بدلاً من الماء البارد الممزوج 
بالزنجبيل والكافور والمسكء المقدم بأيدي الغلمان والولدان المخلدون والذين هم كاللؤلؤ 
المنثور. يطوف على هؤلاء زبانية جهنم( سندع الزّبَانيّة116') 
أولاً: أودية جهنم 
لقع محغل برف لعز آهل النان) أودية جقاين: أنهان ويطيون هك الطكة و وذكن منها :في الثر ان 
ثلاثة: الويل وغيّا وموبقاء على خلاف في المراد منها عند أهل التأويل. وسوف أعرض لكل 
منها على حدة . 
1 - ويل: قال تعالى:( ويل لكل همزة لُمرّة004) 
وقد جاء لفظ ويل في القرآن سبع وعشرين مرة في خمسة عشر سورة من القرآن.(6 
وسأمثل بمثال واحد منها ألا وهو 7 ويل لكل هُمَرَة لْمَرّة) . 
عن أبي سعيد عن النبئّ صل الله عليه وسلم قال اليل واد في جهنم يوي فيه 
الكافرٌ ٠ ٠‏ 
انع كريقا عبن زاون و0 
' ( ويل» أي قيّح وقيل هي جهنم ."7 وقيل: خزي أو عذاب أو هلكة أو واد في جهنم لكل 
همزة لمزة .1 والجملة أخبرت بأن هذا الوادي لكل همزة أي ثابت ومعد له وويل على هذا 
علم فيو 1 


(1) سورة العلق: آية / 18 

(2) سورة الهمزة: آية / 1 

(3) راجع المعجم المفهرس لألفاظ القرآن / محمحد فؤاد عبد الباقي 768 - 769 . 

(4) المستدرك / أبو عبد الله الحاكم 2 / 583 كتاب التفسير باب تفسير سورة الهمزة رقم 3972 / 1110 
وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي قال في التلخيض: صحيح في هامش 
المستدرك. والبهيقي في كتاب البعث والنشور باب ما جاء في أودية جهنم 258 من طريق الحاكم . 

(5) تفسير الخازن 4 / 288 . 

(6) تفسير القرطبي 20 / 181 وفتح القدير / الشوكاني 5 / 492 . 

(7) الفتوحات الإلهية أو حاشية الجمل على الجلالين / اسماعيل بن عمر العجلي الشهيد بالجمل 4 / 584 . 





185 


قوله:( وريْل4 اختلف في الويل ما هو: قيل جبل من نار أو واد في جهنم بين جبلين 
يهوي الهاوي فيه أربعين خريفاء أو واد يجري بفناء جهنم من صديد أهل النارء وقيل 
صهريج في جهنم. وقيل أنه باب من أبواب جهنم وقيل الويل المشقة من العذاب. وقيل شدة 
الشر. وقيل التفجع وأقوال أخرى )1!(١‏ 

وخلاصة الأقوال أن معنى الويل في اللغة هو 'قبح ويستعمل على التحسّر © ' 
والويل الهلاك يدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها7©) 
وأما ما أخبر عنه بأنه واد في جهنم فهو ليس على قياس اللغة بل هو من السماعات 
الصحيحة بالنقل كما جاء عن أبي سعيد الخدري . 
وأولى التفاسير هو ما فسر بالمأثور والمقبول خاصة . 


2-غيا 
قال تعالى:7 فسوف يلقون غيا)1) 
عن عبد الله بن مسعود في قوله عز وجل:7 فَسَوف يلقونَ غَيّا» قال: " نهر في جهنم بعيد 


' وعن ابن عباس «فسوف يلقون غَيّاة أي خسراناء وقال قتادة شرا وعن ابن مسعود - 
(الحديث السابق) - وقيل واد في جهنم من قيح ل 

وذكروا في الغي وجوها أحدها: أن كل شن عند الغعرب غي وكل“خير زشاة : 

وثانيها: أي يلقون جزاء الغي كقوله: (يلقون آثاماً) أي مجازاة الآثام . 

وثالثها: الغي واد في جهنم يستعيذ منه أوديتها . 

والوجهان الأولان أقرب فإن كان في جهنم موضع يسمى بذلك جازء ولا يخرج من أن يكون 
المراد ما قد منا لأنه المنقول في اللغة."77) 


(1) انظر تفسير القرطبي 2 / 8-7 . 

(2) المفردات / الراغب الأصفهاني ص 573 . 

(3) لسان العرب /! بن منظور 11 / 738 . 

(4) سورة مريم: آية / 59 

(5) أخرجه البيهقي من طريق الحاكم في البعث والنشور 260 رقم 518 »: المستدرك / الحاكم 2 / 406 
كتاب التفسير باب سورة مريم رقم 3418 / 555 » وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال 
في التلخيص صحيح. هامش المستدمك. أي وافقة الذهبي . 

(6) انظر تفسير ابن كثير 3 / 129 . 

(7) وتفسير الرازي 21 / 235 - 236 . 





1656 


يرى الباحث: ولا تعارض بين ما ذكره الإمام الرازي مع ما هو مأتور عن أنه يوجد واد 
في جهنم أسمه غياً. فالغي من الشر وكذلك مجازاته على الغي لا يمنع أن يكون في الآخرة 
في هذا المكان المسمى غياً ولا نرجح اللغة على الخبر الصحيح . 

(فسوف يلقون غيّا ... والتقدير عند أهل اللغة فسوف يلقون هذا الغفي؛ كما قال جل 
ذكره:" ( ومن يفعل ذلك يلق آثاما4 " والأظهر أن الغي اسم للوادي سمي به لأنه للغاوين 
يصيرون إليه ... وقال ابن عباس: غي واد في جهنمء وأن أودية جهنم لتتعوذ من حرة» أعد 
الله تعالى ذلك الوادي للزاني المصر على الزنى؛ ولشتاوته الكم المحم عد 10 
3-موبقاً 

قال تعالى:7 وَجَعَلنَا بَيْنَهُمْ مؤبقا0) 

" هو اسم واد في جهنم ... واد عميق فصل به بين أهل الضلالة وأهل الهدى وأهل الجنة 
و“ ٠‏ 

' وذكر أنه واد من قيح في جهنم وفي رواية: نهر في جهنم من قيح ودم 
' ( وَجِعَلنَا.بَينَهُمْ مَوبقا4 قال أنس بن مالك: هو واد في جهنم من قيح ودم وقال ابن عباس: 
أي وجعلنا بين المؤمنين والكافرين حاجزأً وقيل بين الأوثان وعبدتها وعن مجاهد قال: 
(مَوبقا4 قال واد في جهنم يقال له موبق وعن عكرمة: هو نهر في جهنم يسيل ناراً على 
حافتيه حيات مثل البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا فيها بالاقتحام في النار (5) 


ثانيا: الحميم 
في القرآن آيات عديدة وعلى صور كثيرة مثل: 


مَاءَ حميمًا )او( شرابْ من حميم»!'/و( لشؤبًا من حميم) !”و7 فنزل من حميم»61 


4) 


(1) انظر تفسير القرطبي / 11 / 125 . 

(2) سورة الكهف: آية / 52 

(3) انظر تفسير ابن جرير الطبري 15 / 172. والإمام أحمد في الزهد ص 311 / دار عمر بن الخظاب 
للنشر والتوزيع بدون طبعة وبدون سنة » والدر المنثور / السيوطي 4 / 228 عن ابن أبي حلتم والبهيقي 
في البعث والنشور في الأحاديث 472 . 473 ٠‏ 475 » 476 . 477 » ص 274 - 275 أنه واد: يوم 
القيامة يفصل أهل النار عن أهل الحنة . 

(4) التخويف من النار / عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي متوفي 736 - 795 ه ص 121 ؛ 
مراجعة وتعليق محمد حسن الحمصي ٠»‏ ط3  .‏ بيروت » دار الرشيد دمشق؛» 1409 ه - 1989 

(5) تفسير القرطبي 11/ 2 - 3 . 


(6) سورة محمد: آية / 15 





157 


و( سَموم وحميم»7و( وظل من يَحْمُومٍ)51) 
و( يُصَبُ من فوق رُءُوسهم الحَميمُ»6) 
هذه الآيات الكريمات من منطوقها يتبين أن حال أهل الكفار وعذابهم بالحميم يختلف بين آية 
وأخرى ووصف القرآن لهذه الكلمة مع إضافتها إلى أشياء من شرب وصب فوق الرؤوس 
وظل وسموم ونزل وشراب مخلوط بالحميم وماء حميم. هكذا جاءت هذا اللفظة بكل هذه 
العناية في وصفها أو فنون العذاب الذي فيها. ينتظر الكفار والجاحدين من الملحدين 
والعصاة. 
قال تعالى: كَمَنْ هْوَ خالدٌ في النَار وَسُقُوا مَاءَ حميما فَقَطع أَمْعَاءَهْمْ)74) 

' أي حاراً شديد الحر لا يستطاع ( فَقَطعَ أُمْعَاءَهُمْ4 أي قطع ما في بطونهم من 
الأيعاة و الأخشاب 3 

' وهي صورة حسية عنيفة من العذاب» تناسب سورة القتال» وتتنادسب مع غلظ 
طبيعة القوم. وهم يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام. فالجو متاع غليظ وأكل غليظ. والجزاء 
ماء حميم ساخن وتقطيع للأمعاءء التي كانت تحش وتلتهم الأكل كالأنعام !." 7 
ويقول الإمام الرازي: الماء الحار يقطع أمعاءهم لأمر آخر غير الحرارة» وهي الحدة التي 
تكون في السمومء وإلا فمجرد الحرارة لا يقطع؛ فإن قيل قوله تعالى: ( فَقَطّع) بالفاء يقتضي 
أن يكون القطع بما ذكرء تقول نعمء لكنه لا يقتضي أن يقال: يقطعء؛ لأنه ماء حميم فحسبء 
ل كع حو سم هري ل «(00) 

يرى الباحث: إن الماء حارء وحرارته من حرارة جهنمء فإنه ليس في الدنياء فكم من 
آلاف السنين أوقد عليها فإنه يذيبها وليس يقطعها فقط وليس شرطاً أن يكون هذا الماء 
مخصوص للقطع. فليس ما في الآخرة كما في الدنيا . 


(1) سورة الأنعام: آية // 70 » وسورة يونس: آية / 4 
(2) سورة الصافات: آية / 67 
(3) سورة الواقعة: آية / 93 
(4) سورة الواقعة: آية / 42 
(5) سورة الواقعة: آية / 43 
(16سووة للحي آية / 19 
(7) سورة محمد: آية / 15 
(8) تفسير ابن كثير 4 / 177 . 

(9) في ظلال القرآن / سيد قطب 7 / 458 . 
(10) تفسير الرازي 28 / 57 . 


1658 


وقال تعالى:7 وَالّذِينَ كفروا لَهُمْ راب من حميم وَعَدَابْ أليمٌ بمَا كانوا يكفرئون)1) 
" الحميم: الذي سخن بالنار حتى انتهى هزه يقن حت الحا أي سخنته» فهو حميم. ومنه 
الحماد "00 
" أي إن الكافرين لهم من الجزاء شراب من حميم يقطع أمعاءهم» وعذاب شديد أليم بسبب ما 
كانوا يعملون» من أعمال الكفر المستمرة إلى الموتء. كدعاء غير اله من الأوثان 
والأصندايب ”2 
وقال تعالى:( ثُمَّ إن لَهُمْ عَلَيْهَا تشوبًا من حميم»!) 
" قال ابن عباس: ذه يعنى شرب الحميم على الزقزم» وقال في رواية عنه ( لشوبًا من 
حميم4 . مزجاً من حيمم؛» وقال غيره يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغساق مما يسيل57) 
قات المنصهرة المتجددة . 
وقال تعالى:( فَنَزْل من حميم(93)وَتَصليَةٌ جحيم»71) 
' أي وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق الضالين 0 فَنْرْل) أي فضيافة 
(من حميم» وهو المذاب الذي يصهر به ما في بطونهم والجلود."7 

ا أهوأه كز لا ومترى كلك الخدم السناكن :روما أثنده 1 ذلك الجحيم» يتراءى له 
ويعلم أنه ملاقيه عن يقين ! 7 " والنزل أول ما يقدم للضيف © 
: أي ضيافهم يوم قدومهم على ربهم تصلية الجحيم» التي تحيط بهم وتصل إلى أففدتهم؛ وإذا 
اسكفاة | :من تقذ ة الخطس زالظيا: ( يُغَانُوا بمَاءِ كالمُهل يَشُوِي الؤْجُوهَ بنس الششراب 
ومتافك مُرْتَقَقًا4! ي(10) "(11) 


(1) شور وف اه 
(9) شين الزازي 32:17 

(3) تفسير المراغي / أحمد مصطفى المراغي 4 / 66 . 
(4) سورة الصافات: آية / 67 
(5) تفسير ابن كثير 4 / 12 . 

(6) سورة الواقعة: آية 93 - 94 
(7) تفسير ابن كثير 4 / 302 . 

(8) في ظلال القرآن / سيد قطب 
(9) التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الكلبي 4 / 94 . 

(10) سورة الكهف: آية / 29 

(11) تيسير الكريم الرحمن / عبد الرجمن ناصر السعدي 8 / 75 . 





1659 


وقال تعالى:7 وَأَصحَاب الشمّال ما أَصحَاب الشمّال(41)في سَمُوم وحميم (42)وظل من 

يَحْمُوم (دهالا بارد ولا كريم)!"' 

' السموم الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن» والمراد حر النار وفيحها ( وَحَميم#4 
أي ماء حار قد انتهى حره. إذا أحرقت النار أكبادهم وأجسادهم فزعوا إلى الحميمء كالذي 
يفزع من النار إلى الماء ليطفئ به الحرء فيجده حميماً حاراً في نهاية الحرارة والغليان . 
و( وّظل من يَحْمُوم) أي من دخان جهنم الأسود شديد السواد"2 ' طبق أهويتهم المردية: 
وعقائدهم الفاسدة. وهيئات نفوسهم المسودة» بالصفات المظلمة '() 
ثالثاً: الغساق 

غسق: الغين والسين والقاف أصل صحيح يدل على ظلمة» فالغسق 0 الليل 

الات الذي في القر اه فقا المكسوون :اما فطق من جارد أهل: الناك +"( 

قال تعالى: 0 م يتصلونها قبس المهاذر 6 َلِيَدُوقُوهُ حميم وَغْساق(57)وَءَاخَرْ من 
شكله أَزوّاج616 
وقال تعالى:7 لا يَدُوقُونَ فيها بَردَا ولا شرابًا(ه2)إلا حميمًا وَعْساقَا4©) 
فلِيَدُوقُوهُ حَمِيمٌ4 ماء حار قد اشتد حره يشربونه فيقطع أمعائهم ( وَعْسّاق4 وهو أكره ما 
يكون من الشراب؛ من قيح وصديد مر المذاق كريه الرائحة» و ( وَءَاخْرُ من شكله4 أي من 
نوعه 7 أَزْوَاجٌ4 أي عدة أصناف من أصناف العذاب؛ يعذبون بها ويخزون بها "77) 
" الغساق بالتخفيف والتشديد فيه وجوه: 
الأول: أنه الذي يغسق من صديد أهل النارء يقال غسقت العين إذا سال ماؤها. وقال ابن عمر 
هو القيح الذي يسيل منهم فيجتمع فيسقونه . 
الثاني: قيل الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده .. 
الثالث: الغساق المنتن ... لو قطرت منه قطرة في الشرق لأنتنت أهل الغرب» ولو قطرت 
منه قطرة في المغرب لأنتنت أهل المشرق . 


(1) سورة الواقعة: آية 41 - 44 
(2) تفسير القرطبي 17 / 213 . 

(3) تفسير القاسمي 16 / 13 

(4) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس / 848 » وانظر المفردات / الراغب الأصفهاني ص 373 . 
ار آية / 56 - 58 
(6) سورة النبأ: 0 -25 

(7)افشيرن 





1140 


الرابع: الغساق عين في جهنم يسيل إليها سم كل ذات حمة من عقرب وحية.1) 
وعن أبي سعيد الخدري 45 2 عن التبي صلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ قال قؤ أن دلوا من 
غَسّاق يُهَراق في النيَا نتن أهل الدُنيَا 7660© 
قلت: فإن هذا الغساق هو من السوائل التي تسيل من أجساد أهل النارء سوداء منتنة ريحهاء 
أعاذنا الله وإياكم منها . 
رابعا: عين آنية 
قال تعالى:7 تَصلَى نارًا حَاميّة(ه)تسنقى من عَيْن ءَانيّة616 
وقال تعالى:( يَطوفون بَينَهَا وَبَيْنَ حميم ءَان412) 
' ( تَسْقَى من عيّن عانيّة4 أي قد انتهى حرها وغليانها .'(5) 

" الآني الذي قد انتهى حره من الإيناء بمعنى التأخير. وتطهيره قوله:7 يَطُوفونَ 
ينها وَبَينَ حميم ءَان4 قال المفسرون أن حرها بلغ إلى حيث لو وقعت منها قطرة على 
جبال الدنيا لذابت,96 . 
خامساً: ماء صديد 
وقال تعالى:7 ويُسُقَى من مَاءِ يا 
" يسأل الرازي: علام عطف ( وَيُسئْقَى4 الجواب: على محذوف تقديره: من ورائه جهنم 
ال 00 هذه الحالة بالذكر مع أن وجوه عذاب أهل النار 
كثيرة؟ فأجاب: يشبه أن تكون هذه الحالة أشد أنواع العذاب فخصص بالذكر مع قوله: 
ويَأنيه الموت من كل مكان وما هو بميّت) 3) وما وجه قوله: ( مّاء صديدة ؟ أجاب أنه 
عطف بيان والتقدير: أنه لما قال:( وَيُسْقَى من مّاء) فكأنه قيل: وما نك الماء فقال 
(ظلذيد » والصتفين ماابمدن سن جارد ان: الكار موقل التقذور ويسقى مزق نبا الفيتدية: 


(1) تفسير الرازي 26 / 221 . 

(2) أخرجه الحاكم في المستدرك 4 / 644 رقم 8779 / 104 كتاب الأهوال قال الحاكم هذا حديث صحيح 
الإستاذ ولم يخرجاه وقال في التلخيص في هامش المستدرك صحيح . 

(3) سورة الغاشية: آية / 4 - 5 

(4) سورة الرحمن: آية / 44 

(5) تفسير ابن كثير 4 / 503 وانظر تفسير القرطبي 20 / 29 . 

(6) تفسير الرازي 31 / 152 » والقرطبي 20 / 29 واللفظ للرازي ٠‏ 

(7) سورة إبراهيم: الآية / 16 

(8) سورة إبراهيم آية / 17 





1041 


وذلك بأن يخلق الله تعالى في جهنم ما يشبه الصديدء في النتن والغلظ والقذارة وههو 
أيضاً في نفسه صدية: لأن كراهته تصد عن تناوله ل 
وعن جابر 29 ... فقَال الب صلَى الله علَيْه وسلَم كر هو قال نَعَمْ قَالَ رَسُولَ الله 
صل الله عليه وَسلم كل سُكرٍ حرام إن الله عر وجل عَهِد لمن شرب لكر أن يَسقيَة 
من طيتة الخبّال قَالُوا يَا سول اللّه وما طيتةٌ الْحَبَال قَالَ عرق أهل النَار أو قَالَ عصَارَةٌ 
أهل الثّر 660 © 
وفي حديث الترمذي من عبد الله بن عمر آت)... وما نهر الخبال ؟ قال نهر من صديد أهل 


النار 6 (8 


سادساً: ماء كالمهل 


قال تعالى: ا ا رار َ يَستَغينُوا يُعَانُوا بِمَاء كالمل 
يَشوي الوؤجُوة بئس الشرَاب وساءت مُرْتَقَقَا4) 

' المهل: مثل عكر الزيت أسود إذا قرب إلى وجهه سقطت فروة وجهه فيه. وعن ابن عباس: 
غليط كدردي الزيت أسود . 

أذاب ابن مسعود فضة في بيت المال» ثم أرسل إلى أهل المسجدء فقال: من أحب أن ينظر 
إلى المهل. فلينظر إلى هذا . 

وقال مجاهد: بماء كالمهل: مثل القيح والدم» أسود كعكر الزيت "57) 

" ماء جهنم أسود وهي سوداء وأهلها سودء ... المهل الماء الغليظء وهو كالدم والقيح والشيء 
الذي انتهي حرهء وهو كل شيء مذابء وهذه الأقوال ليس شيء منها ينفي الآخر فإن المهل 
يجمع هذه الأوصاف الرذيلة كلها فهو أسود منتن غليظ حار "6) 

' ( بئس الشراب» أي أن الماء الذي هو كالمهل بئس الشراب لأن المقصود بشرب الشراب 
تسكين الحرارة وهذا يبلغ في احتراق الأجسام مبلغاً عظيماً ( وساءت مُرتفقا4 قال قائلون 


(1) انظر تفسير الرازي 19 / 103 . 

(2) أخرجه مسلم 3 / 1587 كتاب الأشربة رقم 72 / 2002 . 

(3) سنن الترمذي 4 / 290 كتاب الأشربة باب ما جاء في شارب الخمر رقم 1862 قال أبو عيسى: هذا 
الحديث حسن . 

(4) سورة الكهف: آية / 29 

(5) انظر التخويف من النار / ابن رجب الحنبلي 156 . 

(6) تفسير ابن كثير بتسرف 3/ 82 - 83. 





]602 


بمافكة الكان عون لا ومحقته للرففة: لكان اهل التاق مستدوق رونقاء كا ون المتعة ع يمشن 


الرفقاء وبئس موضع الترافق .(1) 


سابعاً: استجداء أصحاب النار الماء 

اللّهُ قَالُوا إن اللّه حَرَمَهُمَا علَى الكافرين2©) 

" اعلم أنه تعالى لما بين ما يقوله أصحاب الأعراف لأهل النارء أتبعه بذكر ما يقوله أأهل 
النار لأهل الجنة. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة. 
طمع أهل النار بفرج بعد اليأس. فقالوا: يا رب لنا قرابات من أهل الجنة فإذن لنا حتى نراهم 
ونكلمهم» فأمر الله الجنة فتزحزحتء ثم نظر أهل جهنم إلى قراباتهم في الجنة. وما هم فيه 
من النعيم فعرفوهمء ونظر أهل قراباتهم من أهل جهنم فلم يعرفوهم. وقد اسودت وجوههم 
وصاروا خلقاً آخرء فنادى أصحاب النار أصحاب الجنة بأسمائهم وقالوا:7 أن أفيضوا عَلَيَنَا 
من الْمّاء4 وإنما طلبوا الماء خاصة لشدة ما في بواطنهم من الاحتراق واللهيب بسبب شدة 
حر جهنم وقوله:7 أفيضوا» كالدلالة على أن أهل الجنة أعلى مكاناً من أهل النار."(3) 

وهكذا يسدل الستار على آخر مشهد من مشاهد هذا الفصل مع أحوال الماء بين النعيم 
والجزاء في الدنيا والآخرة . 


افيس 100/1 
(2) سورة الأعراف: آية / 50 





103 


الفصل الرابع: الإعجاز العلمي في ايات الماء 
المبحث الأول: علم الأحياء 

المبحث الثاني: علم الطب 

المبحث الثالث: علم الزراعة 

المبحث الرابع: علم الأرض 


المبحث الخامس: علم الجغرافيا 


14 


التمهيد: كلمة في اللإعجاز 

رأيت أن أضع كلمة في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم» تكون مدخلا لهذا الفصل 
الذي سوف أدرس فيه بإذن الله تعالى وعونه - الإعجاز العلمي في آيات الماءء وذلك 
تقديماً بين يدي الفصل أبيّن فيه تعريف الإعجاز والمعجزة لغة واصطلاحاًء ثم أذكر فيه 
وجوه الإعجاز القرآني» موضحاً جانب الإعجاز العلمي باختصار» ذاكراً شروط التفسير 
العلمي لآيات القرآن الكريم مستعيناً بالله . 
أولاً: تعريف الإعجاز والمعجزة 
أ- التعريف لغة 

عجز: العين والجيم والزاي أصلان صحيحان يدل أحدهما على ضعفء والآخر على 
مؤخر الشيء . 

يقال: أعجزني فلان» إذا عجزت عن طلبه وإدراكه؛ والأصل الثاني فالعَجُّز: مؤخر 
الشيء ١!‏ والعَجْزٌ أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمرء أي مؤخره كما ذكر 
في الدُبرء وصار في التعارف اسما للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة .©) 

الإعجاز: الفوك والسيق.(6) 

الإعجاز -لغة- إثبات العجزء وَالعَجْرٌ هو القصور عن فعل الشيء»؛ والإعجاز 
مصدر أَعْجَزَ يقال: عجز فلان عن الأمرء إذا حاوله فلم يستطعه. ولم تتسع له مقدرته 
وجهده. فالإعجاز ضد القدرة» وإذا ثبت الإعجاز.ء ظهرت قدرة المعجزء ووضحت 
الععة ةا 
ب- المعجزة اصطلاحا 

' أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة» على وفق مرادهء تصديقاً له في 
دعواه مقروناً بالتحدي مع عدم معارضته؛ وذلك كله في زمن التكليف (, وإعجاز القرآن 


1 محم مفالتين اللفة ا أبن قاس سن 738 

0 سي متوداك الداظ فزن / الزراكب الامهيات هن :334 

3) لسان العرب / ابن منظور 5 / 370 . 

4 اسهري اهار الت الى بعت القريح «السادون اليكريى اكه كان المتازد طن لب اد 
قافر دار المعارت 1984 فس 

(5) الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / عبد السلام حمدان اللوح ص6 .-ط1-. فلسطين »غزة » آفاق 

للنشر والتوزيع 1419 ه - 1999 م . 


) 
) 
) 
) 





105 


"إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم به (1) 
ثانياً: ذكر وجوه الإعجاز القرآني 
اختلف العلماء في وجوه الإعجاز القرآني» فمنهم من توسع في ذلك حتى بالغ في المسألة؛ 
ومنهم من اقتصرها على أنواع معدودة في اللغة والبيان وبعض الوجوه؛ الأخرى. 
ومن هذه الوجوه: 
أ- الإعجاز البياني :د : 
ب- الإعجاز التاريخي (الإخبار عن الأمم السابقة) . 
ج- الإعجاز التشريعي ... . 
د- الإعجاز العلمي . 
ه الإعجاز الروحي والنفسي . 
و- الإعجاز العددي . 

ولا مجال للتفصيل والتوضيح إلا مع الإعجاز العلمي في القرآنء أما الوجوه الأخرى 
فلها كتب الإعجاز والمقام هنا لا يتسع . 
ثالثا: الإعجاز العلمي في القرآن الكريم 

اف وروة يعسن الإاز اك ]و الائق العلفية في آيلك القؤان الكزيمء القن لتم يق 
معروفة في زمن النبوة وعلماء الأمة السابقين» اكتشف أمرها في عصرنا الحاضرء بالتقدم 
العلمى زا يتنلك من روسائل .قلمية تداحة " 

" أي أن المقصود بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم» توسيع مدلول الآيات القرآنية»ء 
وتعميق معانيها في الوجدان والفكر الإنساني» بالانتفاع بالكشوف العلمية المعاصرة؛ في 
توسع هذا المدلول» وتعميق هذه المعاني عن طريق الاستثناس بالموافقات الدقيقة» والمقارنات 
العميقة الملحوظة للعلماء المتخصصينء والخبراء الباحثين في مجالات الكون والحياة في 
شتى علومها ومعارفها ."©) 
والذي دفع العلماء لهذا العلم ما في القرآن من إشارات كثيرة جدأ في كل العلومء واضحة 
جلية وأضرب مثالاً في آية واحدة من كتاب الله (إنّ في خَلق السّموَات وَالأَرْض واختناف 
الَيْلِ وَالنَهار والفلك التي تجري في الْبَخر بما يَنْقَعْ النَّاس وما أَنْرَلَ اللّهُ من السّمَاء من 


(1) المعجزة والإعجاز في القرآن الكريم / سعد الدين السيد صالح ص 10 .- ط3 -. القاهرة:؛ دار 
المعارف؛ 1993 م » وانظر إعجاز القرآن الكريم / فضل حسن عباس وابنته سناءء ص 28 .- ط1 
- . عمان» دار الفرقان» 1991 م . 

(2) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 24 . 





156 


مَاء فَأَحيَا به الأَرْض بَعْدَ موتها وبَث فيهًا من كل دَابّة وتصريف الرَيَاح وَالسّحاب الْمُسَكَرٍ 
بين السّماء والأرض لآيات لقم يعقلون»11 

فالمتائل في هذه الآية يجدها قد أشازت إلن علوم كثيرة تمتها الفلك والجغزافيا وعلم 
البحار والأحياء والأرصاد الجوية وعلم الزراعة؛ كل هذه الإشارات موجودة في آية واحدة 
فأي إعجاز علمي في هذا القرآن العظيم . 
رابعاً: شروط التفسير العلمي للقرآن . 

1- إن النظريات والحقائق العلمية يمكن الاستئناس بها في فهم آيات الله» دون الجزم بأن 
هذا هو مراد الله بهاء فقد تعني الآية ذلك وقد تعني سواه . 

2- إذا توافقت حقيقة علمية ثابتة مع حقيقة يمكن اعتبار ذلك إعجازاً علمياً للقرآن كشف 
عنه العلم الحديث . 

3- إذا تطورت هذه الحقائق لتتوافق مع حقائق قرآنية» فهذا دليل على أن للقرآن في كل 
عصر آية» تدل على إعجازه المتجدد في كل عصر وزمنء بما يتناسب مع علوم 
ذلك العصر وثقافته . 

4- لا يجوز لي عنق الآية وإرغامها لتوافق حقيقة علمية» وإلا فقد حمّلنا القرآن ما لا 
تحتمل آياته من معاني؛ مما قد يسبب ردة فعل معاكسة للإعجاز العلمي . 

5- إذا أثبت العلم بطلان نظرية علمية» سبق أن استأنسنا بها في فهم آية قرآنية» فذلك لا 
يضير القرآن في شيء» ولا يقلل من قيمة حقائقه» فهو أصل ثابتء وكل العلوم 
توابع. 

6- ليس شرطاً أن يكون لكل حقيقة علمية ما يوافقها من آيات القرآن» ومع ذلك فليس 
في القرآن ما يتناقض مع ما ثبت من العلوم ثبوتاً قطعياً . 

7- إذا حدث تعارض في الظاهر بين القرآن والعلم» فلا بد أننا قد أخطأنا في فهم مراد 
اللهء أو أخطأ العلم طريقه» وهذا مدعاة لأن نعيد النظر في فهم مراد الله بكلامه؛ أو 
نتحقق فيما يثبت لنا من علم . 

8- لا يجوز لنا أن نستطرد في علم التفسير ببحث مسائل العلوم وتفصيلاتهاء إذ ليس هذا 
هو مجال البحث فيهاء وإنما تؤخذ مسلمة من هذا العلم . 

9- الإعجاز العلمي يثبت للقرآن بمجموعه» إذ ليس في كل آية أو في كل سورة هذا من 
الإعجاز . 


(1) سورة البقرة: آية // 164 





17 


0- ليس القرآن كتاب طب أو هندسة أو فلسفة»؛ أو فلك أو كيمياء أو غير ذلك من 
العلوم؛ فهو إن كان يشير إلى أصل هذه العلوم. إلا أنه لا يتطرق إلى التفصيل في 
مسائلها والخوض في جزيئاتهاء وإنما ترك ذلك لجهود البشرء وهذا لا ينفي إشارة القرآن 
إلى حقائق علمية تؤكد إعجازه العلمي على مر العصور . 

1- إن لغة العلم هي اللغة المتداولة المتعارف عليها في هذا العصرء وعلى ذلك يكون 
الإعجاز العلمي هو لغة التخاطب وسبيل الدعوة خاصة مع الذين لا يتكلمون العربية ولا 
يدركون الإعجاز البياني في القرآن» مع أنه لا يجرؤ أي مكابر أو ملحد أن يجد موضعاً 
للتشكيك في هذا النوع من الإعجاز (1) 





1038 


المبحث الأول: علم الأحياء 


المطلب الأول: الماء في بناء الكائن الحي 


المطلب الثاني: التوازن الدقيق في الجسم الحي 


المطلب الثالث: الكائنات البحرية 


109 


المطلب الأول:الماء في بناء الكائن الحي 


قال تعالى:( وَجِعلْنَا من الْمَاء كل شيْء حي أَفلا يُوَمنُون)1) 

'يقرر العلم الحديث في تين هذه الآية؛ أن الماء يدخل في بناء أي جسم حي؛ إذ هو 
في الحقيقة قوام حياته» فالماء في نظر العلم هو المكون الأصلي في تركيب مادة الخلية 
الحية. 
والخلية هي وحدة البناء في كل شيء حي» نباتاً كان أو حيواناء كما أن غلم الكيفيساء في 
أبحاثه الحديثة» أثبت أن الماء عنصر لازم وفعال في كل ما يحدث من التحولات والتفاعلات 
التي تتم داخل الأجسام» فهو إما وسطء أو عامل مساعدء أو داخل في هذا التفاعلء أو ناتج 
عنه؛ إذن الماء هو السائل الوحيد الذي لا غنى عنه لأي كائن حي؛ء مهما كان شكله؛ أو 
حجمه؛ تضاءل أم تضخم ... ابتداءَ من الميكروبات الدقيقة - التي لا يمكن للعين المجردة أن 
تراها - وانتهاء بالفيلة والحيتان أضخم الكائنات الحية الموجودة على الأرض وفي البحار. 

فالماء هو سر الحياة الذي أودعه الله في كوكبنا الأرضء وبدونه لا تقوم قائمة لكائن 
حي طيراً كان أو حيوانا أو دابة تزحف على الأرض أو قوقعة في قاع بحر لجي "©) 

' وترجع أهمية الماء إلى دوره الكبير في المحافظة على إتزان حرارة أجسام 
الكائنات الحية» وبناء الخلاياء وتكوين الدم» وتنظيم التفاعلات الكيميائية وهضم الطعام.'() 

" ومن الأهمية القصوى للماء أن خلايا الجسم تطلبه بشدة» ولا يمكن لها أن تستمر 
في أداء وظائفها أو نموهاء أو حتى تواجدها بدونه؛ حيث تستمد حاجتها من الماء» من خلال 
الدم الذي تبلغ نسبته فيه حوالي 83 96 ولذلك فحينما تقل كمية الماء بالجسم» وتحتاج الخلايا 
إلى المزيد نجد أن الجسم يرسل إشارتين على الأقل إلى جهتين الأولى: عندما تقل نسبة الماء 
في الدم يزداد تركيز الأملاح فيه» ولكي يعوض الدم ذلك نراه يستخرج الماء من غدد اللعاب 
الموجودة في الفم» وتكون النتيجة جفاف الفم والشعور بالحاجة إلى شرب الماء 
والثانية: يرسل الدم إشارة إلى الدماغ يبلغه فيها بنقص الماء وعندئذ يوجد الأساس بالرغبة 


في شرب الماء"'(4) 


(1) سورة الأنبياء: آية / 30 

(2) خواطر علمية بين الدين والعلم / محمد عبد القادر الفقي " من مقال منشور بمجلة منار الإسلام عدد 
فبراير سنة 85 " 

(3) الإعجاز العلمي في الإسلام القرآن الكريم / محمد كامل عبد الصمد الدار المصرية اللبنانية ص 182 . 
طك 4‏ . القاهرة.1417ه - 1997م . 

(4) خواطر علمية / محمد عبد القادر الفقي المرجع السابق . 





200 


" وإذا كانت هذه هي أهمية الماء للإنسان» فإن أهميته للنبات لا تقل عن ذلكء 
فالنباتات تمتص الماء من التربة» وبه الغذاء اللازم لنموه من الأملاح المعدنية الموجودة 
بالتربة» ويكون انتقال هذه الأملاح الضرورية لنمو النبات في صورة محاليل مائية أيضاء 
تمتصها الجذور من الأرض ومن هنا كان الإعجاز العلمي في قوله:( وترَى الْأَرْضَّ هَامدَة 
َإذَا أنرلنا علَيْهَا الْمَاءَ اهترّت وربَت وأنبتت من كل زوج بَهيج)!') وقوله تعالى:7 ومن 
ءَايَاته أَنّكَ تَرَى الأرْضِ خاشعة فَإذَا أَنَْلنَا علَيْهَا الْمَاءَ اهتّرّت وربّت إِنّ الذي أَحَيَاهَا لمُخيي 
المَوتّى22 "2 " ومن الطريف أن النباتات والأشجار إذا أحست بالعطشء أو بنقص الماء؛ 
طلبته وألحت في النداء عليه. كما يصنع الأطفال من بني البشرءفقد فقام فريق من العلماء في 
جامعة إنجليز بولاية ويلز الأسترالية بإجراء تجربة على النباتات التي تعاني من العطشء 
وسجلوا :الذيقيات: الصهيرة القق اتصدن "من أوواقها وسيقانها آننةء ولشت.منا كاتنت داشتهم 
حينما وجدوا أن هذه النباتات» تصدر أصواتاً بالمعنى العلمي للكلمة» وقد استخدمت في هذه 
التجارب أجهزة دقيقة جداًء لتسجيل ذبذبات الصوت وقارنوها بالذبذبات الناتجة عن النبات في 
حال توافر الماء» فوجدوا أن الذبذبات في الحالة الأولى أشد وأقوى؛ وكأن النبات يصيح 
ويصرخ؛ لكي يحصل على احتياجاته من الماء"4) 

" والماء كونه أساس الحياة حقيقة علمية» لا مراء فيها ولا سبيل لمناقشتهاء فنمط 
الحياة غلى الأرض يسمى علمياً النمط المائي» حتى سفن الفضاء تحاؤل الحصول على أي 


إثبات بوجود الماء على أي جرم سماوي آخر. لأن الماء إنما هو الحياة بنمطها المععروف 
عندناء ومجرد إثبات وجود الماء يعني بطريقة غير مباشرة إثبات وجود الحياة على تلك 


" ثم إذا نظرنا إلى قصة خلق آدم وسلالته» وجدنا أن الله تعالى خلقه من الطين كما 
جاء في الآية الكريمة ( ولق خلقنا الإنسَانَ من سئلالة من طين12 والطين كما هو مقرر 
علمياً هو خليط من الماء والتراب أي أن الماء فصر أساس في تكوين أي شيء حيء ومن 
ذلك يتبين لنا مدى الإعجاز العلمي في قوله:( وَجِعَلنَا من الْمَاء كل شيء حَي» '77) 


(1) سورة الحج: آية / 5 
(0)نؤرة سك ار و3 
(3) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 183 . 

(4) المرجع السابق ص 184 . 

(5) الحك في المنطور العلت لزان التي إشاف القمر ارو سن 174 
(6) سورة المؤمنون: آية / 12 

(7) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 184 . 





201 


رأى أهل التفسير في الآية: 

وَجَعلنا» لا يخلو أن يتعدى إلى واحد أو اثنين» فإن تعدى إلى واحد فالمعنى خلقنا 
من الماء كل حيوان كقوله:( واللَّهُ خلّق كل دابَّة من مّاء7) أو كأنما خلقناه من الماء لفرط 
كراج ند جه لدو لان صددوة: صق و إن موي لزيا حون لمان ملكا 1 الف بوي 


بسبب من الماء ةن 


المطلب الثاني:التوازن الدفيق في الجسم الحي 

تدل الأبحاث العلمية أن البدن يقوم على توازن دقيق محكم؛ سواء على مستوى 
الإفراز أو الامتصاص ... فالماء الداخل يدخل بقدرء والماء الخارج يخرج بقدرء والمقدار 
الداخل يعادل المقدار الخارجء كذلك الحال بالنسبة للأملاح المعدنية» وأما الأغذية فإنها 
تستهلك وتحول طاقة . 

وهذا يسمى بالتوازن المائي في الجسمء وهو الشيء الأول الذي يقرره القرآن من أنه 
حيثما وجد الماء وجدت الحياة مصداقاً لقوله تعالى:( وَجِعَلَنَا من الْمَاء كل شيْء حَيّ أفَنَا 
يُؤمنون»1 

فالجسم البشري لا يمكن أن يعيش بدون ماء سوى أيام معدودةءهو وغيره من 
الكائنات الحية» حيث حاجة البدن اليومية تتراوح بين اثنين أو ثلاث لترات من الماءء كما قد 
تزيد بفرط العرق وفقد السوائل إلى عشرة لترات من الماء . 

وفي أعماق البدن حيث تستقر التفاعلات وتتراكم» فإن الجسم يوجد أيضاً مقداراً لا 
بأس به من الماء . 

أما عن كيفية محافظة البدن على المقدار الملائم بشكل لايزيد ولا ينقصء فذلك يرجع 
بصورة كبيرة إلى الكلية؛ لأنها تنظم مقدار الامتصاص والاحتفاظ » وبالتالي يبقى الجسم في 
الوضع السوي . 

ويعمل البدن بآلية ذكية» فعندما يزيد الماء في البدن» تصل الأخبار إلى غدة من غدد 
الجسم؛ مظهرها بسيط» ولكن فعلها مدهشء وزنها قليل ولكن تأثيرها عظيم ... تلك هي الغدة 
الكظرية التي تستقر على رأس الكلية تماما كالقبعة ... ووجودها في هذا المكان مقدر تقديراً 
حكيماً؛ لأن نزع هذه الغدة يفضي إلى الموت مع العلم أن وزنها لا يزيد عن 7 : 8 جرام 
فقط . 


(1) سورة النور: آية / 45 
19 العقافب :لز مكموي 11 
(3) سورة الأنبياء: آية / 30 





202 


ولننظر أيضاً إلى حكمة الله وتقديره البالغ؛ حيث إن نقص جرامات قليلة يفضي 
أيَعننا إلى المونت نا : 
ومن هنا تلتفي النظرة والحقيقة العلمية بالإيمان بقوله: ( أَقَلا يُوْمنُونَ4 وقال تعالى: 
وَخَلّق كل شيء فَقَدَرَهُ تَقَديرَا)1) "2) ونجد علماء المسلمين القدماء حاموا حول الحمى في 
تفسيرهم نه عندما قال الرازي:" المعنى أحدث كل شيء إحداثاً يراعي فيه التقفدير 
والتسوية» فقدره تقديراً أو هيأه لما يصلح له."() 


المطلب الثالث:الكائنات البحرية 
قال تعالى:( وَجِعلنَا من الماء كل شيء حَي»11) 
متاك لوقاف :الا هاي الكانات من الغا يحل 2و اقزر ا بقيها: ابحجن لكشي 
الماءء وهي الكائنات البحرية» والذي خلق هو الذي يرعى ويحفظء 7 ألا يَعْلَمُ مَنْ خلق وَهُوَ 
اللطيف الخبير274) ومن لطف اللطيف بهذه الكائنات» أن جعل لسائل الحياة خواصَ وصفات 
خاضه يدتهن ماكر الماتفاة راكذلك المواد التخدى:.: ٠‏ 
" من المعروف أن الماء إذا زادت درجة حرارته زاد حجمه؛ وقلت كثافته» فيرتفع 
الماء الساخن إلى أعلى وينزل الماء البارد إلى أسفل . 
وكذلك الحال في جميع السوائل . 
حرارة + ماء > زيادة حجم الماء وارتفاعه إلى أعلى والعكس صحيح . 
برودة + ماء -> نقص في الحجم وهبوط إلى أسفل . 
إن هذه السنة الإلهية تعمل كما تعمل باقي السنن الأخرى: مقدمة معينة تعطي نتيجة 


معكنة أو مقدمنة و أحدةة تشتكة وا احذة : 
2 9 ف نجد و 


(1) سورة الفرقان: آية / 2 

(2) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص187 - 188 ٠‏ وانظر من كل شيء موزون / عبد 
الحسن صالح ص 120 - 123 وكتاب الأسودان التمر والماء بين القرآن والسنة والطب الحديث / حسان 
شمس باشا ص 98 - 102  .‏ ط1  .‏ جدة » دار المنارة للتوزيع 1992 م ؛ وانظر الماء أصل 
الحياة وسرها / أحمد الأمين محمد على » مقال في الوعي الإسلامي عدد 363 ذو القعدة 1416 ه 
أبريل 1996 م . 

(3) تفسير الرازي 24 / 47 . 

(4) سورة الأنبياء: آية / 30 

(5) سورة الملك: آية / 14 





203 


وعلى هذه السنة الإلهية: التي قضى الله بها أن يرتفع الماء الحار وينخفض الماء 
البارد على هذه السنة كان لا بد أن ينزل الثلج الموجود في البحار المتجمدة إلى القاعء 
ويتراكم حتى السطح., وعندئذ يصبح البحر قطعة واحدة من الثلج وبهذا تتجمد الأسماك وكل 
حيوانات البحر وتموت . 

ولكن شيئاً من ذلك لا يحدثء فالأسماك وكافة الحيوانات البحرية في المحيط المتجمد 
الشمالى حية ترزق وتسير وتجيء؛ ذلك لأن الخالق الرحيم قد عكس القاعدة عند نقطة 
فجعلها: برودة + ماء_ه زيادة في الحجم وصعود إلى أعلى ! 
ولا تعجب كيف كانت المقدمات واحدة . 
برودة + ماء 
1-برودة + ماعه نقص في حجم الماء وهبوط إلى أسفل . 
2- برودة + ماءه زيادة في الحجم وصعود إلى أعلى . 
ولا عجب من ذلك أبداً لأن هذا التغيير في النتيجة؛ كان لا بد أن يحدث لصالح حياة كل حي 
يعيش في البحار المتجمدة؛ ومع ذلك فالذي سن السنة الأولى» هو سن السنة الثانية لصالح كل 
حي يعيش في الماء» وجعل لكل من السنتين السابقتين مجالاً تعمل فيه» فتعمل السنة الأولى 
ابتداء من درجة حرارة (4 م) أربع درجات مئوية وهذه المجال ليس فيه حذر على حيوانات 
البحرء كما تعمل السنة الثانية ابتداء من درجة حرارة الصفر المنوي (0م) إلى درجة 
حرارة (4 م) أربع درجات مئوية؛ وذلك مجال له أثر كبير على أحياء الماء» لأنه يجعل 
الثلج من أعلى والماء الرائق الدافئ عند درجة حرارة (4 م) من أسفل فتتحرك فيه الأحياء: 
وتستمر لها الحياة مهما كانت طبقات الثلج من أعلى '(1) 


(1) توحيد الخالق / عبد المجيد عزيز الزنداني 2 / 37 - 39 . 





204 


المبحث الثاني: علم الطب 


المطلب الأول: الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب 


المطلب الثاني: علاج سيدنا أيوب 


المطلب الثالث: الوضوء والوقاية من الأمراض 


المطلب الرابع :النظافة والوقاية من الأمراض 


205 
المبحث الثاني: علم الطب 
المطلب الأول:الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب 


قال تعالى:2 فَلينَظر الإنسان مم خلق(5)خلق من مّاء ذافق(/يَخرْج من بَيْنِ الطب 
وَالترَائب (7إِنَهُ عَلَى رجعه لَقَادرَو/يَوم تَبْلَى السّرائر 014 
وقال تعالى: (أَلَم تخلقكم من ماء مهين20) فَجَعَلنَاهُ في قرارٍ مكين(21)إلى قدَرٍ 
مَعْلوم 2م فَقَدَرَنَا فَنغم القادرون)(2) 

٠‏ الآيات الكريمة تحث على النظر في الإنسان الذي خلق من ماء مهين» أطلقت عليه 

صفة الدافق... . 

والنظرة العلمية تتطابق مع القرآن في تلك التسمية؛ حيث إن سبب تدفقه كما أوضح 
العلم الحديث هو تقلصات جدار الحويصلة المنوية والقناة القاذفة للمني مع تقلصات( عضلات 
العجان)7 ... فتدفع بالسائل المنوي بمحتوياته من ملايين الحيوانات المنوية عبر الإحليل إلى 
العلل 0 

أما الانتشار والانتصاب فسببه أيضأ أعصاب خاصة من الجهاز العصبي اللاإرادي 
وتدعى بنظير التعاطفي» وبواسطتها تمتلئ الأوردة الدموية الكثيفة في القضيب فتسبب 
الانتشار ... وهذه الأعصاب تأتي من منطقة الصلب والترائب . 

ثم إن الخصية والمبيض يتكونان في هذه المنطقة بالضبط ... أي بين الصلب 
والترائب ثم تنزل الخصية تدريجياً حتى تصل إلى كيس الصفن (خارج الجسم). في أواخر 
الشهر السابع من الحمل في حين ينزل المبيض إلى الحوض في المرأة» ولا ينزل أسفل من 
ذلك. ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء والأعصاب واللمف تبقى من حيث الأصل 
أي من بين الصلب والترائب» فشريان الخصية أو المبيضين يأتي من الشريان الأبهر 
(الأورطي البطني) من بين الصلب والترائب . 


(1) سورة الطارق: آية / 5 - 9 

(2) سورة الموفيهة 259-50 

(3) أي عضلات أسفل الحوض ما بين فتحة الشرج والخصيتين وقيل الإست وقيل الضيب الممتد بين 
الخصيتين والدبر وقيل هو آخر الذكر ممدود في الجلد. ولا أرى أن هناك اختلافاً في المكان والموقع 
المسمى بالعجان» انظر لسان العرب 13 / 278 » والإفصاح في فقه اللغة / حسين موسى وعبد الققاح 
الصعيدي 1 / 90 . 





206 


كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة» وكذلك أوردة المبيض وشريانها تصب 
في نفس المنطقة ... أي بين الصلب والترائب كما أن الأعصاب المغذية للخصية أو المبيض 

تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة . 

والأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة ... أي بين الصلب والترائب فضلاً عن 
ذلك كله إن الحيوانات المنوية لدى الرجل... أو البويضة لدى المرأة إنما تستقى مواد تكوينها 

من بين الصلب والترائبء, كما أن منشأها ومبدأها هما من بين الصلب والترائب . 

فالآيات اتسمت بإعجاز علمي كامل؛ ولا سيما حين قالت:( من بَيْنَ الصلب 
وَالشَرَائب» ولم تقل من الصلب والترائب فالكلمة ( بَيْنِّ» ليست بلاغية فحسب وإنما تعطي 

الذقة العلمية المتتاهة- :1 

وقد أخطأ الأرناؤوط عندما قال:" فلقد خلق الإنسان من ماء الرجل (السائل المنوي) 
المدفوع بشدة من الرجل( الذي يخرج من صلب الرجل وهي عظام الفقار في الظهر) إلى 

رحم المرأة (إلى البويضة التي تسبح في ماء المرأة النازل من بين عظام الصدر) (الترائب) 

حتى تستقر في الرحم "(©) 

وقد سبقه سيد قطب بنفس القول عند تفسير الآية ونسب هذا التفسير للعلم الحديث 
بقوله: 'ولقد كان هذا سراً مكنوناً في علم الله لا يعلمه البشر حتى كان نصف القرن الأخير 
حيث أطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته» وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية 
يتكون ماء الرجل» وعظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ 
منهما الإنسان 7 وإني لأعجب من ذلك وقد سبق سيد الشيخ المراغي في تفسيره " تفسير 
المراغي'حيث يقول:'إذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة 
ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب» وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى على قدر ما 

أوتي كل منهم من علم؛ وإن كان بعيداً عن الفهم الصحيح والرأي السديد . 

ذاك أنه في الأسبوعين السادس والسابع من حياة الجنين في الرحم ينشأ ما يسمى 
(جسم وولف وقناته) على كل جانب من جانبي العمود الفقري» ومن جزء من هذا تنشأ الكلى 

وبعض الجهاز البولي» ومن جزء آخر تنشأ الخصية في الرجل والمبيض في المرأة . 

(1) خلق الإنسان بين الطب والقرآن / محمد على الباررص 51 - 52  .‏ ط1  .‏ جدة:؛ الدار السعودية 
للنشر والتوزيع:1400ه - 1980 مه والإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 201 - 
٠. 3‏ وانظر الأسودان التمر والماء / حسان شمس باشا ص 94 - 95 . 

(2) الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد سيد الأرناؤوط ص 275 . - ط1 . - القاهرة » مكتبة 
مدبولي . 

(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 8 / 535 . 





207 


فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور ل 
أي ما بين منتصف العمود الفقري تفريباً ومقابل أسفل الضلوع .. . (') ويسوق المراغي 
فضي و كاوه جا قاد ينا :فكر نا نوا نا قا بجاح لكر أن 


المطلب الثاني: علاج سيدنا أيوب 
قال تعالى:7( اركض برجلك هذا مُغْتَسَلَ بَارِد وَشَرَابَ»©) 

توصل العلم الحديث للتفسير الاكلينيكي لكيفية شفاء النبي أيوب- لكك - مما ابتلي 
به من أمراضء وذلك بعد دراسات مستفيضة:» أجراها العلماء الغربيون في محاولة معرفة 
أسرار العلاج الذي ذكره القرآن الكريم في تلك الآية الكريمة . 
فتوصلوا إلى أن علاجه من جميع الأمراض التي ابتلي بهاء يكمن في مجرد الركضء ثم 
المغتسل والشراب الباردين . 

ومن المعلوم أن الركض رياضة انتشرت مؤخرأً في الدول المتقدمة؛ وينصح الأطباء 
المختصون هناك بممارستها؛ لأنها تنشط الأعضاء »وتكسب الجسد المرونة؛ مما يعني أنه في 
أثتناء أي مجهود للإنسان» تفرز كرات الدم البيضاء بمعدل أكبر» وهي التي تمشل جهاز 
الوقاية في جسم الإنسان مما علق به من شوائب أو ميكروبات . 

وتستمر تلك الكرات البيضاء في الإفراز طوال تعرض الجسم لأي تغير في درجة 
حرارته» ثم تأتي للشق الثاني من العلاج القرآني وهو الاغتسال بالماء الباردء فعندما يغتسل 
الإنسان فإن جميع خلايا الجسد بما فيها من شرايين تعاود الانكماش بعد التمدد» وفي ذلك 
استجابة لما تحتاج إليه من مرونة تقيها الكثير من أمراض القلب والدورة الدموية . 

أما الشق الثالث فهو شرب الماء البارد» وهو يحقق تلطيفاً لدرجة حرارة البلعوم؛ كما 
أن هذه الشربة الباردة تغسل الكليتين وتنظفها مما صب فيها من شوائب الدم» وبذلك يفرغ 
الجسد تماماً من الميكروبات» وترده تلك الشربة معافى قد برىء مما أصابه من مرض كما 
حدث لنبي الله أيوب - الكلوكلة - . 

ومن هنا نرى أن تلك الآية قد تضمنت إعجازأ علمياً كشف العلم الحديث عنه 


مؤخراً(3) 


(1) تفسير المراغي / أحمد مصطفى المراغي 30 / 113 . 
)2( سورة ص: آية / 42 
(3) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 283 - 284 . 





208 


' 1- حكمة السعي بطلب الدواء والأخذ بالأسباب ( اركض برجلك» فإن الله قادر على شفاء 
سيدنا أيوب دون الضرب برجله الأرض . 

2- والحكمة البالغة التي تعتبر قاعدة للعلاج المثالي للأمراض الجلدية والتي أشارت إليها 
الآية الكريمة» هي إشراك العلاج الموضعيء مع العلاج عن الطريق العام؛ فقوله تعالى: 
«مُغْتَسَل بَارِدْ4 إشارة إلى العلاج الموضعي 'مثل المحاليل والكريمات' بينما قوله وشراب 
إشارة للعلاج بالطريق العام.'(1) 

أما أقوال المفسرين في الآية فسبق ذكرها في استخدام الماء في مبحث الطب. 


المطلب الثالث: الوضوء والوقاية من الأمراض 
قال تعالى: 7 يَاَيُهَا الّذِينَ دَامَنُوا إذَا قُسْتمْ إلى الصلاة فَاعَسلُوا وُجُوهَكم وَأَيْديَكُمْ إلى 
الْمَرَافق وَامْسَحُوا برْءوسكم وَأَرَجِلكُم إلى الكغبَين وإن كنتَمْ جنْبًا فَاطَهرُوا ...0 
وقال تعالى: ( إِنّ الله يُحبُ التوَابين وَيُحبُْ المَتَطَهْرِين)61© 

أثبت العلم الحديث أن الوضوء يقلل من حدوث الأورام السرطانية» التي تسببها المواد 
الكيميائية لأن الوضوء يكفل إزالتها قبل أن تتراكم بكميات تمكنها من النفاذ والتتسرب في 
الجلد إلى الجسم ... فعلى سبيل المثال العاملون في صناعة البترول والكيماوياتء: يكونون 
أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلدء والوقاية منه تكون بإزالة تراكم الكيماويات من فوق 
سطح الجلدء ولا سيما الأجزاء الظاهرة من جسم الإنسان والتي تتعرض للتلوث .(4) 

ومن هنا تظهر الحكمة في آية الوضوءء وهذا هو العمل الذي يقوم به المسلم خمسس 
مرات في الأغلت ووهها : 

' فالوضوء يكفل إزالة الكيماويات من فوق سطح الجلد ويمنع من تراكمهاء مما يقلل 
تأثيرها على خلايا الجلد الذي يؤدي على المدى البعيد إلى حدوث تغيرات سرطانية . 

' وكذلك ثبت علمياً أن تأثير أشعة الشمسء ولا سيما الأشعة فوق البنفسجية» في 
إحداث سرطان الجلدء لا يصيب إلا الأماكن الظاهرة المعرضة لهذه الأشعة» ومن هنا كانت 
فائدة الوضوء وتكراره الذي يكفل ترطيب سطح الجلد بالماء»ء وخاصة الجزء المعرض 


(1) مع الطب في القرآن الكريم / عبد الجميد ذياب وأحمد قرقوز ص 37 - 38  .‏ ط2 - . دمشق » 
مؤشسة علوم القرآن + 14027 بت :1983 فت : 

(2) سورة المائدة: آية / 6 

(3) سؤوة الشرة آية / :022 

(4) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 93 . 





209 


للأشعة؛ مما يتيح لخلايا الطبقة الداخلية للجلد أن تحتمي من الآثار الضارة للتعرض لأشعة 
الليعسن 00 

' هذاء وتدل الإحصائيات على أن السرطان الجلدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً 
بين الرجال في المجتمع الغربي والولايات المتحدة الأمريكية وأسترالياء في حين لا يشيع ذلك 
في البلاد التي تدين بالإسلام برغم قوة الأشعة الشمسية فيها (©) 

وهذا ما يؤكد فضل الوضوءء كسلاح يحتمي به المسلم من موبقات هذا المسرض 
اللعين وغيره من الأمراض ... يقول أحد الخبراء في مجال الطب الوقائي: 

إن الجلد يؤدي للجسم وظيفة هامة جداء وهي إفراز العرق الذي يحتوي على مواد 
دهنية وأملاحء فإذا تبخر الماء بقيت الأملاح وتراكمت على الجلد. وانسدت مسام الغدد 
العرقية» مما يسبب عدم أداء عملية العرق كما يجبء ووجود القذارة على الجلد مما يؤدي 
إلى أمراض جلدية؛ ولذا كانت أهمية الوضوء من غسل الوجه واليدين عدة مرات في اليومء 
ونظافة الفم وغير ذلك من الأعضاء الظاهرة للجسم والمعرضة للأتربة . 

يضاف إلى ذلك ما كشف عنه الطب الحديث من أن للوضوء آثاراً طبية في الوقاية 
من أمراض الأسنان واللثة ... فنظافة الفم والمضمضة والغرغرة بالماء أهم ما يوحي به 
الأطباء لتجنب العدوى من الأمراضء التي تنتشر عن طريق الجهاز التنفسي ... كالالتهاب 
السحائي وأمراض الشعب التنفسية . 
هذه هي بعض حكم الوضوء التي أثبتها العلم الحديث () 


المطلب الرابع: النظافة والوقاية من الأمراض 

' يغلف الجسم ستار محكم بديع يحجب الأسرار التي تجري بداخله» هذا الستار ههو 
الجلد»ء وهو من أدق وأروع الآيات المحكمات الدالة على جليل صنع الله؛ فالجلد لا ينفذ الماء 
منه ولا الغازات رغم مسامه التي تساعد على إخراج الماء من داخل الجسم» فهو يخرج الماء 
ولا يسمح بدخوله؛ والجلد معرض لهجمات الميكروبات والجراثيم التي تسبح في الجو؛ ل ذلك 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 294 . 

(2) الإسلام والوقاية من بعض أمراض السرطان / حلمي حبيب الحولي ( المجلة العربية يناير سنة 1985 ) 
بتصرف . 

(3) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 264 » وانظر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / 
محمد السيد أرناؤوط ص 273 . 





210 


يسلح بإفرازات قادرة على قتل تلك الميكروباتء أما إذا تفلتت الجراثيم واجتازت منطقة الجلد 
فهنا تبدأ عملية حربية منظمة يعجز الإنسان عن إدراك عضبتها 17) 

ولذلك كان لزاماً على الإنسان نظافة هذا الجلد. وكذلك ما يضع عليه من ثياب فهي 
التي تتعرض للقاذورات؛ وتمتص العرق من الجسم؛ ولذلك أمر القرآن الرسول #ْوٌ وأمته 
معه بقوله:( وثيَابك فطهر26) 
يَاأَيْهَا الذي ءَامَنُوا إذَا قُمتمْ إِلَّى الصّلاة....64 
ولا جنا إلا عَايرِي ستبيل حت تَغْتسلُوا)1/ 
(وَيََْلَ عَلَيْكُمْ من المسَمَاء مَاءَ ليُطَهرَكُم به)53) 

إن المتأمل في آيات القرآن يجد أن أول سورة نزلت كانت تنادي بالعلم» والثانية 
نزلت تنادي بالنظافة» فقد جاء في السورة الأولى قوله تعالى:7 اقْرَأ باسنم ربك الذي خَلّق02) 


وجاءت في السورة الثانية #وثيابك فطهَر4 والتاريخ يثبت أن الإسلام هو أول نظام علمي 
عرفته الإنسانية» يأمر بالتعقيم» ويحارب التلوث؛ ألم يطلق الإسلام على كلمة تعقيم اصطلاح 
الطهارة() ؟؟ والمقصود بها خلو الشيء من الميكروبات؛ كما أطلق على الشيء الملوثء أو 
الحامل للميكروبات كلمة نجاسة؛ ثم لم يترك الإسلام كلمة النجاسة مطلقة دون تعريف أو 
تحديدء بل لقد اتبع الأسلوب العلمي فحددها بثلاث عشرة مادة: وهي ما يعرف في عصرنا 
الحديث بالمواد الوسيطة أو الناقلة للميكروبء, ومن هذه المواد: القيح أو الصديدء البرازء 
والدم المسفوحء والبول» والقيء» ولعاب الكلب» ولحم الخنزير» وكل شيء عفن كبقايا 
الحيوان الميت. 


(1)أمقجوة لقان( تخمظ طفق من 1767 :د لف ,هه قافر وار الفصة 1398 دك 14978 
مء وانظر إعجاز القرآن في خلق الإنسان / محمد كامل عبد العزيز » ص 218 . - بدون طبعة . 
القاهرة » مكتبة القرآن » دون سنة نشر . 

فسوي اندز أيه :4 

3) سورة المائدة: آية / 6 

2) ميؤزة النساء: آية/ 43 

5) سورة الأنفال: آية / 11 

6) سورة العلق: آية / 1 

7 هذا الكلام على سبيل المجاز وليس المقصود الإصطلاح الشرعي الفقهي ولعله ويقصد التطهير من 

الميكروبات " وهو المقصود بالتعقيم أي قتل الميكروبات والجراثيم الموجودة في الشيء المعقم وأي كائن 

عي نظن النوتوعةالدريدة المسرة ) تسوه من العلساء: دار الشعيه صن 53531 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





211 


وقد أثبت العلم الحديث أن جميع هذه المواد هي وسط صالح لنمو الميكروبات 
وتكاثرها . 
ومن حكمة التشريع الإسلاميء أن يقرر أن أي مادة من هذه المواد إذا أصابت أي 
شيء: مثل ثوب الإنسان» أو جسمه؛ أو طعامه؛ أو شرابه؛ أو المكان الذي يجلس فيه أو 
يسير عليه» يكون هذا الشيء قد تنجسء ( أي تلوث بهذه المواد الناقلة للأمراض) ولابد من 
أن يتطهر بإزالة النجاسة ... ويشترط الإسلام للتأكد من إزالة هذه النجاسة أن تزيل لون 
النجاسة ورائحتها أيضاء وبذلك يكون الإسلام أول من نبه إلى أن تغير لون الطعام أو رائحته 
أو طعمه؛ دليل على وجود الميكروبات الحية الفعالة فيه. وبهذا يكون نجساً في نظر الدين أي 
ملوثاً في نظر الطب الحديث. وكثيراً ما يشير القرآن إلى النجاسة والميكروب بكلمة الرجس 
(قل لا أجد في ما أوحي إِلَيَّ مُحَرَمَا عَلَى طاعم يَطْعَمهُ إلا أن يكون مَيْنَةَ أو دَمَا مَسسَفُوحًا أو 
حم خنزير فِإنَُ س7" 
ويشير إلى الطهارة أي التخلص من الميكروبات (الأوساخ والجنابة) بالغسيل بالماء 
الجاري بقوله:( ويُتَزل عَلَيْكُمْ من السّمَاء مَاءَ لِيُطَهْركمْ به وَيُذهب عنكُمْ رجز 
الشيْطان....77ومن هنا كان الإسلام هو أول نظام عرفته الإنسانية» يشير بإشارة واضحة 
وصريحة إلى الطهارة من هذه النجاسات» والتخلص منها بالغسل والوضوء وطهارة الثياب 
كما مر في الآيات السابقة.'(0) 
ومن الفوائد الصحية للطهارة لا سيما بعد الجماع ما يأتي: 
1- تنشيط الجسم وبث الحيوية فيه بعد الخمولة . 
2- تخفيف الاحتقان الدموي في الجلد والأعضاء التناسلية . 
3- عملية الاغتسال جهد عضلي تنشط القلب والدورة الدموية» كما تنشط العضلات 
الإرادية بشكل عام . 
4- تخليص الجسم من الأدران العالقة به . 
5- الاغتسال يؤمن وظائف الجلد العديدة والتي أهمها نقل الإحساسات وتنظيم الحرارة 
وحماية الجسم ) 


(1) سورة الأنعام: آية / 145 

(2) سورة الأنفال: آية / 11 

(3) انظر الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 287 - 288 . 

(4) الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / عبد السلام حمدان اللوح ص 219 ؛ وانظر مع الطب في القرآن 
الكريم / عبد الحميد ذياب وأحمد قرقوز ص 121 - 123 بإختصار » وانظر روح الدين الإإسلامي / 
عيف عيذ انام طرانة هق 432 د93 أ ويرزورك دان الغلم للفافية 1394دت 1974 سد 





212 


المبحث الثالث: علم الزراعة 


المطلب الأول: الزراعة في الأرض المرتفعة 


المطلب الثاني: الري الطبيعي الصناعي 


المطلب الثالث: حقيقتان علميتان 


المطلب الرابع: سنة الله في الإنبات 


المطلب الخامس: التلقيح والتزاوج 


213 


المطلب الأول: الزراعة في الأرض المرتفعة 

النبات عالم قائم بذاته» ما زال العلماء مجتهدين في دراسته وفي كل يوم يقطعون في 

تت قرا هيه أننوا كك جاتن ب وايقيكه النواكة هونم كز نر نزو اكز فنا خسف نهر 

تتوافر لها ظروف خاصة. مثل توفر الماء الضروري للإنباتء والحرارة المناسبة 

ل ل ا 

ومن الحقائق العلمية في عالم النبات وزراعته وريه ما توصل إليه العلم الحديث بعد 

أبحاث واستقراء وتجارب عديدة أخضعت فيها أراض متنوعة الارتفاع للدراسة وتوصل 

العلم إلى ما أقرّه القرآن قبل أربعة عشر قرا من الزمان منزلاً على نبي ليس بعالم نبات 

ولا زراعة بل يوحى إليه من الحكيم العليم. قال تعالى:( وَمثلَ الذين يُتفقون أَمْوَالَهم 

ل الت تت أكلّهًا ضعقيْن 

إن لَمْ يْصبْهَا ابل فطل واللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ)!© 

تفسير الاية: 

والمثل المضروب فيها سيتناوله الباحث إن شاء الله في الفصل القادم(الماء في المثل 

القرآني) أما ما قاله العلماء في الإعجاز العلمي لهذه الآية فهو الذي أبينه هنا. 
' إن لفظ (رَبُوة» في الآية الكريمة ما وضع إلا لحكمة سامية» ذلك أن الجنات التي تنشأ في 
وف كناو يتنه كائرة كان سحتو القاغروا لا هوه نحد لدو المارى تدارا فسا 
للنمو والتعمق» والامتداد في الأرضء خاصة أن جذور أشجار الفاكهة تنزل إلى الأعماق 
أكثر من التي تنزل إليها جذور نباتات الحاصلات»؛ وبذلك يتضاعف عدد شعيراتها الماصة: 
فتقوى على امتصاص أكبر كمية لازمة لتغذية سيقانها ومجموعها الجذري؛ على وجه عام 
وبذلك يتضاعف محصولها ويبارك الله في ثمارها . 

وهذا بخلاف البساتين» التي تنزرع في تربة مستوى الماء الأرضي فيها قريب من 

سطح الأرض؛ إذ إنه في هذه الحالة تنعدم التهوية ال 
منها ويموت؛. فتضعف الأشجار» ويزيدها ضعفاً عدم استطاعة هذه الجذور أن تمتد مَمَقد امتذادا 


(1) الله والعلم الحديث / عبد الرازق نوفل ص 76  .‏ ط1  .‏ القاهرة وبيروت » دار الشرقء» 1410 
عت 10090 قح ا اشرق و لطر > مرى الاتلة|الممزة «الحلني فى الفرزان) الكدض القع الفوية / 
مودي نقيت قن 210 حيط 1 جا القافن ف يي اكليم تدرب 04 يت + 

(2) سورة البقرة: آية / 265 . 





214 


حرا في النرية مزن: أجل هذا كان من 'الواجب على من أراد أن ينتهىءبيتستانا» أن 
يلاحظ ارتفاع الماء الأرضي نحو متر ونصف المتر دون سطح الأرض17) 

وخلاصة القول هنا أن النبات المزروع على أرض مرتفعة بحيث يكون مجموعه 
الجذري بعيد عن مستوى الماء الأرضيء يثمر أكثر ويتضاعف انتاجه خاصة البساتين . وأما 
إن كان الماء الأرضي قريباً من الجذرء فإنه يمنع عنه التهوية الأرضية» الموجودة في في التربة 
ويتضرر النبات» ويصيبه الأمراض وكذلك قد يموت . 
ومن هنا يظهر الإعجاز القرآني في كلمة ‏ برَبوّة4 في إشارة قرآنية إلى الزراعة في 
الأرض المرتفعة. كي يكون الإنتاج أوفر وأحسن . 
أما الإعجاز العلمي في الوابل والطل فهو في المطلب الثاني. 


المطلب الثاني: الري الطبيعي والري الصناعي 

ذكر القرآن طروي البدائي في السقي وهو 0 والسواقي حيث قال في سورة 
البقرة( إِنَهَا بقَرَة لادُولَ ير الأرْض ون تسلقي الحرث24) 

' أي أنها ليسث مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي في الساقية قد 137 وومةه إقحارة التن 
طريقة استخراج الماء من النهر والسقيء وهذا يحتاج إلى طاقة أكبر وكذلك إلى جهد آدمي 
وحيواني كبيرء ثم يأتي الزمان وتتطور السواقي ليحل محلها الآلات الحديثة في الريء مع 
ظهور البترول وبعده الكهرباء» حتى أصبح من وسائل الري السقي بالرشء ثم جاء أسلوب 
آخر وهو التنقيط» وهذا مما يشبه في ريه الوابل والطل .4) 

هذا جانب يتحدث عن تطور الريء حتى وصل إلى ما جاء ة في القران مين استلوت 
للري. أما بيان الحقائق العلمية والفائدة المرجوة من هذا الأمر فهو' أن الأشجار التي 0 
بماء السماء» خاصة الوابل الضخم القطرء الذي ينزل إلى باطن الأرضء يحث الجذور على 
التعمق في التربة» بخلاف الأشجار التي تروى ريا صناعياً خفيفاً متكرراًء وكما هو الحال في 
مصر- فيصبح أكثر جذورها قريبة من سطح الأرض فتتزاحم وتتعرض للعطش إذا ما جفت 
الطبقة السطحية من التربة» مما قد يؤثر تأثيراً كبيراً على مجموعها الخضري .3 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 133 - 134 » وانظر الإعجاز العلمي في القرآن 
الكريم / محمد السيد أرناؤوط ص 256 . 

(2) سورة البقرة: آية / 71 . 

رة) اتسين الخ شين :1 13+ 

)4( ررك في الكون والقرآن / عبد الهادي ناصر ص 310 . 

(5) الأعمان لطت كن الإبتلار / تعن عه الس حن 135+ 





215 


هذه حقيقة توصل إليها العلماء من خلال الري الطبيعي بالمطر والوابل خاصةء 
وكذلك بالري الصناعي القليل المنقطع؛ فالأول يعطي ثمارا أكثر والثاني أقل . 

وهنالك حقيقة علمية تحتاج إلى المعمل والتحليل والدراسة العلمية المستيقظة ' وهي 
أن الوابل أثناء نزوله من السماء» ومروره في الغلاف الجوي للأرضء يذيب في طريقه مواد 
هامة صالحة لتغذية النبات والأشجارء مزيدة في درجة خصوبتها إلى درجة محسوسة جداًء 
وتقدر المادة الجافة منها في اللتر الواحد بنحو عشرين إلى خمسين ملليجراماً نصفها بالتقريب 
مواد عضوية؛ والنصف الآخر مواد غير عضوية .(1) 

ويمكنك أن تحسب مقدار ما يصل إلى الأشجار من هذه المواد إذا علمت أن شجرة 
التفاح البالغة الناضجة تحتاج في السنة الواحدة إلى نحو 17.5 طناً من الماء وأن الفدان الذي 
يحتوي على نحو أربعين شجرة يحتاج إلى 700 طن من الماء ... ") 

'" ومن المواد التي يذيبها الوابل في الهواء في طريقه إلى الأرضء ويمد بها البستان 
جزيئات دقيقة من الحديد الذي لا غنى عنه؛ لتكوين الكلوروفيل؛ والمساعدة على إجراء 
عمليتي الأكسدة والاختزال داخل خلايا النبات» ومحتويات نشادرية» وأحماض النيتريك 
والنيتروز والفسفوريكء والفسفوروزء ومحتويات أخرى '() 

وهذا الخير الكثير الموجود في المطر الوابل النازل من السماء؛ لا نجده في الري 
الصناعي بالرش أو أي وسائل أخرى؛ لما في ماء السماء من بركة تزيد الأرض خصوبة . 


المطلب الثالث: حقيقتان علميتان 
الأولى: " إن الوابل فضلاً عن أنه يمد الأشجار بالماء الكافي لازدهارهاء فإنه كذلك 
يشسلها وينظفهاء ويزيل ما قد تراك عليها من خبار كما يزيل من على أؤراقها كتل مهنا قنه 
يكون» كذلك من شأنه أن يعطل ' النتح الأديمي " من أوراقها. أو يسد فوهات هذه الأوراق» 
فيعوق المورقة عن أداء وظائفها الأخرى من " نتح فوهي"' وتمثيل ضوئي وتنفس وغيره . 
وبهذا يتآزر عاملا زراعة البستان بربوة» وسقيه بالوابل» في مضاعفة ثمارها وزيادة 
حجمها وحلاوتها بالنسبة إلى البستان الآخرء الذي لم يتوافر له هذان العاملان 47) 


1) أسلوب الزراعة العلمية في القرآن الكريم / محمد عيسى مراد عن المرجع السابق ص 135 . 
2) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 135 . 
3) إسلوب الزراعة العلمية في القرآن الكريم / محمد عيسى مراد عن المرجع السابق ص 135 . 
4) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 136 . 


) 
) 
) 
) 





216 


وهكذا يبين الله تعالى لنا من الحقائق العلمية القرآنية» ما يزيد في ثقافتنا النباتية 
الذي اعئةة «ويوعوقا القدراسة .لاتق من كاول :ها رلك عليه فرق رشان اك في أناقة لكر يمست 
حتى يستغل الإنسان أرضه أحسن استغلال» وبمواصفات علمية تتناسب مع متطلبات النبات» 
والذي يعود على الإنسان بالخير . 

الثانية: قال تعالى:7 إِنَمَا مَتَل الْحيّاة الدنيَا كَماء أَنْرَلنَاهُ من السّمَاء فَاخْتلَطَ به تَبَاتَ الأرض 

مما يكل النّاس والأَنعَامُ ...14 " أنظر في قوله تعالى:( فَاخْتلَطَ به نَبَات الأرْض» 

وبالنظر إلى سر هذا النظمء الذي جعل اختلاط نبات الأرض بالماء؛ ولم يجعل 
اختلاط الماء بالنبات ... هكذا :7 فَاخْتَلَطَ به تبّات الْأرُض» على ما يقتضيه مفهوم النظر 
الإنساني لهذه الظاهرة ... فالماء هو الذي يختلط بنبات الأرضء ويسري في كيانه.؛ فيبعث 
فيه الحياة» ويخرجه من عالم الموات؛ هكذا نرىء وهكذا نقدر ! 

ولكن عين المقدرة ترى مالا نرىء» وتعلم مالا نعلم ! 

وهنا ينشأ سؤال أيهما المختلط وأيهما المختلط به ؟ 
وبالنظر إلى كلمات الآية الكريمة نجد أن المراد بالنبات هناء هو نبات الأرضء أي بذرة 
النبات التي تغرس في الأرضء لا النبات حين يكون نباتأء فإنه في تلك الحال» لا يكون مجرد 
نباتء بل هو الماء والنبات معأء وأن لقاءٌ قد كان بين الماء وبذرة النبات حتى أصبح نباتاء 
وإلا فهو بذرة» أو حبة» وليس نباتآ . 

وإذااتقرن :هذا فلتجب عَلَن هذا (السوال ناذا :يفك من التقاء الماء باليذرة أن 'الحنة:» 
البذرة أو الحبة التي تقلبها بين يديك؛ ليست شيئاً ميتاً كما يبدو لنا- بل هي كائن حيء 
يحتفظ في كيانه بكل عناصر الحياة التي تنتظر من يثيرهاء ويدفع بها إلى الظهور وذلك لا 
يكون إلا بأمرين: 
الأول: غرسها في الأرض . 
ثانيها: وصول الماء إليهاء وتحول شراب الأرض إلى طين بهذا الماء هنا تبدأ الحياة الكامنة 
في البذرة» أو الحبة فتتحرك» وتأخذ طريقها إلى الماء المختلط بالتراب» أعني الطين» فتجذبه 
إليهاء وتفتح له الطريق إلى الحياة الكامنة فيهاء وتأخذ منه ما يروي ظمأها إلى الحياة وإلى 
الإعلان عن وجودهاء وإظهار آيات الخالق التي ائتمنها عليها . 

فالبذرة أو النبتة إذن هي الطالبة للحياة» والمهيئة لهاء والمتشوقة إليهاء وما الماءء 
والأواب» :ما الظيق ]ل عتاضر مساعدة: 


(1) سورة يونس: آية // 24 





217 


فالحية إذق ته الذاغية لتلك العداصين» الكذالية [لاإختلاط يها ومخ ها جساء' انتم 
القرآني 7 إِنَمَا مَتَلَ الْحَيَاة الدنيَا كماء أَنْْلنَاهُ من السسّمَاء فَاختلَط به تبات الأرض مما يَأكل 
النَاس وَالأَنَعَام»!! ْ 

وبعد هذا التوضيح نعرف سر هذا النظمء الذي أسند الاختلاط بالماء إلى البذرة أو 
الحبة» والذي لو جاء على عكس هذاء فأسند الاختلاط بالحبة إلى الماء» لكان خطاً علمياًء 
يكافطن ها كقث تعفد علد الكحناف اليو "11 


المطلب الرابع: سنة الله في الإنبات 

إن لله سنة في الإنبات» وبث الحياة في الموات فهو سبحانه القائل ( إن اله قَالق 
الْحَبْ والتوى يُخرج الْحيَّ من الْمَيّت وَمُخْرجٌ الْمَيّت من الْحَي ذَلكمُ اللَهُ فأنَى تؤفكون)©) 

وجاء في القرآن آيات كثيرة تتحدث عن الإنبات» وخروج الزرع من الأرض» 
ووصف هذه الظاهرة بدقة لم يدرك البشر حقيقتها ومعرفة كنههاء إلا في زمن قريب» وسوف 
أتعرض إلى بعض هذه الآيات» وهذه الحقائق العلمية التي وراء هذه الآيات . 
1 - ( إن 0 الْحَبّ والتوى يُخْرجٌ الْحيَ من الْمَيّت وَمُخرج الْمَيّت من الْحي ذَلكُمْ الله 

' قال تعالى:( إِنّ اللََّ فَالق الْحَبْ وَالتَوَى» وخلق الحب والنوى ثلاث كلمات تعطي 
معاني علمية كثيرة جدأء فالفلق أولاً يوحي بالتفجير والتكسير والتحطيم؛ وقد أثبت علماء 
التقان أن الطاقة اللاؤمنة لتكينيل: ققنون لبون المحطلفة لقاع الأباك لاقن حكن حصدا 
توازي أحياناً الطاقة الانفجارية للمتفجرات؛ وذلك نتيجة الشراهة المخيفة للبذور لامتصاص 
الماء والزيادة الشديدة في حجم البذورء مما يؤدي لتشقق القصرة. وهناك تجربة عملية بسيطة 
يمكن أن تجريها بنفسك» وهي أن تملا زجاجة ضدفيزة بيذون الفول الجافة مثلآء قم قنضيفت 
إلنها :الناى الكافي وتفلتها»: فنيوف تالاخ غالبا مكب الزجاجة وتحطنها: ننيجة لزيادة الشعطظط 
داخلهاء زيادة هائلة؛ نتيجة لزيادة حجم البذور بشدة؛ إذن فكلمة الفاق هي الكلمة العامية 
واللغوية الصحيحة والمناسبة» لوصف الطاقة المستخدمة في الانبات»وعنف تكسير قصر 
البذور. 

ونأتي (للحب والنوى) والله حين أوردهما كلفظين مختلفين في الآية» فهو ليس يكرر 
معنى واحد فقط مترادفات لكلمة بذورء إنما يعطي إعجازاً علمياً سابقاً لأوانه» بقرون طويلة 


(1) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 11 / 990 . 
)2( سورة الأنعام: آية // 95 





218 


جداً إن هناك اختلافات علمية فسيولوجية» وتشريحية؛ وتقسيمية بين الحب والنوى. ليس هذا 
فحسب بل إن هناك اختلافات علمية دقيقة» في ترتيب ميكانيكية الفلق والإنبات بين النوعين 
ومن ذلك نخلص إلى أنه عندما يورد القرآن لفظي الحب والنوى في سياق موضوع الفلق 
والإنبات» يكون قد سبق ما تعرف عليه أخيراً علم فسيولوجيا النبات بأكثر من ألف سنة . 
وحتى لا يظن أن كلمة (يخرج) الأولى مثل (الإخراج) الثانية قال: فخرج حتى يدلل على أن 
هذه العملية غير تلك؛ فالأولى إنبات» والثانية ليس كذلك؛ بل هي إخراج الثمر أو الحبوب 
اليابسة من الشجر الأخضرء فكان اللفظ على بلاغته اللغوية معجزاً علمياً كذلك (1) 
وجاء ذلك مصداقاً لقوله تعالى:7 أَنَا صبَبْنَا الْمَاءَ صبًاو0/نُمّ شَقَقْنَا الأرضَّ شّ قار فََتْبَتَنَا 
فيهًا حبًا(ج2)وعتبًا وَقَضْبًا(و2)وَرَيْتُونَا وتخلاًرو)وحدائق غلبًا(30)وقاكهة وأَبَاِهمَتَاعَا لكم 
ولأنعامكم)(2) 

فجمع في الآية' إنبات كل مخ :الحب: والنوى كالفاكهة والزيتون والتخل. وآيات الفرآن 
تفسر بعضها بعضأء وفي هذه الآية كذلك من الإعجاز العلمي كما في سابقتها من سنة الله في 
الإنبات» من صب الماء وشق الأرض وخروج الزرع من حب ونوىء وأسوق مشالاً آخر 
لتوضيح ما يحدث في عملية الإنبات علمياً . 
2- قال تعالى:7 أَمَّنْ خلّق السّموات والأَرْض وأنزل لكمْ من السسّمَاء مَاءَ فَأَنَبتنَا به حدائق 
ذات بَهْجَة مَا كان لكم أن تنبتوا شَجَرَها أإله مَعَ اللّه بل هم قَوْمْ يَعدَلُونَ)1 

ل الله سبحانه وتعالى للعباد أن من عظمته وقدرته» إنزال الماء من السماءء 
فينبت به الزرعء وهذا الزرع يعطي الشجرء والشجر يعطي الثمرء وقد بين الله سبحانه 
وتعالى في الآية العظيمة ( ما كان لَكم أن تَنبتُوا شَجَرَهَا4 فعملية الإنبات هذه من عظائم 
قدرة الله في الكون» وقد ربطت الآية بين الماء والإنبات؛ فالماء شفرط ضروري وأساس 
للإنبات» وقد تظل البذرة أو الحبة في التربة سنوات عدة لا تنبت» ولا تتحرك إلى أن ينزل 
عليها الماء» فتبدأ العملية العجيبة عملية الإنبات التي قد يجريها طفل بوضع بذور فوق القطن 
المبلل بالماء» وهو لا يدري أنه قام بعملية من أعقد العمليات وأعجبها إذا سقط الماء على 
البذرة أو الحبه تشريت: الماء يفل قوى التشزب ذات القوانين الرياضية الدقيقة: هذه القنتوئ 
وضعها الله سبحانه وتعالى في غلاف البذرة أو الحبة» فإذا كان الغلاف غير منفذ للماء لا 
يصل الماء الجنين ولا تنبت البذورء وبعض البذور فعلاً ذات قصرة صلبة غير منفذة للماء 


(1) الجدية في المتطون الغلمي للفزآن المجيد /[إسلام الشيراوئي سن :285-:287 +:وأنطن الإعجال العلمي 
في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 142 » ومعجزة القرآن / نعمت صدقي ص 61 . 

(2) سورة عبس: آية / 25 - 32 

(3) سورة النمل: آية / 60 





219 


تماماً (كالخروع)؛ ولكن الله سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه؛ زود هذه البذرة بثقب 
في مقدمة الحبة» هذا الثقب محاط بتركيب إسفنجي يتشرب الماء بسرعة» فينفذ الماء من 
التقب ويصل إلى الجنين» هل هذا التركيب الإسفنجي خلق بالصدفة وبدون خالق ؟!!! أو خلق 
بقوى لا تعقل ؟! ولا تعي ؟! ولا تفكر ؟! '(1) 

إن الخالق هو الذي يعلم ما الذي يحدث تحت الأرض من إنبات وسر هذا الإننبات 
فالآية دليل على قدرة الله وصدق رسالة نبيه - الدع - وما جاء من شرح لما يحدث مع 
البذرة أو الحبة من انتفاخ وانبات زيادة توضيح للمثال السابق . 


3- اهتزت وربت 
قال تعالى:( وتَرى الأَرْضْ هامدة فَإِذَا أَنَزلنَا عَلَيْهَا المَاء اهرت وربت وأنبتت 0 كل زج 
بهيج ( 5) ذلك بأنّ النّهَ هوَ الحق وأَنَّهُ يُحِْي الْمَوتى وأَنّه عَلَى كل شيء قَدين 4 

هذه الآية العظيمة الشأنء العالية القدر من آيات القرآن العظيم؛ ساقها الله سبحانه 
وتعالى إلى عباده المؤمنين» ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم. ويسوق المولى عز وجل هذه الآية 
للمعاندين والمتمافيم والدهريين والشيوعيين والملاحدة حتى يعجزهم ويبهتهم ؛ فعندما أراد 
المولى عز وجل أن يظهر قدرته على إحياء الموتى ضرب لهم مثلاً يتم كل يوم ... وكل 
ساعة وكل لحظة هذا المثل هو إحياء الأرض بالماءء فالآية تقول إنك ترى الأرض يابسة 
قاحلة ساكنة» فكل ما فيها ساكن لا يتحرك؛ وكل سكانها وكائناتها محكوم عليها بالموت 
والهلاك؛ إذا لم ينزل عليها الماء ... البكتيرياء الفطرياتء الطحالبء البذورء السيقان 
الأرضية: البضبلات ::.: حويضلةت الديدان» بويضنات ' الحشرات: كل عهذ»ه التز اكيب تعيئن 
تحت الأرض في سبات عميق ساكنة هاجعة لا تتحرك»؛ وتأخذ أقل حجم لهاء وأقل مساحة 
مبقنة: تفظن الطليات الحيوية إلى فل :معدل فن حياة الكائناك: الحية الموجوةة بهاء حفيي 
جزيئات التربة نفسها ومكوناتها المعدنية والآيونية» وكل شيء في التربة يأخذ أقل حيز ممكن 
وتتشقق التربة» وتصبح الأرضن عافد بتاكنة كوا بشابة يكرن الغيور . 

انظر إلى هذه الأرض القاحلة المتماسكة الجزيئات»؛ إذا لم ينزل عليها المطر فإنها 
تظل هكذاء إلى أن تأتي اللحظة الحاسمة إشارة البدء الإلهية العجيبة 7 فَإِذَا أنزلنا عَلَيْهَا المَاء 
اهرت وربّت4 تبدأ الحركات العجيبة؛ تهتز الأرض فعلاء تبدأ الحويصلات الساكنة في 


(1) إعجاز النبات في القرآن الكريم / نظمي خليل أبو العطا ص 61 - 62  .‏ ط .1‏ بيروت ٠»‏ مكتبة 
النور القاهرة . 


(3) قورة الحو آية :5 6:2 





220 


الإنبات والحركة. الجراثيم الموجودة تنبت وتتحرك؛. حويصلات الديدان وبويضاتها تنشط 
وتتحرك؛ البصلات والدرنات والسيقان الأرضية» الحبوب والبذور» ملايين الكائنات تسري 
فيها الحياة فتتحرك الأرض وتهتزء هذا المنظر البديع المعجز يصوره ربنا سبحانه وتعالى 
فيقول:7 اهْتزّت4 وتبدأ عمليات الانقسام وامتصاص الماءء وتحلل الغذاء المعقد إلى وحدات 
أقل ارتباطاً وأكثر عدداً وحجماء وتبدأ عملية تأيّن عجيبة في جزيئات التربة» وتتجمع المياه 
حول جزيئات التربة» وتنشط الديدان الأرضية في شق الأنفاق الأرضية وابتلاع كميات من 
التربة المتلاصقة وإخراجها بعد ذلك مفككة؛ وبهذا تزداد التربة في الحجم وتربو أي تزداد 
وتنتفخ» وهذا المشهد طالما شاهدنا صورة مصغرة عنه عند وضع الخميرة في العجين» تبدأ 
الخميرة في نشاطها الحيوي» ويزداد حجم العجين حتى يفيض من الإناء» وهذه عملية واحدة 
من آلاف العمليات المشابهة التي تحدث في التربة عندما يسقط عليها الماء ( اهتزّت وربّت»4 

ولولا نزول الماء فيها واهتزارها والزيادة في الحجم؛ ما أصبحت هذه التربة حيةء 
بل تظل ميتة غير صالحة للزراعة 17) 

وها كان كمرح خلماء الأحباء والننات ولكنه وسول الله الموه. إلئة تيهنذا القحرآن 
البعدة -. 


المطلب الخامس: التلقيح والتزاوج 

إن القرآن تحدث عن التلقيح في النبات والتزاوج الذي يحدث بين هذه النباتات 
المذكرة منها والمؤنثة أو الخنثىء التي تحوي أعضاء التذكير والتأنيث معأ في زهرة واحدة: 
والزهور هي أعضاء التزاوج والتلقيح في النباتات . 

قال تعالى:( وأَرْسلنَا الريّاح لواقح فَأَنَزَلنَا من السسّمَاء مَاءَ فَأَسقيَْاكمُوهُ وما أنتم لَه 
بخازنين22 وقال تعالى:( وأَنَزل من السّمَاء مَاءَ فَأَخْرَجِنَا به أزوَاجًا من تبات شَتَى)61 
وقال عز وجل ( وَأَنَْلنَا من السسّمَاء ماء فَأنبَتنَا فيهها من كل زج كريم») 


(1) إعجاز النبات في القرآن الكريم / نظمي خليل أبو العطا ص 49 - 50 » وانظر معجزة القرآن / نعمت 
صدقي ص 59 والقرآن والكون / محمد عبد الله الشرقاوي . - ط3 - . بيروت ». دار الجيل 1411 
ه - 1991 م. 

(2) سورة الحجر: آية / 22 

(3) سورة طه: آية / 53 

(4) سورة لقمان: آية / 10 





221 


من إعجاز القرآن أيضاً الإعلان عن نظرية التلقيح والتزاوج بين الذكورة والأنوثنة 
في النباتات» كما هي سنة الحياة في البشر والحيوان والطير ... وإذا كانت الحياة في النبات 
تبدأ هي الو ل دا اد الح أو النواة» وتختزن له من الغذاء ما يكفيه أثناء 
النمو والإنبات . 

وتبقى الأجنة ساكنة هادئة حتى تضمها الأرضء وتتهيأ لها الظروف المناسبة من 
حرارة وماءء فينطلق الحب والنوى وينمو الجنين . 
وإذا اكتمل نمو النبات» ووصل به السن إلى البلوغ؛ تفتحت الأزهارء وأينعت ثماره . 

ويقرر العلم الحديث أن أزهار النباتات على اختلاف أنواعها تنقسم ثلاثة أقسام: 
أزهار مذكرة» وأزهار مؤنثة» وأزهار خنثى تجمع الناحيتين من عضو التذكير والتأنيث معاء 
ومن الأمثلة الموضحة لذلك النخيل؛ فمنه نوع مذكر وآخر مؤنث,ء ونبات الذرة يحممل في 
وقت واحد أزهاراً مذكرة وأخرى مؤنثة .(1) 


وهنالك صور غريبة ومثيرة للكيفية التي يتم فيها اللقاح بين الذكر والأنثى ومن هذه 


الصور: 
" أن هنالك كثيراً من الأزهار التي تسجن الحشرات داخلهاء ومن أمثلتها الزهرة المسماة (جاء 
في المقصورة) ٠.‏ 


وبهذا النبات نوعان من المجموعات الزهرية؛ ذكور وإناث. وهي تتكون داخل 
مقصورات تضيق عند منتصفها. ويتم التلقيح بواسطة ذبابة دقيقة تدخل إلى المقصورة. ولا 
تكاد تجتاز المنطقة الضيقة الوسطىء» حتى تجد نفسها سجينة» ليس بسبب الضيق فحسب. بل 
بسبب تغطية الجدران الداخلية بمادة شمعية منزلقة يتعذر معها على الحشرة أن تثبت أقدامهاء 
وعندئذ تدور الحشرة بصورة جنونية داخل المكان؛ فتعلق هبوات اللقح بجسمهاء وبعد قليل 
تتصلب جوانب المقصورة بعض الشيء فتستطيع الحشرة الخروج؛ بعد أن يكون جسمها قد 
تقطب بهبوات اللقح. فإذا زارت الحشرة مقصورة مذكرة أخرىء تكررت العملية السابقة» أما 
ذا كلت مقصورة أنثى فإنها تَسَحِن في داخلها سجدا ذائما حثى تموت :هي» وعند محاولتها 
اليائسة للخروجء تقوم بتلقيح الأزهار الأنثى. إن النبات في هذه الحالة لا يهتم بخروج الحشرة 
لأنها تكون قد أنت رسالتها +( 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد 138 - 139 . 

(2) الله يتجلى في عصر العلم / مجموعة من الباحثين والعلماء الأمريكيين؛ ترجمة الدمرواش سرحان؛ 
تعليق محمد جمال الدين الفندي» ص 48  .‏ ط3 - . القاهرة » مؤسسة الحلبي وشركاه لللنشر 
والتوزيعء 1968م . 





20 


والزهرة هي عضو النبات المنوط بالتكاثر» ففيها أعضاء التذكير والتأنيث . 
وللتلقيح في هذه الأزهار طرق عديدة منها: 

ما يقوم به الإنسان كما في النخيل» ومنها ما تقوم به الحشراتء ومنها ما يفقوم به 
الريح أو الهواء؛ لأن أعضاءها التناسلية معرضة للهواء» فتطول خيوط الأمئدية وتستدق 
وتكبر المتك» وتتدلى خارج الزهرة» حتى يسهل حملها بالهواء إلى المياسم التي أعدتها ههي 
الأخرى لهذا اللقاء . 

فإذا ما قام الهواء بنصيبه وسقطت حبة اللقاح على الميسم؛ التصقت بهء وبرزت منها 
أنبوبة تعرف بأنبوبة اللقاح التي لا تلبث أن تنمو وتخترق أنسجة الميسم والقلم» حتى تصل 
إلى المبيض حيث توجد البويضاتء ويتم تلقيح البويضة... تلك هي التي أشار إليها القرآن 
في قوله:( وَأَرْسَلنَا الرّيّاحَ لوَاقحج» مما يعد إعجازاً علمياً يشهد لهذا الكتاب الحكيم :(1) 

وهكذا نجد القرآن نبه وأشار إلى التزاوج الحادث في النبات وكذلك عمل الرياح منذ 
ما يزيد عن أربعة عشر قرناً من الزمان. فسبحان منزل الكتاب العليم (ألا يَعلَمْ مَن خَلّق 
وَهُوَ اللطيف الْحبِين 2 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 140 » وانظر القرآن والكون / محمد عبد الله 
الشرقاوي ص 108 - 110 » وانظر الإعجاز العلمي في القرآن / السيد الجميلي ص77  .‏ ط1 -. 
بيروت ٠‏ دار الفكر العربي 1990 م ٠‏ وانظر القرآن والتوراة والإنجيل والعلم / موريس يوكاي ص 
9 -190 . ط 1‏ . دار الفتح للإعلام العربي 1417 ه - 1997 م » وانظر إعجاز النبات في 
القرآن الكريم / نظمي خليل أبو العطا ص 73 - 77 ٠‏ وانظر المعجزة والإعجاز في القرآن الكريم / 
سعد الدين السيد صالح ص 214 - 215 . - ط2 - . القاهرة » دار المعارف؛. 1993 م . 

(2) سورة الملك: آية / 14 





20 


المبحث الرابع: علم الأرض 


المطلب الأول: الحياة على الأرض دون الكواكب 
المطلب الثاني: تكوين الماء على الأرض 
المطلب الثالث: نفاذية الأرض 

المطلب الرابع: تفجير المياه من الحجارة 


المطلب الخامس: الصخور الرسوبية الطبقية 


224 
المبحث الرابع: علم الأرض 


المطلب الأول:الحياة على الأرض دون الكواكب 
"من المعروف أن الأرض هي الهدية الإلهية في المجموعة الشمسية؛ لما يوجد بها من ماءء 
وهذا الماء هو سبب الحياة على الأرض؛ لأنه لا حياة لنبات أو حيوان أو إنسان بدون الماءء 
مصداقاً لقوله تعالى: ( وَجَعَلَنَا من الْمَاء كل شيْء حَيّ)11) 
الفلا لإناقي للارض: (إناة في كله ما بوعد يخلق بنطلهها من ماء التضان والتعيطاك 
والأنهار والبحيرات» وما يتخلل فجوات الأرض وشقوقها ومنخفضاتها) يغظلي 71 من 
سطح كوكب الأرضء وبعمق يبلغ في المتوسط 3800 مترء وأما السطح 9029 فتكونت عليه 
القارات. 

ومساحة الغلاف المائي أكبر من مساحة اليابس لحكمة إلهية» حتى يتم تلطيف مناخ 
الأرض بتوزيع درجات الحرارة على الأرض توزيعاً عادلاًء ولولا هذا لأصبحت فروق 
درجات الحرارة على الأرض هائلة» لدرجة لا تسمح بقيام الحياة تمامأ مثل حالة القمر الخالي 
من الماءء والذي تصل درجة حرارته إلى درجة الغليان نهاراًء وإلى ما تحت الصفر ليلا ! 
وبهذا فإن مقدار الماء على سطح الأرض ليس مقداراً عشوائياً ولكنه محسوب ومقدر بالعناية 
الإلهية» وصدق الله العظيم إذ يقول تعالى: (وَأَنْلَنَا من السسّمَاء مَاءٌ بقدر فَأَسِكَنَاهُ في الْأرْضِ 
ون عَى ذهاب به لقادرُون»0 ( وإن من شّيْء إِنَا عدا خَزائئة ومَا تزه نا بقدر 
و 00 

"ولكن تر لماذا اختضنالخالق جل شأنه الأرطن بميزة الحياة دون سائن الكواكب 
الموجودة في المجموعة الشمسية ؟ وهل الحياة ممكنة فوق كوكب آخر في نظامه الشمسي؛: 
أو حول شموس أخرى في مجرتناء أو في المجرات الخارجية غير مجرتناء تتوافر في 
بعضها أحوال ملائمة للحياة من حيث النشأة والاستمرارية والتطور ؟ والجواب العلمي الثابت 
على هذا السؤال أنه لم يكتشف حتى يومنا هذا مقومات الحياة الموجودة على الأرض في 
عوالم الكون الأخرىء وإذا حصرنا البحث في الكواكب السيارة التي تمثل نظامنا النمسيء 


1) سورة الأنبياء: آية / 30 

2) سورة المؤمنون: آية / 18 

دور لخدن 1ه ,21 

4) الكون والإعجاز العلمي للقرآن / منصور محمد حسب النبي ص 175 . - ط2- . القاهرة؛ دار الفكر 
العربي 1991 . 


) 
) 
) 
) 





225 


فإننا سنجد أن مقومات الحياة على الكواكب غير موجودة ... وهذا ما يجعلنا نستنتج أن 
الأرض وحدها هي الصالحة للحياة» دون سائر الكواكب السيارة في المجموعة الشمسية» و 
أدى هذا الاكتشاف العلمي إلى الإقرار باستبعاد مقومات الحياة على هذه الكواكب لطبيعة 
تكونهاء وما ينطوي عليه هذا التكوين من عدم ملاعمة للحياة. '(1) 

ولقد قرن الله القرآن بين الحياة على الأرض ووجود الماء مع فتق الأرض 
والسماوات في الآية المعجزة ا ل ل 
فَفتَقنَاهُمَا وَجِعَلنَا من الْمَاء كل شيْء حي فلا يُوَمنُونَ 06) 

وقد جعل الله الماء في الأرض بعد فتقهاء أو انفصالها ووهبها هذا السائل العجيب 
الذي حرم بقية الكواكب منه؛ لذا كانت الحياة على الأرض فقط. وهنا الإعجاز القرآني في 
الآية الكريمة . 


المطلب الثاني: تكوين الماء على الأرض 

إن الماء الموجود على الأرض ليس هو الماء الأصلي الذي وجد قديما على الأرض ونقصد 
بذلك أن هناك ماءً هو الأصلء أما ما يتجدد من ماء من السماء أو من باطن الأرض كالعيون 
وغيرها إنما هو ماء جديد والقرآن أشار إلى أصل الماء بداية في آية واحدة أشارت إلى 
ادر الأول العا . 


المعنى ا الكريمة في ضوء العلم الحديث: وردت الآية الكريممة ضمن 

آأيات سابقة لهاء وآيات لاحقة» نستطيع بواسطة تلك الآيات فهم ما ترمي إليه هذه الآية 

الكريمة» لقد وردت ضمن آيات تتحدث عن قضايا رئيسة كبرى؛ ومواضيع عن بداية خلق 
ظواهر كونية كبرى وتكوينها . 

نقرأ الآية ضمن الآيات السابقة واللاحقة» لنرى كيف يكون معناها أبعد من المعنى 

القريب للذهنء يقول الله تعالى:7 عَأَنْتُمْ شد خَلَقَا أم السَّمَاءْ بَنَاهَار:)رَقَعَ سَمكَها 


ا ا ا ا ٠‏ 1417 
ه - 1996 م » وانظر النظرية القرآنية الكونية / سليم الجابي ط[1- 3 مشق » الناشر المؤلف» 
5 م. 

)2( سورة الأنبياء: آية / 30 

(3) سورة النازعات: آية / 31 





226 


دم قد اغزة اااع” العو د 


وَمَرْعَاهَا31)وَالجبَال أَرْسَاهَا(32)ِمَنَاعَا لكم ولأنعامكم)11) 

الله تبارك وتعالى يحدثنا عن قضايا كبرى» هي بداية خلق الظواهر الكونية 
والأرضية الكبرى؛ كيف كان ذلك وكيف بدأ ؟ وليس الموضوع عن أنهار تتفجرء وعيون 
تنبع» بل عن الماء كيف تكون ومن أين جاء أصلا ؟ يدلنا على ذلك أن الكلام يأتي في سياق 
خلق السماءء وتكوين الليل والنهار بعد خلق الأرض ودحيهاء أو دحو الأرض من بعد ذلك . 
وكيف أرسى الله الجبال لتستقر الأرضء وتثبت من اضطرابها وزلازلهاء وتفجر براكينها هنا 
وهناك بشكل مستمر آنذاك. في هذا السياق لا يتناسب الحديث عن الأنهار والعيونء بينما 
الأرض لا زالت غير مستقرة بجبالها وغير مدحوة أو ممهدة. ثم إن تفجّر الأنهار والعيون 
بالماء أمر - على عظم هذه الآية وأهميتها - أقل شأناً من تكوين البحار والمحيطات التي 
تلف الكرة الأرضية؛ وهي جزء من تكوينها الكبير للكوكب. فما هي الأنهار والعيون مع هذا 
الموضوع الكبير والقضية الكبرىء التي هي من قضايا الخلق والتكوين والتمهيد الأولى 
للحياة» قبل أن يتفجر أي نهر أو تنبع أي عين بالماء ؟"2) 

بعد هذا الفهم من خلال ما سبق الآية الكريمة وما لحق بها من آيات يتضح لنا ما هو 
المقصود بهذا الماء» ولكن لا بد من بيان الوجه العلمي والحقيقة العلمية لهذه الآية؛ التي 
لصيل لها العلمناء: 

" الواقع الذي بينه لنا العلم الحديث عن أصل ماء الكرة الأرضية ومصدره وكيفية 
تكوين المحيطات والبحار... يجعلنا نطمئن إلى القول بأن ما ورد في قوله تعالى: 7( أخرج 
منهًا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا» إنما يراد به والله أعلم بمراده- أصل الماء ومصدره بكل صوره 
وأشكاله على سطح الكرة الأرضية وهو باطن الأرض المنصهرء وسواء كان تكونها عن 
طريق انبعاث البخارء الذي خرج من باطن الأرض مع المقذوفات البركانية» ثم تكثثذف بعد 
برودة جو الأرض وسطحهاء أو عن طريق تسرب البخار من باطن الأرضء؛ عبر مسام 
القتشرة الأرضية كما تقول أحدث النظريات العلمية . 

وبعدء فهذه الدراسة لم تسهم بأكثر من إبراز ما تعنيه تلك الآية» فيما يتعلق بأصل 
الماء على الكرة الأرضية. وتوجيه الانتباه إلى المعجزة الإلهية في هذه الآية الكريمة '(0) 


(1) سورة النازعات: آية / 27 - 33 

(2) أصل مياه المحيطات في القرآن الكريم / صقر علي العمري (مقال في مجلة المنهل ) شوال - ذو القعدة 
7131-2 يدت فو رو جا 1507 

(3) المصدر السابق . 





26 


وكان الماء ممزوجاً بكل المواد الأخرى عند خلق الأرض»ء التي نستطيع أن نمثلها 
بإسفنج مملوء ماءً» ولما تكورت الأرض على نفسها بسبب القوى الجاذبية:؛ ودحاها الله 
سبحانه وتعالى وانهارت المادة المكونة للأرض بعضها على بعض- مثلما تنضغط الإسفنجة 
بأيدينها وهي مملوءة بالماء - خرج الماء منها وبقي على سطح الأرض ... فتكونت البحار 
والمحيطات وما زال الماء يخرج منها على شكل ماء معدنيء وهو الماء الذي تكون منذ خلق 
الأرض أي منذ 4.5 مليار من السنوات . 

" ولفظ معدني تدل على أنه ماء عتيق؛ مثل المعادن الأخرى التي تكونت عند خلق 


ال 


المطلب الثالث: نفاذية الأرض 

قال تعالى: ( وَأَنْلَنَا من السّمَاء مَاءَ بقدر فَأُسَكَنَاهُ في الأرض وإِنَا عَلَى ذَهَاب به 
لقادرون )01 

إن هذه الآية الكريمة تشير إلى معاني علمية عظيمة؛ تعد في حد ذاتها إعجازاً علميا 
وسبقاً قرآنياً يتجلى في عدة كلمات في الآية.( فَأُسَكَنَاهُ) وقوله:( وَإِنَا على ذَهَاب به 
لقَادرُونَ» ومن هذه الدلائل العلمية: ْ 
و5 إن لكان اننا مدن : اسهو او "فى :اند اند مدو اد لعاف :هذا لماو على ذو الأر شن 4 فى 
البحار والمحيطات والأنهارء أم غير ذلك من مسطحات مائية» وسواء تسرب هذا الماء إللى 
بان الأرطن لتكون الغياة الحزفية؛ أ نتف في أخواطن بيه تحت جبطع الأرض؟ كالتي 
توجد تحت الصحراء الغربية الليبية» والتي كشفت البحوث الحديثة عن أصلها القديم؛ وقد 
تعتري مثل التراكيب الجيولوجية فتذهب بها وبما بها من ماء إلى أمكنة أخرىء فتحيي أرض 
الصحراء الميتة إذا سيق الماء إليها ... ومن ذلك يتجلى لنا الإعجاز العلمي في قوله تعالى:( 
أَوَلَمْ يرا أنَا تسُوق الْمَاءَ إلى الأرض الْجُرز فنخرج به زعا تأكل منة أَنْعَامُهُمْ وأَنَفسُهُم 


(1) وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد عبد الله الشرقاوي ( عن مجلة هذه سبيلي مجلة علمية تصدر 
عن معهد الدعوة الإسلامية العدد الرابع - 1402 ه - 1982 م ء والقرآن والكون / محمد عبد الله 
المنزقاوي.من 86-183 أيضا + واحلؤ تاملات فق خلق البمراك والارض / اقرت قوري الجارودي 
.- ط1 -. القاهرة » دار الكتاب الحديث 1420 ه - 2000 م. 

(3) فنورة المؤمنون: آية/ 18 





228 


أفلا يُيُصرو )01 © 

وذلك مزق خلال الخوو لك اتعير لوبجية الف تحن إواحيكة في اللحمصكون يه 
مستويات الأررض متنا وراخل الباء الجر تمن ساطق إلى اراي روهةا قنة الأعجطا فس 
هذه الآية في سورة السجدة . 
ثانياً: إن لفظة (الإسكان) تعني أنه لا بد من وجود الفراغ الذي يمكن أن تستغله المياهء وفي 
حالة المياه الجوفية؛ فإن هذا الفراغ ما هو إلا المسام الموجودة بين الصضخور . 
الما :"نه لايد كن وجوه مشار رك بين 'الضهور ينان آم ينبدات اليا الجا نوز إتكياة 
حدوث الثورات الجيولوجية» أو حدوث صدوع والتواءات في قشرة الأرضء مما يؤدي إلى 
حر المياد! الجرقية في الحطلفات الضبيذوة الرسونية للح مسافاكطريلة بحر اتصيع هذه 
العياده بغائزة في الأرض* فلا يمكن للإنساك: أن يضق إليها بأقواقه أو اله مرخ :لك يخطيع اننا 
الإعجاز العلمي في قوله تعالى:7 قل أرأَيتَمْ إن أصبّحَ مَاوْكمْ عورا فَمَن يَأَتيكم بمَاءِ 
معي 76) وقوله تعالى:( أو يُصبحَ مَاوْهَا غَْرًا فَلَنْ تَستطيع لَه طُلَبَا57)14) 


المطلب الرابع: تفجير المياه من الحجارة 
قال تعالى:7 وَإِنّ من الحجارة لَمَا يتَقَجَرُ منه الْأَنْهَارُ ون منها لَمَا يَشقق فَيَخْرَجَ منة 
الْمَاغْ6©4) 

" أثبتت البحوث الجيولوجية أن الحجارة قد تتأثر وتتفاعل تحت ظروف خاصة؛ تقوم 
بعمليات من التفاعل بينها في باطن الأرض الحار جداًء ينتج عن هذا التفاعل تفجر الماء منها 
كنتيجة للتفاعل حيث يدخل في تركيبها عنصرا الأيدروجين والأكسجين» ومن حرارة التفاعل 
الهائل ينتج هذا الماء الذي يخرج من طبقات الأرض ومن بين الصخور كذلك. فتنشق 
الأرض عنه ... أو يخزن في تجاويف الأرض مع المياه الجوفية فإذا كثر الماء ولم تتسع له 


(1) سورة السجدة: آية / 27 

(2) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 84 . 

(3) سورة الملك: آية / 30 

(4) سورة الكهف: آية / 41 

(5) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 85 وانظر من دلائل الإعجاز العلمي في القرآن 
والعتة الدوية | موسي القطيب ضن 191+ 

(6) سورة البقرة: آية / 74 





2 


هذه المحاضن الجوفية بحث له عن مكان يخرج منه إما بانفجار من بين الصخور أو بالتشقق 
وتسيل المياه بشكل أضعف من الانفجار. بحيث يمكنها أن تكون الأنهار أو الينابيع (1) 

ولقد اكتشف أحد علماء جامعة كلورادو سنة 1997 وهو جوزيف سميث الذي درس 
معدن وودزبليت» وهو مكون من السليكون والماغنيسوم والأكسجينء أن هذا المعدن بالرغم 
من تواجده في درجة حرارة عالية أعلى من ألف درجة مئوية» إلا أنه ما زال يحتفظ ببعض 
الماء بهء وكذلك توجد معادن أخرى في هذا العمق تحمل الماء أيضأء ولكن كم تقفدر كمية 
الماء الموجود في هذا المعدن ؟ 

قدر الباحثون أن المعدن وودزبليت يستطيع أن يحمل ماء ما مقداره 903.3 من وزنه 
وقد تحقق سميث 1997 من ذلك وأكثر. إن هذا المعدن يتواجد بنسبة 0.5 - 0.75 (أقل 
من961) من الوشاح وحيث إنه يحتوي على ماء يقدر ب 3.3 من وزنه؛ فإن هذا الماء يقدر 
بحوالي 10 محيطات من محيطات الأرض . 

وهناك بعض العلماء ومنهم (دان مزويف) من مختبر واشنطن الجيوفيزيائي يعتقد أن 
الغلاف الصخري يحتوي على أكثر من تلك الكمية من الماء» وقد حسب فروست الماء 
الموجود في الحمم البركانية» ووجد أن بين 100 - 500 جزء من المليون لكل الغلاف 
الستحري: فاق .هذا يناري :30 محيظا من الماة؟(2) 
وجاء هذا مصدقاً إلى ما جاء في القرآن المعجز 7 وَإِنّ من الحجارة لَمَا يَتَفَجّرُ منة الأَنَهَارٌ 
وإِنَّ منها لَمَا يتشقق فَيَخْرٌجٌ منةه الْمَاْ4 إن هذه الدراسات آخر ما توصل إليه العلم الحديث 
كي 

وهناك حقائق علمية أخرى حول هذه الآية الكريمة» يتناولها إسلام الشبراوي من خلال 
علاقة الأنهار بالحجارة فيقول:" وتلاحظ أن لفظ التفجير في الآيتين " ( وَإِنَ من الحجارة لما 
يتقَجّرُ منة الأَنَهارُ» وقوله تعالى:( أو تكون لك جِنَةُ من تخيل وعتب فَتَقَجِرَ الأنَهَارَ خَانَهَا 
تفجية 014 والتقدين :التي :ون إقبان :"أيه القانية اقرب 2 ياي معيويا اللأنهان: ولكدفظا اتلك 
في الذاكرة ثم لتستعرض الحقائق العلمية التالية : 
1- ليست الأنهار كما يعتقد الكثيرون» مياهها سطحية تجري في الأودية» فوق سطح 
الأرض فقطء بل إن هناك الكثير من الأنهار أو جداولها تجري تحت سطح الأرض 
فقطء بل وتحفر الكهوفء أو تكون صدوعاً في الصخور حيث تندفع الشلالات 


(1) القرآن والمعادن / محمد عبد القادر الفقي» ( مقال مشور بالوعي الإسلامي عدد يوليو 1982 (بتصرف) ) . 
(2) تأملات في خلق السماوات والأرض / أشرف فوزي البارودي ص 127 - 128 . 
(3) سورة الإسراء: آية / 91 





230 


هايطة» وربما في بعض المناطق يجري الماء في باطن الأرضء لمثات الأميال 
بطريقة أفقية فوق طبقات الصخور الحمراء قبل أن يظهر رأسياً على السطح ثانياًء 
إذن فانبثاق النهر من باطن الأرضء وتفجّره من الصخر هو حقيقة لا مراء فيها . 

2- رأينا من التجارب القريبة أثناء بناء السدود» أنه يتحول جزء صغير من مجرى النهر 
إلى مسار آخرء لذا فإننا نحتاج إلى آلاف الأطنان من الديناميت لحفر المجرى 
البديل» مما يظهر قوة نحت الماء للصخور والتي هي بحق (تفجير للصخر) . 

3- هناك ظاهرة نهرية أخرى لم نشاهدها في مناطقنا الدافئة وهي خاصية تفجير ليس 
للكتل الصخرية فحسب بل للجبال الشاهقة بواسطة الأنهار الجليدية في الأصقاع 
الباردة» فالماء المتسرب بين طبقات الصخورء حين يتجمد فإنه يزيد حجمه ويتمدد 
بقوة هائلة» تصدع الجبال» وتحطم الصخورء ثم يسيل النهر ويجرف ما تحطم معه 
في مجراه النهري وقد فجر الجبال . 
وإن اختيار لفظ (تفجير) منسوباً للأنهار» ليس فقط اختياراً بلاغياء بل هو اختيار 

لفظي علمي دقيق يفيد ما أثبته العلم من المياه في مجاريها المختلفة مثل التحطيم والتدمير 

الهائل الذي تقوم المياه ومجاريها المختلفة به مثل الأنهار.'(1) 


المطلب الخامس: الصخور الرسوبية والطبقية 

قال تعالى:( أَنَزّل من السّمَاء مَاءَ فَسَالَت أوديّةٌ بِقدَرِها فَاحْتَلَ السّيل زَبَدَا رَابيًا)©) 
لكي تدرك الإعجاز العلمي في هذه الآية العظيمة من القرآن؛ لا بد أن تعرف هذه الأمور 
العووارتهية وشافلة ف كمل: النوان: الأ ره عنية الترسيية فحن كيين منرجان 
إحداهما النحت والأخرى الترسيب . 

لتقف رقره يتملية 1 زلةالكانه المتكرية بوطلا كلدل نياف النون ار الوزاات رفسي 
بدورها تقوم بنحت الصخور الموجودة في قاع النهر وكذلك في حوافه وجوانبه. فيحمل 
النهر معه » والرمل والحصى الصغير والكبير وبعض جلاميد الصخر الكبيرة في بداية 


جريانه وانفجاره الطويلة ويبدأ بالترسيب حسب سرعته ودرجة انحداره وكمية المياه 


(1) الجدية في المتطون العلدني: لفان المجيد / إشات الفيراري 102 : 
(2) سورة الرعد: آية / 17 





231 


الجارية فيه .( فَسَالّت أوديَة بقدرها» ويستمر النهر على هذا الحال حتى نهايته في 
البحر فيترسب ما كان عالقاً به من عوالق .'(1) 

' وإذا علمت أن ذرات الطمي والغرين العالقة في النهرء تحمل شحنة سالبة» وقاع 
النهر يحمل نفس الشحنة:» فيتنافران ويطفو الطين والغرين والعوالق علاوة على قوة 
الماء» فيظل هذا طافياً على وجه الماء ( زَبَدَا رَابِيَا4 وعندما تتلامس مع الماء المالح 
الموجب الشحنة بسبب كلوريد الصوديم تتعادل الشحنات ويترسب الطين والعوالق في 
الذهز '(0) 

' وإذا تأملت كلمة # رابِيًا4 في الآية الكريمة أدركت أنها تعني هنا تراكم 
الزبدءوتراكبه طبقة فوق طبقة في نهاية المطافء حينما يلقي السيل بحمله. ونهاية 
المطاف قد تكون مصبات الأنهار» أو تكون على طول الطريق؛ حيث يعجز السيل عن 
حمل ما علق به؛ إذ إن هذه القدرة تتناسب مع سرعة المياهء والسرعة تتعلق بالمَئْل أو 
الانحدار وكلما ازدادت سرعة المياه ازداد ما تحمله معهاء وكلما قلت السرعة؛ زاد معدل 
ترسيب المواد العالقة بالمياه» ولذلك فإنه حينما تصطدم مياه الأنهار - عند المصبات- 
بمياه البحر فإن كل المواد التي تحملها المياه معها تترسب في القاع» ومع مرور آلاف 
السنين تتراكم طبقة الرسوبيات ويظهرء ما يعرف باسم دلتا النهر» حيث تزحف الشواطئ 
على البحر . 
كل هذا نستشفه من قوله تعالى:( فَاحْتَملَ السّيل زَبَّدَا رَابيًا )60 


(1) أساسيات علم الجيولوجيا / محمد يوسف حسن وعمر حسين الشريف وعدنان باقر النقاش ص 317 - 
0 بتصرف . 

(2) انظر نظرات في الكون والقرآن / عبد الهادي ناصر ص 314 بتصرف . 

(3) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 92 نقلاً عن القرآن والمعادن محمد عبد القادر 
الفقي( مقال منشور بمجلة الوعي الإسلامي يوليو سنة 1982 م » وانظر المنظور العلمي للقرآن المجيد / 
اسلام الشبراوي ص 121 - 122 » وانظر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد السيد أرناؤوط 
ص 182 - 183 . 





2352 


المبحث الخامس: علم الجغرافيا 
المطلب الأول: تلازم السحب والمطر والرياح 
المطلب الثاني: البرد وعواصف البرق والرعد 
المطلب الثالث: دورة المطر في الطبيعة 
المطلب الرابع: المياه الجوفية 
المطلب الخامس: البرزخ الكائن بين البحار 


المطلب السادس: الظواهر البحرية (أنواع الموج والتيارات البحرية) 


المطلب السابع: تسجير البحار وتفجيرها 


2533 


المبحث الخامس: علم الجغرافيا 
المطلب الأول: تلازم السحب والمطر والرياح 
لقد لفت القرآن أنظار البشرية» إلى ظاهرة من أكثر الظواهر شيوعاًء وتكراراً في النهار 

والليل» ألا وهي ارتباط الرياح بالسحب والمطرء ارتباط السبب والمسبب؛ لما للرياح من 
علكقة قورع والسكن و المقلد» الام "ككل الكلناء يتظووون إلى هذه الخلا هه اتظر يف لفن ارين 
المتقفحصء الباحث عن سر هذه العلاقة» خاصة وأن القرآن أكثر من ذكرهاء في آيات عديدة. 
وزوز كلف تهحا خاسه و اكز ون الولف اتايظة يون مه اللو اس الكوفية بروافل قري 
متين» كقوله تعالى في محكم كتابه العزيز:( وَهو الذي يُرْسل الريّاح بُشرا بَيْنَ يَديْ رخمته 
حَنَى إذَا أَقَنَتَ سسحابًا ثقانًا سُقتاهُ لبلد مَيّت فَأَنرلََا به الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا به من كل الثَّمَرَات كدّلكَ 
نُخْرج الموتى لَعَلّكمْ تَذكرُون)01) 
وقوله تعالى:( ومن عَايّاته أن يُرْسِلَ الريّاح مبَشرات وَليُدِيقكُمْ من رحمته4!© 
وقوله تعالى: 7 اللَّهُ الذي يُرْسل الرّيَاحَ فَنْثِيرُ سَحابًا فَيَبسُطّهُ في السّمَاء كيف يَشَاءْ وَيَجِعلَهُ 
عنقا فى الاق يرج من خلاله فَإدًا صاب به من يشام من عيادهإنَا اهم 
يَستَبْشرون2 وقوله تعالى:( واللّهُ الذي أرسل الريّاح فتَثِيرُ سَحابًا شَدْقنَاهُ إلى بآَد مَيْت 
فأَحيينا به الأرْض بَعدَ مَوتها كذّلك التُشُور4) 0 
وقوله تعالى:( وَهو الذي أرسل الرّيّاح بْشرًا بَيْنَ يَدَيْ رحمته وَأَنْزلَنَا من السّمَاء مَاءَ 
طَهُورَا(48)لنخيي به بَلْدَةَ ميْنَا وَسنقيَهُ مما حَلَقنا أَنعَامَا وأتاسيّ كثيرا»71) 

4د لآنات الشريقة امقر كلاه أن الوباع قل اشح القن فشن برك ادوهي 
المظلن:ويقول الفلم,الحذية: مدى قلازه' التندي: والمظن والركاح كمااسيق أن أثبان. إلى ذلك 
القرآن الكريم. 

ولقد كان الرأي السائد أن مياه المطر إنما تأتي هكذا من السماءء ولم يكن يخطر ببال 
أحد أن الرياح هي التي تثير السحابء الذي يجود بالمطرء حتى أثبت علم الأرصاد الجوية 
أخيراً في عصر النهضة العلمية» أن الأصل في إثارة السحب ونزول المطرء هو إرسال 


(1) سورة الأعراف: آية / 57 

(2) سورة الروم: آية / 46 

(3) سورة الروم: آية / 48 

(4) سورة فاطر: آية / 9 

(5) سورة الفرقان: آية / 48 - 49 





234 


الرياح لتتجمع في مكان معين» بل إن آخر تقسيم علمي أجري لأنواع السحب والأمطارء 
عمل بحيث تطابق أوصافها طبيعة انسياب الرياح التي تثيرهاء فكانت السحب الركامية التي 
تصاحب التيارات الهوائية الرأسية . 
والسحب الطبقية التي تصاحب انسياب طبقة من الهواء بأكملها في اتجاه صاعدء ومن الأولى 
تنزل الزخات ومن الثانية يهطل المطر . 
ولقد أمن العلماء بأنه عندما تتوافر أبخرة المياه في الرياح» فإن السحاب يمطر طبيعياء ولا 
تكون هناك حاجة إلى المطر الصناعي (الذي يلجأ إليه العلماء باستمطار السحب بتلقيحها 
بنوى التكائف بطريقة صناعية» بواسطة الطائرات أو المولدات الأرضية. 
أما إذا كانت الرياح عقيماً فلا سبيل إلى إنجاح المطر الصناعي؛ وسبحان الذي قال:( 
أَهْرأَيتُمْ المَاءَ الّذي تَشربُون(68)ءأَنتُمْ أَنرلئمُوهُ من الْمّن أَمْ تذن الْمُتزئُون»1/) ومهما ازداد 
الإنسان علماء فلن يستطيع بصفة مستمرة بغير دورات الرياح العامة؛ أو تصريفها على 
الدوام حسب هواه؛ حتى باستخدام الطاقة النووية» إلا في حدود ضيقة محلية» والسر في ذلك 
أن الشمس تمد الأرض كل يوم بطاقة تعادل مئات آلاف الطاقة النووية» في حين أن الطاقة 
النووية نفسها تلوث الهواء . 

والسحاب هو الجسم المسخر لكي يجود بالمطر الذي هو أصل كل الماء العذب الذي 
تشربه» وتروى به الأرض . 

ومن الحقائق العلمية أن الرياح لا تغذي السحب ببخار الماء فحسبء بل إنها تمدها 
وتلقحها كذلك بجسيمات صغيرة مجهرية من مساحيق تمتصها مثل مسحوق ملح الطعام الذي 
يتطاير مع الرياح من البحار والمحيطات . 
وتسمى تلك الجسيمات باسم (نوى التكاثف) وهي المراد من كلمة (لواقح) التي جاءت في 
القرآن الكريم في قوله تعالى:( وَأَرْسلنَا الرّياح لواقح فَأَنَزَلنَا من السّمَاء مَاء فَأسَقيْنَاكَمُوه 
وما أَنتمْ لَهُ بخَازنين©) 


(1) سورة الواقعة: آية 8 - 69 
(2) سورة الحجر: آية / 22 





235 


فما أروع القرآن في إعجازه العلمي في الطبيعة الجوية !!1) 


المطلب الثاني: البرد وعواصف البرق والرعد 
قال تعالى:7 أَلَمْ ثَرَ أن اللّه يُْجِي سَحابًا ثُمّ يُولف بَينَهُ ثُمّ يَجعلْهُ ركَامًا فَتَرَى الوذق يَهْرْجْ 
شا يكاد سنا برقه يذهب بالأنِصار)2 ١‏ 

يقرر القرآن الكريم في بساطة علمية معجزة: أن البرد هو المسئول عن تلك الشحنات 
الكهربائية التي تسبب عواصف البرق والرعدء التي كانت في أهم ميادين البحث والتنقيب 
خلال عشرات السنين» وظهر في هذا السبيل العديد من النظريات؛ حتى انتهى العلماء إلى 
تلك الحقيقة التي قررها الحكيم الخبير» في كتابه منذ أكثر من أربعة عشر قرناًء ويقف 
الإعجاز العلمي للآية السابقة عند هذا الحد بل نجدها تربط بين البرد والبرق :6 

وعندما يَقَوَى الهواء على عزل الشحنة السالبة العلياء عن الشحنة الموجبة في أسفل؛ 
يحدث التفريغ الكهربائي على هيئة برق» وينجم عن التسخين الشديد المفاجيء»ء الذي يحدنه 
البرق في منطقة انبعاثه أن يتمدد الهواء فجأة ويتمزق محدثاً الرعد . 
وما جلجلة الرعد! إلا عملية طبيعية؛ بسبب سلسلة الانعكاسات التي تحدث من قواعد السحب» 
لصوت الرعد الأصليء وقد يحدث في بعض العواصفء أن يتكرر حدوث البرق داخل 
السحابة أربعين مرة في الدقيقة الواحدة» أما إذا حدث التفريغ الكهربائي بين السحابة وأي 
جسم مرتفع عن سطح الأرض فإنه يسمى صاعقة . 
وعندما صورت بالرادار وجد أن السحابة الركامية الواحدة تبدأ بنتف صغيرة تظهر في 
السماء؛ ثم تتحد كل خليتين أو أكثر مع بعضها البعض؛ لتكون الخلية الكبيرة التي سرعان ما 


(1)انظر الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 108 - 111 » وانظر المنظور العلمي للقران 
المجيد / إسلام الشبراوي ص 99 ؛ ونظرات في الكون والقرآن / عبد الهادي ناصر ص 412 » 
ومعجزة القرآن / نعمت صدقي ص48 ٠‏ والإعجاز العلمي في القرآن / السيد الجميلي ص45 » 
والإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد السيد أرناؤوط ص260 » والكون والتكوين في آيات الكتاب 
المبين / محمد محمود عبد الله ص66 » ومن دلائل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية / 
موسى الخطيب ص 192 - 193 »كتاب توحيد الخالق / عبد المجيد عزيز الزنداني 1 / 94  .‏ طآ1 
. مصر دار السلام» ودار المجتمع جدة» 1405ه - 1985 م. تحدث هؤلاء جميعاً في الموضوع 
ولكن بين مختصر ومتوسع حسب تخصصاتهم العلمية فهناك تفاوت بينهم . 

(8) سور قور أيه قة 

(3) البرق علميا: هو انفصال الشحنات الكهربائية داخل السحبء القرآن والعلم / جمال الدين الففديء عن 
الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 111 . 





236 


تصبح كالجبل الشامخ» وينزل منها المطرء ومن روائع إعجاز القرآن في هذا الشأن تلك الآية 
التي نحن بصدرها . 

وقد دلت التجارب العلمية الحديثة» على أن المكونات الثلجية عندما تنمو أو تنصهرء تكتتسب 
شحنات كهربائية» كما تشير الآية السابقة في إيجاز رائع إلى ما يعانيه الطيار من أخطار في 
حالات عواصف الرعدء لا سيما في المناطق الحارة الرطبة» حيث تبلغ ومضات البرق في 
الدقيقة الواحدة أربعين ومضة أو شرارة هائلة» فيصيبه فقد البصر. ولا يقوى على الاستمرار 
في قيادة طائرته.(!) ولم يكن الرسول يم يملك التلسكوب ومحطات الأرصاد الجوية لكنه 
الوحي الصادق من عند الله خالق الكون ومدبره فسبحان الله العظيم . 


المطلب الثالث:دورة المطر في الطبيعة 

قال تبارك وتعالى:/ وَالسَّمَاء ذات الرّجع(11)وَالأرْض ذات الصّدع»01) 

الله سبحانه وتعالى يريد أن يذكرنا هنا بحقيقة علمية هامة» اكتشفها العلم الحديث؛ بعد نزول 
القرآن بعدة قرون» وهي أن مياه البحار تتبخرء ثم بعد ذلك تصعد إلى السماء» فتصبح سحاباًء 
ثم تعود إلى الأرض مرة أخرى على شكل مطر؛ أي أن السماء ترجع الماء إلى الأرضء» 
ومرة أخرى تتم الدورة» وتتبخر مياه البحار والمحيطات وينشأ السحابء ثم يعود الماء؛ أي 
أن الماء الذي يترك الأرض يعود مرة أخرىء وانظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله تعالى: 
وَالسّمَاء ذات الرّخْع4 أي السماء ذات المطرء هكذا تفهم لمن لا يعلم عملية البخر التي تتم؛ 
فإذا عرفنا الحقيقة العلمية» تكون الآية أدق في المعنى وأشملء ثم يقول س بحانه: (وَالأرُض 
ذات الصع »4 أي الأرض التي تتشقق ليخرج منها الزرع؛ وهذه أيضاً تتكرر في كل دورة 


زراعية» كل شيء يأتي ويعودء هذه هي قوانين الله في الأرض . 


(1) انظر الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 111 - 112 » وانظر نظرات في الكون 
والقرآن / عبد الهادي ناصر ص 413 » وانظر من دلائل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة 
النبوية / موسى الخطيب ص 167 » وانظر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد السيد أرناؤوط 
ص 261 » وانظر تأملات في خلق السموات والأرض / أشرف فوزي البارودي ص 138» وانظر 
وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد عبد الله الشرقاوي 180 - 153 (مقال منشور في مجلة هذه 
سبيلي العدد الرابع - 1404 ه - 1982 م وزارة التعليم العالي السعودية. جامعة الإمام محمد بن 
سعود الإسلامية وانظر إشارات علمية في القرآن الكريم محمد التائب ص 265 ( مقال منشور في مجلة 
كلية الدعوة الإسلامية (محكمة) العدد العاشر 1412 ه - 1993م الجماهيرية الليبية الشعبية 
الإشتراكية العظمى . طرابلس ص 63 . 

(2) سورة الطارق: آية / 11 -12 





250 


ويقرر العلم الحديث أن الإشعاع الحراري للشمس يثير تبخر الماء في المحيطات وجميع 
التميظتهات: الباندة قتصاعد. .مقتنا ينكاف ' الماء؟تدو الهو #ونتكل نكا عن رودق كات 
عندئة تشدخل الزياء لتؤدئ دؤرها في شل الننسب ينعد اتفعيلها إلى مسافات متتواضة سه 
تختفي السحب دون أن تعطي مطرأء كما يمكن أن تلتقي كتل السحاب مع كتل أخرى لتعطي 
بذلك سحباً ذات كثافة كبرى» وقد تتجزأ لتعطي مطراً في مرحلة من تطورهاء وسرعان ما 
تتم الدورة بوصول المطر إلى البحار . 

أما المطر الذي يصل إلى الأرضء فقد يمتص جزئياً بواسطة النباتات مسهماً بذلك في نموهاء 
وهذه بدورها تقوم من خلال ترشحها بإعطاء جزء من الماء إلى الجوء أما الجزء الآخر فإنه 
يتسلل بمقدار قد يقل أو يكثر إلى التربة ليتجه نحو المحيطات عبر مجاري الماءء أو قد 
يتسرب في التربة ليعود عن طريق الينابيع؛ أو الأماكن الأخرى التي يخرج منها الماء إلى 
السطح.'(1) 

" وبمقارنة معطيات علم الهيدرولوجيا الحديث ٠‏ بتلك التي نجدها في كثير من الآيات القرآنية 
المذكورة في هذا الصددء نلاحظ توافقاً رائعاً بين الاثنين ."2) 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 121 - 122 » انظر الآيات الكونية والعلوم 
الحديثة / عبد المنعم محمد الشرقاوي ص  .100‏ ط1 - . القاهرة » دار الزهراء للنشر » 1418 هل 
- 1997 م ء وانظر الجديد في المنظور العلمي للقرآن المجيد / إسلام الشبراوي ص 115 » ومعجزة 
القرآن / نعمت صدقي ص 46 . وانظر وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد رشاد الطوبي ص 21 - 
4 . - ط2-. دار المعارف سلسلة اقرأ رقم 507 ٠‏ 1992م » والإعجاز العلمي في القرآن الكريم 
والسنة النبوية / موسى الخطيب ص191 ؛ والكون والإعجاز العلمي للقرآن / منصور محمد حسب النبي 
ص 177 -178 » ومن آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / زغلول راغب النجّار ( مقال في مجلة 
القافلة رمضان 1412 ه مارس إبريل 1992 م .ء العدد التاسع - المجلد الأربنعون . تصدر عن 
شركة أرامكو السعودية . 

(2) القرآن والتوراة والإنجيل والعلم / موريس بوكاي ص 178 . 





238 


المطلب الرابع:المياه الجوفية 
قال تعالى:( وَأَنْرَلْنَا من السّمّاء مَاءَ بقدر فَأَسَكَنَاهُ في الأرْض وإنَا على ذهَاب به 
لقادرون»1) 

تفيد العلوم الحديثة والكشوفات العلمية أن المياه الجوفية ناشئة من المياه السطحية 
الآتية من المطرء وأنها تتسرب إلى باطن الأرض فتحفظ هناك. ودليل ذلك أنه كلما كانت 
نسبة الأمطار أكثرء كلما زاد هذا الماء في مكامن تحت سطح الأرضء يسكن فيها هذا الماء 
9فَأُسكنَاهُ في الأَرض» ومن هنا يتضح للذين كانوا يظنون أن الماء الجوفي - وإلى وقت 
قريب- لا علاقة له بماء المطرء والمياه السطحية ولكن هذا هو القرآن يقرر هذه الحقيقة منذ 
أربعة عشر قرنا من الزمن") وقد سبق التوسع في هذا الموضوع في هذا الفصل مبحث علم 
الجيولوجياء 'المطلب الثالث: النفائية #فعليقا على نفدن الآية: 


المطلب الخامس: البرزخ الكائن بين البحار 
لم يخل كتاب تحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم» إلا تطرق إلى هذا الموضوع إما 
بالتفصيل أو بالاختصارء أو حتى بالإشارة لما لهذه الظاهرة من شهرة في الأوساط العلمية 
والقرآنية» بعد أن اكتشف العلماء الكثير حول هذه الظاهرة:؛ بين الأتهار والبحار أو بين 
البحار المالحة بعضها مع بعضء حيث ورد ذلك في القرآن في آيتين كريمتين: الأولى 
تحدثت عن الماء العذب والملح الأجاجء والثانية عن البحرين المالحين . 
قال تعالى:( وَهُو الذي مرج الْبَحرَيْن هذا عدب فرات وَهذَا ملح أَجَاجْ وجعل بَيْنَهُمَا بَرَْحَا 
وحجرًا مَحْجُورَا0/6 
وقال تعالى:( مَرَج البَحريْن يَلتَقِيَان19)بَينَهُمَا بَرَحْ لا يَبْغيَانِ12) 
وقال تعالى:( وما يسوي البَخران هذا عَذبْ فرات سائغ شرَابُهُ وَهذَا ملخ أجَاج572) 

إن اليد التي تدبر هذا الكون» مرجت البحرين؛ وجعلت بينهما برزخاً وحاجزاً من 
طبيعتهماء ومن طبيعة هذا التناسق» الذي تجري مقاديره بيد الصانع الحكيم؛ الذي ترك 
البحرين» الفرات العذبء والملح الأجاج يجريان ويلتقيان» فلا يختلطان ولا يمتزجانء إنما 


(1) سورة المؤمنون: آية / 18 
(3) انطن الأعجان العلتى فى "الاسام كد عند اليد صن 129+ 
(3) سورة الفرقان: آية / 53 

(4) سورة الرحمن: آية / 19 - 20 

(5) سورة فاطر: آية / 12 





239 


يكون بينهما برزخءفمجاري الأنهار غالبا أعلى من سطح البحر ءولا يقع العكس إلا شذوذاء 
حيث ثبت علمياً أن مياه الأنهار التي تصب في المحيطاتء كثافتها أقل من كثافة المياه 
التلهية فتلل بسابهة فوق المواء :المناتحة “قل نختاط ووا:ديهذا التقديز ' الدقرق لا يطغي البحو 
وهو أضخم وأغزر على النهر الذي منه الحياة للناس ولجميع الكائنات الحية . 

من عجائب قدرة الله تعالى أنه جعل ماء النهر»؛ لا يؤثر في ماء البحرء فيغير 
ملوحته؛ كما لا يؤثر ماء البحر في ماء النهر . 
وتدل المشاهدات الواقعية على أن مياه نهر الأمزونء الذي يصب في المحيط الأطلنطي تندفع 
مسافة 200 ميل في المحيط؛ حافظة لعذوبتها طول هذه المسافة» وفي الخليج العربي نجد 
عيونا من الماء العذب» تفيض داخل مياه الخليج الملح بماء عذب . 

وقد روعي في نواميس هذا الكونء ألا تطغى مياه المحيطات المالحة على الأنهارء 
ولا على اليابسة» حتى في حالات المد والجزر التي تحدث من جاذبية القمر» للماء الذي على 
سطح الأرضء ويرتفع بها الماء ارتفاعاً عظيماء قد يصل إلى ستين قدمأ في بعض الأماكن؛ 
بل إن قشرة الأرض تنحني مرتين نحو الخارج؛ مسافة عدة بوصات بسبب جاذبية القمرء 
ويبدو لنا كل شيء منتظماء لدرجة أننا لا ندرك القوة الهائلة» التي ترفع مساحة المحيط كلها 
عدة أقدام» وتنحني أمامها قشرة الأرضء التي تبدو لنا صلبة للغاية.'(1) 

" وجاء في تقرير لبعثة علمية مشتركة بين الجامعة المصرية (جامعة القاهرة) 
وجامعة أونبرة الإنجليزية» لدراسة أعماق البحر والمحيط الهندي جنوب عدن . 

وجدت البعثة أن المياه في خليج العقبة:؛ تختلف خواصها وتراكيبها الطبيعية 
والكيماوية عن المياه في البحر الأحمر (كلاهما ماء ملح) . 

واستطاعت البعثة بواسطة قياس الأعماقء إيجاد حاجز مغمور عند مجمع البحرين:» 
يبلغ ارتفاعه أكثر من ألف مترء ويمائل ذلك ما وصلت إليه السفينة (مباحث) في رحلتها 
الأولى في المحيط الهندي والبحر الأحمرء إذ حققت وجود حاجز مغمور بين البحرين؛» 


(1) الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد عبد الصمد ص 123 - 124 » وانظر الإسلام يتحدى / وحيد 
الدين خان ؛ تعريب ظفر الإسلام خان؛ مراجعة وتحقيق عبد الصبور شاهين .- ط2 - . بيروت ء دار 
البحوث العلمية 1393 ه 1973 م؛ وانظر مظاهر كونية في معالم قرآنية / محمد محمود عبد الله ص 
8 . وانظر الإعجاز العلمي في القرآن / السيد الجميلي ص 26 ٠‏ والجديد في المنظور العلمي للقرآن 
المجيد / إسلام الشبراوي ص 124 ٠‏ وانظر الكون والإعجاز العلمي للقرآن / منصور محمد حسب- -النبي 
ص 177 » وانظر من دلائل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية / موسى الخطيب ص 219 » 
وانظر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد السيد أرناؤوط ص 273 . 





210 


وأثبتت بالمشاهدة والتحليل الكيماوي والطبيعي أن مياه المحيط الهندي تختلف في خواصها 
الطبيعية والكيماوية عن مياه البحر الأحمر (1) 

ع هذا السيق::الطلمي الق اف يريد المسلم: إإنانا باللا بويكقابه القزور :ومدق ينبو رسنطولنا 
العظيمكيٌ. وبالمناسبة والحديث عن البحار فإن هناك معجزتان قرآنيتان يجدر بنا أن نذكرهما 
هنا: في قوله تعالى:( ولَهُ الجوار المُنشآت في البَخر كالأغلام2©) 

الأولى: تظهر من خلال وصف السفن بالجبال ولا يظهر التشبيه على جماله وتمامه إلا من 
خلال رؤية السفن في العصور المتأخرة» وإلا فالسفن القديمة - وخاصة المعروفة للعرب - 
لم تكن بهذا الحجم الذي تشبه فيه الجبال . 

والمعجزة الثانية: أنه في عصرنا عرف أن للجبال جذراً وتدياً يعدل ضعفي ما يظهر من 
الجبال فوق سطح الأرضء ومن المعروف أن غاطس السفينة يعدل ضعفي ما يظهر على 
سطح البحر من مجموع جسمهاء فتشبيه السفن بالأعلام ما كان بمثل هذه الدقة لولا أن القرآن 


فزخ عنة الك 31 


المطلب السادس:من الظواهر البحرية (أنواع الموج والتيارات 
البحرية) 


قال تعالى:7 أو كظلمات في بَحرٍ لَجِي يَعْشَاهُ مَوْج من فوقه مج من قوؤقه سَحَاب ظلمَات 
بَعْضَهَا قوق بَعْض إِذَا أخْرج يَدَهُ لم يكذ يَرَاهَا ومن لَمْ يَجْعَل اللَّهُ لَهُ نورًا فَمَا لَهُ من نور »4) 

"تينع هدك الاية أهم كلوامق عواصف البحر وأمواجه؛ فمن المعروف أن العاعضيفة 
تخرج منها أمواج مختلفة الارتفاع أو السعة أو الصفات عموماء يلاحق بعضها بعضاء فييدو 
الموج منطلقاً بعضه فوق بعضء فيحجب ضياء الشمسء أو أية إضاءة أخرى؛ لما تثيره هذه 
العوؤاضف :من سحب ركامية سعيكة يخيم:معها الظلامء فى سلسلة امن عمليات الإعتحام التي 
تصل إلى حد انعدام رؤية الأجسام . 

وجدير بالذكر أن الرسول ود كانت نشأته في البادية حيث قضي طول حياته في 
الصحراء بعيداً عن البيئة البحرية» فضلاً عن أنه لم يكن قد سافر قط عبر تلك المحيطات؛: 


(1) وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد عبد اللع الشرقاوي ص 177 ( مقال عن مجلة هذه سييلي - 
العدد الرابع -1402 ه - 1982 م جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . 

(2) سورة الرحمن: آية / 24 

(3) الأساس في التفسير / سعيد حوى 10 / 5665 . 

(4) سورة النور: آية / 40 





241 


حتى يذكر مثل هذا الوصف الدقيق» مما يثبت قطعاً أنه من وحي الخالق العظيمء الذي يتجلى 
فيه الإعجاز العلمي الدقيق . 

ونخلص من ذلك كله إلى أن هذه الآيات الكريمة تشير لبعض الحقائق العلمية التي لم يكتشفها 
العلم إلا مؤخراء وهي بذلك تضيف معجزة أخرى لمعجزات القرآن الكريم وما أكثرهاء فقال 
عن البحار والأمواج أنه توجد ثلاثة أنواع من الأمواج: 

*» سطحية وتنشأ بدفع الرياح والأمواج . 

* أمواج المد والجزر نتيجة جاذبية القمر . 

* أمواج تحدث في الأعماق السحيقة من المحيطات» وهي أمواج عاتية وتسير بسرعة 
كسرعة الطائرات» وتنتج من حركة زلزالية في قاع المحيطات أو انهيار كتل من جوانب 
المحيط» وقد لا يحس بها راكب السفينة في عرض البحرء ولكنها تكون مدمرة قرب الساحل» 
وهذا ما حدث في بعض البلاد وما أثبته العلم الحديث». وهو ما أشار إليه القرآن الكريمء 
ومهما وصل العلم من اكتشاف أسرار من أسرار البحار وأعاجيبه وغوامضه: يظل قليلاآً 
ونزراً. ويبقى البحر عالم يعج بالأسرار والعلوم» التي تحتاج من الإنسان إلى السنين كي 
يتعرف على بعضها . 

والأغرب من الأنهار العذبة التي تجري في عرض البحر لا تختلط به أن هناك 
أنهاراً في عمق البحار تجري بشكل يعاكس التيارات التي تسير فوقهاء وهذا ما وجد بالقرب 
من جبل طارق بالتقاء البحر المتوسط مع المحيط الأطلنطيء ففي أيام الشتاء ونتيجة لزيادة 
معدل تبخر الماء من المتوسط نسبة إلى ما يتبخر من الأطلنطيء فإن المياه البحرية ذات 
الملوحة العالية تفور إلى أعماق البحرء وتؤلف تياراً يندفع باتجاه المحيط» ويشاهد أثشر هذا 
النهر العميق وسط المحيط الأطلنطي إلى البحر المتوسطهء مؤلفاً تياراً علوياً فوق التيار 
السابق» ومعاكساً له في الاتجاهء هكذا أكدت المشاهدات العلمية ما سبق أن أشار إليه القرآن 
الكريم.'(1) 


وانظر توحيد الخالق / عبد المجيد عزيز الزنداني 
3 48-47. 





20102 


المطلب السابع: تسجير البحار وتفجيرها 
قال تعالى:( وإِذَا البحَارٌ فُجّرّت)11) 
وقال تعالى:( وَإذَا البحَارٌ سُجّرّت24) 

" وأما تسجير البحار فقد يكون معناه ملؤها بالمياهء وإما أن تجيئها هذه المياهدومع 
فيضانات» كالتي يقال إنها صاحبت مولد الأرض وبرودتها ... وإما بالزلازل والبراكين التي 
تزيل الحواجز بين البحار فيتدفق بعضها على بعضء وإما أن يكون معناه التهابها وانفجارها 
كما قال في موضع آخر ( وإذَا البحَارٌ فُجّرت4 فتفجير عناصرها وانفصال الأيدروجين عن 
الأكسوجين فيها. أو تفجير ذراتها على نحو ما يقع في تفجير الذرة» وهو أشد هولاً.. أو على 
نحو آخرء وحين يقع هذا فإن نيرانها هائلة» لا يتصور مداهاء تنطلق من البحار فإن تفجير 
قدر محدود من الذرات في القنبلة الذرية أو الهيدروجينية يحدث هذا الهول الذي عرفته الدنيا 
؛فإذا انفجرت ذرات البحار على هذا النحو أو نحو آخرء فإن الإدراك البشري يعجز عن 
تصور هذا الهول؛ وتصور جهنم الهائلة التي تنطلق من هذه البحار الواسعة !!! () 
ومتى يتضح هذا الأمر أكثر وبصورة جلية» فلا بد أن نعرف هذه النظرة العلمية؛ لمعنى 
الآيتين العظيمتين . 

" وماذا يحدث لو أن هذا المسطح المائي الرهيبء. والذي يلطف مناخ الكرة الأرضية 
الآن قد أوقد ناراً ؟ وماذا سيحدث لمناخ الأرض ؟ ولا زلت أذكر أيضاً أن ماء البحر يحتوي 
على 9696.5 من حجمه ماءء وهو خليط من غازين شديدي الاشتعال رهيبين هما: 
الأكسوجين والأيدروجين في صورة اتحاد كيماويء ماذا لو تفكك هذا الاتحاد وأي تسجير 
وأي تفجير سينشأ عنه ؟ 
وبخلاف الفكرة الرهيبة عن تفجير البحر يوم القيامة» الذي قد يحدث بنفس الطريقة. التي 
أوردناها في التسجير (أي فك الاتحاد الكيماوي) فما رأيكم بأن أفظع الانفجارات البركانية» 
إنما تحدث تحت سطح البحر وما رأيكم في اختيار الكثير من الدول لقاع البحر لإجراء 
تفجيراتهم النووية . 

وهنا خاطرة تأملية أخرى تجرني إليها الآيتان السابقتان في وصفهما لكيفية إشعال 
البحر ومائه»وأعني التسجير والتفجيرء وأعود فأذكر أن الماء هو خليط من غازي الأكسجين 


(1) سورة الإنفطار: آية / 3 
(2) سورة التكوير: آية / 6 
(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 8 / 478 » وانظر الأساس في التفسير / سعيد حوى 11 / 6398 . 





203 


والأيدروجين في صورة متحدة كيماوياء والأكسجين غاز يساعد على الاشتعال» ولا ينفجر» أو 
يشتعل هو ذاته» إذن فهو غاز مسجرٌ (أي مساعد على الاشتعال) وليس متفجراً على العكس 
من الأيدروجين الذي هو غاز متفجر بذاته لكنه لا يساعد على الاشتعال مثل الأكسجينء أي 
هو غاز متفجر غير مسجر . 

فالوصفان اللذان أتى بهما القرآن لوصف التفجير بماء البحر عن طريق فك الاتحاد 
الكيماوي للماء يوم القيامة» هما الوصف الكيماوي الدقيق لخواص الغازين المكونين للماء: 
فأحدهما مسجر وهو الأكسجينء والآخر مفجر وهو الأيدروجين» فهي حقاً ألفاظ دقيقة وجميلة 
تستدعي التأمل .'(1) 
إنه لمن دواعي الإجلال والإكبارء والتعظيم لهذا الإعجاز القرآني» في هذه الآيات التي كشف 
مكنونها العلمي الحديث» بعد ما يزيد عن أربعة عشر قرناً من الزمان» بعدما وهب الله العلم 
لهذه البشرية» بفضله ومنه عليهم» حتى توصلوا للذي لم يتوصل إليه السلف الصالح» من 
المفسرين والعلماء المسلمين؛ لإمكانياتهم المحدودة» وإنه والله ليس بقصور في عقولهم: 
وإبداعاتهم العلمية» في ذلك الزمانء أقول: ذلك وفاءً لحقهم عليناء في هذا الزمان» ولخدمتهم 
لكتاب اللهء وحتى لا يظن أحة أن ذلك كان قصوراً فيهم . 


(1) الجديد في المنظور العلمي للقرآن المجيد / إسلام الشبراوي 129 . 





244 
الفصل الخامس: الماء في المثل القرآني 

المبحث الأول: لا حد لكمات الله ولا نهاية 

المبحث الثاني: حال المنافقين 

المبحث الثالث: الحق والباطل 

المبحث الرابع: قسوة قلوب بني إسرائيل 

المبحث الخامس: أعمال الكفار كسراب 

المبحث السادس: دعوة الحق ودعوة الباطل 

المبحث السابع: المرائي المان بصدقته 

المبحث الثامن: المؤمن المنفق في سبيل الله 

المبحث التاسع: مثل الحياة الدنيا 


المبحث العاشر: أمثال من السنة في الماء 


215 


المدخل: 

ولاه الكوويق: والمكل الكة و اضنظاظها واقر انا 
ثانيا: أغراض المثل المائي في القرآن 

اننا خمياضي الفا الماك فى: الفر ان 


أولا: التعريف بالمثل 

6 01 
هذاه أى اتظير ف واالمكل؟ المكله الحضاء كس شمف و المظل المضروني ساخواة مخ هذ أنه 
يذكر مورىّ به عن مثله في المعنى.'(1) 

'ومثل: بفتح الميم والمثلثة: لها أربعة معان الشبيه والنظير ومن المثل المضروب وأصله من 
التشبياة مال الشى 2 حاله وضيففة :و اليل الكاام: اذى “يتمتل و«ومتل الى تكتسس المسيد 
شبه. "60 

والمثل:'ما يضرب به من الأمثال ومثل الشيء أيضاً صفته والجمع أمثلة ومثل.'(6) 

'ومثل أصل المثول الانتصابء والمُمَثّل المصور على مثال غيره ... والمثل عبارة عن قول 
في شيء يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره.) 

وأقان الزاعي ليها أن المقل يقال على وجهين أحدهما الوصف والثاني المشابهة لغيره في 
معنى من المعاني.(5) 

ونخلص من هذا إلى أن المثل في اللغة على وجوه منها المناظرة والشخوص والانتصاب 
والوصف والمشابهة. وكلها متقاربة في معناها فبينها عموم وخصوص ... 


(1) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 974 ٠‏ وانظر المفردات / للراغب الأصفهاني ص 482 » 
وانظر أيضاً / التوقيف على مهمات التعاريف / المنادي ص 636 . 

(2) التسهيل / لابن جزي الكلبي 1 / 27 . 

(3) الصحاح/ للجوهري 1816/5 » وانظر أيضاً تاج العروس للزبيدي 8 / 110 . 

(4) المفردات/ الراغب الأصفهاني ص 482 . 

(5) انظر المصدر نفسه ص 484 . 





246 


ب- المثل في الاصطلاح 

يقول صاحب الأكسير في علم التفسير(!) ':الأمثال هي جمع مثل وهو:قول وجيز 
ينطق به عند وقوع سبب أو حادثة» فيصير كالعلاقة» أو الشاهد على ما في معناه(©) 

المثل مأخوذ من المثال» وهو قول سائر يشبه به حال الثاني بالأول والأصل فيه 
التشبيه وحقيقة المثل ما جعل كالعلم للتشبيه بحال الأول.() 
وقال الرازي" المثل: هو تشبيه سائر!4) 

" المثل جملة من القول» مقتضبة من أصلها أو مرسلة بذاتهاء تتسم بالقبول وتشتهر 
بالتداول» فتنقل عمن وردت فيه إلى كل ما يصح قصده بهاء من غير تغيير يلحقها" (5 
ج- معنى المثل في القرآن 
يطلق المثل في القرآن ويراد به عدة وجوه نلخصها فيما يلي: 
أحدهما: يرد المثل في القرآن لتشبيه شيء بشيء آخر لوجود عنصر تشابه أو تمائل بينهمما 
أو أكثر. 
مثال ذلك قوله تعالى: 7 مَتَلَهُمْ كَثَل الذي امنتواقد نَارًا...614) 
ثانيهما:كلمة المثل يراد بها النموذج من أفراد متعددة. مثال ذلك قوله تعالى:( ضَرب ب 
متلا للَذينَ كقروا امرأة نوح وَامْرأة لوط ...وضرب اللَّهُ مَثَلاَ للَذِينَ آمَنُوا امرأة فرّعون»77) 
ثالثها: إطلاق كلمة المثل بمعنى الوصف.مثال: (مثل الْجِنّة التي وعد المُتَقُونَ تَجْري من 
تحتهًا الأنهار'...)/8) (” 


(1) الطوفي/ هو سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الصرصري البغدادي» ولد سنة 6157ه بقرية 
طوفي من أعمال صرصر بالعراق. كان فقيهاًء شاعراًء أديباًء فاضلاً » مشاركاً في الأصول وقراءة 
الحديث. بغية الوعاة للسيوطي 599/1 . 

2 الأكسير في علم التفسير/ للطوفي ص 86 . 

3) مجمع الأمثال / للميداني 6/1 - 5 . 

4) نهاية الإيجاز في دراسة الإعجاز / للرازي ص160 . 

5) المزهر في علوم الغة وأنواعها / السيوطي 286/1 . 

6) سورة البقرة: آية / 20-17 

7) سورة التحريم: آية / 11-10 

8 سورة الرعد: آية / 35 

9 أمثال القرآن / لعبد الرحمن حسن حبنكة الميداني ص 19- 42 باختصار شديد . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 





217 


وقال الإمام الدامغاني: في'قاموس القرآن" 'مثل على أربعة أوجه: السنن - العبرة - 
الصفة -العذاب 'ومثل لها !!). وهذا لا يسلم له لأنه من قبيل التجوز في تحميل ألفاظ القرآن 
المعاني الكثيرة فهي ليست من قبيل الجزم بها. وذكر السيوطي عن علي بن أبي طالب 
رضي الله عنه أنه قال:'ولكن القرآن حمّال ذو وجوه."©) 
ثانياً: أغراض المثل بالماء في القرآن خاصة 
إن الآيات التي ذكر الماء فيها على سبيل المثل لا تخرج عن كونها آيات ولها 
أغراض المثل القرآني عامة. ولكن هناك خصوصيّة لهذه الأمثال» وذلك من خلال ذكر الماء 
بصوره المتعددة في ثنايا هذه الأمثال. نذكر منها. 
1 -جاءت للدلالة على عظمة الله و قدسيته وعلمه وسعة دلالة كلماته. 
2-قربت صورة الغائب بالمشاهدة الحسية من خلال التصوير التمثيلي الرائع. 
3-الدعوة لا تباع الحق ومحاربة الباطل واضمحلاله. 
4-نفرت من الانكباب على الدنيا وصوّرتها باللعب واللهو والتفاهة والتحقق من 
مقامها. 
5-جسدت الأجر والثواب من خلال مضاعفة الأجر على أعمال البر والإحسان 
والإنفاق في سبيل الله. 
6-حاربت الدعوات الهدامة والضالة. 
7-بيّنت حقيقة أعمال الكفار في الآخرة. 
8-استخدام الظواهر الطبيعية في المثل للفت النظر إليها من برق وسحاب ورعد 
وأنهار وبحار وأودية. 

ثالثاً: خصائص المثل المائي في القرآن خاصة 

لا تتفصل خصائص المثل المائي في القرآن عن الخصائص العامة للمثل القرآني فقد 
ذكر الميداني خمس خصائص في آية ضربت مثلاً كان الماء عنصراً رئيساً فيها وهي قوله 
تعالى: (أو عَظَلمَات في بحر لَجِيْ يَغْشَاُ مج من فوقه مج من فؤقه سحاب ظلْمَاتَ بَعْضْهَا 
فوق بَعْض إذا درج يَدَهُ 0 يكذ يرَاهَا7/4, وهذه الخصائص هي: 

1. صدق المماثلة بين المثل والممثل له. 
2. البناء على المثل والحكم عليه كأنه عين الممثل له. 


(1) قاموس القرآن / للدمغاني ص 428 - 429 .. 
(2) الإتقان في علوم القرآن / للسيوطي 2 / 122 . 
(3) سورة النور: آية / 40 





218 


3. دقة التصوير برفع العناصر المهمة من الصورة التمثيلية وإبرازها. 

4. التصوير المتحرك الحي الذي يبرز فيه المشاعر النفسية. 

5. حذف مقاطع يستطيع الذكي أن يستوعبها ويتخيلها بذكائه. إلى غير ذلك من 

امون كديا المقاماة. العف .ا 

ونضيف إلى ما سبق ذكره الآتي: 

* قد يأتي الماء جزءاً من الصورة في المثل» وقد يذكر فيكون هو محور المثل أو يكون 
سببأ في المثل. 
* هناك مطابقة من خلال صفات الماء أو أي صورة من صوره لما يضرب به المثل وبدون 
ذكر الماء لا تتضح الصورة. 
من خلال ما سبق نجد أن الماء في المثل القرآني كان له خصوصية مع مشاركته الأمثال 
القرآنية في الخصائص العامة. 
وقد سميت هذا الفصل: الماء في المثل القرآني ولم أسمه المثل المائي في القرآن وذلك 
لحصر كل الأمثال التي يوجد فيها ذكر الماء بأي صورة كانت من باب الاستقصاء وعدم 
إهمالة أى ملل ذكن! الماء فيه" | كان احز ءا امن :سدوز كه السك جما: 
ومن خلال المثال يتضح المقال في المباحث التالية لهذا المدخل القصير لهذا الفصل . 


(1) أمثال القرآن / الميداني ص 134 . 





المبحث الأول: لا حد لكلمات الله ولا نهاية 


'إنّ علم الله يحيط بكل شيء ولا تحده حدود ولا تبلغ نهايته» والبشر علمهم محدود 
ونهايته قريبة.'7!(ولا يُحيطون بشيْء من علمه إلا بما شاء»04) 
'ولقد يدرك البشر الغرور بما يكشفونه من أسرار في أنفسهم وفي الآفاق فتأخذهم نشوة الظفر 
العلمي فيحسبون أنهم علموا كل شيء أو أنهم في الطريق . 
ولكن المجهول يواجههم بآفاقه المترامية التي لا حد لها » فإذا هم ما يزالون على خطوات من 
الشاطىء؛ والخضم أمامهم أبعد من الأفق الذي تدركه الأبصار إن ما يطيق الإنسان تلقيه 
وتسجيله من علم الله ضئيل قليل » لأنه يمثل نسبة المحدود إلى غير المحدود . 

فليعلم الإنسان ما يعلم » وليكشف من أسرار هذا الوجود ما يكشف ولكن ليطامن من 
غروره العلمي» فسيظل أقصى ما يبلغه علمه أن يكون البحر مداداً في يده وسينفد البحر 
وكلمات الله لاتنفد» ولو أمده الله ببحر مثله فسينتهي من بين يديه وكلمات الله ليست إلى 
تفاد "(06 

ويقرب الله تعالى للإنسان هذا التصور بمثال واضح جلي في آيتين من كتاب الله : 
الأولى:في سورة الكهف والثانية :في سورة لقمان؛ يضريهما الله مثلاً لسعة علمه وقصور 
علم الإنسان على طريقة القرآن في التعبير بالتصوير. 

'ويقرب إلى حسهم معانيه الكبرى بوضعها في صور ومشاهد ومحسوسات ذات 
مفوساكة رخص اتن « أشكاق على سفاقك هذا امكل ا 
النص الكريم للاية: 

قال تعالى: (قُل لَو كان الْبَحْرٌ مدادًا لكلمات رَبّي لتفد الْبَحرُ قَبْلَ أن تنقد كلمَات رَبّي 
ولو جننا بمثله مَدَدَ7761) 
هذه الآية قبل الأخيرة يختم الله بها سورة الكهف المكية التى رد الله بها نهاية السورة لبدايتها 
وقد جعلها محوراً رئيساً من محاور هذه السورة المتعددة حيث ابتدأت السورة الحديث بذكر 
القرآن وما به من أفانين الإرشاد والهداية والإنذار والوعيد . 


(1) في ظلال القرآن/ سيد قطب 418/5 . 
(2) سورة البقرة: آية / 255 

(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 5 /418 . 
(4) المصدر السابق 418/5 . 

(5) سورة الكهف: آية / 109 





220 


وكأنه يقول: كل ما في هذه السورة من عبر وعظات وقصص وأخبار عن الأمم 
السابقة وما خفي من أحوالها وما سألتم عنه من أمور تظنون أنكم معجزون بها رسولنا يل 
فإن علم الله أعظم وأكبر من أن يُحَد أو ينتهي أو ينفد. واستأنف الله بهذه الآية منتقلاً بالتنويه 
إلى علمه الواسع !!١‏ 
سبب النزول: 
حيث إن كتب التفسين وَعَلوْم القرآن تبين أن 'السورة مكية وأن هذه الآية مدنية ونزلت ردأ 
غلى :المشركين لما :سألهم :اهل الكتاب من اليهواد. أن .سالا 'الرسون: ع الزوع بوعن 'أهل 
الكهف وعن ذي القرنين فأجابهم الرسول 2# بآية الإسراء (وَيَسأَلُوتكَ عن الرُوح قل الروح 
من أُمْر ربّي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاآً4) وكذلك جاء الرد عن أهل الكهف وعن ذي 
القرنين في سورة الكهف . 

وأخرج الإمام الترمذي عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود: أعطونا شيئاً نسأل 
هذاء فقال: سلوه عن الروح. قال فسألوه عن الروح فأنزل الله (وَيَسَألوتك عن الروح ٍِ 
الوح من أمْر رَبّي وما أو تيتم من العلم إلا قليلا». قالوا أوتينا علماً كثيراً التوراة. ومن 
أوتي التوراة فقد أوتي يا فير نولت : (قل لو كان البَخْرٌ مدَادَا لكلمات ربّي لتفد البَخر 
قبْل أن تقد كلمّات رَبّي ولو جنا بمثله مَدَدَا60'.4© 

يرى الباحث: والخطاب في هذا المثل موجه إلى رسولنا # معلماً إياه بالتلقين 
(قل4' وجاءت «لو» لتفيد أن الكلام من باب الافتراضء 7 و"البحر أوسع ما يعرفه البشر 
وأغزره. والبشر يكتبون بالمداد كل ما يكتبون وكل ما يسجلون به علمهم الذي يعتقدون أنه 
غزير والسياق يعرض لهم البحر بسعته وغزارته في صورة مداد يكتبون به كلمات الله الدالة 
على علميد: فإذا: البح يفك وركلمات ل ا مثله»فإذا البحر 
ا ل نلا “'وليس البحر مما يكتب به ولكن الكلام بني 
على المفروض بواسطة (لو»"©6) 


(1) التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 / 51 . 

(2) الإسراء: آية / 85 

(3) سنن الترمذي 5 / 304 » وعلق الأمام الترمذي على الحديث بقوله "هذا حديث حسن صحيح غريب 
من هذا الوجه » قلت: والغرابة هنا تعني التفرد برواية الحديث ولاترده وأنظر أسباب النزول 
للنيسابوري ت 465 ه  .‏ ط 1‏ . 1379ه- 1959م: مصطفى البابي الحلبي ص 172 

(4) انظر التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 / 53 . 

(5) في ظلال القرآن / سيد قطب 5 / 418 . 

(6) التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 / 53 . 





251 


'والبحر في هذا المثال يمثل علم الإنسان الذي يظنه واسعاً غزيرا وهو على سعته 
وغزارته محدود وكلمات الله تمثل العلم الإلهي الذي لا حدود له والذي لا يدرك البشر 
نهايته.'7!) وفي هذا المثل المائي ذكر الله البحر لأنه أوسع ماء تقع عليه عين البصر 
والإدراك عند الإنسان وبهذه اللفظة من الدلائل والإيحاءات في الم جكنك أن نطوف بها 
حول ظلال الآية* 
شرح الاية: 
المداد:' اسم لما يمد به الشيء كالحبر والزيت. للدواة والسراج."07) وغلب إطلاقه على الحبر 
وهو في هذه الآية يحتمل المعنيين فتتضمن الآية مكنيين على الاحتمالين."0© وذكر ابن 
عاشور هذا على سبيل الجواز أن يكون تشبيه كلمات الله بالسراج المضيء لأنه يهدي إلى 
المطلوب مستشهداً بآية النور (مَتَلَ نوره كمشكاة فيها مصبَاح06) ويكون المداد تخييلاً 
بالزيت الذي يمد به السراج.() ْ 

ولكن أرجح أنه يراد به الحبر لأن آية لقمان ولو أَنْمَا في الأرُض من شجرة أَقَلام 
وَالْبَحرُ يَمْدُهُ من بعده سَبْعَةُ أَبْحْر ما نفدت كلمّات اللّه إن اللّهَ عزي حكيم64) كا مسد 


(1) في ظلال القرآن / سيد قطب 5 /418 . 
*وجوه الشبه والعلاقة المستوحاة من ذكر البحر في المثل: 
أ- يقرب الله به سعة علمه بسعة البحر في الذهن الإنساني 
ب- ما في البحر من نعم وحياة لا تكاد تحصى وهكذا علم الله ونفعه لا منتهى له ولا إحصاء 
له (وإن تَعدُوا نغمّة اللّه لا تخصوها إن الانسان لَظَلومٌ كقارٌ)17) 
ج- ما في البحر من ألوان ومشاهد وجمال كذلك ما في كلام الله وعلمه ومعانيه وبلاغته من جمال 
وألوان شتى تناسب كل شيء. 
د- البحر دائم الحركة والتجدد من خلال موجه وحركة هذه الأمواج وتتابعها وهكذا كتاب الله لا يخلق 
عن كثرة الرد فهو يتجدد بمعانيه كلما قرأناه وعلم الله أحاط بكل شيء مهما استجد من حوادث في 
الكون إلى ما شاء الله. 
ه ما في البحر من سيولة ولون وكذلك المداد بلونه وسيولته. 
و- إن حركة تتابع الموجة تنسجم مع تتابع مد الإنسان بالبحر بعد البحر في حركة متتابعة كذلك مما 
يزيد صورة المثال تطابقاً وجمالاً . 

(2) غرائب القرآن ورغائب الفرقان/ للنيسابوري 3 / 2177 . 

(3) التحرير والتنوير/ ابن عاشور 16 / 53 . 

(4) سورة النور: آية / 35 

(5) التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 / 53 

(6) سورة لقمان: آية / 27 





252 


وموضحة لآية الكهف ولايوضع في الأقلام إلا الحبر للكتابة فيكون قول العلامة ابن عاشور 
بعيداً بالجواز فقد اعتمد فيه على المعنى اللغوي لكلمة مداد مع أنه قال" فإن ذكر الكلام إنما 
يتان المذاذ معت اتسين اللا توق فانفة سيولة المداد: المكلبالبسن :ومناقة: 

'واللام في قوله «لكلمّات» لام العلة» أي لأجل كلمات ربي والكلام يؤذن بمضاف محذوف؛. 
تقديره: لكتابة كلمات ربيّ إن المداد يراد للكتابة وليس البحر مما يكتب به ولكن الكلام بني 


على المفروض بواسطة (لوْ»"2) 
و(كلمّات ربّي4 'والكلمات جمع كلمة وهي تقال لما يحصره العدد وهو إلى القليل أقرب 
والجمع كلم وكلام.'07) 


يرى الباحث: وعندما أضيفت إلى لفظ الربوبية صارت من صفاته التي لا يحدها حد 
ولا تنتهي بنهاية. 

والكلمات في القرآن عامة ذكرها ابن الجوزي في سبعة وجوه وما يناسب ورودها 
في آيتنا وجه واحد هو:علم الله وعجائبه/) وباقي الوجوه الذي ذكرها ابن الجوزي يرجع إليها 
هناك (5) 
وذكر أهل التفسير من أئمة هذا الفن وجوهاً كثيرة فيها اختلاف تنوع مع تداخلهاء ونختار 
منها ما قاله: الشيخ عبد الكريم الخطيب: هي التي تنفذ بها مشيئته في خلقه «كن فَيَكون4©) 
وهذا كلام طيب. 

ومجمل ما سبق أن هذا الكلام كناية عن أن كلام البشر وعلمهم واكتشافاتهم ومابلغوه 
من التقدم المادي والعلمي ما هو إلا نقطة في بحر علم الله فالإنسان محدود العلم والعقل 
والقدرة أما علم الله فهو غير محدود ولا متناهي حتى لو تصورنا أن بحور الدنيا تتابع 
بعضنهاً مذداً لكداية 'كلمات الله لنفذت واضمخلت وفنيك وكلمات اشدباقية: لاثفنئ. 
وأزقادة للتاكيد و تفبيور: هذا المثل القرآني مده الله بمثل آخر في سورة لقمان . 


1) التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 / 53 . 
2) التحرير والتنوير/ ابن عاشور 16 / 83 . 
3) الأشباه والنظائر/ ابن الجوزي ص 522 . 
]فسن المصدر هن 3214 
5) تفن العضيدن [اصن 4مك 525 

( 


) 
) 
) 
) 
) 
(6) سورة النحل: آية / 40 





223 


النص الكريم للاية: 
قال تعالى: (وَلَو أَنمَا في الأرُض من شجرة أَقَلامٌ وَالْبَحرُ يَمْدُهُ من بعده سَبْعَةٌ أَبْحْر ما 
تفدت كلمّات اللّه إن الله عزير حَكيدٌ)!1) 


سبب النزول: 
هذه الآية .وسابفتها: في سؤرة الكهقا-مدنيتان في سنؤونين. مكيتين» وزهذا ما “قاله' علماء 
التفسيرءفقد ذكر السيوطي في لباب النقول عن عطاء بن يسارء قال: نزلت بمكة وما أوتيتم 
من العلم إلا قليلاء فلما هاجر النبي يي إلى المدينة أتاه أحبار يهود فقالوا ألم يبلغنا عنك أنك 
تقول: وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً إيانا تريد أم قومكء فقال: كلا عنيت قالوا: فإنك تتلو: إنا 
قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيءء فقال الرسول يلْهٌ :هي في علم الله قليل» فأنزل الله: 
(ولو أنَمَا في الأرض من شجرة أَقَلامٌ © ومن الذين ذكروا أن السورة مكية وهذه الآيات 
مدنية:( القرطبي والثعالبي والسيوطي والبيضاوي والنحاس والكرمي وأبو السعود )!© وهذا 
دياف فعدة الداز ل والسيت وزاحد. 
وهذه الآية لها مناسبة مع السورةء حيث ذكر الله في بداية السورة القرآن وآياته وما 
فيها من الحكمة والهداية والرحمة؛ وما جاء في قصة لقمان من الحكمة والعلم مما علمه الله. 
ثم ختم السورة بالحديث عن بعض علم الله مثل: الساعة» والغيث؛» وما في الأرحام: 
وما تكسب النفوس من الرزقء وفي أي أرض تموت. 
و(لوْ» هكذا بدأت الآية كما في آية الكهف لنفي نفس الغرض وهو الفرضية 7 وأن هنا 
عاملة() وما موصولة» و(ولَو أَنْمَا في الأرض من شجرة أَفَلامٌ 074) في محل رفع فاعل 
لفل وكخنو قن دوونيك 7١‏ كن زفي »نا مكانيةا 1ف اوها ابستوحي كلما في االار كن دن 


(1) لباب النقول في أسباب النزول/ للسيوطي 1 / 169 . 

(2) سورة لقمان: آية / 20 

(3) تفسير القرطبي 14 / 50 » تفسير الثعالبي 3 / 206 » تفسير البيضاوي 4 / 344 » والسيوطي في 
الدر المنثور 6 / 503 والنحاس في معاني القرآن 5 / 277 » والكرمي في الناسخ والمنسوخ 1 / 
5 وأبو السعود 7 / 68 . 

(4) انظر التحرير والتنوير / ابن عاشور 16 »21 ١‏ 53 / 182 . 

(5) معجم حروف المعاني / محمد الشريف 1 / 403  .‏ ط1 . مؤسسة الرسالة » 1417ه - 1996م 

(6) سورة لقمان: آية / 20 

(7) الجدول / محمود صافي 21 / 92 . 

(8) معجم حروف المعاني / محمد الشريف 2 / 775 . 





254 


أشجار ولو نظرنا لهذه الأرضء فما هي في ميزان الله وملكوته إلا كالذرة في هذا الكون 
الفسيح المترامي الأطرافء» وقد وسعه علم الله وهذه الأرض تحوي الأشجار التي مهما 
بلغت لن تتجاوز حجم الأرضء ولو بُْرِيت أقلاما فلا قياس للمحدود مع غير المحدود في هذا 
المثل» الذي جاء ليبين بوضوح معنى المداد في آية الكهف السابقة» وكذلك بينت أن الكلمات 
تعود إلى ما يكتب من علم الله وكتبه وقرآنه» وما في هذا العلم من سعة لا نهاية لها ولاحد. 

وذكر الزمخشري ' أن الله ذكر (إشجرة )على التوحيد دون ذكر اسم الجنس الذي هو 
شجر حتى تفيد تفصيل الشجروتقصيها شجرة شجرة حتى لاتبقى شجرة ولا غصن منها إلآ 
بويت أقلاما. 
وجعل الزمخشري البحر وعاءً والبحور السبعة تمده بالمداد مشبهاً البحر بالدواة التى يصب 
فيها البحر " (1) 

'والسبعة: تستعمل في الكناية عن الكثرة كثيراًء كقول النبي #ةٍ 0-آت/والكافر يأكل في 
سَيغَة أمعاء 27610 فليين لهذا العدد مقهوع» أى :و البحن يندة أبحن عفين ف( وككن البجعة نهذا 
زيادة عن آية الكهف لبيان الكثرة في كلمة (مثله4 في آية الكهف . 

وكذلك إضافة الكلمات هنا إلى لفظ الجلالة للإيحاء بالألوهية والتعبد بهذه الكلمات 
وإضافتها في آية الكهف إلى الربوبية لتوحي بالقدرة والعلم والتربية الربانية لرسله بالوحي 
وتكون الآيتان قد جمعتا بين الربوبية والألوهية في إضافة الكلمات للربوبية تارة والألوهية 
تارة أخرى . 

ثم ختم الله هذا المثل باسمين من أسمائه الحسنىء الأول: "العزيز" الذي لايغلب» وهذا 
يتناسب مع إيحاء التحدي لأهل الكتاب والمشركين بكلماته وعلمه» وكذلك: "الحكيم" الذي 
لانهاية لحكمته» والعلم من متطلبات حكمته؛ فلا حكمة بغير علم محيط بكل شيء. 


(1) الكشاف / للزمخشري 3 / 501 . 

(2) البخاري 6 / 246 ٠‏ كتاب الأطعمة» باب المؤمن يأكل في معي واحد رقم 5393 و (94. 295 
6 » 97).» ومسلم 3 / 1631 كتاب الأشربة » باب المؤمن يأكل في معي واحد رقم 3060 و ( 
61 » 2 ). 

(3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 21 / 182 . 





235 
المبحث الثاني : حال المنافقين 


"النفاق:هو الدخول في الشرع من باب والخروج من بابء» وعلى ذلك نبه الله تعالى 
بقوله:(إِنّ المُتافقين هُمْ القاسقون)1) أي الخارجون من الشرع؛ وجعل الله المنافقين شراً 
من الكفار» فقال: (إِنّ الْمُتَافقينَ في الدّرك الأمنقل من التّار4 "20 وأخرج ابن أبي حاتم 
في تفسيره عن قتادة قال: " نعت المنافق عند كثير: خنع الأخلاق يصدق بلسانه وينكر بقلبه 
ويخالف بعمله» ويصبح على حال ويمسي على غيره» ويمسي على حال ويصبح على غيره. 
يتكفأ تكفؤ السفينة كلما هبت ريح هبت معها3) 

"إن ضخامة الدون الذي كان وما يزال المنافقون يقومون به لإيذاء الجماعة المسلمة 
وفة ف [التفمة ار والاضطراب الذي يحدثونه في كل وقت داخل صفوف الجماعة 
المؤفنة::.2(2؛ لذا أكشف الله أستارنهم» ووضح صفاتهم» وجلى. حقيقكهم:: وفضح :مز امرأتهم 
وكيدهم»: وجغل: لهم :مساحة :ليست بالقليلة 'من آيات: الفرآن حت سميت: سورة قرآنية ب 
(المنافقون), وسورة التوبة التي سميت بالفاضحة لأنها فضحتهم وأظهرت حقيقتهم وأما 
سورة البقرة فقد ذكرت في أولها من الآية الثامنة حتى الآية العشرين آيات مفصلات عن 
صفات المنافقين وأحوالهم» والتي نحن بصدد دراسة مثلين من هذه الآيات في حال المنافقين 
بعد هذا التعريف بالمنافقين. 

إن حركة النفاق تقوم على بعدين هامين في تكوينها هما البعد النفسي والبعد 
الاجتماعي . 
أولاً:البعد النفسي 
وهو حصيلة المؤثرات البيئية والوراثية التي تشكل هذه النفس المريضة والتي تجعلها تقف 
أمام المواقف والقضايا بحالين إزاء القضية الواحدة «في قُلُوبِهِمْ مَرَضْ فَزَادَهُمٌ الله 


(1) سوزة القرية:: آي /'67 

(2) سورة النساء: آية / 145 

)0 00 / للراغب الأصفهاني ص 524 . 

(4) تفسيرا بن أبي حاتمء تفسير القرآن العظيم 1 / 47 . 
)5 0 في القران / سميح عاطف الزين ص 338 . 





256 


مَرَضنًا)!') فهم لايستقر لهم رأي في أي قضية أو موقف واضح بين بَيْنَ ذلك لا إلَى 
لام ول إلى مولا ون يلل لذ قن قجد َه سني 


ثانياً: البعد الإجتماعي 

ويرجع ذلك إلى تكوين المجتمع الذي فيه هؤلاء من التفكك وتقطيع الأوصال و انعدام النظامء 
وتصارع القوى وعدم وجود سلطة واحدة تملك القانون والعدل» فهم متأرجحون يتملقون 
هولاء مزة وهؤلاء:مرة وهذا النبثت وعدم الاستقران :ومولت الانتماء فى "القلوب» :وغياب 
الولاء للحقء وعم لمكي باقن لم سابك إندنا ينين الرسيي فشو المسلوكق 
والأخلاقي» والرغبات والأهواء؛ وجاء الإسلام وقويت شوكته في المدينة مع وجود اليهود 
كقوة في المدينة معادية للإسلام. وقد صدق فيهم رسول الله عندما قال 4 2-0 المنافق 
مثل الشاة العائرة بين الغنمين تتردد بينهما مرة إلى هذه ومرة إلى هذه610 ) 

وبعدما بين الله في أول سورة البقرة صفات المنافقين من قوله تعالى: (وَمن النّاس من يَقول 
آمَنَا باللّه وبالِيوم الآخر وما هُمْ بمُؤمنين .... ولو شاء اللّهُ لَدَهَبْ بسَمعهم وَأَبْصَارِهمَ إِنّ 
النَّهَ عَلَى كل شَيء قَديرٌ)0) ختم الله هذه الآيات بمثلين أحدهما ناري والآخر مائي ولكون 
المثلين في حال المنافقين فلم نستطع الفصل بينهما فنتعرض للمائي ونترك الناريء فآثرنا أن 
نعرض لهما معاً وتباعاً حسب ورودهما في السورة . 


النص الكريم للايات: 

قال تعالى: (متَلَهُمْ كمَتّل الذي امنْتوقَد نارًا فَلَمّا أضَاءت ما حولة ذَهَب اللَّهُ بنورهم وتَركهُم 
في ظَلمَات لا ييُصرون(17)صْم بكم عْمْي فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ(18)أو كصيّب من السَّمَاء فيه 
ظلْمَات ورعد وبق يكو َصَابعَهُمْ في آذَانهم من الصّوّاعق حَدْرَ المت وَالنَّهُ مُحيطٌ 
بالكافرين(19)يكاذ البق يَخطف أبْصارَهُمْ كلما 000 َظلم عَلَيْهِمْ قَامُوا 
ولو شاء اللّهُ لَدَهَبْ بسمعهم وَأَبْصَارِهم إن الله عَلَى كل شَيء قَدِيرٌ74) 


(1) سورة البقرة: آية / 10 

(2) سورة النساء: آية / 143 

(3) صحيح مسلم 4 / 2146 » كتاب صفات المنافقين رقم 17 . 
(4) سورة البقرة: آية / 8 - 20 

(5) سورة البقرة: آية / 18- 20 





257 


المناسبة: 
'يريد الحق سبحانه وتعالى أن يقرب صفات التمزق في المنافقين إلى فهمنا ولذلك فهو 
يبرت نذا لم111 

'والقرآن يضع حداً واضحاً بين الإيمان والنفاق» ويعمل على أن ينأى بالمؤمنين عن 
جميع صور النفاق وأشكاله» فيزري بالمنافقين ويوهن أعمالهم» ويعمد إلى المثشل ليصور 
حالتهم العجيبة بما يخفون وما يبدون» ويصور ما هم عليه من الحيرة والخبث والجبن 
والغباوة» وينزع هذه الصورة من مشاهد الكون."©) 

فيجعلها شاخصة رأي العين» تنطق من فرط ما بها من جمال وحركة؛ وحياة تنطق 
بالاضطراب والقلق والتردد والخوف» في صورة مثل مركب وتمثيل متعدد الحدود والأفراد؛ 
ومقابلة دقيقة حتى كأنه قال:"إن مثلتموهم بالمستوقد فذلك مثلهم؛ وإن مثلتموهم بالصيّب فهو 
لهم مثل» أو مثلتموهم بهما جميعاً فهما مثالهم؛ فالتمثيل مباح لكم فيهم.'(0) 


شرح الايات: 
' وصورت الآيات الكريمة حال المنافقين في صورتين متتاليتين فشبهت في الأولى حالهم في 
حيرتهم واضطراب أمرهم؛ بحال الساري قد أوقد نارأ تضيء طريقه؛ فعرف أين يمشيء ثم 
لم يلبث أن ذهب الضوءء وشمل المكان ظلام دامس لا يدري السائر فيه أين يضع قدمه ولا 
كيف أخذ سبيله فهو يتخبط ولا يمشي خطوة حتى يرتد خطوات.47) 

ونقتصر في شرح الآيات على الجانب الذي يختص بالماء» حتى لا نطيل البحث في 
مباحث ثانوية بعيدة عن صلب البحث . 

وقوله تعالى: (أَوْ كصيّب من المنّمَاء 4 قالوا أنّ (أُوْ4 هنا تفيد التخييرء!”) وبمعنى 


(1) تفسير الشعراوي 1 / 65 . 

(2) المشاهد في القرآن/ حامد صادق قنيبي ص328 . 

(3) الجمان في متشابهات القرآن /ابن ناقيا البغدادي تحقيق مصطفى الصاوي الجويني الناشفر منشأة 
المعارف / الإسكندرية ص69 . 

(4) من بلاغة القرآن / أحمد أحمد بدوي ص 202 . 


(5) انظر بحر العلوم / للسمرقندي 1 / 99 . 





2255 


الواو(') وتفيد التفسيم 2) والإباحة ) وكل هذه الوجوه لا تخرج عن معنى الآية حيث 
التخيير بين أن تختار المثل الناري أو المائي أو الاثنين معأ فكله جائزء كما قال ابن ناقيا 
البغدادي والسمرقندي» أو بعنى العطف أي أن هذين المثلين معاً لحال المنافقين أو التقسيم 
تقسم المثل الأول عن الآخر حتى لا يظن بالعطف أنها مثل واحدء والإباحة لا تختدف عن 
التخيير في المعنى. 

والصيب هو المطر الغزيرء ومن دعاء النبي ‏ عند نزول المطر عَن غَائْشة22 
أنّ رسول الله ين كان إِذَا رأى الْمَطْرَ قَالَ اللَهُمّ صيبًا تَافعا42) 

وقوله: من السّمّاء4 والسماء مصدر الخير فينزل منها المطر وينزل منها الوحي 
بالقزاى و الوذض. ذكل مغل اسان سفاء: 

وقوله: (فيه ظَلمَات وَرَعَدَ وبرق» والظلمات موحشة فهي ظلمة الليل والسحاب 
والفطن المتز اكمنة ا ل ا ا ا جاءهم سحاب ممطرء 
فأوظريفة فظو | ا ' والرعد اصطكاك أجرام السحاب! اوقا ابن فارس"رعد: 
الراء والعين والدال أصل يدل على حركة واضطراب ومن الباب الرعد."7) وقال الراغب:" 
الرعد::ضوت: السحاب7 وقال القرطبي:' قال الفلاسفة:الرعد صوت اصطكاك أجرام 
السحاب؛ والبرق ما 0 اصطكاكها. وهذا مردود لايصح به نقل والله أعلمء ويقال: 
أضنل: الوعد مخ الحراكة ,90 انجت: ‏ وغلماء هذا الفضن يقولون + الرغد: الضؤت: القاضت 
يسمع حال تراكم السحاب ونزول المطرء وهذه الظاهرة يفسرها علماء الطبيعة بأنه نتيجة 
لقحاة كهرجاء الشبطانة الموحبة اغالب 047 

قلت: وقد أصبح هذا الأمر حقيقة علمية ثابتة» وإني لأعجب من إنكار القرطبي 2 ل 
رحمه الله هذا التفسير العلمي للرعد . 


(1) التسهيل / لابن جزي الكلبي 1 / 36 . 

(2) أمثال القرآن / حبنكة الميداني ص 357 . 

(3) تفسير الطبرسي. 17/16 . 

(4) البخاري 1 / 349 كتاب الجمعة » باب ما يقال إذا مطرت »رقم 1032 . 
(5) أمثال القرآن / الميداني ص 355 » وانظر الجمل على الجلالين 23/1 . 

(6) زاد المسير /ابن الجوزي 1/ 43 . 

(7) معجم مقاييس اللغة / ابن فارس ص 410 . 

(8)المفر دات / للراغب الأصفهاني ص 202 . 

(9) تفسير القرطبي 1 / 217 

(10) انظر أيسر التفاسير/ أبو بكر الجزائري 29/1 . 





259 


وقوله: (يَجِعلُونَ أَصَابعَهُمْ في آذَانهم من الصّواعق حَدذَرَ المت وَاللَهُ مُحيط 
بالكافرين» لقد قرع الرعد أسماعهم وأخذ البرق أبصارهم وبدأت الصواعق تتساقط عليهم 
فدفعوا أصابعهم في آذانهم من أثر قعقعة الصواعق وقرعها الشديدء فدافع الخوف والوجل قد 
ملا قلوبهم واستحوذ عليهم حتى شخص الموت أمام أبصارهم من خوفهم وقلقهم. 

'"وجاء التعبير بالأصابع بدل الأنامل؛ لأن مشاعرهم تندفع لو استطاعوا أن يدخلوا كل 
أصابعهم في آذانهم» ليسدوا عنهم وقع الصوت ... وهذا من الصدق الفني.!!) وهو مجاز 
مرسل من باب إطلاق الكل وإرادة البعضء (وَالنََهُ مُحيطً بالكافرين» 'هذا النص يدل على 
أن هذا الصنف أيضاً يحكم عليه بالكفر."7©) فقد ختم الله الآية بهذه الفاصلة المطابقة لحقيقة 
إيمانهم وقلوبهم 'بالكافرين." 
(يكاد البق يَخطف أَبْصارَهم كلَمَا أضاء لَهُمْ مشا فيه4 والمتأمل هذه الصورة وحركة 
أقدامهم تتقدم مع وميض البرق وتقف كلما خبا إن هذه الحركة المملوءة بالحرص على الحياة 
والخوف من الموت بالصواعق المحرقة الساقطة مع البرق والرعد كيان حي شاخص أمامنا 
بألوانه في وميض البرق والعتمة والحركة الخاطفة والسكون المميتء. ما أبدع وما أجمل هذه 
الصورة التي صدقت أصدق تعبير عن المشاعر والأحاسيس التي يترجمها فعل هؤلاء 
وأصابعهم في آذانهم والسير والوقوف في هذه اللوحة البديعة. 

وقوله: (ولو شاء الله لَذَهَبَ بسمْعهم وَأَبْصَارِهم4 ولكن الإرادة الإلهية لم تشأ أن 
تزيد من الصواعق والرعد والبرق ليصم سمعهم ويخطف أبصارهم بل تركهم في هذه الحالة 
من القلق والتوتر والترددء وهذا زيادة في تعذيبهم» ودوام حال الخوف من الموت والهلاك 
وسوء العاقبة» ثم يختم الله سبحانه بالتأكيد على قدرته التي تشمل كل شيء بعد أن تحدث عن 
هذه الظواهر الكونية العظيمة» فلا يعجزه الذهاب بسمعهم وأبصارهمء فقال تعالى:(إنّ الله 
عَلَى كل شيء قَدِير» 

وق ,لاه لقصو ليق كلى يخال «المحافقيق فو .ةلتف :8131 الحدق محم 
وتعالى يريد أن يعطينا مثل المنافقين بأنهم لا يلتفتون إلى القيم الحقيقية في الحياة» ولكنهم 
يأخذون ظاهرها فقط» يريدون النفع العاجل» وظلمات قلوبهم لا تجعلهم يرون نورالإيمان؛» 
وإنما يبهرهم بريق الدنيا مع أنه زائل ووقتي فيخطف أبصارهمءولأنه لا نور في قلوبهم فإذا 
ذهبت عنهم الدنيا تحيط بهم الظلمات من كل مكان؛ لأنهم لا يؤمنون بالآخرة. مع أن الله 
سبحانه وتعالى لو شاء لذهب بسمعهم وأبصارهم بأنهم لا يستخدمونها الإستخدام الإيماني 


(1) أمثال القرآن / الميداني ص 358 . 
(2) أمثال القرآن / الميداني ص 358 . 





200 


المطلوب والمفروض. إن وسائل الإدراك هذه تزيدنا إيماناء ولكن هؤلاء لا يريدون إلا متاع 
الدنياء ولايسمعون إلا وسوسة الشيطانء فالمهمة الإيمانية ووسائل الإدراك توقفت وكأن هذه 
رماتل تخون و و ا 
وقفات تأملية مع المثلين: 
هؤلاء القوم وهم قبل الإسلام في ظلام ليل دامسء لم تذكره الآيات صراحة بل لتحت له 
بقوله: (امْتَوقد نارًا» وقوله: (قَلَمًا أَضَاءت ما حولة 4 وقوله:( ذَهَب اللّهُ بنورهم وَتركهُم 
في ظلمَات لا يببصرون؛ فإظهارهم الإسلام نور لهم ولما رجعوا للكفر ذهب النور. 
نامل قر له:لا أضاءك ا احزلة > فيفجتل الل كيدها خار كا عن تقض . 
فكان طنواة محازر 3 لا شواه ملايينة زسفالملة فكات الكتنونه: ارهن والظللنة أميدة: 

وتأمل قوله:7 ذَهَب اللَّهُ بنورهم» ولم يقل بنارهم؛ ليطابق أول الآية» فإن النار فيما 
إشراق وإحراق فذهب بالإشراق وهو النور وأبقى الإحراق. 

وتأمل كيف قال:7 بنورهم» ولم يقل بضوئهم؛ مع قوله:( فَلَما أضَاءت ما حوؤلنة)؛ 
لآن الضوء هن الزيادة في النور -فقط دون الأصل فما كان النوز أصلاً كان الذهاب به ذهاب 
بالشيء والزيادة. 

وتأمل مطابقة هذا المثل لما تقدمه من قوله تعالى:7 أُولَنكَ الّذِينَ اشْتَرَؤًا الضْلانَة 
بالْهُدى فَمَا ربحت تجارتهُمْ وما كانوا مُهْتَدِينَ6 فاستبدالهم الضلال بالهداية مثل اختيارهم 
الطلمة على 'الذونء“قيالها من كحارة هنا أكسرها وصفقة نا أقه عينيا:©0 
وتأمل كيف أنه وحد النور وجمع الظلمات7 ذَهَبْ الله بنورهم» و(وتركهم في ظلمَات» 
فسبيل الحق واحد وسبل الشيطان متعددة وكثيرة. ونظيره في القرآن «اللّهُ ولي الذين اموا 
يُخْرجهم من ) الظلْمَات ل الفور وَالَذينَ كفروا َوليَاوَهُم الطاغوت يُخْرجُونهُمْ من ) الفور إلى 
00 0 وأنّ هذا صراطي سُدتقِيمًا فَانَبِعُوهُ ونا تتَبِعُوا السُبلَ فتَقَرَىَ بكم عن 


1) تفسير الشعراوي 1 / 182 . 

2) سورة البقرة: آية / 16 

3) انظر التفسير القيم / الإمام ابن القيم ص 116 . 
4) سورة البقرة: آية // 257 

5) سورة الأنعام: آية / 153 


) 
) 
) 
) 
) 





261 


وفي المثل الثاني المائي نجد علاقة قوية بين المطر وبين معنى المثل' فالمطر هو 
القرآن لأن في المطر حياة الخلق وإصلاح الأرض وكذلك حياة القلوب فيه هدى للناس وبيان 
من الضلالة» وإصلاح فلهذا شبه القرآن بالمطر.'(1) 

وفي المثل الأول مثلهم بالذين ذهب نورهم ولكن في المثل الثاني جعل هناك أملاً 
وفرصة للعودة (كلَمَا أضاء لَهُمْ مشا فيه وإِذَا أَظلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا)©) فهم يسيرون خطوة 
ويقفون أخرى أو أخريات: وهذا أصدق في التعبير عن التردد. 

والآيات مترابطة أشد ما يكون الترابط حيث النور في النار والإحراق وكذلك النور 
في البرق والإحراق في الصواعق. 

وحيث الخير في النار بالنور والضرر بالإحراق والخير في المطر والضرر 
بالإغراق والإحراق بالصواعق وما يصاحبها من أعاصير. 

والنار بنورها ليست ملاصقة ولا ذاتية وكذلك المطر من السماء أي كذلك خارجاً 
عنهم. 
وكذلك التدرج من الأهون إلى الأشد في الحيرة والأفظع في التأثير والأغلظ على النفس. 

قلت: والعلاقة بين الماء وبين المنافقين واضحة جلية تتمثل فيما يلي: 
أولها: أن الماء لا يستقر على حال فهو يتشكل بأشكال مختلفة حسب الوعاء الذي يوضع فيه 
وكذلك المنافق يتلون ويتقلب حسب المصلحة التي ا بعيداً عن الثبات والمبدأ والقيم . 
ثانيها: أن الماء ينحدر ويميل دائماً في مجراه وحركته إلى السفل وكذلك المنافق لا يتورع 
عن الاتحطاط و المين ]لبن الحسوطن: . 
ثالثها: أن الماء إذا قبضت عليه لم تجد منه شيئاً وكذلك المنافق إذا تمسكت به وتشبثت به 
ينفلت منك ولا تستطيع الاعتماد عليه . 
رابعها: أن الماء إذا سرت معه أو فيه إما أن تبتل أو تغرق وكذلك المنافق السير معه لا يأتي 
بخير فإنه إما أن يغدر بك أو تصيبك من رفقته الشبهة. 

اوالضورة الكلية الثى.ترسيتها الآيلك الكزيمة يغجق النضسون اللسارع أن تصورها 
بريشته وأدهانه» وإن أجهد نفسه في دقة التصويرء لما توحيه إلى الذهن من أشكال» ومعان 
وحالات وشئون» وحركات وسكنات» وتحيّر وتخبّط وغباوة» وسوء فهم» وجبن؛ وتعشق 
للحياة ونحو ذلك مما انطوت عليه نفوس المنافقين» وجبلت أخلاقهم.'(0) 


تحر اللطرن: البسرسدي و ترا 
(2) سورة البقرة: آية // 20 
(3) المشاهد في القرآن الكريم / حامد قنيبي ص 329 . 





المبحث الثالث: مثل الحق والباطل 


لما كان المثل: السايق :مائيا وتازياً فإ هذا المثل أيضا مامز وفاري وإن: اختلف بجال الممثل :له 
بين المنافقين في السابق وأهل الحق والباطل. 

ومدار هذين المثلين في هذا المبحث هو الحق والباطل فلنتعرف بداية في كلمة عاجلة 
على الحق ثم الباطل. 

الحق في اللغة: نقيض الباطل وهو واحد الحقوق؛ وحق الله الأمر حقاً أثبته وأوجيه. 
وحققت الأمر وأحققته كنت على يقين منه» وحققت الخبر وقفت على حقيقته» وتحقق عنده 
الخبر أي صحً.(!) 

والباطل لغة: تبطل الشيء يبطل بطلاً وبطولاً وبطلاناً والباطل الشيطان وأبطلت 
الشيء جعلته باطلاً وأبطل فلان جاء بالباطل وبالأضاليل والأباطيل» وبطل الشيء ذهب 
ضياعاً وخسراً والباطل نقيض الحق والجمع أباطيل على غير قياس.©) 
الحق عرفاً: الحكم المطابق للواقع يطلق على الأقوال والعقائد والمذاهب باعتبار اشتمالها 
على ذلك ويقابله الباطل.(0) 

والباطل اصطلاحاً:" ضد الصحيح؛ وضد الحق» وهو ما لا تبات له من المقال 
والفعال: عق الفحطق هفهة ا 

وقال أهل التفسير: إن الحق على ثمانية عشر وجهاً ذكرها ابن الجوزي بتفصيلها 
وشواهدها. © 

وقال ابن الجوزي: في الباطل أن له عند أهل التفسير أربعة وجوه نذكرها مختصرة 
وهي الكذب والإحباط والظلم والشرك. ©) 


(1) انظر مجمل اللغة / ابن فارس 1 / 215» وتهذيب اللغة للأزهري 3 / 374 » وأساس البلاغة 
للزمخشري ص 135 » والصحاح للجوهري 1460/4 . 

(2) مجمل اللغة / ابن فارس 1 / 128 » تهذيب اللغة 13 / 355 » لسان العرب 11 / 56 . 

(3) التعريفات / للجرجاني ص 94 ؛ لسان العرب 49/10 ٠»‏ وانظر التوقيف على مهمات التعاريف / 
للمناوي ص 287 . 

(4) نفس المصدر السابق ص 111 . 

(5) نزهة الأعين النواظر / ابن الجوزي ص 266 - 269 . 

(6) نفس المصدر السابق ص 195 . 





263 


النص الكريم للاية: 
قال تعالى: (أَنْزَلَ من السّمَاء مَاء فَسَالَت أوديّةٌ بقدرها فَاحَتَمَلَ اليل زَبَدَا رَابيا وَممّا 
يُوقذون عَلَيْه في الثار ابْتغَاء حليّة أو ماع رَبَدْ مثله كذّلك يَضرب اللّهُ الحق وَالْبَاطل فَأَمَا 
الَبَّدُ فَيَدذهَبْ جُقَاءَ وأما ما يَنَفَعْ النَّاسَ فَيَمْكَتْ في الأرض كذّلك يَضْر بْ اللّهُ الأمثّال114) 
قال ابن جرير الطبري: هذه ثلاثة أمثال ضربها الله تعالى في مثل واحد الماء ونفعه والزبد 
واضمحلاله والذهب والفضة في الحلية للناس وخبثه يطرح أو المتاع من حديد ونحاس 
وغيره من منافع وخبثه يطرح.(3) 
المناسبة: 
بعد أن ضرب الله مثل الأعمى والبصير للمؤمنين والكافرين ومثل النور و الظلمات للإيممان 
والكفر ضرب هنا مثلاً للحق وأهله والباطل وحزبه.(6) 
شرح الاية: 
(أنزل من السّمَاء مَاءَ فَسَالَت أوديّة بقدرها4 من السماء يقصد بها الجهة 'وتنكير الماء هنا 
للتكثير أو النوعية وقوله: (فَسَالَت أُودِيَة4 توسع أي هي مجاز أي سال ماؤها."4) 

ويراد بالمجاز المكانية أي جريان الماء في الوادي ويقول الزمخشري"'فإن قلت لم 
نكرر الأودية؟ قلت:لأن المطر لا يأتي إلا على 01 المناوبة بين البقاع فيسيل بعض أودية 
الأرض دون البعض فإن قلت :فما معنى قوله بقدرها ؟ 

يرى الباحث: بمقدارها الذي عرف الله أنه نافع للممطور عليهم غير ضار ألا ترى 
إلى قوله: (وَأَمّا ما يَنْقَعْ النّاس» لأنه ضرب المطر مثلاً للحق فوجب أن يكون مطراً خاصاً 
للنفع خالياً من المضرة."(5) 

وقوله تعالى (فَاحَتَمَلَ السَيّل رَبَدَا ابيا الزبد: 'ما يحمله السيل من غثاء ونحوه 
والرابي المنتفخ الذي ربا ومنه الربوة وهو ما كان عالياً مرتفعاً ومنتفخاً على وجه السيل "6) 


1) سورة الرعد: آية / 17 

0 انط تسن ابن حزيرالطيوي :134/13 

)انظ الكشاف / الرمخشري :4356/2 والنفسين الواضم/ لتحجازي :13/ 474 

4) فتح القدير/ للشوكاني 3/ 74 . 

5 الكشاف / الزمخشري 2 / 356 . 

6) التسهيل/ ابن جزي الكلبي 2 / 132 » وانظر تفسير ابن جرير الطبري 13 / 134 ٠»‏ وتفسير 
لوعي 1 03ت وتقسز لعن اللفحيط / أر سيق 0220/5 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





264 


(ومما يُوقذون عليه في التار ابْتَاء حليّة أو متاع ربد مثله» 

قال الزمخشري:"عبارة جامعة لأنواع الفلز ١١‏ 

وذكر ابن جرير الطبري من أنواع الفلز:"الذهب والفضة للحلية» والمتاع:النحاس 
والحديد.") ويقول ابن عاشور:"وعدل عن تسمية الذهب والفضة إلى الموصولية بقوله تعالى: 
(وممًا يُوقدونَ علَيْهِ في الثار4؛ لأنها أخصر وأجمع ولأن الغرض من ذكر الجملة المجعولة 
صلة فلو ذكرت بكيفية غير صلة كالوصفية مثلاً لكانت بمنزلة الفضلة في الكلام ولطال 
الكلام بذكر اسم المعدنين مع ذكر الصلةء إذ لا محيد عن ذكر الوقود لأنه سبب الزبدء فكقان 
الإتيان بالموصول قضاء لحق ذكر الجملة مع اختصار البديع. 

ولأن في العدول عن ذكر اسم الذهب والفضة إعراضاً يؤذن بقلة الاكتراث بهما؛ 
ترفعاً عن ولع الناس بهما فإن اسميهما قد اقترنا بالتعظيم في عرف الناس.() 

يرى الباحث: إن الأمر ليس تهاوناء ولكنه من باب التربية للنفوسء بالترفع عن 
ذكرهما وكما قال ابن عاشور: فهو أخصر وأجمع وأكثر إبداعاً وبلاغة والله أعلم. 
(زبَدُ مثلُّ) أي بمعنى مثل زبد السيل لا ينتفع به ويذهب باطلاً.) (كذَلكَ يَضْرِبْ اللَّهُ الحَق 
وَالبَاطل4 أي مثل ذلك الضرب البديع يضرب الله مثل الحق ومثل الباطل7”) ويقول صاحب 
التسهيل أي يضرب أمثال الحق والباطل وقوله: (فَأَما الزَبَد فَيدْهَبْ جقَاء» 'فجملة (قَأمّا 
الزَبَدْ4 معطوفة على جملة (فَاحْتَملَ السيْل زَبَدًا ابيا مفرعة على التمثيل وافتتحصت ب 
(أمَا للتوكيد وصرف ذهن السامع إلى الكلام مما فيه من خفي البشارة والنذارة»ولأنه تمام 
الفيغيل :9 
و9جْفَاءٌ4 ' الجفاء ما أجفاه الوادي أي رمى به'77) 

و (وأمًا ما يَنقَعْ النّاس فَيَمْكَثْ في الأرض» أي: من الماء الخالص من الغثاء» ومن الجوهر 

المعدني الخالص من الخبث7) والمكوث في الأرض لكمال المنفعة والبقاء والنماء على 
الحق. وقوله تعالى: كذلكَ يَضْرِبْ اللَّهُ الأمثّال4 ولا يكون هنا تكرار مع ما سبق من ضرب 


1) الكشاف («الزمحغري 523/2 
2 تفسير ابن جرير الطبري 13 / 135 » وتفسير القرطبي 9 / 305 
3) التحرير والتنوير/ 13 / 119 

4) ابن جرير الطبري 13 / 134 . 

5) فتح القدير / للشوكاني 75/3 ء وانظر كتاب التسهيل / للكلبي 2 / 133 . 
6) التحرير والتنوير/ 13/ 121 -122 . 

7 تفسير القرطبي 9 / 305 . 

( 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
(8) البحن المحيط / ابن حياك 373:/5: 





265 


الأمْقّال4!!) وهكذا يضرب الله الأمثال عامة بعد ضربه المشثل بالحق والباطل للعبرة 
والموعظة وتوضيح الصورة بكل أبعادها. 


تحليل المثل وبيان بلاغته: 

ومن خلال ما سقناه من أقوال المفسرين» نوضح بعبارة جامعة شاملة» كي نسبر 
غور هذه الأمثال ونجلي ما بها من بديع بيان القرآن الكريم للحق والباطل» من خلال المثل 
المضروب. وهذا التمثيل المركب بصورته الغنية بعبارة سهلة سلسّة» ولما كان كل شيء حي 
من الماء ونال هذا الشرف الرفيع بين خلق اللهء أسند الله فعل إنزاله إليه (أنزل من السَمَاءِ 
مَاءَ 4 فهو مسبب الأسباب ومجري السحاب الذي يحمل هذا الماء المبارك: ولما كان المنزل 
من السماء أنواع شتى قال تعالى: #مَّاءَ4 وقوله: «فَسَالَت4 يوحي بالكثرة وغزارة هذا الماء 
الذي جعل الأرض تتشبع قشرتها وتسيل أوديتها وتمتلئ بالماء حتى يعلو حافتي الوادي. 

وهذا كله يملا القلب إيماناً بتفرد الله بالربوبية بإنزال الماءء ومَلْوٌ الأودية دليل على 
قدرته سبحانه» وكيف تسيل الأودية إلا بعد أن ينزل الماء على الجبال فينحدر في خلجانها 
وشقوق صخورها حتى يستقر جريانه وسيله في قاع الوادي الذي يمثل الانفراج بين الجبلين 
والمرتفعات من الأرض (قَسَالَت أُوديَةٌ بقدرها» . 
إنها اللوحة الأولى التي ترسمها الآية تنطق بالحركة؛ وقد حمل السيل على ظهره هذا الزبد 
الذي يعلو برغوته وخفته؛ وكأن السيل لا يلقي له بالاً ولا يكترث لحاله» وهو يضمحل 
ويتلاشى على ضفاف الوادي فيذهب مع الريح ويعلق بالحجارة والأشجار فلا نفع فيه ولا 
فائدة» (فَاحَتَمَلَ السّيل زَبَدَا رَابيَ!» ويجري الماء في الوادي إلى حيث يقدر له صاحب القدرة 
والحكمة ومقسم الأرزاق جل شأنه فحمل كل واد حسب حجمه وسعته وما قدر الله له (فَأْمًا 
لزيد فَيَذهَبُْ جْقَاءَ وما مَا ينَْعُ النَاسَ فَيمْكُثُ في الأرّض» وبثلك يسدل الستار على اللوحة 
الأولى في هذا المثل البديع الذي كان الماء عنصره ومدار المثل عليه وهو يملؤ اللوحة وقد 
شغل أكبر مساحة فيهاء وهو يتساقط من السماء ويسيل على الجبال ويستقر في الأودية ويلفظ 
ما على ظهره من زبد بعيداً فيذهب ويمكث الماء الخالص في الأرضء إنها تملأ فراغ اللوحة 
بمساحات مائية واسعة لتشكل الكتلة المركزية في اللوحة بألوانه المتعددة بزرقته وبياض 
سحابه وبياض الزبد وما خالطه من أغصان يابسة مصفرة أو تراب. وينتقل بنا سياق الآية 


(1) انظر البرهان في توجيه متشابه القرآن / محمود بن حمزة بن نصر الكرماني ت(505ه) ص 105 . 





266 


إلى مثل آخر تكون السيولة عنصره الرئيس ولكنها سيولة بقوة النار والإيقاد عليها. فكان 
الشبه بين الماء السائل والصلب المنصهر بالنار فيسيل وما يرتفع على سطح الماء من زيد 
وغثاء وما يرتفع على سطح هذه المواد الصلبة عند إذابتها من خبث خفيف يطفو عليها شبه 
مطابق أشد المطابقة وإن اختلفت المادة والوسيلة والمنفعة والهدف منه. إنها لوحة تصور 
هؤلاء الصناع من صاغة للذهب والفضة أو صناع للحديد أو كل ما يذيب المعادن لهدف 
التصنيع والمنفعة منها. وقد أوقدوا نار عظيمة في لهيبها حتى تصهر هذه الفلزات» وتشعر 
مخرز انها يع الأبدان .وفن: المقايل ما يزيق يكامق. العلية وما 'فيها ‏ مخ جما ونا دملتة 
المعادن من منافع للناس كل هذا يتراءى لك بحركة نشيطة ملؤها الحياة والعمل والجد 
والاجتهاد وفي المقال ا تيلتئ هو ذم من كيك وريه عال» ,ريد السيل لا فائدة فيه #وممًا 
يُوقدون عَلَيْه في الثّار ابْتعاء حليّة أو مَتاع بد مثْله4 وبهذه اللوحة الثانية البديعة يكتمل 
المشهد الكبير للمثل الذي يضربه الله للحق والباطل كذّلكَ يَضْرِبْ اللّهُ الحق والبَاطل» 
بضرب لهم الأمثال فما كرر عندما قال: (كَذَلكَ يَضرِبْ اللَّهُ الأمثّال4 فقد صرح في الثانية ما 
لم يصرح به في الأولى وكانت الثانية عامة والأولى خاصة. 

ونقذة الفاضلة تجكلنا نتصون. أهل: الحق وقة أعتيرو | واستتجابوا الزيهه 0 
الحسنى» وأما الباطل وحزبه (أولئك لَهُمْ سنُوءٌ الحساب وَمَأْوَاهُمْ جَهِنَمُ وبس المهاذ6(!) 
يبين أن الذين صدقوا وآمنوا بهذه الأمثال ليسوا مثل العميء وما هذه الأمثال ل 
الألباب (إنَمَا يَتَدَكَرُ أوثُوالأثبب)2 ومن بدائع هذا المثل أنه ضرب المثل بالماء الذي ينزل 
من السماء وبالفلز الذي يخرج من الأرض ولكنه قال: (أخرج منها مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا)00 
فأصل الماء من الأرض أصالة وإن علا في السماء بقدرة الله فيرجعه إلى أصل وجوده 
(فيمْكث في الأرض »» قال تعالى: (وَالسَّمَاء ذَات الرّجْع وَالأرْض ذَات الصّدْع46) 

وقال: (وَأَنرَلنَا الحديد فيه بس شَديد ومَتافع للثاس)7)فشمل مَتَلَ ما أنزل من 
السماء وما أخرج من الأرض وحقيقتها في مثل واحد شامل . 

وجعل الله هناك وجهاً جامعاً يجمع بين الماء والفلزء وهو:9وأمًا ما يَنْقَعٌ الناس 
فيَمكث في الأرُض» فوجه الانتفاع قاسم مشترك بينهماء علاوة على وجه السيولة والذوبان 


لسري عه 1 

(2) سورة الزمر: آية / 9 
(3)"شورة الناززعات: آية/ 31 
4 سووة طرق 1211 
(5) سورة الحديد: آية / 25 





267 


الذي ذكرنا سابقاء ومن بدائع هذا المثل أن أصل الماء طاهر نظيف صاف عذب ينزل من 
السماء» ولكن ما يلحق به من خبث ونجس أو زبد فهو من اختلاطه بالأرضء فإذا بقي 
الشوخ الفتزل:من بحية اللديؤحة من متبعه الصنافج :و هو كقاب :أله المدزل من" السماغ بالوهي 
على نبيه بقي طاهراً صافياً لا شبهة فيه» وإذا خالط هذا التشريع شرائع الأرض ونظمها 
دخله الفساد والخلل والشبهات والزيف» مثل الفلاسفة والملاحدة والغلاة من الشيعة والباطنية 
وغيرهم. 

وفي المثل الآخر أن ما يلحق بالجوهر الثمين من خبث وشوائب لا يمكن أن يخرج 
منه إلا بالنارء وهذا يمثل القلوب المؤمنة التي تبتلى حتى يعلم الله الصادقين من الكاذبين. 


268 


المبحث الرابع: فسوة قلوب بني إسرائيل 


لقد أشرت في المدخل لهذا الفصل أن هناك أمثالاً لايكون الماء مضرب المثل أو العنصر 
الرئيس فيه؛ ولكنه جزء من صورة المثل وعنصر من مكونات اللوحة التمثيلية التي يتشكل 
منها المثل» ومثلنا هنا في هذا المبحث الرابع من هذا النوع.'في هذه الآية ضرب الله القساوة 
المادية في الحجارة مثلاً للقسوة المعنوية في قلوب المخاطبين7!أمن بني إسرائيلءفقال تعالى: 
(ثمّ ست فلوبكم من بَغد ذلك فهِي كالحجارة أن أشَدُ شَْوَة ون من الحجارة لما يتقجَرُ منة 
الأنهَار وإِنّ منها لَمَا يَشقق فَيَخْرُج منه الْمَاءْ ون منها لَمَا يَهْبطْ من خَشيّة اللّه وَمَا الله 
بغافل عمّا تَعْمَلُونَ)© إن هذه الآية توبخ بني إسرائيل وتقرعهم على ما شاهدوه من آيات 
بينات آخرها إحياء الموتى بعد أن ضربوا قتيلهم ببعض تلك البقرة المعهودة التي ذبحوها وما 
كادوا يفعلون؛ قال لهم:(ثْمَ قَست فَلَوبُكمْ من بَعْد ذلك فهي كالحجارة التي لا تلين أبداً ولهذا 
نهى الله المؤمنين عن مثل حالهم (أَلَمْ يَأن للّذينَ ءَامَنوا أن تشع فُلُوبْهُمْ لذكر اللّه...6(6 4) 

وقال الزمخشري:'وصفه القلوب بالقسوة والغلظ مشل لنبوّتها عن الاعتبار» وأن 
الفوااضظ لا توق نفيي:"00 


وجه ذكر الماء في المثل 

لما شبه الله قلوب بني إسرائيل بقسوتها ودرجات هذه القسوة بالحجارة ودرجات 
صلابتهاء بيّن الله تعالى وجه تفضيل الحجارة على قلوب هؤلاء» فذكر أوجه الخير البارزة 
والمنتفعة الخارجة من هذه الحجارة متمثلة بخروج الماء الذي يعم نفعه على كل الخلائق من 
إنسان أو حيوان أو نبات منها. 

إن هذه الحجارة فيها نفع كثير يخرج منها الذهب والمعادن وكذلك تستخدم في البناء 
والعمارة بكل أشكالها وكذلك منها الملح بأنواعه حتى السماد للزراعة منها ومنافع كثيرة . 

وهنا يبرز سؤال لماذا اختار الله الماء من دون هذه المنافع جمعاء ؟ 


(1) أمثال القرآن / حبنكة الميداني ص 174 . 

(2) سورة البقرة: آية / 74 

(3) سورة الحديد: آية / 16 

(4) انظر في رحاب التفسير/ الشيخ كشك 190/1 . 
(5) الكشاف/ للزمخشري 155/1 . 





2069 


ولما كان الماء هو الحياة أراد أن يقول إن هذه الحجارة تنبعث منها الحياة بعنخصرها الذي 
خدل نهدا للحياة ونهو التاء “أننا قلرت دج لاه فل حياة فيه فكاخ تقشيلن الخسن لحيل عنيا: 
ولما كان خروج الماء يمثل الحركة القوية بالتفجير وخروج الأنهار وبالتشقق وهو أضعف 
للعيون والآبار وكذلك حركة سقوط الحجارة نفسها وهبوطها من خشية الله تملا اللوحة 
بالحياة» تقول: إن قلوب هؤلاء جامدة لا حراك فيها ولا خير ولا نفع لعباد الله» فلا خشية من 
الله ولا شفقة على خلق الله بعدم النفع. 

وإن الماء يمثل الصفاء والنقاء واللين ‏ فلا ألين من الماء - في المثل» ولكن قلوبهم 
تمثل الجفوة والقسوة وعدم اللين. 

ومن صفات الماء أنه يتأثر ويتشكل حسب القالب الذي يوضع فيه؛ء ولكن قلوب 
هؤلاء القوم لا تتأثر ولا تلين. 


0م20 
المبحث الخامس: أعمال الكفار 


النص الكريم للآية: 

قوله تعالى: ( وَالَذينَ كقرُوا عْمالهُمْ كَسَرَاب بقيعة يَحْسَبْهُ الظَمآن مَاءَ حتى إِذَا جَاءَهُ لم 
يَجَدهُ شيّنا وَوَجَدَ الّهَ عند فَوقَاهُ حسابَة واللّهُ ريغ الحسّاب” "أ كظلمَات في بَخْرٍ لجَي 
يَعْشَاهُ مَوْجْ من فَؤقه مج من فوقه حاب ظَلمَات بَعْضْهَا قوق بَعْض إِذا أخرج يَدَهُ لَمْ يَكَدْ 
يَرَاهَا ومن لَمْ يَجْعل اللَّهُ لَهُ نورا فَمَا لَهُ من ثور)1) 

٠ المنابفة:‎ 

ومن مناسبة هاتين الآيتين بما سبقهما من سياق السورة يذكر ابن عاشور فيقول:" لما جرى 
0 أعمال المتقين من المؤمنين وجزائهم عليها بقوله تعالى:( يُسَبْح لَُ فيها بالغذو والآصال 
رجال ... ليجزيهم الله أَحْسَن ما عملوا وَيَزِيدَهُمْ من فضله واللّهُ يرق مَنْ يَشاءْ غير 
حتاب6! 7 أعقب ذلك بضده من حال أعمال الكافرين التي يحسبونها قربات عند الله تعالىء 
ونا نه شعي حي نينا طلم عادة »في داف لقاو تداز 10 

'فضد النور الظلمة ولهذا عقب ذكر النور وأعمال المؤمنين فيها بأعمال الكفار وأهل البدع 
والضلال ... وكذلك الظلم ظلمات يوم القيامة وظلم العبد نفسه من الظلم فإن للسيئة ظلمة في 
القلب وسواداً في الوجه ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق كما روي 
ذلك عن ابن غياين:() 

' إن أعمال الكفان باظلة + وإنها لا شيء »© لأنه قال تغالئ في السزاب الذي مثلها به:(حتى 
إذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدَهُ شيا © وقد دل على بطلان أعمال الكفار ما جاء في آيات أخرى 
(فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءٌ مَنْثُورَا6 'هذان مثلان ضربهما الله تعالى لنوعي الكفار كما ضرب للمنافقين 
في أول سورة البقرة مثلين نارياً ومائياً » وكما ضرب لما يقر في القلوب من الهدي والعلم 
في سورة الرعد مثلين ناريا ومائياً . 

فأما الأول من هذين المثلين فهو للكفار الدعاة إلى كفرهم الذين يحسبون أنهم على شيء من 
الأعمال والاعتقادات وليسوا في نفس الأمر على شيء فمثلهم في ذلك كالسراب ....وهذا 
المثال مثال لأصحاب الجهل المركبء فأما أصحاب الجهل البسيط وهم الطماطم الأغشام 


(1) سورة النور: آية 39 - 40 

(ف)سورة الور اية / 6ق كوة 

(3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 18 / 250 . 
(4) اسجموع الفتازي / الإأمام لبقتسي 282:13 





2/1 


المقلدون لأئمة الكفر الصم البكم العمي الذين لا يعقلون فمثلهم كما قال تعالى: (أَوْ كَظلمَات 


شرح الاية: 
" والسراب: :الذي يكون نضف. التهان بالأرض لاصقا بها كأنه ماء :جار وسمي السراب سزابا 
لأنه يسرب سربا أي يجري جرياً."2 
والسراب علمياً يكون بسبب الحرارة العالية الموجودة في سطح الأرض المعرضة لأشعة 
الشمس فترتفع حرارتها أكثر من درجة حرارة الهواء فيحدث اختلاف يتكون منه انكسار 
للضوء وتظهر صوره للسماء في هذا الانكسار مثل الماء الجاري الذي يغطي الرؤية السطح 
وقوله تعالى: 9يَحْسَبُهُ الظَمْآنْ مَاء4 إشارة إلى خداع النفس بعد خداع البصر بهذا السراب 
فإن لهفة الظمآن » وحرارة شوقه إلى الماء » تغطي على عقله فيخال السراب ماء!4) 
فينطلق هذا الظمآن المخدوع نحو هذا السراب (حتى إذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شيْتا4 لاهثاً تحثه 
حرارة العطش على المسير نحوه حتى يصل إلى المكان الذي ظن أنه الماء فلم يجد هناك 
كينا 3خ3 ان عيو كه ويقدرا عق ملكت : 

' إن الضمير في قوله جاءه يدل على شيء موجود واقع المجيء لأن وقوع المجيء 
على العدم لا يعقل ومعلوم أن الصفة الإضافية لا تتقوّم إلا بين متضائفين » فلا تدرك إلا 
واقع عليه المجيءء وقوله تعالى "لم يَجدهُ شيئا» يدل على عدم وجود شيء يقع عليه 
المجىء."(5) 


(1) تفسير ابن كثير 297/3 . 

(2) لسان العرب 465/1 . 

(3) انظر حديقة المعرفة / مجدي سيد عبد العزيز ص 24  .‏ ط1 . - القاهرة » دار الأمين لللنشرء 
6 م »ء والموسوعة العربية الميسرة / بإشراف محمد شفيق غربال ص976 . - دون طبعة  .‏ 
القاهرة » دار الشعب ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر 

(4) التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب 1293/5 . 

(5) أضواء البيان/ للشنقيطي 243/6 . 





212 


وقد أجاب الإمام ابن جرير الطبري على هذا في تفسيره جامع البيان فقال: " فإن قال 
قائل: وكيف؟ قيل (حتى إِذَا جاءه لَمْ يَجِدْهُ شيّئا4 فإن لم يكن السراب شيئاً فعلام دخلت 
الهاء في قوله: (جَاءَه» 
1-قيل: أنه شيء يرى من بعيد كالضباب الذي يرى كثيفاً من بعيد » فإذا قرب منه رق 
ونان كاله وام 
2-وقد يحتمل أن يكون معناه حتى إذا جاء موضع السراب لم يجد السراب شيئا فاكتفى بذكر 
السراب عن ذكر موضعه.!!) 
وقد رجح الإمام الطبري والشنقيطي #الرأي الأول وعندي كذلك وأقول أيضاً: إن الله قد بين 
حتى لا يتوهم أنه بوجود الضمير يوجد هناك شيء, فقال تعالى: (لَمْ يَجِدْهُ شيّنا4 رفعاً للوهم 
المتوقع أن يخالج السامع أو القارئ للآية . 
وقوله تعالى: (وَوَجَد اللّهَ عندهُ فَوَفَاهُْ حسابَه واللّهُ سريع الحساب» ' يصل فلا يجد ما 
داكي د اسل بجاوو ا لت ا ا ا 
الخبال (وَوَجِدَ الله عندَهُ » الله الذي كفر به وجحده وخاصمه وعاداه وجده هنالك ينتظره ! 
ولق :وجد في هذه المفاجكة :خضيما من :: بنى البشر لروعه وهو ذاهل غافل على غير استعداد 
فكيف وهو يجد الله القوي المنتقم الجبار " 67 . 
والظلمات جمع في لغة القرآن لم ترد مفردة على الإطلاق وذكر الإمام الرازي قول الحسن 
البصري في هذه الآية فقال :إن الله ذكر ثلاثة أنواع من الظلمات ظلمة البحر وظلمة الموج 
وظلية الشحانت «اكذلك الكافر ل# كلك كللمات.ظطللمة الاعقاد.وظللمة العطل واقللمة الفرل : 
وقيل عن ابن عباس: قلبه وبصره وسمعه.47) 

'وشبهها ثانية في ظلمتها وسوادها لكونها باطلة » وفي خلوها من نور الحق بظلمات 
متراكمة من لجة البحر والأمواج والسحاب."57) 


(1) تفسير ابن جرير الطبري 18 / 148 . 
(2) أضواء البيان / 6 / 243 . 

(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 107/6 . 
(4) تفسير الرازي 0 

(5) الكشا 





203 


" فيجتمع خوف الموج وخوف الزيح:وخوف السحات: ... وتتابع الموج وتلاحقه هو 
أخوف ما يكون إذا توالى وتقارب ... ومن فوق هذا الموج سحاب. وهو أعظم للخوف من 
وجهين: 
أحدهما: أنه غطى النجوم التي تهتد 
والثاني: الريح التي تنشأ مع السحاب والمطر الذي ينزل فيه."(1) 
'وهذا من التوسع في ترادف الصفات » فإنه لو أراد اختصاره لكان :7 أو عَظَلمَات 
50000 المفسرين على أن الظلمات الثانية مفسرة وشارحة للظلمات الأولىء إلا أن 
ابن عاشور يقول:" والمراد بالظلمات التي هنا غير المراد بقوله: (أَوْ كَظلمَات 4 لأن الجمع 
هنا جمع أنواع وهنالك جمع أفراد من نوع واحد."9 وقد اعتبر أن (أؤ كَظلمَات »الأولى 
خاضدة الك أما(ظلمَات» الكالهة تكرو ل فانبة الفهرة و التسه اي ٠‏ 
يرى الباحث: ونسأل أليست الأمواج وظلماتها من البحر وجزء منه؟ وكلها في 
الحقيقة ظلمات سوداء وإن اختلفت درجات سوادها حسب عمق لجة البحر وعظم الموج 
وصغره وكذلك كثافة السحاب ورقته» والقرآن يجمل ثم يفصل فكانت الأولى مجملة» وكما 
ذكر الزركشي فإنه نوع من التوسع في ترادف الصفات كما سبق ذكره . ففصتل القرآن وبيّن 
هذه الظلمات ببيان أنواعها في الثانية . 
ويقول حبنكة الميداني:" كل هذا بيان لحال الظلمات في عمق البحر اللجي."4) 
(إذا أخرج يَدَهْ لم يكذ يَرَاهَا 4 إن قوله لم يكد يراها أبلغ من قوله لم يرها لأن من لم ير قد 
يقارب الرؤية؛ لأنه إذا انتفت مقاربة الفعل اقتضى عقلاً عدم حصوله."57) 
' وأصح الأقوال في هذا المعنى لم يقارب رؤيتهاء وإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة 
ولا قريبة."67) 
(ومّن لَمْ يَجْعل اللّهُ لَهُ نور قَمَا لَهُ من نور» هكذا يختم الله هذين المظيق بهذ القاضلة 
المطابقة والمعبرة أصدق تعبيرء عن حال هؤلاء الذين أعرضوا عن نور الهداية باتباع سبيل 


1) تفسير القرطبي 284/12 . 

02 البرهان/ للزركشي 413/3 . 

3) التحزير والتتويز / ابن عاشور ‏ 18/ 256 :: 
4) أمثال القرآن/ لحبنكة الميدانئي ص 544 . 
5) البرهان/ للزركشي 136/4 . 

6) معاني القرآن/ للنحاسي 542/4 . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





214 


الظلام بكفرهم وحربهم لله ورسوله والمؤمنين فكانت أعمالهم ظلمة فوق ظلمة فوق ظلمة 
ظلمات بعضها فوق بعضء فمن أين يأتيهم النور ؟ ولم يجعل الله لهم من نوره نصيباً في 
الدنيا والآخرة . 

' ويظهر لنا في هذا المثل الرائع من خصائص الأمثال القرآنية ما يلي : 

أولة: .مضي التعناظة ون الممكل يهو الممكل له 

ثانياً: التصوير المتحرك (حركة الموج في العمق- حركة الموج في السطح- حركة السحاب 
المتراكم- حركة رفع المتخبط يده إلى جهة عينيه) . 

ثالثاً: البناء على المثل » والحكم عليه كأنه عين الممثل له ... وهذا البناء قد جاء هنا في قوله 
عقب ذكر المثل مباشرة :( ومن لَمْ يَجْعل اللّهُ لَهُ نورًا فَمَا لَهُ من نور)1) . 


(1) أمثال القرآن/ حبنكة الميداني /545 . 





215 


المبحث السادس: دعوة الحق ودعوة الباطل 


في المبحث السابق كانت أعمال الكفار سراباً يلهث خلفه العطشان من الكفار فلا يجد 
إلا الحسرة والخيبة والجفاف في حلقه». وكذلك كانت أعمالهم ظلمات متراكمة مدلهمّة تشتد 
ظلمة بتتابعها وتواليها بعضها فوق بعض . 

وفي هذا المبحث ومن خلال المثل القرآني المضروب نجد دعاء الكافرين في ضلال؛ 
نجد صورة حية لعطشان لاهث متلهف يريد أن يبل حلقه بشربة ماءء ولكنه يبسط يده فلا 
يستقر في كفه شيء» فلا يشرب ولا ينتفع من دعائه إلا الحسرة والعطش للاستجابة» ولكن 
هيهات هيهات وما دعاؤه إلا في ضلال . 

وفي المقابل كعادة القرآن في المقابلة بين الصور والتمثيل الحي الناطق المتحرك: 
نجد دعوة الحق والاستجابة وتلبية الرغبات من الحق سبحانه:(أَمَنْ يُجِيب المُضطلٌ إِذَا دَعَاهُ 
ويكشف السنُوع)1) 

وقال تعالى: (بَل إيَّاهُ تَدعون فيكشف ما تَدعون إِلَيْه إن شاء وتنسون ما 
تشركون)21) 

وهاهو الإنسان عندما يقهره موج البحر ويتعالى عليه يتوجه إلى الله فلا معين له 
وكاشف لها إلا هو (وإِذَا مَسَكُمْ لض في الْبَخْر ضل من تَدْعون إلا إِّاهْ)( 

ومظلنا هذا يعين مصدق:وضونة“جلية كفلق الضيح عن :هذا الأمن: الذي الا ينفك 
الإنسان أن يتوجه به إلى ربه الذي يدين له» ومن خلال إلقاء الضوء على هذا المثل تتضح 
الصورة يِذ اللا 
قال تعالى :لَه دَعوَة الحق والذين يعون من ذونه لا يَستَجِييُون لَهُمْ بشئء إلا كباسط كفيه 
إِلَى الماء ليَبلعَ فَاهُ وما هُوَ بَالغه وما دُعَاءْ الكافرين إلا في ضلال42) ْ 
قوله: «ل44 أي الله سبحانه وتعالى إن دعاه أحد سمعه فأجابه إن شاء وفنا كا 
وقوله: (دَعْوَةٌ الْحّق» ذكر الزمخشري أن فيها وجهان: 
أحدهما: أن تضاف الدعوة إلى الحق الذي هو نقيض الباطل . 


(1) سورة النمل: آية / 62 

(2) سورة الأنعام: آية / 41 

(3) سورة الإسراء: آية / 67 

(4) سورة الرعد: آية / 14 

(5) نظم الدرر / للبقاعي 134/4» وانظر تفسير الرازي 29/19 . 





206 


والثاني: أن تضاف إلى الحق الذي هو الله عز وجل (1) . 
والحق ضد الباطل قاله سعيد حوى في تفسيره © . 
وقال ابن الجوزي له دعوة الحق فيه قولان: 
أحدهما: أنها كلمة التوحيدء وهي: لا إله إلا الله» قاله علي وابن عباس رضي الله عنهما - 
والجمهور والمعنى له من خلقه الدعوة الحق» فأضيفت الدعوة إلى الحق لاختلاف اللفظين . 
والثاني: أن الله عز وجل هو الحق فمن دعاه دعا الحقء قاله الحسن البصري7©. 
وقال العلامة ابن عاشور:" إضافة الشيء إلى منشئه كقولهم : برود اليمن» أي الدعوة 
الصادرة عن الحق وهو ضد الباطل» وعبادة الأصنام تصدر عن اعتقاد الشرك وهو الباطل . 
واللام للملك المجازي وهو الاستحقاق." (يرى الباحث: وهذا من باب التأويل الذي يتنافى مع 
عقيدة السلف والملكية هنا حقيقة فإن الله يملك البشر ودعاءهم وله هذا كله بدون تأويل كما له 
الحمد في قوله: (الْحَمْدْ للّه4 ©) فإن هذه اللام فيها الاختصاص والملكية والقصر ولما كان 
ذلك من كمال توحيد الألوهية وهو الدعاء لله وحده ) . 
'"وتقديم الجار والمجرور على المبتدأ لإفادة التتخصيص أي دعوة الحق ملكه لا ملك غيره 
وهو قصر إضافي.'(5) 
وقوله تعالى: (وَالَذِينَ يَدْعُونَ من دونه لا يَستَحِيِبُونَ لَهُمْ بشّيْء) تستوعب كل ما 
يعبد من دون الله من آلهة إن كانت بشراً أو فكراً أو حيوانا ارسي أ تهنا اراقمرا از 
نار فهي شاملة كل ما يعبدونه من معبودات غير الحق . 
قال القرطبي والألوسي وابن الجوزي وابن جزي الكلبي والزمخشري والماوردي 
والرازي وابن كثير وغيرهم من جمهور المفسرين: إنها الأصنام والآلهة التي يعبدونها . 
وهذه الآلهة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعمل لا تملك الإجابة فلا تستجيب لهم بل لا 
ترجع لهم صدىء ويبقون بحسرتهم ولهفتهم للمجيب والمجير ولا مجيب ولامجير لهم من 
أصنامهم بشيء» وكلمة #بشيْء»4 جاءت للتحقير والتصغير حتى جنس ما يطلق عليه شيء 
فلا ينتفعون . ٠‏ 
1) انظر الكشاف/ للزمخشري 520/2 . 
2 الأساس في التفسير / 2735/5 . 
3) زاد المسير / ابن الجوزي 317/4 ٠‏ وانظر التسهيل للكلبي 2/ 132 » وتفسير الرازي 30-29/19 . 
4) سورة الفاتحة: آية / 1 
5) التحرير والتنوير / ابن عاشور 108/13 . 
6 القرطبي 300/9 ٠‏ والألوسي 124/13 » وابن الجوزي 317/4 » وابن جزي الكلبي 132/2 » 
والكشاف 521/2 » والماوردي 103/3 ٠‏ والرازي 30/19 ٠»‏ وابن كثير 508/2 كلهم في تفاسيرهم . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





20 


كما قال ابن جرير الطبري"" لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهة 
بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضر.(1) 

وكذلك قال القرطبي" أي لا يستجيبون لهم دعاء ولا يسمعون لهم نداء."(©) 

'وبيّن سفول رتبتهم بقوله: (من ذونه0(".»4) 

وقوله تعالى: (إلا كبّاسط كفيْه إلى الْمَاء ليبلعَ فَاهُ وما هو ببَالغه)قال ابن جرير 
الطبري:" لا ينفع داعي الآلهة دعاءه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلا الماء بسطه إياها إليه 
من غير أن يرفعه إليه في إناء» ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه 
والعرب تضرب (المثل) لمن سعى فيما لا يدركه بالقابض على الماء."(4) 

'شبهوا في قلة جدوى دعائهم لآلهتهم بمن أراد أن يغرف الماء بيديه ليشربء. 
فبسطها ناشراً أصابعه »فلم تلق كفاه منه شيئاً ولم يبلغ طلبته من شربه."(5) 

' وزعم الفرتاء 7 أن المراد بالماء البئر » لأنها معدن للماء وأن المثل كمن مد يده 
إلى البئر بغير رشاء."7) 

وذكر ابن الجوزي خمسة أقوال في تشبيه حال هؤلاءء قال: 'فيه خمسة أقوال : 
أحدها: أنه العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه. 
الثاني: أنه الرجل العطشان قد وضع كفيه في الماء وهو لا يرفعهما. 
الثالث: أنه الرجل العطشان يرى خياله في الماء من بعيد » فهو يريد أن يتناوله فلا يقدر 
عليه » يرى الباحث: ما دخل الخيال في الشرب وكذلك ما في الآية ما يدل عليه. 
الرابع: أنه الرجل يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا. 
الخامس: أنه الباسط كفيه ليقبض حتى يؤديه إلى فيه ولا يتم له ذلك» والعرب تقول: من 
طلب ما لا يجد فهو القابض على الماء. 


1) ابن جرير الطبري 129/13 . 

2 القرطبي 300/9 . 

3 نظم الدرر / للبقاعي 135/4 . 

4) ابن جرير الطبري 129/13 . 

5) الزمخشري 521/2 وانظر التحرير والتنوير 109/13 . 

6) الفراء: هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الأسدي الكوفي النحوي وهو صاحب 
الكسائي بحر في اللغة والنحو وفي الفقه والطب والتفسير ومن كتبه(معاني القرآن) ت 207 ه وله 
ثلاث وستون سنة» انظر تهذيب سير أعلام النبلاء / محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي؛ هذبه أحمد 
فايز الحمصي  .‏ ط1 . بيروت» مؤسسة الرسالة» 1412 ه ‏ 1991 م . 

(7) تفسير القرطبي / 301/9 . 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





215 


يرى الباحث: وهذا هو أصح الأقوال؛ وذلك لأنه أقربها لمنطوق الآية.'7') وسبق ذكره عن 
الزمخشري وابن عاشور كذلك . 
وهذه هي الصورة الشاهدة في المثل حيث التصوير الدقيق للماء يتخلل منفلتا من بين 
الأصابع لا يستقر في كف هذا العطشان اللهفان للماء» فلا يجد في كفه من هذا الماء شيئاً يبل 
ريقه ويطفىء نار عطشهء وهو في أصعب المواقف وأحرجها يستجير بما يعبد» فلا مجيب 
شوك 9 الحويوة و الليفة : 

ومن خلال هذا المثل القرآني البديع البليغ المملوء بالحركة والعاطفة الجياشة 
والمطابقة بين المثل والممثل له الذي يصدق عليه أصدق الصدقء ويجلي الصورة في أجمل 
تعبير وأخصره. فها هو العطشان يرفع كفيه إلى فيه ظاناً أنها تحمل الماء ولكن هيهات 
شيباة + 

ويأتي قوله تعالى: وما دُعَاءْ الكافرين إلا في ضلال4 يبيّن ما كناه من خيبة أمل 
الداع :في حدم الاستجابة لدعوته بالتصريح بعد التلميح وباختلاف الغرض والأسلوب حسّن 
العطف على ما قبله من جمل (والذين ا و 0 وبالمال 
حصل توكيد الجملة الأولى» وتقريرها بالأخيرة» فكان دعاء الكافرين في ضلال.(7 

"(إلا في ضلال» إلا في ضياع لا منفعة فيه؛ لأنهم إن دعوا الله لا يجيبهم» وإن دعوا 
الآلهة لم تستطع إجابتهم.'37) 

وفي ختام هذا المثل نبيّن وجوه ذكر الماء كعنصر من عناصر هذا المثل البليغ: 
أحدها: أن الماء فيه حياة الإنسان وتظهر شدة الحاجة إليه أكثر بالعطش . 
ثانيها: أن الماء المشروب بسيولته لا يستقر في الكف فهو يتسرب من بين الأصابع وهذا 


نظلا ةا الم 

ثالثها: إن العرب جرى على لسانهم المثل مضروباً لمن سعى فيما لا يدركه بالقابض على 
الماء باليد فقيل : 

فأصبحت فيما كان بيني وبينه ١‏ ***202 من الود مثل القابض الماءً باليد!ة) 

351 دين :ابن لحرن 3185174 : 

2 العوير والقرين رارع لامو 11/13 

(3) الكشاف / الزمخشري 521/2 

(4) البحر المحيط / لأبي حيان 368/5 » نسبه إلى سيبويه وقال ابن جرير الطبري 128/13: إنه من 


شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن . 





219 


المبحث السابع: المرائي المّان بصدقته 


بين يدي المثل: 
جاء هذا المئل ضمن مجموعة أمثال ضربها الله في سورة البقرة» تبدأ من قوله تعالى9مَكَل 
الذي يُنَفقُون أَمُوَالَهُمْ في ستبيل اللّه كمَتَل حبَّة... 4‏ حتى قوله تعالى - ( وَاعْلَمُوا أن اللّه 
غني حَميد)!!) عرض الله فيها قضية الإنفاق في سبيل الله مع الإخلاصء وحذر فيها من المن 
والأذى لخلق الله الفقراء وضعفاء المسلمين» وعندما نتعرض لهذا المثل فإننا نعرض له لذكر 
عنصر الماء فيه؛ ثم لبيان بلاغة القرآن وحكمه في تشريعاته وتعاليمه: وقبل أن ندخل 
نتعرف على جوهر الموضوع وهو الإنفاق . 
تعريف الإنفاق في اللغة: 

نفق: النون والفاء والقاف أصلان صحيحان يدل أحدهما على انقطاع شئ وذهابه» والآخر 
على إخفاء شيء وإغماضه؛ ومتى حُصل الكلام فيهما تقارب.(2) 

وقال الراغب الأصفهاني:" نفق الشيء مضى ونفدء ينفق إما في البيع نحو نفق البيع نفاقاً 
.... وإما بالموت نحو نفقت الدابة» والإنفاق قد يكون في المال وفي غيره؛ وقد يكون واجباًء 
وكو يه اتا 

وفي الاصطلاح: "الإنفاق: صرف المال في الحاجة.47) 

النص الكريم للآية: 
قال تعالى:( يَاأيُهَا الّذين آمَنُوا لا تَبُطلوا صدقاتكم بِالْمَنَ والأدى كالّذي يُنفق مَالَه رتَاء 
الئاس ولا يُوْمِنْ باللّه واليوم الآخر فَمتَلَهُ كمَتّلِ صفوان لت 
صلدا لايتقدرون عَلَى شيء مما كسَبُوا واللّهُ لا يدي القَوْم الكافرين 5(4) 
مناسبة الآية وارتباطها بالسياق: 

بعد أن بيّن الله فضل الإنفاق في الآيتين السابقتين لهذه الآية» وجلى الدستور الربّاني 

الإنفاق» ومضاعفة الأجر إلى سبعمائة ضعفءويزيد من سعته وفضله " وعندما يصل التأثير 


الوجداني غايته ... بعد استعراض مشهد الحياة النامية الواهية مثلاً للذين ينفقون أموالهم في 


(1) سورة البقرة: آية / 261 - 267 

(2) معجم مقاييس اللغة/ ابن فارس ص 1038 

(3) المفردات / للراغب الأصفهاني ص 423 . 

(4) التعريفاك/ الجوجاني من :30+ والتزفيك عل .سيناك القدارنيت/ للمناوى اصن 100 
(5) سورة البقرة: آية / 264 





250 


سبيل اللهء دون أن يتبعوا ما أنفقوا منأ ولا أذىء وبعد التلويح بأن الله غني عن ذلك النوع 
المؤذي من الصدقة؛ وإنه هو الواهب الرازق لا يعجل بالغغضب والأذى ... عندما يصل 
التأثير الوجداني غايته بهذا وذاك؛ يتوجه الخطاب إلى الذين آمنوا ألا يبطلوا صدقاتهم بالمن 
والأذى . 

ويرسم لهم مشهداً عجيباً أو مشهدين عجيبين يتسقان مع المشهد الأول؛ مشهد الزرع 
والنماء»ء ويصوران طبيعة الإنفاق الخالص لله» والإنفاق المشوب بالمن والأذى على طريقة 
التصوير الفني بالقرآن التي تعرض المعنى صورة؛ والأثر حركة؛ والحالة مشهداً شاخصاً 
للخيال.'(1) 

وقال ابن عاشور: " فلما وصف الإنفاق في سبيل الله بصفة الإخلاص لله فيه بقوله: 
( الذين يُنفقون أَمْوَالَهُمْ في سسبيل اللّه © انتقل بمناسبة ذلك إلى طرد ذلك الوصف في 
الإنفاق على المحتاجين؛ فإن المن والأذى في الصدقة أكثر حصولاً لكون الصدقة 0 
بأشخاص معينين بخلاف الإنفاق في سبيل الله فإن أكثر من نالهم النفقة لا يعلمهم المنفق ." 


شرح الاية: 
(يَاأَيُهَا الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بِالْمَنَ وَالأدّى» 
يخاطب الله الفئة المؤمنة التي مس الإيمان شغاف قلوبهم محذراء وقارعاً آذانهم ب (لا) 
الناهية لنفوسهم وعقولهم عن إيطال صدقاتهم بالمن على المحتاجين؛ وإيذائهم بأي شكل من 
أشكال الإيذاء. قال القرطبي:" قال جمهور العلماء في هذه الآية إن الصدقة التي يعلم الله من 
صاحبها أنه يمن أو يؤذي بها فإنها لا تقبل. وقيل: بل قد جعل الله للمَلك عليها أمارة فهو لا 
يكتنياء وهذا حسة 6 

(كالذي يُنفق مَالَهُ رتَاء التّاس ولا يُوْمِنْ باللّه وَالْيُوْم الآخر» " أي لا تبطلوا 
صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله 
وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليُشّكر بين الناس» أو يقال له: كريم 
وتحو ذلك من المقاصد الدنيوية» مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته 
وجزيل ثوابه؛ ولهذا قال:( ولا يُوْمنْ باللّه وَالْيَوْم الآخر74» فالموصول من قوله: (كالّذي 


1) في ظلال القرآن / سيد قطب 1 / 451 . 

0التحريل والقوين |الق :عشور :233:3 هده 

6 تين 'القزطبي :#817103 وروح لمعا / ارسق :34:3 : 
) ته 


) 
) 
) 
(4) تفسير القرآن العظيم/ لابن كثير 1 / 319 . 





2651 


يتفق مَالَهُ4 مراد به جنسء وليس مراداً به معيناً ولا واحداً أو الفريق الذي ينفق كما قاله 
الزمخشري!! . 
والغرض من هذا التشبيه تفظيع المشبه به وليس المراد الممائلة!”) (فَمَتلَهُ كَمَتّل صفوان عَلَيْه 
ترات فَأصَتَابَة وابل فتركَهُ صلدا4 (قَمَتَلَهُ4 أي المرائي في الإنفاق » والفاء ا 
بما قبلها (كَمَتّل صفوان» أي حجر كبير أملس وهو جمع صفوانة أو صفاء ...و (عَلَيْه 
ترَابْ» أي شئ يسير منه . 
وؤِقَأْصابَهُ وابل» أي مطر شديد الوقع» وكبير القطر . 
و (قَتَركهُ صلدَا4 أي أملس ليس عليه شيء من التراب والغبار أصلاً © . 
و (لايقدرون عَلَى شيء مما كسبُوا» ' أوقع موقعاً بديعا من نظم الكلام تنهال به معاني 
كثيرة» فهو بموقعه كان صالحاً؛ لأنه يكون حالاً من الذي ينفق ماله رئاء الناس فيكون 
متدرجاً في الحالة المتشبهةء وإجراء ضمير كسبوا ضمير جمع؛ لتأويل الذي ينفق 
بالحفاعة 41 
ثم ذكر ابن عاشور وجوهاً صالحة كثيرة نرجع لها هناك في تفسيره للآية» فهم في الآخرة لن 
تيع اجاح ها افوا ولى يتحساو ا على الخو انيما انفقو اء كلم ريق اليد امفه قتي 
و (وَالنَُ لا يَهْدي القَوْم الكافرين4 تذليل مسوق لتحذير المؤمنين من تسرب أحوال الكافرين 
إلى أعمالهم» فإن في أحوالهم المن والأذى للمحتاجين والفقراء() 
تحليل المثل: 
يقول ابن قيم الجوزية: 'وتأمل أجزاء هذا المثل البليغ» وانطباقها على أجزاء الممشل بهه. 
تعرف عظمة القرآن وجلالته . 

فإن الحجر في مقابلة قلب هذا المرائي المان والمؤذيء فقلبه في قسوة عن الإيمان 
والآخلاضن :والإحسان يمتزلة الحدن» والعمل الذئ عمل لغين. الله يمنزلة 'التراب الذي .على 
ذلك الحجرء. فقسوة ما تحته وصلابته تمنعه من النبات والثبات عند نزول الوابل» فليس له 
مادة متصلة بالذي يقبل الماء وينبت الكلأ» وكذلك المرائي ليس له ثبات عند وابل الأمر 
والنهي »والقضاء والقدرء فإذا نزل عليه وابل الوحي تكشف عنه ذلك التراب اليسير الذي 


)انظ الفدات ‏ الامسشري 310/1 
(2) التحرير والتنوير / ابن عاشور 3 / 48 . 

(3) انظر روح المعاني / للألوسي 3 / 35 . 

(4) التحرير والتنوير / ابن عاشور 3 / 49 - 50 . 

(5) انظر التحرير والتنوير / ابن عاشور 50/3 ٠‏ وروح المعاني / للألوسي 35/3 . 





2652 


كان عليه؛ فبرز ما تحته حجراً صلدأء وهذا مثل ضربه الله سبحانه لعمل المرائي ونفقته » لا 
يقدر يوم القيامة على ثواب شيء منه »أحوج ما كان إليه.'(1) 

وهذا المثل من الأمثال الصريحة في القرآن التي ذكر فيها لفظ المثل (فَمَتَلَهُ كَمَكَل 
صفوان...» وجاء ذكر الماء في المثل في صورة المطر الشديدء وهو المؤثر الكاشف لزيف 
عمل هذا :لتر في ميك إر ان الترات عق الضغراق وفك مكفيوها عار يا مما كب افيه ينه 
من خداع زائفء فهو إن لم يكن مضرب المثل كان عنصراً هاما في المثلء أراد به الله أن 
يكون بمثابة الحق القوي (فَأْصابَهُ وَابل4 مقابل تراب الرياء والسمعة والنفاق والمن والأذى 
( وَقل جاءَ الحق ورَهق الْبَاطل إن البَاطل كان زهوقاً » 0 . 
للك ككة: الكوراة جلية :و اع مجنايقة فى هذ الل وين الممكل جد والميظ الة .رجه السنية 
الذي هو عدم النفع لايّقدرون عَلَى شيء مما كَسَبُوا4 وكذلك قسوة هذه القلوب (قَتَرَكَهُ 
صلدًا 4 في حقيقتها» كصلابة هذا الصفوان . 


(1) التفسير القيم / ص 152 153 ٠»‏ وإعلام الموقعين / ابن قيم الجوزية. ‏ دون طبعة ‏ . 
القاهرة. دار الحديث 1/ 160 - 161 
)2( سورة الإسراء: آية / 81 





253 


المبحث الثامن: المؤمن المنفق في سبيل الله 


بعدما تعرضنا في المبحث السابق لمثل المرائي المان بصدقته نجد أنفسنا أمام مثل 
آخر يبين الوجه المشرق للإنفاق وذلك من خلال عرضنا لهذا المبحث " المؤمن المنفق في 
النص الكريم للمثل: 
قال تعالى:7 ومكّل الذين يُنفقون أَمُوَالَهُم ابتغاء مَرْضَاة الله وتنْبِيتَا من 0 


ع اس اهم 


بربوة ة أصابَهَا وابل فآتت أَكُلَهَا ضعقيْن فَإِنَ لَمْ يْصبْهَا وَابل قَطل واللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ»1) 
مناسبة الاية وارتباطها بالسياق: 

" من أساليب فصاحة القرآن أن يأتي فيه ذكر نقيض ما تقدم ذكره لتبيين حال التضاد 
يترضبها على :الذهن: فلما ذكن الله صدقات:القوج: الذيق لا ثزاك لصدقاتهم::وديئ المتومنين 
للا ا لك و اح الام 
وهي على وجهها في الشرع فضرب لها مثلاً "2 " لزيادة بيان ما بين المرتبتين من البون» 
وتأكيداً للثناء بإخلاصء وتفنناً في التمثيل . فإنه قد مثله فيما سلف كحبة أنبتت سبع سنابل» 
وونظله فون ميلقت تحتلا عون كتين" القر كيف لكششين لمن ضة وتتكرل ,بصنا هفة الك امن فلما اوقنق 
حال المنفق رياءً بالتمثيل الذي قضىء أعيد تمثيل حال المنفق ابتغاء مرضة الله بما هو 
أعجب في حسن التخيل'(0) 
شرح الاية: 
(وَمَتَلَ الّذينَ يُتفقون أَمُوَالَهُمْ ابتعاء مَرْضاة اللّه» 
وهكذا يمثل الله تعالى في المقابل للسابق مثلاً للذين غمر قلوبهم الإيمان بنداه وبشاشته» فينفق 
ماله عن طيب نفس ورضاً باللهه وطمعاً في مرضاة الله مخلصاً محتسبا ما أنفق عند الله 
وهذا هو غرضه الأول أما غرضه الثاني فهو تثبيتاً لهذه النفس على الإيمان» وحفظاً لها 
على الطاعة وترك ما يفسدها من من وأذىء واتقاءً لشح النفس وتزكية المال» مع اليقفين أن 
الله لن يضيع أجورهمء ولن يخيب رجاءهمء حيث قال:( وتَقْبِيتَا من أنفسهم».4) 


1) سورة البقرة: آية / 265 . 
3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 3 / 50 . 
( 


) 
) 
) 
(4) انظر تفسير الفخر الرازي 7 / 58 - 59 . 





264 


'يشبه الله هؤلاء المنفقين مرضاة لله بالجنة وهي البستان المثمرء وكذلك المرتفع حيث تكون 
الجنة فيه نصب الشمس والرياح فتتربى الأشجار هناك أتمٌ تربية.'(1) 


ع اس اهم 


(أصابَهَا وابل فآتت أكلهًا ضعقين 

" فإنه يعني جل ثناؤه: أصاب الجنة التي بالربوة من الأرض وابل من المطر وهو الشديد 
العظيم القطر منهء (قَآتَت أكلَّهًا ضغقيْن» فإنه يعني الجنة أنها أضنعف ثمرها ضعفين حين 
أضنابها الو آبلة ,هن المظوع وا لذكل »شو القنين الماكون: ا 

أي أن هذه الجنة قد أعطت من الثمر والخير أضعافاً كثيرة بفضل الله الذي رزقها 

وأمطرها بهذا الوابل من الماء الغزيرء وقد بارك الله فيه . 
(فإن لم يُصبْها وابل» 
' أي أن هذه الجنة» إن لم تمطر بالمطر الكثير الغامر فإنه يكفيها المطر القليل أو اللين أو 
الندى أو الرذاذء أي أن هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبدأء فهي مثمرة في كلا الحالين 
الوابل والطلء وأياً كان فهو كفايتها.'(6) 
(واللّةُ بمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ» 
" أي: يرى أعمالكم على إكثار وإقلال؛ ويعلم نيّاتكم وما فيها من رياء وإخلاص) ويقول 
سيد قطب: 'ولما كان المشهد مجالاً للبصر والبصيرة من جانب؛ ومرد الأمر فيه كذلك إلى 
رؤية الله ومعرفته بما وراء الظواهرء جاء التعقيب لمسة للقلوب (وَاللَهُ بمَا تَعْمَلُونَ 
بَصينٌ4( فجاءت الفاصلة مطابقة للآية في أجمل طباق وأحكمه" . 
تحليل المثل: 
" إذا كان القلب الصلد وعليه ستار من رياء يمثله صفوان صلد عليه غشاء من تراب فالقلب 
اللووامزة تكله اذا نبل خسار قميفة' الرنة قن جقازق جحفطة الغراات اكلى: الطيفواق حدة تنوه 
على ربوة في مقابل الحجر الذي تقوم عليه حفنة التراب ليكون التراب متناسق الأشكال ! 


(1) الأمثال في القرآن / ابن القيم ص 51 . 
(2) جامع البيان / ابن جرير الطبري 3 / 72 . 
(3) انظر تفسير ابن كثير 1 / 320 

(4) الأساس في التفسير / سعيد حوى 1 / 618 
(5) في ظلال القرآن / سيد قطب 1 / 452 





2055 


فإذا جاء الوابل لم يذهب بالتربة الخصبة هنا كما ذهب بغشاء التتراب هناكء بل أحياها 
وأخصبها ونماهاء"!')ويعد .هذه المقادنة كين المثل السايق هذا المذل نقصيك: هذا المل ونين 
أركانه وصورته . 

إن تمثيل قلب المؤمن المخلص بالجنة العالية فوق مرتفع من الأرض نصب الشمس 
والرياح واللواقح» فكما هو قلب المؤمن دائم العطاء والبذل في سبيل الله كذلك هذه الجنة التي 
تؤتي أكلها ضعفين مثمرة في كل الأحوال إذا جاءها وابل أو طل . 

إن هذا المئل الصريح الجلي صرح به بلفظ المثل (وَمثَلَ الذين يُنفقون أَموَالَهُم4 
ومع وضوح التمثيل بركنيه» فقد اختلف المفسرون فيما مثل في الجنة» 3 كان المنفقون أو 
نفقاتهم أو هم ونفقاتهم . 

فذهب ابن جرير الطبري 7 و ابن كثير ) وصاحب المنار # إلى أن المراد هو 
المنفقون أنفسهم . 

وذهب الزمخشري 57 والرازي 7 والنيسابوري 7 وأبو السعود #' والألوسي 
إلى أن الممثل هو النفقة والمال الذي ينفقونه . 

وذهب أبو حيان '' منفرداً إلى أن الممثل هو المنفق والنفقة معاً أو المنفق أو النفقة. 
وهكذا يجوز التقادير الثلاثة» والرأي الأول هو الأرجحء وذلك من خلال مقابلة المئل السابق 
بهذا المثل كما ذكرت سابقاًء فلماذا نعدل عن اللفظ إلى التأويل؟ (مَتَلَ الّذِينَ يُنفقَونَ» وما 
قال: مثل نفقتهم أو أنفاقهم» وقال في المثل السابق ( كَالّذي يُتفق مَالَهُ ... فَمتَلْهُ كمَثَل 
صفوان» والله أعلم . 

وحق كاوه الكل كمه كاترن نين الانداق» بكر شعة ارين ركان نعي بالطل 


واذلك حسف نطة هذا المنقق و أكو اله فاخ سوه أحو لكان الإاتفاق عير ا وان تسهوة 


(9) 


(1) في ظلال القرآن / سيد قطب 1 / 451 - 452 . 
(2) جامع البيان / القرطبي 3 / 68 . 
(3) تفسير ابن كثير 1 / 319 . 
(4) تفسير المنار /, محمد رضا 3 / 67 . 
(5) الكشاف / للزمخشري 1 / 313 . 

(6) تفسير الرازي 7/ 58 . 

(7) غرائب الفرقان/ للنيسابوري 3/ 52 . 
(8) تفسير أبي السعود 2 / 506 . 

ااي مدي لس 94/39 
(10) البحر المحيط / لأبي حيان 2 / 323 . 





256 


كان الإنفاق قليلاء لكن في كل الأحوال هو معطاءء والمثل صورة حية كلها حركة من خلال 
سقوط المطر من السماءء وهي حركة من أعلى للأسفل» وحركة أخرى مقابلة لهاء وهي 
حركة نماء أشجار الجنة» وهي حركة من الأسفل إلى الأعلى» وفي هذه الصورة جمال بديع 
ومقابلة فنية رائعة . 

ونجد في هذا المثل الخير والنماء والعطاء في الممثل والممثل له» فقد شبه هذه 
النفوس المخلصة المؤمنة بالجنة التي تعطي أكلها ضعفين» وقد شبه الرسول يله المسلم 
بالنخلة-21) عَن ابن عْمرَ قال قَالَ رَسُول اللّه صلى الله علَيْهِ وَسلم: إن من الشجرٍ شجِرَة 
لا يَسْقط وَرَقَها وَإِنَهَا مل المُملم فحدثوني ما هي قال: فوقع النَّاسْ في شجر البَوَادي؛ قال 
ا رد لينو جاه وتو رار يلار 
هي التّخلّهُ[17) 

والماء في هذا المثل عنصر هام جداء حيث هو الحياة؛ فلا جنة ولا نماء ولا ثمار إلا 
الام 

وكذلك ضرب به المثل في حالين من العطاء بالوابل والطل؛ فكان الماء عنصراآً 
رئيساً في حركة اللوحة الفنية في المثلء وكذلك أخذ مساحة واسعة من حجم وهذه اللوحة 
النقية الح :وسهنها الملل وكطتيا + 

والمثل هنا مضروب بمحسوس حسب الرأي الأول؛ وكذلك الثاني في التشبيه بالجنة 
إن كان المنفق أو النفقة . 


(1) البخاري 1 / 26 كتاب العلم » باب طرح الإمام على أصحابه حديث رقم 62 . 





257 


المبحث التاسع: مثل الحياة الدنيا 

بين يدي المثل: 
إن أكثر الناس في أيامنا هذه يركنون إلى الدنياء ويسلمون زمامهم لها ... لظنهم أنهم 
قادرون عليهاء متحكمون فيهاء بما لديهم من وسائل العلم الحديث وأنواع المخترعات 
والمكتشفات ... وماحازوا من مال واقتصاد جعلهم يتمادون في غرورهم وخيّلائهم, 
متصورين أنهم في نعيم مقيم ولا فناء لما هم فيه من زينة هذه الحياة الدنيا . 
والقرآن الكريم يحذر من هذه العاقبة في أكثر من موضعء وينعي على أهل الدنيا اس تكانتهم 
إليها وخدمتهم» فقال في محكم التنزيل: 
(وما الْحَيَاةٌ الدنيَا إلا لعب وَلَهوْ وَلَلدَارٌ الآخرة خَيْرٌ للّذينَ يَتَقُونَ أفلا تغقلون)7) ويقول جل 
وعلا :“(ومَا هذه الحيّاة الدنيَا إلا لَهُوْ ولعب وإِنّ الدّار الآخرّة لهي الحيَوَان لؤ كانوا 
يَعْلَمُونَ214. وقال تعالى: (وما الْحيّاة الدنيَا إلا مَتَاعٌ الغرور )61 

وهذه الحياة الدنيا ليست مذمومة لذاتهاء بل هي خلق الله» أُمرَ المسلم أن يأخذ منها ما 
يبلغه مرضا. الله فإن الله لم يحرم الدنيا على البشرية» فقال:(قُل مَنْ حَرّمَ زينّة اله التي 
أخرج لعبّاده وَالطَيّبَات من الرّرزق 72 وقال تعالى:( ولا تَنْسَ تصيبَك من الدْنْيَا)(”) فهذه 
الدنيا تغر الكافر وتهوي به إلى النار - والعياذ بالله ‏ وأما المؤمن فالدنيا له متاع بلاغ إلى 
الجنة فيأخذ منها ما طاب ليرضي الله به . 

والقرآن الكريم ذكر الحياة الدنيا في الأغلب بالتحذير منهاء وعدم الركون إليها حتى 
يُؤتر الآخرة عليهاء وعندما علم الإنسان أن يأخذ بحظه منها جعلها في مقام المنسي ٠‏ فقال:( 
ولا تنس نصيبك» وكأن الأصل نسيان حبها والرغبة فيها. وإفراغ القلب منهاء فما هي إلا 
دار ممرء والآخرة دار القرار والحيوان والخلود . 

ومن أجل ذلك نجد القرآن ‏ مع كثرة ذكره للحياة الدنيا - يقدم لنا ثلاثة آيات 
ضريها على سال "الفا 4 تك يحل بحقيقة هذه :الحياة الدنيا في بتكنا ورا وقد الايسان 
هي :موضوع هذا العيكت وهدا يالمق الأول 
النص الكريم للاية: 


(1) سورة الأنعام: آية // 32 

(2) سورة العنكبوت: آية / 64 
(3) سورة آل عمران: آية / 185 
(4) سورة الأعراف: آية / 32 
(5) سورة القصضن*'آية // 77 





258 


(إِنَمَا فل الحيّاة الذنيَا كمَاءِ َنَلنَاهُ من السّماء فاختلط به نَبَات الأرْض مما اقل الاين 


وَالأنعَامُ حَنّى إذَا أخذت الأرض رُخرقهًا وازيّتت وَظنّ أظلهًا أنّهُمْ قَادرُون عليْهَا أتَاها 2 
َيْلا أو نهارًا فَجِعَلنَاهَا حصيدا كأن لَمْ تغنَ بالأئس كَذّلكَ نقصل الآيّات لقوم يتَفكرُون)(1) 


مناسبة الآية لما سبقها : 

"هذه الآية تتنزل منزلة البيان لجملة (مَتَاعَ الحَيّاة الدُنيَ! )24‏ في الآية التي سبقتها في 
السورة ‏ المؤذنة بأن تمتعهم بالدنيا ما هو إلا لمدة قصيرة.'() 

'و لما كان سبب ما ذكر من البغي في الأرض وإفساد العمران هو الإفراط في حب التمتع 
بما في الحياة الدنيا من الزينة واللذات ضرب لها مثلاً بليغاً يصرف العاقل عن الغرور بها 
ويهديه إلى القصد والاعتدال فيها ....) 

'ولما كان السياق لإثبات البعث وتخويفهم به - كفار قريش - وكانوا ينكرونه ويعتقدون بقاء 
الدنيا وأنها إنما هي أرحام تدفع وأرض تبلع وكانت الأمثال أجلى لمحال الأشكال قال تعالى 
ممثلاً لمتاعها قاصراً أمرها على الفناء ردأ عليهم في اعتقاد دوامها من غير بعث."57) 

شرح النص الكريم: 

(إِنمَا مثَلَ الْحَيّاة الدنيَا كماء أَنْرلَنَاهُ من السّمَاء» 

حابك اله بأناوب القصيد نما لقصر حالة الحياة الدنيا التي انكب عليها الناس بحال الماء 
الذي أنزل من السماء ليكون سبباً في نباك الأركن والزدقارهاء افص قصتر قلب» بني على 
فزي الفعطاط وم تمن عقا كزساوظا مدو لكات عامية مول له رق تحقة, فقن تلك الكالة :0 
(فَاختلطً به تيَات الأررْض » 

وذلك بتخلل الماء في الأرض والتربة المزروعة فيمتصه النبات لسيولته ولطافته فأصبح كلاً 
دالا في الآخر وتختاكل ون 

مما يَأكل النَاس وَالأنْعَام 4 


(1) سورة يونس: آية / 24 

(2) سورة يونس: آية / 23 . 

(3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 11 / 141 . 

(4 قسير كسان نمه را 1 4ل 

(5) نظم النوز/ للبقاغي:3 / 432. 

(6) انظر بحر العلوم/ للسمرقندي 2 / 92 » وجامع البيان/ للطبري 11 / 101 » والتحرير والتنوير/ 
لزن عقون 141/11 





259 


" مما يأكل الناس من الحبوب والثمار ومما تأكل الأنعام والدواب من العشب والكلة '(1), 
وبذلك قد جمع أصناف النبات كلها . 

(حَنَى إِذا أَحَدّت الأرْضْ زُخرفَهَا وازيّنت» 

" حتى ابتدائية غير عاملة ."07" وهي تفيد الغاية وهو ما يؤذن بأن بين مبدأ ظهور لذات 
الحياة وبين منتهاها مراتب جمة وأطوار كثيرة فذلك طُوي في معنى حتى."7) " وفي ذلك ما 
يشعرك بالحياة التي تدب في الأرض حين تأخذ زخرفها وتتزين.'7) ' وفيه تشبيه الأرض 
بالعروس التي تتزين بالحمرة والبياض ونحوها."57) 

" وهذا من بديع الاستعارة المكنية حيث شبه الأرض حيثما تتزين بالنبات والأزهار بالعروس 
تتزين بالحلي والثياب» واستعير لتلك البهجة والنضارة لفظ الزخرف."©6) 

(وَظن أهلها أَنَهُمْ قَادرُونَ عَلَيْهَا) 
قال صاحب المنار: ' متمكنون من التمتع بثمراتها وادخار غلاتها.7) 

(أتاها أمْرتا ليلا أو نهارًا» 

" يعني عذابنا "97" إشارة لإرادة الاستتصالء فهو ينذر بالتهديد للك افرين» ويجعل التمثيل 
أعلق بحياتهم ... ويزيد تلك الإشارة وضوحاً قوله:( وَظَنّ هلها أَنَهُمْ قَادرُون علَيْهَا) 
المؤذن بأن أهلها مقصودون بتلك الإصابة."0 " وتقسيمه ليلا أو نهاراً تنبيهاً إلى الخوف 
وارتفاع الأمن في كل وقت(00) 

2فَجَعَلنَاهَا حصيدًا كأن لَمْ تغنَ بالأئس» 


(1) بحر العلوم / السمر قندي 2 / 94 . 

0 استجو جورت المداى ١‏ هن حمق الفريفه 0 67د 
(3) التحرين والتفوير / ابن عاشور 143:/:1:1 : 

(4) من بلاغة القرآن / أحمد أحمد بدوي 1 . 

(5) من رغائب الفرقان وغرائب القرآن/ للنيسابوري 1 / 2 . 
(6) اتن فسن الرادي 1:17 77+ الحو التديط اين :كيان 143575 »والفدرين والعوين: 13 :143 
(7) تفسير المنار / محمد رضا 11 / 348 . 

(8) بحر العلوم / السمرقندي 2 / 94 . 
(9) التحرير والتنوير / ابن عاشور 11 / 143 . 
(10) المحرر الوجيز / ابن عطية 9 / 30 . 





230 


أي جعلها الله خالية لا شئ فيهاء قد حصد زرعهاء وقلع من جذوره حتى إذا نظر إليها 
الناظر لم يقل: كان بالأمس هنا نبات أو زرعء وذلك مما يوحي بقوة والانتقام والإهلاك لهذا 
الزرع وشدتهما .(1) 
ذلك نقصل الآيّات لقوم يتفكرون 4 
"اها بيذ نكم ها نذا ماق اللننوا ».وعدن قناقن كديا و امروهاة: كذلك انون الك ركد والقنا 
لمن تفكر واعتبر ونظرء وخص به أهل الفكر؛ لأنهم أهل التمييز بين الأمورء والفحص عن 
حقائق ما يعرض من الشبّه في الصدور."(2) 
تحليل المثل: 
لو نظرنا إلى هذا المثل البديع الذي ضربه الله للحياة الدنيا وما فيها من متاع وزخرف 
وزمن وحركة وآمال وتطلعاتء. هذا الركن الممثل في هذا التشبيه المركب أو التشبيه 

وفي المقابل الممثل به وهو الماء المنزل من السماء والذي هو سبب في اخضرار 
الأرض بالزرع وألوانه وأحجامه المختلفة يمثل الركن الآخر من التشبيه . 

وأما وجه الارتباط بينهما فهو سرعة الانقضاء والفناء وعدم الدوام فكل من الاثنين 
إلى هلاك وزوال؛ واستخدم الكاف كأداة للتشبيه مع التصريح بالمثل في بداية الآية (مَكَل 
الحيّاة الدُنِيَا4 ' ومن بديع هذا التشبيه تضمنه لتشبيهات مفرقة في أطوار الحالين المتشابهين 
بحيث يصلح كل جزء من هذا التشبيه المركب لتشبيه جزء من الحالين المتشابهين؛ ولذلك 
أطنب و وضيف الخالينة: م ايقداقة:؟(0 

" إن المثل الحقيقي والتشبيه الذي هو الأولى بأن يسمى تمثيلاً لبتعده عن التشبيه 
الظاهر الصريح ما تجده لا يجعل لك إلا من جملة من الكلام أو جملتين أو أكثر حتى أن 
التشبيه كلما كان أوغل في كونه عقلياً 'ممعناً' كانت الحاجة للجملة أكثر . 

ألا ترى إلى نحو قوله عز وجل "الآبة" كيف كثرت الجمل فيه» حتى إنك ترى في 
هذه الآية عشر جمل إذا فصلتء وهي وإن كان قد دخل بعضها في بعض حتى كأنها جملة 
واحدة فإن ذلك لا يمنع من أن تكون صورة الجمل معنا حاصلة تشير إليها واحدة واحدة» ثم 


(1) انظر تفسير الرازي 17 / 78-77 . 
(2) جامع البيان / للطبري 11 / 101 . 
(3) التحرير والتنوير / ابن عاشور 11 / 141 . 





201 


إن الشبه منتزع من مجموعها من غير أن يمكن فصل بعضها عن بعض وإفراد قفطر من 
1 

وغرض هذا المثل وأخويه اللذين سيأتيان لاحقاً هو التحقير والذم؛ حيث يقول 
الميداني في أمثال القرآن:" ومن الشواهد التي يلاحظ أن الغرض من ضرب المثل فيها 
التحقير؛ ما تكرر في القرآن من ضرب المثل لتحقير الحياة الدنيا وتهوين شأنها وشأن لذاتها 
ووقاقي ذا 

ولو نظرنا لمن ضرب هذا المثل؟ نجد سياق الآيات في السورة سابقة المثل تتحدث 
عن المشركين: وعن البغيء وكذلك الآيات اللاحقة للمثل تتحدث عن المشركين وشركهم: 
وعن وانكارهم للبعث فجاء المثل مضروباً لهؤلاء الكفار والمشركين» ليبين لهم أن اليوم 
الآخر آت ولا مناصء والحياة الدنيا إلى فناء وهباء . 

رجام الحارن ظلووة يتتيفت العراة يفن بيدا رك يا ”.لذ للخل الوقن من مقن طن العام لين 
الأرض والإنبات والاخضرار والزينة والثمارء وقرب موسم الحصاد؛ حتى جاء أمر الله بغتة 
في ليل أو نهار وهم لاعبون أو لاهون أو نائمون وانتهى كل شيء فجأة . 

وجاء الماء في هذا المثل كأساس لهذا المثل» وسبب من أسباب مطابقة هذا المثل لما 
مثل لهء حيث إن المثل للحياة الدنيا والماء هو الحياة (وجعلنا من الماء كل شئ حَي) فكيف 
واكام يمك سفالة اللحياة: النقيا :في الم بازار كن وثنانيا وخر فيا والفياة سينا وزيفهنا 
كأنها العروس بلا نزول الماء عليها ؟ 

ولذا طابق ذكر الماء في المثل ما ذكر له؛ ولولاه لما كان هناك مثل قائماً . 
ومن الخصائص التي نجدها في هذا المثل: 
* دقة التصوير مع إبراز العناصر المهمة من الصورة التمثيلية . 
* التصوير المتحرك الحي الناطقء ذو الأبعاد المكانية والزمانية . 
*صعذق الففافلة نين" الما ولحل 0 
ولا تنس أن المثل جاء من الأمثال الصريحة التي ذكر فيها لفظ المثل . 


(1) أسرار البلاغة/ عبد القاهر الجرجاني ص 91  .‏ دون طبعة . - القاهرة » المكتبة التوفيقهة » ودون 
طقلة :. 
2) أمثال القرآن / لعبد الرحمن حسن حبنكه الميداني ص 102 . 


)2 
(3) انظر أمثال القرآن / للميداني ص 115 . 





202 


المثل الثاني 

النص الكريم للاية : 

(واضرب لَهُمْ مَتَل الحَيّاة الدنيَا كمّاء ا ال الأرض فَأُصْبَحَ 
هَشيما تذروةُ الرَيَاحُ وكان اللّهُ عَلَى كل شيء مُقتَدر61() 

مكابتية: الآبة لما فبلها : 

" ضرب هذا المثل متصلاً بسابقه في نفس السورة قصة صاحب الجنة المشرك المتكبر على 
الفقير 0 الوقعل السصرووت المسشوقية اللتكيدرين بعلي الفقسراد 
السويتية اا كائين أن هذه الحياة الدنيا دار بقاءء وأنها تدوم: ( فقال لصاحبه وَهوَّ يُحَاورَهُ 
أنا أكثّرُ منك مالا وَأَعَنُ تقرَا(34)وَدَخَلَ جنتَهُ وهو ظالمٌ لنفسه قَالَ ما أظْن أن تبيدَ هَذه 
أبَدَا(35)وَمَا أَظنْ السمّاعة قَائمَة...1 هذا جزء من الحوار الذي قام بين هذا المشرك 
المتكبر وبين المؤمن الفقيرء فساق الله هذا المثل مبيناً أن هذه الدنيا قصيرة وإلى زوال . 


شرح النص الكريم: 

(وَاضرب لَهُمْ مَتَلَ الحَيّاة الدنيَ/4 ' واضرب لحياة هؤلاء المستكبرين الذين قالوا لك: اطرد 
عنك هؤلاء الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي إذا نحن جئناك.(4) 

(كماء أَنزْلتَاهُ من السسّمَاء4 أي المطر (فَاخْتلَطَ به تيَات الأرْض» امتزج وتداخل هذا الماء 
بالأرض حتى وصل جذور النبات فاختلط به ليكون سبباً للحياة والإنيات .(5) 

(فأُصبَحَ هشيما تذروةُ الرّيّاخ» " أي ذرته الرياح كالرماد 0 منه شيء» فكذلك الدنيا 
في زوالها وفنائها تهلك إذا جاءت الآخرة وما فيها من الزهرة."6 

(وكان الله عن كل شيء مُقتدرًا» " للتذكير بقدرة الله تعالى: على خلق الأشياء وأضدادهاء 
كل انلو سد اتن ١‏ لشروفا وتر ديه السجوات السداء كلس اتات القسارة ر ألحك 


([عوره لفيكنايد | 145 

(3) فين از و1010 
()سون» كيك يها نوه حرو 
(4) جام ابياق للطيودي 15 / :7252 

(5)انظر بحر العلوم / للسمرقندي 2 / 301 بتصرف . 
(6) التراح س2 301 





203 


اقتدارعجيبء وقد أفيد ذلك على أكمل وجه بالعموم الذي في قوله: ( عَلَى كل شيْء © وهو 
بذلك العموم أشبه التذييل. والمقتدر: القوي القدرة'(!) ٠‏ 
تحليل المثل: 

" شبهت حالة هذا العالم بما فيه بحالة الروضة تبقى زماناً بهجة خضرة ثم يصير 
نبتها بعد حين إلى اضمحلالء ووجه الشبه المصير من حال حسن إلى حال سيئ . 

وهذا نشي مقرل كمون ' لآن«اللجالة : الميقة امعقولة لذ دين القاين 'يوإذق تلن 
بهجة الحياة . 

وأيضاً شبهت هيئة إقبال نعيم الدنيا في الحياة مع الشباب والجدة وزخرف العيش 
لأهله» ثم تقلص ذاك وزوال نفعه ثم انقراضه أشتاتاً بهيئة إقبال الغيث منبت الزرع ونشأته 
عنه ونضارته ووفرته؛ ثم أخذه في الانتقاص وانعدام التمتع به ثم تطايره أشتاتاً في الهواء » 
تشبيهاً لمركب محسوس بمركب محسوسء ووجه الشبه كما علمت7) في الصورة الأولى . 

" هذا المشهد يعرض قصيراً خاطفاً ليلقي في النفس ظل الفناء والزوال: فالماء ينزل 
من السماءء فلا يجري ولا يسيل ولكن يختلط به نبات الأرض والنبات لا ينمو ولا ينضجء 
ولكنه يصبح هشيماً تذروه الرياح» وما بين ثلاث جمل قصار بمنتهى شريط الحياة: ولقد 
استخدم النسق اللفظي في تقصير عرض المشاهد بالتعقيب الذي تدل عليه الفاء #كمّاء أَنزلتاة 
من السّمَاء فاختلط به نيَات الأرْض فَأَصبَحَ هَشيما تذْرُوةُ الرّيّاخ» فما أقصر د 
أهونها ال 

جاء المثل مصرحاً بلفظ المثل (... مَثَل الحَيّاة النيَا كمّاء...» وهو تشبيه مركب أو 
تمثيلي ضرب المثل للمتكبرين والمشركين المتعالين على فقراء المؤمنين : 
المثل الثالث 
النص الكريم للاية: 
(اعَلَمُوا أَنَمَا الْحيّاةٌ الدَنيَا لعب وله وزيتة وتقاخر بَيْنَكُم وتَكَائْرَ في الأموال والأؤلاد كمَثَّل 
غَيْث أعجِب الكفار تبَائهُ ثُمَّ يَهِيج فَتَرَاهُ مُصفرًا ثُمَ يكون حْطَامًا وفي الآخرة عَذَابْ شدي 
وَمَغْفرةٌ من اللّه وَرِضوَانْ وما الْحيّاةٌ الدنيَا إلا مَتَاعٌ الْغرور)4) 


(1) التحرير والتنوير / ابن عاشور 15 / 332 . 
(0 للفرجع فيه 015 332-2331 

(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 15 / 387 . 
(4) سورة الحديد: آية / 20 . 





204 


مناسبة الاية بما قبلها : 

“زوه اللتسذال أن اننا قدت رف لحي رق ملي اديه مع القل ‏ ووكر شما فمة 
لزوم الموتء فبين أن الحياة الدنيا منقضيةءفلا ينبغى أن يترك أمر الله محافظة على ما لا 

م «(1 

يبقى."(1) 

وكذلك سياق السورة يحث على الإنفاق في سبيل الله بالأموال» وخاصة المؤمنين 
منهم بعد الفتح» و الذين ظلوا مشدودين للحياة الدنيا حتى يلحقوا بإخوانهم في الجهاد 
شرح النص: 
(اغَلمُوا أنما الحيّاة الذنيا لعن وهو وزيتة ©" هذه الآية وعظ وضيين لأمسر الذنيا وضتعة 
منزلتهاء والحياة الدنيا في هذه الآية عبارة عن الانشغال والتصرفات والفكر التي هي مختصة 
بالحياة الدنيا وأما ما كان في طاعة الله ورسوله وما كان من الضرورات التي تقيم الأود(©) 
وتعين على الطاعات فلا مدخل لها في هذه الآية.'(6) 
(وتفاخرٌ بَينكمُ وتكائرٌ في الأمُوال والأؤلاد» والتفاخر هو: الكلام الذي يفخر به وهو حديث 
العو عق تقسية وشرية بعيذاة» متدفوفة "إن كاقك نجوه فيه نا أو وافتلا “ن التكنائر حدق 
المناهاة بالفال و تجاه :و السلطانس الآ كيز" للمزه المكافة ‏ واهكة ذا 
9كَمَتّل غَيْتثْ أعجب الكقار تَبَاتَهُ4 الغيث: المطرء والكفار: الزراع. يشبه الله الحياة الدنيا 
تالمطن الثاز لمق السماء سكين ب الذراع حت ا عههم كيت هذا المطن يتداسية وختصويكة 
وكمالة )5 

(ثْمّ يَهِيج فترَاهُ مُصفرًا ثمّ يكون خطامًا4 ثم بعد الاخضرار والخصوبة يهيج هذا النبات 

فييبس ويصفر لونه ثم يتساقط ويداس بالأقدام فيكون حطاما مكسرا فلا يُلقى له بال فتكون 
نهايته . 
(وفي الآخرة عَذَابْ شُديدٌ وَمَغْفرَةٌ من اللّه وَرضوَان4 وفي يوم القيامة عذاب شديد من 
المنتقم الجبار للمتكبرين الكفار» وفي المقابل - وعلى طريقة القرآن في المقابلة - المغفرة 
للذنوب والرحمة والمرضاة من الله للذين آمنوا ولم تغرهم الدنيا بزخرفها وتزيفها . 


(1) الجامع لأحكام القرآن / للقرطبي 17 / 254 . 

(2) الأود:الاعوجاج/ لسان العرب 75/3 

(3) المحرر الوجيز / ابن عطية 15 / 421 . 

(4) انظر التحرير والتنوير / ابن عاشور 27 / 401 - 403 . 
(5) انظر التفسير الوسيط / محمد السيد طنطاوي 14 / 282 . 





205 


(ومَا الْحَيَاة الدنْيَا إلا متاغ الْغْرُور» ' وما أحوال الحياة الدنيا وما اشتملت عليه من شهوات 
إلا متاع زائل؛ لا يقدم عليه ولا يتشبع به إلا من خدع بزخرفه واغتر بمظهره .1) 


تحليل المثل: 
الممثل له في هذا المثل هو الحياة الدنياء والممثل به هو الغيث الذي اختلف في معناه بالمطر 
أو بالزرع فإن كان بالماء النازل من السماء أو بالزرع فيكون الماء سبب هذا الزرع وبدونه 
لما كانةدوها يخجب الزز اع ناته ولكي ارج ' أنه الباء فلو كان الزوعة أو الفداك كينت 
يكون التقدير " لمثل نبات أعجب الزراع نباته" أما الماء فيكون الذي أعجب الزراع هو 
النبات الذي جاء من نزول المطر عليه . 

وقال تعالى: (وَيتَزَل الْغَيِكَ74) وقال تعالى: «وَهو الذي يُتَزْل الْغَيِتَ من بَغد مَا 
قنَطوا ويَنشر رَحمتة وهو الوليُ الحميذ 6 

ووجه:الشيه في هذا المثل: المزكب فى ضور كقيرة يوكذ من هذا التعده في الكشييف 
ومحصدلة أنه كما هي الحياة الدنياء فمهما طالث فهي في النهاية إلى زوال؛ لذلك: مهما طالت 
حياة هذا الزرع النابت من المطر سوف يصفر ويصبح حطاماً هشيماً . 

وجاء التشبيه صريحاً بالكاف ولفظ المثل . «كمثل غيث » وكما هو الغرض في 
ْ6ذب-_1ذذ1ذ 0000131311‏ ا ا 500 
ولكن نرى هنا تفصيل وتوضيح لصفات الممثل له (اعَلَمُوا أَنَمَا الْحَيَاةٌ الدُنيَا نمب وَلَهِوَ 
وزيتة وتقاخر بِيْنَكم وتَكَائْرٌ في الأمْوال والأؤلاد4 وهذا يمثل تقسيم مراحل تطور حياة 
الإنسان من طفولته حتى شيخوخته . 

ويقابل ذلك تفصيل في الممثل به» غيث ينزل ونبات يخرج يعجب الزراع يهيج» ثم 
يصفر ثم يكون حطاماً . 

والعل يمتاق للذيق: أمنوا ؤام يجاهدوًا ول ينفقوا ماله إخواتهم الذين اتلموا واميوا فبك 
فتح مكة» وهو من الأمثال المدنية» وقد لخص المثل في فاصلته وما الْحيّاة الدنيَا إلا مَنَاعْ 
الْغْرُور »فهذه الجملة تكفي أن تكون مثلاً مرسلاً . 


(1) نفس المصدر السابق 14 / 283 . 
)2( سورة لقمان: آية / 34 
(3) سورة الشورى: آية / 28 





206 


إجمال ومقارنة للأمثال الثلاثة: 

1 - المثل الأول أطولهاء ثم الثالث» ثم الثاني أقصرها؛ وذلك لأن المثل السابق له في السورة 
- وهو مثل صاحب الجنتين ‏ فصل فيه ما يغني عن التفصيل في المثل الثاني . 

2- التوسع في بيان مظاهر الجمال والقوة في المثل الأول» حتى جاءها أمر الله فجأة. 
فدمرها حتى لم يبق منها شيئاً. أما الثاني فاختزل هذه المرحلة كلهاء فكانت مجملة لما فصل 
في المثل الأول؛ مع أن الحياة الدنيا في المثلين الأول والثاني جاءت بدون تفصيل أو تعريف. 
وفصلت وعرفت في المثل الثالث ب (لعبْ ولَهو وزيتة وتقاخر بِيْنَكُمْ وتكاثرٌ في الأموال 
والأؤلاد» خاصة وأن المثلين الأول والثاني من الأمثال المكية حسب سورهماء أما المثل 
الثالث فهو مدني . 

3- المضروب لهم المثل الأول هم البغاة من المشركين والمنكرين للبعث. 
والمثل الثاني ضرب للمشركين المتكبرين والمتعالين على فقراء المسلمين. 
والمثل الثالث ضرب للمؤمنين بعد فتح مكة كما ذكرت سابقاً . 

4- وحسب المضروب له كان العقاب في الأمثال الثلاثة مناسباً في كل منها لما ضرب له: 
فنجد العقاب في المثل الأول جاء قوياً شديداً (أَنَاهَا أَمْرْنا لَيْلا أو هارا فَجِعَلَنَاهَا حصيدًا...4 
وفي الثاني قال بدون ذكر كيفية العقاب وطريقته؛ بل ذكر أثره بدون تحديد مكان أو زمان 
كما في المثل الأول. أما المثل الثالث فلم يذكر عقابأء بل جعل الحياة تسير إلى منتهاها 
بصورة طبيعية سلسة كما هي نهاية الأحياء والمؤمنين بلا عقاب ولكن ليأخذوا منها العبرة 
وال 

5- فواصل ختم الأمثال الثلاثة تختلف حسب ما يلائم كل مثل» فنجد في الأول: (كذلك 
نقصل الآيّات لقوم يَتفكرون» فهي دعوة للمشركين أن يفكرواء ففصل لهم وبيّن في المقل ما 
يدل على آيات لله الو اضحة وأدلته المبينة . 
وفي الثاني: #وكان اللَّهُ عَلَى كل شيء مُقتَدرَا4 تشعر فيه بالتهديد والوعيدء وأن الله قادر 
على كل شويع ون كي العذاة نولت ها لخداو رمن ورهية ااانا تار وكات لخدا 
وفي الثالث (وما الْحَيَاةً الدنيَا إلا متَاعْ الغرور» فيه العبرة والعظة والتحذير من الخديعة 
بالحياة الذفيا: 

6- ' ومن خلال هذا نجد أن هذه الأمثال لا يغني بعضها عن بعضء وأنها وإن بدت 
متشابهة» فإن بينها من الخلاف ما هو أكثر مما بينها من تشابه . 


2067 


7- نلاحظ أن المثل الأول بدأ بالقصرإنما في حين لم يقصر الثاني؛ وكذلك الثالث لما جاءت 
أداة القصر فيه جاءت ظرفية الحياة الدنيا للعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر. على خلاف 
القصر في الأول؛ كان على ما مثل به هذه الحياة الدنيا وهو الماء ... . 

8- كان التأكيد في الأول أما الثاني فلا توكيد فيه (وَاضرب لَهُمْ مَثَلَ الحيّاة الدنيَا4 والثالث 
قال: (اعَلَمُوا أَنَمَا الْحَيَاةٌ الدُنيَا4 فلم يكن التأكيد للمثل بل لصفة الحياة الدنيا فهم المؤمنون 
يصدقون ما جاء من عند الله» فهم غير منكرين . 

9- ولما جاء الأمر بالعلم في المثل الثالث توجب حصر ما يجب علمه فكانا توضيح صورة 
الحراةا الدتيا واللعدب و الليله الا 

0- وأخيراً نذكر قولاً أورده القرطبي عن من سماهم بالحكماء وهو في وجه ذكر الحياة 
الدنيا وتكييهينا بالماءء ووجة العلاقة وين الماء و الحياة الدديا كورده .هنا . 

" قالت الحكماء: إنما شبه تعالى الدنيا بالماء: 

أ - لأن الماء لا يستقر في موضع كذلك الدنيا لا تبقى على واحد . 

ب- لأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة كذلك الدنيا . 

ج- ولأن الماء لا يبقى ويذهب كذلك الدنيا تفنى . 

د- ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل كذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها 
وآفتها. 

هنف حارو لأ الماء. إذا كان يقد كان كافها مشيتاء :و إذا جارة المقدان كان سدازا ديلكا: وكنذلك 
الدنيا الكفاف منها ينفع وفضولها يضر7) 

1- إن موضوع الأمثال الثلاثة واحدء وجاءعت تؤكد بعضها بعضا وليؤسس كل واحد متها 
معاني مستقلة ومنفردة عن الآخرء فهي ليست متكررة بل كل مثل منها مستقل في كل ما 
ذكرنا سابقاً من خلافات واشتحة في شكل: المثل ولفظه ومعناة ومظمونه كذلك : 


(1) انظر الأمثال في القرآن الكريم / محمد جابر الفياض 306 - 315 باختصار وتصرف . 
(2) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي 10 / 412 . 





208 


المبحث العاشر: أمثال من السنة في الماء 


المثل الأول: 

(عن أبي مُوسى عن التبي صلَى اللّهُ عَلَيْهِ وَسِلَمَ قَالَ مت ما بعثتي الله به من الْهْدَى 
والعلم كَمَثَل الْغيث الكثير أَصَاب أرضا فكانَ منها نقيّةُ قبلت الماء فَأَنَبَتتت الهلا وَالعَْشب 
الكثير وكاتت منها أجادب أمسكت الْمَاءَ فَتَقَعَ اللّهُ بها الناس فَشْربُوا وَسَقَوا ورَرَعوا 
وأصابَت منها طائقة أخرى إِنَمَا هي قيعَانَ لا تَمْسك مَاءَ ولا تنبت كلأ فَذَلكَ مَثَل من فَقَه في 
دين اللّه وتقعة ما بَعَتّي اللَّهُ به فلم وَعَلَمَ ومتَلَ من لَمْ يَرقَعْ بذَلكَ رأسا ول يقب هدى اللّه 
الذي أرسلت به) . ا 

أجادب:صلابة الأرض التي تمسك الماء فلا تشربه سريعا.©) 
قيعان: جمع قاع وهو المكان المستوي الواسع في وطأة من الأرض.() 

الغل :الكل المرك وك مقرزفة "الال الختوعية ا والنقه وك بالنقية امن ستمشقو المناه في 
الجبال والصخورء والكلاً: يطلق على النبت الرطب واليابس معاء والعشب للرطب فقط . 
ضرب النبي 4 لما جاء به من الدين مثلاً بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم 
إليهء وكذا كان حال الناس قبل مبعثه؛ فكما أن الغيث يحيي البلد الميت فكذا علوم الدين تحيي 
القلب الميتء ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث؛» فمنهم العالم العامل 
المعلم» فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها. ومنهم 
الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعلم بنوافله أو لم يتفقه في ما جمع لكنه أداة 
لغيره» فهو بمنزلة الأرض التي يستقر بها الماء فينتفع الناس به ... ومنهم من يسمع العلم فلا 
يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره» فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء 
أو تفسده:على غيرها:(4) 

وهكذا يمثل رسول الله يِ العلم الذي بعث به والهدى في نفعه بالماء الذي ينزل من السماء؛ 
ويصنف الناس في قبولهم لهذا العلم والهدى بتمثيلهم وتشبيههم بقبول الأرض للماء حسب 


(1) أخرجه البخاري 1 / 185 كتاب العلم » باب فضل من علم علّم حديث رقم 79 ومسلم 4 / 1787 
كتلب الفضائل باب بيان مثل ما بعث النبي # من الهدى والعلم رقم 2282 وأحمد 4 / 399 . 

(2) النهاية في غريب الحديث والأثر/ ابن الأثير؛ تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي . - ط1 دار 
الكتب العربية فيصل عيسى البابي الحلبي. 242/1 

(3) النهاية / ابن الأثير 4 / 132 . 

(4) فتح الباري/ ابن حجر 1 / 177 . 





209 


طبيعة هذه الأرض وتكوينهاء وهو تشبيه تمثيلي متعدد الأطرافء المشبه والمشبه به» وهناك 
مطابقة كبيرة بين الطرفين وصادقة عليهما . 
فهذا التمثيل النبوي البديع الجامع يعتبر تمثيلاً بليغاً وفصيحاً لما استخدم النبي 5 من ألفاظ 


المثل الثاني: 

عن أنس بن مالك عن رَمئُول الله صلّى الله علَيِهِ وسلمَ قل:( إن مث أي مل الْمَطر لا 
يُدرَى أنه خَيْرَ أو آخرلة).(0 

قوله : ( مثل أمتي مثل المطر ) أي في حكم إيهام أفراد الجنس ( لا يُذْرَى ) بصيغة 
المجهول ( أوله ) أي أوائل المطر أو المطر الأول ( خير ) أي أنفع ( أم آخره ) أي أواخره 
أو المطر الآخرء ولا يحمل هذا الحديث على التردد في فضل الأول على الآخر فإن القرن 
الأول هم المفضلون على سائر القرون من غير شبهة» ثم الذين يلونهم» وإنما المراد بهم 
نفعهم في بث الشريعة والذب عن الحقيقة . 

كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النشوء والنماء لا يمكنك إنكارها والحكم بعدم 
نفعها » فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات» وتلقوا دعوة الرسول صلى الله عليه 
وسلم بالإجابة والإيمان» والآخرين أآمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا من قبلهم 
بالإحسان» وتمثيل الأمة بالمطر إنما يكون بالهدى والعلم؛ كما أن تمثيله صلى الله عليه وسلم 
الغيث بالهدى والعلم فتختص هذه الأمة المشبهة بالمطر بالعلماء الكاملين منهم المكملين 
لغيرهم فيستدعي هذا التفسير أن يراد بالخير النفع فلا يلزم من هذا المساواة في الأفضلية » 
ولو ذهب إلى الخيرية فالمراد وصف الأمة قاطبة سابقها ولاحقها وأولها وآخرها بالخير 

وأنها ملتحمة بعضها مع بعض مرصوصة كالبنيان» مفرغة كالحلقة التي لا يدرى أين 


(1) أخرجه الترمذي 5 / 152 كتاب الأمثال » باب 6 برقم 2869» وقال حسن غريب وأحمد 3 / 130 » 
وأبو داود الطيالسي ص 270 رقم 2023 وأبو يعلى 6 / 190 و 6 / 380 برقم 3475 و رقم 3717» 
الطبراني في الأوسط 4 / 231 رقم 4058 ٠‏ وفي الكبير 19 / 460 وصحح ابن حبان الحديث من طريق 
عمار » انظر فتح الباري 8 / 6 وفيض القدير / المناوي 5 / 517 والمقاصد الحسنة للسخاوي ص 374 


وحديث رقم 69 من أمثال الرامهرمزي . 





2300 


طرفاها!(!) 

يشبه الرسول ين الأمة بالمطرء وما فيهم من نفع بما في المطر من نفع؛ لما في ذلك من 
تفاوت في درجات النفع لدين الله وللناس سواءء ولما كان الماء أساس حيةة الأرض ومن 
عليها كانت هذه الأمة هادية البشر إلى الخير ومنهج الله الذي جاء به الهادي البشير 46 . 
المثل الثالث: 

عن سُنْتُورد أَخَا بني فهر قَالَ: قَالَ رول الله يَيدْ : ما الدنْيَا في الآخرة إلا مثل ما يَجْعَل 
أَحدكُمْ إِصبعَهُ في اليم فَيَظْ بِمَاذَا يَرْجع.0© 

قوله صلى الله عليه وسلم : ( والله ما الدنيا في الآخرة إلا مل ما يجعل أحدكم إصبعه 
هذه...) ومعناه : لا يعلق بها كثير شيء من الماء. 

ومعنى الحديث : ما الدنيا بالنسبة إلى الآخرة في قصر مدتها » وفناء لذاتها » ودوام الآخرة » 
ودوام لذاتها ونعيمها » إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالإصبع إلى باقي البحر .(6) 

المثل الرابع: 

عن أبي هريْرَة أنه سمع رول اللّه صلّى اله علَيْهِ وسلَمَ يقول أرَأيتم لو أن هرا بياب 
أحدكم يَعتسل فيه كل يوم حَمْسا ما تقول ذلك يقي من درنه قَالُوا لا يبْقي من درنه شنا 


(1)تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي / محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري ص 8 / 172 
رقم 3030 قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث وهو حديث حسن 
له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة» وصححه ابن حبان من حديث عمار . - ط3 . - بيروت » دار الفكر » 
9 ه - 1979م. 

(2) أخرجه مسلم 4 / 2193 كتاب الجنة » باب فناء الدنيا » وأخرجه الترمذي 4 / 560 كتاب الزهد » 
باب ما جاء في هوان الدنيا رقم 2323 قال أَبُو عيسى هذا حديث حَسَنْ صحيحٌ » وابن ماجة 2 / 
6 كتاب الزهد » باب مثل الدنيا رقم 4108 وأخرجه أحمد 4 / 228 - 229 - 300 » 
الطبراني في الصغير 1 / 198 وفي الكبير رقم 313 - 317 و 722 -731 - 733 وأخرجه أبو 
الشيخ في الأمثال رقم 281 والرامهرمزي في الأمثال رقم 56 » والحاكم 3 /592 و 4 / 319 » 
وأبو نعيم في الحلية 7 / 229 و 8 / 138 . 

(3) شرح النووي على صحيح مسلم ص 17 / 317  .‏ ط! . - بيروت » دار الخير » 1414 هه - 

4 م . 





301 


قال فَذَلكَ مثل الصّلوَات الْخمس يَمْحُو اللّهُ به الْحَطَايَا (') 

'قوله ( أرأيتم ) هو استفهام تقرير متعلق بالاستخبار ٠‏ أي أخبروني هل يبقى . قوله ( لو أن 
نهرا )». والنهر بفتح الهاء وسكونها ما بين جنبي الوادي » سمي بذلك لسعته » وكذلك سمي 
النهار لسعة ضوئه. قوله ( من درنه ) زاد مسلم " شيئا " والدرن الوسخ » وقد يطلق الدرن 
على الحب الصغار التي تحصل في بعض الأجساد والفاء في قوله " فذلك " جواب شيء 
محذوف , أي إذا تقرر ذلك عندكم فهو مثل الصلوات ... إلخ . وفائدة التمثيل التأكيد » وجعل 
المعقول كالمحسوس وفي هذا الحديث مبالغة في نفي الذنوب؛ لأنهم لم يقتصروا في الجواب 
على " لا " بل أعادوا اللفظ تأكيدًا. 

ووجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه» ويطهره الماء الكثير 
فكذلك الصلوات تطهر العبد عن أقذار الذنوب حتى لا تبقي له ذنباً إلا أسقطته » انتهى" . ©) 


(1) أخرجه البخاري 1 / 152 كتاب مواقيت الصلاة » باب الصلوات الخمس كفارة رقم 528 » ومسلم 
1 / 462 كتاب المساجد ومواضع الصلاة » باب المشي إلى الصلاة رقم 667 » والترمذي 5 / 151 
كتاب الأمثال » باب مثل الصلوات الخمس رقم 2868 » والنسائي 1 / 230 - 231 كتاب الصلاة 
باب فضل الصلوات الخمس رقم 462 .٠‏ والدارمي 1 / 283 كتاب الصلاة » باب في فضل الصلوات 
رقم 1183 » وأبو عوانة في مسنده 1 / 338 بيان إيجاب اجابة المؤذن . 

(2) فتح الباري /ابن حجر 11/2 . 





2302 


الفصل السادس: الصراع على الماع 
وفيه مباحث ستة: 
المبحث الأول: نظرة تاريخية 
المبحث الثاني: آيات الصراع على الماء وأحاديثه 
المبحث الثالث: المياه العربية عامة والفلسطينية خاصة 
المبحث الرابع: الصراع على الماء وأبعاده الدينية والسياسية 
المبحث الخامس: الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في قضية المياه 


المبحث السادس: حقيقة الصراع في المنطقة والذي من أسبابه المياه 


303 


مدخل 

إن الصراع على المياه الدولية والعابرة للحدود شديد التعقيد»ذلك أن عناصر مثل هذه 
النزاعات هي بحد ذاتها عناصر معقدة» وإن كان أكثرها عفد عنصران أساسيان موجودان 
كاتا وهنا مسألقا التدوة و الام : 

النذزة هي" الحيظ الأول و التق نهو اتخيط القات »و الاقان مج بشكلاة كلا محدو لا 
حلزوني الشكل؛ يلتف حوله باقي العناصر المكونة للصراع المائي السياسيء وإذا بدأنا 
بالعنصر الأساسي الأول يمكن القول إن الندرة الحقيقية تحدث عندما يزيد الطلب الفعلي (أي 
الاحتياج) الشديد للمياهء وخاصة عندما يكون الجفاف وترّدّي نوعية الماء أو الاستهلاك الزائد 
عن كمية المخزون الجوفي . 

والأمن والصراع على المياه ناتج من التشابك بين فكرة الأمن وبين أسباب الصراع 
من الناحيتين التاريخية والنظرية» ومفهوم الأمن ومفهوم الصراع شأنهما شأن مفهوم المياه 
ذاته» فهو مفهوم مركب ومتعدد الأوجه؛ فإن تهديد الحياة بالجفاف وموت الزرع والحياة, لا 
يختلف عن مفهوم الحرب والموت المصاحب لهاء ومن هنا كان الأمن والمياه قرينين ولا 
ينفصمان؛ فإن الذي يهدد الشعوب في مياهها يهددها في أمنها .(1) 

والصراع على الماء قديم حديث» وما زالت مشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط 
من اعقد المشاكل؛ حيث الأطماع اليهودية في المياه العربية والأراضي العربية مازالت 
مستمرة» وتقوم على التوسع والهيمنة بالقوة على مقدرات هذه الأمة . 

ومن هنا كان لا بد أن أجعل لهذا الموضوع نصيباً في هذا البحث؛ وذلك من خلال 
هذا الفصل (الصراع على الماء) . 


(1) الصراع على المياه واستخدامها في الشرق الاوسط / توماس تاف ( بحث مقدم لمركز الإمارات 
للدراسات والبحوث الإستراتيجية» المياه في العالم العربي 287 .- ط1 - . أبو ظبي , الناشر المركز » 
7 م. 





2304 
المبحث الأول: نظرة تاريخية 

المطلب الأو ل:الاهتمام بالماء قديم 

إن الماء عصب الحياة: ولذا بحث الإنسان القديم عن الماء» حتى إنه بدأ يتجمع حول 
الأنهار وأحواض المياه والعيون» يعيش ويقيم حضارة لا تقوم إلا بوجود الماء» حتى عرف 
الزراعة» وبدأت حياة الإنسان الاجتماعية تتغير لتتحول من حياة البداوة والترحال إلى حياة 
الإقامة والتمدن. وكذلك حالهم الاقتصادي تغيرء ونشطت التجارة والصناعات اليدوية البدائية؛ 
وهكذا كان وجود المياه والأنهار منها خاصة» عامل ربط للإنسان بالأرض والوطن والحياة 
الكريمة. 

إن الإنسان الذي بدأ يشيّد الحضارات لم يغفل الماء ضمن خططه ومشروعاته؛ حتى 
يستطيع أن يحافظ على هذا الماء . 

" حتى إنه راود الفراعنة القدماء حلم تخزين الماء على مدار السنة» لأغراض الري 
ووضع (إمنمحات الأول) أحد كبار الفراعنة القدماء فكرته حيز التنفيذء حين بنى سد الفيومء 
ويعتبر سد إمنمحات أقدم سد مائي في العالم» وهو آية هندسية متقدمة» ودعى الإغريق خزان 
النبد: عير مووي 0 

هذا يكلي يدا العكاية بالغياة و المحاقئلة عليها؟:ذانها تمن كه الحاحة إلى العاء نقمي 
إن العرب قديماً كانوا يتصارعون على الماء فيما بين القبائل العربية في الجزيرة العربية 
قديمء حيث الكل والعشب والمرعى .' وهم منذ فجر التاريخ القديم أقاموا السدود العظيمة: 
كسد مأرب في اليمن. 

وحفروا الأقنية الكبرى لأغراض الري على ضفاف النيل؛» وما بين النهرين دجلة 
والفرات. وكشفت الحفريات الأثرية عن أقدم شبكات أمنية لماء الشرب تحت مدينة دمشق.... 

وهندسة الري عربية الأصولء إسلامية التطبيق» فنهر بردى وتقسيماته إلى سبعة 
أنهر لغرض السقاية والشربء بشكله الذي وجد عليه معجزة في ذلك الزمان وزمننا هذاء 
وليس ذلك إلا صورة ناصعة لهندسة الري في العهد الأمويء كما أن أقنية الري في أسبانياء 
وقاعة الأسود بقصر الحمراء خاصة:؛ تعتبر معجزة هندسية صعبة التحقيق حتى في هذا 
الزمن على رأي كثير من المهندسين الأمريكيين» وما ذلك إلا شواهد ناصعة على مدى 
الخبرة العربية في علم هندسة الري في ذلك العصر العربي المجيد . 


(1) حرب المياه من النيل إلى الفرات / نبيل السمان ص 3. - ط2- . الخليل - فلسطينء دار المستقبل 
للدراسات والنشر والأعلام» 1997 م. 





205 


وقد وضع العرب دراسة هندسية وافية لتنظيم جريان نهر النيل» وذلك في أوائل 
القرن الحادي عشر الميلادي» حيث درس العرب إمكانية إقامة سد أسوان وبنائه» وكذلك حفر 
كذاة تسل ابحو «الليضن المتريظ «اليض اللحض ا 

" وإن من أعظم ما خلفت المدن القديمة من آثار بعد اندثارها ودمارهاء ولم تبق غير 
معالمها... أحجاراً صماء ترن في تجويفها الريح والأساطيرء وأعظم هذه المعالم الباقية ههي 
الأقنية والسدودء بمعنى أنه لم تبق غير اهتمامات الإنسان القديم بالمياه ... فمرفق المياه في 
تاريخ الإنسان القديم وتاريخه المعاصر رمز لازدهار شعب وتقدمه. ولا شيء يعادل هذه 
المرافق حيوية إلا الحياة نفسهاء وهو الحياة نفسها ."2) 

" إن المساحة الممتدة من شاطئ أفريقيا الغربي إلى جبال فارس كانت كلها منطقة 
متصلة من الحدائق والأراضي المعشبة» وذلك منذ العصر الحجري الأول( 

" وأما جلب المنافع والمرافق للبلد فيراعى فيه أمور منها الماء بأن يكون البلد على 
نهرءأو بإزاءها عيون عذبة ثرة فإن وجود الماء قريباً من البلد يسهل على الساكن حاجة 
الماءء وهي ضرورية فيكون لهم في وجوده مرفقة عظيمة عامة."7) وبذلك يجعل ابن خلدون 
الماع اشوظ) إنانها لأي تجمع عمراني من مدن وغيرها. 


المطلب الثاني: الماء وأيام العرب 


فتن القدس ز: اللخرزي شيج مين لخاد هه الناء» زلد. يكن المناوب المحسق حتنالاء 
فكانت قبائلهم تتخاصم؛ وتصل الأمور للحرب بينهم على الماء» وذلك عندما يمنع بعضهم 
بعضاً الرعي أو سقي إبلهم وأغنامهم أو أن يردوا الماء للشرب» وغير ذلك من الأمور التي 
يكون الماء سببها. وذكر القرآن قتال العرب وخلافاتهم ونزاعاتهم وتفرقم في الجاهلية» فقال: 
( وَاغْتصمُوا بحبّل اللّه جميعًا ولا تَرَقُوا واذكروا نغمة اللّه عَلَيْكُم إذ كنت أغداء فألف بَيْنَ 
لكم ءايَاته لَعلَكم تَهتَدُون74) 


(1) المرجع السابق ص 3 -4 . 

(2) الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي / محمد بن عبد العزيز بنعبد الله 2 / 6 -7 . 

(3) فجر الحضارة في الشرق الأدنى / هنتري فرانكفورت؛ ترجمة ميخائيل خوري.- ط1- . بيروت » 
الدار العربية للنشرء بدون سنة . 

(4) مقدمة ابن خلدون / عبد الرحمن بن محمد بن خلدون » ص 276 . 

(5) سورة آل عمران: آية / 13 





306 


قال ابن كثير: وهذا السياق في شأن الأوس والخزرجعفإنه قد كان بينهم حروب كثيرة 
في الجاهلية وعداوة شديدة (!)» وكذلك قال القرطبيء وزاد: والآية تعم 2 . 

قال محمد بن عبد الوهاب:" ومن الناس من يقول: أراد ما كان بين مشركي العرب 
من التنازع الطويلء والقتال العريضء ومنه حرب البسوس كما نقل عن الحسن وده .(0) 

وحرب البسوس كانت بسبب منع ناقة البسوس من الرعي والسقي من حوض كليب 
ابن وائل وقتل بها فثارت الحرب بين بكر بن وائل وتغلب» وسميت الحرب نسبة إليها . (4) 

وكان العرب إذا أرادوا الغزو أو القتال» نجدهم يستبقون إلى موارد الماء حتى يكون 
لهم ماء ولا ماء للخصم. وأمثلة ذلك من أيام العرب يوم جَدُود وهو بين بكر بن وائل وبني 
منقر بن تميم» وكان من حديثه أن الحوفزان واسمه الحارث بن شريك الشيباني كانت بينه 
وبين سليط بين يربوع موادعة» فهم بالغدر بهم وغزاهم طامعاً أن يصيب منهم غرة . فانتبه 
القوم له وحالوا بينه وبين الماء» فاستسلموا لما منع منهم الماءء وصالحوا على ما معهم من 
التمر على ألا يعودوا ثانية '(5) 

فقد سبق بنو يربوع إلى الماء وحالوا بينهم وبين الماء وحاصروهم عطشا . 

" وكذلك يوم الفرات» أغار المثنى بن حارثة الشيباني على بني تغلب وهم عند 
الفرات؛ وذلك قبل الإسلام فظفر بهمء فقتل منهم الكثير وغرق منهم الكثير في الفرات» وأخذ 
أموالهم وقسمها بين أصحابه ."6) 

هذا:في الجاليةة أنا في الإسلام: فقذا بهذيت التفوس ؤملاها ‏ الأنمانءو أصيح دم المستلم 
وعرضه على المسلم حرام؛» وجاءت موقعة بدر ومنع المسلمون قريشاً ماء بدرء وهزموهم 
شر هزيمة؛ وكان الماء متلاحا استخدمة المسلمؤن في الحزب» ثم جاءت الفتوحات الإسلامية 
(وكانت معركة ذات السلاسلء؛ أول معركة حاسمة للمسلمين ضد الفرس» حسب فيها للماء 
ألف حساب؟ 'حيث:مكن الفرمن ‏ أنفسهم بالماء مُذخرين :ما يكفيهم. ::: ولما ويل خاله بن 


(1) تفسير ابن كثير 1 / 390 . 

(2) تفسير القرطبي 4 / 164 . 

(3) مسائل الجاهلية / محمد بن عبد الوهاب؛ تحقيق محمود شكري الألوسي» ص 6 » . -ط]- . المدينة 

المنورة»؛ الجامعة الإسلامية -1396 ه - 1976 م . 

(4) انظر الكامل في التاريخ / على بن محمد بن محمد بن عبد الواحد الشيباني ( المعروف بابن الأثير) .- 
ط3- . 1400 ه - 1980 م ء دار الكتاب العربي بيروتء وانظر طبائع النساء / أحمد بن محمد 
بن عبد ربه الأندلسي .- ط1- . 1405 ه - 1985 م ء مكتبة القرآن ص 224 . 

(5) الكامل في التاريخ / ابن الأثير 1 / 371 . 

(6) المرجع نفسه / 1 / 396 . 





307 


الوليد نزل على غير ماء .. ثم نادى في الناس "ألا انزلوا وحطوا أثقالكم ثم جالدوهم على 
الماء ... فلعمري ليصير الماء لأجلد الفريقين وأكرم الجندين" واستطاع المسلمون أن 
يستخلصوا الماء منهم وواصلوا مسيرتهم )17) 

يتضح من ذلك أن الماء يستحق أن يبذل من أجله الدم» ولم لا وهو الحياة» لذلك قال 
ابن الوليد: (جالدوهم على الماء) . 
المطلب الثالث: الماء في الفكر الصهيوني 
1-حدود الدولة المائية في التوراة 

'أخبر أحبار اليهود مؤلفو سفر يشوع في الإصحاح الأول أن '(يشوع بن نون) تولى 
قيادة بني إسرائيل بعد وفاة موسى -اكلئكلة -. وأنه أخبرهم أن الرب أعطاهم الأرض 
المقدسة كلها » فما هي حدود الأرض المقدسة التي أعطاها الرب لهم ؟2) 

قال لهم الرب على لسان يشوع”" كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته» كما 
كلمت موسى في البرية ولبنان هذاء إلى النهر الكبير نهر الفراتء» جميع أرض الحيثيين» 
وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس سيكون تخمكم,؛ لا يقف إنسان في وجهك كل أيام 


حاتك '() 
فما هي الحدود للأرض التي أعطاها الرب لبني إسرائيل على لسان موسى ويشوع 
بن نون ؟ 


حدودها الغربية هي البحر الكبير؛ أي البحر الأبيض المتوسط وحدودها الشمالية 
أرض"الحيثيين" فأين تقع هذه الأرض ؟ " أرض الحيثيين واقعة الآن في تركياء في أواسط 
آسيا الصغرىء وتشمل شمال العراق وشمال سوريا وجبال طورس ومنطقة حرّان "47) 

وحدودها الجنوبية نهر النيل وهذا معروف عند العقلية اليهودية. 

وحدودها الشرقية هي"البرية" -حسب نص السفر- والبرية هي الصحراء الشرقية. 
وهي الصحراء الواقعة بين الأردن والسعودية . 


(1) انظر البداية والنهاية / ابن كثير 6 / 387 » وانظر الماء / محمد بن عبد العزيز بنعبد الله » 2 / 44 . 

(2) سفر يشوع مدرسة الإرهاب اليهودي / صلاح الخالدي (مقال عن فلسطين المسلمة) عدد يناير 
8ه - 1998 مد . 

(3) الكتاب المقدس ( العهد القديم والعهد الجديد ) المركز العالمي للكتاب المقدس .- ط1- . 1986 م 
ص337 سفر يشوع: الإصحاح الأول . 

(4) قاموس الكتاب المقدس ص 289 - 291 . 





308 


والملاحظ أن النص لم يقيد الحدود الشرقية للدولة الإسرائيلية» وإنما أبقاها مفتوحة؛. 
تعبر الصحراء نحو الشرقء فأين تتوقف ؟ هل في الحجاز أم في نجد أم في الخليج العربي ؟ 
ويمكن تصور حدود هذه الدولة الواردة في نص سفر يشوع.ء بأنها تمتد من أواسط تركياء 
وتتجه شرقاً مع نهر الفرات» ومن مصب نهر الفرات تتجه غرباً نحو البحر الأحمرء لتشمل 
معظم نجد والحجازء ثم تتجه نحو نهر النيل» ومصبه في البحر المتوسط . 

وعليه تبتلع هذه الدولة أربع دول عربية معاصرة بالكامل وهي: سوريا ولبنان 
والأردن وفلسطينء كما تأخذ أجزاء كبيرة من أربع دول أخرىء وهي: مصر والسعودية 
والعراق وتركيا . 

ولا يتخلى اليهود المعاصرون عن حدود هذه الدولة الموعودة» لأنها واردة في سفر 
يشوع - وغيره من أسفار العهد القديم - ويعتبرون تحقيق تلك النصوص دين ملزماً لهم . 
لكنهم غين متادجلين في صم الأجزاء الغربية لدولتهم» إنما يضموتهآ فق خطة مرحلية 
مبرمجة مدروسة:؛ وبمختلف الأساليب العسكرية والاقتصادية والسلمية وغيرهاء ولنتأمل نص 
سفر يشوع الدال على هذا التدرج البطيء:" كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته'(!) 
وعاد بعد ذلك مؤلفو التوراة في الإصحاح الثالث عشر يقسمون هذه الأرض على بعض 
أسباطهم ويحددون حدود كل سبط من هؤلاء داخل هذه الأرض المعطاة» على زعمهم لهم 
من الرب. وإنها لفرية من افتراءات اليهود على الله ومن زيفهم المعروف للتورأة» وتحريفهم 
لها على حسب مقاصدهم السياسية» وأطماعهم العدوانية. 
2- الماء في الفكر الصهيوني 
أ-رؤية مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل 

أدركت الحركة الصهيونية في وقت مبكر أهمية المياه» والقيام بما يسمى (إسرائيل 
الكبرى)» لذلك ليس غريباً تزامن الحروب التي يشنها العدو الصهيوني ضد الأمة العربية؛ 
مع تزايد أطماعه في الأرض والمياه» محاولاً استيعاب مستوطنين جدد وفق مخطط مدروس 


' وعن الحدود لدولة اليهود كما يتوقعها هرتزل في سياق رده على الامبراطور 
الألناني. القدا الي 'الامبرزاطن الألمانيء: أيضا عنالأرطن: التي نريذة وعن. حدودهاء :ومتا 
[ذ| كا مشت بعال حش برودق أن العد” مق نينو لكننا غلك ناا تتحتاحاة > إن الراك 
تزداد مع ازدياد عدد المهاجرين» علينا أن نطل على البحرء بسبب مستتقبل تجارتنا العالمية» 


(1) سفر يشوع مدرسة الإرهاب اليهودي / صلاح الخالدي (مقال في فلسطين المسلمة) سبق الرجوع إليه . 





209 


ولا بد لنا من مساحة كبيرة للقيام بزراعتنا الحديثة على نطاق واسعء إن إسرائيل التي نريد 
هي إسرائيل سليمان وداود ".(1) 

كان هذا تصور المؤسس الأول لفكرة الوطن القومي اليهودي» حتى إنه سعى 
لاستئجار سيناء واستغلال مياه النيل» هذه الفكرة القديمة الحديثة التي يطرحها اليوم ساسة 
اليهودء والتي يرفضها ساسة مصر وشعبها اليوم . 
ب - رؤية الجيل الصهيوني الأول 
رؤية الحاخام إيزاكسي نموذجا 

يعد صموئيل إيزاكسي أحد الدعاة الكبار من الجيل الأول للصهيونية» وهو يعبر عن 
الجناح الديني المتشدد والمتجذر في الدولة العبرية» والذي وضع كتابه (الحدود الحقة للأرض 
المقدسة) . 

وبداية فإن الحدود التي يختارها إيزاكسي للأرض المقدسة؛ هي تلك الحدود التي يرد 
وصفها في الإصحاح الرابع والثلاثين سفر العدد 12-1 من العهد القديم» وهل الغرض الذي 
يرمي إليه من وراء بحثه في (الحدود الحقة) إلا الفصل في النظريات المتنوعة والمتباينة 
حول مواقع تلك الحدودء والوصول إلى تعيين ما يعتبره بمثابة الحدود التاريخية الصحيحة 
لإسرائيل. 

وقامت ابنته من بعد وفاته بنشر الطبعة الثانية للكتاب» والتأكيد على وصايا والدها 
في حث اليهود على التمسك بالحدود التاريخية» التي منحهم الرب على حد قولهم؛ وهي لا 
تختلف عن ما ذكرنا من حدود سابقة» تصل هذه الحدود من تركيا إلى خيبر في السعودية» 
ومن الفرات إلى النيل لتبتلع الشرق الأوسط حتى يتحقق وعد الرب .©) 
ج :رؤية الجيل الصهيونى الثاني 'جابوتنسكي ' مثالاً 

يعتبر جابوتنسكي مؤسس منظمة الأرجون وأبو الإرهاب في الحركة الصهيونية . 
إن أكثر العناصر ثباتاً عنده هي حدود الدولة؛ فإنه يصر منذ البداية» على المطالبة بما سماه 
فلسطين التاريخية " في كتاب (الصندوق التأسيسي لفلسطين ) والصادر عام 1921 م وهو 
من الوثائق الهامة التي حدد فيها مطامعه؛ ' إن مياه اليرموك أغنى خزانات فلسطين قد 
اقتطعت كلياء وأبقي اليرموك خارج الوطن القومي اليهوديء فلا يمكن استغلال مياهه إلا إذا 
وجدت حكومة أجنبية حتى تعطي امتياز لذلك؛ ومنابع نهر الأردن العليا تعانئي من الوضع 


(1) الصراع المائي بين العرب وإسرائيل / رفعت سيد أحمد ص 17 .- ط1- .1413 ه - 1993 م. 
)2( انظر المرجع السابق ص 0 - 31 بتا بتلخيص شديد : 





310 


نفسه» ومن السخرية أن يرفض جزء جوهري من النهر المقدسء» شرف الدخول من نطاق 
الأرطن' المقدسنة 11 

فإن أطماع جابوتنكسي في المياه العربية» وفكرة الحدود عنده التي تشكل الحدود 
التاريخية للدولة» يريد الأردن والأراضي التي تحت الانتداب الفرنسيء أي بلاد الشام كلها 
كمرحلة بعد فلسطين . 
د- رؤية الجيل الصهيوني الثالث 'بيجن' مثالاً 

إن 'منحيم بيجن" هو التلميذ المبدع " لجابوتنسكي " وهو قائد مذابح دير ياسينء ويافاء 
ولبنان» وغيرها . 

يقول بيجن"" إن أرض يهودا والسامرا (الضفة الغربة وغزة) أراضي محررة ومياه 
الشمال مياهنا - نهر الليطاني- إن سيادة إسرائيل بين البحر والأردن» وبين الشمال ومصر 
أرض إسرائيل للشعب اليهودي ٠‏ وليس لمنظمة التحرير أو سواها "©) 

ولما كانت الأطماع الصهيونية لإقامة وطنهم القومي على أرض فلسطين فكان لابد 
من عنصرين هما: الأرض لإقامة الوطن عليها. ثم البشر الذين يسكنون هذا الوطن؛ وكلا 
العنصرين بحاجة إلى الماءء ولا حياة للأرض إلا بالماء» وكذلك البشر فعليه كانت حدود 
الوطن الذي يريده هؤلاء؛ هي حدود مائية تتناسب مع حجم الأرض والسكان كلما امتدت هذه 
الأرض وكلما كثر المستوطنون فيها . 


(1) انظر نفس المرجع ص 32 - 33 بتصرف . 
(2) انظر نفس المرجع ص 32 . 





311 


المبحث الثاني: ايات الصراع على الماء وأحاديثه 


ولما كان الماء عصب الحياة» وكانت الحياة غالية» حرص الإنسان على حيازة الماء 
وامتلاكه لنفسه؛ للمحافظة على حياته؛ ومعاشه ومن هنا كان الصراع على الماء قديماء ولذا 
أشار إليه القرآن إشارات مطوية في آيات قليلة» تحتاج معانيها للتدبر والتفكر» حتى تسنتشف 
وتظهر للنورء إن هذه اللطائف الخفية» التي حوتها آيات القرآن حول الصراع على الماءء 
تحتاج إلى سبر غور الايات» والغوص في بحار معانيها وكشف خفاياهاء 
المطلب الأول:ناقة صالح - التلتلاا ‏ 

جاء ذكر ناقة صالح -ا62ثة م الور مكو هي : الأعراف () 
وهود ) والإسراء 0 والشعراء ) والقمر () والشمس 7 في هذه السور كلها ورد ذكر 
الناقة وعقرهاء وما حل بقوم صالح من عذابء من أجل عصيانهم ومخالفة أمر الله. ولكن 
الآيات التي تحدثت صراحة عن قسمة الماء بينهم» أو شرب الناقة وسقياها في سور الشعراء 
والقمر والشمس . ومن هنا أعرض هذه الآيات المباشرة في هذه 0 السقيا 
والقسمة بلفظ صريحء وأيضاً لأن المقام لا يتسع لعرض قصة ناقة صالح -| - في كل 
لون 
قال تعالى:( قَالَ هذه نَاقَةٌ لَهَا شرب ولَكُمْ شرب يوم مَعْلُوم(155)ونَا تَصَنُوهَا بسوء فَيَأَحْدَكُم 
عَدَابُ يَوْمِ عظيم( 6فعَقَرُوَهَا فَأصْبَحُوا نادمين»7) 
وقال تعالى:3 إِنَا مسو الذَاقَة فثنة لهم فَارتَقهم ا ام 
كل شرب مُحتضرٌ(28)فنادوا صاحبهم فْتَعَاطى فعقر( 29 )فكيف كان عَذابِي ونذّر)(8) 
وقال جل شأنه في سورة الشمس ( فَقَال لَهُمْ رسول اللّه ناقة اللّه وَمنُقيَاهَا(13)فَكَدَبُوهُ 


هرو لامك اذ لومم 
02 سورة هود: آية / 64 - 65 

3) سورة الإسراء: آية / 59 

4) سورة الشعراء: آية / 155 - 157 
5) سورة القمر: آية / 30 

6) سورة الشمس: آية / 13 - 14 

67 سورة الشعراء: آية 155 - 157 
( 


) 
) 
) 
) 
) 
) 
) 
(8) سورة القمر: 27 - 30 





312 


فَعَقَرُوَهَا فَدَمْدَم عَلَيْهمْ رَبُّهُمْ بدنبهم فَسَوَاها14)ولا يَخَاف عَقَبَاهَا)1') 

كانت البشرية تتصور الرسول خلقاً آخر غير البشر. أو هكذا ينبغي أن يكون؛ ما 
دام يأتي إليهم بخبر السماء وخبر الغيب» وخبر العالم المحجوب عن البشر ... وكانت 
البشرية جيلاً بعد جيل تطلب خارقة معجزة من الرسول تدل على أنه حق مرسل من الله ( 
فأت بآيّة إن كنت من الصّادقين)21) وهكذا طلبت ثمود تلك الخارقة؛ فاستجاب الله لعبده 
9 ش21 © التي طلبوها وبنفس المواصفات التي أشاروا إليماء وكذلك 
من الصخرة التي حددوها لتخرج الناقة منها.4) 

" وقالوا إن كنت صادقاً فادع الله أن يخرج لنا من هذه الصخرة ناقة حمراء عشراء 
فتضع ونحن ننظرء وترد هذا الماء فتشرب وتغدوا علينا بمثله لبنا ' ذكره القرطبي عن ابن 
عباس 57) 
ولما أخرج الله الناقة من الصخرة | آية ومعجزة» تؤيد نبوة نبيه صالح -ا - شرط عليهم 
شرطين : 
الأول: أن الماء مقسوم بينهم يوم لهم ويوم لها . 
والثاني: ألا يمسوها بسوء فلا يزاحمونها 'ولا يجورون عليها في يومهاء ولا تجور عليهم في 
يومهم» ولا يختلط شربها بشربهم؛ كما لا يختلط يومها بيومهم "7) ( قال هذه ناقة لها شرب 
ولكم شرب يوم مَعْلُوم (155)ولا تمَنُوها بسوءة 4 وقال في سورة القمر( وتبَّئهُمْ أن المَاء 
قسلمَة بَينَهُمْ كل شرب مُحْتَضرٌ» ولكن في سورة الشمس نبه القرآن وحذر أن يُمس 
بالشرطين: فقال: ( فَقَال لَهُمْ سول الله ناقة الله وَسْقَيَاهَا فجعل العف بالفاقة ناته خريدة 
وكذلك المس ب #سئُقيَاهَا4 جريمة لذلك كانوا ممنوعين من الورود على الماء يومها. ولهم 
فيها لبنا . 

قال القرطبي: ( أن المَاء قملمّة بَيْنَهُمْ 4 أي بين آل ثمود وبين الناقة ... قال ابن 
عباس: كان يوم شربهم لا تشرب الناقة شيئاً من الماء وتسقيه لبنأ وكانوا في نعيم وإذا كان 
يوم الناقة شربت الماء كله فلم تبق لهم شيكاً ") 


(1) سورة الشمس: آية / 13 - 15 
(2) سورة الشعراء: آية / 154 . 

(3) في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 232 . 

(4) انظر تفسير ابن كثير 3/ 345 . 

(5) تفسير القرطبي 13 / 130 » وانظر ابن جرير الطبري 19 / 104 . 
(6) في ظلال القرآن / سيد قطب 6 / 233 . 

(7) ته 


7 تفسير القرطبي 14 / 140 . 





313 


وقال القاسمي" الماء الذي كانوا يردونه لشرب مواشيهم مقسوم بينهم» لها شرب يوم 
ولهم شرب يوم؛» ويحضره صاحبه في نوبته 3 

' أما الرازي فيقول إن القسمة وقعت بينهم؛ لأن الناقة عظيمة وكانت حيوانات القوم 
تنفر منهاء ولا ترد الماء وهي على الماء فصعب عليهم ذلك؛ فجعل بينهم يوماً ترد الناقة فيه 
زترها ليم : 

وذكن :أيضبا أنه لقلة الماء ‏ فشزية :يوما للنافة» ويوما الحيواناتهة» ويحتمل أن يكن 
ألماء كان بيتهم قشمَة يوم لقوم:ويوم قوم وَلْمَآ خلق الله التاقة كانت ترد. الماء يؤما» فكان 
الذين لهم في غير يوم ورودها يقولون الماء كله لنا في هذا اليوم» ويومكم كان أمس والناقة 
ما أخرت شيئاء فلا نمكنكم من الورود أيضاً في هذا اليوم» فيكون النقصان وارداً على الكل 
وكاقك" التاقة تقرقه الماع بأسبن:»ة هذا أنضدا كاهو وقول و المشيوة هنا التحكقة! الأريحط 
ويقول الرازي أيضاً: إن قوماً كانوا يكتفون بلبنها يوم ورودها الماء والكل ممكن؛» ولم يرد 
في شيء خبر متواتر (والثالث) قطع وهو من القسمة؛ لأنها مثبتة بكتاب اللهء أما كيفية القسمة 
و ايع ف 

وقوله تعالى:( كل شرب مُحْتَضٌَ © مما يؤيد الوجه الثالث؛ أي كل شرب محتضر 
للقوم بأسرهمء ولو كان ذلك لبيان كون الشرب محتضراً للقوم أو الناقة فهو معلوم؛ لأن الماء 
ما كان يترك من غير حضورء وإن كان لبيان أنه تحضره الناقة يوماً والقوم يومآء فلا دلالة 
في اللفظ عليهء وأما إذا كانت العادة قبل الناقة على أن يرد الماء قوم في يوم وآخرون في 
يوم آخر ثم لما خلقت الناقة كانت تنقص شرب البعض وتترك شر كانت سحن نكر 
نقصان» فقال:7( كل شرب مُحْتَضٌَ» لكم أيها القوم فَرِدُوا كل يوم الماء» وكل شرب ناقص 
تقاسموهء وكل شرب كامل تقاسموه.'(2) 
( فَقَالَ لَهُمْ رسئول اللّه ناقة الله وَسْقيَاهاد1)فَكدَبُوهُ فَعَقَرُوَهَا فَدَمْدم عَلَيْهِمْ رَبُهُمْ بذَنبِهم 
فَسَوَاها(14)ولا يَخَاف عَقَبَاهَا)©) 

قال الإمام ابن كثير:" أي احذروا ناقة الله أن تمسوها بسوء ( وس قيَاهَا) أي لا 
تعتدوا عليها في سقياها فإن لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم؛ قال الله تعالى:7 فَكَذَبُوهْ 
فَعَقَرُوهَا» أي كذبوه بما جاءهم بهء فأعقبهم ذلك أن عقروا الناقة التي أخرجها الله من 
الصخرة آية لهم؛ وحجة عليهم "4) 


2 لكر قسن رق 57 
3) سورة الشمس: آية / 1-3 
) ته 


) 
) 
) 
(4) تفسير ابن كثير 4 / 518 . 





2314 


ابا ا ساي د ا 0 
تقاسمهم فيه» فهم لما طلبوا الآية كان ظنهم تعجيز صالح -اكَلِدة -. وما ظنوا أن لخلق هذه 
الآية تبعات ولزوم شرطء بل جاءهم الامتحان» والاختبار في الماء الذي هو عصب حياتهمء 
لذلك لم تحتمل نفوسهم الظالمة أن تقاسمهم الناقة الماء» على الرغم من أنها كانت تعطيهم 
بدلاً منه لبناء فزاحموها سقياهاء وجاروا عليهاء واعتدوا حتى بلغ بهم غاية الظلم عقرها 
وقتلهاء فكان الماء علاوة على كفرهم سبباً في هذا الفعل الشنيع الذي قاموا به ... . 

وكان عقاب الله لهم أن أهلكهم؛ وذلك سنة الله في الذين يرسل لهم الآيات والمعجزات 
فيشاهدونها بأعينهم ثم يكفرونها . 
المطلب الثاني:7 وما ورد مَاء مَديّنَ» 


كي اهز الممطلجةة نوف يكين أن اماما لكر يه رهد و افش جلي في كرلفه تعكالى دمر 
لما ورد ماءَ مين ود عليه أمَةَ من النّاس يَسَقُونَ ووجد من دونهم امْرَأتينَ تَدُودَانَ قال 
مَا خَطبُكُمَا قَالَنَا لا تسنقي حَنَّى يُصدر الرَعَاء وَأَبُونَا شيْخ كَبِير(23)فَسقى لَهُمَا ثم تَونى إلى 
الظل فَقَالَ رب إِنَي لما أَنْرلت إِلَيّ من خَيْرِ فَقير14) 

إن محور الموضوع في هاتين الآيتين هو في قوله تعالى:( تَذُودَان4 وفي قوله:( لا 
تسنقي حنّى يُصدر الرَّعَاءٍ وأبُونا شيخ كبير» 

قال الألوسي:( تَذُودَان) كانتا تمنعان غنمهما عن الماء خوفاً من السقاة الأقوياء قاله 
ابن عباس وغيوة :1( 

والذي يرجحه ابن جرير الطبري تحبسان غنمهما عن الناس» حتي يفرغوا من سقي 
مواشيهم 7وذلك ما صرح به القرآن ( لا نسقي حتى يُصدر الرَّعَاءٌ» 

ويقول الرازي”" والذود: الدفع والطردء فقوله: تذودان أي تحبسان . 

ثم فيه أقوال: 

الأول: تحبسان أغنامهماء واختلفوا في علة ذلك الحبس على وجوه: 

أحدها: قال الزجاج: لأن على الماء من كان أقوى منهماء فلا تتمكنان من السقي 

وإكانيا :كانتا تكز هاف المذ احينة على العام 

وثالثهما: لثلا تختلط أغنامهما بأغنامهم . 


(1) سورة القصص: آية / 23 - 24 . 
(2) تفسير روح المعاني / الألوسي 20 / 59 . 
(3) تفسير ابن جرير الطبري 20 / 56 . 





315 


ورابعهما: لثلا تختلطا بالرجال.17) 

أما الأقوال الثلاثة الأخرى فلا تهمنا كثيراً ونكتفي بالأول . 
والوجوه التي ذكرها فنا الراذي للقول الأول» كلها شيم لها الآة: ولكسن درجة قوتهنا 
متفاوتة» وأظن أن الإمام الرازي رتبها حسب قوتها تنازليء وأرى أن ذلك أولى في الترتيب. 
ويقول سيد قطب: والأولى عند ذوي المروءة والفطرة السليمة» أن 3 عدي العراك وتعدرا 
بأغنامهما أولاء وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما © وقوله تعالى:7 لا نسقي حتى يُصدرَ 
الرَّعَاءْ »أي أنهما لضعفهما وغلبة الناس على الماء دونهما قالتا: لا نسقي ماشيتنا حتى يصدر 
الرعاء مواشيهمء لأنا لا نطيق أن نسقي» وإنما نسقي مواشينا ما أفضلت مواشي الرعاة في 
الحوض وقوله: 7 وَأَبُونَا شيخ كبيرٌ» يقولان: لا يستطيع من الكبر والضعف أن يسقي 
مشت 

' ( فسقى لَهُمَا4 مما يشهد بنبل هذه النفس التي صنعت على عين الله » كما يشي 
بقوته التي ترهب حتى وهو في إعياء السفر الطويلء ولعلها قوة نفسه التي أوقعت في قلوب 
الرعاة رهبته؛ أكثر من قوة جسمه؛ فإنما يتأثر الناس بقوة الردع والقلوب أكثر . 

يرى الباحث: والفاء هنا توحي بسرعة الفعل والأثر الذي تركته رؤية المرأتين» حتى 
إن موس تأثن لذلك:ولخذكه الشتهافة والحمية والغيرة الموجزذة في أخلاق النبوة أ سارع 
لنجدتهما بالسقي لهماء وهو الغريب عن الديار والمسافر المنهك من السفر الشاق الطويل . لم 
ينتظر حتى يسقي الرعاءء بل لمجرد أن أخبر بخبرهما قام فسقى لهما ".!4) 

كذلك هذا الفعل هو الذي جعل إحداهما تقول 7 يا أت اسْتأجرة إنّ خيْرَ من 
استأجرت القوي الأمين ©, فلولا قوته التي زاحمت الرعاة ومكنته من السقي وحدهء فيما هم 
يسقون بجماعتهم يتعاونون على الدلو وملا الحوض بالماء . 

فقد رأت من موسى -اكلد -» قوة أولاً » ثم أمانة» وعفة نفس وشهامة خلقء دعاها 
لهذا القول 
ومما سبق نخرج بهذه النتيجة: 

أن القوي هو الذي يشرب أولاء والضعيف ينتظر الفضل وما يتبقى في الحوض بعد 
أن يُصدر القويء وقد لا يشرب مطلقاً . 


1) تفسير الرازي 24 / 239 . 

02 في ظلال القرآن 6 / 336 . 

3) تفسير ابن جرير الطبري 20 / 56 . 
( 


) 
) 
) 
(4) انظر التفسير الوسيط للقرآن الكريم / محمد السيد طنطاوي 20 / 36 . 





316 


وأن المرأتين كانتا تذودان لضعفهماء وعدم قدرتهما على مصارعة الرجال الأقوياء 


وَأ طبحي واد روا ارو المزاحمة على الماء» وأناس تسقيء 
وأأذائن اتقف فيد حفن ون ينتهي القوي من سقيه . 


المطلب الثالث: قصة حجر موسى - اتننة: - 


قال تعالى: ( وإذ ا ا ال ان سم 
ل مَشربَهُم : كلوا وَاشربُوا من رزق اللّه ولا توا في الأرض 
مُفسدين)1) 

لقد أشار القرآن إلى قضية الصراخ على الماءة بشيء من الخفاة»:متبها غلئ:ما 
جبلت عليه النفس البشرية؛ من حب التملك والأنانية؛ لذلك أنعم الله على بني إسرائيل» بأن 
قسم الماء بينهم» حتى لا يقع بينهم التنازع والتشاجرءولا يتعدى بعضهم على نصيب بعض 
© قال الرازي: إن هذا كان في التيه» وذلك بإجماع المفسرين» وهو أحوج ما يكونوا إليه في 
هذه المرحلة من حياتهم؛ وأكد الرازي على ذلك واستدل عليه .6 

ثم يتساءل الرازي: ما الحكمة في جعل الماء اثنتي عشرة عيناً ؟ والجواب أنه كان 
في قوم موسى كثزة» والكثير من الئاس إذا اشتدث بهم الحاجة إلى .الماء» ثم وجدوه فإنه يقع 
بينهم تشاجر وتنازعء؛ وربما أفضى ذلك إلى الفتن العظيمة» فأكمل الله تعالى هذه النعمة؛ بأن 
الالو اح ا ال ارم 
التنازع» مثل ما يقع بين المختلفين ٠".‏ 

وعليه فقد حال الله بين القوم وبين الصراع على الماء والتنازع عليه؛ بقسمه الماء 
بينهم بهذه العيون» ولم يتركهم الله سبحانه بدون نهي عن الفساد لعلمه أن ذلك في طبعهم 
وخلقهم؛ لذلك قال لهم ( كلوا وَاشربُوا من رزق اللّه ولا تَعْتَوْا في الأرْض مفسدين» ' فقال 
لهم هذا على سبيل الإباحة والإنعام والتحذير من الاعتداء والإفساد (5) 

" العثي أشد الفسادء فقيل لهم: لا تتمادوا في الفساد في حالة إفسادكم؛ لأنهم كانوا 
متمادين فيه؛» والمقصود منه ما جرت العادة به بين الناس من التشاجر والتنازع في الماء عند 


(1) سورة البقرة: آية / 60 

(2) انظر التفسير الوسيط للقرآن الكريم / محمد السيد طنطاوي 1 / 186 . 
(3) انظر تفسير الرازي 3 / 97 - 98 . 

(4) نفس المرجع 3 / 104 . 

(5) في ظلال القرآن / سيد قطب 1 / 93 . 





317 


الحاجة الشديدة إليه» فكأنه تعالى قال: إن وقع التنازع بسبب ذلك الماء فلا تبالغوا في التنازع 
وال أعلم '(1) 

هكذا بيّنت هذه المطالب الثلاثة» ما جاء في القرآن من إشارات في موضوع الصراع 
على الماءء وكيف كانت في المطلب الأول نزاعاً بين كفار ثمود وآية الله لهم (الناقة)» بعد أن 
طلبوها هم من نبي الله صالح - 
والمطلب الثاني: كان الصراع بين الرعاة على الماء» والمزاحمة على البئرء فهو مباشر بين 
الناس؛ فالقوي يسقي والضعيف يتأخر ويسقي الفضل وما بقي بعد الرعاة . 
والأخير: فإنه جاء متضمناً في نعمة أنعمها الله على بني إسرائيل؛ فكان علم الله ببني إسرائيل 
وهم أصحاب القلوب الشتى 7 بَأسْهُمْ بَيْنَهُمْ شدي تَحْسَبْهُمْ جميعًا وقُلُوبُهُمْ شتى») 
حتى لا يطفو هذا البأس الشديد وتتنازع هذه القلوب قسّم الماء عيوناً على عدد أسباطهم, اتقاءً 
واحتياطاً أن يقع المحذور . 

وبعد هذا العرض القرآني نذكر حديثاً كمثال على الصراع على الماء في عهد رسول 
الله وكان الرسول فيه قاضياً . 


المطلب الرابع: ( حديث اسق يا زبير ) 


لقد جاء في الحديث المتفق عليه 228) عَن غروة بن الْبيْر أن عبَدَ الله بْنَ الربيْر حَدنَه 
أن رجلا من الأنصارٍ حَاصمَ البيْر عند رَسُول الله صلَى الله علَيْه وَسلَمَ في شراج الحرّة التي 
يَسنقون بها التخل, فَقَالَ الأنصاري: سرح المَاءَء يَمُْ فَأبَى عَلَيِْمْ فَاختصموا عند رَسئُول اللّ صَلّى 
اللّهُ علَيْه وسَلَمَ فقالَ رسُول الله صلّى الله عليه وسلَمَ للربيرٍ اسئق يا ربَيْرُ ثم أرسل الْمَاءًَ إلى 
جارك فقضب الأنصارِي فَقالَ يَا رَسُولَ اللّه أن كان ابن عَمَك فَتلَونَ وجة نبي الله صلّى الله عليه 
وَسَلَمَ ثُمّ قال يَا رَبَيْر اسق ثُمّ اخبس المَاءَ حَنّى يَرْجِعَ إِلَى الجذر فَقَالَ الرْبيْرُ واللّه إنّي لأَحْسبْ هذه 
الآيةَ تلت في ذلك : ( قَنَا وَربّكَ لا يُوَمنُونَ حَنَّى يُحكمُوك فيما شَجر بَيَتَهُمْ 71(06(4 (4) 
والحديث واضح كشاهد في هذا الأمر . 

ونكتفي بهذا التأصيل للمسألة من الكتاب والسنة» وسبق ذلك العرض التاريخي لمسألة 
المياه والمطامع اليهودية الصهيونية . 


1) تفسير الرازي 105/3 . 

2) سورة الحشر: آية / 14 

3) سورة النساء: آية / 65 

4 «طشيع التعاري :3 04 ]دكتات السدافاد يلت مقا الأنينان راق 0358 وفندهه مطل :859:4 كات 
الفضائل باب وجوب اتباعه يي .رقم 2357 . 


) 
) 
) 
) 





316 


المبحث الثالث: المياه العربية عامة والفلسطينية خاصة 
المطلب الأول:المياه العربية عامة 


' على الرغم من كثرة الموارد المائية على المستوى العالميء إلا أن المتاح للاستخدام 
منها تكتنفه عدة مصاعب؛ تنبع من أن الموارد المائية تتسم بالتعقيد الشديدء والأهمية الشديدة 
أيضاء ويضفة عَامة فإن حنجم الموازد المائية المتجددة سنويا على المستؤى العالمي» والكي 
يمكن إتاحتها للاستخدام - لو تحقق تعاون شامل- تكفي لأكثر من ثلاثة أضعاف سكان العالم 
الَحالك وَلكق الأمل لاوز ال يغيدا لتحفيق التعاون المنشوو 1 

' وبداية تقول الأرقام المائية: إن نقطة الضعف الأساسي في حزام الأمن العربي؛ 
تتمئل في العامل الجغرافي / المائي للوطن العربي ذاته» فهو يقع في الحزام الجاف وشبه 
الجاف من العالم» ولذا فإن المياه المتجددة في الوطن العربي تقل عن 961 من المياه المتجددة 
في العالم» ونصيب الفرد العربي منها لا يزيد على 1744 م* في السنة؛ بينما المعدل العالمي 
0م *. وتشير التقديرات المبدئية التي قدمتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية عام 1980 
م .ء إلى أن مجمل الموارد المائية في الوطن العربيء تبلغ 164.885مليار متر مكعب في 
السنة» ومجمل الموارد المستخدمة يصل إلى 55.68 1مليار متر مكعب في السنة منها: 
9 مليار م* من المياه السطحية . 
2 مليار م* من المياه الجوفية . 
5 مليار م* من مياه الصرف . 
4 مليار م* من تحلية مياه البحر.'(2) 

ولا بد من التعرف على العوامل التي تؤثر في موارد المياه . 

تعد دراسة العوامل التي تؤثر في موارد المياه أمراأ ضرورياً للباحث المهتم بشئون المياه 
حيث إن هذه الموارد لم تخلق أو توجد عفوياً أو عشوائياً » وإنما أوجدها الله سبحانه وتعالى. 
وذلك ينطبق على أي بقعة في العالم كما هو الحال في الوطن العربي . 
1 - الموقع: وذلك بالنسبة لدوائر العرضء والمسطحات المائية وكتل اليابسة التي تحدد 
خصائص الإقليم . 


(1) نقص المياه والآثار المترتبة عليها / محمد عبد الهادي راضي (بحث مقدم للندوة الدولية لحوض النيل)» 
ص 4 معهد البحوث والدراسات الإفريقية» جامعة القاهرة عدد مارس 7م. 
(2) الصراع المائي بين العرب وإسرائيل / رفعت سيد أحمد ص 190 . 





319 


2- التركيب الجيولوجي: فإن التكوين الجيولوجي وأنواع الصخور له دور في مخزون 
المياة الحوفية : 

3- مظاهر السطح: حيث تقترن المياه بالجبال ولها الدور الهام في الأمطار وقد قرن الله 
بين ذلك في الكتاب العزيز بين الجبال ونزول الأمطار #وجَعل فيها رواسي 
وَأنهارًا»!!) وغيرها في القرآن . 

4- المناخ: تشكل خصائص مناخ أي منطقة العامل الأساسي في تحديد مواردها المائية . 

5- العامل البشري: تعد سياسة الإنسان في أي منطقة تجاه الموارد المائية:. من أهم 
الزوايا المؤثرة في المياه "3) 

" مصادر المياه العربية . 

إن الوطن العربي يعتمد في مصادرة المائية على مصدرين: 

1-المياه السطحية . 

2-المياه الجوفية . 

أما المياه السطحية في العالم العربي فحوالي 292 بليون متر مكعبء وتأتي هذه الكمية 

من مياه الأنهارء مثل: النيل والفرات ودجلة والأردن وبعض الأنهار الصغيرة دائمة الجريان 
في العالم العربي» وكذلك بعض الأودية الموسمية» وبصفة عامة يفتقر العالم العربي إلى 
شبكات مياه كبيرة ومستديمة الجريان» حيث يعتبر نهر النيلك في إفريقياء ونهري دجلة 
والفرات حالتين شاذتين عن هذه القاعدة» وتفسير هذا الشذوذ عن الوضع العام في الوطن 
العربي يعود إلى أن كلا من أنهار النيل ودجلة والفرات تستمد مياهها من مصادر خارج 
حدود الوطن العربي» وهي مناطق غزيرة الأمطار تصل إلى 1400 ملليميتر سنوياً عند 
منابع النيل مع وجود بحيرتين تنظمان تصريف النهر طوال العام» كما تزيد غزارة الأمطار 
من نسبة المياه في منابع دجلة والفرات لأكثر من 1000 ملليميتر سنوياء بالإضافة إلى 
هطول الثلج بصورة شبه دائمة عند منابعهما.() 

" تؤكد تقارير مكاتب الدراسات المتخصصة المحلية والإقليمية والدولية:؛ أن الوطن 

العربي مهدد بأزمة مائية خانقة» وبالتالي بأزمة غذائية خطيرة:؛ والأسباب كثيرة» سيبلغ عدد 


(1) سورة الرعد: آية / 3 

(2) أنظر موارد المياه في الضفة الغربية غزة؛ محمد عبد الهادي (مقال في مجلة صامد الإقتصاديء العدد 
8 يونيو 1992 ص32 - 37 » وانظر المياه العربية بين العجز ومخاطر التبيعة / عبد الله مريس 
العقالي » ص 12 - 13 .- ط2-. مركز الحضارة العربية» الجيزة -مصرء.1997م . 

(3) المياه حرب المستقبل / عادل عبد الجليل بترجي ص38 .- ط1-. السعودية » الناشر المؤلف »1418 

ه -1997م. 





2300 


السكان 323 مليون نسمة في عام 2000م » وقد يتضاعف في (2030)؛ و ستتضاعف 
العواصم العربية مرات عديدة» وبناءً على ذلك ستزداد الاحتياجات إلى: (347.5) مليار متر 
مكعبء أو على الأقل (318) مليار م* في عام (2000 م)» وبالمقارنة مع الإمكانات المتوفرة 
التي لا تتجاوز (338) مليار م » فإن النقص المائي سيبلغ (127م7) في عام (2000م)» 
بينما لا تتجاوز قيمة الموارد المائية المستمرة حوالي (200) مليار متر مكعبء أي نصف 
عجز غذائي حتماًء فمعدل النمو السكاني العربي (903) يستلزم زيادة في الاستهلاك الغذائي 
بمعدل (905) » غير أن الإنتاج الزراعي العربي لا يزداد إلا بمعدل (902) وبذلك يبقى 
العجز الغذائي متضاعفاً.'(1) 

ولا كانت الفياة الغورية وخاضة: الأنيان'الكيون فوسال ##النل:ونهائة والقرات كارا 
دولية» منابعها ليست في الوطن العربي؛ جعلت قضية المياه العربية مياهاً مشتركة؛ ولما 
وجدت إسرائيل في وسط العالم العربي» أعطت للمسألة المائية أهتماماً كبيرأء حيث التحالفات 
التي تؤثر سلبياً على موارد العرب المائية» مثل: الحلف الإسرائيلي الأثيوبيء والإسرائيلي 
التركي. هذه السياسة التي تدعوا إلى خنق الموارد العربية؛ من خلال مشاريع مشتركة بين 
اليهود وتركياء وكذلك أثيوبيا؛ لقطع الموارد المائية العربية عن روافد النيل» وكذلك دجلة 
والفزات:توهذا يؤكز متلا على تسيب اكول العزيئة من"هذه العياه الدولية : 

لذلك فإن العجز المائي العربي» قضية تحتاج إلى كثير عناية» ودراسة جادة تقوم على 
العانية العربية)+وحل أزمتها وإيحاد شيخ العطقن:والمواك بخن الشعوب: العربية : 
المطلب الثانى:المياه الفلسطينية خاصة 


إن فلسطين أرض الله المباركة» التي بارك فيها وحولهاء وتعاني اليوم ومنذ ما يقارب 
الفرن من الزمان تحت الاحتلال البريطاني أولأء ثم اليهودي تالياء حتى لم يترك لهذا الشعب 
المؤمن الحرية في الانتفاع بمائه» والتحكم في استغلاله» وحتى يمارس عليه التعتيم الإعلامي 
والإحصائي على موارده المائية» لوجود الاستيطان اللعين على صدر هذه الأرضء» يستغل 
مواردها المائية» ويسرقها إلى مدنهم الكبرى . 


(1) الأمن المائي العربي الحاجيات والمتطلبات / عبد القادر زريق المخادمي -ط1- 1420ه - 1999م 
- دار الفكرء دمشق ص 162 - 163 . 





2321 


ولكن رغم ذلك كله فسوف أعرض بعض الإحصائيات المتوفرة في الكتب التي 
تحدثت عن المياه والصراع العربي الإسرائيلي» والتي غالبها كان يتحدث عن الضفة 
والقطاع» ومصادرهما المائية لا عن فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر . 

والمياه الفلسطينية تأتي من عدة مصادر : 

المصدر الأول: الأمطار . 

المصدر الثاني: نهر الأردن وروافده والوديان الغير دائمة الجريان . 

المصدر الثالث: العيون والمياه الجوفية . 

أما المصدر الأول وهو الأمطار: فإن موقع فلسطين الجغرافيءيؤثر في كمية الأمطار 
التي تسقط عليهاءوذلك كونها تقع في حوض البحر الأبيض المتوسط ومناخه. وهي عادة 
متفاوتة من عام إلى عام؛ وكذلك من منطقة إلى منطقة» فإن الشمال في العادة يرزق بأمطار 
متوسطة.ولكنها أكثر من منطقة الجنوب كالنقب وقطاع غزة؛ وتعتبر منطقة النقب من 
المناطق الجافة بالنسبة لباقي فلسطين» فتصل نسبة الأمطار ما بين 900 - 1000 مليمتر 
سنوياً في الشمال» وحتى 39 مليمتر سنوياً في منطقة الجنوب .(1) 

وأعلى معدل للمياه في الضفة الغربية في منطقة طولكرم؛ حيث يبلغ في المتوسط 
0 مليمترء وأقل المناطق الغور وأريحاء حيث يبلغ في المتوسط حوالي 150 مليمتر . 

أما منطقة قطاع غزة» فإن متوسط معدل الأمطار فيه 200 مليمتر.2) وهذا مؤشر 
واضح.ء يبين مدى فقر هذه الأراضي بمياه الأمطارءوالتي يعتمد عليها الفلاح الفلسطيني في 
زراعته مما يجعله لا يستطيع إنتاج النباتات والكروم والبساتين التي تحتاج إلى مياه سقي دائم 
طوال العام» والاعتماد على الإنتاج اليهودي . 

المصدر الثاني: مياه نهر الأردن وروافده وكذلك الوديان . 

'وأكبر هذه الأنهار نهر الأردن» وهو المصدر الرئيس؛ حيث تتجمع الأمطار التي 
تسقط على جبل الشيخ في جنوب لبنان» حيث المنابع العليا لنهر الأردن» وهي أربعة: نهر 
بانياس الذي ينبع من السفوح الجنوبية» كجبل الشيخ قرب بانياس الواقع من جبل الشيخ أيضاً 
إلى الشمال الشرقي من حاصبيا في جنوب لبنان» وإنتاج ينابيع الحلصباني بجنوب لبنان 
تتفاوت » فبعض المصادر تقدره ب (138) مليون م سنويآء ومصادر أخرى بين (153 - 
2) مليون م” سنوي (0) 


(1) انظر المياه حرب المستقبل / عادل عبد الجليل بترجي / 86 . 


(3) الموسوعة الفلسطينية » بيروت 1990 الجزء الثاني» 1 / 220 . 





2322 


وبصورة عامة تقدر كميات المياه الجارية في أجزاء نهر الأردن العليا حوالي (504) 
مليون م* سنوياء أما الجزء الأدنى من النهر فتبلغ المياه الواردة إليه (1471) مليون م” 
سنوياء ويدخل ضمنها كمية ما تستغله الأردن والكيان الصهيوني؛ من مياه النهر في هذا 
ادوج ا 

أما عند مصب النهر في البحر الميت فتقدر المياه المغذية للبحر ما بين (875 - 
0) مليون م* » ويمكن القول أيضا: أن كميات المياه السطحية في منطقة الضفة الغربية 
من كل الأودية تتراوح بين (40 - 50) مليون م” سنوياء وأن مجموع تصريف روافد نهر 
الأردن الغربية تقدر بحوالي 200 مليون م سنوياً » أما الروافد الشرقية القادمة من مرتفعات 
الشرق فيقدر تصريفها (105) مليون مة ."20 

المصدر الثالث: الينابيع والمياه الجوفية» تنتشر الينابيع في أرجاء الضفة الغربية؛ 
وتبلغ حوالى 300 نبع حتى عام 1985 » معظمها ينابيع صغيرة لا يتجاوز الهام منها 60 
نبعاً موزعة في أحواض الضفة الغربية» الشرقية منها والغربية وتتركز هذه الينابيع في 
شمال الضفة الغربية »في حوضي المالح والفارعة» ويبلغ إنتاج الأحواض الشرقية من المياه 
( 49753 مث) وتساوي 9693.3 من إنتاج عيون الضفة الغربية» أما الأحواض الغربية فيبلغ 
إنتاج عيونها (3572م*) وتساوي 9766.7 من إنتاج عيون الضفة الغربية» أما مياه الآبار فإن 
الضفة الغربية تعتمد في مجال الشرب والزراعة إلى حد كبير على الآبار الارتوازية» وتضم 
في حدود 345 بترا ارتوازياء منها 35 بئرأ لأغراض الشرب علاوة على 30 بترا صهيونياء 
حفرت لخدمة المستعمرات» وهي موزعة حسب المناطق على النحو التالي: 

الأغوار 96؟ بثراً . 

وادي الفارعة 23 بترا . 

السفوح الغربية 185 بترا . 

المناطق الجنوبية 10 آبار . 

وتقدر كمية المياه المستخرجة ب (37938م') وتتميز هذه الآبار بأنها قليلة العمق 
1500-0 متر وهي قديمة وقد حفرت دون دراسة مسبقة . 

ولكن هذا محكوم عليه بالسجن والسرقة من قبل الاحتلال الصهيوني وقطعان 
مستوطنيه» وعلى الرغم من قلته وندرته وعجزه إلا أنه واقع تحت دائرة الأطماع اليهودية؛ 


(1) الأطماع الإسرائيلية في مياه الضفة الغربية / دائرة شئون الوطن المحتل ملف الجداول والخرائط جدول 


رقم (85) . 
(2) الموسوعة الفلسطينية » الجزء الثاني مجلد 1 / 223 . 





363 


فإن مياه الضفة الغربية ومياه قطاع غزة منهوبة للمستوطنين» من خلال الآبار الني تضخ 
هذه المياه الجوفية إلى داخل الأراضي المحتلة منذ الثمانية والأربعين . 

وفي نهاية هذا المبحث لعل الصورة أصبحت واضحة حول المياه العربية» وعجزها 
والفلسطينية وسرقتها . 


324 


المبحث الرابع: الصراع على الماء وبُعديه: الديني والسياسي 
المطلب الأول:البعد الديني 


لقد سبق أن ذكرت في المبحث الأول» بعض النصوص التوراتية» الدالة على نظرة 
اليهود لحدود دولتهم المائية والتي تصف حدود دولة الكيان الصهيوني من النيل إلى الفرات» 
وهذا الشعار هو الذي تضعه الكنيست الصهيونية فوق منصتهاء كحلم تسعى إلى تحقيقه وهي 
اليوم جادة في خطئّ خفيفة وسريعة نحو هذا الهدفء إن لم يكن ذلك متحقق المنال عسكرياً 
»فإنه مطموع في تحقيقه سياسياً واقتصادياًء وللبعد الديني الأثر الكبير في السياسة المائية 
الصهيونية» حيث إنهم يعتبرون نهري الفرات والنيل نهرين يهوديين» وهبهما الله أنبياءهم 
وأجدادهم؛ ويعتبرون ما بينهما من أرض يهودية يسمونها أرض الميعاد . 

' فقد نادى هرتزل بفلسطين داود وسليمان من نهر مصر إلى نهر الفرات »وكتب في 
يومياته'إن الحدود الشمالية جبال كبادوكيا في تركيا والحدود الجنوبية قناة السويس" مداها في 
روايته الشهيرة الأرض القديمة الجديدة تمتد إلى الفرات» وتشمل بيروت وسلسلة جبال 
لبنان.(1) 

ولكن هذين النهرين إسلاميان» وذلك بصريح السنة» حيث جاء في صحيح مسلم عن 
أنس بن مالك - 5ه - من حديث الإسراء والمعراج الطويل أن رسول الله وقد حدث عما 
رآه في ليلة المعراج» فقال: 8 إِنَهُ رأى أَرْبّعة أنهار يَخْرْجُ من أصلهَا تهران ظاهران 
وتهران بَاطتان فَقَلْتَ يا جبريل ما هذه الأَنْهَارُ قَالَ أَمّا التّهْران الْبَاطنان فَنَهْرَان في الْجنّة 
وَأَمّا الظاهران فالنيل والفرات ثُمّ رفع لي البَت المَعْمُورٌ فَقلْت يَا جبريل ما هذا قَالَ هَذَا 
لبت الْمَعْمُورٌ يَدْخْلهُ كل يَوْم سَبْغون ألف ملك إذَا حَرَجُوا منة لَمْ يَعْودُوا فيه 210 . 

الأ الذق مهناب الى بياق واتركي .هر النوزان 'الطاهر اق اللذان ر اها اليتون 
يي في الجنة» وهما النيل والفرات ! 

لا ينبع النيل والفرات من الجنة حقيقة» كما يذهب إلى ذلك بعض يسيري الفقه» فكل 
ذي علم وثقافة يعلم أن نهر النيل ينبع من جبال أثيوبيا وهضابها » في شرق أفريقياء وكذلك 
نهر الفرات ينبع من جبال تركياء فكيف رآهما رسول الله وَلْدٌ وهو في الجنة ليلة المعراج ؟ 
وما دلالة ذلك ؟ ولماذا هذان النهران من باقي الأنهار التي تجري في بلاد المسلمين ؟ 


(1) الأمن المائي العربي / عبد القادر زريق المخادمي ص 31 . 





325 


إن رؤية هذين النهرين - دون ما سواهما من أنهار بلاد المسلمين - ليلة المعراج 
في الجنة» يقدم آية باهرة للمسلمين» ويعطي أهمية خاصة لهذين النهرين وللأرض الواقعة 
بينهماء ويشير إلى حقيقة الصراع على هذين النهرين» وعلى الأرض الواقعة بينهماء إن هذا 
الحديث يدل على أن النيل والفرات نهران إسلاميان» وأنهما للمسلمين الذين سيملكونهما وما 
بينهما وما حولهماء كما يدل على أن الأرض الواقعة بين الفرات والنيل أرض إسلامية» وهي 
أرض مباركة مقدسة» وليست أرض ميعاد لليهودء ولا أرض مسيح للقتضارئة :ولا رضنا 
لأي أقوام آخرين من غير المسلمين! إن هذه الأرض الإسلامية التي فتحها رسول اله يل 
بداية»عندما أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصىء وقد أَمَّ في هذه الليلة المباركة 
بالأنبياء » وكان بمثابة فتح لهذه البلاد» فتح إسلامي يخص بالنبي وبالإسلام قبل جيوش 
الإسلام» قال تعالى:( سَبْحَانَ الذي أسرى بعبْده لَيْلا من الْمَنْجد الْحرام إِلَى الْمَنْجد الأقصى 
الذي بَاركتا حولة لنريّة من ءايَاتا إِنّهِ هو السّميغ الْبَصينُ)1) 

وعلى ذلك؛ ومن خلال هذا التأصيل القرآني والنبوي بالسنة الصحيحة» يثبت أن هذه 
الأرض إسلامية» وما عليها من مياهء بارك الله فيها وحولها . 

" والكفر على هذه الأرض طارئ شاذ غريبء قصير العمرء سريع الزوالء فالنيل 
والفرات نهران إسلاميان وما بينهما أرض إسلامية» إيمانية» مباركة» مقدسة» ونحن بحاجة 
إلى تأكيد هذه الحقيقة الإيمانية» وترسيخها في أذهان مسلمي هذا الزمان وعقولهم؛ لتكون 
بديهة لا شك فيها ولا نقاش حولهاء فإن هذا العصر يشهد صراعاً حاداً عنيفاً بين أمتين على 
النهرين والأرض الواقعة بينهماء ومهما حققت الصهيونية من نجاح وهيمنة لليهود في هذا 
الإفساد على هذه الأرضء ولو استمر عشرات السنين إلا أنه موقوت» وسيزول ذلك الكيان» 
وينتهي هذا العصر اليهودي7©) 
المطلب الثاني:البعد السياسي 


وقد تبين في المطلب السابق» كيف أن الصراع ذو طابع ديني» وفكر متأصل عند كل 
طرف من الأطراف ينبع من عقيدته» وعليه يريد كل طرف أن يحقق آماله وتطلعاته» ولكن 
شتان بين الحق والباطل» وبين الظالم والمظلوم» وبين السارق وصاحب البيت» فإن المسلمين 
يسعون لتخليص أراضيهم, والانتفاع بمياههم وتحريرها من أطماع الغاصب واستغلاله لهاء 
وفي المقابل نجد اليهود بمكرهم ودهائهم واستنادهم إلى مساندة غيرهم من الحلفاء يحاولون 


(1) سورة الإسراء: آية / 1 


(2) انظر حقائق قرآنية / صلاح الخالدي ص 114 . 





306 


محاصرة الإسلام والمسلمين قال تعالى:( ل يضرُوكم إلا أذَى وإن يُقاتُوكم يُوَلُوكُمٌ الأذبّار 
َ لا يصو ن(111)ضربّت عَلَيْهِمُ الدَلَهُ أَيْنَ ما ثقفوا إلا بحل من الله وَحَبْل من الناس 
وَبَاءُوا بغضب من اللّه وضريت عليهم ةذ نهم نوا ينون بأيت الله ويقتلون 
اليا بغيْر حق ذَلكَ بمَا عصؤًا 0 يَعْتَدُونَ14١)‏ وقال تعالى:7 ولا يَرَاُونَ يُقاتلونكم 
حَنّى يَرْدُوكُمْ عَنْ دينكم إن استطاغوا»1") 

إن قول الله سبحانه وتعالى:7 لَنْ يَضْرُوكُم» إنه وعد قرآني جازمء وحقيقة قرآنية 
قاطعة. صيغ بهذه الجملة المثقلة بحرف لن الذي يدل على التأبيد» أي لن ينجح اليهود في 
إيقاع الضرر بكم» ولن ينجحوا في تفريغ فلسطين منكم» ولن تكون فلسطين لهم» ولن تستقر 
لهم ويستزيحوا فيها ويتمكنوامنها +والواقع ينهد لصدق هذه :الحقيقة القرآنية؛ فهم قد فشلوا 
مع حرصهم على تهويد فلسطينء التي احتلوها عام 1948 م » لم ينجحوا في أهدافهم؛ ولم 
يلغا الفؤية الإنبلامية لشلمي: فلستطينءوها كي الحركة الإنيتلامية في العلل والمتت 
والنقب» توجه الناس وتقودهم» وتعلن عن وجودها الإسلامي المتميز» وتثير قلق مخططي 
اليهود ومفكريهم . 

وها هم بعد أكثر من ثلاثين سنة من الاحتلال للضفة والقطاع» يفشلون في القضاء 
على وجود أهل فلسطين» وفي تحقيق أهدافهم ضدهم رغم حرصهم الشديد على ذلك؛ ودليل 
ذلك هذه الانتفاضات المتتالية» منذ بداية الاحتلال البريطاني إلى لحظة كتابة هذه السطور 
-2001م- 

وما هذا الضرر 7 إلا أَذَى وهو استثناء من الجملة الأولى» يقرر حقيقة قاطعة وهي 
نجاح اليهود في إيذائناء وما هذا الأذى إلا ظاهريّ سطحيّ خارجي لن يصل إلى القلوب 
والفكر والدين» فهو أذى في البدن .() 

وقوله تعالى: ( إلا بحبل من اللّه وحبل من التّاس» حبل الله عهده؛ أما حبل الناس 
فهو العهد والذمة التي بينهم وبين الناس )47١‏ 

وهذا استثناء من عموم الحكم في أول الآية» من الذلة والمسكنة المضروبة عليهم: 
ولعل ما فيه اليهود من كيان وسلطان» على أرض فلسطين يعيثون فيه فساداً ويعلون فيه علواً 
كبيرآء وذلك لحكم كثيرة ربانية باهرة» تقدم عبرا ودروساً ودلالات لنا إن الله الذي شاء 


اضرو المعو 11ت 11 

2 سورة البقرة: آية / 217 . 

8ن نقائق قزائية / سللاه الكالدئ بتصراف قدي هن 120-1118 
( 


) 
) 
) 
(4) انظر تفسير الرازي 8 / 201 - 202 » وانظر التحرير والتنوير 4 / 65 . 





53247 


لليهود المجيء إلى فلسطينء وأراد أن يكون لهم دولة فيها. هو الذي أوقع بهم الذلة 
والمسكنة» وأحل بهم لعنته ونقمته وسخطه .(!1) 

وأما الحبل الذي من الناسء فإن اليهود قد مدوا لهم حبالاً كثيرة متفرقة؛ منها الحجبل 
الأمريكيء والحبل الأوربي» والحبل السوفيتي» والحبل العربيء فأما الحبال الأولى فإنها لا 
تدين بدين الإسلام» ولكن العجب من الحبل العربي الذي يدين بالإسلام» فإن هناك فروعا 
كثيرة لهذا الحبل اليهودي في أنظمة كثيرة متعددة» تظهر وتزعم أنها تعادي الكيان اليهوديء. 
وتدعي الحرص على تحرير فلسطين كحم كح مر 

ولما كان حبل اليهود وقوتهم ليس ذاتياء بل يعتمد على الناس والتحالفات وسياسة 
المصالح المتشابكة» نجد هذا الكيان سياسياً يحاول حصار القوى الإسلامية» ومواردها المائية 
بالكثير من التحالفات: 

لقد أراد اليهود الالتفاف على مصادر المياه في الشرق العربيء: حيث دجلة والفرات» 
كي تؤثر مباشرة في العراق وسورية من خلال ما تقيمه من مشاريع مع تركياء. مسن سدود 
ومحطات لتوليد الكهرباء على نهر الفرات» مما يسبب الكثير من الضرر بحصة العراق 
وسوريا من نهر الفرات» ومن هذه المشاريع مشروع جنوب شرق الأناضولء ويقع هذا 
المشروع في الأجزاء الجنوبية الشرقية من تركياء المحاذية لحدودها مع سوريا والعراق؛ 
ليغطي كل مقاطعات مدينتي أورفة» وما ردين ومقاطعات أخرى تشكل مساحتها 909.5 من 
إجمال مساحة تركياء وهذا المشروع يتكون من ثلاثة عشر مشروعاً أساسياً للري وإنتاج 
الكهرباء»ء وعن طريق إنشاء اثنين وعشرين سداً على النهرين؛ منها ثمانية عشر سداً على 
الفرات »وأربعة سدود على دجلة» وإقامة سبع عشرة محطة للطاقة الكهرومائية على النهرين؛ 
ومشروعات أخرى في قطاعات الزراعة والصناعة والمواصلات والاتصالات وغيرهاءوتقدر 
كلفة المشروع بعشرين مليار دولار7) وينبع من تركيا 690؟ من مياه الفرات البالغ طوله 
0 كمء تصب فيه من الأراضي التركية» ومن هذه النسبة نهر دجلة .() 

والمياه بالنسبة لتركيا وسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية» أهمها الضغط على سورية 
اشوا سواسو القابة لذ كفي ورا حفط عن لاروزة ار شدف نيعي كران 


13) عانق قزاية] سدلوع لحالدي عن 126 . 

(2) إسرائيل ومشاريع المياه التركية / عوني عبد الرحمن السبعاوي .-ط1-. أبو ظبي 19972 م » مركز 
الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» العدد 10 » وانظر الأمن المائي العربي / عبد القادر 
المقافمن :123-122 + واالظن ريت المناد من القيل: إلى الفرزاك .شيل السمان صن 289 

(3) تركيا والشرق الأوسط / فليب روبانسي / ترجمة ميخائيل نجم خوري ص107 .-ط1- . القاهرة » دار 
قرطبة للنشر والتوثيق والأبحاث» مكتبة مدبولي » 1993م. 





2328 


وكذلك لعدم الإصرار على المطالبة بالإسكندرونة وهي وسيلة للضغط على العراق» لسحب 
دعمه لبعض الفصائل الكردية في الشمال» ولمقايضة البترول» فكلاهما سلعة نادرة» ولتركيا 
هدف أكبر جعلها تخرج إلى العالم في تحالفها مع إسرائيل» فقد استعادت منطقة شمال العراق 
إليها بما فيها من بترول» فهي تريد الوصول إلى الموصل وكركوك . 

إن تركيا دولة عسكرية» على الرغم من مظهرها الديموقراطي» فهي دولة ذات 
أهداف توسعية» وتدور في الفلك الغربي والتحالف الإسرائيلي» ومن أجل ذلك فإن تركيا لن 
تتورع عن استخدام المياه لتحقيق ما تريد .(1) 

وكذلك الكيان الصهيوني يجني ثمار هذا التحالف من خلال اتجاهين: 

الاتجاه الأول: شغل العرب في نزاعات مستمرة مع جيرانها بسبب المياه . 

الاتجاه الثاني: عقد المعاهدات والاتفاقات بينها وبين تركياء لمدهم بحاجتهم بالمياه؛ 
إما عن طريق مشروع قناة السلام» أو عن طريق نقل المياه في صهاريج كبيرة بحريا . 
التعاون الإسرائيلي الأثيوبي 

فشل الكيان الصهيوني خلال العقدين الماضيين- السبعينات والثمانينات- في تحقيق 
حلمه التاريخيء بجر مياه النيل عبر صحراء سيناء إلى النقب» لتعمير صحاريهء ويحاول 
الكيان الصهيوني أن يضغط على مصر والسودانء للتضييق على مواردهما المائية » عبر 
دول المصادر ومهابط الأنهار والبحيرات» وأحواض تجمع مياه النيل في أقصى الجنوب. 

'" ولما كانت أثيوبا هي الأهم بالنسبة لمصر والسودان» من حيث إمداد النيل بكميات 
ضخمة من مياهه عن طريق الأمطار المتساقطة على الهضبة الحبشية» فلذلك مد الكيان 
الصهيوني بصره مباشرة إلى أثيوباء ليقدم لها خلاصة خبراته العلمية والتكنولوجية في 
استخدام المياه الاستخدام الأمثل؛ في إقامة السدود على روافد النيل» الأمر الذي سيؤثر 
بالضرر على نسبة المياه المتدفقة إلى كل من: مصر والسودان .. وفي هذا تهديد مباشر 
للأمن القومي للبلدين +7©) 

وكانت أثيوبا هي آخر دولة إفريقية» تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل تنفيذاً 
لقرارات الوحدة الإفريقية» وذلك في أكتوبر 1973 مه ثم ظلت محتفظة بعلاقات متنورعة 
معهاء رغم عدم وجود تمثيل دبلوماسي بين البلدين» وفي 3 نوفمبر 1989 م., استعادت 
أثيوبا علاقاتها الدبلوماسية الكامنة مع إسرائيل ... وبعد أسابيع قليلة ذكرت صحيفة 
(إندبندنت) البريطانية في 6 / 1 / 1990 مه أن خبراء إسرائيليين يعملون لحساب الحكومة 


(1) المياه حرب المستقبل / عادل عبد الجليل بترجي ص 158 . 
(2) نحن وإسرائيل / صلاح الدين حافظ » جريدة الأهرام» 10 / 1 / 1990م . 





23029 


الأثيوبية» يجرون دراسات تمهيدية لبناء ثلاثة سدود بمنطقة بحيرة تاناء ونهر آباي الذي 
يصب في النيل الأزرق .'(1) 

تم الإتفاق بين إسرائيل وأثيوبيا على قيام شركة إسرائيلية بإعداد الدراسات التنفيذية 
الخاصة بأحد المشروعات الزراعية في جنوب أثيوباء والتي يمولها برنامج الأمم المتحدة 

ويهدف المشروع إلى تحقيق التنمية الزراعية» على مساحة 3000 دونمء ويشتمل 
على إنشاء سد على نهر شبيلي ,"0 

' وتشترك أثيوبيا مع إسرائيل في الرغبة في تحجيم القوة العربية» وفي الحيلولة دون 
كوول الحمن لاحمو إل نحزرة صرفية تخاضة 00 

فإن الكيان اليهودي الصهيوني يسعى من وراء هذه التحالفات» والمشاريع المشتركة 
مع جيران الدول العربية» وخاصة الذين يتحكمون في موارد المياه العربية المشتركة 
ومصادرهاء وهذا البعد السياسي في المصالح الصهيونية هو أحد المعاول التي تحاول بها هدم 
الأمن المائي العربي» وعلى قدر هذه القضية العربية وحجمها » وخطورتها على مستقبل 
الأمن المائي العربي والأمن الغذائي العربيء. والأرض العربية المهددة بالكيان الصهيونيء لا 
بد أن يكون حجم وقدر العناية والدراسة الجادة» والعملية في سبيل الحفاظ على أمننا المائي 
والغذائي والعسكريء أمام هذه الهجمة المسعورة» تمسكاً بقوله تعالى:7 كيف وإن يَظْهَرُوا 
عَلَيكُم لا يَرْقَبُوا فيكم إلا ولا ذمّة يُرْضُوتَكم بِأَفْوَاههم وتأبَى فَلوبْهُمْ وَأَكتَرُهُمْ فاسقون )02) 

وبعد هذا العرض يتضح مدى تأثير البعدين: الديني والسياسيء في مسألة الصراع 
على الماء في هذه الأرض المباركة المقدسة؛ وذلك في غياب القانون والنظام الدوليين؛ لكي 
يفصلا في النزاع القائم في المنطقة» وغياب تطبيق شرع الله في خصومات الدو ل كو لك الهؤاه 
الفش3كة :إن لأتحدى الكير : وار ا يك رايا و ري 
يَجدُوا في أَنَفُسِهِمْ حرجا مما قَضَيْت وَيُسلَمُوا تَسَليمًا 74) 


(1) المياه العربية بين خطر العجز ومخاطر التبعية / عبد الله مرسي العقالي » ص 171 . 

(2) التعاون الإسرائيلي الأثيوبي والأمن القومي المصري / عز الدين شكري (مقال) السياسة الدولية» العدد 
(101) يوليو 1990م. 

(3) المياه العربية / عبد الله مرسي العقالي ص 173 . 

(4) سورة التوبة: آية / 8 

(5) سورة النساء: آية / 65 





2330 


المبحث الخامس: الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في قضية المياه 
المطلب الأول:الشريعة الإسلامية في قضية المياه 


إن الشريعة الإسلامية الغراء التي وسعت كل قضايا الإنسانية» حيث قال تعالى: ( ما 
فَرَطْنَا في الكتّاب من شَيْءٍ 16!) وقال تعالى:( لكل جَعَْنَا منْكُمْ شرعة ومتهاجاً 22 حيث 
ان قر رد تسلج كل جااشطاحة اشرو بسو مدا ل دجت موا بن علش كن 
الأنشان عاهر ا أماتها؟ مكد هذ ١|‏ الذي الحنيف: قد أنقار البهاة أو قضلها تفضديلا و أصيك ليتا 
إما في القرآن أو في السنة المطهرة أو في كليهما . 

ولما كانت قضية المياه من القضايا التي عني بها القرآن» واهتمت بها سنة رسوله 
الكريم يي جعل الشارع الإسلامي لها أحكاماً خاصة؛ فقد أفرد الفقهاء أبواباً خخصة:؛ في 
مؤلفاتهم الفقهية لمسألة المياه من حيث الطهارة والنجاسة وكذلك في أبواب الملكية العامة 
والخاصة؛ وحق الارتفاق من سقي وشفه وجري ومسيل وغيرها من الحقوق وقسموا المياه 
إلى أقسام وفصلوا ملكيتها وحقوق الانتفاع بها . 
يقسم المسلمون المياه ثلاثة أقسام: مياه أنهار » ومياه آبار » ومياه عيون . 
أما مياه الأنهار فهي ثلاثة أقسام: 
الأول: ما أجراه الله تعالى من كبار الأنهار التي لم يحفرها الآدميون» كدجلة والفرات والنيل 
وغيرها. فماؤها يتسع للزرع والشاربة . 
الثاني: ما أجراه الله من صغار الأنهار وهو على ضربين: 
أحدهما: أن يعلو ماؤها وإن لم يحبسء ويكفي جميع أهله من غير تقصير . 
الثاني: أن يستقل ماء النهر ولا يعلو للشرب إلا بحبسه فيكون الحق فيه للأعلى ثم للأسفل 
وهكذا فيكون آخرهم أرضاً آخرهم حبساً. وقدر ما يحبس منه إلى الكعبين. كما جاء في 
حديث: اسق يا زبير» سبق ذكره في مبحث الصراع . 
وقد قيل: إن هذا القضاء ليس على العموم في الأزمان والبلدان» وإنما هو مقدر بالحاجة وقد 
يختلف من خمسة أوجه: 
أحدها: باختلاف الأرضين: فمنها ما يرتوي باليسيرء ومنها ما لا يرتوي إلا بالكثير . 
والثاني: باختلاف ما فيهاء فإن للزروع من الشرب قدراًء وللنخيل والأشجار قدراً . 
والكالة» باتكلاف الحنيفنه والشتاءه فإن لكله, و اخة من الزمانيق قدو : 


(1) سورة الأنعام: الآية // 38 
)2( سورة المائدة: الآية / 458 





3131 


والرابع: باختلافهما في وقت الزرع وقبله» فإن لكل واحد من الوقتين قدراً . 
والخامس: باختلاف حال الماء في بقائه وانقطاعه» فإن المنقطع يأخذ منه يدخرء والدائم يأخذ 
منه ما يستعمل . 

الفسم 'الثالث: وهو ما احتفر الآدميون من الأرضين: فيكون النهر بينهم ملكا مشتركاء 
كالرزق المشترك بين أهله لا يختص أحدهم بملكه. إن حفره جماعة وإن كان شخصاً فهو له 
ولا يمنع منه حق الشفه والسقيء أما الشرب فيمنع )1(١‏ 

والذي يقوم عليه النزاع اليوم» بين الدول المشتركة في نهر واحدء هو ما يسمى 
بالنهر الدولي. وهو الذي نقصد بحث قضيته؛ فما هو النهر الدولي؟ 

'الحق أن الفقه التقليدي لم يتطرق إلى تصور للنهر الدولي؛ لأنه يعالج أحكام الأنهار 
التي تجري داخل إقليم دولة واحدة» وعذره في ذلك أمران: 
أولهما: أنه كان يتابع منطقة في تقسيم العالم إلى دار سلام ودار حربء فلم تشغله مشكلات 
جريان النهر في أقاليم دول إسلامية تستقل الواحدة منها عن الأخرى . 
وثانيهما: أن معرفته بالأنهار كانت قاصرة على ما نما إلى علم الفقهاء من أنهار في ذلك 
الزمان» فإن الصورة التي عرضت له كانت صورة نهر يجري في إقليم غير مقسم)؛ لما 
كان للدولة الإسلامية من اتساع ويعد النهر في داخلها تابعاً للدولة أو الخلافة » ولكن اليوم 
قسمت الخلافة» وجزئت الدولة إلى دول» ودب الخلاف وظهرت العرقيات والقومياتء وزاد 
الأمر تعقيداً وجود الأعداء للأمة المسلمة التي تثير النزاعات بين دول المسلمين . 

إذن فالنهر الدولي:"هو النهر الذي يخدم أكثر من دولة» ويمكن أن يشبع ما جاءها كليا 
أو جزئياء وهو يمر في أراضي هذه الدول " . 

وصورة أخرى 'أن النهر الدولي في النظرية الإسلامية: هو النهر الذي تجري مياهه 
في أكثر من دولة ويتسع ماؤه لاهتمامات الدول المشاطئة له " وعليه فإن النوع الأول من 
الأنهار الذي قسمه الفقهاء سابقاً هو المقصود بالنهر الدولي في الشريعة الإسلامية وحكم 
الشرع في مثل هذه الأنهار حسب التصور الفقهي الأول هو أنها مشاع؛ وكل الناس شركاء 
فيها في شرب أو سقي أو شفه؛ لأنها كبيرة وتفي بحاجة الناس . 


(1) انظر الأحكام السلطانية / محمد بن الحسين الفراء ص 213 - 216  .‏ ط1 . - بيروتء دار الكتب 
العلمية 1403 ه - 1983 مء وانظر الأحكام السلطانية للماوردي ص 181  .‏ ط3  .‏ القاهرة » 
مكتبة مصطفى الحلبي 1973 مء وانظر الفقه الإسلامي وأدلته / وهبة الزحيلي 0 / 593 - 597 » 
وجعل ما يحرز في الاتية نوع: وقسم رابع . 

(2) انظر قانون السلام في الإسلام / محمد طلعت الغنيمي ص 685  .‏ ط1 . - مصرء الاسكندرية منشأة 

المعارف . 





2332 


ولكن اليوم فإن هذه الأنهار لما كثرت استخداماتها من زراعة وصناعة وملاحة 
وغيرها من الخدمات الاقتصادية. وعدم وجود عدل في التوزيع؛ وكذلك سوء استغلال مياه 
هذه الأنهارء وتلويثهاء وهدرها جعلها لا تفي بالحاجيات» وكذلك نشأت بين الدول صاحبة 
الشراكة فيها النزاعات المنطلقة من المصالح الدولية لكل شريك من الشركاء . 

والقرآن الكريم تجنباً للنزاع بين بني إسرائيل قسم الماء بينهم؛ وحرر لكل قوم عيناً 
يشربون منهاء كإجراء وقائي حتى لا يقتتلوا على الماء (وإذ استَسَقَى مُوسى لقؤمه فَقَنا 
اضرب بعصاك الْحَجِر فَانقَجِرَت منة اثْنَنَا عَشَرَةَ عيْناً هذ عَلمَ كل أقاس مَشَربَهُمْ كلوا 
وَاشرَبُوا من رق اللّه ولا تَعْتَّوًا في الأرْض مفسدين)!) فإن الله بذلك يضع تأصيلاً لقضية 
المياه في حال النزاع. أن تقسّم بين الفرقاء ويعلم كل أناس قسمتهم فالآية أشارت إلى أكثشر 
5007 
الأول: القسمة بينهم ( فَانفجرت منة اتنا عَشْرَة عَينا4 'على عدد أسباطهم فقد كانوا اثنى 
عشر على عدد أولاد يعقوب نكن _ ."2 
الثاني: معرفة حدود كل نصيب 7 قد عَلمَ كل أناس مَشَرَبَهُمٌ) وذلك بمعرفة كل قوم لنصيبهم 
وحدود هذا النصيب . ٠‏ 
الثالث: عدم الإخلال والإفساد ( ولا تَعْتُوًا في الأرض مُفسدين؛ فإن الإفساد هو الذي يخغل 
بالقسمة وبالعدل وبالمحبة» وبالوفاق بين الأقوام حال الصراع.؛ وكذلك الإفساد للماء نفسه 
بالهدر وتلويثه. وهذا الحل القرآني هو الأمثل في حال النزاع . 

وما جاء في قصة قوم صالح والناقة. فقد فسر الرازي أن الماء كان قسمة بينهم يوم 
لقوم ويوم لآخرين فلما جاءت الناقة أخذت شرب يوم منهم فأصبح الجا قنهنة بيحقيى جدديهنا 
وبين الناقة. قال تعالى:( وتَبَنهُمْ أن الْمَاءَ قئْمَةٌ بَيْنَهُمْ كل شرب مُحْتَضرٌ76”أوقال تعالى:( 
َال هذه تاقةٌ لها شرب ولَكُمْ شرب يوم مَعلُوم)0) 'وهذه قسمة المهايأة بعينها"57. 
المهايأة فقهاً: هي عبارة عن قسمة المنافع ١‏ 5 توعان : مهاناة انا وما كن 2 


1) سورة البقرة:الآية / 60 

2 انظر التفسير المنير / وهبة الزحيلي 1 / 168 . 

3) سورة القمر: الآية // 28 

4) سورة الشعراء: الآية // 155 

5) الفقه الإسلامي وأدلته / وهبة الزحيلي 5 / 695 . 

6) انظر رد المختار / ابن عابدين 5 / 189» وشرح المجلة / سليم رستم باز اللبناني ص 648  .‏ ط3 . 
بيروت ٠‏ دار الكتب العلمية رقم 1174 و 1176 » والفقه الإسلامي وأدلته / وهبة الزحيلي 5 / 694 


) 
) 
) 
) 
) 
) 





233 


قال تعالى: في سورة القمر 7 وتَبََّهُمْ أَنّ المَاء قمْمَةٌ بَيْنَهُمْ 4 فالماء قسمة بينهم 
وأيضاً شرب يوم مَعلُوم» هذا الشرب في يوم معلوم محدد ومتعارف عليه» فلا يتعدى قوم 
على نصيب قوم . 

هكذا إذن فإن الله قد وضع الحل في قرآنه الكريم» وكذلك السنة » أن يسقي الأعلى 
ويحسر الماء إلى الجدر ثم يسقي الذي أسفلء, وهكذا ... فإن هذا تأصيل من الكتاب والسنة 
ليذه الفضية 17 

ونحن نذكر هذه الآيات للاستئناس بها في أحكام هذه القضية الشائكة» فالشارع الحكيم 
لم يفصل كيفية القسمة في هاتين الآيتين» بل ترك الأمر مفتوحا أمام علماء الأمة ومجتهديهاء 
لينظروا في مصالح الأمة بما يناسب كل حال من أحوالهم» وحسب طبيعة الخلاف الموجود 
ولكن ضمن ضوابط الشرع وقواعده الحكيمة» فلا ضرر ولا ضرار ولا تعدي في الحقء 
والعدالة في التوزيع من خلال رضى الفرقاء في أي اتفاق خاص بينهم . 
المطلب الثاني:القانون الدولي في قضية المياه 


لما بدأت قضية المياه تطفو على السطح في الصراع الدولي؛ ذهب فقهاء القانون 
يبحثون هذه القضية بشكل منفردء أي بمعنى أنهم لم يضعوا قواعد وقوانين تلزم بها الدول 
جميعهاء بل كانت تحل النزاعات المحلية حسب معطيات الخلاف وحيثيات كل نزاع على 
ةق" لكا نويه الكاكفات وين الذوك جك المكاة القزلن3 مط (الحاقفة ركه كن يس 
الجوانب الاقتصادية ثانياً. بدأت الأمور تأخذ طابع القوانين وإقامة المعامدات بين الدول؛ 
وأصبحت مشكلة المياه حقيقة أمام المجتمع الدولي ٠»‏ وعليه بدأ فقهاء القانون بتقسيم الأنهار 
إلى قسمين هما: الأنهار الوطنية والأنهار الدولية . 
1 -الأنهار الوطنية: 
الأنهار الوطنية: "هي التي تجري في إقليم دولة واحدة» وهذه الأنهار تدخل في ملكية الدولة 
صاحبة الإقليم وتخضع لسيادتها وحدهاء حكمها في ذلك حكم أي جزء آخر من الإقليم . 

ويتبع ذلك حق الدولة صاحبة النهر في أن تنظم استغلال موارده والقوى الطبيعية 
الموجودة في مجراه كما يتراءى لهاء وحقها في أن تقصر الملاحة على مراكبها وحدها أو أن 
تبيح ذلك إذا شاءت لمراكب دول أخرى أو بعضها . 

على أن التسليم للدولة صاحبة النهر بالحق المطلق في تحريم الملاحة فيه على السفن 
الأجنبية لاقى اعتراضاً من جانب بعض الفقهاء في القانون الدولي» وذلك على اعتبار أن في 


(1) سبق التعرض لتفسير هاتين الآيتين وكذلك الحديث فلا داعي للتكرار 





234 


هذا التحريم إضراراً بمصالح الدول الأخرىء وإخلالاً بفكرة التعاون الدولي» ولكن واقع 
القانون الدولي بوضعه الحالي ليس فيه ما يلزم الدول على فتح أنهارها الوطنية للدول 
الأخوف: 4 إلا توكياها وشتروظها الخاضية ا 
2- الأنهار الدولية: 
" الأنهار الدولية: هي الأنهار التي تجري تباعاً في أقاليم دول مختلفة أو بين إقليمي دولتين أو 
أكثر » مثل نهر النيل والفرات ودجلة والرين والدانوب والكونغو وغيرها . 

وحكم هذه الأنهار من حيث ملكيتها أنها إذا كانت تجري في أقاليم عدة دول اختصت 
كل دولة بملكية الجزء من النهر الواقع بين حدودها » وإذا كانت واقعة على حدود دولتين أو 
أكثر فتملك كل دولة الجزء المجاور لها من النهر حتى الخط الأوسط للتيار الرئيسي إن كان 
النهر قابلاً للملاحة» حتى الخط الأوسط لصفحة المياه إن لم يكن كذلك؛ ويتبع ملكية الدولة 
للجزء من النهر الواقع في إقليمها أو المجاور له حقها في أن تباشر فيه جميع أعمال السلطة 
العامة من قضاء وبوليس وتنظيم لشئون الملاحة وغيرهاء وحقها في استغلاله في مختلف 
النواحي الزراعية والصناعية والمالية» كل ذلك يشرط مراعاة الحقوق المماثلة للدول الأخرى 
التي تشاركها في النهرء وعدم القيام بأعمال من شأنها عدم الإقرار بهذه الحقوق .(2) 
استغلال مياه الأنهار الدولية: 

لكل من الدول التي يجري في أقاليمها نهر مشترك أن تأخذ من مياهه ما يلزم 
لحاجاتها المختلفة» وأن تستغل القوى الطبيعية الموجودة في المجرى الذي يقع ضمن حدودهاء 
وتقيم فيه من الأعمال الهندسية ما يحقق لها هذا الاستغلال . 

إنما على كل من هذه الدول أن تراعي في نفس الوقت ألا يؤدي استغلالها للجزء من 
النهر الداخل في ملكيتها إلى عدم الإضرار بغيرها من الدول المشتركة معها في ذات النهر . 


وعلى ذلك يمتنع عليها: 
1[- أن تغير المنطقة التي يعبر فيها النهر حدودها إلى إقليم دولة مجاورة إلا بموافقة هذه 
ل 


2- أن تغير من طبيعة المياه تغييراً من شأنه أن يضر بغيرها . 
3- أن يقوم على إقليمها بأعمال يمكن أن تؤدي إلى فيضان النهر في اقليم دولة أخرى. 


(1) القانون الدولي العالمي / على صادق أبو هيف ص 260  .‏ ط11 . - الإسكندرية » منشأة المعارف 
9 . 





هزكاء 


4- أن تصرف وتحجز من ماء النهر قدراً يتسبب عنه هبوط المستوى الطبيعي لمجرى 
النهر في الدولة المجاورة . 
5- أن تقوم بأي عمل يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الملاحة في النهر أو إلى إيجاد عقبات 

في بمهلها 00 
ونجد في الفقه والشرع الإسلاميين : 

'لكل أحد أن يسقي أراضيه من الأنهر التي ليست مملوكة» وله جدول لسقي الأراضي 
وإنشاء الطاحون؛ لكن عدم المضرة للعامة شرطهء فإذا فاض الماء وأضر بالخلق أو قطع 
الماء بالكلية أو منع سير الفلك فإنه يمنع ."©) 

' وأما النهر العظيم مثل دجلة والفرات والنيل ونحوها فإن حكم هذا النهر: يجوز فيه 
سبعة أشياء: ‏ 
أحدها: يجوز الانتفاع به لكافة المسلمين . 
الثاني: القطع منه لجميع المسلمين . 
الثالث: يجوز أن يعدو رجل إلى بعض ما يجري فيه الماء فيحوله عنه ويضرب عليه المسناة 
ويحييه» فإن كان ذلك لا يضر بالنهر فله ذلك . 
الرابع: لو حول هذا النهر عن أرض فأحياها رجل وحصنها بالماء وذلك لا يضر بالنهر فله 
ذلك وإن كان يضر فإنه يمنع من ذلك . 
الخامس: لو غرس عليه أحد جاز ما لم يضر به . 
السادس: لو اتخذ قنطرة بإذن الإمام جازء وإن اتخذها بغير إذن الإمام لم يجزء وما هلك بها 
من شيء فعليه الضمان ٠.‏ 
السابع: أن إصلاح النهر على الإمام من بيت المال دون الناس جميعاً ."60 

إن الفقه الإسلامي نبه إلى ما يشير إليه فقهاء القانون من شروط لاستخدام الحق في 
الأنهار الدولية ؟ والتي يسميها علماء المسلمين الأنهار العامة أو العظيمة:؛ وإن كانوا 
يتعاملون معها على أنها تجري في دولة الإسلام» لكن لشراكة الناس جميعاً فيها وضعوا لها 
هذه المحاذير في استغلال الحق . 


(1) القانون الدولي العالمي / أبو هيف ص 362 . 

(2) مجلة الأحكام العدلية / جمعية المجلة » كارخانة تجارت كتب تحقيق؛ نجيب هواويسني  .‏ ط1. ل 
ص 243 . 

(3) النتف في الفتاوى / على بن الحسين بن محمد السغدي 2 / 623 . - ط2 . - بيروت عمان » دار 
الفرقان ومؤسسة الرسالة. 





3136 


'فإن القانون الدولي لم يسن هذه القوانين إلا قبل مالا يزيد عن نصف قرن من الزمان 
وعلماء المسلمين سبقوهم لأكثر من ألف عام (1) 

حتى إن علماء المسلمين وضعوا شروطأ لاستغلال الحق في الأنهار الخاصة ' مالا 
يفعل الشركاء في النهر الخاصء ولا يجوز لأحد من الشركاء أن يفعل بهذا النهر عشرة 
أشياء إلا برضاء الآخرين» ولا أحد غيرهم : - 
أحدها: أن يزيد في مائه . 
الثاني: وأن ينقص من مائه . 
الثالث: وأن يوسع النهر . 
الرابع: وأن يجعله أضيق مما كان . 
الخامس: وأن يجعله أعمق مما كان . 
السادس: أن يجعله أرفع مما كان . 
السابع: وأن يتخذ عليه قنطر . 
الثامن: وأن يبني عليه بناء : 
التاسع: وأن يغرس عليه انتهان ١‏ 
والعاشر: وأن يقطع منه نهر آخر 2 

هكذا يرى الشرع الحنيف المحافظة على حقوق الغير في الأنهار المشتركة التي 
تحفر من النهر العام؛ حتى لا ينقص شريك منهم حق أحد من الشركاءء أو يضر بهم 
لمصلحته الذاتية. 

إن ما يحدث على أرض الواقع من معاهدات واتفاقات بين الدول حول النزاعات القائتمة 
بينها في مياه الأنهار الدولية لا يمكن أن يكون نظاماً عادلاً إلا من خلال قوة تطبق ما يخط بالأقلام 
على الورق . 

ولكن اتباع سياسة الغاب والبحارء الكبير يأكل الصغير» والقوي يستغل مياه الضعيف كما 
هو قائم في مياهنا العربية حيث يقوم الكيان الصهيوني بسرقة مياه الأردن ومياه الليطاني والوزاني 
وغيرها من أنهار وطنية حتى من داخل الأراضي اللبنانية» ونهر اليرموك وهو نهر عربي وغيرهاء 
دون أدنى مراعاة لحقوق الآخرين . 

فإن القانون وما به من عدل ومثاليات لا يمكن أن يحقق أي عدالة إلا بقوة تنفذه وتطبقه 
على أرض الواقع؛ ولكن النظام العالمي معكوسء فإن العقوبات تطبق على دول دون دول . 


(1) انظر قانون السلام في الإسلام / محمد طلعت ص 686 . 
(2) النتف في الفتاوى / علي السغدي 2 / 622 . 





337 


المبحث السادس: حقيقة الصراع في المنطقة والذي من 
أسبابه المياه 


إن الصراع المحتدم في هذه البقعة من العالم» والذي ما زال مستمراً منذ أكذر من 
عشرة عقود من الزمان» حتى عانت شعوب هذه البلاد منه أمسً الويلات والفواجع»فمنطقة 
الشرق. الأؤسظ التي قدن الله سبحاته:وتعالى أن تكون مسرحا للحروب ودمازهاء ولأطساع 
اليهود وأعوانهم من المستعمرين والغرب الصليبي لم يأت من فزاغ: بل جاء على أثر ذوآافنع 
وأطماع متعددة النوايا والأشكال. 
أولاً: أبعاد الصراع وحقيقته في منطقة الشرق الإسلامي 

إن الصراع العربي الإسرائيلي ذو طبيعة وأبعاد ومستويات مختلفة» وتتحصر هذه 
الأبعاد في خمس نقاط نجمل فيها هذه القضية . 
1[-البعد الديني السياسي: 
إن الصراع القائم اليوم لا ينفصل عن أبعاده الدينية السياسية التي خطتها الحركة الصهيونية 
لنفسها؛ كي تستوطن أرض فلسطين وذلك من خلال ما تسميه بأرض الميعاد» فهي قد جمعت 
يهود العالم بالأطماع تارة وبالعنف والتهديد تارة أخرى؛ حتى يقبلوا المجيء إلى أرض 
يعقوب وداود وسليمان على حد تعبيرهم» واحتلوا هذه البلاد بالقوة ومساندة بريطانيا صاحبة 
وعد بلفور . 

إن حاجة اليهود سياسياً لوطن يتجمع فيه يهود العالم كان دافعاً للبحث عن رابط ديني 
يربط اليهود بتاريخهم في فلسطين؛ كي يأتوا إليها تحت تأثير العقيدة الدينية عندهم» وخاصة 
في مدينة القدس التي تشكل للمسلمين جزءاً من عقيدتهم؛ ومحاولة تهويدها وجعلها يهودية 
000 
2-البعد المصيري في الصراع: 
السبواع ينق الضد الحو الإسكي والكيان الفوئوتي شير اع مول مفو النقناء ار 
الوجود"؛ فالصراع لم يكن طيلة تاريخه صراعاً على قطعة أرض أو مدينة أو ضفتي نهر 
فقطء بل وفق رؤى طرفية: صراع حول 'حق البقاء" فهو صراع مصيريء صراع بقاء 
ووجود فإن كل طرف من أطراف الصراع يدافع عن وجوده على هذه الأرض فالمسلم 


(1) انظر الصراع المائي بين العرب وإسرائيل / رفعت سيد أحمد ص 57 . 





2338 


الفلسطيني متشبث بأرضه وهو يقتلع منهاء واليهودي الصهيوني يثبت نفسه على الأرض بدلا 
من المسلم الفلسطيني وهو دخيل مستوطن ظالمء فهو: إما بقاء أو فناء لأحد الطرفين .(1) 
3-البعد الاقتصادي: 
فإسرائيل في حقيقتها الداخلية وبنيانها الاقتصادي ليست سوى رأس الحربة للشركات الغربية 
متعددة الجنسية » والأمة الإسلامية والعربية بثرواتها الطبيعية التي يحل النفط مقدمتهاء تمثل 
التربة الخصبة لانتعاش هذه الشركات؛ وهذا من دوافع الصراع لهذا الوجود فإن الشروات 
الطبيعة العربية هي مطلب صهيوني قديم . 
4-البعد الشرعي: 
إن اليهود بكل ما أوتوا من قوة الحيلة والتزوير وتغيير المعالم يحاولون طمس المعالم 
الإسلامية وإيجاد معالم تثبت شرعية وجودهم على هذه الأرضء ويحاول اليهود جادين في 
تزوير التاريخ من خلال الإعلام العالمي الذي يمتلكون معظمه أن يثبتوا شرعيتهم المزورة 
على هذه الأرض المقدسة من خلال التلمود وكتبهم المقدسة وغيرها من الوسائل؛ ومهما قام 
الإعلام العربي ببيان الحقيقة فإن آذان الغرب الذي بيده القوة والسيطرة في المحافل الدولية 
مقفلة بصمم الدعاية الصهيونية؛» فلا تسمع نداءات العرب والمسلمين . 

ولادُسف نجد أبناء جلدتنا يعطون هؤلاء الشرعية في الوجود والبقاء على أرضنا 
عل نطق مها 
5-البعد المائي: 
إن الماء يشكل في الصراع العربي الإسرائيلي محوراً هامأ جداء فإن حركة الاستيطان 
المتجددة والتوسع السكاني المتنامي عند اليهود يتطلب المزيد من المياهء وهذا يجعل هذا البعد 
من أقوى الأبعاد دافعاً لهم كي يتوسعوا بالاستيلاء على مصادر المياه في الأردن ولبنان 
وسورياء وتصل مطامعهم إلى النيل والفرات» وجعل قضية المياه شرطأً للتسوية . 

وفي دراسة لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سيء آيء إيه) قسمت مناطق الشرق 
الأوسط لتصبح ساحات حروب وصراع من أجل المياه إلى ثلاث مناطق : 
أ- منطقة المشكلة الحرجة: 
عرفت منطقة المشكلة الحرجة التي تنذر بحرب قريبة بين العرب وإسرائيل» وبصراعات 
تحتدم من أجل المياه بمنطقة "وادي نهر الأردن" التي تعتبر أكثر المناطق حساسية» وتضم 
إسرائيل (والأراضي المحتلة) والأردن وسوريا ولبنان . 


(1) انظر المصدر السابق ص 58 . 
(2) نفس المصدر السابق ص 59 . 





2339 


ب- منطقة محفوفة بالمخاطر: 
وتضم حوض دجلة والفرات » وخاصة سوريا والعراق وتركيا وأيضاً بلدان الجزيرة العربية. 
ج- حوض نهر النيل: 
الذي قالت عنه الوكالة الأمريكية إنه منطقة توتر مائي قابلة للدخول في مستوى الخطر في 
غضون عشر سنوات وبحد أقصى عشرين عامأء وتشمل مصر والسودان وأوغندة وأثيوبيا . 
ورغم التحفظ على أهداف هذه الدراسة ومضمونها إلا أنها كانت صائبة عندما جعلت 

من بؤرة الصراع العربي الإسرائيلي أسخن مناطق الصراع على المياه في المنطقة .(1) 
ثانياً: المياه حافز قوي وسبب الحروب في المنطقة 
1 - أقوال حول الموضوع: 

" إن اليهود يخوضون مع العرب معركة المياهء وعلى نتائج هذه المعركة يتوقف كيان 
فلسطين. بن جريون 1955/5/14. إن إسرائيل العظمى لايمكن أن تقف مكتوفة الأيدي وهي 
ترى مياه نهر الليطاني تذهب هباءً إلى البحر» إن القوات أصبحت جاهزة في إسرائيل 
لاستيعاب نهر الليطاني مناحم بيجن يونية 1982 . 

إن على سوريا والعراق أن يفهما حقيقة أن مياه دجلة والفرات ليست مياهاً دولية ... 
ولدينا حقوق كاملة عليهاء وأن مسائل المياه والاشكالات الناجمة عنها ستكون خلال السنوات 
المقبلة من أهم مشاكل العصر الحديثء سليمان دميريل ديسمبر 1991 . 

إن إسرائيل والعرب سيواجهان نقصاً حاداً في المياه قبل نهاية هذا القرن» وسيضطران 
إما للتعاون (وهو دائماً تنفيذ رغبات إسرائيل) أو تشوب حرب سببها الاختلاف حول تقسيم 
المياهء لوس أنجلوس 1992/2/17 .© 

أقدم هذه الأقوال كي أبين كيف أن قادة الكيان الصهيوني يفكرون دائماً في مياه العرب؛. 
وكذلك رئيس دولة تركيا أيضاً الذي يعتبر مياه الفرات ودجلة مياهاً وطنية خالصة لتركيا 
تتطار اف قبا كوا شاه : 
ثالثاً: حروب المنطقة والتي من أسبابها المياه 

يعتبر الكيان الصهيوني أنه لابد من التوازن والتلازم بين الخريطة الأمنية والخريطة 

المائية» ويتضح ذلك من خلال ما شنته من حروب في الأربع عقود الأخيرة . 
1 - إن الحدود التي تفضل إسرائيل أن تحيط نفسها بها على الدوام حدود مائية سواء أكانت 
هي حدود "إسرائيل الصغرى' وهي الليطاني والحاصباني وطبرية والبحر الميتء أم حدود 


(1) المياه حرب ١‏ لمستقبل / عادل عبد الجليل بترجي ص 6 3- 64 . 
(2) المياه والحرب القادمة في الشرق الأوسط / فتحي شهاب الدين ص 4 . 





310 


"إسرائيل المتوسطة" وهي حدود نهر الأردن والبحر الأحمر وقناة السويس أم حدود "إسرائيل 
الكبرى'" وهي حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات كما هو مكتوب كشعار مرفوع فوق 
الكئيست 00 
'2- إن الحروب التي شنتها إسرائيل على العرب منذ قيامها كان عامل المياه محورها 
الرئيس؛ فقد استهدفت العمليات العسكرية التي قامت بها الجبهة السورية ‏ في السنوات 
التالية لعام 1948 - الاستيلاء على كامل ضفاف بحيرة طبرية والحولة . 

كما كان الوصول إلى قناة السويس هدفاً محدداً في حرب 1956 . وفي حرب 1967 
وكان تحويل مجرى نهر الأردن العامل غير المباشر في شن تلك الحرب إلى جانب الوصول 
إلى نهر الأردن نفسه وإلى قناة السويس مرة أخرى لاتخاذها حدين طبيعيين لإسرائيل 
المتوسطة, كما كان الاستيلاء على أراضي جنوب لبنان ومنابع المياه فيها أحد العوامل 
المشددة لخغزو' إسوائيل: لليداة :2171982 

اوإن اما "كان :يشمن بالجزام الأنني في اجلونها لبداق:..ما هى إلااحزان مات فداخل 
هذا الحزام الأمني يقع حوض الحاصباني بكامله نبعا ومجرى ... ويصب في بحيرة الحولة 
بعد أن يلتقي بنهر بانياس» ويقدر تصريفه السنوي ب 160 مليون م* ويبلغ معدل تصريف 
النهرين عند نقطة الالتقاء ب320 مليون م*” ويقع ضمن هذا الحزام أيضاً نبع نهر الوزاني 


ومجراه ان 


وبعد هذا الملخص السريع في هذا المبحث يتبين لنا مدى أهمية المياه كبعد وعنصر 
من عناصر الصراع في المنطقة» والذي كان محور المطامع الصهيونية في الأراضي 
العربية ومياهها . 


(1) انظر المياه العربية بين خطر العجر ومخاطر التبعية / عبد الله مرسي العقالي ص 77 . 
)2( المصدر السابق ص 77 . 
(3) حرب المياه من النيل إلى الفرات / نبيل السمّان ص 140 . 





2341 


وي 


الخاتت ع4 


وقد قسمت هذه الخاتمة إلى ثلاثة أقسام تتمثل في : 
أولا: ملخض :البح 

ثانياً: النتائج 

ثالثاً: التوصيات 


أولاً: ملخص البحث 
وقد كسمت هذه الدراسة إلئ مُقدمة وتمهيد ؤستة فصول وخائمة: 
المقدمة: ذكرت فيها كلمة موجزة عن الماء وأهمية الموضوع وبواعث اختياره وبينت 
أهداف البحث وتحدثت عن الجهود السابقة في الموضوع ثم منهج الباحث وطبيعة عمله في 
البكث .: 
التمهيد: تحدثت فيه عن صفات الماء العلمية (الكيميائية والفيزيائية) وذلك لتكون تمهيدا 
علمياً لما:سيزد :من مباحث تتطلت: فهم مسبق .لهذه الصفات :. 
أما الفصل الأول: وقد سميته أهمية الماء والمحافظة عليه وقسمته إلى مبحثين : 
المبحث الأول: أهمية الماء وقسمته إلى ستة مطالب المطلب الأول الأهمية الشرعية و تناولت 
فيها ستة أغراض : 
أولا: أنواع المياه من ناحية شرعية وتحدثت فيه عن الماء الطهور.ثانيًا: الوضوء وتحدثت 
فيه عن آية الوضوء في سورة المائدة . 
ثالثًا: الغسل وقد تناولت فيه فرضن الغسل في.سورة التساء وقارنت بينها :وبين آية الوضوء 
في سورة المائدة. رابعًا: التيمم وتحدثت فيه عن آيتي التيمم في النساء والمائدة أيضاً . 
خامسا: طهارة الثوب وبينت فيه رأي العلماء في سورة المدثر (وَتْيَابِك فطهّر) (1) 
سانها #ضناةة الابسقاء. 
المطلب الثاني الأهمية الاقتصادية تحدثت فيه عن الأهمية الاقتصادية في الماء من خلال 


ثمانية أغراض وهي: 


(') سورة المدثر:آية / 4 





202 


أولاً: التجارة ثانيًا: الزراعة ثالقًا: الثروة الحيوانية رابعًا: الثروة السمكية خامممًا: الحلية 

واللؤلؤ والمرجان سادساً: الملح سابعاً: المواصلات البحرية وثامناً: الكهرباء والسدود. 
ولقد ذكرت في هذه الأغراض شواهده من الآيات وفسرتها حسب ما يقتضيه البحث 

مع الاستعانة ببعض العلوم الأخرى حسب طبيعة كل غرض . 

المطلب الثالث: الأهمية السياسية والحربية فقد تحدثت فيه عن: 

أولاً: الماء من ضرورات المعركة وبينت فيه مدى أهمية الماء وحاجة الجند له في المعارك 

الحربية. ثانيًا: موانع حربية طبيعية وتحدثت فيه عن الماء وكيف يلعب دوراً هاماً كمانع 

طبيعي أمام الجيوش في التاريخ القديم والحديث . 

المطلب الرابع: بالأهمية الاجتماعية تناولت فيه أهمية الماء في تكوين المجتمعات ونشأة 

الحضارات حوله ومدى حاجة المجتمع إليه من خلال غرضين: 

الأول: حاجة المجتمع للماء. الثاني تجمع الحضارات حول الماء . 

المطلب الخامس: بالأهمية الطبية بينت فيه أهمية الماء في مجالات الطب من علاج كدواء 

وكطب وقائي وأثره على صحة الإنسان إن كان بشربه أو الاغتسال به . 

المطلب السادس: تحت عنوان الشرب والسقاية حيث أوضحت فيه مدى أهمية الماء في 

الشرب للإنسان وسقاية زرعه وبهائمه . 

وبعد الحديث عن أهمية الماء ومجالات استخداماته بينت في المبحث الثاني الذي جعلت 

عنوانه فساد الماء وطرق حمايته ليدل العنوان على محتوى المبحث الذي قسمته إلى ثلاثة 

مطالب: المطلب الأول: وبينت فيه أسباب فساد الماء وطرق تلوثه المختلفة المطلب الثاني: 

فقد شرحت فيه المضار والمخاطر الناجمة عن تلوث الماء بصوره المختلفة ثم أنهيت المبحث 

بمطلب ثالث: ذكرت فيه طرق حماية الماء والمحافظة عليه . 

الفصل الثاني: بعنوان مصادر الماء وأقسامه في القرآن الكريم وقسمته إلى مبحثين: 

المبحث الأول: جعلته في مصادر الماء والذي قسمته إلى مطلبين تحدثت في المطلب الأول: 

عن تفجير الماء من الأرض من خلال ثلاثة أغراض: الأول: العيون الثاني: الأنهار الثالث: 

الآبار وأما المطلب الثاني: فقد تحدثت فيه عن المصدر الثاني للماء وهو إنزال الماء من 

السماء وذلك في الأغراض التالية: الأول: السحاب بأنواعه وأشكاله وأسماته والثاني: البرد 

والثالث: الغيث والرابع: تناولت فيه الحديث عن الوابل والطل ثم خامساً: ختمت فيه المبحث 

الأول بالحديث عن الأودية . 

والمبحث الثاني: تحت عنوان أقسام الماء في القرآن من حيث العذوبة والملوحة »وقسمته 

إلى مطلبين:الأول: جعلته في الماء العذب:من خلال مجموعة من الأوصاف التي وصفها 

القرآن للماء العذب وهي: الأول: العذب والثاني: المعين والثالث: الغدق والرابع: الفرات 


213 


والخامس: المبارك والسادس: الطهور. ثم ختمت المبحث الثاني بالحديث عن المطلب 
الثاني: الماء المالح »بينت فيه الأغراض التي جاءت في البحار والمحيطات وفصلتها حسب 
معانيها الواردة في آياتها. 

أما الفصل الثالث: المسمى الماء بين النعيم والجزاء في الدنيا والآخرة فقد قسمته إلى 
مبحثين: المبحث الأول: تحدثت فيه عن الماء نعيم وجزاء في الدنيا. والمبحث الثاني :الماء 
نعيم وجزاء في الآخرة بينت نعيم أهل الجنة وماءها وعذاب أهل النار وماءها. 

ولما كانت آيات الإعجاز العلمي في القرآن كثيرة فقد أفردت الفصل الرابع: من هذا البحث 
للإعجاز العلمي في آيات الماءء وقد قسمته إلى: تمهيد وخمسة مباحث: بينت فيه كلمة 
موجزة معنى الإعجاز العلمي ثم المبحث الأول: في علم الأحياء وفيه أربعة مطالب والمبحث 
الثاني: في علم الطب وفيه أربعة مطالب والمبحث الثالث: في علم الزراعة وفيه خمسة 
مطالب والمبحث الرابع: في علم الأرض وفيه خمسة مطالب والمبحث الخامس: والأخير في 
علم الجغرافيا وفيه سبعة مطالب وقد بينت في هذا الفصل مدى الإعجاز العلمي في آيات 
الماء والإشارات القرآنية وسبقها العلوم الحديثة في هذا المجال . 

أما الفصل الخامس: أسميته الماء في المثل القرآني تحدثت فيه عن مدخل في المثل» ثم 
عشرة مباحث: المبحث الأول: بعنوان لا حد لكلمات الله ولا نهاية والمبحث الثاني: في حال 
المنافقين والمبحث الثالث: في الحق والباطل والمبحث الرابع: عن قسوة قلوب الكفار من بني 
إسرائيل والمبحث الخامس: في أعمال الكفار كسراب والمبحث السادس: في دعوة الحق 
ودعوة الباطل والمبحث السابع: عن المرائي المانَ بصدقته والمبحث الثامن: في المؤمن 
المنفق في سبيل الله والمبحث التاسع: في مثل الحياة الدنيا والمبحث العاشر: جعلته في أمثال 
من السنة في الماء . 

وقد ختمت الفصول بفصل سادس عن الصراع على الماء وجعلته في ستة مباحث: المبحث 
الأول: نظرة تاريخية والمبحث الثاني: آيات وأحاديث الصراع على الماء والمبحث الثالث: 
في المياه العربية عامة والفلسطينية خاصة والمبحث الرابع: عن الصراع على الماء وأبعاده 
الدينية والسياسية أما المبحث الخامس: فكان بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في 
قضية المياه وختمت الفصل بالمبحث السادس: الذي بينت فيه حقيقة الصراع في المنطقة 
والذي من أسبابه المياه . 

ثم خاتمة الرسالة وختمتها بالنتائج والتوصيات؛ ثم جعلت فهارس علمية للرسالة فهرس 
للآيات وآخر للأحاديث وثالث للمراجع ورابع للموضوعات . 


2104 


ثانيا: النتائج 

وفي ختام هذه الرسالة أضع النتائج التي توصلت إليها من خلال دراستي لموضوعها 

[ الماء في القران الكريم دراسة موضوية ) وهي كالتالي: 

1 - أن الماء قد حاز مساحة واسعة في آيات القرآن الكريم . 

2- أن القرآن ذكر صور الماء وأشكاله المختلفة بالإجمال والتفصيل لبعض الظواهر 
العاف + 

3- أن القرآن أبرز أهمية الماء من النواحي التالية الشرعية والاقتصادية والطبية 
والحربية والاجتماعية والشرب والسقاية . 

4- حثت الشريعة الإسلامية على الحفاظ على الماء من الفسادء والاقتصاد في استهلاكها. 

5خنييق القر أن معدائز الما السماردة والحوفية: 

6- وفرق القرآن بين الماء العذب بأوصافه والملح بأوصافه» وما في كل منهما من 
منافع. 

7- وضح القرآن كيف أن الماء كان في الدنيا نعمة لقوم ونقمة لقوم آخرين وكذلك في 
الكخز كان كع لأمل» الحنة وهذايا افك التان: : 

8- لقد أشار القرآن إلى الإعجاز العلمي الموجود في الماء من خلال دخوله في علوم 
شتى منها علم الأحياء وعلم الطب والزراعة والجغرافيا والجيولوجياء بإشارات 
57 

9ك إق القر أن ضتوي الكبكنة :والمنا مدننا الموامتيو هزه خلال تقذ لامكال" البليعة.: 

0- إن الصراع على الماء قديم . 

1 - أن حقيقة الصراع في المنطقة من أسبابه الماء . 


ثالثا: التوصيات 
1- الاعتناء بالدراسات القرآنية الجادة ولا سيما التفسير الموضوعي لمواضيع 
القرآن . 
2- الاعتناء الجاد بالمياهء فهي عصب الحياة وذلك من خلال : 
أ- المحافظة عليها من أسباب التلوث . 
ب- المحافظة على قطرة المياه من الهدر والتلف والضياع بالإسراف وخلافه من الأساليب 
الضارة . 


2015 


ج- التمسك بالثروة المائية وعدم التفريط بها أمام الحملة الصهيونية عليها في فلسطيننا 
الحبيبة. 
ء- محاولة إيجاد وسائل أخرى للحصول على قطرة الماءء مثل: التحلية من البحر وغيرها . 
3- الأمة العربية مطالبة بالمحافظة على مواردها المائية والتمسك بحقها ولو 
اضطرت للمقاتلة دونه . 
4- إفراد دراسة جادة علمية لقضية المياه الدولية دراسة مقارنة بين الشريعة 
والقانون الدولي . 
5- إفراد مشاهد الماء في القرآن وما تشكله من لوحات ناطقة ببلاغتها وألوانها 
بدراسة علمية جادة منفردة» لما للموضوع من اهتمام قرآني كبير . 
6- الاعتناء بالبحار وما فيها من ثروات تشكل الأمن الغذائي للعالم في المستقبل. 


316 


بك 11011 


561037 عتتااعء[0 مث :نال 10177 عط ما معنهة/11 ' لعاأخمء 15 اعتوعوع] ولط 1" 
5 01 1720113166 ع1 .اعلة77 10 تاع1اع1 أقطا 7155 21ة11ا0م) عط 5ع15اهء1015 ]1 
01 تع «الطتتم عطا له ع7011057710 0117211 عع2ة01 محا عطا مام دع كلمعل عامما 
طة 5ع110آعط1 561037 عط 1 .هتنا( 17م عطا ما غ73 غتامطة علوعم5 طاعتطن؟؟ وعواع1 
ع ,12001161101 عط 0[ .102كتتأعدمه له 5اعأمقاء :1د ره 1اع 11100 

0 ,56110165 2161710115 عطلا رعام0] علا 01 ععطهة1ه0محط!ا عطا ما واعاع] تعطعتوعوع]1 
01 1165طوع1 ع1اتمعاءة5 عط حطهة 122119عع6م5 ع1مم1 قلطا عمأاوممطاء 01 كممددوع]1 
1777011 

,6001131157 ,51011517 1اع1 0177211 0113266 ممطا عط 5وع155اء015 عمه تتعأام قطن 
75 15 320 11565 115 12111165 ]1 طعط 1 .5012117 320 ,1]311157[تمط ,تالدع 1 لعطط 
©1012 ]1 ع8 مامعععا 01 

1 2017 عط 1 77211 01 دوع تتطوع1 نه 5عم157 عطلا دع هاه 586 تأعام هقطن 
لمطة 121عصطاحط عطا دعمتتاعما كتلط 1 .131110 ع3 تاعتهة77 01 و5عع50101 عطلا عرع]1 
.77211 52167 

عطا له ه111 0337 عطا ما قطاودع51 2 5ه تتعتة17 ما واعاع1 ععقطا عام هقطن 

10111 320 06001 عحاه؟ 101 ع ملووع1 2 1705 1311 ,1516011211597 .اع لكوع عط 
عطا ما عطادوع01 2 35 0ع1ع02510ء 15 غ1 موع1عط/1ا ,ع1 التامطع تامغطا وتعطاه 101 
01 0337[ عطا طلا :111 [اعط عطا ما 5أع12110 عط 101 عتل 1م لمنه 22132015 

لال 

1 1017 عط ا اعكة77 01 قاعءم5ة ع1أمعلء5 عطا دوع30215:5 نتندم1 عا م هط 
و111نا 2811 ,عطاع 1 لعطط ,تع 51010 :وععمع 51 01 وعم5] 115 واع:0017 5ل 1" 
.5180157 560 320 ,56010897 

أعطع5631ع1 علطا عناع11] .21011 1131ا0) عطا 16 17211 05 اعمط عك تعامقط0) 
عط !' .اع الدع عط لطلنة غ111 7617037 ما اع1ع1 لأعلط؟؟ وطتاء1017م عطا 10 واع1ع]1 

عكلنا عتتة طعتط؟ رماع لصا 01 5اعة عطا له متتوعط 1*5اع512] تمدظ 01 طأاع مع ناد 
.5 ع3 770105 و”طذلاكى أقطا أعد1 عطا 0 مكلهة 5تعاع] تتعامهطاهء عط 1 .عع121128 
101 1215 .011131) 1019 عط 1 تعغة:17 02 غأه111ده0ء عط زه دعكتاعم1 عتزد تعام هط 
لومخ عط 5ع55ناء015 3150 تاءعأمقطء عط ]' .آعم05©) عطا ما 159لوع15]011ط 0ع20] 15 
5 1311171115 :0311111131 12 7311 لله ملاوع 221 عطلا ممه 121عمعع 1 تتعتة171 
أكاع2 عطا أقطا لع 1تتهاء 15 غ1 توالهماط .أصلمم خنطا ما تتعاع؟ طاعتط؟ ركط 2016 ممه 
.17311 02 ع6 7111 :1701 

30 ,1251015 رحاعتوء5ع1 عط 01 (217:2177تاد 2 10111065 51ت[ عدم عط 1" 
11105 


2317 


الههارصس 
أولاً: فمرس الآيات 
كأنياً: ففرهن الأحانتييم 
فالثاً: فهرس المراجع 





هما إحه إلى (مهن 


10 
11 


12 
13 
14 
15 


16 








2318 


أولاً: فهرس الآيات 


الاية 





رقم الاية 


ومن الثاس من يَقُول َامَنَا ... إن اللّه 
على كل شيء قدي 

في قَلُوبِهمْ مَرَض فَزَادَهُمٌ اللّهُ مَرضاً 
فمَا ربحت تجارتَهُم 

مَتلُهُمْ كمَتل الذي استتوقد نار ... إن الله 
على كل شيء قدير 

أو كصَيّب من السسّماء فيه ... 

يكاذ البرق وخطف أنضارف 

ل من السنّمّاء مَاءَ 

يَابَني إسترائيل اذكروا نغمتي ... وأغرقتا 
ءال فرعن وَأَنتمْ تنظرون 

وذ قرقنا بكم ار مي 

وَظَللنا حليكر: الجمامه:. 


وإذ اس 8 موس 


فااغ لَنا رَبك يُخرج لنَا ... 

ولَقَدْ عَلمُتمُ الذي اعْتدَوا ... 

ها در ول بن 

كالحجارة .. 

اريم الرياع والستحاج لخر 





20-8 


10 
16 


20-7 


19 
20 
22 


50-7 


30 
537 
60 


61 
65 
71 
14 


164 








4 


الصفحه 


256 


2356 


2600-2 
216 


128-88 
2061 


118 
164 


لها 

116 
-151-91-87-86-21-0 
332-66 

27 

149 

214 


268-228- 4 


-144-143-109-23-2 
196-66 




































































17 
18 


9 
20 
2 
2 
23 
24 


25 
26 
27 


28 
29 


30 
31 


32 
33 
34 
35 
36 
37 
368 
39 








2019 


لمن عليكم بجاح أن د 

ومن الثاس من يُعْجِبْكَ قولة... وَاللَهُ لا 
يُحبُ الفسّاد 

ولا يُحيطون بشيء من علمه إلا بمَا شاء 
لله ولي الذين امنواا.بن.: 

مكل الّذينَ يَُفقُون أَمْوَالَهُمْ في ستبيل الله ... 
وَاعلَمُوا أن اللّهَ غنيٌ حمية 

ايها الذين امنوا لا تبُطلوا صدقاتكم 
إلا أن تكونَ تجارة حاضرة .. 





سورة آل 
قد كَانَ لَكمْ آيَةٌ في فتَتَيْن 
أن يروك إلا أذئ وإن يُقائلُوكم ... 


وما الحَيَاة الدُنيَا إلا مناغ الغرُور 

إن في خلق السّمَاوَات والأرْض 

واختلاف... فقنَا عَذَابُ الثار 
سورة 

وَمَن يُطع الله وَرُولَة يُدْخلّةُ ... 

إلا أن تكون تجارة عَنْ تَرّاض ... 

ولا جُنبًا إلا عَابري سسبيل ... 

مَا أُصابَك من حَسَنَة قمن اللّه... 

كان بكم أذ من مَطَرٍ 

مُنَبدَبِينَ بَيْنَ ذلك لا إِلَى هؤلاء 

إن المُنافقينَ في الدّرك الأسفل 





18 
-4 
205 
222 
249 
255 
2537 
261 
-21 
207 
204 
265 
252 


13 


-1 


112 
1685 


0- 
191 
النساء 

13 
29 
43 
65 
79 
102 
143 
145 








24 
151- 3 


208-45 
104 


249 
200 

2 
209 


279- 4 


283-213- 4 


22 


330 
326 


267 
143 


167 
22 


210-15-17-13-4 


3299-7 
37 


118 
256 
235 






















































































40 
41 


12 
43 
04 
45 
46 
17 


48 
49 
30 
51 
5 
53 
54 
55 
56 
537 
56 
59 


60 
61 


62 
63 





3130 


سورة 
د 6م 
يَايُهَا الذِينَ َامَنُوا ذا قمَتَمْ إلى الصّلاة 
وأنزلنا إِلَيِكَ الكتاب بالحق مُصدقاً .. 
من لَعنَهُ اللّهُ وَغضب عَلَيْه .. 
وَاللّهُ لا يُحبُ المُفسدينَ 
لذ أ هد أقَامُوا التوراة والإنجيل .. 
ايها الذين ءامنوا لَيَبْلُوتكمْ .. 
أحل لَكَمْ صَيْدُ البَخر وَطَعَامُةُ 
سورة 
وَمَا الْحَيّاة الدنيًا إلا لعب وَلَهْو وكلدار' 
وما من دَابّة في الأرض ولا طائر 5 
بل إِيَاهُ ناعون فيكشف ما تذعغون 
وعندهُ سخ اليب . 
قل من يُتَجَيكُمْ من ظَلْمَات الْبَرٌ وَالْبَخْر 
شرابٌ من حميم 
إن اللّهَ قالق الْحَبّ وَالنَوَى 
وك الاك كع لكم الحدوم 
ومن الذخل من طلَعها .. 
وهو الذي أنشأ جنات مَعْرُوشات .. 
ومن الأّنعام حَمُولَة .. 
َمَائيّة أزواج من الضّأن ... لا يعدي 
اَم الظالمين 
قل لا أجد في ما أوحي إِلَيّ .. 
وَأَنّ هذا صراطي سنتقيماً فاتبعوة .. 
سورةا 
َا بي آدمَ خذوا زينتكم عند كل سَنجد.. 


قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبّاده 


المائدة 
1 
6 


48 
00 
04 
66 
94 
596 
الأنعام 
22 
38 
41 
59 
63 
0 
95 
577 
59 
141 
142 
3- 
144 
145 
1533 
لأعراف 
31 
22 








33 


15-13-11 
210 
330 


149 
151 
105 
149 
144 


267 

3130 

215 
145-99 
153 

1656 

217 

146 

27 


155-7 


156-3 
33 


143 
200 


81-8 
257 


-208-155-17- 




























































































64 
65 
66 


67 
68 
69 
00 
71 


2 
173 


14 
15 
16 


7 


7 
79 
580 
81 
582 


53 











3531 


وتادى أُصْحَابْ الأعْراف رجالا ... 

وتادى أَصْحَابْ الثار أُصحاب الجنة ... 

ولا تفسثوا في الأرض بعد إصضلاحهًا 

0 

وَهُوَ الذي يُرسل الريّاح بُشرًا ... 

تاولا سكو في« الأررض: 

زو أن :اهل الدر ف ب 

قَالوا أوذيتا من قبل أن تَأتِينَا... 

ولقذ أخذنا ءال فرْعؤن بالستنين ... 

وكانوا قوم مُجْرِمينَ 

وجاوزنا بَني إمترائيل البَخْرَ ... 

كنا لَهُ في الواح من كل ثنيء 

من طني عونا جل 2 

وَأُوْحَيْنا إلى مُوسَى إذ امتتمتقاة ... 

وَاسْلَهُمْ عن الْقَريّة التي كانت حَاضرة 
سورة 

ويُتزل عَلَيْكُمْ من المنّمّاء .. 


سورة 


كيف وإن يَظَهَرُوا عَلَيكُمْ لا يَرقبُوا 

َهُمْ فيهًا نعيمٌ ميم 

وتجارة تخشؤن كسادَها 

المُتَافقُون وَالمُتَافقات فا 

ل الله اشترى من الْمُوْمِئِيْنَ أَنَفسَهُم 


وَأَمُوَالَهُمِ 


لهُمْ شاب من حميم 











48 
30 
56 


517 
55 
56 
129 
-0 
123 
138 
143 


148 


160 
163 


الأنفال 
11 


111 


ة يونس 











118 
02ظ]1 


77-0 


2333-2 
81 


-5 
52 


-02 


149-02 
30 


150-6 
91-87-0 
148 


-156-155-140-19-5 
2111-0 


329-5 
167 


22 
235 
1/3 


1858-6 
















































































54 
55 
56 
57 
58 
59 


50 
91 
52 
563 


94 
05 
96 
07 
598 
99 


100 
101 
102 


103 
104 
105 
106 
107 














23532 


هْوَ الذي يُسَيْرُكُمْ في الْبَر وَالْبَخر ... 
لما أَنَجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغونَ في الأرض 
ِنَمَا تل الْحيّاة الكُنيَا كَمَاء أَنَْلتاه 
وجاوزتا بيني إسئرائيل الْبَخْرَ ... 
يَرَؤا العَدَاب الأليم 





22 
23 
24 
5240 


97-6 


سورة هود 


وأن اسنتغفروا ربكم ثم تُوبُوا ... 

أنه أن يُؤمن من قومك إلا ... 

واصنتع الفلك بِأَعَيْننَا ... 

إن تسخرُوا ما فإنا نسْخرٌ منكم ... يحل 
حَتَّى إِذَا جَاءَ أُمْرنًا وَقارَ ... 

وهي تجري بِهِمْ في مج كَالْجبَال 

قال سآوي إلى جبل 0 

وقيل يا أرض ابْلّعي مَاءَكَ ويا سَمَاءُ .. 
ويا قؤم امنتغفروا ربكم ... 

ويا قوم هذه نَاقَة اللّه لَكُمْ آي 0 


وأخنوا يكوه في بعيانة الخد 
وَجَاءَت سيّارة فأرسلوا ... 


قال تَزرَعُون سَبْعَ سنين 


سورة 


وَهْوَ الذي مد الأرض 

1 الذي يُريكم ال كو فاه 

َدُدَعْوَة الحق والّذينَ يَدْعُونَ ... 
أنزل من السسّمَاء مَاءٌ فسالت ... 

للذين اسْتَجَابُوا لربّهم ال 











3 
36 
37 


39-8 


40 
012 
413 
04 
52 


65-4 


ة يوسف 


15 
19 
47 


الرعد 


12 
14 
17 
18 














1/3 

153 

1658 
2885-6 
147 

563 


105 
158 
158 
158 


158 


160-95 
160-95 
160 


106-0 
311 


1058 
108 
27 


319-103-7 
111 


215 


263-230-131-3 
266 




























































































1058 


109 
110 
111 
112 
113 


114 
115 
116 


117 


118 
119 


100 


121 
122 
1/23 
14 


125 
126 
127 
128 
129 

















233 














تل الْجنة الّتي وعد المُتُونَ تَجري ... |35 
سورة إيراهيم 
ويُسْقى من مّاء صديد 
مَل الذين كفرثوا برهم أحمَالَهُم 7 
وقال الشيْطان لَمّا قضي الأَمْرُ إنَ اللّهَ |22 
وخر لكم الفلك لتجرِي في ابر |32 
ركااني امكحاس شك 37 
سورةالحه بجر 
وإن من شئاء إلا عندنا .. 21 
وأرّسلنا الاح لواقح 22 
إن المَقِينَ في جنات وَغْيُون 45 
سورة النحل 
وَالأنعَامَ خلقَهَا لَكُمْ فيهًا دفء ... ويَخلّق | 8-5 
مَا لا تَعلَمُونَ 
وتحمل أَْالَكم إِلَى لد َمْ تكونوا بالغيه 71 
7 الذي نول من السسّمّاء مَاءَ كم منة 10 
شرَاب ومنةُ شَجَر فيه تسيئون 
وَهْوَ الذي ستخر البَخرَ لتأكلوا منة  ...‏ |14 
وَألَقَى في الأرض رواسي .. 15 
وَإِن تَعُْوا نعْمّة اللّه لا نَخْصُوهَا .. 18 
كن فيكون 40 
وَاللّهُ جَعل لَكُمْ من بيُوتكُمْ سَكنًا .. 50 
سورة الإسراء 
ْبْحَانَ الذي أمترى بعبْده لَيْلاَ من .. 1 
إن مدر ين كانو أ إخو 3 الشيّاطين .. 27 
وَمَا منَعنَا أن نرسل بالآيات .. 59 
هذا الذي كرت عَلَيَّ .. 602 
بُكُمْ الذي يُزاجي لَكُمْ الفلك في الْبخر ... | 66 




















246-09 


0آ]1 
0آ]1 
144-02 
598 

56 


224 


234-220-7 
1/2 


34 


35 
68 


-144-43-156-36-30-3 
156-45 


103-99 
34 


252 
34 


325 
81 
311 


144-11 
145-160-43-3 

























































































1130 
131 
132 
133 
134 
135 


136 
137 
138 
139 
140 
141 


12 


143 


1044 


143 


146 


147 


148 


149 
للها 


151 

















2354 


وَِذا مَسَكُمُ الضبُرُ في الْبَخْرِ ... 


وقل جَاءَ الحق وزّهق الْبَاطل 
ويَمأونكَ عَن الروح قل الرئوخ ... 
وقالوا 6 نؤمن 57 


أو تكون لك جنة من نخيل وعنب .. 





سورة 
وقل الحق مز ربكم 1 
أو يُصْبِحَ مَاوْهَا را ... 
وَيَوْمَ يقُول نادوا شركائي الذين 
وَإِذ قال مُوسَى لفتاه لا أَبْرَحْ 
قن بنجت يتا ...من سق 
هذ نضنا 
كال أرايت رذ أريا إلى المتدرة 
أمّا السّفيتة فكَاتت لمَساكين ... 
حَتَّى إِذَا بَلَعْ مَغْرِب الشمْس ... 
قالوا يَاذَا الْقَرتيْن إن يَأَجُوجَ ... 
قال نمكي فزة كي حدر ...وما 
امنتطاغوا لَهُ تقبًا 





7 لو' كان اليَحر” مَذاذًا لكلمّات رض 


607 
70 
9 
85 
90 
91 

الكيث 
29 
39 
41 
52 
00 


62-1 


63 
79 
586 
04 


96-5 


109 


سورة مريم 





يحول 





فاضترب لَهُمْ طريقاً في البَخر يَبَسآ... 
سورة 
وَجَعلنَا من المَاءِ كل شنيء حي أقلا 


539 
ة طه 
533 
7 
الأنبياء 
30 





يُؤمنون 

















275-153-5 
151 


262 
2230 
52 


2229-7 


191-88 
160 


225 
1656 
146 


147-0 


147 
144 
90 
45 
45 


249-0 


185 


220-99 
146 


ح-202-201-155-21-1- 
225-224-09 

























































































152 


153 
14 
زهزهاا 
156 
1537 


158 


159 


160 


161 


162 


163 


164 


165 


166 


167 


1658 


169 


10 


1/1 

















355 





وَأَيُوب إِذْ نادى رّثة ... وذكرى للعايدين 
سورة 

وتوف الار سن امد فإذا أزر لكا علذهاءب: 

ذلك يان اللشكو الحق +3 

يُصباُ من فوق رعوسهم ١‏ لحميم 

وَالْبُدْنَ جَعَلَاهَا لَكُمْ ... وبشر الْمُحْسنِينَ 

فكأَيّنْ من قريّة أهلكتاها ... 





84-3 
الحج 

5 
6 


19 


37-6 
4 


سورة المؤمنون 


ولق خلقنا الإنسّان من سئلالة من طين 
وأرنااين الشافيهاء بال به ٠‏ 
وَإِنَّ لَكُمْ في الأنعَام ... وَعَلَى الفنْك 


تاجات )ل أن لل عع واتبط عق ا ا 
وجعلنا ابن مريم وأمة ءايَة ... 





سورة 
مَل نوره كمشكاة فيهًا مصنبَاح 
في بُيُوت أذن اللَّهُ ... بعَيْر حساب 
وَالّذينَ كقَروا أَعْمَالَهُمْ كَسَرَاب ... نورا 
مَالَُ من تور 


الداع الله زتهي كاتا 





واللة حاو كل ةمزا ماد 


12 
18 


22-21 


530 
النور 
35 
37-6 
39-8 


43 


4 


سورة الفرقان 


وَهْوَ الذي أرسل الرّيّاح بُشرًا ... 
لنخيي به بَلدَة ْنَا ونسسقيّة .. 


الذي انسلف لمر كيو ارظن 


وَهُو الذي مرج البحرين :هذا حَذَي فرّات 





درك التي يكيل فى التساء وكا 


48 
49 

2 
53 


61 


سورة الشعراء 

















62 


219-200-7 
219 


157 
33 
1058 


200 


238-22-4 
35 


136 


231 
202 
200 


130-126-113-47-4- 
240-247-235-6 
ح-201 


233-139-55-32-8 
55-32-7 

202 
-141-233-134-67-0 
238 

]52 






















































































1/2 
1/3 


1/4 
1/5 
1/6 
177 
1/8 


1/9 


0ظ16 


1651 
2ظآ1 
163 


14 
185 
1656 


157 
158 


1659 
0آ[1 
101 
02ظ]1 
103 





2356 


... وكنوز ومقام 
...إن ربك لهو 


وَأُوْحَيْنا إلى مُوسى 
لعزي لواحي 

قال كلا إن معي ري متيئدين 
وَأُوْحَيْنا إلى مُوسَى .. 

الذي هو يُطعمني ويسلقين 


مَاهَاهنا مين ...في جناك وطلون 


فال مذي ناقة. ليا كرابن 


56-2 
66-0 


62 
63 
179 
123 


-16 


147 
1535 


سورة النمل 


د ينا يف كه لا 
أَمّنْ خلق السّموات والأرض وأنزل.... 
أَمّنْ يُجِيبْ المُضْنْطر إِذَا دَعَاهُ .. 
وس يُرسل الريّاح بُشرا .. 

سورةا 
ولكا وك فاء قدين 
وَابتَْ فيمَا آنَاكَ اللّهُ الدَارَ الآخرة .. 


24-02 


60 
62 
63 
اللعيمان 
23 
24 
7 


سورة العنكبوت 


فلبث فيهح ألف سمنة إلا .. 
وماتكد ها الحا للش بالا لير لعا 


سورة 


ظهّرَ الفسَادُ في البَر وَالبَخر .. 

ومن ءَايّاته أن يُرسل لياح مُبشرات 0 
للَُ الذي يُرّسل الرتباح فتئير قر سانا 
وإ كانوا من قل أن يتل عله .. 
قانظر' إِلَى دَاثَار رَحْمّة اللّه كيف .. 


14 
64 
الروم 
41 
46 
48 
49 
50 








162 
1633-1 


51 
146 
67 
504 
504 


3322-1 


166 


2185-6 
215 


1533-1 


314 
314 
267 


1537 
267 


151-02 
233-145-121-3 
233-126-111-110-4 
121 


121-7 

























































































104 
كك 
106 
17 
108 
109 


200 


201 


202 


203 


204 


205 


206 
207 


208 


209 


210 


211 
212 




















3537 


سورة لقمان 


وأنزلتا من المنّمَاء مَاءَ فأنبتتا... 
هَذَا خلق اللّه فأروني ... 
ألد دروا أ الله تبحر لكرد..؟ 
ول أَنمَا في الأرْض من شجرة .. 
أل أ القلك تجري في البّخر ... 
يرل الْعَيِثْ 
سورة 
أوله يرو أذ شوق المكاة الح الار سن 


سورةا 
انما ري الله ابذهم عتكد نه 
سسول 
واسلنائلة بعرم القطر 
لقذ كان لسبّا في كي د 
فاطر و ا فارسلنا عَلَيْهمْ متيل الغر م 


10 
11 
20 
27 
31 
34 





السجدة 
2 





لأحز اب 
33 





سيا 
12 
15 
16 
19 





فَجَعَلَنَاهُمْ أحَاديث ومزقتاهم ... 


سورة فاطر 


الله الذي أرسيل الرفاح :فتتيرة سانا لاد 


وما يَسْتَوي البَخران هذا ... 


9 
12 





أله تر الله انول هرق الستقاء ما 


سورةيس 


وما أنزلنا عَلَى قومه من بَعْده ... فإِدَا 
هُمْ خامثون 

ول ل الأرشن المي الحيا ها 
وجرن فيها من الْعيُونٍ 

وجرن فيا من الُْونٍ 


34 
35 





أفلا يشكرون 




















220 
6 
257 


2251-9 
152 


195-119-68 


2286-6 


18 


91 
165 


165-66 
166 


2233-6 
-134-43-40-36-30-3 
238-145-3 

118 


159 


57 


94-0 
57 






















































































213 


214 
215 
216 


217 


218 
219 
220 


221 
222 


223 
224 
225 


226 
227 


225 
229 
230 
231 


232 


























2358 


الذي جَعل لكمْ من الشجر الأخضّر 


580 





سورة الصافات 


9 0-1 
بكاس من معين 
والدٍ 2 سجر مل ل 


مول 

واذكر' عَبْدََا أيْوب إِذ مَادى ربّة ... 
وذكرى لأولي الألبَاب 
اركض برجلك هذا مُعتَسلَ بَارِدْ وشَرَاب 
يعون فيا بفاكمة كثيرة وشراب 
أزوَاجٌ 

سورة 
وأنزل لَكُمْ من الأنعام تَمَائيَة واج 
لا أن الله أرق هنا امنا عاذ« 


45 
67 
146 





:ا ص 
43-1 


012 
51 


58-6 





21 





سورة غافر 


هُوَ الذي يُرِيكُمْ ءَايَاته ... 
الله الذي حل لك الارض 5 


عليْهَا وَعَلَى الفلك تخملون 


وَأُوحَى في كل سَمَّاء .. 


ومن ءَايّاته أنك ترى الأرض ... 


13 
64 
580 





.4 د كد 


12 
39 





سورة الشورى 


وَهْوَ الذي يََُل العَيْتَ من بَْد مَا قنطوا 
ومن ايّاته خلق السسّموات... 

وَمَا أصابكم من مُصيبّة فَِمَا كسبّت ... 
ومن ءَلاته اْجوَارِي في البَحرٍ كالأغلام 


28 
29 
30 
32 





سورة الزخرف 


وَجَعل لَكُمْ من الفلك والأَنعَام ما مَرِكَبُونَ 


12 





























28 


1785-6 


1885-6 
27 


156-2 


207-156- 4 
177 


1659 


32 
46-3 


122 
101 


144-3 


128 
200 


295-120-119-68 
57-2 

173 

143 


1443 




























































































233 
234 


235 


236 


237 


238 


239 


210 


241 
202 


213 


204 


215 


216 


2117 


258 
219 
2230 























2339 


والذي نزل من المنّمّاء مَاءَ بقدر... 
ونادى فراعون في قومه ... ولا يَكِادُ 


و و 





يُطّاف عَلَيهمْ بصحاف من ذَهَبِ وأكواب 
سورة 

وَاترك البَحْرَ رَهوا إِنَهُمْ جندٌ مُغرقون 

كُمْ تركوا من جنات وَعيُونٍ 

وتعمَة كانوا فيا فاكهين 

إن المُتقينَ في مَقَامِ أمين 0 





في جنات وَعَيُون 
سورة 
وما أتزل اللهُ من السسّمَاء من رزق 50 


الك الذي سحو لك المْكْر التكرئ النلنا 


وَسّخر لَكمْ ما في السَّمَوات وَمَافي 





سورةا 





لما رأوةٌ عَارضًا مُستقبل أواديتهم .... 


سورة 





11 
52-1 


711 
الدخان 
24 
25 
27 
51 
52 


الجاثية 


12 


13 


لأحقاف 
24 


محمد 


15 


سورة ق 


ود لاتير السسيا 6 2 ار كا 
ا ا 0 1 





حيزت 


9 
11-9 


سورة الذاريات 


فَالْحَاملات وقرا 


وفي أَنفسكمْ أقلا تببصرئون 





وفي السنّمّاء رزاقكم .... 


سورة 


2 
21 
22 


الطور 























55 
161-2 


1651 


147 


95-0 
520 


172-44 
504 


122 
145-3 


7 


117-5 


187-186-172-38 


138 
55 


115 


خ-145 
122 






















































































2531 
252 


2033 
254 
235 


256 


257 
235 
239 
200 
2061 
2062 


2063 
2604 
206 
266 
2607 
2068 
2069 


200 


2/1 
2012 














23060 


0 لا لو فيهًا ولا تأَثيمٌ ... 
ويَطوف عَلَيْهِمْ فلمان ليم كد 


23 
24 





سورة القمر 


فتَحْتا أَبْوَاب السّماء بماء مُنهمر 
وجرا الأرض غَيُونا 
وكملناة عَلَى ذَات لواح ودسثر 

سورة 
مَرَج البَخريين يَلتقيَانِ(19)يَهُمَا برخ لا 
يَخْرجٌ منهما الولو وَالْمَرْجَانٌ 
وَلَهُ الجوار المُنشآت في البَخر كَالأَعْلام 
يَطوفون بَيْنهَا وين حَميم ان 
ومن ذونهما جتان 


يَطُوف عَلَيْهِمْ ولدَان مُخَلدُونَ 

بأكوَاب وأبَاريق وكأس من معي 

وَظل مَمُدُود 

وَمَاء تكوب 

في النمويم وحمي 

َف رأَيتَممَا تَخرثون ... أَمْ نَحْنُ الزارغون 
غيم المّاء الذي تشرئونة :. أم ذخان 
المتزلون 

فيكم الناز التي كنورون :.. أمْ تخ 
المُنشئُون 

فنرل من حميم 

وتَصلية جحيم 


11 
12 
13 





20-9 


2 
24 
04 
50 
02 
66 





ة الواقعة 


17 
18 
30 
31 
012 
64-3 
69-8 


72-1 


93 
944 





سورة الحديد 














1/8 
1651 


595 


115-95 
29 


238 


37 


240-65 
0آ]1 
1770-9 
1772-0 
1770-9 


1651 


1785-6 
1/1 
1/1 
1537 


156-15 
234-114-38 


29 


1858-6 
158 

























































































2013 
24 


215 


206 
2_7 


215 


2009 


2530 
261 


262 


203 
264 


20 
256 
267 
2065 
2059 
220 
201 


























361 


كه عق رد 1 0 وو 
ألم يَآن للذين ءامنوا ان تخشع قلوبهم ... 





علطو ألم الك الا لسن لير ين 
سورة 
ضرب الله متلا للذين كفروا... وتجّنم 





من القؤم الظالمين 


سورة 


يَعلَمُ مَنْ خلق وَهْوَ اللطيف الخبير 





قل أَرَيْتمْ إن أصبَحَ مَاؤكمْ غوثرا ... 


سورة القلم 


34 





إن للقين عند رهم جذات الدنيم 


سورة نوح 


فلت امنتغفروا رَبَكُم إِنَهُ كَانَ غقارًا ... 
ويَجعل لَكُمْ أنهّارا 

كال لوج رين دوا دون الات 
وال نوحٌ رب لا تَذْرْ ... ولا يَلدوا إلا 


12-0 


23-1 
27-6 





فاجر! كفارًا 


سورة الجن 


16 





وأن لو امنتقامُوا على ... 


ة المدثر 


4-3 
4 





وثيّابلك فطهّر 


كَانَ مزَاجهًا كافورًا 

عَيْنَا يَشربْ بها عبَادُ اللّه ... 

لا يرون فيهًا شما ولا زمْهّريرًا 
كانت قوَارير(15)قوارير من فضّة 
مِزَاجُهًا زتجبيلا 

عيْنَا فيهًا تَسَمّى سلسبيلا 


ة الإنسان 


13 
16-15 
17 
18 
19 





ويطوف عليْهم ولدان مُخلدون 


























2068 
293-119-68 


216 


220-202-5 
2228-0 


167 


105-0 


1537 
1537 


104 


18 
241-210-155-8 


1/8 


170-167-90-6 
169 

181-8 

179 

17 

181 

























































































202 


203 


204 
205 


236 


207 


208 


209 


300 


301 


302 


303 


304 
305 


306 


307 


























23062 


وَسََاهْْ ريهُمْ شرابًا طهُورا... 


21 





بسورة المرسلات 


لمْ تخلقَكم من ماء مَهين... إلى قَدَرٍ 
مَعلوم 
وَجَعلنَا فيهًا راسي شامخات .. 
إن المُتقينَ في ظلال وَعْبُون 

امسسحول 
وأنزلتا من المُعْصرات مَاءَ تَجَاجَا 
لا يَدُوقُون فيهَا بَردَا ... حميمًا وَعَماقا 
وكأسًا دهاقا 


23-0 


27 
41 





ة النبأ 
14 
25-4 
34 





سورة الناز عات 


أت أقة حلا أ اسان اها 
مَُاعًا لكذ و لأتعامكه 


33-7 





سورة عبس 


فيظن الإنستانة ال اكلعاههان تداق 
لا فشا ما مشناا م ماعنا كر 
والأنائكم 


وإذا البحَار مجرت 


31-4 
32-5 





ة التكوير 


6 





سورة الانفطار 


وإذَا البحارٌ فجرت 


3 





سورة المطففين 


كرفا ف خودي شار لدم 
المُتنافئون 
ارالك من ميم 

سورة 
ير الإنسان مم خلق... يوم بنَى 
السّرائر” 


24 
26-5 


27 
الطارق 
9-5 





























177-67-0 


205 


67 
1/2 


127-14 
16569 


1/8 


226 


26 


2168 


202 


2012 


167 
1/9 


1/9 


205 



















































































308 


309 


310 
311 


312 


313 

















363 


وَالسسّمَاء ذات الرّجع(11)والأرض ذات 
الصاع 





12-11 


سورة الغاشية 





تصلّى تارًا حاميّة(4)تستقى من عَيْنِ ءانيّة 

سورة 
اقرأ باسئم ربّك الذي خلق 
سناع الزّبائيّة 





سورة الهمزة 





وَيْل لكل هُمَّزة لمَزّة 





ا أخطتاك الكوير 

















266-136-3 


0آ]1 


210 
14 


14 


1/4 









































الرقم 


دس إهما اط إهلا © إل |6866 ١١‏ 


سم إيثم إيم 
22 ألغسرم ادح 


13 
14 
15 
16 
17 
18 
19 
20 
21 
22 
23 
24 
25 





2304 


ثانياً: فهرس الأحاديث 


ليزن الريك 
نيت عَلَى نهر حَافتَاهُ قبَابْ 
إذا أضاب الختان الحتان ففذ وطل الع 
إذَا قبت الْحَيْضَة فَدَعي الصّلاة 
إذَا استَجتَحَ اللَيل أو قال جُنْحُ اللَيل 
ذا توضناً العبْدْ السُلمُ أو المُؤمنْ 
أنّ فرضَ الوأضنوء م 
إن مَل أُمَّتي مكل الْمَطّر 
إِنَ من الشجر شجرة لا سقط وراقها 
أن مُوسَى قام خطييًا في 
أن يشب من في الستقاء 
أنَا فَرَطْكمْ علَى الحوض 
أنَهُ أُسلَم فَأَمَرَهُ النبي صلّى اللّهُ علَيْه وسَلَم 
أن يَعتّسل يِمَاءِ وسار 
ول ما اتَحَدَ النسَاءُ المنطّق من قبل 
أي الصّدقة أفضل قال سقفي الْمَاء 
اغسلُوة بِمَاءِ وَسثر وكفنوة في قَوين 
ما رَجْل يَمشي بطريق 
قلاكة لااتكلمه اللةبو لا بنظره 
حواضي مسيرة شير ماو 
سََلتَهًا عن قوله تَعَالَى إنا أَعَطيْتاك الْكَوئّرَ 
ساقي القؤم آخرُهُم 
سَيّدُ اللمنتغقار أن تقول الهم 
في الكَوثّر هْوَ الْحَيْرُ الذي أَغطاهُ الله إِيَامُ 
قال نما الْمَاءُ من الْمَاء 
كار يَأكل في سبعَة أمْعَاء 
كان يتَفْسُ في الإناء كلامًا . 





الراوي 
أنس بن مالك 
عائشة رضي الله عنها 
عائشة رضي الله عنها 
جابر بن عبد الله 
أبو هريرة 
أبو عبد الله 
أنس بن مالك 
ابن عمر 
ابن كعب 
أبو هريرة 
سهل بن سعد 
قيس بن عاصم 


ابن عباس 
سعد بن عبادة 
ابن عباس 
أبو هريرة 
أبو هريرة 
عَبْد لله بن عمرو 
عائشة رضي الله عنها 
أبو قتادة 
شَدَاد بْنْ أوس 
ابن عباس 
أبو سعيد الخدري 
ابن عمر 
أبو قتادة 





الصفحة 
1/4 
16 
16 
582 
13 
582 
209 
256 
148 
69 
1/5 
16 


56 
67 
16 
67 
66 
1/6 
1/5 
00 
106 
1/5 
15 
254 
69 

























































































26 
27 
28 


209 
30 
31 
32 
33 


34 


35 
36 
37 
38 
39 
40 
41 
42 
43 
44 
45 
46 
17 
48 
49 
50 
51 





2365 


كان يَتَنَفُْ في الشراب مَلانًا 

لا يَبُودَنَ أُحَدكمْ في الْمَاء الدّائم 

الَهْمّ اغسلني من خطايَاي بالتلج والمّاء 
وَالبرّد 
ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل 
تل الصتلوات الح كمثل تهر 

مثل ما بَعَّنِي اللَّهُ به من الْهْدَى والعلم 
الْصَُلمُونَ شركَاءُ في ثلاث في الْمَاء 
والكلا ٠‏ 
مَن اغْتَسَل يَوْمْ الْجُمُّعَة غمئل الجتابَة ثم 
راح في المنّاعة الأُولَى 
ىع ل في الشراب 
وَجُعلت لي الأَررْضْ مََنْجِدَا وَطَهُورًا 
اويل واد في جهنم يَهُوِي 
كل شيء خلق الله من الماء 

إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا 
الحمى من فيح جهنم 

إذا اتيت بالمرأة قد حمت 

هو حوض ترد عليه أمتي 
نهر في جهنم بعيد القعر 
لني على:ضدقة قال اسقي: الماء 
كان إذا رأى المطر قال اللهم صبباً نافعاً 
أمرنا كلِعٌ بتغطية الإناء 
بينا رجل بفلاة من الأرض 
شاك لنب كدان 

اسق يا زبير ثم أرسل الماء 

إنه رأي أربعة أنهار 

لا يمنع فضل الماء 





أنس بن مالك 
أبو هريرة 


أبو هريرة 


أبو هريرة 
أبو هريرة 
ابن عمر 
أبو موسى 


ابن عباس 
أبو هريرة 


أبو سعيد الخدري 
جار بن عَبْد الله 
أبو سعيد الخضري 

أبو هريرة 

أبو هريرة 

ابن عمر 





69 
582 
65 


300 
301 
2236 
208 

66 


33 


00 
140 
14 


12 
65 
65 
1/6 
1685 
67 
235 
82 
111 
119 
317 
324 
67 

























































































52 
53 
54 
55 
56 
57 
58 
59 
00 





نهى أن يتنفس في الإناء 
لااضرر ولا ضرار 
كان يستعذب له الماء 

ألا إن سيد الأشربة الماء 
إن في الجنة بحر 

فإذا سألتم إليه 

لو أن دلوا من غساق 
كل مسكر حرام 

وما نهر الخبال 


366 








69 
16 
133 
134 
169 
169 
0آ]1 
101 
1041 



































367 


ثالثا: ففهرس المراجع 


2 إيراز المعاني من حرز الأماني / لأبي شامة / عبد الرحمن بن إسماعيل بن 
عمان الذمفشي (ك665 اه حدظ 1ت 1349هت)/ 1930م 
3. الإتقان في علوم القرآن / جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ؛ تحقيق محمد 


أبو الفضل إبراهيم . - بدون طبعة  »‏ القاهرة » مكتبة دار القرآن . 

4. الأحكام السلطانية / الماوردي . - ط .3‏ القاهرة » مكتبة مصطفى الحلبي » 
3 م. 

5. الأحكام السلطانية / محمد بن الحسين الفراء . - ط .1‏ بيروت . دار الكتب 
العلمية 1403 ه / 1983 م . 


6. أحكام القرآن / أبو بكر محمد عبد الله المعروف بابن العربي (ت 543 ه) ؛ 
تحقيق على محمد البجاوي . - ط1  .‏ بيروت » دار الجيل 1408ه / 1988م. 
7 أخلاق النبي يي وآدابه / عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصفهاني ؛ 


8. إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم / محمد بن محمد العمادي ت(951ه) 
 .‏ بيروت ٠»‏ دار الإحياء التراث العربي . 


9 أساس البلاغة / محمود بن عمر الزمخشري  .‏ ط 1 . - بيروت » دار 
صادر . 1399ه / 1979 م. 

0. الأساس في التفسير / سعيد حوى  .‏ ط1  .‏ القاهرة » حلب » 
بيروت » 1405 ه / 1985 م. 

1. أساسيات علم الجيولوجيا / محمد يوسف حسن وآخرون . ل 
نيويوركءالناشر جون وايلي وأولاده 1983 م. 

2. أسباب النزول / علي بن أحمد الواحدي النيسابوري . - ط1. ل 
بيروتء عالم الكتب . 

13. إسرائيل ومشاريع المياه التركية / عوني عبد الرحمن السبعاوي  .‏ ط] . 


أبو ظبي ٠‏ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية » عدد 10 . 
7م. 


368 


14. أسرار البلاغة / عبد القاهر الجرجاني  .‏ دون طبعة . القاهرة » المكتبة 
التوفيقية . 

15. أسرار العلاج بالماء الساخن والاسترخاء / محمد كمال مصطفى . + ط]آ 
.- القاهرة ٠‏ الطلائع » 1998 م. 

16. أسلوب الزراعة العلمية في القرآن الكريم / محمد عيسى مراد . - ط1 . - 

17 الأسودان التمر والماء بين القرآن والسنة والطب الحديث / حسان شمس 
الدين باشا  .‏ ط1  .‏ جدة » دار المنارة للنشر والتوزيع » 1992 م. 

8. أصول الفقه الإسلامي / وهبة الزحيلي . - ط1  .‏ دمشق ». دار الفكقرء 
6 م. 
الجكني الشنقيطي (ت1393 ه)  .‏ القاهرة » مكتبة بن تيميّة. 1408 ه / 
8 م. 

20. الأطماع الإسرائيلية في مياه الضفة الغربية / دائرة شئون الوطن المحتل » 

21. الإعجاز العلمي في الإسلام / محمد كامل عبد الصمد  .‏ ط4  .‏ القاهرة 
» الدار المصرية اللبنانية » 1997 م. 

2. الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / عبد السلام اللوح  .‏ ط1  .‏ غزةء 
فلسطين » آفاق للنشر والتوزيع » 1419 ه / 1999 م . 

3. الإعجاز العلمي في القرآن الكريم / محمد سيد الأرناؤوط  .‏ ط1. ل 
القاهرة » مكتبة مدبولي . 

4. إعجاز القرآن الكريم / فضل حسن عباس وابنته سناء . - ط 1 . - عمان 
»دار الفرقان » 1991 م. 

25. إعجاز النبات في القرآن الكريم / نظمي خليل أبو الععطا. ‏ ط1. ل 
القاهرة » مكتبة النور . 

6. أعلام الموقعين / بن قيم الجوزية . - بدون طبعة  .‏ القاهرة » دار 
الحديث. 


القاهرة » دار الفكر العربي . 


2069 


تحقيق عبد القادر حسين . - ط1  .‏ بيروت » دار الأوزاعي . 1409 ه / 
9 م. 

29. الأم / الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي و: 150 ه / 204 ه 

30. أمثال القرآن وصور أدبه الرفيع / عبد الرحمن حسن حبنكه الميداني .ل 
ط2  .‏ دمشق .» دار القلم » 1412 ه / 1992 م. 

31. الأمثال في القرآن الكريم / بن قيم الجوزية ؛ تحقيق إبراهيم محمد . - ط]1 
 .‏ طنطاء مصر .ء مكتبة الصحابة » 1406 ه . 

32. الأمثال في القرآن الكريم / سميح عاطف الزين . - ط1 . - بيروت » دار 
الكتاب اللبناني 1987٠‏ م. 

33. الأمثال في القرآن الكريم / محمد جابر فياض . - بدون طبعة . - هيرفرن 
» فيرجيينا 175/4 المعهد العالمي للفكر الإسلامي » 1414 ه / 1993 م. 

14. الأمن المائي العربي الحاجيات والمتطلبات / عبد القادر ازريق المخادمي . 
ط .1‏ دمشق » دار الفكر » 1420 ه /1999 م . 

35. الإنسان وتلوث البيئة / محمد سيد الأرناؤوط  .‏ ط2 . - القاهرة » الدار 
المصرية اللبنانية » 1996 م. 

6. أنوار التنزيل وأسرار التأويل / المعروف بتفسير البيضاوي / ناصر الدين 
عبد الله بن عمر (ت 685 ه)  .‏ بيروت » دار صادر . 

37. أيسر التفاسير / أبو بكر الجزائري . - ط1 . - الناشر المؤلف . 1414 

38. اقتصاديات النقل البحري / كارولين ألولين ؛ ترجمة مختار السويقي  .‏ 
ط2  .‏ القاهرة » 1984 م. 

9. اقتصاديات النقل البحري / كارولين أولولين ؛ ترجمة مختار السويقي  .‏ 
ط2  .‏ القاهرة » مطابع مذكور » 1979 م . 

0. الموسوعة العربية العالمية /  .‏ الرياض ٠»‏ مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر 
والتوزيع  .‏ ط2  .‏ 1419 ه /1999 م. 


23100 


2. البحر المحيط / محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي(ت745ه). ‏ ط1 . 
بيروت » دار الكتب العلمية ٠‏ 1413 ه/ 1]03 م. 
3. البداية والنهاية / للإمام أبي الفداء اسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي ؛ 


تحقيق أحمد عبد الوهاب فتيح  .‏ ط1  .‏ القاهرة » دار الحديث » 1992 م. 

4. البرهان في توجيه متشابه القرآن / محمود بن حمزة بن نصر الكرماني 
(505 ه) ؛ تحقيق عبد القادر عطا  .‏ ط1  .‏ بيروت » دار الكتب العلميةء. 
6 ه / 1986 م. 

5. البرهان في علوم القرآن / بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ؛ تحقيق 
محمد أبو الفضل إبراهيم . - ط2  .‏ بيروت » دار المعرفة» 1391 ه / 
72 . 

6. بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز / مجد الدين محمد بن يعقوب 
الفيروزآبادي (ت817 ه) . المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1387 ه . 

7 البعث والنشور / أحمد بن الحسن البيهقي ؛ تحقيق محمد بن السعيد بسيوني 
زغلول  .‏ ط1  .‏ بيروت » مؤسسة الكتب الثقافية » 1408 ه / 1988 م. 

8. تأملات في خلق السماوات والأرض / أشرف فوزي البارودي . - ط1 . - 
القاهرة » دار الكتاب الحديث . 1420 / 2000 م . 

49 تاج العروس من جواهر القاموس / محمد مرتض الزبيدي  .‏ ط1 . ل 
بيروت » دار مكتبة الحياة . 

0. تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك / محمد بن جرير الطبري ؛ تحقيق 
محمد أبو الفضل إبراهيم . - ط4  .‏ القاهرة » دار المععارف » سلسلة ذخائر 
العرب رقم 30 . 

1. تاريخ جرجان / حمزة بن يوسف الجرجاني ( 428 ه) ؛ تحقيق أحمد عبد 
المعيد خان  .‏ ط3 . بيروت » عالم الكتب » 1981 م. 

32 التحرير والتنوير / محمد الطاهر بن عاشور  .‏ تونس » دار سحنون للنشر 
والتوزيع » 1417 ه / 1997م . 

53. التخويف من النار / عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي 736 هل 
5 ه ؛ مراجعة وتعليق محمد حسن الجمعي  .‏ ط3  .‏ دمشق » بيروت »2 
دار الرشيد » 1409 ه / 1989 م. 

34 تركيا والشرق الأوسط / فليب روباني ؛ ترجمة ميخائيل نجم خوري . ل 
ط .1‏ القاهرة » دار قرطبة للنشر والتوثيق والأبحاث ٠»‏ مكتبة مدبولي. 1993 م . 


3/1 


20.5 تسير الفخر الرازي / المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتح الغيب: محمد فخر 
الدين بن عمر الرازي (ت 606 ه) . - ط1 . - بيروت »دار الفكر ء 1401 
ه / 1981م. 

56. تفسير القرآن / عبد الرزاق بن همام الصنعاني ؛ تحقيق مصطفى مسلم 
محمد  .‏ ظ1 ..- الرياض + مكتبة الزشيد للنشر والتوزيع ء 1310 ه-/ 


9لم. 

7 :مين اران الفكي :الي بكسن المذان | الخد محف رحد وا حت 
ط2  .‏ بيروت » دار المعرفة » دون سنة . 

38 تفسير القرآن العظيم / عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ؛ تحقيق أحمد عبد 


الى االؤتط اق :1ب المديئة مكفية الداز «البيطنا:« الزياكن :دار 'ظيية > الدماذ 
دار بن الهيثم» 1408ه . 
59. التفسير القرآني للقرآن / عبد الكريم الخطيب  .‏ القاهرة . دار الفكقر 


العربي. 

60. التفسير القيم / الإمام بن القيم 691 ه ‏ 751 ه ؛ تحقيق محمد حامد 
الفقي  .‏ بيروت ٠‏ دار الكتب العلمية 1398 ه / 1978 م. 

61. تفسير المراغي / أحمد مصطفى المراغي . - دون طبعة  .‏ بيروت » دار 
الفكر . 

62. التفسير الواضح / محمد محمود حجازي . - ط4  .‏ القاهرة . مكتبة 
الاستقلال الكبرى . 

63. التفسير الوسيط للقرآن الكريم / محمد السيد طنطاوي  .‏ ط3  .‏ - القاهرة. 
مؤسسة الرسالة » 1407ه / 1987 . 

64. تفسير ابن كثير / الإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي 
(ت774 ه)  .‏ بيروت » دار الفكر » 1401 ه / 1981 م. 

65. تلوث المياه العذبة / أحمد عبد الوهاب عبد الجواد .ل ط .1‏ سلسلة 
رائدة المعارف البيئية » الدار العربية للنشر والتوزيع » 1995 م . 

66. تلوث المياه وتحديات الوجود / محمد يسري دعبس  .‏ ط2. ل 
الإسكندرية » الناشر المؤلف » سلسلة التنمية والبيئة . 

67. تنوير الأذهان من تفسير روح البيان / إسماعيل حقي البروسوي ؛ اختصار 


وتحقيق محمد علي الصابوني .داط]1  .‏ القاهرة » دار الصابوني » 1408 ه/ 
8 م. 


312 


658. تهذيب اللغة / لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري ؛ تحقيق عبد الحليم 
ومراجعة محمد على النجار . - ط1  .‏ القاهرة ء الدار المصرية للتأليف 
والترجمة. 

69. توحيد الخالق / عبد المجيد عزيز الزنداني . + ط1  .‏ القاهرة »ء دار 
السلام » 1405 ه / 1985 م. 

00 التوقيف على مهمات التعاريف / محمد عبد الرؤوف المناوي ؛ تحقيق محمد 
رضوان الداية  .‏ ط1 . - دمشق » دار الفكر . 1410 ه / 1990م. 

1/. تيسير الكريم الرحمن / عبد الرحمن بن ناصر السعدي  .‏ بدون طبعة  .‏ 
مكة » مؤسسة مكة للطباعة والإعلان » 1398 ه . 

2. ثمار القلوب في المضاف والمنسوب / لأبي منصور عبد الملك بن محمد 


الثعالبي النيسابوري (ت429 ه) ؛ تحقيق محمد أبو الفضل إيراهيم . - بدون 
طبعة  .‏ القاهرة » دار المعارف » سلسلة ذخائر العرب رقم 57 . 


3 جامع البيان عن تأويل آي القرآن / أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 
0ه). دار الفكر . 

4. الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير / الإمام عبد الرحمن جلال الدين 
السيوطي 846 ه ‏ 911 ه  .‏ بيروت » دار الفكر . 

5 الجامع لأحكام القرآن الكريم / لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري 
القرطبي(ت671 ه)  .‏ ط2  .‏ 1380 ه / 1961 م. 

6. الجدول في إعراب القرآن / محمود صافي . - ط3  .‏ دمشق » دار 
الرشيد » 1416 ه / 1995 م. 

3 الجديد في المنظور العلمي المجيد / إسلام الشبراوي . - ط1 . - مكتب 
الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر » 1418 ه / 1997 م. 

8/. جريدة الأهرام / يناير » 1990 . 

9/. الجغرافيا الاقتصادية / فتحي محمد أبو عيانة . - ط1  .‏ بيروت » دار 
النهضة العربية . 

50. الجغرافيا الاقتصادية / محمد رياض وكوثر عبد الرسول . 

81. الجغرافيا الاقتصادية / محمد محمود الديب  .‏ ط1  .‏ القاهرة . مكتبة 
الأنجلو المصرية » 1981 م. 

52. الجغرافيا الطبيعية / حسن أبو سمور » وعلي غانم . - ط1  .‏ عمان » 


500 





53. الجغرافها المناخية / نعمان شحادة . ط1. ل عمانء دار 
المستقبل»1996. 

54. جغرافية البحار والمحيطات / مهدي محمد علي  .‏ بدون طبعة.؛ بغداد . 
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي . 

55 الجمان في متشابهات القرآن / بن ناقية البغدادي ؛ تحقيق مصطفى الصاوي 
الجويني ٠‏ الإسكندرية » منشئة المعارف . 

566. حاشية أحمد بن محمد الصاوي على تفسير الجلالين / أحمد بن محمد 
الصاوي  .‏ ط1  .‏ القاهرة » الناشر مصطفى البابي الحلبي 1360 له / 
1م 


57 كرد العنا هن القن إلى الرالق تسن السمان .مع ا ممه الماودل: 


58 خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب / عبد القادر بن عمر البغدادي ؛ تحقيق 
عبد السلام هارون  .‏ ط2 . القاهرة » الهيئة العامة للكتاب » 1979 م. 
9. خلق الإنسان بين الطب والقرآن / محمد علي البار. ‏ ط1  .‏ جدة » الدار 


السعودية للنشر والتوزيع » 1400 ه / 1980 م. 
00. الدر المنثور في التفسير المأثور / الإمام عبد الرحمن جلال الدين السيوطي 
01. دلائل الإعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية / موسى الخطيب . - ط1 . 


القاهرة » مؤسسة الخليج العربي؛ء 1994 م. 


2. الرحيق المختوم / صفي الرحمن المباركفوري  .‏ بيروت ٠‏ دار إحياء 
التراث . 
3 روح الدين الإسلامي / عفيف عبد الفتاح طبارة . - ط12  .‏ بيروت »2 


دار العلم للملايين » 1394 ه / 1974 م. 

4. روح القرآن الكريم / عفيف عبد الفتاح طبارة . - ط1  .‏ بيروت »ء دار 
العلم للملايين . 

35 روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني / العلامة أبي الفضل 
شهاب الدين السيد محمود الألوسي البغدادي (ت 1270ه) . - بيروت » دار الفكر 
88 ه/1978م. 


23/14 


6. زاد المسير في علم التفسير / عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي 
القرشي البغدادي 508 ه / 597 ه . المكتب الإسلامي لصاحبه زهير الشاويش 


07. زاد المعاذ / ابن قيم الجوزية  .‏ ط23  .‏ بيروت » مؤسسة الرسالة » 
الكويت » مكتبة المنار » 1989 م. 

08. الزهد / الإمام أحمد  .‏ بدون طبعة  .‏ دار عمر بن خطاب للنشر 
والتوزيع . 

09 سلسلة العلم في خدمة الإنسان (الزراعة) / محمد الشحات  .‏ بدون طبعة » 


القاهرة مكتبة الأنجلو المصرية . 

0. سنن أبي داوود / سليمان بن الأشعث السجستاني ؛ تحقيق محمد محيي الدين 
عبد الحميد  .‏ ط1  .‏ بيروت » دار الإحياء العربي . 

1 . سنن الترمذي / محمد بن عيسى بن سورة ت (297ه)؛ تحقيق إيراهيم 
عطوة عوض  .‏ بيروت»ء دار إحياء التراث العربي . 

2.2 سنن النسائي / أحمد بن شعيب النسائي / شرح الحافظ جلال الدين 
السيوطي  .‏ ط2  .‏ بيروت » المكتبة العلمية » 1986 م. 

3. السيرة النبوية / بن هشام ؛ حققها وضبطها ووضع فهارسها: مصطفى السقا 
و إبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي ٠‏ بيروت » الدار الثقافية العربية . 

20.4 شرح الشاطبية / المسمى بإرشاد المريد إلى مقصود القصيد على الصباغ . 

2.5 شرح المجلة / سليم رستم اللبناني  .‏ ط .3‏ بيروت » دار الكتب العلمية 
»رقم 1174 » 1176 . 

0.6 الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية / إسماعيل حماد الجوهري ؛ تحقيق 
أحمد عبد الغفور عطار  .‏ ط2 . بيروت » دار العلم للملايين . 1399 ه / 
9مم. 

17. الصحة والبيئة /) محمد كمال عبد العزيز  .‏ ط .1‏ القاهرة » دار 
الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير . 

58 . صحيح البخاري / محمد بن اسماعيل البخاري  .‏ ط1  .‏ بيروت »دار 
الفكر . 

9.- صحيح مسلم / الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري و: 


6 ه / 261 ه ؛ حقق نصوصه وصححه ورقمه وعد كتبه وأبوابه وأحاديئه 


30 


وعلق عليه ملخص شرح النووي » محمد فؤاد عبد الباقي » دار إحياء الكتب العربية 
/ فيصل عيسى البابلي الحلبي . 

0. الصراع المائي بين العرب و إسرائيل / رفعت سيد أحمد. ‏ ط1. ل 
3ه/ 1993 م. 

1. الصراع على الماء واستخداماته في الشرق الأوسط / توماس تاف . + ط]آ 
 .‏ أبو ظبي » الناشر المركز . 1997 م . 

2. طبائع النساء أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي  .‏ ط1 . - مكتبة 
القرآن » 1405ه / 1985 م . 

13. عالم الحيوان في العلم والقرآن / محمد محمود عبد الله . - ط1 . - بيروت 
» منشورات دار مكتبة الحياة » 1996 م. 

4. عالم النبات في القرآن الكريم / عبد المنعم فهيم الهادي و دنيا محسن بركة . 
ط1  .‏ القاهرة » دار الفكر العربي ٠‏ 1990 م. 

15. العلاج بالماء وطرق التداوي به / أيمن الحسيني . - ط1  .‏ القاهرة ء 
مكتبة بن سيناء » 1992 م. 

16 . عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ / أحمد بن يوسف المعروف بالسمين 
الحلبي (ت756 ه)؛ حققه وعلق عليه محمد التو نجي  .‏ ط1  .‏ بيروت » عالم 
الكتب . 1414 ه / 1993 م. 

17. غاية المأمون شرح التاج الجامع للأصول / منصور على ناصف. ل ط3 . 
بيروت » دار إحياء التراث » 1381 ه / 1961 م . 

8. الغذاء والدواء / صبري القباني . - ط15  .‏ بيروت ٠‏ دار العلم للملايين 
٠‏ 1982 م. 

9 . غرائب القرآن و رغائب الفرقان / الحسن بن محمد بن الحسين النيسابوري 
 .‏ ط1  .‏ القاهرة » دار الصفوة » 1416 ه / 1995 م. 

0. غريب الحديث / محمد بن محمد إبراهيم الخطابي ؛ تحقيق عبد الكريم 
الغرباوي  .‏ ط1  .‏ دمشق ., دار الفكر . 1402 ه / 1982 م. 

1 1. الفائق في غريب الحديث / محمد بن عمر الزمخشري ؛ تحقيق محمد أبو 
الفضل إبراهيم و علي محمد البجاوي  .‏ ط3  .‏ دار الفكر .ء 1399 ه/ 
9 م. 

2.م. فتح الباري شرح صحيح البخاري / الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر 
العسقلاني / رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه محمد فؤاد عبد الباقي / قرأ أصله تتصحيحا 


2306 


وتحقيقاً وأشرف على مقابلة نسخه المطبوعة والمخطوطة عبد العزيز بن عبد الله بن 
باز قام بإخراجه وتصحيح / محب الدين الخطيب  .‏ دار الفكر للطباعة والنشر 
والتوزيع » 773 .ه- 852 ها . 

3. 6 فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير / محمد بن علي 
بن محمد الشوكاني (ت1250 ه) . - بدون طبعة  .‏ بيروت » دار إحياء التراث 
العربي . 

4. الفتوحات الإلهية / سليمان بن عمر العجيلي المشهور بالجمل ٠.‏ - بدون 
طبعة  .‏ القاهرة » المكتبة التجارية الكبرى . 

5-.- فبجر الحضارة في الشرق الأدنى / هنتري فرانكفورت ؛ ترجمة ميخائيل 
خوري  .‏ ط1]. - الدار العربية للنشر . 

6. الفقه الإسلامي وأدلته/, د: وهبة الزحيلي . - ط3  .‏ دمشق » دار الفكر . 
9 ه/ 1989 م. 

7. في رحاب التفسير / عبد الحميد كشك  .‏ ط1  .‏ القاهرة » المكتب 
المصري الحديث . 

8. في ظلال القرآن / سيد قطب  .‏ بيروت » دار إحياء التراث العربي»ء 
1 ه/ 1971م. 

9. القانون الدولي العالمي / علي صادق أبو هيف  .‏ ط11 . الإسكندرية » 
نشأة المعارف . 

0. تقانون السلام في الإسلام / محمد طلعت الغنيمي . - ط1. - الإسكندرية » 
مصر »ء منشأة المعارف . 

1. القانون في الطب / بن سيناء . - ط1 . - بيروتء مكتبة المعارف » 
3 هم/ 1993م. 

2. مراصد الإطلاع على أسماء الأماكن والبقاع / صفي الدين عبد المؤمن بن 
عبد الحق البغدادي (ت739 ه) ؛ تحقيق محمد علي البجاوي . - ط1. - بيروت 
» دار المعرفة للطباعة والنشر » 1373 ه / 1954 م. 

3. القرآن والتوراة والإنجيل والعلم / موريس بوكاي  .‏ ط1  .‏ دار الفتح 
للإعلام العربي » 1417 ه / 1997 م. 

14 . القرآن والكون / حمد عبد الله الشرقاوي  .‏ ط3 . - بيروت » دار الجيل » 
1 ه/1991م. 


377 


35. قصص الأنبياء / بن كثير ؛ تحقيق ومراجعة الشيخ خليل الميس  .‏ بدون 
طبعة  .‏ بيروت. دار القلم . 

316. قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ في القرآن / مرعي بن يوسف بن 
أبي بكر الكرمي ؛ تحقيق سامي عطا حسن . - ط1 . - الكويت » دار القرآن 
الكريم. 

7 . الكامل في التاريخ / علي بن محمد بن محمد بن عبد الواحد الشيباني » 
المعروف بابن الأثير . - ط3 . - بيروت » دار الكتاب » 1400ه / 1980 م. 
38. كتاب التعريفات / العلامة علي بن محمد الشريف الجرجاني . - ط1 . ل 

بيروت » مكتبة لبنان » 1978 م. 

9. كتاب التسهيل لعلوم التنزيل / محمد بن أحمد بن جزي الكلبي . - ط4 . - 
بيروت » دار الكتاب العربي » 1403 ه / 1983 م. 

0. الكتاب المقدس ( العهد القديم والعهد الجديد ) / المركز العالمي للكتاب 
المقدس  .‏ ط1  .‏ 1986 م . 

1 . الكشاف عن حقائق والتنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل / محمود بن 
عمر الزمخشري (ت528ه)  .‏ ط3  .‏ القاهرة » دار الريان للتراث » 1417 
ه/1987م. 

2. كوكب الأرض / حسن سيد أحمد أبو العينين . - ط5  .‏ بيروت » دار 
النهضة العربية » 1979 م. 

23. الكون والتكوين في آيات الكتاب المبين / محمد محمود عبد الله  .‏ ط1 . 
الرياضء دار الشواف للنشر والتوزيع » 1415ه / 1995 م . 

14 . لسان العرب / جمال الدين محمد بن منظور  .‏ ط1 . - بيروت ؛ دار 
صادر . 1410 ه/ 1990 م. 

5. الله والعلم الحديث / عبد الرزاق نوفل  .‏ ط1  .‏ بيروت ٠»‏ القاهرة » دار 
الشروق . 1410ه / 1990 م. 

6. الله يتجلى في عصر العلم / مجموعة من الباحثين والعلماء الأمريكيين ؛ 
ترجمة الدمرداش سرحان ؛ تعليق محمد جمال الدين الفندي  .‏ ط3  .‏ القاهرة » 
مؤسسة الحلبي وشركاؤه للنشر والتوزيع » 1968 . 

7. الماء سائل الحياة / جمال عبد المنعم الكومي  .‏ القاهرة » دار الاعتصام 
للنشر والتوزيع . 


37168 


8. الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي / محمد بن عبد العزيز بنعبد الله . 
ط  .1‏ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية » المملكة المغربية » 1996 م. 

. 19 

0. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر / ضياء الدين محمد بن محمد . بن 
الأثير (ت 637 ه) ؛ تحقيق أحمد الحوفي . - ط1  .‏ القاهرة » دار النهضة 
للطبع والنشر مصر . 

1. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي 
(ت 807 ه) ؛ تحرير الحافظين الجليلين العراقي وبن حجر . - القاهرة » مكتبة 
القدس للطبع والنشر والتوزيع 1414 ه / 1994 م. 

2 . مجمل اللغة / أحمد بن فارس ؛ تحقيق زهير عبد المحسن سلطان . - ط2 . 
بيروت » مؤسسة الرسالة » 1986 م. 

3. محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت1332 ه). ‏ ط2. ل 
بيروت » دار الفكر » 1398 ه / 1978م . 

4. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز / أبي محمد عبد الحق بن غالب بن 
عطية الأندلسي 481 ه ‏ 546 ه  .‏ بدون طبعة » فاس المجلس العلمي » 
9 ه/ 1979 م. 

5 . مختار الصحاح / محمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي . - بدون طبعة . 
بيروت » دار القلم . 

6. مرويات الصحابة في الحوض والكوثر / عبد القادر بن محمد عطا الصوفي 
.ط .1‏ المدينة المنورة » مكتبة العلوم والحكم » 1413 ه / 1992 م. 
7. المزهر في علوم اللغة وأنواعها / السيوطي  .‏ ط1  .‏ مكتبة محمد علي 

صبيح وأولاده . 

8. مسائل الجاهلية / محمد بن عبد الوهاب؛ تحقيق محمود شكري الألوسي . - 
ط1  .‏ المدينة المنورة » الجامعة الإسلامية » 1396 ه / 1976 م . 

9. المستدرك على الصحيحين / محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ؛ تحقيق 
مصطفى عبد القادر عطا  .‏ ط1  .‏ بيروت » دار الكتب العلمية » 1411 2ه / 
0 م. 

2.60 مسند أبي يعلى الموصلي / أحمد بن علي بن المثنى التميمي ت (307ه) ؛ 
تحقيق حسين سليم أسد . - ط2 . - بيروت » دار المأمون للتراث ٠‏ 1410ه / 
9 م. 


2019 


11. مسند أحمد بن حنبل / الإمام أحمد بن حنبل  .‏ بيروت » دار الفكر للطباعة 
والنشر والتوزيع . 

2.2 مسد البّزار / أحمد بن عمر عبد الخالق التزار (رت92 ه) ؛ تحقيق محفوظ 
الرحمن زين الله . - ط1 . - بيروت » والمدينة المنورة » مؤسسة علوم القرآن 
ومكتبة العلوم والحكم » 1409 ه . 

3. المشاهد في القرآن / حامد القنيبي . - ط1 . - الزرقاء » الأردن » مكتبة 
المنار » 1984 م . 

164 . مشكلات البيئة المعاصرة / محمد عبد الرحمن الشرخوي. ‏ ط .1‏ 
القاهرة » مكتبة الأنجلو المصرية » 1993 م. 

2.5 مع الأنبياء في القرآن الكريم / ؛ تحقيق عبد الفتاح طبارة . - ط4. ل 
بيروت » دار العلم للملايين . 

6. مع الطب في القرآن الكريم / عبد الحميد ذياب وأحمد قرقوز  .‏ ط2 . ل 
دمشق » مؤسسة علوم القرآن » 1402 ه / 1982 م. 

17. المعارك الحربية على الجبهة المصرية / جمال حماد  .‏ ط1  .‏ القاهرة » 
الزهراء للإعلام العربي » 1409 ه / 1989 م. 

2.8 معني القرآن / أبي جعفر النحاس ؛ محمد علي الصابوني  .‏ ط1. ل 
مكة . جامعة أم القرى » 1408 ه . 

19 . معجزة القرآن / نعمت صدقي  .‏ ط2  .‏ القاهرة » دار الاعتصامء» 
8 هه / 1978م. 

0. المعجزة والإعجاز في القرآن الكريم / سعد الدين السيد صالح . - ط2 . - 
القاهرة » دار المعارف . 1993 م. 

1. المعجم الأوسط / سليمان أحمد الطبراني ت (360ه) ؛ تحقيق طارق 
محمد وعبد المحسن الحسيني  .‏ ط .1‏ القاهرة » دار الحرمين » 1415ه / 
4 م. 

12. معجم البلدان / شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي 
البغدادي . ط1  .‏ بيروت ٠‏ دار إحياء التراث العربي » 1399 ه / 1979 م. 

13. معجم التداوي بالأعشاب / ابن قيم الجوزية . - ط2 . - القاهرة » مكتبة 
التراث الإسلامي » 1407 ه / 1986 م. 

4. المعجم الكبير / سليمان بن أحمد الطبراني ؛ تحقيق حمدي عبد المجيد 
السلطي  .‏ ط2  .‏ القاهرة » مكتبة بن تيميّة » 1404 ه / 1984 م. 


3030 


175. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي  .‏ بدون 
طبعة  .‏ بيروتءدار إحياء التراث 1364 ه / 1945 م. 

0.6 معجم المقاييس في اللغة / أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي 
المعروف بابن فارس (ت 395 ه) ؛ تحقيق شهاب الدين أبو عمرو . - ط1. ل 
بيروت » دار الفكر » 1415 ه / 1994م. 

177. معجم مفردات ألفاظ القرآن / الراغب الأصفهاني ؛ الحسين بن محمد بن 
الفضل (ت502 ه)؛ تحقيق نديم مرعشلي  .‏ بيروت ٠‏ 1392 ه / 1972 م. 
5 . المغني والشرح الكبير / الإمامين موفق الدين (ت620 ه) وشمس الدين 
(ت682 ه) بني قدامة . - ط1  .‏ بيروت » دار الفكر » 1404 ه / 1984 م. 
9. المقاصد الحسنة/محمد عبد الرحمن السخاوي؛تحقيق محمد عثمان الخشت .- 

ط2.- بيروتء دار الكتاب العربي» 1414ه 1994م. 

0. المقتطف من عيون التفاسير / مصطفى الخيري المنصوري ؛ تحقيق محمد 
علي الصابوني  .‏ ط1 . - دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع » 1995 م. 
٠.1‏ مقدمة بن خلدون / عبد الرحمن بن محمد بن خلدون  .‏ بيروت .ء دار 

العودة . 

2. من بلاغة القرآن / أحمد أحمد بدوي  .‏ بدون طبعة  .‏ القاهرة » دار 
نهضة مصر للطباعة والنشر . 

2.3 من كل شيء موزون / عبد المحسن صالح  .‏ ط1  .‏ جدة » الرياض » 
الدمام » مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع 1404 ه / 1984 م. 

2.4 منشورات فلسطين المحتلة 1981 م . 

5. المنهج التربوي للسيرة النبوية / منير محمد الغضبان . - ط1 . - الأردن » 
مكتبة المنار » 1991 م . 

6. الموارد المائية في الوطن العربي / عز الدين فراج . - ط1  .‏ القاهرة» 
دار الفكر العربي » 1986 م. 

0.0.7 موسوعة الزاد / ديادكو ؛ ترجمة البهيج ملا حويش  .‏ مدريد » ديراكو ء 
0 م. 

8. الموسوعة العربية الميسرة / مجموعة من العلماء  .‏ دار الشعب . 

9. الموسوعة الفلسطينية / هيئة الموسوعة أحمد المرعشلي وآخرون  .‏ ط1 . 
دمشق » 1984 م . 


351 


0. المياه العربية بين العجز ومخاطر التبعية / عبد الله مرسي العقالي  .‏ ط2 
 .‏ مصر ء الجيزة. مركز الحضارة العربية » 1997 م . 

11 . المياه حرب المستقبل / عادل عبد الجليل بترجي . - ط1  .‏ السعودية. 
الناشر المؤلف » 1418ه / 1997 م. 

2. النتف في الفتاوى / علي بن الحسين بن محمد السغدي  .‏ ط .2‏ بيروت 
دار الفرقان » عمان ‏ مؤسسة الرسالة . 

3. نحو تفسير موضوعي لايات القرآن الكريم / محمد الغزالي  .‏ ط2 . ل 
القاهرة » دار الشروق » 1996 م. 

4 . نزهة الأعين النواظر في وجوه علم الوجوه والنظائر / جمال الدين بن 
الجوزي (ت597 ه)؛ تحقيق محمد عبد الكريم كاظم الراضي. ‏ ط1. ل 
بيروت » مؤسسة الرسالة » 1404 ه / 1984 م. 

5. نزهة المشتاق في اختراق الآافاق / محمد بن عبد الله بن إدريس المعروف 
بالشريف الإدريسي  .‏ ط1  .‏ القاهرة » مكتبة الثقافة الدينية»ء 1414 ه/ 
4 م. 

20-6 نظرات في الكون والقرآن مدارسة عقلية إيمانية / مهندس عبد الهادي ناصر 
.ط1[1..ء 1995م. 

17. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور / تأليف برهان الدين إبراهيم بن عمر 
البقاعي ٠‏ خرج آياته وأحاديثه ووضع حواشيه عبد الرزاق غالب المهدي  .‏ ط1 . 
بيروت » دار الكتب العلمية » 1415 ه / 1995م . 

8 . نظم المتناثر في الحديث المتواتر / محمد بن جعفر الكتاني  .‏ ط2 . ل 
القاهرة » دار الكتب السلفية » 1983 م. 

9 . نقص المياه والآثار المترتبة عليها / محمد عبد الهادي راضي » معهد 
البحوث والدراسات الإفريقية » جامعة القاهرة » 1987 م . 

0. النكت والعيون / تفسير الماوردي / تصنيف علي بن محمد بن حبيب 
الماوردي البصري 364 ه 450 ه. ‏ ط1  .‏ بيروت » دار الكتب العلمية 
؛ ومؤسسة الكتب الثقافية » 1412 ه / 1992 م. 

16-1-> نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز / فخر الدين الرازي ؛ دراسة وتحقيق أحمد 
حجازي السقا  .‏ ط1  .‏ القاهرة » المكتب الثقافي » 1989 . 

3 “<لنوية في عويب والاتر' / .ين الأين'+اتحفيق طاهس الزاوي و متحفون محمه 
الطناحي  .‏ دار إحياء الكتب العربية» فيصل عيسى البابي الحلبي . 


2352 


3. وجعلنا من الماء كل شيء حي / محمد رشاد الطوبي . ط2. _ دار 
المعارف ٠»‏ سلسلة اقرأ » رقم 507 ٠‏ 1992 م . 


الدورويت 

4. مجلة الأحكام العدلية / جمعية المجلة ؛ تحقيق نجيب هواويني . - ط1. - . 

5. مجلة الأزهر / الجزء التاسع ‏ السنة السادسة والستون » رمضان » 
4ه/ فبراير » مارس 1994م. 

6. مجلة الأزهر / الجزء السادس السنة الستون - جمادى الآخرة 
9ه فبراير/ 1980 م . 

7. مجلة الأزهر / عدد رجب »٠‏ الجزء السابع - السنة السادسة والستون » 
4ه / ديسمبر » يناير 1994 م. 

8. مجلة السياسة الدولية / عدد 101 » يوليو 1990 م . 

9. المجلة العربية / يناير » 1985 . 

0. مجلة القافلة / العدد التاسع » المجلد الأربعون . رمضانء 1412 ه / 
مارس ٠‏ إيريل 1992 م . 

0.1 مجلة المسلمون / عدد الجمعة » رقم 31 . شعبان . 1412ه / مايو 
2. 

0.2 مجة المنهل / شوال » ذو القعدة » 1417 ه / فبراير » مارس 1997م. 

0.3 مجلة الوعي الإسلامي / عدد 363 » ذو القعدة » إيريل » 1996 م . 

2.4 مجة الوعي الإسلامي / عدد يوليو » 1982 . 

0.5 مجلة صامد الاقتصادي / العدد 88 » يونيو » 1992 . 

6. مجلة فلسطين المسلمة / عدد يناير » 1418 ه / 1998 م . 

7. مجلة منار الإسلام / عدد فبراير » 1985 م . 

25. مجلة هذه سبيلي / جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العدد الرابعء 
2ه / 1982م 





2363 
رابعاً:فهرس الموضوعات 


الموضوع 
الإهداء 
شكر وتقدير 
المقدمة 
خظلة النهت 
تمهيد: الصفات العلمية للماء 
الفصل الأول: أهمية الماء والمحافظة عليه 
المبحث الأول: أهمية الماء 
المطلب الأول: الشرعية للماء 
أولاً: أقسام المياه من الناحية الشرعية 
ثانياً: الوضوء 
كالكا:. الفبل 
رابعاً: التيمم 
كانيا !ظهاز فالات 
صانش #طنناةة الامشيقاة 
المطلب الثاني: الأهمية الاقتصادية للماء 
أولاً: التجارة 
ناك ال 
قالذا:. التو السمكية 
رابعاً: الثروة الحيوانية 
خامساً: الحلية واللؤلؤ والمرجان 
سانيا : الملح 
نايعا :الموااضلاقه الجهريية 
كامنا ‏ السدوة: و الكهرياء 
المطلب الثالث: الأهمية السياسية والحربية للماء 
أو ل مق اوور الك الممر كه 
ثانياً: الماء مانع أمام الجيوش 





رقم الصفحة 


80 0858| نىأمم 


3ل إن إن من 


13 
16 
17 
20 
20 
22 
25 
29 
22 
63 
28 
40 
44 
48 
48 
51 

























































































354 


الموضوع 
المطلب الرابع: الأهمية الاجتماعية 
أولاً: حاجة المجتمع إلى الماء 
ثانيا: تجمع الحضارات حول الماء 
المطلب الخامس: الأهمية الطبية 
المطلب السادس: الشرب والسقاية 
المبحث الثاني: فساد الماء وطرق حمايته 
المطلب الأول: أسباب فساد الماء 
المطلب الثاني: مضار التلوث ومخاطره 
المطلبة الثالك: طوق حماية:المياة: و المحافقلة عليها 
الفصل الثاني: مصادر الماء وأقسامه في القرآن الكريم 
المبحث الأول: مصادر الماء في القرآن الكريم 
المطلب الأول: تفجير الماء من الأرض 
أولا: العيون والينابيع 
ثانياً: الأنهار 
ثالثا: الآبار 
المطلب الثاني: إنزال الماء من السماء 
أولاً: ألفاظ تبين معني السحاب 
كنا الفط 
ثالثاً: جبال من برد 
رابعاً: الأودية 
المبحث الثاني: أقسام الماء 
المطلب الأول: القسم الأول الماء العذب وأوصافه 
أولاً: العذب 
ذانيا *'القزانت 
ثالثاً: العين 
رابعاً: المبارك 
يكاضها اليو 
المطلب الثاني: القسم الثاني الماء المالح 





رقم الصفحة 
55 
55 
57 
61 
65 
7 
1 
0 
8 
54 
85 
55 
55 
577 
107 
108 
109 
118 
129 
131 
32] 
33] 
33 
155 
136 
8] 
139 
141 































































































23035 


الموضوع 


أولاً: آيات تتحدث عن منافع البحر 
ثانياً: دعوة للتفكر في البحر 


الك : آنانك تتهدةة حك النسر و أخذانة تاديكنة 


الفصل الثالث: 


المبحث الأول: 
المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المبحث الثاني: 
المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 


الفصل الرابع: 


الماء بين النعيم والعقاب في الدنيا والآخرة 
الماء نعيم وعقاب في الدنيا 

الماء نعيم في الدنيا 

الماء جزاء وعقاب في الدنيا 

الماء نعيم وعقاب في الآخرة 

الماء نعيم في الآخرة 

الماء عقاب في الآخرة 

الإعجاز العلمي في آيات الماء 


التمهيد: كلمة في الإعجاز 


المبحث الأول 


المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المطلب الثالث: 
المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المطلب الثالث: 
المطلب الرابع: 


المبحث الثالث 


المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المطلب الثالث: 


المطلب الرابع 


: علم الأحياء 

الماء في بناء الكائن الحي 
التوازن الدقيق في الجسم الحي 
الكائنات البحرية 

علم الطب 

الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب 
علاج سيدنا أيوب 

الوضوء والوقاية من الأمراض 
النظافة والوقاية من الأمراض 
: علم الزراعة 

الزراعة في الأرض المرتفعة 
الري الطبيعي الصناعي 
حقيقتان علميتان 


: سنة الله في الإنبات 


المبحث الرابع 


: علم الأرض 





رقم الصفحة 
143 
145 
146 
154 
55] 
55] 
156 
167 
167 
1563 
13 
104 
58] 
159 
201 
202 
204 
205 
207 
208 
209 
212 
213 
214 
215 
27 
220 
223 































































































3566 


الموضوع 
المطلب الأول: الحياة على الأرض دون الكواكب 
المطلب الثاني: تكوين الماء على الأرض 
المطلب الثالث: نفاذية الأرض 
المطلب الرابع: تفجير المياه من الحجارة 
المطلب الخامس: الصخور الرسوبية والطبقية 
المبحث الخامس: علم الجغرافيا 
المطلب الأول: تلازم السحب والمطر والرياح 
المطلب الثاني: البرد وعواصف البرق والرعد 
المطلب الثالث: دورة المطر في الطبيعة 
المطلب الرابع: المياه الجوفية 
المطلب الخامس: البرزخ الكائن بين البحار 
المطلب السادس: من الظواهر البحرية (أنواع الموج والتيارات البحرية) 
المطلب السابع: تسجير البحار وتفجيرها 
الفصل الخامس: الماء في المثل القرآني 
لمحل 
أولاً: التعريف بالمثل 
ثانيً: أغراض المثل بالماء في القرآن خاصة 
ثالثاً: خصائص المثل المائي في القرآن خاصة 
المبحث الأول: لا حد لكلمات الله ولا نهاية 
المبحث الثاني: حال المنافقين 
المفسث الخالك مل لحف :و الباظل 
المبحث الرابع: قسوة قلوب بني إسرائيل 
المبحث الخامس: أعمال الكفار 
المبحث السادس: دعوة الحق ودعوة الباطل 
المبحث السابع: المرائي المان بصدقته 
المبحث الثامن: المؤمن المنفق في سبيل الله 
المبحث التاسع: مثل الحياة الدنيا 
المبحث العاشر: أمثال من السنة في الماء 





رقم الصفحة 
224 
225 
201 
228 
230 
232 
233 
235 
236 
238 
238 
210 
202 
204 
205 
205 
217 
217 
249 
255 
202 
2068 
20 
275 
209 
253 
257 
208 































































































357 


الموضوع 


الفصل السادس: الصراع على الماء 


ة تاريخية 


المطلب الأول: الاهتمام بالماء قديم 


المطلب الثاني : 


المطلب الثالث 


المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المطلب الثالث: 


الماء وأيام العرب 
: الماء في الفكر الصهيوني 

آيات الصراع على الماء وأحاديثه 
ناقة صالح 

ولما ورد ماء مدين 


المبحث الثالث: 
المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 
المبحث الرابع: 
المطلب الأول: 
المطلب الثاني: 


المياه العربية عامة والفلسطينية خاصة 
المياه العربية عامة 

المياه الفلسطينية خاصة 

الصراع على الماء وأبعاده الدينية والسياسية 
البعد الديني 

البعد السياسي 


المبحث الخامس: الشريعة الإسلامية والقانون الدولي في قضية المياه 


المطلب الأول: الشريعة الإسلامية في قضية المياه 

المطلب الثاني: القانون الدولي في قضية المياه 

المبحث السادس: قضية الصراع في المنطقة والذي من أسبابه المياه 
الخاتمة 

أولاملخفرة الكت 

ثانياً: النتائج 

كالكا: التووصضتيات 


5531 ملخص بالإنجليزية 


فهرس الآيات 


فهرس الأحاديث 


فهرس المراجع 





رقم الصفحة 
202 
204 
204 
305 
207 
311 
311 
3214 
316 
317 
3218 
3218 
220 
224 
224 
225 
330 
230 
2133 
237 
341 
341 
244 
244 


316 


348 
304 
367 































































































فهرس الموضوعات 


الموضوع 


3056 





رقم الصفحة 
2653